السؤال
ثَبتَ جواز صلاة القاعد والمُسْتَلقي للنافلة ولو بدون عُذر، وثبت جواز التَّنَفّل على الراحلة للمسافر.
سؤالي: هل منع الجمهور التنفل لغير المسافر؛ لعدم استقباله للقبلة، أو لعدم استقراره؟
إذا تَنفَّل الراكب -غير المسافر- في السيارة، وهو متجه إلى القبلة، ومستقر طول الصلاة عليها.
فهل تجوز صلاته -النافلة أقصد- حينئذ؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمذهب الجمهور على أن صلاة النافلة لا تجوز على الراحلة في الحضر، بناء على أن النافلة في الحضر مثل الفريضة إلا في وجوب القيام.
جاء في المنتقى للباجي: وأما صلاة النافلة على الراحلة؛ فلا خلاف في جواز ذلك في سفر القصر. واختلفوا في جواز ذلك فيما عداه: فمنعه مالك، وجَوَّزه أبو يوسف في الحضر.
والدليل على ما ذهب إليه الجمهور: أن هذه صلاة، فلا يجوز الإتيان بها في الحضر على الراحلة كالفرض. اهـ.
وفي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: وأما الصلاة على الراحلة؛ فقد ثبت في الصحيح، بل استفاض عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يصلي على راحلته في السفر قِبَلَ أي وجه توجهت به، ويوتر عليها، غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة.
وهل يسوغ ذلك في الحضر؟ فيه قولان في مذهب أحمد، وغيره. اهـ.
وهناك قول لبعض أهل العلم بجواز النافلة في الحضر على الراحلة بشرط استقبال القبلة -والسيارة في معنى الراحلة-
قال النووي في المجموع: في تنفل الحاضر أربعة أوجه:
الصحيح المنصوص، الذي قاله جمهور أصحابنا المتقدمين: لا يجوز للماشي ولا للراكب، بل لنافلته حكم الفريضة في كل شيء غير القيام؛ فإنه يجوز التنفل قاعدا.
والثاني: قاله أبو سعيد الإصطخري: يجوز لهما.
والثالث: يجوز للراكب دون الماشي. حكاه القاضي حسين؛ لأن الماشي يمكنه أن يدخل مسجدا، بخلاف الراكب.
والرابع: يجوز بشرط استقبال القبلة في كل الصلاة. قال الرافعي: هذا اختيار القفال. اهـ.
وقد ذكرنا في الفتوى: 135770، أن الأولى تقليد مذهب الجمهور.
وبالتالي؛ فلا تُصلى النافلة في السيارة في الحضر.
وفي الأخير ننبه السائل إلى أن الاستلقاء في صلاة النافلة دون عذر؛ مبطل لها عند جمهور أهل العلم.
والله أعلم.
السؤال
حكم صلاة النافلة في السيارة للمقيم لأني رأيت إحدى صديقاتي تكمل نافلتها في السيارة فنهيتها عن ذلك.أجيبونا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة النافلة على الراحلة وفي معناها السيارة جائزة للمسافر ولو سفرا قصيرا كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم 73097، وأما فعل ذلك في الحضر فمختلف فيه، فذهب الجماهير إلى منعه محتجين بالأحاديث التي قيدت ذلك بالسفر، بل بالغ بعض العلماء فحكى المنع من التنفل على الراحلة في الحضر إجماعا.
قال في حاشية الروض: قال البغوي: يجوز أداء النافلة على الراحلة في السفر الطويل والقصير جميعا، عند أكثر أهل العلم، وهو قول الأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي. اهـ .وأجمعوا على أنه لا يجوز للمقيم في بلد، التطوع إلى غير القبلة لا ماشيا ولا راكبا. انتهى.
والخلاف في المسألة ثابت، فروي فعل ذلك عن أنس رضي الله عنه، وقال به الإصطخري من الشافعية وهو مذهب الظاهرية، وحجة هؤلاء الإطلاق الوارد في بعض الأحاديث وعدم تقييد فعل ذلك بالسفر.
جاء في نيل الأوطار في شرح حديث عامر بن ربيعة قال : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو على راحلته يسبح يومئ برأسه قبل أي وجهة توجه ولم يكن يصنع ذلك في الصلاة المكتوبة. متفق عليه. قال الشوكاني: والحديث يدل على جواز التطوع على الراحلة للمسافر قبل جهة مقصده وهو إجماع كما قال النووي والعراقي والحافظ وغيرهم وإنما الخلاف في جواز ذلك في الحضر، فجوزه أبو يوسف وأبو سعيد الأصطخري من أصحاب الشافعي وأهل الظاهر . قال ابن حزم : وقد روينا عن وكيع عن سفيان عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي قال : كانوا يصلون على رحالهم ودوابهم حيثما توجهت قال : وهذه حكاية عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم عموما في الحضر والسفر . قال النووي : وهو محكي عن أنس بن مالك. انتهى.
قال العراقي : استدل من ذهب إلى ذلك بعموم الأحاديث التي لم يصرح فيها بذكر السفر وهو ماش على قاعدتهم في أنه لا يحمل المطلق على المقيد بل يعمل بكل منهما فأما من يحمل المطلق على المقيد وهم جمهور العلماء فحمل الروايات المطلقة على المقيدة بالسفر. انتهى.
وإذا تقرر هذا فالأحوط هو العمل بمذهب الجمهور وأن يترك التنفل على الراحلة في الحضر خروجا من الخلاف وعملا بالأحاديث المقيدة فإن الراجح من كلام علماء الأصول هو أن المطلق يحمل على المقيد.
والله أعلم.
منقول من الشبكة الإسلامية