![]() |
لا تعارض بين القدر والشرع
س : قال المؤلف رحمه الله : ( وهو سبحانه يحب المتقين والمحسنين والمقسطين ، ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، ولا يحب الكافرين . ولا يرضى عن القوم الفاسقين ، ولا يأمر بالفحشاء ، ولا يرضى لعباده الكفر ولا يحب الفساد )
ما هو غرض المؤلف من العبارة السابقة ؟ ج : يريد المؤلف رحمه الله بهذا الكلام : الرد على من زعم أن الإرادة والمحبة بينهما تلازم ، فإذا أراد الله شيئًا فقد أحبه وإذا شاء شيئًا فقد أحبه ! وهذا قول باطل . *** س : وما هو القول الحق إذن ؟ ج : القول الحق : أنه لا تلازم بين الإرادة والمحبة أو بين المشيئة والمحبة - أعني الإرادة الكونية والمشيئة : 1 - فقد يشاء الله ما لا يحبه . مثاله : مشيئة وجود إبليس وجنوده ومشيئته العامة لما في الكون مع بغضه لبعضه . 2 - وقد يحب ما لا يشاء وجوده . ومثاله : محبته لإيمان الكفار وطاعات الكفار ولم يشأ وجود ذلك منهم ولو شاءه لوجد . *** لا تنافي بين إثبات القدر وإسناد أفعال العباد إليهم حقيقة وأنهم يفعلونها باختيارهم س : ما هي أقوال الطوائف الإسلامية - التي ضلت في باب القدر – في أفعال العباد ؟ ج : 1 - ذهبت طائفة منهم إلى الغلو في إثبات القدر حتى سلبوا العبد قدرته واختياره ، ويقال لهذه الطائفة : ( الجبرية ) ؛ لأنهم يقولون : إن العبد مجبر على ما يصدر منه لا اختيار له فيه . 2 - ذهبت الطائفة الثانية إلى الغلو في إثبات أفعال العباد واختيارهم حتى جعلوهم هم الخالقين لها ولا تعلق لها بمشيئة الله ولا تدخل تحت قدرته ، ويقال للطائفة الثانية : ( القدرية النفاة ) لأنهم ينفون القدر . *** س : وما هو سبب ضلال هاتين الفرقتين ؟ ج : لزعمهم أن إثبات القدر بجميع مراتبه السابقة ، وإثبات كون العباد يفعلون باختيارهم ويعملون بإرادتهم ، يلزم منه التناقض! *** س : ما هي الآية التي استدل بها المؤلف رحمه الله في الرد على الطائفتين ؟ ج : استدل الشيخ في الرد على الطائفتين بقوله تعالى : ** لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ** : 1 - فقوله تعالى : ** لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ** فيه الرد على الجبرية لأنه أثبت للعباد مشيئة وهم يقولون لا مشيئة لهم ، [كما أنه] لو كان كذلك لما صح وصفهم بها ؛ لأن فعل المجبر لا ينسب إليه ولا يوصف به ، ولا يستحق عليه الثواب أو العقاب . 2 - وقوله : ** وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ** فيه الرد على القدرية القائلين بأن مشيئة العبد مستقلة بإيجاد الفعل من غير توقف على مشيئة الله، وهذا باطل لأن الله علق مشيئة العباد على مشيئته سبحانه وربطها بها . *** س : ما هي الفرق المخالفة والتي يشير إليها كلام المؤلف في العبارات التالية : قوله : ( والعباد فاعلون حقيقة ) ، وقوله : ( والله خالقهم وخالق أفعالهم ) ، وقوله : ( والعبد هو المؤمن والكافر والبر والفاجر والمصلي والصائم، وللعباد قدرة على أعمالهم ولهم إرادة ) . ج : 1 – قوله رحمه الله : ( والعباد فاعلون حقيقة ) : إشارة إلى الطائفة الأولى وهم الجبرية لأنهم يقولون إن العباد ليسوا فاعلين حقيقة وإسناد الأفعال إليهم من باب المجاز . 2 - وقوله : ( والله خالقهم وخالق أفعالهم ) : رد على الطائفة الثانية القدرية النفاة لأنهم يقولون : إن الله لم يخلق أفعال العباد وإنما هم خلقوها استقلالًا دون مشيئة الله وتقديره لها . 3 - وقوله : ( والعبد هو المؤمن والكافر والبر والفاجر والمصلي والصائم، وللعباد قدرة على أعمالهم ولهم إرادة ) : هو إشارة إلى الجبرية أيضاً . *** س : س : هل اقتصر مذهب الجبرية على اعتقاد نفي مشيئة العبد وإرادته ؟ ج : كلا ، بل إن الجبرية في مذهبهم هذا حينما نفوا أفعال العباد وسلبوهم القدرة والاختيار نفوا حكمة الله في أمره ونهيه وثوابه وعقابه، فقالوا : إنه يثيب أو يعاقب العباد على ما ليس من فعلهم ويأمرهم بما لا يقدرون عليه، [ فكان لا زم مذهبهم أن ] اتهموا الله بالظلم والعبث، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا . *** س : هل ثبت عن النبي أنه سمى القدرية ( مجوس هذه الأمة ) ؟ ج : لم يثبت أن النبي سماهم مجوس هذه الأمة لتأخر ظهورهم عن وقت النبي فأكثر ما يجيء من ذمهم إنما هو موقوف على الصحابة . *** س : وما هو سبب وصف القدرية بهذا الوصف ؟ ج : لمشابهتهم المجوس الذين يثبتون خالقين هما : النور والظلمة، فيقولون : إن الخير من فعل النور والشر من فعل الظلمة، فصاروا ثنويه . وكذلك هؤلاء القدرية جعلوا خالقًا مع الله حيث زعموا أن العباد يخلقون أفعالهم بدون إرادة الله ومشيئته، بل يستقلون بخلقها . |
الساعة الآن 03:59 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com