.......
تذهب الى دوامك باكرا بكل نشاط ،
تعمل على مدى الساعات بلا كلل كالنحلة او النملة النشيطة ،
تعود مساءا بعد انتهاء ساعات يومك مثقلا بالتفكير بما لم تستطع انجازه من اعمال اليوم.
تفتح باب بيتك لتثقل نفسك بالتفكير في امور واهداف اخرى على محور آخر لم تستطع انجازها بعد،
تنظر الى المدى القريب / البعيد ( كل المسافات سواء ) !
لتكتشف ان ما من بصيص ضوء ينذرك بأنك ( قد ) تنجز شيئا !
تحمل احباطاتك التي تملأ دماغك ،
لتذهب بها الى العمل في اليوم التالي،
وتحاول انجاز ما لم يتم أمس....
وتستقبل مجموعة جديدة من امور عالقة لن يتم اليوم انجازها لظروف خارجة عن طاقتك
لتضعها وديعة في ذهنك المنهك الى اليوم التالي، وتمضي بعد انتهاء دوامك الى اللاشيء ....
هكذا وفي غمرة هذه الدوامات،
تكتشف أنك بحاجة الى ( آكشن ) ليوقف هذه الدوائر التي تدور فيها بلا رحمة.
قدّمت استقالتي من العمل ،
شعرت بالراحة والخفة ، لأنني سأتخلص من كثير من دوامات الامور التي تعلق بذهني يوميا ،
شعور جميل...
شعور مريح....
هو شعور الفراق.
سأتوقف عن الدوران في احدى الحلقات التي لا تنتهي ،
سيصبح هناك حدث مهم أنشغل به ، وهو البحث عن دائرة جديدة للمضي فيها
وربما شكل هندسي آخر،
ممتع هو التفكير باختيار شكل من الاشكال الهندسية الذي تفضل ان تسير فيه !
بدأت الابحار في رحلة البحث عن عمل ،
فرحت بالفكرة الجديدة التي استوقفت طاحونة الأفكار في ذهني، والتي تدور منذ فترة طويلة .
ترى ..أين سيستقر بي المطاف !
وكل الأشكال الهندسية التي تعرض أمامي، متشابهة..... تقريبا
راودني الحزن ..
الناس متشابهون،
والدوامات هي نفسها....
فقط سأعلّق في ذهني يافطات جديدة لليوم التالي تختلف عن سابقتها ....
ربما لم يكن هذا هو ( الآكشن ) المطلوب للخروج من نفسي !
فكّرت مليّا ..
ما فائدة تغيير الشكل الهندسي ؟ ما دمنا ندور على نفس محيط ( الخط المستقيم ) !
لا فرق إذن...سألقي بنفسي في محتوى هندسي آخر ..أيّ كان ..فكل شيءفي النهاية متشابه
سأبدأ ثانية في رسم دوامة الأحداث،
والتي أعرف مسبقا أنها ستتكرر ثانية وثالثة
الى أن يصيبني الدوار والملل ...
سيعاودني الصداع وانا أدرس مجددا نفسية زملاء وزميلات العمل
فأقفز الى مكان آخر ، وابدأ ثانية برسم الخط المستقيم الذي لا ينتهي !
في خضم هذه الأفكار
سحبت الاستقالة !
وراودني إحساس غريب
كأنني أنبش قبرا انتهيت من ردمه
او كأنني...... أكتب تعهدا لرؤية نفس الوجوه التي سئمت منها،
وأسطر شهادة ولاء، لمتابعة الأمور الحلزونية التي ستعلق في ذهني يوميا .
ثم...
كما ألمّع حذائي القديم، وأتباهى بقدرتي على إعادة رونق الحياة له،
حملت اليافطات القديمة - التي كانت تؤنبني لاستغنائي عنها ..
استقبلتها بشوق.. وكأنها تذكرني بماض فخر مجيد !
واستقبلتني بامتنان كبير ..كأنني غبت عنها دهرا !
وتبادلنا الرثاء ....دون لوم أو عتاب
شعرت بسعادة غريبة ... أريد أن أعيد فخر أيام مشتركة جميلة بيني وبينها
فلمّعت كلماتها بورنيش جديد
وعلقتها في ذهني بكل حب وحرص
عدت ثانية الى العمل
وشعرت أنني أرى الوجوه بإطار جديد
خالية من غبرة السأم وخطوط الملل
الآن عرفت
هذا هو ( الآكشن ) الذي كنت أحتاج إليه !!!
أن أحب ما أنا فيه
وانتظر كل يوم جديد
بحب جديد
استقالتك مرفوضة
