"سنة سعيدة" كلمتان جميلتان نستعملهما مع بداية كل سنة جديدة التي لا تختلف عن سابقتها غير أنها تضيف لرصيد أعمارنا عاما آخر, فمازلنا نسدد فواتير الماء و الكهرباء و الإيجار و الأقساط الدراسية ...الخ و التي تستنزف جيوبنا الفقيرة عن آخرها, و مازلنا نشهد حروبا و نزاعات و ضحايا أبرياء تعرضهم علينا محطات التلفزيون يوميا مع كل وجبة فكانت مشاهد الأشلاء و الدماء إلى عهد قريب تسبب لنا الحسرة و الألم و تدفعنا إلى التسمر في أماكننا و إلى فقدان شهية الطعام فبات الأمر الآن مألوفا لتكراره و لاستمراره طويلا لتموت حماستنا المدافعة عن قضايانا العربية بعدما تأكدنا أن اصواتانا لا يمكنها أن تعبر الحدود!!..ربما تجمع الشعوب ارض و سماء واحدة لكن بينهم ألف جدار و جدار!!... مع كل سنة نزداد فقرا و تلوثا و بطالة و جرائم...لكن هناك بالطبع شيء مختلف يحد مع كل سنة جديدة; هناك الموضة و آخر الصرعات و الصيحات سواءا تعلق الأمر بالملابس أو بتصفيفات الشعر إذ أن السراويل لا تزداد سوى ضيقا و الأحزمة تنزل كل مرة بمقدار سنتمترين عن الخصر و لا ادري إلى أين ستصل-أخشى إلى الركبتين من باب الاختصار- و هدا الضيق الذي صنعناه ووضعنا أنفسنا فيه افقدنا الراحة في المشي و التنقل و كأننا نمشي على قشور البيض حتى لا يتمزق شبه السروال و ينكشف شبه المستور أما التقليعة الخاصة بالشعر فهي بالفعل تصرع العقول فهناك من كل فن طرب; أتكلم عن الشباب الذي أصبح يقضي ساعات طويلة في الفتل ووضع كميات لا يستهان بها من الجيل للوصول في النهاية إلى تسريحة الدجاجة أو القنفذ!!!...و كأننا نعشق أن نسحر من أنفسنا, و لما لا؟ و نحن اعتدنا أن نقلد و أن نفعل ما يراه الناس و ليس عن قناعة منا بأنه الصواب فنحن ندرس وننجح حتى لا يقال لنا فاشلون و نتزوج حتى لا يقال لنا عوانس و نلد حتى لا يقال لنا عاقرون و نأكل بقوانين حتى لا يقال لنا نهمون...و القائمة طويلة!.
عجيب أمرنا فلو استطعنا إلغاء هدا الحساب الذي نقيمه للناس و فعلنا ما تمليه علينا قناعاتنا لاستطعنا أن نصنع لأنفسنا مجدا نفخر به و ما كنا سنضن أن الحياة قصيرة لأننا سنستمتع بتفاصيلها التي وضعنا نحن خطوطها العريضة.
بالمناسبة يقال لنا" سنة سعيدة" لكني اضن أن" سعيدة" غابت عن سنواتنا مند زمن بعيد أضنها خرجت و لم تعد فأرجو إن رآها أحدكم أن يبلغها سلامي و يخبرها أننا اشتقنا لها و ليسألها أن تعود مجددا لحياتنا الذابلة!!...
سنة سعيدة؟؟؟...
: ** إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها **أخرجه الإمام مسلم 
