عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 20-05-2010, 10:39 AM   #1
معلومات العضو
شذى الاسلام
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي مدى عفة لسانك...وقفة



مدى عفة لسانك

لك أن تتخيل بيتا كله حركة, الأب مع أنه تخطى الستين لا يزال يصر على أنه يستطيع العمل , فتجده هاهنا راسخا في أعلى السلم الخشبي يعالج مصباحا .
و ابنه الأكبر عامر يناوله الأدوات اللازمة و ترتسم على شفتيه ابتسامة أودعها كل صفحات الرضا المطوية في قلبه عن أب نشيط يستقي منه السعي و الكد و الجد , حتى أن الأب طلب باستماتة أن يعمل هو بدل عامر لأنه يشعر بأنه لا يزال شابا .
و الأم غير بعيد – وتعمل هي الأخرى- تمسح الغبار عن كل ما تقع عيناها عليه و تتابع باستمتاع تحركات الأب و عامر
غير أن كل هذا الجو المتحرك و السعي الجاد لم يكن ليلقي تأثيرا على نفس الابنة الصغرى –منال- و هي التي تقبع أمام شاشة الحاسوب و تشغل مكبرات صوته.
لم تكن تنصت إلى شيء ذي بال :و إنما تحدث إحدى صويحباتها في المدرسة .
ظن الجميع أن عليها واجبات تحلها على الحاسوب لكنها لم تكن لتتسمر أمام الشاشة إلا لفتح المحادثات و قضاء الساعات الطوال في الكلام في المفيد نادرا و غير المفيد غالبا.
منال:" يا ليتك ترين الأستاذ اليوم عندما لم تحضري , كدت أجن من كثرة الضحك على منظره , أتتخيلين رجلا يضع ساعة بنفسجية اللون؟؟؟
وهنا دخل عامر بعد أن سمع الضحكات الجنونية التي تطلقها أخته لينظر في الأمر.
الصديقة بسخرية " يا للهول ! ساعة بنفسجية اللون ؟ و الله زمن العجائب !لم يكن ينقصه غير سروال زهري و قميص أحمر! يبدوا أن أخواته أثرن عليه "
وترد منال غير عابئة بوجود الأخ:
" يا ليته يعطيني إياها , تريدين الصراحة مع أنه لا يفهم في طريقة اللباس إلا أن ذوقه هذه المرة في اختيار اللون خطيرررر "
الصديقة وصوتها يتقطع من كثرة الضحك"لا أظن أن هذا ذوقه لأن له سبع أخوات لذلك أنصحك بزيارتهن و الاستفادة ممن اشترت له الساعة "
ستبحثون عن عامر في هذه الأثناء و ما ردة فعله حول ما يقال ؟
سأخبركم أنه ذهب للمطبخ
للمطبخ ! لماذا؟
ستعرفون بعد قليل:
دخل عامر على أخته و هي تواصل اغتياب الأستاذ و عرض عليها لحما نيئا و طلب منها أكله
ظنته يمزح فطلبت من صديقتها الإذن للحظات.
عامر:" خذي يا أختي لتتذوقي اللحم النيئ "
منال:"أ تمزح!!! لا أستطيع!!"
قال:" بل تستطيعين فقد أكلت لحم جيفة إنسان الآن و لم أرى انك لم تتلذذي!"
منال و حاجباها إلى أعلى يظلان عينين فتحتا على أشدهما:
" لكني أكلم صديقتي على الأنترنت و لم أكن آكل لحم جيفة إنسان "
و أردفت معلنة عن تقززها من قوله" وهل يعقل أن آكل لحم جيفة"
ووضعت يدها على جبهة أخيها ترى هل حرارته مرتفعة و عامر يتابع حركاتها و ينظر إليها في ابتسام:
فقال" ألم تقرئي في القرآن أن **بسم الله الرحمن الرحيم أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ **سورة الحجرات12
ضربت منال على جبهتها في أسف و كأنها تذكرت الآية و قالت " أعوذ بالله "
و أردف عامر قائلا" و ها أنت و صديقتك تتلذذان بلحم الميتة و تنكرين أكل هذا اللحم النيئ مع أنك تستطيعين أكله مطبوخا "
أحست منال بجسامة ما فعلته فطلبت من صديقتها التي سمعت كل شيء أن تصليا ركعتين لله تطلبان فيهما العفو و المغفرة و اتفقتا على إنفاق مصروفهما لذاك الشهر في الصدقات تكفيرا لما فعلاه و تطهيرا للنفس وعزما على عدم العودة.
و كثير من يغتاب و يسخر و ينسى أو يتناسى العاقبة و ما كان الله غافلا عما يعملون و إن الله يمهل و لا يهمل.


    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة