_ الشرح :
( ودين الحق ) هو العمل الصالح
ـ والدين يطلق ويراد به الجزاء ـ
كقوله تعالى : (مالِكِ يَوْمِ الدّينِ)
ويطلق ويراد به الخضوع والانقياد
ـ وإضافة الدين إلى الحق من إضافة الموصوف إلى صفته ـ أي الدين الحق ـ
والحق مصدر : حق يحق بمعنى ثبت ووجب
ـ وضده الباطل ـ
( ليظهره على الدين كله ) أي ليُعْلِيَه على جميع الأديان بالحجة والبيان والجهاد حتى يظهر على مخالفيه من أهل الأرض من عرب وعجم ملْيِّين ومشركين .
وقد وقع ذلك فإن المسلمين جاهدوا في الله حق جهاده حتى اتسعت رقعة البلاد الإسلامية وانتشر هذا الدين في المشارق والمغارب .
( وكفى بالله شهيدا ) أي شاهدا أنه رسوله ومُطلّع على جميع أفعاله وناصره على أعدائه
وفي ذلك دلالة قاطعة على صدق هذا الرسول ـ إذ لو كان مفتريا لعاجله الله بالعقوبة
كما قال تعالى : ( ولَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الأقاويلِ لأخَذْنا مِنْهُ بِاليَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الوتِينَ) سورة الحاقّة 44 - 46
( وأشهد أن لا اله إلا الله ) أي أقر وأعترف أن لا معبود بحق إلا الله
( وحده لا شريك له ) في هاتين الكلمتين تأكيد لما تضمنته شهادة أن لا إله إلا الله من النفي والإثبات
ـ نفي الإلهية عما سوى الله وإثباتها لله فقوله
( وحده ) تأكيد للإثبات وقوله ( لا شريك له ) تأكيد للنفي .
وقوله : ( إقرارا به وتوحيدا ) مصدران مؤكدان لمعنى الجملة السابقة :
( وأشهد أن لا إله إلا الله )
الخ أي إقرارا باللسان وتوحيداً أي إخلاصا في كل عبادة قولية أو فعلية أو اعتقاديه .
وقوله : ( وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) أي أقر بلساني واعتقد بقلبي أن الله أرسل عبده محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة
لأن الشهادة لهذا الرسول بالرسالة مقرونة بالشهادة لله بالتوحيد لا تكفي إحداهما عن الأخرى .
وفي قوله ( عبده ورسوله ) رد على أهل الإفراط والتفريط في حق الرسول صلى الله عليه وسلم
ـ فأهل الإفراط غلوا في حقه ورفعوه فوق منزلة العبودية .
وأهل التفريط قد نبذوا ما جاء به وراء ظهورهم كأنه غير رسول
فشهادة أنه عبدالله تنفي الغلو فيه ورفعه فوق منزلته .
وشهادة أنه رسول الله تقتضي الإيمان به وطاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر .
واجتناب ما نهى عنه .
وإتباعه فيما شرع .
وقوله : (صلى الله عليه )
الصلاة لغة : الدعاء
ـ وأصح ما قيل في معنى الصلاة من الله على الرسول : ما ذكره البخاري في صحيحه عن أبي العالية قال : صلاة الله على رسوله ثناؤه عليه في الملأ الأعلى .
( وعلى آله ) آل الشخص من ينتمون إليه بصلة وثيقة من قرابة ونحوها .
وأحسن ما قيل في المراد بآل الرسول صلى الله عليه وسلم هنا أنهم أتباعه على دينه .
( وأصحابه ) جمع صاحب .
من عطف الخاص على العام .
والصحابي هو من لقى النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على ذلك .
( وسلم مزيدا ) السلام بمعنى التحية أو السلامة من النقائص والرذائل
وقوله : ( مزيدا ) اسم مفعول من الزيادة
وهى النمو .
وجمع بين الصلاة والسلام امتثالا
لقوله تعالى : ( يا أَيُّها الّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) سورة الأحزاب 56
( يتبع ) ...............