شكرا لكريم تفاعلكم وكلماتكم الطيبة ...
"""
قبل عشرين سنة تعود بي الذاكرة للوراء ...
وتأخذني لمقاعد الدراسة الجميلة ...حينما كنا صغاراً لا نعرف من الحياة سوى المرح والابتسامة ...
أتذكر أنني كنت متميزاً في الدراسة ....
ومشاغباً أيضاً ...لكن أخلاقي طيبة ...فكانت مشاغبة مقبولة ...خفيفة وليس ثقيلة على معلمي الطيبين ...
في تلك الأثناء لا حظت أن بعض المدرسين ذوي الأصوات الهادئة لا أستطيع سماعهم ولا أتفاعل مع دروسهم ...
مما أثر سلباً علي دراسياً ....
وهنا دق ناقوس الخطر ....عند عائلتي الصغيرة التي تعتبرني محور حياتها ...
وسرعان ما هرعوا بي إلى أشهر طبيب في البلد منذ ذلك الوقت وحتى الآن ...فهو طبيب ذو خلق كريم ...وخبرة واسعة....
و يعتبره أطباء السمع مرجعاً في هذا المجال ...
وحينما راجعنا الطبيب الشهير كانت المفاجئة ...
بل الصدمة ...بل الصاعقة...
التي لم نتوقعها ...
لقد قال الطبيب لأسرتي ...وأنا أسمع الحوار ...
إن ابنكم فاقد للسمع تقريباً في أذنه اليسرى ...فالعصب ضعيف جداً ...بل شبه ميت ...
وبادرته أسرتي بالسؤال ...
بحرقة ...ولهفة ...
ألا يوجد علاج يادكتور ...مهما كان ثمنه ...هل يمكنه وضع سماعه ؟
هل يمكن علاج الأمر بعملية ...وهل ... و هل ؟؟؟
وكان الجواب الذي أحزنهم ...أكثر مما أحزني لأني لم أستوعب الأمر آنذاك ...
قال لهم ...
في حال ابنكم خصوصاً ...
لا علاج للعصب أبداً...لأنه شبه ميت !!!
وعليكم أن تكيفوه مع الوضع الجديد ...وأن تغيروا مقعده في الفصل ليجلس أمام المعلم وفي الجهة التي يسمع منها ...أي يكون المعلم على يمين الطالب ...
ومرت سنوات طويلة ...
وتعودت على هذا الوضع ...أن أعيش على أذن واحدة ...
رغم بعض المواقف المحرجة ...
كأن يسلم أو يخاطبني أحدهم من الجهة اليسرى فلا أرد عليه ...
لكنني كنت أعالج مثل هذه المواقف بالتوضيح إن تيسر ....
أو الاعتذار لا حقا إن علمت متـأخراً ...
ثم مرت خمسة عشر سنة بما فيها من أحداث ...
وهنا دخلت الجامعة ...وحدثت قصة أخرى ...غريبة ...
توالت فصولها على مراحل ...
نترك تفاصيلها لوقت لا حق بإذن الله ....