تزعجني كثيرا افكار المجتمع البالية في تزويج الفتاة التي تتعرّض للاغتصاب من مغتصبها ،
دوما ما يراودني الانزعاج والضيق ،،، بعد أن أسمع بعض القصص حول هرب الضحايا بعد إرغامهن على الزواج ، أو إقدامهن على الانتحار للخلاص من هذا المستقبل الظالم ، وكأن الأطراف جميعا تآمروا على الفتاة الضحية ليزجّوا بها خلف الأبواب المغلقة المعتمة ، مثل كلّ القضايا التي تتعلق بشرف العائلة ، بغضّ النظر عن آلامها وجروحها
حتى اتّخذ هذا قانونا يُسنّ في كلّ مكان ، تمارسه دوائر الشرطة ومراكز الأمن لإجبار المغتصب على عقد قرانه على المجني عليها ، تلبية لرغبة الأب في حفظ ماء وجهه ، وحفظ الألسنة النارية حوله ، وحقنا للدماء . والحكمة تقول ..لا شيء يجب أن يُجبر الفتاة على الزواج من وغد ، قد تكون مواصفاته أقلّ بكثير من مواصفات ذئب شوارع .
لا يكفي الذبح جسديا ونفسيا الذي تعرضت له المسكينة من قبل مجرم ضالّ ، بل يتبع ذلك سلخها من قبل مجرم آخر وهو وليّ أمرها ليستر نفسه من القيل والقال ، ويتخلص من أصابع الإتهام والأقاويل الكثيرة ، فينتهي بتزويج ابنته ممن لا يرضى عن دينه وأخلاقه. قمة الأنانية ، في حين أنها الضحية التي لم يهتمّ أحد كيف تتفاعل مع هذه الجروح وهذا الأذى وهي ترى نهاية الظالم وقد ارتفعت يده ليصبح زوجا يملك حق الطاعة !
يعتقد الأب أنه حفظ سمعته وكيان أسرته ومستقبل ابنته ، في تزويجها بلصّ ظالم ، ، ويختار أن يربط نفسه بهذا المنتهك طيلة الحياة بداعي صلة النسب . أي حفظ لماء الوجه هذا ؟
وهل يتحول الوحش الضالّ الى زوج محبّ ؟ وقد انتهكها أصلا ليس حبّا فيها ، وإنما تلبية لغريزة لم ينجح في تهذيبها خلق ولا دين .
وأي حقن للدماء ، ودماء الضحية لا تتوقف عن النزف من لحظة اغتصابها وحتى آخر يوم في حياتها .
نكافئ المغتصب الجاني بتوفير حياة زوجية له بالمجان ، ونعاقب المظلومة.... بفرض ما تكرهه لتتحملّه طيلة عمرها .. وتذكيرها كلّ يوم بحقّها الذي انتهك وانسانيتها التي سُفحت ،
أي عدل هذا ؟ ،، وقوانين حمورابي أرحم بكثير !
لماذا لا يُطالِب وليّ الأمر بحقّ ابنته في أن يُعاقب الجاني على فعلته ؟
وهي من تضرّرت ، واغتيلت فيها الإنسانية والرحمة .
لماذا لا يترفّع عن الارتباط بهذا الوضيع ، وينتقل بابنته الى مكان آخر بعيدا عن اللوم والألسنة الحارقة ، لعل حياة جديدة تبدأ ؟
إن أفضل وقاية للأنثى هو تعليمها وليس زجّها خلف الأبواب المغلقة فلا تعرف لها حقوقا ولا إنسانية .
ينتقد البعض حقّ المرأة في القرار و الاختيار وإبداء الرأي وتغليبه ، ويربطون ذلك فورا بالمقاييس والمواصفات التي يجب ان تكون عليها المرأة لتحظى بالقبول ، والقريبة من مواصفات الشاة والخروف .
وقد نسوا سورة النمل وبلقيس ملكة سبأ ، التي حكمت بالشورى وقادت قومها الى الإسلام ، كيف كان ممكنُُ ذلك ... بغير العلم والحكمة ...... ؟