عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 17-05-2012, 11:21 AM   #17
معلومات العضو
شذى الاسلام
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي

سلسلة أخلاق المتقي لمن أراد أن يرتقي

الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد :

الخلق الثاني (الصبر)

قبل أن أبدأ في الموضوع ، ما مناسبة ذكر خلق الصبر بعد خلق الجدية ؟
الجواب / لأن الجدية خلق والإلتزام بخلق الجدية فيه نوع مشقة لأنه قد يكون أكثر من عشرين سنة في عدم الجدية ويأتي ويريد أن يصح صاحب جدية في يوم وليلة هذا يُستحال إلا من وفقه الله ، ولذلك يحتاج إلى الصبر والمجاهدة حتى تصبح صفة الجدية سجية وطبيعة فيه ولذلك ناسب أن أذكر خلق الصبر بعد خلق الجدية .

تعريف الصبر لغلة واصطلاحًا :
لغة : هو الحبس النفس (وقال في اللسان: الصَّبْرُ نقيض الجَزَع صَبَرَ يَصْبِرُ صَبْراً فهو صابِرٌ وصَبَّار وصَبِيرٌ وصَبُور والأُنثى صَبُور أَيضاً بغير هاء وجمعه صُبُرٌ. وأَصل الصَّبْر الحَبْس وكل من حَبَس شيئاً فقد صَبَرَه)

وفي الاصطلاح :عرفه ابن القيم بقوله: (هو خلق فاضل من أخلاق النفس يمتنع به من فعل ما لا يحسن ولا يجمل، وهو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها وقوام أمرها).
وقيل هو: (ترك الشكوى من ألم البلوى لغير الله لا إلى الله).
وقيل الصبر: (حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع، أو عما يقتضيان حبسها عنه)وقال عبد الرحمن الميداني (الصبر قوة خلقية من قوى الإرادة تمكن الإنسان من ضبط نفسه لتحمل المتاعب والمشاقات الآلام ، وضبطها عن الإندفاع بعوامل الضجر والجزع ، والسأم والملل ، والعجلة الرعونة ، والفضب والطيش والخوف والطمع والأهواء والشهات والغرائز) وهذا أحسن تعريف رأيته وأجمع

سؤال / لماذا سمي الصَبرُ صبراً ؟
حكى أبو بكر بن الأنباري عن بعض العلماء أنه قال: (إنما سمي الصبرُ صبرًا لأن تمرّره في القلب وإزعاجه للنفس كتمرّر الصِبْر في الفم) (كتاب ذم الهوي لابن الجوزي) .

فضل الصبر والحث عليه

فضل الصبر والحث عليه من القرآن الكريم:

الصبر من أكثر الأخلاق التي اعتنى بها القرآن الكريم، وهو من أكثر ما تكرر ذكره في القرآن.
قال الإمام أحمد رحمه الله: (ذكر الله سبحانه الصبر في القرآن في تسعين موضعاً).
وقد سيق الصبر في القرآن في عدة أنواع ذكرها ابن القيم في كتابه (عدة الصابرين) ونحن نذكر بعضها:
أحدها: الأمر به كقوله: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بالله) وقال: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ)الثاني: النهي عما يضاده كقوله تعالى: (وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ) وقوله: (وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ) الثالث: تعليق الفلاح به كقوله: (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) فعلق الفلاح بمجموع هذه الأمور. الرابع: الإخبار عن مضاعفة أجر الصابرين على غيره كقوله: (أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا)وقوله: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) الخامس: تعليق الإمامة في الدين، به وباليقين قال الله تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) .

فضل الصبر والحث عليه من السنة النبوية:

من فضائل الصبر أن من يتصبر يصبره الله، فعن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه-: ((أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده، فقال: ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر)) رو اه البخاري ، أي يطلب توفيق الصبر من الله ، أي يأمر نفسه بالصبر ويتكلف في التحمل عن مشاقه ، (يصبِّره الله): بالتشديد أي: يسهل عليه الصبر(وما أعطي أحد من عطاء) أي معطى أو شيئا. (أوسع): أي أشرح للصدر. (من الصبر): وذلك لأن مقام الصبر أعلى المقامات لأنه جامع لمكارم الصفات والحالات) .
- وعن ابن عبّاس- رضي الله عنهما-: ((أنّه قال لعطاء: ألا أريك امرأة من أهل الجنّة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السّوداء أتت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قالت: إنّي أصرع وإنّي أتكشّف، فادع الله لي. قال: إن شئت صبرت ولك الجنّة. وإن شئت دعوت الله أن يعافيك. قالت: أصبر. قالت: فإنّي أتكشّف فادع الله أن لا أتكشّف، فدعا لها))
- وبين صلى الله عليه وسلم أن من صبر على فقد عينيه عوضه الله الجنة فعن أنس- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ((إنّ الله- عزّ وجلّ- قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه، فصبر عوّضته منهما الجنّة يريد عينيه).
قال ابن بطال: (في هذا الحديث حجة في أن الصبر على البلاء ثوابه الجنة، ونعمة البصر على العبد وإن كانت من أجل نعم الله تعالى فعوض الله عليها الجنة أفضل من نعمتها في الدنيا لنفاد مدة الالتذاذ بالبصر في الدنيا وبقاء مدة الالتذاذ به في الجنة) .
وعن صهيب- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((عجبا لأمر المؤمن إنّ أمره كلّه خير، وليس ذلك لأحد إلّا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرا له)) .
قال ابن عثيمين: (قوله: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، أي: إن الرسول عليه الصلاة والسلام أظهر العجب على وجه الاستحسان لأمر المؤمن أي لشأنه فإن شأنه كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن.
ثم فصل الرسول عليه الصلاة والسلام هذا الأمر الخير فقال: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. هذه حال المؤمن وكل إنسان فإنه في قضاء الله وقدره بين أمرين: إما سراء وإما ضراء والناس في هذه الإصابة ينقسمون إلى قسمين مؤمن وغير مؤمن، فالمؤمن على كل حال ما قدر الله له فهو خير له إن أصابته الضراء صبر على أقدار الله وانتظر الفرج من الله واحتسب الأجر على الله فكان خيراً له فنال بهذا أجر الصابرين.
وإن أصابته سراء من نعمة دينية كالعلم والعمل الصالح ونعمة دنيوية كالمال والبنين والأهل شكر الله وذلك بالقيام بطاعة الله عز وجل.
فيشكر الله فيكون خيراً له، ويكون عليه نعمتان نعمة الدين ونعمة الدنيا، نعمة الدنيا بالسراء ونعمة الدين بالشكر هذه حال المؤمن.
وأما الكافر فهو على شر والعياذ بالله إن أصابته الضراء لم يصبر بل يضجر ودعا بالويل والثبور وسب الدهر وسب الزمن ... وفيه الحث على الصبر على الضراء وأن ذلك من خصال المؤمنين فإذا رأيت نفسك عند إصابة الضراء صابراً محتسباً تنتظر الفرج من الله سبحانه وتعالى وتحتسب الأجر على الله فذلك عنوان الإيمان، وإن رأيت بالعكس فلم نفسك وعدل مسيرك وتب إلى الله)


وأتمنى أن تضيفوا هذا الموضوع إلى السلسلة



التعديل الأخير تم بواسطة شذى الاسلام ; 17-05-2012 الساعة 03:02 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة