معنى حديث 
 (لا  يدخل بيتك إلا مؤمن، ولا يأكل طعامك إلا تقي)
  
 يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم-: 
 (لا  يدخل بيتك إلا مؤمن، ولا يأكل طعامك إلا تقي).
 هل هذا حديث  صحيح، وإن كان صحيح فكيف أعرف المؤمن والتقي، 
 والرسول - صلى الله عليه  وسلم - يقول:
 (التقوى هاهنا) .
 يشير إلى قلبه، والتقوى والإيمان  مكانهما القلب ، والله المطلع 
 بسم الله الرحمن الرحيم  الحمد  
 لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن  اهتدى بهداه. 
 أما بعد: فلفظ الحديث الثابت عن رسول الله - عليه  الصلاة والسلام - : 
 (لا تصاحب إلا  مؤمناً ، ولا يأكل طعامك إلا تقي). 
 ومعناه لا تتخذ الفساق  أصحاباً ، وإنما تتخذ الأخيار، أهل الصفات الحميدة ،
 أهل المحافظة على  الصلوات ، الذين يحفظون ألسنتهم وجوارحهم عن محارم الله ، هذا معنى ذلك
  (لا تصاحب إلا مؤمنا). 
 والمؤمن من  أظهر أعمال الخير، والقلوب لا يعلم ما فيها إلا الله - سبحانه وتعالى -  وليس للناس إلا الظاهر ،
 فمن أظهر الاستقامة على دين الله بالمحافظة  على الصلوات ، وأداء حق الله ،
 وترك محارم الله فهذا يقال له مؤمن  ويقال له مسلم ، ويقال له متقي أيضاً حسب ما ظهر من أعماله ،
 أما  القلوب فإلى الله - عز وجل - لا يعلم ما فيها إلا الله ، 
 وإنما يؤخذ  الناس بما أظهروا من الأعمال ، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : 
 (التقوى هاهنا)
 يعني أن أصل التقوى في  القلب متى صلح القلب صلحت الجوارح ، 
 ومتى فسد القلب فسدت الجوارح ،  والنبي يشير إلى أنه ينبغي للمؤمن أن يعتني بقلبه ،
 وأن يجتهد في صلاح  قلبه وطهارته حتى تصلح أعماله وأقواله؛ 
 كما في الحديث الآخر يقول -  صلى الله عليه وسلم -: (إن الله لا ينظر إلى  صوركم ولا إلى أموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم).
  وفي اللفظ الآخر يقول - صلى الله عليه وسلم -:  
 (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا  فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) 
 متفق على صحته. 
  فالقلب هو الأساس ، فمتى عمر بتقوى الله ومحبته وخشيته سبحانه والخوف منه  والنصح له ولعباده استقامت الجوارح على دين الله وعلى فعل ما أوجب الله  وعلى ترك ما حرم الله. وقوله: 
 (ولا يأكل  طعامك إلا تقي) 
 أي لا تدعو إلى طعامك إلا الأخيار لا  تدعوا الفساق والكفار ، قال العلماء هذا فيما يختار يختاره الإنسان ويتخذه  عادةً له.  
 أما الضيوف فلهم شأن آخر ، الضيوف لا مانع من أن يقدم لهم  الطعام ، وإن كانوا ليسوا أتقياء ، وإن كانوا فجاراً وإن كانوا كفاراً ،
  فالنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقدم عليه الضيوف من الكفرة وغير  الكفرة فيطعمهم ويكرمهم - عليه الصلاة والسلام - تعريفاً لهم على الإسلام ،  وقد قال عليه الصلاة والسلام:
 (من كان يؤمن  بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) . فإكرام الضيف مأمور به شرعاً  ولو كان غير مسلم ،
 وفي إكرامه دعوة إلى الإسلام ، 
 وتوجيه له إلى  الخير ليعرف محاسن الإسلام ومكارم الأخلاق ، أما أن تتخذ أصحاباً ليسو  مسلمين يأكلون طعامك ويصحبونك فلا ، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث  الآخر الصحيح: 
 (مثل الجليس الصالح والجليس  السوء كمثل حامل المسك ، ونافخ الكير ، فحامل المسك أما أن يحذيك - يعني  يعطيك - وإما أن تبتاع منه - يعني تشتري منه - وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ،  أما نافخ الكير فإما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة) .
 ويقول عليه الصلاة والسلام:   
 (المرء  على دين خليله - يعني صاحبه - فلينظر أحدكم من يخالل).
 فالمؤمن  ينظر في أصحابه وأخلائه ويختار الأخيار الطيبين أهل الصلاح ، أهل الاستقامة  ، أهل السمعة الحسنة حتى يعينوه على طاعة الله ،
 وحتى يستشيرهم فيما  يشكل عليه ، وحتى يتعاون معهم في الخير ، ولا يتخذ أهل الفسق والكفر  أصحاباً وأولياء ؛ لأنهم يضرونه ويجرونه إلى أباطيلهم 
 ، ولهذا قال -  صلى الله عليه وسلم -: 
 (لا تصاحب إلا  مؤمناً ، ولا يأكل طعامك إلا تقي) .
 يعني حسب الاستطاعة ، وفي  الاختيار ، أما إذا هجم الضيف فإن الإنسان يكرم الضيف بما يليق بمقامه ،  ويدعوه إذا كان فاجراً أو كافراً يدعوه إلى الخير ، ينصح له ، يدعوه إلى  طاعة الله والاستقامة على دينه إن كان فاسقاً ،
 يدعوه إلى الإسلام إن  كان كافراً ، وقد جاء وفد ثقيف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في  المدينة وهم كفار، فأكرمهم ودعاهم إلى الله - عز وجل - حتى أسلموا ، فالضيف  له شأن آخر. وكذلك قد يدعى الإنسان إلى وليمة فيجتمع بأناس لا خير فيهم  فلا يضره ذلك ، لكونه لم يقصد صحبتهم ، 
 وإنما جمعه معهم الطعام كما  يجمعه معهم السوق ، والمساجد، ونحو ذلك وهم فساق. فالحاصل أن الشيء الذي  ينهى عنه هو أن يتخذ الفاجر أو الكافر صاحباً وصديقاً يأكل طعامه ،
  ويزوره ويتزاور معه ونحو ذلك ، أما ما قد يعرض للإنسان من مجيء الضيف إليه  أو اتصاله بغير مسلم من دعوته إلى الله ، أو لشراء حاجة منه ،
 فقد  اشترى النبي - صلى الله عليه وسلم - من الكفرة، واشترى من اليهود حاجات -  عليه الصلاة والسلام -،
 وقد دعاه اليهود فأكل طعامهم ، وأحل الله لنا  طعامهم ،
 فهذه أمور ينبغي أن يعلمها المؤمن ، وأن تكون منه على بينة  حتى لا ينهى عما أذن الله فيه ، 
 وحتى لا يحرم ما أحل الله - سبحانه  وتعالى - ،
 والله المستعان.  
   المصدر:
  موقع الشيخ عبد العزيز بن بار _ رحمه الله _
http://www.binbaz.org.sa/mat/11396