عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 23-05-2010, 10:58 AM   #6
معلومات العضو
أبو حذيفة العمري

افتراضي

و لذلك لمّا سقطت بلاد المسلمين في الأندلس، لمّا نقرأ الشعر الذي كتب في وصف ذلك، كشعر أبي البقاء الرندي –رحمه الله- ستجد فعلاً حجم المأساة، و تبلد الإحساس الموجود عند بعض المسلمين الذين طُلبوا لاستنقاذ ما يمكن إنقاذه و نصرة إخوانهم، يعني هناك أناس أرسلوا بهذه الرسائل (الاستنجادات) من سواحل الأندلس إلى سواحل المغرب و المسافة قريبة، يقولون لإخوانهم:

هلموا إلينا، المصيبة كبيرة لـكـل شـــيء إذا مــا تــم نــقــصــانُ فــلا يُــغَــر بـطـيـب الـعــيـش إنـسـانُ
هــي الأمــور كــمــا شـهــدتـهـا دولٌ مـن سَــــــرّة زمـن ســــاءتــه أزمـــانُ
فــجــائــع الــدهــر أنــواعٌ مـــنــوّعــةٌ و لـلــــزمـــــان مــســــراتٌ و أحــــزانُ
و لـلـمــصــائــب ســلــوانٌ يـهــونــهـا و مــا لــمــا حــل بــالإســلام سـلـوانُ
دهـــا الـــجـــزيــرة أمــرٌ لا عــزاء لـــه هــــوى لـــه أُحـــدٌ و إنــهــد ثــهـــلانُ
فـاسأل بلـنـسـيـةً ما شأن مـرسـيـةٍ و أيـــن قـــرطـــبـــةٌ أم أيـــن جــيــــانُ
و أيـن حـمــصٌ(كانوا يسمون مدن في الأندلس على أسماء بلاد الشام) و أيـن حـمــصٌ و ما تـحـويـه من نــزهِ و نـهــرهـــا الـعــذب فــيــاضٌ و مــلآنُ
كـــذا طُــلــيـــطــلــةٌ دار الــــعــلـــومِ فكم من عـالمٍ قد سما فيـها له شـانُ
و أيـــن غـــرنـــاطــةٌ دار الـــجـــهـــاد و كم أسدٌ بها و هم في الحرب عُقبانُ
قــواعــد كــن أركـــان الــبــلاد فــمــا عسـى الـبـقـاء إذا لـم تــبـقـى أركــانُ
و عـالــمٌ كـان فـيـه لـلـجـهـول هـدىً مــدرّسٌ و لــه فـي الـعــلـمِ تـــبـــيــانُ
و عــابــدٌ خــاضــعٌ لــلّــه مــبـــتـهــلٌ و الـدمعُ مـنـه على الـخـديـن طــوفـانُ
و أيــن مـالــقـةٌ مُـرسـى الــمــراكـب كم أرست بسـاحتـهـا فُـلـكٌ و غــربـانُ
و كـم بـداخـلـهـا مـن شــاعــرٍ فـطـنٍ و ذي فــنـــون لـه حِــذقٌ و تــبـــيـــانُ
و كـم بـخــارجـهـا مــن مــنــزهٍ فـــرجٍ و جــنــةٍ حـولـهــا نــهــرٌ و بــســـتــانُ
و أيـن جـارتـهـا الــزهـرة و قــبّــتــهـــا و أيــن يــا قـومـي أبـطـالٌ و فـرســـانُ
تبكي الحنيـفـيةُ البـيـضاء مـن أســفٍ كـمـا بـكـى لـفـراق الإلــف هــيــمــانُ
حتى المحاريب تـبكي و هي جامـدةٌ (إذا تبلد إحساس الناس الجمادات لا تتبلد إحساسها) حتى المحاريب تـبكي و هي جامـدةٌ حـتى الـمـنـابـر تـبـكي و هـي عـيـدانُ
عـلـى ديــارٍ مـن الإســلامِ خـالــيـــةٍ قـد أكـفــرت و لـهـا بــالـكـفــرِ عـمــرانُ (تحولت المساجد إلى كنائس)
حـيـث المساجد قد أمست كنائس مـا فــيـهــن إلا نـواقـيــسٌ و صــلـبــانُ
يـا غـافـلاً و لـه في الدهـر موعـظـةٌ إن كـنـت فـي سـنةٍ فـالـدهر يـقـظـانُ
و سنعود لبعض أبياتها.

((يتبع . . .))
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة