فيروس انفلونزا الطيور يحتاج 32 تغيراً لكي يصبح وبائياً بين البشر
قال باحثون انهم وجدوا بعض التغيرات التي يحتاجها فيروس الانفلونزا لكي يتحول الى نوع وبائي، وذكروا في دراسة حديثة ان فيروس انفلونزا الطيور “اتش5 ان1” لم يكتسب حتى الآن الا القليل من هذه التغييرات. وقال الباحثون من مستشفى لبحوث الاطفال في ممفيس بولاية تينيسي الامريكية ان دراستهم يمكن ان تساعد العلماء على مراقبة التغييرات الاكثر ترجيحا ان تجعل فيروس “اتش5 ان1” خطرا عالميا. وأجرى رئيس فريق البحث دافيد فينكلشتاين وزملاء له بحوثا على عينات من فيروس “اتش5 ان1” من الناس الذين اصيبوا به، ووجدوا انه لا شيء منها قريب بأي حال الى التحور مثل فيروسات الانفلونزا التي تسببت في الاوبئة الثلاثة الاخيرة وخاصة “الانفلونزا الاسبانية” في عام 1918 التي أودت بحياة الملايين في كل انحاء العالم.
كتب فريق فينكلشتاين في دورية دراسات الفيروسات “فيرولوجي” قائلا انهم وجدوا ان هناك 32 تغيرا واضحا في فيروسات الانفلونزا التي تفرق بين انفلونزا بشرية وبين انفلونزا الطيور.
وقال فينكلشتاين انه حتى عندما تصيب فيروسات “اتش5 ان1” الانسان فإن كلا منها يكتسب تغيرا واحدا او اثنين من هذه التغيرات في الغالب.
وقال فينكلشتاين “نعتقد اننا سنكون محفوفين بالمخاطر حقيقة اذا طرأ 13 تغيرا”. “لم نشهد اي شيء يقارب الاختلافات الثلاثة عشر التي شهدناها في الانفلونزا الاسبانية”.
ويتفق خبراء الصحة على ان العالم يمكن ان يشهد وباء بسبب انفلونزا، حيث شهد العالم ثلاثة خلال القرن الماضي.
والمشتبه به الرئيسي هو فيروس انفلونزا الطيور “اتش 5 ان1” نظرا لانه يصيب مئات الملايين من الطيور على مستوى العالم وانتقل الى اشخاص مرات عديدة لكي يقتل 194 من بين 321 شخصا اصيبوا به.
وهو يتغير باستمرار مثل معظم فيروسات الانفلونزا. فإذا اكتسب التغييرات المطلوبة تماما فانه قد ينتقل بسهولة من انسان الى آخر وهذا ما قد يكون ايذانا بوفاة الملايين.
يشار الى ان مرض انفلونزا الطيور ينتقل بين الطيور عن طريق البراز والرذاذ الناتج من افرازات الأنف والعين وكذلك تلوث المعالف والمساقي والمعدات والملابس داخل المزرعة بهذه الافرازات وكذلك تتم العدوى في فقاسات البيض عندما يتم انكسار بيض مصاب بالفيروس.
كما يمكن انتقال المرض من خلال الطيور المهاجرة ولكن بنسب ضعيفة حيث ان الطيور المصابة غالبا ما تكون في حالة اعياء شديد يصعب الطيران لمسافات طويلة والفيروس يتأثر بالحرارة والمطهرات، فيثبط عند درجة 60 لمدة نصف ساعة وكذلك بالمطهرات مثل الفورمالين ومركبات اليود.
ويمكن للفيروس الانتقال إلى الإنسان (وخاصة المتعاملين في مجال الدواجن سواء بالتربية أو البيع عن طريق التلامس مع افرازات الطيور أو البراز، ولكن حتى الآن لم يثبت انتقال المرض من إنسان إلى آخر حسب النتائج الناجمة عن الاختبارات التي أجرتها منظمة الصحة الحيوانية.
كما ان الدجاج المطبوخ جيداً لا يمكن ان يتسبب في نقل المرض نظرا لتأثير الحرارة على الفيروس كما سبق.
وحسب تقارير المنظمات ذات الصلة فإن معظم الاصابات التي تم تشخيصها حتى الآن ظهرت لدى المتعاملين في تربية الدواجن والعاملين في المسالخ.
ولكن بالرغم من ذلك فإنه لا يزال من الصعب انتقال عدوى انفلونزا الطيور التي وصلت مؤخرا الى القارة الاوروبية من الطيور المصابة الى الانسان لكنها تثير المخاوف من انتشار وباء يصعب السيطرة عليه بوسائل الحماية الحالية.
وفيما يلي اكثر الاسئلة شيوعا بشأن هذا المرض:
ما هي انفلونزا الطيور؟
انفلونزا الدجاج او طاعون الطيور او انفلونزا الطيور تنجم عن فيروسات نزلات برد من الفئة الف (اتش،5 اتش،7 اتش9) التي يكون مصدرها الطيور والمسؤولة عن انتشار الاوبئة. وفيروس الوباء الحالي اتش5ان1 فيروس متبدل. لكن ليس بالضرورة ان تسبب كل الفيروسات اتش5 المرض.
متى وكيف ظهر الفيروس؟
رصد فيروس اتش5ان1 للمرة الاولى منذ عقود لدى الطيور البرية. اكتشفت اولى اصابات الدواجن في مطلع التسعينات في اوروبا والولايات المتحدة. وتطلب الامر الانتظار حتى ايار/مايو 1997 عندما توفي صبي نشأ في مركز زراعي بنزلة برد غامضة في هونغ كونغ.
الحيوانات المصابة:
الطيور البرية او البحرية تشكل منذ زمن طويل خزانا لفيروسات الانفلونزا (البط والنورس..). وفي نهاية 2003 ظهرت الاصابة بأنفلونزا الطيور لدى الدجاج في عدد من دول آسيا وجنوب شرقها ما ادى الى نفوق او التخلص من مائة مليون دجاجة. وهي تنتقل حاليا من خلال الطيور المهاجرة.
خطر انتقال العدوى الى الانسان.
الطيور المريضة “لا تنقل العدوى بسهولة الى الانسان” كما تقول الباحثة سيلفي فان دير فيرف في معهد باستور في باريس.
ويمكن ان يشكل الخنزير “حاضنة اختلاط” تتيح للفيروس التبدل للتأقلم مع الثدييات. واذا اصاب الفيروس اتش5ان1 رجلا مصابا بنزلة برد عادية فإنه يمكن ان يستفيد من هذه الحالة ليصبح “بشريا” باتباع التكوين الجيني لفيروس الانفلونزا العادي.
ما طرق الانتقال؟
يكمن الخطر في الاتصال المتكرر مع الطيور المصابة. وتنتقل العدوى عن طريق الاعضاء التنفسية (استنشاق غبار الجلة او الافرازات التنفسية) والعيون (الاتصال بالغبار). ويجب غسل الايدي جيدا لانها يمكن ان تنقل المرض باتصالها بالاعضاء التنفسية او العيون. في المقابل لا يوجد أي خطر في تناول لحوم الدواجن المطهية لان الفيروس يموت في درجة حرارة 70 درجة كما يشير الباحثون.
هل هناك خطر كارثة عالمية؟
هناك خوف من تفشي وباء كما حدث في حالة الاوبئة العالمية مثل وباء الانفلونزا الاسبانية عامي 1918-1919 الذي اودى بحياة ما بين عشرين الى اربعين مليون شخص ووباء الانفلونزا الآسيوية عام 1957 الذي قضى على اربعة ملايين شخص او وباء انفلونزا هونغ كونغ سنة 1968 الذي قضى على مليوني شخص وذلك اذا تبدل الفيروس اتش5ان1 ليتأقلم مع الانسان.
واستنادا الى منظمة الصحة العالمية فان تفشي هذا الوباء يمكن ان يقضي على سبعة او عشرة او خمسين بل مائة مليون شخص وفقا للسيناريوهات.
كيف يمكن الوقاية؟
تجرى حاليا ابحاث على لقاحات متطورة. والطعم الحالي ضد الانفلونزا الموسمية (اللقاح السنوي ضد الانفلونزا) لا يحمي من فيروس انفلونزا الطيور.
ومن بين الادوية المضادة للفيروس يعتبر عقار تاميفلو (مختبرات روش) الانجع حيث يتيح خفض معدل الوفيات بين المرضى بنسبة ثلاثين في المائة وفقا لخبراء الاوبئة.
كما تتوفر اقنعة لحماية الجهاز التنفسي (نوع اف.اف.بي2) ونظارات للوقاية وقفازات للقائمين على العلاج او غيرهم من المهنيين المعرضين لانتقال العدوى.
ما مدى التقدم الجغرافي للمرض؟
بعد الحالات التي اكتشفت في هونغ كونغ عام 1997 ظهرت اولى الاصابات الخطيرة بالفيروس اتش5ان1 في كوريا الجنوبية ثم في فيتنام وتايلاند.
وفي مطلع 2004 رصدت حالات اصابة بانفلونزا الطيور في الصين وتايوان واليابان وكمبوديا ولاوس. كما ظهرت حالات في ماليزيا واندونيسيا. ولا يزال الفيروس محصورا الى حد كبير في آسيا لكنه اكتشف في آب/ اغسطس الماضي في روسيا وكازاخستان ثم وصل الى تركيا ورومانيا ومناطق اوروبية اخرى.