![]() |
6 / شرح : حديث أبي زرع
قوله : ( قالت الخامسة : زوجي إن دخل فَهِد ، وإن خرج أَسِد ، ولا يسأل عما عهد ) قال أبو عبيد : فهذه بفتح الفاء وكسر الهاء مشتق من الفهد ، وصفته بالغفلة عند دخول البيت على وجه المدح له . وقال ابن حبيب : شبهته في لينه وغفلته بالفهد ، لأنه يوصف بالحياء وقلة الشر وكثرة النوم . وقوله أسد بفتح الألف وكسر السين مشتق من الأسد أي يصير بين الناس مثل الأسد . وقال ابن السكيت : تصفه بالنشاط في الغزو وقال ابن أبي أويس : معناه إن دخل البيت وثَبَ عَلَيَّ وُثوب الفهد ، وَإِنْ خَرج كان في الإقْدام مثل الأسد ، فعلى هذا يحتمل قوله وثب على المدح والذم ، فالأول تشير إلى كَثرة جِماعه لها إذا دخل فينطوي تحت ذلك تَمَدُحَها بأنها محبوبة لديه بحيث لا يصبر عنها إذا رآها ، والذم إما من جهة أنه غليظ الطبع ليست عنده مداعبة ولا ملاعبة قبل المواقعة ، بل يثب وثوبا كالوحش ، أو من جهة أنه كان سيئ الخلق يبطش بها ويضربها ، وإذا خرج على الناس كان أمره أشد في الجرأة والإقدام والمهابة كالأسد . قال عياض : فيه مطابقة بين خرج ودخل لفظية ، وبين فهد وأسد معنوية ، ويسمى أيضا المقابلة . وقولها : ( ولا يسأل عما عهد ) يحتمل المدح والذم أيضا ، فالمدح بمعنى أنه شديد الكرم كثير التغاضي لا يتفقد ما ذهب من ماله ، وإذا جاء بشيء لبيته لا يسأل عنه بعد ذلك ، أو لا يلتفت إلى ما يرى في البيت من المعايب ، بل يسامح ويغضي . ويحتمل الذم بمعنى أنه غير مبال بحالها حتى لو عرف أنها مريضة أو معوزة وغاب ثم جاء لا يسأل عن شيء من ذلك ولا يتفقد حال أهله ولا بيته ، بل إن عرضت له بشيء من ذلك وثب عليها بالبطش والضرب ، وأكثر الشراح شرحوه على المدح ، فالتمثيل بالفهد من جهة كثرة التكرم أو الوثوب ، وبالأسد من جهة الشجاعة ، وبعدم السؤال من جهة المسامحة . وقال عياض : حمله الأكثر على الاشتقاق من خلق الفهد إما من جهة قوة وثوبه وإما من كثرة نومه ، ولهذا ضربوا المثل به فقالوا : أنوم من فهد ، قال : ويحتمل أن يكون من جهة كثرة كسبه لأنهم قالوا في المثل أيضا : أكسب من فهد ، وأصله أن الفهود الهرمة تجتمع على فهد منها فتي فيتصيد عليها كل يوم حتى يشبعها ، فكأنها قالت : إذا دخل المنزل دخل معه بالكسب لأهله كما يجيء الفهد لمن يلوذ به من الفهود الهرمة . ثم لما كان في وَصْفِها له بِخُلق الفهد ما قد يحتمل الذم من جهة كثرة النوم رفعت اللبس بوصفها له بخلق الأسد ، فأفصحت أن الأول سجية كرم ونزاهة شمائل ومسامحة في العشرة ، لا سجية جبن وخور في الطبع . قال عياض : وقد قلب الوصف بعض الرواة يعني كما وقع في رواية الزبير بن بكار فقال : إذا دخل أسد وإذا خرج فهد ، فإن كان محفوظا فمعناه أنه إذا خرج إلى مجلسه كان على غاية الرزانة والوقار وحسن السمت ، أو على الغاية من تحصيل الكسب ، وإذا دخل منزله كان متفضلا مواسيا لأن الأسد يوصف بأنه إذا افْتَرَسَ أكل من فريسته بعضا وترك الباقي لمن حوله من الوحوش ولم يهاوشهم عليها ، وزاد في رواية الزبير بن بكار في آخره ( ولا يرفع اليوم لغد ) يعني لا يدخر ما حصل عنده اليوم من أجل الغد ، فَكَنّتْ بذلك عن غاية جُودِه ، ويحتمل أن يكون المراد أنه يأخذ بالحزم في جميع أموره فلا يؤخر ما يجب عمله اليوم إلى غده . ( يتبع ) ..….......................... |
الساعة الآن 07:25 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com