حديث وفوائد للشيخ الألباني رحمه الله
" إن نبي الله نوحا صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة قال  لابنه : إني قاص  
 عليك الوصية آمرك باثنتين و أنهاك عن اثنتين آمرك بـ ( لا إله إلا الله )  فإن  
 السموات السبع و الأرضين السبع لو وضعت في كفة و وضعت لا إله إلا الله في  كفة  
 رجحت بهن لا إله إلا الله و لو أن السموات السبع و الأرضين السبع كن حلقة  مبهمة  
 قصمتهن لا إله إلا الله . و سبحان الله و بحمده فإنها صلاة كل شيء و بها  يرزق  
 الخلق . و أنهاك عن الشرك و الكبر . قال : قلت : أو قيل : يا رسول الله هذا   
 الشرك قد عرفناه فما الكبر ? -  قال - : أن يكون لأحدنا نعلان حسنتان لهما   
 شراكان حسنان ? قال : لا . قال : هو أن يكون لأحدنا أصحاب يجلسون إليه ?  قال :  
 لا . قيل : يا رسول الله فما الكبر ? قال : سفه الحق و غمص الناس " .
 قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 209 :  
 غريب الحديث :
 ( مبهمة ) أي محرمة مغلقة كما يدل عليه السياق . و لم يورد هذه اللفظة من  
 الحديث ابن الأثير في " النهاية " و لا الشيخ محمد طاهر الهندي في " مجمع  بحار  
 الأنوار " و هي من شرطهما . 
 ( قصمتهن ) . و في رواية ( فصمتهن ) بالفاء . قال ابن الأثير : 
 " القصم : كسر الشيء و إبانته , و بالفاء كسره من غير إبانة " . 
 قلت : فهو بالفاء أليق بالمعنى . و الله أعلم . 
 ( سفه الحق ) أي جهله , و الاستحفاف به , و أن لا يراه على ما هو عليه من  
 الرجحان و الرزانة . و في حديث لمسلم : " بطر الحق " . و المعنى واحد . 
 ( غمص الناس ) أي احتقارهم و الطعن فيهم و الاستخفاف بهم . 
 و في الحديث الآخر : " غمط الناس " و المعنى واحد أيضا . 
 فوائد الحديث :
 قلت : و فيه فوائد كثيرة , اكتفي بالإشارة إلى بعضها : 
 1 - مشروعية الوصية عند الوفاة . 
 2 - فضيلة التهليل و التسبيح , و أنها سبب رزق الخلق . 
 3 - و أن الميزان يوم القيامة حق ثابت و له كفتان , و هو من عقائد أهل  السنة  
 خلافا للمعتزلة و أتباعهم في العصر الحاضر ممن لا يعتقد ما ثبت من العقائد  في  
 الأحاديث الصحيحة , بزعم أنها أخبار آحاد لا تفيد اليقين , و قد بينت بطلان  هذا  
 الزعم في كتابي " مع الأستاذ الطنطاوي " يسر الله إتمامه . 
 4 - و أن الأرضين سبع كالسماوات . و فيه أحاديث كثيرة في الصحيحين و غيرهما  , 
 و لعلنا نتفرغ لنتبعها و تخريجها . و يشهد لها قول الله تبارك و تعالى : 
 ( خلق سبع سماوات و من الأرض مثلهن ) أي في الخلق و العدد . فلا تلتفت إلى  من  
 يفسرها بما يؤول إلى نفي المثلية في العدد أيضا اغترارا بما وصل إليه علم  
 الأوربيين من الرقي و أنهم لا يعلمون سبع أرضين ! مع أنهم لا يعلمون سبع  سماوات  
 أيضا ! أفننكر كلام الله و كلام رسوله بجهل الأوربيين و غيرهم مع اعترافهم 
 أنهم كلما ازدادوا علما بالكون ازدادوا علما بجهلهم به , و صدق الله العظيم  
 إذ يقول : ( و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) . 
 5 - أن التجمل باللباس الحسن ليس من الكبر في شيء . بل هو أمر مشروع , لأن  الله  
 جميل يحب الجمال كما قال عليه السلام بمثل هذه المناسبة , على ما رواه مسلم  في  
 " صحيحه " . 
 6 - أن الكبر الذي قرن مع الشرك و الذي لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال  
 ذرة منه إنما هو الكبر على الحق و رفضه بعد تبينه , و الطعن في الناس  الأبرياء  
 بغير حق . 
 فليحذر المسلم أن يتصف بشيء من مثل هذا الكبر كما يحذر أن يتصف بشيء من  الشرك  
 الذي يخلد صاحبه في النار .
 المصدر
"السلسلة الصحيحة"