عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 07-09-2023, 10:18 PM   #100
معلومات العضو
أبوسند
التصفية و التربية
 
الصورة الرمزية أبوسند
 

 

افتراضي



قال تعالى :
** اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ ولَهْوٌ وَزِينَةٌ وتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وفي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ الله وَرِضْوَانٌ وما الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ * سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِالله وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَالله ذُو الْفَضْلِ العَظِيمِ **

سورة الحديد 20 - 21

قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :

يخبر تعالى عن حقيقة الدّنيا وما هي عليه، ويبيّن غايتها وغاية أهلها ؛
بأنّها ** لعب ولهو ** :
تلعب بها الأبدان وتلهو بها القلوب ،
وهذا مصداقُه ما هو موجودٌ وواقع من أبناء الدُّنيا ؛ فإنّك تجدُهم قد قطعوا أوقات عُمُرهم بلهو قلوبهم وغفلتهم عن ذكر الله وعمّا أمامهم من الوعد والوعيد،
وتراهم قد اتّخذوا دينهم لعبا ولهوا ؛
بخلاف أهل اليقظة وعُمّال الآخرة :
فإنّ قلوبهم معمورة بذكر الله ومعرفته ومحبّته،
وقد شغلوا أوقاتهم بالأعمال التي تقرّبهم إلى الله من النفع القاصر والمتعدِّي .

وقوله : ** وَزينَة ** أي : تزين في اللباس والطعام والشراب والمراكب والدُّور والقصور والجاه وغير ذلك ،{ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ **
أي : كل واحد من أهلها يريد مفاخرةَ الآخر،
وأن يكون هو الغالبّ في أمورها ،
والذي له الشهرة في أحوالها،
** وتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ** ؛
أي : كلُّ يريد أن يكون هو الكاثر لغيره
في المال والولد ،
وهذا مصداقُه وقوعُه من محبِّي الدّنيا والمطمئنين إليها ؛

بخلاف مَن عَرَف الدُّنيا وحقيقتها،
فجعلها معبرا ،
ولم يجعلها مستقرّاً ،
فنافس فيما يقرِّبُه إلى الله ،
واتّخذ الوسائل التي توصلُه إلى دار كرامته ، وإذا رأى من يكاثرُه وينافسه بالأموال والأولاد ؛
نافسه بالأعمال الصالحة .

ثم ضرب للدّنيا مثلا بغيثٍ نزل على الأرض، فاختلط به نباتُ الأرض مما يأكُل النّاس والأنعام ،
حتى إذا أخذتِ الأرضُ زُخرُفَها ،
وأعجب نباتُه الكفارَ ، الذين قَصَروا نَظَرَهم وهِمَمَهم على الدّنيا ؛
جاءها من أمر الله ما أتلفها ، فهاجتْ ويبست وعادت إلى حالها الأولى ،
كأنّه لم ينبت فيها خضراء ولا رُُئِيَ لها
مَرْأى أَنِيق ، كذلك الدّنيا ،
بينما هي زاهيةٌ لصاحبها زاهرةٌ ،
مهما أراد من مطالبها حصل ،
ومهما توجَّه لأمر من أمورها ؛
وجد أبوابه مفتَّحة ؛
إِذْ أصابها القَدَرُ ، فأذهبها من يده ،
وأزال تسلُّطه عليها ، أو ذهب به عنها، فرحل منها صفر اليدين ؛ لم يتزوّد منها سوى الكفن ، فتبّاً لمن أضحتْ هي غايةَ أمنيّته ولها عمله وسعيه .

وأما العمل للآخرة فهو الذي ينفع ويُدَّخر لصاحبه ويَصحبُ العبدَ على الأبد ،
ولهذا قال تعالى : ** وفي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ الله ورِضْوَانٌ ** ؛
أي : حال الآخرة ما يخلو من هذين الأمرين :
إمّا العذاب الشديد في نار جهنّم ،
وأغلالها وسلاسلها وأهوالها لمن كانت الدُّنيا هي غايتَه ومنتهى مطلبِهِ ،
فتجرَّأَ على معاصي الله ،
وكذَّب بآيات الله ، وكفر بأنعم الله ،

وإمّا مغفرةٌ من الله للسيئات ،
وإزالةُ العقوبات ، ورضوانٌ من الله يُحِلُّ
من أحَلَّه عليه دارَ الرضوان لمن عرف الدّنيا وسعى للآخرة سعيها ؛

فهذا كلُّه مما يدعو إلى الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة ، ولهذا قال :
** وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ** ؛ أي : إلاّ متاعٌ يُتَمَتَّعُ به ويُنْتَفَعُ به
ويُسْتَدْفَعُ به الحاجات ؛
لا يغترُّ به ويطمئنُّ إليه إلاّ أهل العقول الضعيفة ، الذين يغرُّهم بالله الغرور .

ثم أمر بالمسابقة إلى مغفرة الله ورضوانه وجنته ، وذلك يكون بالسعي بأسباب المغفرة من التوبة النَّصوح ، والاستغفار النّافع ، والبعد عن الذّنوب ومظانِّها ، والمسابقة إلى رضوان الله بالعمل الصالح ،
والحرص على ما يُرضي الله على الدّوام
من الإحسان في عبادة الخالق ،
والإحسان إلى الخلق بجميع وجوه النفع ، ولهذا ذكر الله الأعمالَ الموجبةَ لذلك ،
فقال : ** وجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ والْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِالله وَرُسُلِهِ ** والإيمان بالله ورُسُله يدخل فيه أصولُ
الدين وفروعها .
** ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ **
أي : هذا الذي بيَّنّاه لكم وذكرنا لكم فيه الطّرق الموصلة إلى الجنة والطّرق الموصلة إلى النار،
وأنّ ثواب الله بالأجر الجزيل والثواب الجميل من أعظم منّته على عباده وفضله ، ** والله ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ ** :
الذي لا يُحصي ثناء عليه ،
بل هو كما أثنى على نفسه ،
وفوق ما يُثني عليه أَحدٌ من خَلقِه .

 

 

 

 


 

توقيع  أبوسند
 

يقول العلاّمة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله

طالب الحق يكفيه دليل ...
... وصاحب الهوى لايكفيه ألف دليل

الجاهل يُعلّم
وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل

--------------------------
حسابي في تويتر

@ABO_SANAD666



    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة