موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

تم غلق التسجيل والمشاركة في منتدى الرقية الشرعية وذلك لاعمال الصيانة والمنتدى حاليا للتصفح فقط

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > ساحة الأسئلة المتعلقة بالرقية الشرعية وطرق العلاج ( للمطالعة فقط ) > اسئلة عالم الجن والصرع الشيطاني وطرق العلاج

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 06-09-2004, 01:52 PM   #1
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

Question أسئلة عامة وهامة تتعلق بعالم الجن والشياطين ؟؟؟

س/ ماهي علامات خروج الجان ؟
س/ ماهي علامات ضعف الجن بعد الرقية عليه ؟
س/ كيف يمكن فك السحربعد وجوده
س/ من يدلني على طريقة تهلك الجن؟
س/ماهي أفضل طرق لاستخدالمعالج (الراقي ) ام الشب والسدر والزيت في مجال الرقية؟
س/ كيف يحصن المعالج (الراقي ) نفسه دون بث الوسواس ؟
س/ هل يتعرض أهل المعالج (الراقي ) لمضايقات من الجن ؟
س/ كيف يحصن المعالج (الراقي ) أهله ؟
س/ هل طريقة اللين تـنفع مع الجن بحيث يكتفي بقراءة 3أو4 آيات دون تكرار؟
س/ ما رأيكم بمن يرى استعمال اللين مع الجن عند الرقية ؟
س/ توجد حالات تأخذ شهور عاما ً بأن أصحابها لديهم بعض المعاصي فهل

ناشر خير

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 06-09-2004, 02:36 PM   #2
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،

بخصوص أسئلتك أخي المكرم ( ناشر الخير ) ، حول بعض المسائل المتعلقة بعالم الجن والشياطين ، فإليك الإجابة :

السؤال الأول : ما هي علامات خروج الجان ؟؟؟

الجواب : هناك بعض العلامات لخروج الجني الصارع منها : ارتعاش اليد أو القدم ارتعاشاً قوياً ، ومن ثم السكون مع الإغماء ، ومع رش الماء على المصروع يعود لطبيعته ، واختفاء كاتفة الأعراض أثناء المرض ، وعند تكرار الرقية تسير الأمور طبيعية دون حدوث أية أعراض سابقة ، مع توخي الدقة والتريت في الحمن على شفاء الحالة المرضية ، والله تعالى أعلم 0

السؤال الثاني : ماهي علامات ضعف الجن بعد الرقية عليه ؟؟؟

الجواب : العلامات قد تتعلق بالمعالج أو بالحالة المرضية ، أما بالنسبة للمعالج فيشعر بضعف الجني الصارع من خلال الأنين والبكاء ، وضعف قوته من خلال التعامل معه عن ذي قبل ، وتوسله في بعض الأحيان ، ، أما بالنسبة للحالة المرضية فأهم ذلك الشعور المرضية بقلة إيذاء الجني الصارع عن ذي قبل ، كما يشعر المريض بضعف عام في بدنه ، وحب النوم والخمول والكسل ، والله تعالى أعلم 0

السؤال الثالث : كيف يمكن فك السحربعد وجوده ؟؟؟

الجواب : إن كان المعنى من السؤال هو طريقة العلاج ، فتجد ذلك بالكامل في موقعي الرئيسي ( ruqya.net ) – تحت عنوان ( الأمراض الروحية ) – السحر وطريقة علاجه 0

السؤال الرابع : من يدلني على طريقة تهلك الجن ؟؟؟

الجواب : لقد علمتني التجربة والخبرة أن الجن والشياطين فروقات فردية يختلف التعامل معها وعلاجها من حالة لحالة ، ولا يمكن أخي الحبيب ( ناشر الخير ) أن تجد طريقة نافعة وفعالة لكافة أنواع الجن ، وإلا لو حصل مثل ذلك لكفينا مؤونة حربهم ، فمنهم من تجده يتأثر بالحلتيت ، ومنهم من يتأثر بالشذاب ، ومنهم من يتأثر بالحرمل ومنهم من يتأثر بزيت الزيتون ، وهكذا دواليك ، ولذلك أنصحك أخي الحبيب بالعودة لكتابي الموسوم ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) فقد بينت فيه كثير من الطرق النافعة والفعالة في محاربة الجن والشياطين ، والله تعالى أعلم 0

السؤال الخامس : ما هي أفضل طرق لاستخدام المعالج ( الراقي ) الشب والسدر والزيت في مجال الرقية ؟؟؟

الجواب : أما بخصوص الشب فلا أنصح باستخدامه في العلاج والاستشفاء حيث أن له مضاعفات مستقبلية على صحة وسلامة المرضى ، وكثير ممن يستخدمه بناء على رؤيا الشيخ الومي ، وقد تكلمت عن تلك الطريقة في موضوع مستقل 0

أما السدر فأفضل طريقة ما ذكره الحافظ بن حجر في الفتح حيث قال : ( وذكر ابن بطال أن في كتب وهب بن منبه أن يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر ، فيدقه بين حجرين ، ثم يضربه بالماء ، ويقرأ آية الكرسي والقواقل ، ثم يحسو منه ثلاث حسيات ، ثم يغتسل به ، فإنه يذهب عنه كل ما به ، وهو جيد للرجل إذا حبس عن أهله ) (فتح الباري - 10 / 233 ، أنظر " مصنف عبدالرزاق – 11 / 13 – برقم 19763 ) 0

القواقل : ( السور التي تبدأ بـ ( قل ) وهي : الجن ، الكافرون ، والإخلاص ، الفلق ، والناس ) 0

* قال اللالكائي : ( حدثنا محمد بن عثمان قال : حدثنا سعيد بن محمد الحناط قال : حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال : سمعت سفيان يذكر عن سليمان بن أمية - شيخ من ثقيف من ولد عروة بن مسعود - دخل على عائشة سمع أمه وجدته :
سمع امرأة تسأل عائشة هل علي جناح أن أزم جملي ؟ قالت : لا 0 قالت : يا أم المؤمنين إنها تعني زوجها قالت : ردوها علي فقالت : ملحة ملحة في النار اغسلوا على أثرها بالماء والسدر ) ( شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة – 7 / 1288 – والأثر برقم ( 2278 ) ، وورد نحو ذلك الأثر عن الإمام البغوي في " شرح السنة " دون الاشارة الى " اغسلوا على أثرها بالماء والسدر – 12 / 189 – 190 ) 0

وما ذكره سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله تعالى - أن علاج السحر بعد وقوعه وهو علاج نافع - بإذن الله - للرجل إذا حبس عن جماع أهله أن يأخذ سبع ورقات من السدر الأخضر فيدقها بحجر أو نحوه ويجعلها في إناء ويصب عليه من الماء ما يكفيه للغسل ويقرأ فيها آية الكرسي و ( قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) و ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) وآيات السحر في سورة الأعراف وهي قوله تعالى : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِىَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ ) والآيات في سورة يونس وهي قوله سبحانه : ( وَقالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِى بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ) والآيات في سورة طه : ( قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِىَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِى نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى * قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأعْلَى*وَأَلْقِ مَا فِى يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ) وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب منه ثلاث مرات ويغتسل بالباقي وبذلك يزول الداء إن شاء الله وإن دعت الحاجة لاستعماله مرتين أو أكثر فلا بأس حتى يزول الداء ) ( مجموع فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - 3 / 279 - 280 ) 0

أما استخدام ( زيت الزيتون ) فيكون قبل النوم ، حيث يدهن المريض كافة أنحاء الجسم ، ويفضل في العادة استخدام ( زيت الزيتون الفلسطيني ) ، وفي حالات السحر الموجود داخل الجسد ينصح بعد استخدام الزيت الادهان بملك خشن صخري مطحون على كافة أنحاء الجسم ، وفي ذلك المساعدة على استخراج المادة السحرية من الجسد ، والله تعالى أعلم 0

السؤال السادس : هل يتعرض أهل المعالج ( الراقي ) لمضايقات من الجن ؟؟؟

الجواب : نعم قد يحصل ذلك ، بل قد يتعدى ذلك إلى الإيذاء البدني والنفسي ، ومن هنا كان حرياً بالمعتالج أن يحصن نفسه وأهل بيته من إيذاء الجن والشياطين ، والله تعالى أعلم 0

السؤال السابع : كيف يحصن المعالج ( الراقي ) أهله ؟؟؟

الجواب : أولاً وقبل كل شيء يربيهم التربية الإسلامية المطلوبة ، فيتخلقوا بأخلاق القرآن والسنة ، ويعلمهم قراءة القرآن وحفظه ، والمحافظة على الذكر والدعاء ، والمحافظة على الطاعات والبعد عن المعاصي ، ويجعل تعلقه وتوكلهم على الله سبحانه وتعالى وحده ، ومن لم يستطع يعوذه قبل النوم فيقرأ في كفيه بالفاتحة والكرسي وآمن الرسول والإخلاص والمعوذتين وينفث في يديه ويمسح الرأس وما يلي الجسد ، والله تعالى أعلم 0

السؤال الثامن : هل طريقة اللين تنفع مع الجن بحيث يكتفي بقراءة 3 أو 4 آيات دون تكرار ؟؟؟

الجواب : هذا يعتمد على الجني الصارع ، وبالعموم فلا بد من استخدام الأسلوب الدعوي مع الجن والشياطين ، وقد ثبت لي نفع هذه الطريقة ، ويمكنك العودة إلى هذا الموضوع :




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء
   الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،

نعود إلى الموضوع الأساس وهو محور النقاش ، وكان يدور حول مسألتين أساسيتين : الأولى الاستعانة بالجن ، والثانية : الحوار مع الجن والشياطين ، ولقد بحثت تلك المسائل بحثاً تفصيلياً شرعياً موثقاً في كتابي ( نحو موسوعة شرعية في علم الرقى – تأصيل وتقعيد في ضوء الكتاب والسنة والأثر ) ، وأقدمه لكافة القراء الأعزاء مع بعض الاختصار راجياً أن ينتفع به الجميع 0

المسألة الأولى : الاستعانة بالجن :
كانت النظرة - لبعض الطوائف المنحرفة - للجن قائمة على تصورات فاسدة ، فمن قائل : إن الجن شركاء لله في الخلق والتدبير 0 ومن قائل : إن إبليس مع جنده يمثلون الشر في جهة ، ويحاربون الله وملائكته في جهة أخرى 0
وكان الاعتقاد السائد أن الجن يعلمون الغيب ، وذلك بما كانوا يلقونه إلى الكهان عندما كانوا يسترقون أخبار السماء ، فيزيد الكهان على الكلمة من الحق مائة كذبة كما ورد في الحديث ، فيصدق الناس ذلك 0
وكانوا يتصورون أن للجن سلطانا في الأرض ، إلى غير ذلك من هذه التصورات المنحرفة الجائرة 0
هذه التصورات المختلفة عن الجن كان لها تأثير على تفكير وسلوك هؤلاء الناس وأعمالهم وإرادتهم كما أخبرنا القرآن الكريم عن ذلك بقوله تعالى : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) ( سورة الجن – الآية 6 ) ، ومن خلال أقوال أهل العلم في تفسير هذه الآية ، يتضح أنه كان للجن تأثير على سلوك مشركي العرب ، حيث كان أحدهم يعوذ بالجن عند المخاوف والأفزاع ، وأثر ذلك على عقائدهم من حيث التوجه إلى عبادة الجن والذبح لهم ، محاولين استرضائهم بأي شكل من الأشكال ، ولا يخفى أن التوجه بالعبادة والتعظيم لغير الله من سائر الخلق فساد أي فساد في السلوك ! ناشئ عن فساد التصور والاعتقاد الذي أرسل الله رسله وأنزل كتبه لإنقاذ البشرية من مغبته ، بتصحيح تصوراتهم وتقويم سلوكهم ، بما بينوه من أن الله هو خالق الجن والإنس وسائر الموجودات ، وأنهم يستوون جميعا في عدم قدرتهم على تغيير سنة من سنن الله سبحانه وتعالى التي وضعها في هذا الكون ، وأنهم جميعا واقعون تحت سلطان الله وقهره ، وأن التوجه لغيره سبحانه بعبادة أو تعظيم شرك كبير ، يستحق فاعله الخلود في النار 0
ونتيجة لتلك العلاقة القائمة بين الإنس والجن منذ أمد بعيد ، كانت الاستعانة 0 والمتأمل للكلام السابق يرى أن العلاقة التي تقوم بين الطرفين بمجملها لا تأتي بخير ، وذلك لقيام هذه العلاقة بين عالم محسوس وآخر غيبي لا نعرف كنهه ولا طبيعته إلا ما أخبر به الحق جل وعلا في محكم كتابه أو قررته السنة المطهرة ، فالإسلام حدد السلوك والعلاقة والتصور الكامل بين هاذين العالمين 0
وقد تكلم الكثير من عامة الناس وخاصتهم عن موضوع الاستعانة ، فمنهم من أباحها ، ومنهم من توقف عنها ، ومنهم من لم يبحها وحذر منها وبين خطورتها 0 ولأهمية ذلك 000 كان لا بد من وقفة جادة نستعرض فيها التصور الكامل المبني على النصوص القرآنية والحديثية ومنهج السلف الصالح وأقوال أهل العلم قديما وحديثا ، دون تحكيم عقل أو منطق ، أو تحقيقا لأهواء أو نزوات أو شهوات ، وبحث هذه المسألة ضمن الأطر الشرعية ، ببصيرة وبينة ، لكي يتسنى الوقوف على الحقيقة والطريق السوي المستقيم 0
وأبدأ بعرض بعض الآيات التي ذكرت علاقة الإنس بالجن وحقيقة هذه العلاقة بالمفهوم الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ذكره الصحابة والتابعون والسلف وعلماء الأمة وأئمتها - رضوان الله عليهم - أجمعين :

* علاقة الإنس بالجن كما بينها الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه :
1)- يقول تعالى : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) ( سورة الجن – الآية 6 ) 0
أ - قال الطبري : ( قال حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، في قوله : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ ) ، قال : كانوا في الجاهلية إذا نزلوا بالوادي قالوا : نعوذ بسيد هذا الوادي ، فيقول الجنيون : تتعوذون بنا ولا نملك لأنفسنا ضرا ولا نفعا ! ) ( جامع البيان في تأويل القرآن – 12 / 263 ) 0
ب - وذكر مثل ذلك البغوي في كتابه ( معالم التنزيل ) 0
ج - وذكر مثل ذلك ابن كثير في كتابه ( تفسير القرآن العظيم ) 0
هـ- وذكر مثل ذلك الشوكاني في كتابه ( فتح القدير ) 0
2)- يقول تعالى : ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِى أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ) ( سورة الأنعام – الآية 128 ) 0
أ - قال الطبري : ( ما قاله الإمام البغوي وزاد عليه : ( وأما استمتاع الجن بالإنس ، فإنه كان فيما ذكر ، ما ينال الجن من الإنس من تعظيمهم إياهم في استعاذتهم بهم ، فيقولون : ( قد سدنا الجن والجن ) ( تفسير الطبري - جامع البيان في تأويل القرآن - 5 / 343 ) 0
ب - قال الشوكاني : ( أما استمتاع الجن بالإنس فهو ما تقدم من تلذذهم باتباعهم لهم ، وأما استمتاع الإنس بالجن فحيث قبلوا منهم تحسين المعاصي فوقعوا فيها وتلذذوا بها ، فذلك هو استمتاعهم بالجن ) ( فتح القدير – 2 / 234 ) 0

* أقوال العلماء في الاستعانة :
* قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( أ - فمن كان من الإنس يأمر الجن بما أمر الله به ورسوله من عبادة الله وحده وطاعة نبيه ، ويأمر الإنس بذلك ، فهذا من أفضل أولياء الله تعالى ، وهو في ذلك من خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم ونوابه 0
ب- ومن كان يستعمل الجن في أمور مباحة له ، فهو كمن استعمل الإنس في أمور مباحة له ، وهذا كأن يأمرهم بما يجب عليهم وينهاهم عما حرم عليهم ويستعملهم في مباحات له ، فيكون بمنزلة الملوك الذين يفعلون مثل ذلك ، وهذا إذا قدر أنه من أولياء الله ، فغايته أن يكون في عموم أولياء الله مثل النبي الملك مع العبد الرسول : كسليمان ويوسف مع إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين 0
ج - ومن كان يستعمل الجن فيما ينهى الله عنه ورسوله إما في الشرك ، وإما في قتل معصوم الدم أو في العدوان عليهم بغير القتل كتمريضه وإنسائه العلم وغير ذلك من الظلم ، وإما في فاحشة كجلب من يطلب الفاحشة ، فهذا قد استعان بهم على الإثم والعدوان ، ثم إن استعان بهم على الكفر فهو كافر ، وإن استعان بهم على المعاصي فهو عاص : إما فاسق وإما مذنب غير فاسق 0
د - وإن لم يكن تام العلم بالشريعة فاستعان بهم فيما يظن أنه من الكرامات مثل أن يستعين بهم على الحج ، أو أن يطيروا به عند السماع البدعي ، أو أن يحملوه إلى عرفات ، ولا يحج الحج الشرعي الذي أمره الله به ورسوله ، وأن يحملوه من مدينة إلى مدينة ، ونحو ذلك فهذا مغرور قد مكروا به ) ( مجوع الفتاوى – 11 / 307 ) 0

2)- قال محمد بن مفلح : ( قال أحمد – رحمه الله – في رواية البرزاطي في الرجل يزعم أنه يعالج المجنون من الصرع بالرقى والعزائم ، ويزعم أنه يخاطب الجن ويكلمهم ، ومنهم من يخدمه ؟ قال : ما أحب لأحد أن يفعله ، تركه أحب الي ) ( الآداب الشرعية – 218 ، 219 ) 0

3)- سئل الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - عن الاستعانة بالجن وقولهم : خذوه ، انفروا به الخ ، فقال في مجموع فتاويه : وهذه كلمات لا تجوز من ثلاثة أوجه مأخوذة من ظاهر هذه الألفاظ :-
( إحداها ) محبة ضرر هذا المسلم المطلوب أخذه وشرب دمه 0
( الثاني ) إنه طلب من الجن فيدخل في سؤال الغائبين الذي يشبه سؤال الأموات ، وفيه رائحة من روائح الشرك 0
( الثالث ) تخويف الحاضر المقول في حقه ذلك ، ولولا تغلب جانب التخويف مضافا إلى أنه قد لا يحب إصابة هذا الحاضر معه لألحق بالشركيات الحقيقية ) ( فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم - 1 / 114 ، 115 - ( 51 ، 52 ) 0

4)- سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز عن حكم استخدام الجن من المسلمين في العلاج إذا لزم الأمر ؟
فأجاب – رحمه الله – : ( لا ينبغي للمريض استخدام الجن في العلاج ولا يسألهم ، بل يسأل الأطباء المعروفين ، وأما اللجوء إلى الجن فلا 00 لأنه وسيلة إلى عبادتهم وتصديقهم ، لأن في الجن من هو كافر ومن هو مسلم ومن هو مبتدع ، ولا تعرف أحوالهم فلا ينبغي الاعتمـاد عليهم ولا يسألون ، ولو تمثلوا لك ، بل عليك أن تسأل أهل العلم والطب من
الإنس وقد ذم الله المشركين بقوله تعالى : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) ( سورة الجن – الآية 6 ) ، ولأنه وسيلة للاعتقاد فيهم والشرك ، وهو وسيلة لطلب النفع منهم والاستعانة بهم ، وذلك كله من الشرك ) ( مجلة الدعوة - العدد 1602 ربيع الأول 1418 هـ – ص 34 ) 0

5)- وقد تم الاتصال بالعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - هاتفيا وقد سألته السؤال التالي : ما هو حكم الاستعانة بالجن ؟

- فأجاب بكلام مطول ولكني أختصره بالآتي : ( يرى – رحمه الله- عدم جواز ذلك ، وقد بين أن هذا من الأمور المغيبة عن الإنسان ولا نستطيع أن نحكم على هؤلاء بالإسلام أو الكفر ، فإن كانوا مسلمين لا نستطيع أن نحكم عليهم بالصلاح أو النفاق ، وقد استشهد - حفظه الله - بالآية الكريمة من سورة الجن : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) ( سورة الجن – الآية 6 ) ، وتم تأكيد ذلك بالاتصال بسماحته وأخذ رأيه والاستئذان في نشر ذلك في هذا الكتاب المتواضع فأقر- رحمه الله – بذلك ) 0

وعلماء المملكة العربية السعودية على عدم جواز الاستعانة بالجن ، وقد نقلت جملة من فتاواهم كالعلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين ، والعلامة الشيخ صالح الفوزان ، والشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ 0

ولكي نتوصل لخلاصة هذا البحث ، فلا بد أن أعرج على أمرين هامين :

* الأول : المعنى العام لكلمة الاستعاذة أو التعوذ ، التي دار حولها معظم كلام المفسرين السابق :

* قال ابن القيم في " تفسير المعوذتين " : ( معنى " أعوذ " ألتجئ وأعتصم وأتحرز وفي أصله قولان : أحدهما : أنه مأخوذ من الستر ، والثاني : أنه مأخوذ من لزوم المجاورة ) ( تفسير المعوذتين لإبن القيم – ص 16 ) 0

* قال محمد بن مفلح : ( الاستعاذة : استدعاء عصمة الله سبحانه من الشيطان ) ( مصائب الإنسان – ص 7 ) 0

* الثاني : كيفية أو طرق الاتصال بالجن والشياطين : يقول السحرة : أن هناك ( مقامات ) للاتصال بالجن والشياطين وتسخيرهم ، وهذه المقامات لا تتعدى أمور ثلاثة :

* أولها : الاستخدام : وهو أعلى المراتب ، ويشترط فيه الصيام ، واجتناب أكل لحم الحيوان ، والخلوة ، وتلاوة الأسماء المخصوصة كالجلجلونية ، مع ما يصاحبها من أبخرة ، ويأخذ المعزم العهد عليهم بملازمة الطاعة والخدمة 0

* ثانيها : الاستنزال : ويلي الأول في الرتبة ، ويعمل لاكتشاف الحوادث ، من سرقة أو
ضائع أو نحوه ، ويدعون كذبا استنزال أرواح الملائكة ، ومن اعتقد ذلك كفر ، لأنه لا مجال للتأثير على الملائكة فهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون 0

* ثالثها : الاستحضار : ويقولون : أن الاستحضار يكون بواسطة تلبس الجان جسد المحضر أو أحد أقاربه ، فيحصل له حالة تشبه النوم ، وهو ما يعرف بالمندل ، ومن الوسائل المتبعة في هذه الطريقة أخذ الأثر من طاقية أو عمامة ونحوه 0

والذي أعنيه تحت هذا العنوان هو النوع الثالث ، وهو الاستعانة المجردة عن الكفر والشرك ، بسبب أن النوع الأول والثاني يندرج تحت الأعمال السحرية وهذه الأعمال بطبيعتها كفرية بحتة ، حيث يحتوي النوع الأول على عبادة الشيطان بما يحبه من صيام واجتناب أكل لحم الحيوان والخلوة وتلاوة أسماء كفرية ونحوه ، وأما النوع الثاني فيدعي استنزال الملائكة وهذا اعتقاد كفري كما أشرت آنفا 0

* خلاصة بحث موضوع الاستعانة بالجن : بعد هذا الاستعراض لمفهوم الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم وائمتهم ، فإني أضع هذه العجالة متضمنة بعض الأحكام والمأثورات العلمية التي عزوت بعض منها لأهل الفضل من العلماء قديماً وحديثاً ، آملاً أن يستفيد منها المسلمون لا سيما في وقت انتشرت فيه الأباطيل والخرافات واحترف كثير ممن لا خلاق لهم الشعوذة والدجل ، وزعموا أنهم على صلة بالجن وألبسوا الجن لباساً ليسوا له أهلاً فادعوا أنهم يعلمون الغيب وأنهم يعالجون المرضى من بني البشر وأنهم قادرون على سعادة الإنسان وشقاوته 0

ومما توصلت إليه الأمور الهامة التالية :-

1) - لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن خلفائه الراشدين وأصحابه والتابعين وسلف الأمة - رضوان الله عليهم أجمعين - فعلهم ذلك ، أو استعانتهم بالجن ، واللجوء إليهم ، والتعلق بهم ، وقد رسخ رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفوس المسلمين ، عقائد سامية ، ومبادئ أخلاقية ، تأصيلا للعقيدة الصحيحة التي توجه السلوك والتصرف ، وذلك بالاعتماد والتوكل على الله سبحانه وتعالى وحده 0

2) - السمة العامة لأقوال الجن والشياطين الكذب والافتراء ، وقد ثبت من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه – والحديث معروف والشاهد منه : ( 000 أما إنه قد صدقك وهو كذوب ، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة ؟ " قلت : لا0 قال : " ذاك شيطان " ) ( حديث صحيح – أخرجه الخاري في صحيحه – كتاب الوكالة ، والترمذي في سننه – كتاب فضائل القرآن ) 0

قال المباركفوري : ( " صدقت وهي كذوب " هو من التتميم البليغ ، لأنه لما أوهم مدحها بوصفه الصدق في قوله صدقت استدرك نفي الصدق عنها بصيغة مبالغة ، والمعنى : صدقت في هذا القول مع أنها عادتها الكذب المستمر ، وهو كقولهم : قد يصدق الكذوب ) ( تحفة الأحوذي – 8 / 150 ) 0

3)- جهل عامة الناس في العصر الحاضر ، والبعد عن منهج الكتاب والسنة ، وقلة طلب العلم الشرعي ، كل ذلك جعل الكثيرين منهم لا يفرقون بين السحرة وغيرهم ممن يدعـون الاستعانة بالجن الصالح - بزعمهم - وبذلك تختلط الأمور وتختل العقائد التي تعتبر أغلى ما يملكه المسلم ، ولأن في صحة العقيدة وسلامتها ضمان للفوز والنجاة في الدارين 0

4)- يترتب على الاستعانة فتنة للعامة ، نتيجة التعلق والارتباط الوثيق بالأشخاص من الإنس والجن ، دون الارتباط والاعتماد والتوكل على الخالق سبحانه وتعالى 0

5)- الجن مكلفون وغير معصومين من الأهواء والزلل ، وقد يخطئون ، وينقاد المستعين بهم وراء ذلك الخطأ ، وقد يقع في الكفر أو الشرك أو محظور شرعي بحسب حال مخالفته الشرعية 0

6)- إن اللجوء إلى الجن والاستعانة بهم تجعل المستعين ضعيفا في نظرهم وفي نظر غيرهم من الجن والإنس ، وأما الاستعانة بالله سبحانه وتعالى فتجعل الإنسان قويا واثقا لاستعانته بخالق الكون ، المتصرف الذي له ملك السماوات والأرض وهو على كل شيء قدير 0

7)- الاستعانة غالبا ما تكون نتيجة تلبس الجني لبدن المعالج أو أحد أفراد أسرته ، وهـذا مشاهد محسوس ملموس ، تقره الخبرة والتجربة العملية ، وفي ذلك مخالفة شرعية صريحة لنص الآية الكريمة : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَالا يَقُومُونَ إلا كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ 000 ) ( سورة البقرة – جزء من الآية 275 ) ، ووجود الجني داخل جسد الإنسان بهذه الكيفية وعلى هذا النحو غير جائز وغير مسوغ من الناحية الشرعية ، وليس من عقيدة المسلم أن الغاية تبرر الوسيلة ، إنما الوسيلة كما بينها الشرع الحنيف هي اتخاذ الأسباب الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة والأثر ، وكذلك الأسباب الحسية المباحة لعلاج تلك الأمراض الروحية 0

8)- إن الحكم على الأشخاص بالصلاح والاستقامة أساسه ومنبعه الالتزام بمنهج الكتاب والسنة ، كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أنس – رضي الله عنه – قال : ( مر على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة ، فأثني عليها خيرا ، ( وتتابعت الألسن بالخير ) ، ( فقالوا : كان – ما علمنا يحب الله ورسوله ) ، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : وجبت وجبت وجبت ، ومر بجنازة فأثني عليها شرا ، ( وتتابعت الألسن لها بالشر ) ، ( فقالوا : بئس المرء كان في دين الله ) ، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : وجبت وجبت وجبت ، فقال عمر : فدى لك أبي وأمي ، مر بجنازة فأثني عليها خيرا ، فقلت : وجبت وجبت وجبت ، ومر بجنازة فأثني عليها شرا ، فقلت : وجبت وجبت وجبت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة ، ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار ، ( الملائكة شهداء الله في السماء ) ، وأنتم شهداء الله في الأرض ، أنتم شهداء الله في الأرض ، أنتم شهداء الله في الأرض ) ( متفق عليه ) 0

والشهادة للإنسان بالصلاح والاستقامة تكون بناء على المعرفة المسبقة به من حيث التزامه وخلقه ومنهجه وورعه وتقاه وسمته الحسن ، ومع ادراك كافة تلك المظاهر الا أن التزكية الشرعية تبقى أمرا صعبا بسبب تعلق كل ذلك بمعرفة الله سبحانه وتعالى لعبده واضطلاعه على ما يحمله في قلبه وسريرته ، وقد ثبت ذلك من حديث أسامة - رضي الله عنه - قال : قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا شققت عن قلبه حتى تعلم من أجل ذلك قالها أم لا ؟ من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة ) ( متفق عليه ) 0

قال النووي : ( وقوله صلى الله عليه وسلم " أفلا شققت عن قلبه " فيه دليل للقاعدة المعروفة في الفقه والأصول أن الأحكام يعمل فيها بالظواهر ، والله يتولى السرائر ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 1 ، 2 ، 3 / 281 ) 0

9)- استدراج الشيطان للمستعين بكافة الطرق والوسائل والسبل للايقاع به في الكفر أو الشرك أو المحرم ، وقد سمعنا من القصص قديما وحديثا ما يؤيد ذلك ويؤكده ، فكم من رجال عرفوا بالاستقامة والصلاح ، وتم استدراجهم ، وماتوا على الكفر أو المعصية والعياذ بالله !

قلت : واستدراجات الشيطان في هذا المجال كثيرة ومتشعبة ، ومن ذلك استخدام الأمور المباحة في العلاج للإيقاع في المحظور ومن ثم الكفر بالله عز وجل وهدم العقيدة والدين ، أو ادخال أمور مبتدعة في الرقية الشرعية كما يفعل كثير من الجهلة اليوم ، أو الخلوة المحرمة بالنساء بقصد طيب دون معرفة الحكم الشرعي لذلك ، فينقلب الأمر ويحصل المحظور ، ناهيك عن أمور كثيرة قد يستدرج بها الشيطان بعض المعالجين لا داعي لذكرها إنما أريد التنبيه على هذا الأمر وخطورته ومزالقه 0

10)- تؤدي الاستعانة إلى حصول خلل في العقيدة ، فترى المستعين يلجأ إليهم ويتعلق بهم تعلقا يبعده عن الخالق سبحانه وتعالى 0

11)- قد يستخدمون لغير الأعمال الصالحة ، والمسلمون من الجن غالبا ليسوا على قدر كبير من العلم الشرعي ، والمعرفة بأحكام الحلال والحرام ، ونتيجة للألفة والمودة من جراء تلك العلاقة المطردة ، فقد يكلفون القيام ببعض الأعمال التي تتعارض مع أحكام الشريعة والدين في لحظات ضعف تمر بالإنسان ، والنفس أمارة بالسوء ، فيلجأ المستعين للانتقام لنفسه أو لغيره ويعينونه على ذلك 0

12)- تكون الاستعانة حجة لكثير من السحرة على ادعاء معالجتهم بالرقية الشرعية وقراءة القرآن ، لعلمهم أن الناس أدركت خطورتهم وكفرهم ، فيدعون الرقية والاستعانة بالصالحين من الجن ، فيطرق الناس أبوابهم ، ويطلبون العلاج على أيديهم ، وكثير من أولئك ينساقون وراءهم إما لضعف اعتقادهم ، أو خوفا منهم ومن إيذائهم وبطشهم ، والقصص والشواهد على ذلك كثيرة جدا ، والواقع الذي يعيشه الناس يؤكد ذلك أيضا 0

قصة واقعية : حدثت قصة منذ فترة من الزمن حيث أتت امرأة يبدو عليها سمات الصلاح والاستقامة ، وأخذت تبكي ، فهدأت من روعها وبدأت تشرح قصتها ، تقول : ذهب بي زوجي إلى إحدى المدن في المنطقة ، واعتقدت بذلك أنه طرق باب الرقية الشرعية لعلاجي من أعراض كانت تنتابني من فينة لأخرى ، وذهبنا سويا إلى منزل أحد أصدقائه ، وإذا برجل يدخل علينا ، فأوعز لي زوجي بأن الرجل يعالج بالرقية الشرعية 0 تقول : المرأة : عندما رأيت هذا الرجل لم ارتح له قط ، فأشار على زوجي بالخروج 0 فأنكرت ذلك لعلمي أن هذا الأمر مخالف لشرع الله ومنهجه ، ولا يجوز بأي حال ولأي ظرف أن يختلي رجل بامرأة لا تحل له ، وتذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان ) ( حديث صحيح – أخرجه الإمام أحمد في مسنده ، والترمذي في سننه – كتاب الرضاع ، وصححه الألباني – صحيح الترمذي 934 ) ، وكذلك تذكرت حديثا آخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين خطورة الخلوة المحرمة حيث يقول : ( رأيت شابا وشابه ، فلم آمن من الشيطان عليهما ) ( حديث صحيح – أخرجه الإمام أحمد في مسنده ، والترمذي في سننه – كتاب الحج ، وصححه الألباني – أنظر صحيح الجامع 3467 ) ، فخرج زوجي – مع معارضتي الشديدة لذلك الأمر - وكان يحاول أن يزرع ثقتي بالرجل باعتبار أنه شيخ ونحو ذلك ، ومع كل هذا لم اقتنع بهذا الفعل مطلقا ، وكنت أحدث نفسي بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي حدد فيه معالم الخلوة ، وهذا المعنى يؤخذ على إطلاقه ، ولا فرق بين العامي والعالم والمتعلم وغير المتعلم ، وينطبق هذا على كافة الرجال على السواء ! ولكني لم أكن أملك من أمري شيئا ، فأغلق الرجل الباب وبدأ بقراءة بعض الآيات من كتاب الله عز وجل ، وبعدها بدأ يتمتم بكلمات لم أفهمها ، وفجأة انقلبت عيناه إلى اللون الفضي ومن ثم لّلون الأسود ، عند ذلك أغمي علي ، وعندما بدأت أصحو وجدت أنه يضع يديه على مناطق في جسدي لا يحل له الشرع فعلها ، فدخل زوجي ، وقال له الرجل : سوف تكون بخير ، فأخذت أبكي وأبين لزوجي أن الرجل ساحر ومشعوذ وأشرح له حقيقة الأمر فلم يأبه لما أقول ، عند ذلك أوعز لزوجي مرة أخرى بالخروج ففعل ، وأنا أرجوه وأسأله أن لا يفعل ذلك ، وبعد خروجه صفعني صفعة قوية في صدري ، وقال سوف ترين من هو المشعوذ والساحر 0
وبعد رقية المرأة تبين حصول إيذاء لها من جراء ذلك الموقف من هذا الساحر اللعين ، وعلم ذلك عند الله ، والقصص كثيرة إنما يكتفي بتلك القصة للعبرة والعظة 0

13)- ابتعد كثير من الناس اليوم عن منهج الكتاب والسنة ، ولجوا في الفسق والمعصية والفجور ، وأصبح جل همهم الدنيا وزينتها ، فقل طلب العلم الشرعي ، وأصبح كثير منهم لا يفرق بين الحلال والحرام ، وجمعوا المال بحله وحرامه ، دون خوف أو وجل من الله تعالى ، وكذلك الحال بالنسبة للجن ، وكل ذلك يجعلهم يخطئون ولا يتوانون عن فعل أمور كثيرة مخالفة للكتاب والسنة ، إما لجهلهم بالأحكام الشرعية ، أو لعدم اكتراثهم لما يقومون به ويفعلونه ، وينقلب الأمر وتصبح الاستعانة وسيلة إلى الضلال أو الشرك أو الكفر بحسب حالها 00 والعياذ بالله 0

14)- يتمادى الأمر بالمستعين إلى طلب أثر وغيره ، وينزلق في هوة عميقة تؤدي إلى خلل في العقيدة ، وانحراف في المنهج والسلوك ، مما يترتب عن ذلك غضب الله وعقوبته 0
وطلب الأثر وغيره يكون وفق تعليمات من قبل الجن للمستعين ، وما يثير الدهشة والتساؤل حصول هذه الطلبات وبهذه الكيفية من قبل الجن ، مع إمكانية فعلهم ذلك دون المساعدة أو الحاجة إلى طلب تلك الآثار وغيرها ، وعالم الجن عالم غيبي لا يرى من قبل الإنس ، ولديهم الإمكانات والقدرات التي تفوق كثيرا قدرات وإمكانات الإنس ، مما
يوفر لهم إمكانية الاستقصاء والبحث دون الحاجة لتلك الأساليب والوسائل ، ونقف من خلال هذه النظرة على حقيقة ثابتة من جراء استخدام تلك الوسائل بهذه الكيفيات المزعومة ، أن الغاية والهدف من حصولها هو إيهام الناس وجعلهم يتمسكون بالأمور المادية المحسوسة الملموسة دون اللجوء لخالقها سبحانه وتعالى 0

15)- إن قول بعض علماء الأمة كشيخ الإسلام ( ابن تيمية ) - رحمه الله - بجواز الاستعانة ضمن كلام موزون يوجب وقفة وتذكراً بالعصر الذي عاشوا فيه حيث كان الإسلام قويا ، ويحكم فيه بشرع الله ومنهجه ، وكان الوعي والإدراك الديني آنذاك - عند العلماء والعامة - أعظم بكثير مما نعيشه اليوم ، والاعتقاد الجازم أن الاستعانة لا يمكن أن تفهم بمفهومها الدقيق في هذا العصر كما فهمت أيام شيخ الإسلام ابن تيمية ، ولا بد من وقفة تأمل مع كلامه - رحمه الله - فأقول :-

أ)- إن الكلام في المسألة عام ولم يتطرق - رحمه الله - إلى قضايا الاستعانة في التطبب والرقية والعلاج 0
ب)- ذكر في النقطة الرابعة كلاما يقول فيه :

( وإن لم يكن تام العلم بالشريعة فاستعان بهم فيما يظن أنه من الكرامات مثل أن يستعين بهم على الحج ، أو أن يطيروا به عند السماع البدعي ، أو أن يحملوه إلى عرفات ، ولا يحج الحج الشرعي الذي أمره الله به ورسوله ، وأن يحملوه من مدينة إلى مدينة ، ونحو ذلك فهذا مغرور قد مكروا به ) ( مجموع الفتاوى – 11 / 307 ) 0

والمتأمل في كلام شيخ الإسلام يلاحظ : أن توفر العلم الشرعي شرط أساسي للاستعانة ، فالعالم وطالب العلم أكثر حرصا ودقة من غيرهما في المسائل والأحكام الشرعية ، فكل منهما يقارن بين المصالح والمفاسد ، ويفرق بين الحلال والحرام ، وله اطلاع بأمور كثيرة تخفى على كثير من الناس ، وبإلقاء نظرة سريعة في يومنا هذا ، يلاحظ أن معظم من طرقوا هذا الباب واستعانوا بالجن جهلة بالعلم الشرعي لا يفقهونه ولا يدركون أصوله ، ولا يفرقون بين الركن والواجب ، ونجزم أن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - لو عاش بين أظهرنا لما أجاز الاستعانة بمضمونها الحالي ، لما يترتب عليها من مفاسد عظيمة قد تؤدي إلى خلل في العقيدة ، بل قد تدمرها من أساسها ، ومن ذلك ما نراه ونسمعه اليوم ، من بيع القلائد والخواتم للناس بأموال طائلة ، وادعاء أن معها جنا صالحا يعين ويحفظ ، أو طلب الأثر ونحوه ، وقس على ذلك الكثير مما يندى له الجبين وتقشعر له الأبدان 00 ومن التجربة والخبرة تبين كذبهم وزيف ادعائهم 0

ج)- إن العالم أو طالب العلم ، إذا كان ملما بالعلم الشرعي ، متفقها فيه ، عالما بأحكامه ، مدركا لأحواله ، سواء كان من الإنس أو الجن ، لا يمكن أن يزعزع ويدمر عقائـد الناس ، أو أن يتصرف وفق أهوائه وشهواته – فيدور في رحى الكتاب والسنة ، ولن ترى مثل ما يحصل اليوم من تجاوزات وانحرافات عند الذين يزعمون أنهم يستعينون بجن صالح فيخربون عقائد الناس ، ويحيدون بهم عن الفطرة السوية 0

16)- قد يتذرع البعض بجواز الاستعانة ، وذلك بالعودة لبعض الآثار الواردة في ذلك ، وأستعرض بعضها قبل أن أقف وقفة تأمل معها :

أ)- حدث أن عمر - رضي الله عنه – : ( أرسل جيشا فقدم شخص إلى المدينة فأخبر أنهم انتصروا على عدوهم ، وشاع الخبر ، فسأل عمر عن ذلك فذكر له 0 فقال : هذا أبو الهيثم بريد المسلمين من الجن وسيأتي بريد الإنس بعد ذلك فجاء بعد ذلك بعدة أيام ) ( مجموع الفتاوى – 19 / 63 ) 0

ب)- روي عن أبي موسى الأشعري : ( أنه أبطأ عليه خبر عمر - رضي الله - عنه وكانت هناك امرأة لها قرين من الجن ، فسأله عنه فأخبره أنه ترك عمر يسم إبل الصدقة ) ( مجموع الفتاوى – 19 / 63 ) 0

قلت وبالله التوفيق :

أ - إن السائل صحابي جليل ، لديه من العلم الشرعي ما يؤهله للسؤال ، ولن يكون ذلك دافعا للوقوع فيما هو شر منه 0

ب - المسألة متعلقة بمصلحة شرعية لارتباطها بأمير المؤمنين في ذلك العصر ، فاقتضت الضرورة هذا الأمر ، لمن هو أهل للسؤال كما أشرت في النقطة السابقة 0

ج - المسألة متعلقة بحادثة معينة ، ولم يندرج وراء ذلك استعانة كما نراه ونسمعه اليوم بطرق شتى ووسائل جمة 0

د - وهذا يتعلق بالنقطة الأولى 00 فالجن هم من أخبر بانتصار المسلمين ، ولم يطلب ذلك منهم ، ولم يستعن بأحد منهم 0

هـ - الآثار الواردة آنفا جاءت بصيغة ( روي ) وهذا ما يعتبره أهل العلم صيغة ( تمريض ) أي عدم ثبوت تلك الآثار بسندها عن الرواة 0

وكما تبين من خلال النقاط آنفة الذكر ، فلا يجوز أن يعتد بتلك الآثار على جواز الاستعانة وتبرير ما يقوم به كثير من الجهلة اليوم ، مما يؤدي إلى هدم العقائد وبعد الناس عن خالقهم 0

17)- ولو لم يذكر أي من النقاط السابقة ، فالقاعدة الفقهية ( باب سد الذرائع ) تغنينا عن ذلك كله ، والذرائع التي ذكرت سابقا هي التي تسدها الشريعة ، ( ودرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة ) والناس اليوم يدركون ويعلمون كم من المفاسد العظيمة ترتبت على هذا الأمر ! وبنحو أصبح الولوج فيه أقرب الى طرق السحر والشعـوذة والكهانة والعرافة فنسأل الله العفو والعافية 0

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : ( إن الله سبحانه ورسوله سد الذرائع المفضية إلى المحرمات بأن حرمها ونهى عنها 0
والذريعة ما كان وسيلة وطريقا إلى الشيء ، لكن صارت في عرف الفقهاء عبارة عما أفضت إلى فعل المحرمات ، ولو تجردت عن ذلك الإفضاء لم يكن فيها مفسدة ، ولهذا قيل : الذريعة الفعل الذي ظاهره أنه مباح وهو وسيلة إلى فعل المحرم ، أما إذا أفضت إلى فساد ليس هو فعلا كإفضاء شرب الخمر إلى السكر وإفضاء الزنا إلى اختلاط المياه ، أو كان الشيء نفسه فسادا كالقتل والظلم ، فهذا ليس من هذا الباب ، فإنا نعلم إنما حرمت الأشياء لكونهـا في نفسها فسادا بحيث تكون ضررا لا منفعة فيه ، أو لكونها مفضية إلى فساد بحيث تكون هي في نفسها منفعة وهي مفضية إلى ضرر أكثر منه فتحرم ، فإن كان ذلك الفساد فعل محظور سميت ذريعة 0 وإلا سميت سببا ومقتضيا ونحو ذلك من الأسماء المشهورة ، ثم هذه الذرائع إذا كانت تفضي إلى المحرم غالبا فإنه يحرمها مطلقا ، وكذلك إن كانت قد تفضي وقد لا تفضي لكن الطبع متقاض لإقضائها ، وأما إن كانت تفضي أحيانا فإن لم يكن فيها مصلحة راجحة على هذا الإفضاء القليل 0 وإلا حرمها أيضا ، ثم هذه الذرائع منها ما يفضي إلى المكروه بدون قصد فاعلها 0 ومنها ما تكون إباحتها مفضية للتوسل بها إلى المحرمات فهذا القسم الثاني يجامع الحيل بحيث قد يقترن به الاحتيال تارة وقد لا يقترن كما أن الحيل قد تكون بالذرائع وقد تكون بأسباب مباحة في الأصل ليست ذرائع ) ( الفتاوى الكبرى - 3 / 256 - 257 ) 0

ولا بد من التنويه تحت هذا العنوان إلى بعض المظاهر - المشاهدة والمحسوسة - على الاستعانة أو الاتصال بالجن والشياطين بقصد أو بغير قصد ومنها :-

1 )- شراء الخواتم المكلفة بادعاء أن معها جنا يعينون صاحبها ويحفظونه من الأذى ونحوه 0

2)- قراءة بعض الآيات القرآنية والأدعية المختلفة على شخص مستلق على أريكة ، وبعد الانتهاء من ذلك الورد يبدأ الشخص بالارتقاء والارتفاع في الهواء 0

قصة واقعية : حدثني من أثق به وهو طالب في المرحلة النهائية في احدى الجامعات المحلية يدرس في كلية الهندسة حيث يقول : منذ عشر سنوات وعندما كنت طالباً في المرحلة المتوسطة كنت أدرس مادة تسمى " قرآنية " وكان يدرس هذه المادة أحد الدعاة المعروفين في المنطقة ، وذات يوم كان المدرس يشرح لنا تأثير القرآن في الشفاء والاستشفاء ، حيث اختار خمسة من الأقوياء في الفصل وأمرهم بحمل طاولة ثقيلة الوزن ، فحاولوا مجتمعين فما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً ، وكل ما فعلوه هو محاولة رفعها بعض السنتيمترات القليلة ، يقول هذا الأخ الكريم : وبدأ الاستاذ في قراءة آيات من كتاب الله ووضع اصبعه في وسط الطاولة وأمرنا أن نقوم برفعها ، ففعلنا بيسر وسهولة ، والله تعالى أعلم 0

3)- قراءة بعض الآيات القرآنية والأدعية المختلفة على ( سكين ) وطيه وربطه ، لحفظ الشخص أو الدابة أو المكان ونحوه 0

4)- قراءة بعض الآيات القرآنية والأدعية المختلفة ، بعدد محدد لاستحضار الخادم الخاص بهذه الآية- حسب زعمهم وكذبهم وافترائهم 0

5)- إطلاق البخور بنية استحضار الجن والشياطين ، والإيعاز لهم بجمع اليدين أو الجمع بين الأصابع إن كان المريض يعاني من السحر ، أو التفريق بينهما إن كان يعاني من العين والحسد ، وإبقاء الأمر كما هو عليه إن كانت الحالة تعاني من أعراض طبية ، وإن تم استخدام ذلك الأسلوب بكلام غير مفهوم أو طلاسم فهذا أقرب إلى السحر والشعوذة منه إلى الاستعانة والعياذ بالله 0

6)- وهناك طريقة خطيرة للاتصال بالجن والشياطين بواسطة لعبة معينة ، تحتوي على أحرف باللغة اللاتينية يطلق عليها اسم ( AUADI ) بحيث يبدأ الشخص بالتحدث والسؤال عن بعض الأمور والأحداث ، وتحت يده مؤشر يبدأ بتكوين كلمات للإجابة عن تلك التساؤلات ، وتعتبر تلك الطريقة مدخلا لتعلم السحر والشعوذة 0

وهناك بعض الطرق الأخرى كطريقة المندل وتحضير الأرواح والجراحة الغربية ولا داعي للدخول بتفصيلات تلك الطرق ونكتفي بما ذكر 0

* والسؤال الذي قد يطرح نفسه تحت هذا العنوان ( هل يكفر من يدعي استخدام شيء من الجن ؟

قال المرداوي : ( قوله فأما الذي يعزم على الجن ويزعم أنه يجمعها فتطيعه فلا يكفر ولا يقتل ولا يعزَّر ) ( الإنصاف – 10 / 351 ) 0

قال الألوسي : ( الظاهر عدم إكفار من يدعي استخدام شيء من الجن ) ( روح المعاني – 23 / 201 ) 0

المسألة الثانية : الحوار مع الجن والشياطين :

لا بد أولا وقبل أن أتكلم عن هذا الموضوع من طرح آراء العلماء والباحثين ومعرفة موقف الشريعة المتزن من هذا الأمر ، وأذكر في ذلك ما يلي :-

* آراء أهل العلم والمتخصصين في ( الحوار مع الجن والشياطين ) :

إن مسألة التحدث مع الجن والشياطين ليس لها دليل شرعي ، بمعنى أنه لم يردنا دليل واحد من الكتاب أو السنة على ذلك ، ولكن الأمر واقع وقد ورد لنا بالتواتر سواء من المتقدمين أو المتأخرين ، وعليه أنقل كلام أهل العلم في ذلك :

* قال شيخ الإسلام بن تيمية : ( فيخاطب الجن بذلك ويعرفون أن هذا فاحشة محرمة ، أو فاحشة وعدوان لتقوم الحجة عليهم بذلك ، ويعلموا أنه يحكم فيهم بحكم الله ورسوله الذي أرسله إلى الثقلين الجن والإنس ) ( مجموع الفتاوى – 19 / 40 ) 0

* وقد أنكر ابن حزم مسألة كلام الجني على لسان المصروع حيث يقول : ( وأما كلام الشيطان على لسان المصروع فهذا من مخاريق العزَّامين ، ولا يجوز إلا في عقول ضعفاء العجائز ، ونحن نسمع المصروع يحرك لسانه بالكلام ، فكيف صار لسانه لسان الشيطان ؟ إن هذا لتخليط ما شئت ، وإنما يلقي الشيطان في النفس يوسوس فيها ، كما قال الله تعالى : ( الَّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ) ( سورة الناس – الآية 5 ) فهذا هو فعل الشيطان فقط 0 وأما أن يتكلم على لسان أحد فحمق عتيق وجنون ظاهر ، فنعوذ بالله من الخذلان والتصديق بالخرافات ) ( رسائل ابن حزم الظاهري – 3 / 228 ) 0

* قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - حفظه الله - : ( وقسم آخر - يعني الصرع - بسبب الشياطين والجن يتسلط الجني على الإنسي ؛ فيصرعه ويدخل فيه ويضرب به على الأرض ويغمى عليه من شدة الصرع ولا يحس ، ويتلبس الشيطان أو الجني بنفس الإنسان ويبدأ يتكلم على لسانه ، الذي يسمع الكلام يقول أن الذي يتكلم الإنسي ولكنه الجني ، ولهذا تجد في بعض كلامه الاختلاف لا يكون ككلامه وهو مستيقظ لأنه يتغير بسبب نطق الجني 0
هذا النوع من الصرع نسأل الله أن يعيذنا وإياكم منه ومن غيره من الآفات 0 هذا النوع علاجه بالقراءة من أهل العلم والخير 0
أحيانا يخاطبهم الجني ويتكلم معهم ويبين السبب الذي جعله يصرع هذا الإنسي 0 وأحيانا لا يتكلم وقد ثبت هذا !! أعني صرع الجني للإنسي بالقرآن والسنة والواقع ) ( شرح رياض الصالحين – 1 / 177 ، 178 ) 0

* قال فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - حفظه الله - : ( إن بعض الإخوان الصالحين ذكروا أن الجن المسلمين قد يخاطبونهم ويجيبون على أسئلة يلقونها ولا نتهم بعض أولئك الإخوان بأنهم يعملون شركا أو سحرا ، فإذا ثبت هذا فلا مانع من سؤالهم ولا يلزم تصديقهم في كل ما يقولون ، والله أعلم ) ( الفتاوى الذهبية – جزء من فتوى – ص 198 ) 0

* قال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - : ( لا أعلم دليلا شرعيا يثبت وقوع كلام الجني على لسان الإنسي ) ( برهان الشرع في إثبات المس والصرع – ص 51 ) 0

* قال الشيخ أبو بكر الجزائري في مقدمته لكتاب الأستاذ وحيد عبد السلام بالي في كتابه المنظوم " وقاية الإنسان من الجن والشيطان " : ( فقد أبطل به التصورات الخاطئة لفئة شبه ضالة نفت قديما وحديثا حلول الجان في الإنسان والتحدث على لسانه ، والإفصاح عن كنهه ومراده ) ( وقاية الإنسان من الجن والشيطان – ص 5 ) 0

وقال – حفظه الله - : ( تكلم الجان على لسان الشخص الذي يحل فيه ، ويتلبس به ، وإخباره بأمور لم يكن الإنسان المصاب به يعرفها ، حتى إن بعضهم ليتكلم بلغات لم يكن المصاب يعرف منها حرفاً واحداً ) ( عقيدة المؤمن – ص 210 ) 0

* قال الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع : ( وأما القول بتكذيب ما يقوله المجنون على لسان الجان ممن تلبس به بأنه فلان ، وأنه من أرض كذا إلى آخره ، فهذا شيء لا نستطيع تكذيبه ولا تصديقه لانتفاء النصوص الشرعية – فيما أعلم – على ذلك نفيا وإثباتا 0 والله أعلم ) ( مجلة الأسرة – ص 38 – العدد 69 ذو القعدة 1419 هـ ) 0

قال صاحبا كتاب " كيفية إخراج الجان من بدن الإنسان " : ( ففي هذه الحالة يتم التعامل والتخاطب مع الجني ويؤمر بالخروج ولا يكثر المعالج في التخاطب معه فيما لا يفيد لكي لا يأنس الجن له ويموه عليه ، فيزجر ) ( كيفية إخراج الجان من جسم الإنسان – ص 66 ) 0

* ولا بد تحت هذا العنوان من أن أعرج على كلام للأستاذ علي بن محمد ياسين يدعو فيه إغلاق باب المحاورات بالكلية حيث يقول : ( لا بد من إغلاق هذا الباب لأسباب هي :
أولاً : أنه لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم محاوراته للجن الماس – وضرب أمثلة على ذلك منها حديث يعلى بن مرة وحديث عثمان بن العاص – 0
ثانياً : أنه بذلك يُفتح باب للجن بالتضليل والتلبيس والتشكيك في دين الناس وعقائدهم ، بجعل فرصة لهم بالحديث معهم وأخذ التوجيه منهم ، بل استخدامهم في العلاج عند بعض المعالجين ، وما خرجت تلك الوصفات القريبة من الكهانة إلا من هذا الباب 0
ثالثاً : في بعض الحالات لا يكون الجني تمكن تماماً من بدن الممسوس ، فبمحاورة المعالج له ومحاولة استنطاقه من البعض يجعله يتمكن التمكن التام من الجسد ، وبعضهم يسأله بالله العظيم أن ينطق على لسانه ولا يؤذيه ، وهذا واضح البطلان 0
رابعاً : المعالج بمحاورته للجني يضطر للتوقف عن قراءة الرقية التي هي المؤثرة في الجن 0
خامساً : من الملاحظ أن لذلك الحوار مع الجان الماس أثره السلبي على المريض وعلى من حوله من ضعاف الإيمان 0
سادساً : إن المعالج بمحاورته تلك ، قد تنكشف نقاط ضعفه وتظهر عيوبه للجن من قلة علم وضعف شخصية وغيرها 0

ويختم الأستاذ الفاضل كلامه قائلا : ( وختاماً فليسعنا ما وسع نبينا صلى الله عليه وسلم ، ولنهتدي بهديه ونسر على خطاه ، فهذه سنته بين أيدينا ، بينت لنا الطرق الشرعية في التعامل مع الجن المعتدي ، وكيف نقرأ وماذا نقرأ 0
وأما أن نعدل عن ذلك النور إلى تلك الأساليب المظلمة وتلك الطرق الملتوية ، مدبرين عن هدي سيد المرسلين ، فإن ذلك خطأ فاحش وجرم عظيم ، أن نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير ، ولا حول ولا قوة إلا بالله 000 ) ( مهلاً أيها الرقاة – باختصار - ص 62 ، 65 ) 0

قلت : كلام الأستاذ الفاضل علي ياسين يحتاج لوقفات تأمل ، حيث أن كافة النقاط المذكورة والداعية في نظره لإغلاق باب الحوارات بالكلية لا تؤخذ على إطلاقها من جهة ، ومن جهة أخرى يمكن تقنينها ، وضبطها بالضوابط الشرعية لكي تحقق المصلحة الشرعية المطلوبة ، ومن هنا أحببت أن أوضح الأمور التالية :-

1)- أشار المؤلف في النقطة الأولى بأن ذلك الفعل لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومع ذلك فقد ثبت عن غيره من بعده من أعلام الأمة المشاهير كالإمام أحمد وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والأعمش والعلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز ونحوهم من العلماء الأفاضل ولكن لا بد أن يكون الضابط في هذا كله ما تقتضيه الضرورة وما تتطلبه المصلحة الشرعية العامة للمسلمين كما سوف يتضح بعد استيفاء بحث هذه المسألة 0

2)- وأما قول المؤلف - وفقه الله للخير فيما ذهب إليه - من أن ذلك يُفتح باب للجن بالتضليل والتلبيس والتشكيك في دين الناس وعقائدهم ، فإن كان المعنيُّ بذلك المعالِج فقد اتفقنا جميعاً أننا نكتب ونخاطب المعالجين أصحاب العقيدة السلفية النقية ذوي العلم الشرعي المتمرسين الحاذقين في دروب الرقية الشرعية ومسالكها ، وأما دون هؤلاء فإننا لا نعنيهم مطلقاً ، وإن كان قصد المؤلف المعالَج أو من يحضر هذه الجلسات فقد بينت بما لا يدع مجالاً للشك حرص المعالِج على توخي المصلحة الشرعية وأن يكون هذا الأمر في نطاق ضيق ومحدود بناء على ما تمليه المصلحة الشرعية العامة دون الخوض في هذه الحوارات بحضور العامة والخاصة 0

3)- أما قول المؤلف بأن بعض الحالات التي لا يكون الجني فيها متمكناً من بدن الممسوس وبمحاورة المعالج له يستطيع الجني الصارع التمكن من الجسد ، فهذا الكلام فيه نظر وهو مجانب للصواب ، لأن دخول الجني الصارع واستقراره بالجسد وتمكنه من المصروع لا يعتمد مطلقاً على استنطاق المعالج له أو لا ، بل على العكس من ذلك تماماً ، فالجني الصارع يسعى دائماً إلى إخفاء حقيقة تلبسه بالجسد لقيامه بالعمل المطلوب أو المناط به أي كان سبب دخوله ، ولذلك ترى بعض الحالات التي قد تأخذ فترة من الزمن ليتكلم الجني ويعترف بالحقيقة التي من أجلها دخل واستقر في بدن المصروع ، وهنا تكمن أهمية فراسة المعالج في تحديد صدق أو كذب الجني الصارع ، وأما أخذ العهد والموثق على الجن فقد أفردت له في هذا الكتاب كلاماً مطولاً فليراجع 0

يتبع

التعديل الأخير تم بواسطة أبو البراء ; 06-09-2004 الساعة 02:48 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 06-09-2004, 02:56 PM   #3
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

تابع الموضوع...


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء
  
4)- وقول المؤلف بمحاورة المعالِج للجني واضطراره للتوقف عن قراءة الرقية الشرعية ، فقد أوضحت في منهج العلاج المتبع في هذا الكتاب أن الأولى والأفضل قراءة الرقية الشرعية دون توقف ، وبإمكان المعالج أن يؤجل الحوار الذي تقتضيه المصلحة الشرعية لحين الانتهاء من الرقية والدعاء وبذلك تتحقق المصلحة العامة للمعالِج والمعالَج 0

5)- أما قول المؤلف بأن الحوار مع الجان الماس له أثر سلبي على المريض وعلى من حوله من ضعاف الإيمان ، فإني لا أنكر أحياناً أن يكون هناك أثر سلبي على نفسية المريض ولكن هذا هو واقع الحال ، ولا أعتقد أن مثل هذا التأثير من خلال الحوار الذي تقتضيه المصلحة الشرعية أشد وأعظم من حالة المريض بشكل عام ، وبالعموم فالأمر برمته متروك للمعالِج الحاذق المتمرس الذي يستطيع أن يقيس الأمور كافة بقاعدة المصالح والمفاسد وعلى ضوء ذلك يقرر ما يراه مناسباً لتحقيق المصلحة الشرعية المطلوبة ، أما بخصوص من هم حول المريض من أهل وأصدقاء وأحباب فقد أشرت من خلال منهج البحث في هذا الكتاب أنه لا يجوز البتة إجراء الحوار الذي تقتضيه المصلحة الشرعية أمام أحد إلا بناء على ما يعتمده أو يقرره المعالِج ويرى فيه مصلحة عامة أو خاصة للمريض 0

6)- وقول الكاتب بأن حوار المعالِج مع الجني الصارع قد يؤدي إلى كشف نقاط ضعفه وظهور عيوبه من قلة علم وضعف شخصية ونحوه ، فهذا الكلام فيه نظر وهو مجانب للصواب ، فالمعالِج الذي يتسم بهذه الصفات التي ذكرها المؤلف ليس بحاجة لأن يحاور حتى تكتشف هذه العيوب ، ولا بد أن نعلم يقيناً أن الجن لهم قدرة فائقة في معرفة من أمامهم ودراسة شخصيته وتحليلها ومعرفة نقاط القوة والضعف فيها ، خاصة أنه بإمكانهم جمع معلومات كثيرة ووفيرة عن المعالِج وحياته والحكم عليه ، وأمر هام قد يكون خفي على المؤلف - وفقه الله للخير فيما ذهب إليه - أن تأثير الرقية بذاتها على هذه المخلوقات لها دلالة واضحة على قوة وشخصية المعالج ومدى تمسكه بدينه ،كيف لا وقد قال علماء الأمة الأجلاء ( والسلاح بضاربه ) وقالوا أيضاً : ( وكل إناء بما فيه ينضح ) 0

ومن خلال تتبع النصوص النقلية الصريحة وأقوال العلماء الأجلاء ، فإنه لم يثبت بالدليل الشرعي مثل ذلك الأمر وهذا هو الأصل في المسألة كما أشار العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله – إلا أنه تواتر الأمر بذلك قديما وحديثا ونقل ذلك عن شيخ الإسلام وابن القيم وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز وفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين وفضيلة الشيخ أبو بكر الجزائري وغيرهم ، وقد ثبت لدي هذا الأمر بالأدلة القطعية من المشاهدة والمعاينة التي لا يمكن معها إنكار هذه المسألة أو ردها ، فأصبح الأمر ثابتا عقلا ونقلا ، إلا أنه لا يجوز التعدي على القاعدة الأساسية التي تضبط هذا الأمر وهي قاعدة ( أن الضرورة تقدر بقدرها ) فلا يجوز التوسع في المحاورات التي قد تفضي إلى مفاسد شرعية لا يعلم مداها وضررها إلا الله 0
وأورد كلاما يؤيد ذلك لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله - نقلته مجلة المجتمع الكويتية حيث تقول : نشرت بعض الصحف المحلية وغيرها ، في شعبان من عام 1407 هـ أحاديث مختصرة ومطولة عما حصل من إعلان بعض الجن ، الذي تلبس ببعض المسلمات في ( الرياض ) إسلامه عندي ، بعد أن أعلن ذلك – كذلك – عند الأخ عبدالله مشرف العمري المقيم في الرياض ، بعد أن قرأ المذكور على المصابة ، وخاطب الجني ، وذكره بالله ، ووعظه ، وأخبره أن الظلم حرام وكبيرة عظيمة ، ودعاه إلى الإسلام ، بعد أن أخبره الجني أنه كافر ، كما دعاه للخروج من المرأة 0 فاقتنع الجني بالدعوة ، وأعلن إسلامه عند عبدالله المذكور 0
ثم رغب عبدالله المذكور وأولياء المرأة أن يحضروا عندي مع المرأة ، حتى أسمع إعلان إسلام الجني 0
فحضروا عندي فسألته عن أسباب دخوله ؟ فأخبرني بالأسباب 0 ونطق بلسان المرأة ، لكنه كلام رجل ، وليس كلام امرأة 0 وهي في الكرسي الذي بجواري ، وأخوها وأختها وعبدالله بن مشرف المذكور وبعض المشايخ يشهدون ذلك ، ويسمعون كلام الجني 0
وقد أعلن إسلامه صريحا ، وأخبر أنه هندي بوذي الديانة 0 فنصحته وأوصيته بتقوى الله ، وأن يخرج من المرأة ، ويبتعد عن ظلمها ، فأجابني إلى ذلك 0 وقال : إنه مقتنع بالإسلام 0 وأوصيته أن يدعو قومه للإسلام بعد ما هداه الله له ، فوعد خيرا وغادر المرأة 0وكان آخر كلمة قالها : السلام عليكم 0
ثم تكلمت المرأة بلسانها المعتاد ، وشعرت بسلامتها وراحتها من تعبه 0 ثم عادت إليَّ بعد شهر أو أكثر مع أخويها وخالها وأختها ، وأخبرتني أنها في خير وعافية ، وأنه لم يعد إليها والحمد لله 0 وسألتها عما كانت تشعر به حين وجوده بها ؟ فأجابت : بأنها كانت تشعر بأفكار رديئة مخالفة للشرع ، وتشعر بميول إلى الدين البوذي ، والاطلاع على الكتب المؤلفة فيه 0 ثم بعدما سلمها الله منه ، زالت عنها هذه الأفكار ، ورجعت إلى حالها الأولى البعيدة من هذه الأفكار المنحرفة ) ( مجلة المجتمع – العدد 830 – بتاريخ 18 آب من السنة 1987 م ) 0

قلت : وكلام سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله – يؤكد ويؤصل مفهوم دعوة الجن والشياطين إلى الله سبحانه وتعالى بالحكمة والموعظة الحسنة ، ومثل ذلك الحوار جائز بل قد يصبح واجبا شرعيا إذا اقتضته المصلحة الشرعية ، مع تركيز المعالِج في تلك الحوارات على هذا الجانب دون الخوض في الأمور التي لا فائدة منها البتة ، أو تلك التي يترتب عليها مفاسد شرعية لا يعلم مداها وضررها إلا الله سبحانه وتعالى ، والقصد من الكلام السابق أن تنضبط كافة تلك الحوارات بالضوابط الشرعية وتكون وفق القاعدة الفقهية الأصولية ( الضرورة تقدر بقدرها ) والله تعالى أعلم 0

قال صاحبا كتاب " مكائد الشيطان " : ( قد دل ما ذكرناه من الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن كلام أهل العلم على أن مخاطبة الجني ووعظه وتذكيره ودعوته للإسلام وإجابته إلى ذلك ليس مخالفاً لما دل عليه قوله تعالى عن سليمان عليه السلام : ( وَهَبْ لِى مُلْكًا لا يَنْبَغِى لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى ) ( سورة ص – الآية 35 ) 0
وهكذا أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وضربه إذا امتنع من الخروج كل ذلك لا يخالف الآية المذكورة ، بل ذلك واجب من باب دفع الصائل ونصر المظلوم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما يفعل ذلك مع الإنسي ) ( مكائد الشيطان – ص 110 ) 0

المفاسد المترتبة عن الحوارات غير المنضبطة مع الجن والشياطين :

* قال الأستاذ مدحت عاطف صاحب كتاب " الدليل والبرهان على بطلان أعراض المس ومحاورة الجان " : ( ولا يخفى على كل ذي لب وضمير يقظ أن تلك المحاورات أورثت مساوئ ومفاسد توجب غلق بابها ، حتى وإن كانت شرعية ، وذلك درءا للمفاسد وسدا لذرائع الشر الذي ترتب على انتشار محاورات الجن في الكتب وشرائط الكاسيت 0
وإليكم معاشر الكتاب والمعالِجين المساوئ التي أدت إليها محاوراتكم مع الجن :

* المفسدة الأولى : التمثيل : ولا غرابة في ذلك ، إذ أن مشاكل الحياة المعقدة والتي عجز الكثير عن حلها والتصدي لها ، ولم يجدوا لها منفذا ولا مخرجا إلا الفرار والهروب من واقعها الأليم ، فيلوذون بما سمعوا أو قرأوا عن المحاورات ، فحفظوا عن الجن والمعالِج الأسئلة والأجوبة 0
فلا يجدون ملجأ ، ولا يرون منجى لخروجهم من واقع حياتهم العصيب إلا كذبهم واعتدائهم على عالم الجن ، وتمثيلهم بأن الذي حول مسار حياتهم وبدد أحلامهم هو الجن 0
وسرعان ما يذهبون إلى أحد المعالِجين ، فيقرأ عليهم ، فيلعب صاحب المشكلة دور الجني ، متجنيا على الجن ، والمعالِج يسأل والممثل يجيب ، وهلم جرا من تهريج وعبث وضياع للوقت والحق 0

* المفسدة الثانية : الهلع والخوف والقلق : قد تنعقد جلسة جدلية في بيت من بيوت المسلمين لملك أسرة فيها الصغير والكبير 00 رقيق القلب ضعيف الفهم 00 فيتناول المعالِج أطراف الجدل مع الجن ، ويسهب المعالِج في أسئلته ، ويكثر الجن من الكذب والاختلاق 0
وعلى سبيل المثال لا الحصر ، فالحصر يدمي :
يسأل المعالِج : من أي نوع تكون ؟
فيجيب الجني : أنا ملك الجن الأحمر!!
وتنتهي الحلقة التهريجية بانصراف المعالِج دون علاج ، ويبقى الجني قابعا في بدن المعالِج 0
فبالله 00 كيف تنام أسرة ؟ بل كيف ينام فيها الصغير الذي شاهد وعاين المجادلة المأساوية ، وعلم أن ( ملك الجن الأحمر ما زال رابضا في بدن أخيه أو أخته أو أمه أو أبيه ؟!
أيها المهولون :
ملك الجن الأحمر !!
أي راحة ؟! أي سكينة ؟! أي هدوء ؟! أي نوم يجرؤ على مداعبة الجفون أو العيون ؟!
أظن أن النوم نفسه سيخشى على نفسه من دخول هذا البيت خوفا من ملك الجن الأحمر ، فما بالنا بأهل البيت ؟! فلله المشتكى !!

* المفسدة الثالثة : التهويل : وذلك من انتشار تلك المحاورات والتي صور هؤلاء الكتاب والمعالِجون الجن للناس على أنه مس وسحر ، وكأن الجن ما خلقوا إلا من أجل وظيفة واحدة وعمل واحد لا ثاني له ، ألا وهو السحر والمس ، والإضرار بالناس 0

* المفسدة الرابعة : الفتنة والوقيعة بين الناس : وتلك المفسدة العظيمة التي قد يصل فيها الأمر إلى القتل وقطيعة الرحم نتاج الشحناء والبغضاء والخصام ، وذلك عندما يسأل المعالِج الهمام الجني قائلا : من صنع هذا السحر بالإنسية الممسوسة ؟ فتكون الإجابة على جناح السرعة - وكأنها الفرصة التي أتاحها المعالِج بجهله للجني – فلان بن فلان ، وبسرعة البرق يبحث الجميع عن فلان المسكين ، وكأن الحكم قد نزل من السماء ، وقد يكون فلان هذا أخا للمريضة ، أو أختها ، أو عمها ، أو عمتها ، أو خالها أو خالتها ، أو جارها ، فيقع المحظور من خلافات ومشاحنات ومقاطعات للأرحام 0
انظروا كيف مزقوا وشائج الرحمة 00 انظروا كيف دمروا أواصر الألفة 00 كيف ضربوا الأمان 00 كيف ضربوا السكينة والوئام !
فإلى أي مدى اشعلت محاوراتكم المؤودة الميتة جذور الفتنة ونار الفرقة بين الناس 00 فتنا كقطع الليل المظلم ؟! جرّتنا إليها محاوراتكم !! والله المستعان 0

* المفسدة الخامسة : اضمحلال الصورة التخصصية في علم الجن : فأصبح كل من هب ودب وقرأ كتابا عن الجن أو حفظ محاورة مع الجن ، يظن في نفسه القدرة على علاج المس ، وسرعان ما يعلن عن نفسه وقدرته !
ومما يزيد الطين بلة قيام هذا المعالِج بتأليف كتاب عن المحاورات التي دارت بينه وبين الجن 00 الأمر الذي أدى إلى انتشار هذا المرض انتشارا عجيبا مذهلا ومريبا 0

* المفسدة السادسة : العجب الذي قد يلحق بالمعالِج : فقد يصاب المعالِج بداء العجب من جراء مكر الجن ، وعلى سبيل المثال أحد المعالِجين يقول تحت عنوان : (جني يريد أن يدخل في الشيخ ! ) :
فبعد محاورة بين الشيخ والجني ، قال الشيخ للجني :
أتخرج ؟
قال ( أي الجني ) : نعم أخرج ولكن بشرط 0
قال : ما الشرط ؟
قال : أخرج منها وأدخل فيك أنت !!
قال الشيخ : لا بأس أخرج منها وادخل فيّ أن استطعت 0
فانتظر قليلا ، ثم بكى 0
فقال الشيخ : ما يبكيك ؟
قال : أنت قلت أذكار الصباح اليوم ، لا أستطيع أن أدخل فيك 0
ولا يخفى علينا ما ينطوي عليه خبث ومكر الجني ، وذلك في استدراج المعالِج والزج به في غياهب آفات القلوب ومحبطات الأعمال ، من رياء ونفاق وكبر ، والعياذ بالله ) ( الدليل والبرهان على بطلان أعراض المس ومحاورة الجان – ص 44 ، 48 ) 0

قلت : هذا كلام عام موجز نافع يؤصل هذه المسألة ، ويضع لها القواعد والأسس ، ويضبطها من ناحية شرعية ، إلا أن الكاتب – حفظه الله – اتخذ موقفا متشددا من هذه القضية برمتها ، حيث أنكر كافة الحوارات دون استثناء خاصة تلك المنضبطة بالناحية الشرعية والتي يتحقق من ورائها المصلحة الشرعية للمسلمين ، وقد يعذر الكاتب بسبب ما
نراه ونسمعه على الساحة اليوم من انتشار الهرطقات والخزعبلات والحوارات المزعومة التي أدت إلى مفاسد عظيمة لا يعلم مداها وضررها إلا الله ، ولإيضاح الحق وتبيانه واتخاذ موقف وسط من كل ذلك فإني أنقل بعض ما ذكره الأستاذ مدحت – وفقه الله للخير فيما ذهب إليه - ومن ثم أعطي بعض الملاحظات المتعلقة بذلك 0

يقول الأستاذ مدحت عاطف : ( لقد قرأت العديد من الكتب القديمة والحديثة التي تناولت الحديث عن الجن والشياطين بشيء من الإسهاب الممل ، فرأيت اختلافا واختلاطا ، ولاحظت التناقض وعدم الدقة في توصيل الحقيقة إلى القارئ ، وتلبيس المفاهيم ، وتغيير الموازيين ، فأبيت الوقوف على ما قالوا وما ذكروا دونما تمحيص وبحث واستقراء 0
ولما كنت بصدد بحثي وتنقيبي في أمهات الكتب ؛ لأقف على الحقائق المجهولة ، تمكنت بفضل الله من الوصول إلى أدلة وبراهين قلبت الموازين رأسا على عقب ، وأظهرت مدى التخبط الذي وقع فيه من كتبوا عن الجن ، وأعراض مس الجن ، ومحاورته 0
ومن باب التعاون على البر والتقوى ، وأولوية المصالح العامة ، وإحقاقا للحق ، ولأمانة البحث العلمي ، أوضح الأمر برمته ، وأميط اللثام عن حقيقته ، حتى لا أهوي ونفسي في دائرة التضليل والتلبيس بوعي أو بغير وعي ، خصوصا أن تلكم الأعراض الوهمية والمحاورات الجدلية كانت سببا في تشتيت الصحيح قبل السقيم ، وإقلاق السليم قبل المريض ، فأردت الحق مبرأ من الباطل ، وابتغيت الصواب في معزل عن الخطأ ، وجادتي في ذلك كله البناء بعيدا عن الهدم ) ( الدليل والبرهان على بطلان أعراض المس ومحاورة الجان – ص 7 ، 8 ) 0

ثم تكلم الأستاذ مدحت عاطف – وفقه الله للخير – فيما ذهب إليه عن بطلان أعراض المس في المنام واليقظة ومما قاله :

( أفلا تدركون أن من الناس من إذا علم أنه ممسوس طال حزنه ، وخارت قوته ، وذبلت معنوياته ، وتعسر شفاؤه ؟
أو ليس من باب تطييب نفس المريض أن تريحوه ولا تزعجوه ، أن تطمئنوه ولا تقلقوه 0 خصوصا وأن تطييبكم له ليس فيه خرق أو اعتداء على حرمات الله 0 هذا مع افتراض صحة أعراضكم الجنية ، فما بالكم بخروجها عن مسار الحكمة والصواب ؟
وكم تمنيت ووددت من سويداء قلبي أن أريح عقلي وفكري من مشاق البحث والتنقيب لو أنكم التزمتم الجدية في اجتهاداتكم دون شطط 0

ثم استعرض – حفظه الله – قول بعض المعالِجين عن أعراض المس في المنام ثم كتب يقول : ( وكتب أحد الإخوة عن أعراض المس بالحرف الواحد من كتاب أحد المعالِجين 0 وجميع من كتب بعد ذلك من المعالِجين أو المنتفعين عن أعراض المس قد نقلوا من مصدر واحد 0
أيها الكتاب : أو ليس من الأدب أن نقتدي بصاحب الخلق العظيم ؟!
فلنستمع سويا ونتعلم من النبع الأصيل ، والمنهل العذب الفرات السلسبيل ، ولنطأطأ الرؤوس ، ونصغي لسيد المرسلين وهو يطمس معالم أعراض المس بدلائل بينه 0
ثم استعرض الكاتب – حفظه الله - بعض الأدلة الصحيحة المتعلقة بالرؤيا وأنها من تلعب الشيطان ، ثم قدم بعض النصائح القيمة الخاصة بذلك 0

ومما قاله بخصوص أعراض المس في اليقظة : ( وحذا حذوهما في ذات الأعراض وذكرها شبرا بشبر وذراعا بذراع ، مع اختلاف بسيط في الألفاظ ، كل من كتب عن الجن 0
أيها المسلمون 00 أيتها المسلمات 00
أنصتوا جيدا !!
خطر 00 ما أعظمه !! ما أهوله !!
أن ينشر على أسماع المسلمين في أنحاء العالم مثل هذا الكلام بلا روية !!
إن الأمر كان يحتاج من كتابنا ، بل ويلزمهم ، الدقة والتأني في استيفاء الحديث عن أعراض مس الجن حقه ، أمانة للعلم وصيانة للحق 0

ثم قال : ( من دواعي الأسى والحزن الشديدين تلك المحاورات الجدلية العقيمة التي تضاف إلى بدعهم ، والتي حشوا بها كتبهم ، ولا أدري ، بل أتساءل في دهشة وحيرة : من أين لهم شرعية المحاورات التي نسجوها مع الجن ؟!!
الأمر الذي دفعني دفعا للوقوف عند هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومواقفه مع الجن ، ليكون خير شاهد على شطط ما استحدثوه 0
ثم ساق - حفظه الله – موقف الرسول صلى الله عليه وسلم مع الجن وكذلك موقف بعض أهل العلم 0
وينهي الكاتب – وفقه الله للخير – فيما ذهب إليه بحثه بقوله :
هكذا 00 أمواج غامضة 00 رياح لا نعرف مسارها إن ظل عالم الجن والشياطين كتابا مجهولا لا نغوص بين سطوره لنكشف مستورة ، ونمسك مدلوله 0
فلقد أدى الجهل به الى مفاسد جمة وخطيرة فضلا عن التذبذب الفكري والتخبط العقلي عند تناول هذا العالم كتابة أو محاضرة بتهويل فارغ ، علاوة على انتشار الدجل والشعوذة والكهانة ، الأمر الذي أدى إلى إشعال فتيل الغموض واللبس والتعتيم ، فلا خير يمكن إبصاره ، ولا شر بالمقدور إنكاره ، وأخبث الخبيث تلك الدعاوى المغرضة التي يعج بها الواقع عجا ، والتي لا هم لها ولا شغل إلا التحدث عن السحر تارة ، وقدرات السحرة الخارقة للعادة – على حد هرطقتهم – تارة أخرى 0
ولا يخفى علينا ما تنطوي عليه جحافل تلك الدعاوى الشرسة الزاحفة من الغرب زحفا بأفعاوية ماكرة حاقدة خبيثة لتدمير عقائد المسلمين 0
فهم أصحاب الأنفاس الطويلة التي لا ينتبه إليها كثير من الناس ، وهم بسحرهم يريدون إيهام المسلمين أن بمقدورهم القيام بأفعال هي عند المسلمين معجزات لأنبيائهم ، بالنسبة لهم أعمال عادية لا إعجاز فيها 00 كادعاء أحدهم أن باستطاعته دخول النار والخروج منها دون أن يحترق 0
والصمت الرهيب في النهاية هو ملاذهم 00 الصمت القاتل والمكتظ بالألغاز وعلامات الاستفهام التي تضرم نار الشك في عقيدتهم 0
ومن هنا يبرز لنا ويتضح كيف أن التخصص في علم الجن من الأهمية بمكان للذب عن العقيدة الإسلامية 0
لذلك كله 00 أهيب بكل من تصدى لهذا العالم الخفي كتابة أو محاضرة ، ناقلا أو معلما ، أن يتقي الله في الناس عامة ، والمسلمين خاصة ، بتحري الدقة ، واستيفاء البحث والاستقصاء ما استطاع إلى ذلك سبيلا ، وإلا فليدع المجال لأهله ، وليترك الأمر لأناسه ) ( الدليل والبرهان على بطلان أعراض المس ومحاورة الجان – باختصار – 75 ، 76 ) 0

وأدون تحت هذا العنوان بعض الملاحظات التي ارتأيت فيها الفائدة والمصلحة الشرعية لعامة المسلمين وخاصتهم ومنها :

1)- المحاورات الجدلية العقيمة : لقد أثبت آنفا أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال تجاوز الحدود الشرعية في هذا الجانب بالذات ويكتفى بالمحاورة الهادفة التي يتحقق من ورائها المصلحة الشرعية في الرقية والعلاج ، وبالقدر اليسير الذي نحتاجه كضرورة للعلاج والاستشفاء ، وما دون ذلك لا يخاض فيه ولا يسأل عنه ، خاصة المسائل والقضايا الغيبية المتعلقة بعالم الجن والشياطين ، فكل ذلك يدخل ضمن نطاق ناموسهم وعالمهم الخاص بهم ، ولا يجوز بأي حال من الأحوال إقحام النفس في تلك القضايا ويكتفى بما قررته النصوص القرآنية والحديثية عن هذا العالم وأحواله وخفاياه 0

2)- بطلان أعراض المس في اليقظة والمنام : تعرض الأستاذ ( مدحت عاطف ) إلى بعض النقاط المتعلقة بهذا الجانب وأحب هنا أن أدون وأوضح رأيي في تلك النقاط من باب الأمانة العلمية وإحقاقا للحق وإظهارا له :

أ - ذكر الكاتب – وفقه الله للخير – فيما ذهب إليه ، أن من الناس من إذا علم أنه ممسوس طال حزنه ، وخارت قوته ، وذبلت معنوياته ، وتعسر شفاؤه ؟
وهنا لا بد أن ندرك جيدا أن الأمراض التي تصيب النفس البشرية هي أمراض كسائر الأمراض مع اختلاف في الأسباب والمسببات ، فأما الأمراض العضوية فأسبابها تعود لاضطرابات متعلقة بالتركيب السيكولوجي لجسم الإنسان ، وأما الأمراض النفسية فعادة ما تأتى نتيجة البعد عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكذلك الفراغ أو نتيجة لخلل في العلاقات الاجتماعية الخاصة بالحالة المرضية ، وبما أن الحديث يتعلق بالجانـب الروحي المتمثل بالأمراض الروحية من صرع وسحر وحسد وعين ، فهذا الجانب يحتاج للطبيب الحاذق المتمرس الذي يستطيع الوقوف على الداء لأجل اختيار الدواء النافع بإذن الله تعالى ، وهذا لن يتأتى إلا لصاحب العلم الشرعي الذي يقدر المصالح والمفاسد ، ويدرس الحالة المرضية دراسة مستوفية لتوجيهها الوجهة الصحيحة للاستشفاء والعلاج ، وقد أكدت على كافة تلك الحقائق من خلال ثنايا هذا البحث المتواضع ، وكما أن الطبيب العضوي قد يواجه بعض المرضى ممكن يعانون من أمراض مستعصية يصعب علاجها وشفاؤها بناء على المعطيات العلمية المتوفرة لديه وكل ذلك واقع تحت قدرة الله ومشيئته ، فيوجهون الحالة بناء على معرفتهم بشخصية صاحبها ودراستها دراسة مستوفيه ، وقد تكون المصلحة الشرعية أحيانا إعلام المريض بحالته ومرضه ليتزود من الدنيا للآخرة ، وقد تكون المصلحة أحيانا أخرى أن يترك المريض على حاله دون الكشف له عن معاناته ومرضه لأسباب كثيرة وهذا ما يقرره الطبيب المعالِج 0
وهكذا الحال بالنسبة للمعالِج ، فقد يرى أحيانا أن المصلحة الشرعية تتحقق من البوح للمريض عن أسباب المعاناة والألم لعودته المضطرده إلى الله سبحانه وتعالى والبعد عن المعاصي والتقرب إلى الله بالطاعات ، مع أني قد أوضحت من خلال بحثي العلمي أن الأولى للمعالِج أن يركز على زرع العقيدة في نفسية المرضى وتعلقهم بالله سبحانه وتعالى ، دون التركيز على مسائل التشخيص ونحوه 0

ب – ذكر الكاتب : ( أو ليس من باب تطييب نفس المريض أن تريحوه ولا تزعجوه ، أن تطمئنوه ولا تقلقوه ) 0

قلت : قد أصاب الأستاذ ( مدحت عاطف ) بذلك عين الحق ، وهذا ما أكدته خلال كتابي ( القواعد المثلى لعلاج الصرع والسحر والعين بالرقى ) تحت عنوان ( زرع الثقة في نفسية المريض ) 0

ج – ذكر الكاتب كلاما مطولا حول موضوع أعراض المس والتقاء كافة المعالِجين في تحديد كثير من الأمور والنقاط المدونة والمتعلقة به ، ويتجه الكاتب إلى إنكار ذلك المنهج حيث يقول :

( أيها المسلمون 00 أيتها المسلمات 00
في هذه الحياة التي نعيشها بحلوها ومرها ، بنصبها ووصبها ، بعسرها ويسرها 000 من لا ينسى 00 لا يحزن 00 لا يغضب 00 لا يحدث نفسه 00 لا يشعر بضيق 00 من منا لا تحتويه لحظات ذهول وشرود 0
هذه العوارض التي تعتري كل واحد منا في اليوم الواحد أكثر من مرة 00 فأي عقل ، بل أي صواب في القول بمس من تعرض لواحدة منها ؟!! ) ( الدليل والبرهان على بطلان أعراض المس ومحاورة الجان – ص 36 ) 0

قلت : قد بينت آنفا أن أمراض النفس البشرية أمراض كسائر الأمراض ، وهذه الأمراض لها أسباب ومسببات وأعراض ، وقد يلاحظ بعض تلك الأمور على الحالة المرضية سواء كان ذلك في اليقظة أو النوم ، وقد أقر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك كما ثبت من حديث جابر بن عبدالله – رضي الله عنه – حيث قال : ( رخص النبي صلى الله عليه وسلم لآل حزم في رقية الحية ، وقال لأسماء بنت عميس : ( مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة تصيبهم الحاجة ) قالت : لا ، ولكن العين تسرع اليهم ، قال : ( ارقيهم ) قالت : فعرضت عليه فقال " ارقيهم " ) ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه ) ، والقصد من الكلام السابق أن التقاء المعالِجين بخصوص تحديد هذه الأعراض لا يقدح في ذلك ، بسبب أن كافة الأعراض المدونة هي حقيقة أثبتتها الخبرة والتجربة والممارسة إلا أنه لا بد من التقيد بالأمور التي تضبط الأمر وتؤصله وتجعل منه منهجية في التعامل مع الحالات المرضية ومن تلك النقاط :

1)- لا يعني مطلقا أن توفر الأعراض المذكورة أو بعضها في الحالة المرضية أنها تعاني من الإصابة بالأمراض الروحية كالصرع والسحر والعين والحسد ، وقد تعزى بعض تلك الأعراض لأمراض عضوية بحتة كما تم إيضاح ذلك في موضوع ( الأعراض حال اليقظة والنوم ) في هذا الكتاب 0

2)- لا يجوز مطلقا الحكم على الحالة المرضية من خلال الأعراض آنفة الذكر بمعزل عن دراسة الحالة المرضية دراسة مستوفية دقيقة للوقوف على الأسباب الحقيقية وراء المعاناة والألم ، وقد ذكرت ذلك مفصلا في هذا الكتاب تحت عنوان ( طريقة العلاج التفصيلية ) 0

3)- التأكد أن كافة الأعراض المذكورة خارجة عن نطاق تلعب الشيطان بالإنسان لإيهامه بالصرع والسحر والعين والحسد ، لصده عن الطاعة والعبادة والذكر 0

د – ذكر الكاتب - حفظه الله – بعض الأدلة النقلية الصحيحة عن الرؤيا وتلعب الشيطان بالإنسان 0

قلت : والحق في هذه المسألة أن الكاتب قد جانب الصواب ولم يصب الحق ، ولا أنكر مطلقا أي من الأحاديث التي أوردها واستشهد بها ، فكافة الأحاديث والأدلة هي نقلية صحيحة كما أفاد بذلك علماء الحديث الأجلاء ، إلا أن إدراج هذه الأحاديث وفي هذا الموضع بالذات مخالف للصواب ، فدلالة الأحاديث تتكلم عن مسألة هامة تتعلق بالرؤيا وتلعب الشيطان وهذا مخالف للمسألة الرئيسة التي نحن بصددها ، فتلعب الشيطان أمر ، والصرع والسحر والعين أمر آخر ، والذي أكده أهل العلم أن الصرع والسحر والعين له طبيعة وتأثير ، وقد يقتل ويمرض ويفرق بين الزوج وزوجه ولكل ذلك أعراض وأحوال تكلم عنها أهل العلم والمعالِجين بتفصيل وإسهاب ، وبإمكان القارئ الكريم مراجعة ذلك في كتابي ( منهج الشرع في بيان المس والصرع ) تحت عنوان ( أنواع الصرع – المس والإيذاء الخارجي المؤدي للمرض ) وكذلك ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة ) تحت عنوان ( أنواع السحر من حيث التأثير – سحر الآلام والأسقام ) ، وكذلك ( المنهل المعين في إثبات حقيقة الحسد والعين ) تحت عنوان ( أنواع العين من حيث التأثير – العين المؤثرة بالألم والمرض ) 0

هـ – ذكر كلاما مطولا حول موقف الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك بعض أهل العلم عن محاورة الجن 0

قلت : لقد ذكرت آنفا أن هذه المسألة – أعني كلام الجني على لسان المصروع لم يثبت بها نص شرعي ، وقد أكدت أنه قد ورد فعل ذلك عن بعض علماء الأمة كشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز وفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، ولكن لا بد أن يضبط الأمر بما تقتضيه المصلحة الشرعية ووفق القاعدة الفقهية ( الضرورة تقدر بقدرها ) ، والتي يجب أن يراعي المعالِج فيها الأمور التالية :-

1)- عدم الخوض في الأمور التي لا فائدة من ورائها والتركيز على رفع الظلم والمعاناة عن الحالة المرضية، دون التوسع في المحاورات والتفصيلات 0

2)- التركيز على الجانب الدعوي بالنسبة للجن وترسيخ العقيدة الصحيحة في نفوسهم 0

قلت : وبعد هذه العجالة في بحث مسألة الحوار مع الجن والشياطين يتضح جليا جواز الخوض في بعض الأمور المتعلقة بالعلاج والتي تهم المعالِج وترفع الظلم عن المريض ، شريطة أن يكون المعالِج على قدر من العلم الشرعي بحيث يوازي بين المصالح والمفاسد ولا يؤدي مثل ذلك الحوار إلى أية مفاسد أو أضرار شرعية ، كما تم إيضاح ذلك في منهج البحث الذي بين أيديكم 0

* قول الدكتور حسني مؤذن :-

وأذكر في سياق هذا الموضوع كلاما للدكتور حسني مؤذن الأستاذ بجامعة أم القرى يتعلق بالحوارات وبعض المواضيع الأخرى على صفحات جريدة " المسلمون " :

( يشير الدكتور مؤذن إلى عدة نقاط لما نتج عن العلاج بمعتقد أن الجني يتحدث على لسان المريض المصروع بعد استنطاقه بالقرآن والضرب والخنق فيقول :

* إمعان المريض في إعطاء لسانه حريته في التفوه بكلمات الكفر أثناء النوبة – مثل سب الله جل وعلا ، وسب الدين ، وشتم الصالحين ، والحديث عن أمور تخدش الحياء ، وذلك بسبب الشعور بعدم وجود أية قيود على حديثه ، حيث يوحي إليه المعالِجون أن الذي يتكلم هو الشيطان وليس المريض وبالتالي فالمريض ليس مطالبا بكبح دفع الشيطان له 0

* الذبح لغير الله ، حيث يعمد بعض الجهلة ، نتيجة لقول مريضهم المتخبط " إني أنا الجني فلان ، ولن أخرج حتى تذبحوا لي كذا وكذا ، وبالرغم من تأكيد المعالِج لهم بعدم التنفيذ ، لأن الذبح لغير الله محرم ، إلا أن أهله وبسبب ضعفهم أمام هذه المشكلة ، ونظرا لكثرة ترددهم على المعالِج دونما فائدة ، يجدون أنفسهم منصاعين لأمر الذبح 0

* انتشار بعض المعتقدات عن هؤلاء المعالِجين بأن لهم كرامات وقوى خاصة تؤثر في الجن حتى أنني رأيت بعضا من أهل العلم والفضل وحفظة كتاب الله ، يسترقون من هم دونهم في العلم والفضل والذين يلحن بعضهم حتى في قراءة آية الكرسي 0

* ما يرد في القصص من عقوق للوالدين ، وقطيعة للرحم ، ورمي الصالحين بالكفر أو الفسق ، باتهامهم بعمل السحر تصديقا لقول الجني المزعوم 0 وقد يبرر البعض أن الجن فيهم كذب ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " صدقك وهو كذوب " ولكن من يضمن لنا أن أهل المريض اقتنعوا أن جني مريضهم كاذب 0

* استغلال الذين في قلوبهم مرض من العلمانيين والمرجفين للأضرار الناتجة عن هذا المعتقد للنيل من علماء المسلمين ووصفهم بالرجعية ، ولعلكم اطلعتم على همز ولمز البعض في الصحف والمجلات 0

* علاج الرجال للنساء الأجنبيات في غياب المحارم ، وفي وجود مجموعة أخرى من النساء ، وما يرافق ذلك من مخالفات شرعية تشمل العراك معهن ، واعتلاء صدورهن والجلوس عليها ، وهذا مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم المتضمن الرفق بأجسام النساء ، حيث وصفهن بالقوارير ، هذا بالإضافة إلى سقوط الأخريات منهن وقد تكشفن وتسلل الرعب والخوف إلى البعض الآخر منهن ، نتيجة الاعتقاد السائد بأن الجن يتنقلون بين الحاضرات ، واتهام الخائفات المحتفظات بتماسكهن بأن ذلك من علامات المس 0

* ما يتعرض له المرضى من أذى نتيجة للضرب المبرح والخنق ، الذي فيه منع للدم من أن يصل إلى المخ ، والهواء من أن يصل إلى الرئة ، دون التمييز الصحي بين أحوال المرضى ، إذ أن محور العملية العلاجية يكمن في جعل المريض يتكلم بشخصية الجني ، حتى ولو كلفهم ذلك حياة المريض بدعوى أن الضرب لا يقع إلا على الجني ولعلكم تسمعون وتقرأون في الصحف من فترة لأخرى عن وفاة أطفال أبرياء أو كبار بسبب ضرب المعالِجين بغرض استنطاق الجن 0

* التسرع في عملية التشخيص للمريض دون التمحيص وبحث الأسباب فمثلا أنت معك جني كافر لأنك عندما تسمع القرآن تخاف ، أو أنت معك سحر لأنك تشعر بآلام في الجهاز الهضمي وتعاني من الأرق ، أو لأنك تبكي عند سماع القرآن ، وكل هذه الأمور لها أثرها السيئ على الحالة النفسية للمريض خصوصا إذا لم يحصل الشفاء 0

* الاستغلال المادي للمرضى وآلامهم ، مع تفشي ظاهرة التردد والتنقل المستمر بين المعالِجين ، لأن الجن يعودون للظهور مرة أخرى وبأسماء وهويات جديدة ، ومن يجلس في أماكن العلاج يلاحظ ذلك ، والبعض منهم يعرض بعض السلع للبيع ، مثل العسل الأصلي وزيت الحبة السوداء وبأسعار خيالية 0

* انتشار بعض الكتب والأشرطة التي تتضمن حوارات مزعومة مع الجن أثارت ضحك واستهجان أصحاب البصيرة لما اشتملت عليه من منافاة للعقل والمنطق ) ( جريدة المسلمون - العدد 641 - الجمعة 10 محرم 1418 ) 0

* وتنقل عنه جريدة المسلمون أيضا : ( ناشد الدكتور مؤذن العلماء وطلبة العلم الاستمرار فيما عودونا عليه من تحري الحق والصواب واتباع الدليل ، وعدم التأكيد على الاجتهادات التي تفتقر إلى الدليل 0 وطالب العلماء بأن يقولوا كلمة الفصل ، ويضعوا حدا للأضرار وللمهازل التي تحدث من المعالِجين في أماكن العلاج والذين تتزايد أعدادهم يوما بعد يوم 0
ودعاهم إلى التطوع والوقوف بأنفسهم ليروا ما يحدث في هذه الأماكن ، وأكد أن هذا لا يتأتى بالمحاضرات التوعوية للمعالِجين بالقول بأنه لا يجوز الذبح لغير الله وأنه ينبغي أن يكون الضرب والخنق خفيفا وأن الجن فيهم كذب ولا ينبغي تصديقهم 0 نعم في الجن كذب ولكنهم يصدقون أحيانا كما ورد في حديث الشيطان مع أبي هريرة حيث قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( صدقك وهو كذوب ) فأي شيء من كلامهم نأخذه على محمل الصدق هل هو ما وافق هذه الاجتهادات والباقي هو محض كذب 0 وقال إن الخلاف في هذه المسألة ليس كبقية الخلافات إنه خلاف نشأ عنه ضرر ومفسدة وفتنة وأن باب سد الذرائع يقتضي وجوب قفل هذا الباب وهذا لا يتأتى إلا بالرجوع إلى ما جاء به الكتاب والسنة فالقول بأن هذه حوادث وقصص فردية قول غير صحيح وخاطب العلماء ما أحوج الناس أن يسمعوا منكم أن الفتوى بأن الشيطان يتكلم على لسان الممسوس أو المسحور هي فتوى ليس لها أصل لا في كتاب الله ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولا في سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده وأن من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ، ومن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد 0 فأنتم خير من يعلم بأن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد e وأن شر الأمور محدثاتها إلى آخر ما جاء به الحديث ) ( جريدة المسلمون - العدد 642 - الجمعة 17 محرم 1418 ) 0

قلت : كلام الدكتور بشكل عام يؤصل بعض القضايا الهامة المتعلقة بالرقية والعلاج ، ولكنه يحتاج لبعض الوقفات لضبط بعض العبارات بالضوابط الشرعية والسلوكية ، وهي على النحو التالي :

1)- يفهم القارئ من خلال كلام الدكتور حول موضوع استنطاق الجني على لسان المصروع بأنه اعتقاد مبني على الاجتهاد ويفتقر إلى الدليل ، ومع تقديري للدكتور الفاضل وحرصه الشديد على المصلحة العامة للمسلمين ، ومحاولته ضبط بعض الأمور والمسائل المتعلقة بالرقية ، إلا أنني أخالفه الرأي حول اعتقاده هذا ، فنحن نعلم يقينا أن مسألة كلام الجني على لسان المصروع ليس لها أصل في الكتاب والسنة كما تم الإشارة آنفا ، ولكنها تواترت بالنقل عن السلف والخلف ، وبذلك لا نستطيع إنكارها فهي حقيقة واقعة أقرها كثير من أهل العلم قديما وحديثا ، يقول الشبلي : ( قال عبدالله بن أحمد بن حنبل : قلت لأبي : إن قوما يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنس 00 فقال : يا بني يكذبون هوذا يتكلم على لسانه ) ( مختصر آكام المرجان في أحكام الجان – ص 37 ) ، ومن هنا لا نستطيع إنكار هذه الحقيقة الواقعة ونبدأ بالهمز واللمز في أقوال التابعين وسلف الأمة بحجة الدليل والبرهان وكأننا بذلك أحرص من شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – والإمام أحمد ابن حنبل – رحمه الله – على هذا الدين وهذه العقيدة ، ليس ذلك فحسب بل وصل بنا الحد إلى القول بخصوص تلك المسألة : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) ، وكون أن نحرص على ضبط القواعد والأصول المتعلقة بالرقية الشرعية بشكل عام والحوارات أو استنطاق الجني على لسان المصروع بشكل خاص ، فهذا واجب شرعي مطلوب ، أما أن نبدأ برد بعض الأمور بسبب حجج واهية فهذا يحتاج لوقفة وإعادة نظر ، ولسنا بأحرص من أئمة وعلماء الأمة على الدليل الموافق للكتاب والسنة ، وما اجتهدوا في مسألة قط إلا بناء على هذين الأصلين العظيمين 0
2)- أما قول الدكتور حسني مؤذن عن إمعان المريض في إعطاء لسانه حرية التفوه بكلمات الكفر أثناء نوبة الصرع فغير صحيح ، فإن كنا نقر شرعا وعقلا بدخول الجني في بدن الإنسي ، فإننا نقر كذلك بكلامه على لسان المصروع وبالتالي لا يجوز أن نظهر بأن المريض هو الذي يطلق العنان لنفسه للتفوه بتلك الكلمات ، أما القول بأن بعض المرضى يتوهم ذلك الأمر فهذا صحيح في بعض الحالات ولكن الكلام لا يؤخذ على إطلاقه ، وهنا لا بد للمعالِج المتمرس الحاذق التأكد من ذلك وتوجيه الحالة المرضية الوجهة الصحيحة التي يراها بعد الدراسة العلمية الموضوعية المستفيضة ، فإما أن تنصح بالذهاب للطبيب النفسي المسلم أو للطبيب الأخصائي المتمرس الحاذق في مهنته ، وإما أن تنصح بمراجعة المعالِج الحاذق المتمرس ليقف على الداء ويصف الدواء النافع بإذن الله تعالى 0

3)- قول الدكتور حسني مؤذن بأن الذبح لغير الله محرم ليس صحيحا بل الصحيح أن الذبح لغير الله سواء كان تعظيما أو تقربا أو لأي سبب آخر هو كفر بالله عز وجل ، وعدم توبة صاحبه من فعله هذا يعني إحباط العمل والخلود في النار 0

4)- وأما المعتقد بكلام الجني على لسان المصروع والتفوه بكلمات تؤدي لمفاسد عظيمة بسبب استنطاق المعالِج لذلك الجني فقد يكون الأمر دون وجود المعالِج أصلا ، وقد يقع ذلك مع أهل المريض ومحارمه ، ولا بد في هذه الحالة من زرع التوعية لدى الناس وتأصيل هذه المسألة وضبطها بضوابطها الشرعية والسلوكية بحيث يربي الناس على الاعتقادات والتصرفات الصحيحة التي تجعلهم في منأى من تصديق وأخذ كل ما يقوله الجن كحقائق ومسلمات ، هذا إن كانت النوبة الصرعية أصلا ناتجة عن صرع الجن للإنس 0

5)- وأما انتشار بعض المعتقدات أو الأفعال عن هؤلاء المعالِجين ، وقسم منها يتعلق بكلام الجني على لسان المصروع والقسم الآخر يتعلق بسلوكيات المعالِجين ، فقد لخصها الدكتور حسني بالآتي :

أ - أن لهم كرامات وقوى خاصة مؤثرة 0
ب- العقوق وقطيعة الرحم نتيجة للتصرفات غير المسؤولة من بعض المعالِجين 0
ج- استغلال الذين في قلوبهم مرض من العلمانيين والمرجفين للأضرار الناتجة عن معتقد كلام الجني على لسان المصروع 0
د- علاج الرجال للنساء الأجنبيات في غياب المحارم والمخالفات الشرعية الحاصلة نتيجة لذلك 0
هـ- ما يتعرض له المرضى من أذى نتيجة للضرب المبرح والخنق 0
و- التسرع في عملية التشخيص للمريض 0
ز- الاستغلال المادي للمرضى وآلامهم 0
ح- انتشار بعض الكتب والأشرطة التي تتضمن حوارات مزعومة مع الجن 0
وكل ما ذكره الدكتور – وفقه الله للخير فيما ذهب إليه - بخصوص النقاط آنفة الذكر هو أقرب إلى الصواب ، مع أني قد وضعت القواعد والأصول التي تضبط كل تلك المسائل بالضوابط الشرعية والمسلكية التي لا تتعارض بأي حال مع سلامة المريض الجسمية والنفسية 0

وبعد هذا العرض الشامل والمفصل لأقوال أهل العلم والباحثين يتضح جواز الحوار مع الجن والشياطين بما تمليه المصلحة الشرعية دون تفصيل وبحث لا فائدة من وراءه 0

ومن هنا تبدأ مرحلة الحوار ما بين المعالِج وبين الجني الصارع ، ولا بد للمعالِج من توخي الأمور التالية :

1- تركيز الحوار على ما تقتضيه المصلحة الشرعية فقط وضمن نطاق شرعي ضيق ومحدود وللضرورة التي تقدر بقدرها ، دون الخوض في أية أمور ليس لها علاقة بالعلاج أو تؤدي لمفاسد شرعية أو اجتماعية لا يحمد عقباها 0

2- التركيز على إيضاح العقيدة الصحيحة بقوة ورباطة جأش وثقة لا يشوبها الشك أو التردد 0

3- الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى ، مستخدما بعض القواعد الرئيسة في الدعوة ، ومنها :

أ )- الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة : يقول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ ) ( سورة النحل – الآية 125 ) 0

ب)- الدعوة بالرفق واللين : يقول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه : ( وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) ( سورة آل عمران – الآية 159 ) 0
ويجب على المعالِج الاهتمام بجانب الدعوة بسبب أن الجن مكلفون بإجماع أهل النظر 0

قال الشبلي : ( قال أبو عمر بن عبدالبر : الجن عند الجماعة مكلفون مخاطبون لقوله تعالى : ( فَبِأَيِّ ءالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) ( سورة الرحمن – 157 ) 0

وقال أيضا : ( قال القاضي عبد الجبار : لا نعلم خلافا بين أهل النظر في أن الجن مكلفون ) ( أحكام الجان – ص 53 ) 0

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - تحت عنوان " دعوة الإسلام شاملة للإنس والجن " : ( والمقصود هنا : أن دعوة محمد e شاملة للثقلين الإنس والجن على اختلاف أجناسهم ، فلا يظن أنه خص العرب بحكم من الأحكام أصلا ، بل إنما علق الأحكام باسم مسلم وكافر ، ومؤمن ومنافق ، وبر وفاجر ، ومحسن وظالم00وغير ذلك من الأسماء المذكورة في القرآن والحديث ) ( البيان المبين في أخبار الجن والشياطين – ص 37 ، 38 ) 0

سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن إمكانية أن يهتدي جن على يدي إنس إذا سمع موعظة أو ذكرى ؟

فأجاب – حفظه الله - : ( نعم ، فقد سمعوا القرآن : ( 000 فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءانًا عَجَبًا 000 ) ( سورة الجن – الآية 1 ، 2 ) ، وقال : ( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا ) الآية ، ولا شك أن منهم الصالحون ومنهم دون ذلك ، ومنهم المسلمون ومنهم القاسطون ، فقد يهتدي بعضهم بالدعوة إلى الدين وكذا يستقيم بالموعظة والتذكير خاصة أو عامة ، والله أعلم ) ( مخطوطة بخط الشيخ ) 0

قلت : فالواجب يحتم على المعالِج أن يدعو تلك الأرواح إلى الإسلام وأن يستخدم في دعوته معها القواعد الرئيسة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن يجبرها على الإسلام إن أبت ذلك ، وقد يرى بعض المعالِجين أن دعوة الجن والشياطين إلى الإسلام لا بد أن يمضي دون إكراه مستشهدا بقول الحق جل وعلا : ( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) ( سورة البقرة – الآية 256 ) ، يعقب سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله - على ذلك قائلا :

( الآية المذكورة منسوخة أو مختصة بأهل الكتاب والمجوس إذا بذلوا الجزية ، فالواجب أن يبين للجني الكافر ، وأنه يجب عليه الدخول في الإسلام ويحرم عليه البقاء على الكفر لقوله تعالى : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الأخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ ) ( سورة آل عمران – الآية 85 ) 0 ويبين له تحريم الظلم وأن بقاءه في هذا الإنسان من الظلم ) ( قتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين – ص 136 ) 0

قصة واقعية : حضرت فتاة في مقتبل العمر تجاوزت عقدها الثاني ، وكانت تعاني منذ فترة من صرع الأرواح الخبيثة ، تقول والدتها : عندما كان يتلبسها ذلك الشيطان كنا نصاب بحالة من الرعب والخوف والهلع لاختلاف ملامحها الكلية ، وتحول تلك الملامح إلى صورة مرعبة ، وتم رقية الفتاة فنطق على لسانها الجني الصارع وكان مسيحيا واسمه ( يحيى ) وبدأ الحوار معه ، ودعي للإسلام فأبى في بادئ الأمر ، ومع إيضاح الإسلام وسماحته وتعاليمه القيمة النبيلة ، شعرت بليونة في الحوار والنقاش معه وتقبله الأمر ، ولكنه مع ذلك كان يخشى إيذاء الساحر له وبطشه به ، واستمر الحوار ، وقد حرصت من خلاله على إيضاح بعض الأسس العقائدية التي لا بد أن تترسخ في نفسية الإنسان لكي يعيش في تبعية وانقياد لخالقه سبحانه وتعالى لا لشيء سواه ، لأنه المتصرف في هذا الكون وبيده الموت والحياة وله مقاليد الأمر كله 0 وبعد ذلك العرض اقتنع كلية بالأمر ، ومن الله سبحانه وتعالى عليه بالإسلام ، فنطق الشهادتين ، واخترت له اسما هو أحب الأسماء إلى الله سبحانه وتعالى ( عبدالله ) ، وطلبت منه أن يتعلم الطهارة والصلاة ونحوها من الأمور الأساسية التي يحتاجها في حياته ، وبعد أسبوع عادت الفتاة مع أمها فسألت عن حالها خلال تلك الفترة ، فحمدت الأم الله سبحانه وأثنت عليه لما منّ به على ابنتها بالشفاء ، وأخبرتني أن ابنتها قد تخلصت من كافة الأعراض السابقة وأنها تعيش حياتها الطبيعية بفضل الله سبحانه ومنه وكرمه ! ومن الأمور الغريبة التي حدثتني بها الفتاة أنها عندما ذهبت للبيت ، أخذت كتابا يتحدث عن الطهارة والصلاة وبدأت في تصفحه وقراءته ، تقول كنت في بعض الأحيان أقلب الصفحة وكانت تعود تلقائيا وكنت أفعل ذلك مرات ومرات وكان يحصل معي كما حصل في المرة السابقة ، والظاهر والله تعالى أعلم بأن ذلك الجني كان يقرأ معها يريد استيعاب وفهم فحوى تلك الصفحة قبل الانتقال لغيرها ، وتم رقية الفتاة وحضر ( عبدالله ) فسلم ، وعاهد على الخروج وعدم العودة لتلك الفتاة وطلب السماح والدعاء ، ووجهته للذهاب إلى مكة وطلب العلم الشرعي هناك ، وعاهد على ذلك وخرج بفضل الله سبحانه وتعالى ومنه وكرمه 0
ومرت الأيام والشهور ، وإذا بتلك الفتاة تحضر مع أمها ، فسألتها 00 فحمدت الله سبحانه وأثنت عليه لما منّ على ابنتها بالصحة والعافية ، وأخبرتني الأم بأن الفتاة تريد أن تكلمني في أمر ما ، وفي تلك اللحظة شعرت بأن تكوين الفتاة الجسمي بدأ في التغير وكأني أقف أمام رجل عجوز قد بلغ من الكبر عتيا ، وإذا برجل يسلم بتحية الإسلام ويقول : أنا ( إبراهيم ) ، وكان يمسح على لحيته وأخذ بالبكاء ، قال : جئت أخبركم باستشهاد ( عبدالله ) أحسبه كذلك ولا أزكيه على الله سبحانه ، وأرجو أن تسامحوه وأن تدعو له ، وقد أمنني في إيصال تلك الرسالة لكم لكي تحللوه قبل ذهابه للجهاد في سبيل الله ، فقد جاءنا في مكة وحسن إسلامه ، وذهب في تحقيق هذا الهدف وهذه الغاية ، فجاهد في سبيل الله وقتل على ذلك ، ونحسبه من الشهداء والله حسيبه ، فجلست لحظة صمت أفكر في ذلك ، فسلم ( إبراهيم ) وودعني وذهب ، وعاشت الفتاة حياتها الطبيعية بفضل الله تعالى ، والله تعالى أعلم بذلك 0

4)- عدم الانصياع لأية أوامر أو إرشادات تمليها تلك الأرواح الخبيثة ، وقد تكون تلك الأوامر على النحو التالي :

أ )- أوامر كفرية شركية ، مقابل مفارقة الأرواح الخبيثة لجسد المريض ومنها :
1- الذبح لغير الله سبحانه ، كالذبح للجن ، أو الذبح للساحر ونحوه 0
2- تعليق بعض التمائم الكفرية 0
3- السفر لأضرحة بعض الأولياء والصالحين بزعمهم 0

قلت : إن المؤمن الحق يعتقد اعتقادا راسخا بأن طريق الخلاص والنجاة لعلاج الأمراض الروحية يكمن في العودة الصادقة للمنهل الحقيقي العذب والمتمثل في الكتاب والسنة والتمسك بهما والعض عليهما بالنواجد ، أما استرضاء الجن والشياطين بذبح أو تعليق تمائم كفرية أو زيارة أضرحة الأولياء والصالحين بزعمهم ونحو ذلك من أمور مناقضة للعقيدة ، كل ذلك يعتبر من نواقض الإيمان التي تدخل صاحبها بالكفر والشرك والخروج من هذا الدين بالكلية 0
إن العودة الصادقة ، والتبعية الحقة ، والمحبة الراسخة تؤكد على المؤمن اتباع الحق والتمشي بطريقة أهل السنة والجماعة ( منهج السلف الصالح ) وهذا ما يؤدي بالتأكيد إلى الفلاح والنجاح في الدارين الدنيا والآخرة 0

ب)- أوامر من المعاصي والمخالفات الشرعية لمفارقة الأرواح الخبيثة لجسد المريض ، ومنها :-

1- اقتراف بعض المنهيات التي نهى رسول الله e عن فعلها ، كقتل الضفدع أو الهدهد أو قطع شجر السدر ونحوه 0
2- الطلب من المريضة التبرج والتزين والتعطر ، والخروج سافرة أمام الرجال والنساء 0
3- الطلب من المريضة التراقص والتمايل على أنغام مزامير الشيطان 0

ج )- أمور مباحة مقابل مفارقة الأرواح الخبيثة لجسد المريض ، ومنها :-

1- طلب مال ونحوه 0
2- طلب بعض الأمور العينية كعباءة أو حذاء ونحوه 0

فواجب المعالِج التنبه لهذه الأمور وعدم الانصياع لأية أوامر سواء خالفت أو لم تخالف الشريعة دون السماح لتلك الأرواح الخبيثة في الحديث أو الخوض في هذا الموضوع ، ولا بد للمعالِج أن يضع نصب عينية أن الجني الصارع هو ظالم مستبد قد تسبب في إيذاء وصرع المريض ، ولا بد أن يخرج دون قيد أو شرط 0

5)- عدم الاستهزاء بالجن والسخرية منهم ، ولا بد للمعالِج أن يجعل نصب عينيه دعوتهم ، وإيضاح الحق لهم بالوسائل والأساليب الشرعية المتاحة ، دون اللجوء إلى أسلوب السخرية الذي قد يؤدي إلى نتائج عكسية على المريض وقد تصل آثاره إلى المعالِج نفسه ، وكذلك لا بد للمعالِج من تحذير المرضى والعامة من الاستهزاء والسخرية بالجن وذكرهم في مجالسهم بما لا ينفع ونحوه ، لما في ذلك من إثم عظيم ومخالفة لشرع الله سبحانه وتعالى ومنهجه ، ولما قد يؤدي من إيذاء الجن للإنس نتيجة الخوض في هذا الأمر والاسترسال فيه 0

قصة واقعية : حصلت هذه القصة منذ فترة طويلة من الزمن ، حيث جاءني شاب في مقتبل العمر ، كان يشكو من صداع شديد مزمن عانى منه لسنوات طوال ، وبعد رقية الشاب نطقت على لسانه جنية وقالت: اسمي ( فاطمة ) وقد جئت لهذا الشاب لسببين رئيسين الأول أنه كان دائما يستهزئ بنا في مجالسه العامة والخاصة ، وأما السبب الثاني فإنه لا يصلي ، وبعد أن تم إيضاح الأمر لها وتذكيرها بالله سبحانه وتعالى ، ووعِدت بعدم استخدام أسلوب الاستهزاء والسخرية بالجن وبغيرهم لأن ذلك مخالف للأحكام الشرعية وفيه إثم عظيم كما أخبر الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ ) ( سورة الحجرات – الآية 11 ) ، وأما السبب الثاني فتم إيضاح أن الهداية والتوفيق والسداد من الله سبحانه وتعالى ، وعلينا أن نبين الحق للناس وأن نعظهم بالحكمة والموعظة الحسنة ، ولن نستطيع أن نصحح الخطأ بخطأ مثله ، وعاهدت بعد اقتناع كامل ، ثم خرجت بفضل الله سبحانه وتعالى ومنه وكرمه ، وعاد الشاب بصحته لا يشكو شيئا ، والله تعالى أعلم 0

أستسمحك أخي الكريم ( عمر السلفيون ) على هذا البحث الشامل حول تلك النقاط الهامة ، سائلاً المولى عز وجل أن تنتفع بها ، وأن تلبي الغرض المطلوب من عرضها بهذا الشكل المفصل 0

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني

يتبع
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 06-09-2004, 02:57 PM   #4
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

السؤال التاسع : توجد حالاتالسؤال التاسع: توجد حالات تأخذ شهور ، علما ً بأن أصحابها لديهم بعض المعاصي ؟؟؟

الجواب تجده على الرابط التالي :

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء
   الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،

لقد قرأت ما خطته يمينك أخي الحبيب ( متعجب ) ، ولا أخفيك أني قد أعجبت بطرحك ، وما تحمله من فكر ، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على سلامة معتقدك ، وصحة منهجك ، وبحثك عن الحق أينما كان ، وبالمجمل فإني لا أخالفك الرأي في كثير مما ذكر ، إلا أنني أحببت أن أعقب على بعض النقاط التي تحتاج إلى إيضاح وتبصير وهيَّ على النحو التالي :

أما قولك – وفقك الله للخير فيما ذهبت إليه - : ( فقد كثر اللغط والتقول على الله بغير علم من قبل بعض الرقاة السذج ، كل يقول بخلاف الآخر مما جعلني أتساءل أين الحق بهذه المسألة أو تلك !؟ وبما أني أعلم بأن الضابط للحكم على الأقوال والأفعال هما الكتاب والسنة ) 0

أقول وبالله التوفيق : لو أن كل المعالجين يحملون هذا الفكر لبقي علم الرقى بخير ، ولكن التأول على الله ، والقول بغير علم ، وتحكيم الأهواء والشهوات دون تحكيم الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة ، ودون وضع ضوبط شرعية تحكم هذا الأمر ، كل ذلك أدى إلى ما أدى إليه من اتساع الخرق على الراقع ، بحيث أصبحت الرقية مثار قذف وتشهير من قبل العلمانيين والمغرظين ومن على شاكلتهم ، ومن هنا جاء كتابي الموسوم : ( القول المعين في بيان أخطاء معالجي الصرع والسحر والعين ) ، ولا يخفى على أمثالك أخي الكريم أن الحق بين أيدينا ، ولكن كل ما ذكرته من عوامل إلى رفض الحق والتمسك بما دونه ، والله تعالى أعلم 0

أما قولك – وفقك الله للخير فيما ذهبت إليه - : ( إن مسألة الخوض بالرقية أخذت أبعادا كثيرة مما حدى بالبعض أن تمسك بخبراته وعلومه حول مدة مكوث المريض بمرضه بعد الرقية فمنهم من قال سنين عديدة ومنهم من قال أشهر قليلة ومنهم من قال لا أعلم وما إلى هنالك كل حسب خبرته بالرقية ) 0

وقولك – وفقك الله للخير فيما ذهبت إليه - : ( فمن أصدق من الله قيلا ، ومن أصدق من الله ، حديثا قل صدق الله 0 فمن الممتنع شرعا وعقلا ونقلا أن من التجأ إلى الله جل في علاه أن يضيعه إن انتفعت الموانع وتحققت شروط الاستجابة باستثناءات نادرة جدا لحكمة يعلمها الله العليم الحكيم وبما أننا لا نتكلم عن الاستثناء بل عن جوهر الموضوع ألا وهو : هل يخلف الله وعده بعد أن بين لنا في القرآن الكريم ( ادعوني أستجب لكم ) والأمثلة كثيرة من القرآن فلا داعي لتكرارها 0 وأما من السنة ما ثبت بالصحاح وغيرها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان له حرز من الشيطان الحديث ومثله إذا خرج الرجل من بيته فقال : بسم الله توكلت على الله لا حول و لا قوة إلا بالله فيقال له : حسبك قد هديت و كفيت و وقيت فيتنحى له الشيطان فيقول له شيطان آخر : كيف لك برجل قد هدي و كفي و وقي ؟ ومثله ما من عبد يقول في صباح كل يوم و مساء كل ليلة : بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض و لا في السماء و هو السميع العليم ثلاث مرات فيضره شيء ، فلا داع لذكر الكثير من الأدلة لعدم التكرار ففي الدليل الواحد كفاية إن شاء الله 0 فلعلك تلاحظ معي شيخنا أن بعض من يقول أنهم قد أصيبوا بالمس والعين والسحر هم مواظبون على أذكارهم ومنهم من هو على تقى وورع وعفاف وعلم وهو مؤمن وموقن بأذكاره وتحصيناته ، فهل نقول أن الأذكار لغو لسان لا تفيد التحصين وبناء على ذلك ننسف عشر السنة التي حضت وحثت على الأذكار بأوقاتها ومنافعها الجمة ؟! أليس في هذا تشكيك بالأذكار من قبل المريض الخابت ،القانت ، والمحتسب ، وهو ينتظر الفرج من الله باتباعه ما أمره الله به ورسوله .؟ هذا إذا قلنا أن سبب المس أو العين الغفلة فنكون قد اتفقنا عند النقطة الأولى ) 0

أقول وبالله التوفيق : أما تمسك بعض المعالجين بخبراته وعلومه حول مدة مكوث المريض بمرضه بعد الرقية فمنهم من قال سنين عديدة ومنهم من قال أشهر قليلة ومنهم من قال لا أعلم وما إلى هنالك كل حسب خبرته بالرقية ، كل ذلك لا يقدح مطلقاً في هذه المسألة إن كنا نقصد من المعالجين من هم على علم شرعي ودراية وخبرة وله كبير صولة وكثير جولة ، وكما هو معلوم لديك أخي الحبيب أن مراتب الجن متنوعة بنصوص الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة كما ذكرت ذلك في كتابي ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) ، فمنهم من يحتاج إلى قراءة واحدة ، ومنهم من يحتاج إلى أكثر من ذلك ، والسحر مختلف في قوته وكذلك العين ، وبالعموم فالأولى في حق المعالج أن لا يعتمد مع الحالات المرضية على مسألة تحديد الوقت ، حيث أنه لا بد أن يزن ويقدر الأمور بموازين شرعية ، وعليه أن يستخدم الشفاء النفسي مع المرضى ، وعليه أن يقف وقفة صادقة مع المرضى لزرع الثقة في نفوسهم ومواساتهم ويكون ذلك بالأمور التالية :

أ)- شحذ همة المريض وتقوية عزيمته وذلك بالدعاء له بالأدعية المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن يقول : ( لا بأس طهور إن شاء الله ) 0

هذا وقد وقفت على حديث ضعيف بخصوص هذه المسألة إلا أن معناه صحيح ، فعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في الأجل ، فإن ذلك لا يرد شيئا 00 وهو يطيب نفس المريض ) ( قال الألباني : حديث ضعيف جدا ، أنظر ضعيف الجامع 488 ، ضعيف الترمذي 367 ، ضعيف ابن ماجة 303 – السلسلة الضعيفة 182 – المشكاة 1572 – وقد ذكره ابن الجوزي في " العلل المتناهية في الأحاديث الواهية " - برقم 1459 ) 0

قال الدكتور عبدالرزاق الكيلاني : ( وفي سنده موسى بن إبراهيم التيمي ، وهو منكر الحديث ، ولكن معناه صحيح 0
التنفيس : التفريج ، ويكون بالدعاء بطول العمر أو بنحو : يشفيك الله تعالى ) ( الحقائق الطبية في الإسلام - 277 ) 0

قلت : والحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أشار لذلك علماء الحديث ، إلا أن المعنى العام الذي يشير إليه صحيح ، فقد أكدت النصوص الحديثية على مدى الترابط والتراحم فيما بين المسلمين في أكثر من موضع ، ومثل ذلك التراحم يحتم على المسلم أن يقف مع أخيه المسلم وقفة صادقة في أي محنة أو مصيبة أو ابتلاء ، والمريض أحوج ما يكون في هذا الوقت بالذات لتعليمات وتوجيهات وإرشادات المعالِج ، وهذا بذاته فيه تقوية لعزيمته وشحذ لهمته والوقوف معه والأخذ بيده ، وكل ذلك يشعره بالطمأنينة والراحة والسكينة ، فتكون تلك الوقفة بمثابة تسلية له فيما أصيب به من عناء ومشقة وتعب ، ويكون لها أثر كبير على نفسيته فتساعد على دفع العلة أو تخفيفها ، وهذه غاية ما يسعى له المعالِج 0

قال صاحبا الكتاب المنظوم فتح الحق المبين : ( وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل المريض عن شكواه ويدعو له ويصف له ما ينفعه في علته ، وكان يقول للمريض : " لا بأس عليك طهور إن شاء الله تعالى " " أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المرضى ( 14 ) – برقم ( 5662 ) – أنظر فتح الباري – 10 / 121 " ) ( فتح الحق المبين – ص 159 ) 0

قال الدكتور عبدالرزاق الكيلاني : ( المعالجة النفسية مهمة للمريض 00 كالمعالجة الدوائية أو أكثر منها ، وغايتها تقوية ثقة المريض بنفسه 00 وبقدرته على التغلب على محنته بمعونة الله سبحانه وتعالى فتنضم قواه النفسية إلى قواه البدنية ، ويتغلب بمشيئة الله تعالى على مرضه ، فيكون شفاؤه أسرع إذا كان الله سبحانه وتعالى مقدرا له ذلك ) ( الحقائق الطبية في الإسلام – ص 277 ) 0

ب)- إدخال السرور على قلب المريض وذلك بالبشاشة والكلمة الطيبة والطرفة الخفيفة التي يكون لها وقع وأثر طيب على نفسه 0

ج)- تذكيره بالأجر العظيم والثواب الجزيل الذي أعده الله سبحانه وتعالى له ، وكل ذلك يقوي من عزيمته ، كما ثبت من حديث أم العلاء - رضي الله عنها – حيث قالت : ( عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريضة ، فقال : ( أبشري يا أم العلاء، فإن مرض المسلم يذهب الله به خطاياه 00 كما تذهب النار خبث الذهب والفضه ) ( صحيح الجامع 37 ) 0

د)- أن يغرس المعالِج في نفسية المريض الصبر والاحتساب 0

هـ)- أن يزرع في نفسه التعلق بالله سبحانه وتعالى وحده دون سائر الخلق 0

يقول الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ : ( ومن صفات الراقي أن يكون معلقا للمرقي بالله جل وعلا ، فلا يعلق المريض بالذي يرقيه ويضع الراقي من نفسه وحاله من العظمة ويحدث بأنه شفى فلان وعافى فلان فيعظم نفسه ) ( مجلة الدعوة – صفحة 22 – العدد 1683 من ذي القعدة 1419 هـ ) 0

و)- قرب المعالِج من المريض خاصة في تلك اللحظات ، ومن هنا كان الواجب يحتم عليه أن يُذكّره بالله وبمراجعة النفس بأسلوب طيب محبب إلى النفس 0

ز)- تذكير المريض بالله سبحانه وتعالى وأن الشفاء بيده وحده 0

قال الدكتور عمر يوسف حمزة : ( على الراقي أن يبث في وجدان المريض أن الله يبسط رحمته لمن التجأ إليه واستعان به وطلب العون منه ، وأن المرض قد يكون كفارة ، وقد يرفع الله به المريض درجات عنده ، وأن الاستغاثة بالله دليل على عمق الإيمان برحمته 0 وقد جاء في شرح صحيح البخاري : أن الرقى بالمعوذات – وهي قل هو الله أحد ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس – وغيرها من أسماء الله تعالى هو الطب ال****** ، إذا كان على لسان الأبرار من الخلق حصل الشفاء بإذن الله تعالى 0 والراقي بمثابة الطبيب 00 إذا دخل على المريض يجب أن يبشره بالشفاء وأن يغرس في نفسه الأمل وأن يزيل عنه شبح اليأس والقنوط 0 وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عاد مريضاً 00 يمسح عليه ويدعو له قائلا : " أذهب الباس0 رب الناس0 واشف أنت الشافي0لا شفاء إلا شفاؤك0 شفاء لا يغادر سقما " " متفق عليه " ) ( التداوي بالقرآن والسنة والحية السوداء – ص 36 ، 37 ) 0

قال الشيخ عبدالله السدحان تحت عنوان " تنظيم حياة المريض " : ( ما أجمل أن يعيد الراقي تنظيم حياة المريض وأن يرسل نظرة نافذة إلى حياته حتى يتعرف على عيوبها وآفاتها ، ويرسم البرنامج العلاجي الإصلاحي لها ، ويربطه بخالقه معيدا كل شيء إلى وضعه الصحيح 0 إن حياة هذا المريض تستحق مثل هذا الجهد المثمر ، فتعاهد شؤونه بين الحين والحين ، وتعيده إلى توازنه كلما عصفت به الأزمات حتى لا يصبح نهبا لصنوف الشهوات وضروب المغريات، وهذه الجرعة تحيي الأمل في النفوس اليائسة، وتنهض العزيمة إلى التوبة الصادقة ، وهي توبة يفرح لها المولى – عز وجل- لانتصار الإنسان على نفسه وشيطانه ) ( قواعد الرقية الشرعية – ص 16 ، 17 ) 0

يقول الأستاذ ماهر كوسا : ( أن يكون له أسلوب جيد- يعني المعالج - في الموعظة الحسنة بما يرضي الله تعالى ، وأن يبدأ بمعالجة روح المريض ويقويه على هذا البلاء موضحاً له أنه أقوى من الجن إذا لجأ إلى الله معلماً إياه أذكار الصباح والمساء حاثاً له على الصلاة وبالذات مع جماعة المسلمين ناصحاً بحجاب المرأة حسب أمر الله ) ( فيض القرآن في علاج المسحور – ص 38 ) 0

وبالجملة فلا بد من مراعاة المعالج للجانب النفسي الخاص بالمرضى وتوخي الرفق والأناة في التعامل معهم بشكل عام ، وكذلك مراعاة مشاعرهم والدقة في اختيار الكلمات ووزنها من الناحية الشرعية والخلقية ، والمفترض أن يكون المعالج بشوشاً صادقاً في تعامله وفي حركاته وسكناته 0

يقول الأستاذ سعيد العظيم : ( لا بد من الرفق مع الناس عامة ومع المرضى بصفة خاصة ؛ فما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه ، وربنا رفيق يحب الرفق في الأمر كله ، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على غيره ، والرحمة بذوي العاهات ، والشفقة بالمرضى مطلوبة ومشروعة ؛ فالراحمون يرحمهم الرحمن 0 " ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " وإذا كان في كل ذي كبد رطبة أجر ، وقد دخلت امرأة النار في هرة حبستها : لا هي أطعمتها إذ حبستها ، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ، وعلى العكس ، دخلت بغي الجنة في كلب سقته ؛ فشكر الله لها صنيعها ، وإذا كان الكافر يرحم بالرحمة العامة ؛ فيطعم من جوع ويسقى من عطش ويداوي من مرض – طالما أنه ليس محارباً – فكيف بالمسلم إذا مرض 0
لا شك أنه ينبغي عيادته واللطف به والشفقة عليه وقضاء حاجته والسعي في إراحته ، وهذا كله متأكد مع أصحاب الأمراض النفسية العصبية ، وقد لوحظ أن الناس بينما قد يتمثلون هذه الأوامر مع المريض طريح الفراش ، إلا أنهم على العكس والنقيض ، سرعان ما تضيق صدورهم بالمريض النفسي والعصبي، ويستهزءون ويستخفون به ، ويعنفونه وقد يضربونه ، ويهملونه ويحبسونه 000 إلى غير ذلك من التصرفات التي من شأنها أن تُمرض الصحيح ، وأن تزيد حالة المرض حدة ، وقد يكون الدافع لهذه التصرفات هو الجهل بحالة الشخص وطبيعة مرضه وخصوصاً وهو يراه عاملاً متزناً في جوانب أخر كما في حالات الوسوسة وانفصام الشخصية مثلاً 0
وقد يكون الدافع هو الجهل بسوء عاقبة هذا التصرف والسلوك ، وأننا بذلك ندخل المريض في دوامة لا تنتهي ، ونجري عليه أحكاماً ليس هو من أهلها ، ونخاطبه مخاطبة من يعقل وقد لا يكون كذلك 0
إن المريض النفسي العصبي لا يقل في احتياجه الشفقة والرفق والرحمة عن مرضى الانفلونزا والروماتيزم والسرطان 000 فاتقوا الله في عباد الله ، ولا تفرح في بلوى أخيك فيعافيه الله ويبتليك ، والرفق به سواء كنت قريباً أو صديقاً أو طبيباً معالجاً : ( وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) " سورة البقرة - الآية 281 " ( الرقية النافعة للأمراض الشائعة – ص 120 ، 121 ) 0

وأختم هذا الموضوع بكلام جميل للأستاذ " محمد بن محمد عبد الهادي لافي " تحت عنوان ( الرقية وأثرها النفسي والعقائدي على المريض ) حيث يقول :

( إن الإسلام جاء ليحرر العقول من الضلال والخرافات والأوهام فحرَّم السحر والكهانة واللجوء إلى أصحابها ، وحرم الرقى التي لا تتلائم مع روح الشريعة 0 وكما أمر بالتداوي بالأدوية الحسية 0 والأخذ بالأسباب العلمية 0 فإنه رغَّب بمشاركتها بالأدوية المعنوية والروحية من أدعية ورقى بكلام الله العزيز وبأسمائه الحسنى 0
وفيها يتذكر المريض خالقه ، وتبقى عقيدة التوحيد خالصة لله تعالى 0 وتظل نفس المريض هادئة مطمئنة لتوكله والتجائه إلى الله 0 فيقوى صبره ورضاه بقدر الله ، وتختفي الأعراض النفسية 0 وقد تستخدم الرقية في معالجة ألم أو مرض جسدي ولو تعذر هذا الشفاء فهي تطمئن المريض لأن المخاوف الناتجة عن الألم تسبب زيادة في التشنجات المسببة للألم ، وقد تؤدي إلى اضطراب نفسي ، فالإسلام أباح الرقية المتلائمة مع الشرع الحنيف ولم يهمل الأدوية المادية 0 ولا شك بأن الأدوية الروحية ( الإلهية ) لها أهميتها لدعم الأدوية المادية ) ( عالج نفسك بنفسك – ص 17 ) 0

قلت : وقد فصلت في هذه المسألة لأهميتها ، ولأبين لإخوتي من المعالجين قاعدة فقهية عظيمة وهيَّ : ( قاعدة المصالح والمفاسد ) ، فلنركز على هذه المسألة دون الخوض في مسألة تقديرها ونتيجتها بيد الله سبحانه وتعالى وتحت تقديره ومشيئته 0

أما قولك – وفقك الله للخير فيما ذهبت إليه - : ( ومن خلال استقرائي لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، تبين لي بأن المريض لا يلبث كل تلك المدة إن انتفت الموانع وتحققت شروط الاستجابة فنحن لا ندعو أصم حاشا وكلا ) 0

قلت وبالله التوفيق :

أولاً : مما لا شك فيه أن استقراءك لبعض نصوص القرآن والسنة وبيان أن المريض لا يلبث كل تلك المدة إن انتفت الموانع وتحققت شروط الاستجابة ، فاعلم يا رعاك الله أن هناك نصوص أخرى أكدت عكس ما تقول ، وإليك بعض الأمثلة على ذلك :

* عن عطاء بن رباح قال : قال لي ابن عباس - رضي الله عنه – : ( ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : بلى ، قال هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي ، قال : إن شئت صبرت ولك الجنة ، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك ؟ فقالت : أصبر ، فقالت : إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف ، فدعا لها ) ( متفق عليه ) 0

* أورد الحافظ أبو بكر بن مردويه ههنا حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبها طيف 0 فقالت : يا رسول الله ادع الله أن يشفيني 0 فقال : " إن شئت دعوت الله فشفاك وإن شئت فاصبري ولا حساب عليك – فقالت : بل أصبر ولا حساب علي " ) ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده - 2 / 441 ، وابن حبان في صحيحه - برقم ( 708 ) ، والبزار - ج 1 / رقم 772 ، والحاكم في المستدرك - 4 / 218 ، والأصبهاني في" الترغيب " - برقم ( 529 ) ، والبغوي في " شرح السنة "- 5 / 236 ، وابن كثير في تفسير القرآن العظيم – 2 / 267 ) 0

قلت : الأحاديث المذكورة آنفاً تؤكد على أن الابتلاء قد يقع بالمسلم وقد تقصر مدة هذا البلاء وتطول ، وكشفه يبقى بيد الله وتحت تقديره ومشيئته ، فتلك الصحابية وقد كانت إمرأة سوداء وخادمة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد صلى عليها الرسول بعد دفنها وعِلمه بموتها ، ابتليت فصبرت واحتسبت وبقيت طيلة حياتها مع هذه المعاناة وتلك الألم ، لأنها علمت الأجر الذي قد أعده الله سبحانه وتعالى لها ، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم 0

* عن يعلى بن مرة - رضي الله عنه - قال : ( رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ما رآها أحد قبلي ، ولا يراها أحد بعدي ، لقد خرجت معه في سفر حتى إذا كنا ببعض الطريق مررنا بامرأة جالسة معها صبي لها ، فقالت يا رسول الله : هذا الصبي أصابه بلاء وأصابنا منه بلاء ، يؤخذ في اليوم لا أدري كم مرة ، قال : ( ناولينيه ) ، فرفعته إليه ، فجعله بينه وبين واسطة الرحل ، ثم فغر ( فاه ) ، فنفث فيه ثلاثا ، وقال : ( بسم الله، أنا عبدالله ، اخسأ عدو الله ) ، ثم ناولها إياه ، فقال : ( ألقينا في الرجعة في هذا المكان ، فأخبرينا ما فعل ) ، قال : فذهبنا ورجعنا فوجدناها في ذلك المكان معها ثلاث شياة ، فقال ( ما فعل صبيك؟ ) فقالت : والذي بعثك بالحق ما حسسنا منه شيئا حتى الساعة ، فاجترر هذه الغنم ، قال : انزل خذ منها واحدة ورد البقية ) ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده – 4 / 170 ، 172 ، والمنذري في "الترغيب"– 3 / 158– والحاكم في المستدرك – 2 / 617 – 618 ، ووافقه الذهبي - وقد أورد العلامة محمد ناصر الدين الألباني كلاما مطولا قال في نهايته " وبالجملة ، فالحديث بهذه المتابعات جيد ، والله أعلم - أنظر سلسلة الأحاديث الصحيحة 1 / 874 – 877 – قال الحافظ ابن كثير في " البداية والنهاية " عقب ذكره بعض طرق هذا الحديث : " فهذه طرق جيدة متعددة ، تفيد غلبة الظن أو القطع عند ( المتبحرين ) أن يعلى بن مرة حدث بهذه القصة في الجملة " – 6 / 140 ) 0

* عن ابن عباس – رضي الله عنه– : ( أن امرأة جاءت بابن لها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، إن ابني هذا به جنون ، وإنه يأخذه عند غدائنا وعشائنا فيفسد علينا ، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره ودعا له ، فتع تعة ، فخرج من جوفه مثل الجرو الأسود فشفي ) ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده – 1 / 239 ، 254 ، 268 ، والدرامي في سننه – المقدمة ( 4 ) ، والبيهقي في " دلائل النبوة " – 6 / 182 ، والطبراني في " الكبير " ، وقد ورد في " مجمع الزوائد " – 9 / 2 ، بنص آخر ، قال الهيثمي : وفيه فرقد السبخي وثقه ابن معين والعجلي وضعفه غيرهما - وقال الشيخ أحمد شاكر : ضعيف ، وقال عنه الحافظ : صدوق عابد لكنه لين الحديث كثير الخطأ ، تقريب التهذيب – 2 / 108 – قال الحافظ ابن كثير : " وفرقد السبخي رجل صالح ، لكنه سيئ الحفظ ، وقد روى عنه شعبة وغير واحد ، واحتمل حديثه ، ولما رواه ها هنا شاهد مما تقدم – البداية والنهاية – 6 / 159 ) 0

قلت : من خلال استعراض الأحاديث النقلية السابقة نجد أن الغلامين كما ورد في الأحاديث السابقة كانا يعانيان ما يعانيان ، حيث اتضح ذلك من خلال طرح الموضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والسؤال المطروح : ما هيَّ الفترة التي لازمت الغلامين ؟؟؟
الإجابة تبقى ضمن نطاق الغيب ، إنما الواضح أن تلك المعاناة أخذت فترة من الزمن ليست بالقصيرة مما حدى بالأم للبحث عن علاج المشكلة 0

* عن عثمان بن العاص -رضي الله عنه- قال : ( لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف ، جعل يعرض لي شيء في صلاتي ، حتى ما أدري ما أصلي 0 فلما رأيت ذلك ، رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ابن أبي العاص ؟ ) قلت : نعم ! يا رسول الله ! قال : ( ما جاء بك ؟ ) قلت : يا رسول الله ! عرض لي شيء في صلواتي ، حتى ما أدري ما أصلي 0 قال : ( ذاك الشيطان 0 ادنه ) فدنوت منه 0 فجلست على صدور قدمي0 قال ، فضرب صدري بيده ، وتفل في فمي، وقال : ( أخرج عدو الله ! ) ففعل ذلك ثلاث مرات 0 ثم قال : ( الحق بعملك ) ( أخرجه ابن ماجة في سننه - كتاب الطب ( 46 ) – برقم ( 3548 ) ، وقال الألباني حديث صحيح ، أنظر صحيح ابن ماجة 2858 – وصححه البصيري في " مصباح الزجاجة " – 4 / 36 – السنن ) 0

قلت : ما يقال في قصة عثمان بن العاص – رضي الله عنه – يقال في غيرها ، ما هيّ الفترة التي لازمت هذا الصحابي الجليل قبل قدومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 0

وانظر يا رعاك الله إلى ما خطه علماء الأمة الأجلاء :

* قال القاضي أبو الحسن بن القاضي أبي يعلى ابن الفراء الحنبلي في كتاب " طبقات أصحاب الإمام أحمد " : سمعت أحمد بن عبيد الله قال : سمعت أبا الحسن علي بن محمد بن علي العكبري قدم علينا من عكبرا في ذي القعدة سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة قال : حدثني أبي عن جدي قال : ( كنت في مسجد أبي عبدالله أحمد بن حنبل فأنفذ إليه المتوكل صاحبا له يعلمه أن له جارية بها صرع وسأله أن يدعو الله لها العافية ، فأخرج له أحمد نعلي خشب بشراك من خوص للوضوء فدفعه إلى صاحب له وقال له : امض إلى دار أمير المؤمنين وتجلس عند رأس هذه الجارية وتقول له : يعني الجن 0 قال : لك أحمد أيما أحب إليك تخرج من هذه الجارية أو تصفع بهذه النعل سبعين 0 فمضى إليه وقال له مثل ما قال الإمام أحمد 0 فقال له المارد على لسان الجارية 0 السمع والطاعة لو أمرنا أحمد أن لا نقيم بالعراق ما أقمنا به ، إنه أطاع الله ، ومن أطاع الله أطاعه كل شيء وخرج من الجارية وهدأت ورزقت أولادا ، فلما مات أحمد عاودها المارد فأنفذ المتوكل إلى صاحبه أبي بكر المروزي وعرفه الحال ، فأخذ المروزي النعل ومضى إلى الجارية فكلمه العفريت على لسانها : لا أخرج من هذه الجارية ولا أطيعك ولا أقبل منك : أحمد بن حنبل أطاع الله فأمرنا بطاعته ) ( آكام المرجان في أحكام الجان – ص 114 – 115 – نقلا عن طبقات أصحاب الإمام أحمد ) 0

قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز- رحمه الله- : ( لأن الشياطين أجناس لا يعلم تفاصيل خلقتهم ، وكيفية تسلطهم على بني آدم إلا الله سبحانه ، فالمشروع لكل مسلم الاستعاذة به سبحانه من شرهم ، والاستقامة على الحق ، واستعمال ما شرعه الله من الطاعات والأذكار والتعوذات الشرعية ، وهو سبحانه الواقي والمعيذ لمن استعاذ به ولجأ إليه ، لا رب سواه ولا إله غيره ، ولا حول ولا قوة إلا به ) ( المعالجون بالقرآن – ص 72 ) 0

ذكر الشيخ أبو بكر الجزائري - حفظه الله – قصة أخته سعدية في كتابه " عقيدة المؤمن " ، حيث يقول : ( وأذكر حادثة تمت في بيتنا وعشنا آلامها وعانينا آثارها : أنه كانت لي أخت أكبر مني تدعى ( سعدية ) وكنا يوما ونحن صغار نطلع عراجين التمر من أسفل البيت إلى سطحه بواسطة حبل يربط به اقنو " العرجون " ( العرجون : وهو العود الأصفر الذي فيه شماريخ العذق وهو مأخوذ من الانعراج ، وهو الانعطاف وجمعه عراجين - النهاية في غريب الحديث - 3 / 203 ) ونسحبه إلى السطح ونحن فوقه فجرت أختي سعدية الحبل فضعفت عنه فغلبها فوقعت على الأرض على أحد الجنون ( جني ) فكأنما بوقوعها عليه آذته أذى شديدا فانتقم منها 00 فكان يأتيها عند نومها في كل أسبوع مرتين أو ثلاثا أو أكثر ، فيخنقها فترفس المسكينة برجليها وتضطرب كالشاة المذبوحة ، ولا يتركها إلا بعد أن تصبح أشبه بميتة 0 ونطق مرة على لسانها مصرحا بأنه يفعل ذلك لأنها آذته يوم كذا في مكان كذا 0 وما زال يأتيها ويعذبها بصرعه يأتيها عند النوم فقط حتى قتلها ) ( عقيدة المؤمن - 185 ، 186 ) 0

وقصة أخرى أوردها الشيخ محمد رشيد رضا ، في كتابه " تفسير المنار " ، حيث يقول – رحمه الله - : ( وما لنا لا نذكر أنه قد وقع لنا من ذلك ما يعده كثير من الناس أمرا عظيما ، يستبعدون أن يكون من فلتات الاتفاق ، ونوادر المصادفات ، من ذلك : أنه كان في بلدنا ( القلمون ) في سورية رجل صياد اسمه ( عمر كسن ) رمى شبكته ليلة في البحر ، فسمع صوتا غير مألوف ، فما لبث بعد ذلك أن صار يصرع ، ويخيل إليه هجوم فئة من الجن عليه ويضربونه ، متهمين إياه بإصابة فتاة لهم 0
ورآني وهو غائب عن الحس بالهيئة التي كنت أخلو فيها للعبادة وذكر الله في حجرة خاصة ، وبيدي مخصرة ( المخصرة : شيء يأخذه الرجل بيده ليتوكأ عليه ، كالعصا ) قصيرة من الأبنوس ( الأبنوس : نوع من الخشب الجيد ) ، كنت اعتمد عليها- ولم يكن رأى ذلك قط- رآني أطرد الجن عنه بهذه المخصرة ، وكان أهله قد ذكروا لي أمره ، ثم دعوني إلى رؤيته ورقيته والدعاء له ، فذهبت فألفيته مغمى عليه ، لا يرى ولا يسمع ممن حوله شيئا ، ولكنه كان يقول : جاء سيدنا الشيخ رشيد 000 ، ولما رأيته على هذه الحالة توجهت إلى الله بإخلاص وخشوع ، ووضعت يدي على رأسه ، وقلت : بسم الله الرحمن الرحيم : ( 000 فَسَيَكْفِيكَهُمْ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) ( سورة البقرة – جزء من الآية 137 ) ، فيفتح عينيه ، وقام كأنما نشط من عقال ، ثم عاد إليه هذا بعد زمن طويل لا أذكره ، وشفاه الله تعالى وأذهب عنه الروع ثانية بنحو ما أذهبه عنه في المرة الأولى ، ولكنني لم أر أولئك الجن الذين كان يراني أجادلهم وأذودهم عنه 0
والواقعة تحتمل التأويل عندي ، ولا أعدها دليلا قطعيا على كون صرعه كان من الجن ، كما أنه لا مانع عندي أن يكون منهم ، وقد ذكرت هذه الواقعة لشهرتها عندنا في البلد ، وكثرة من شهدها ) ( تفسير المنار – 8 / 372 ) 0

ثانياً : أعود فأقول بأن تلك الأمراض ( الصرع ، السحر ، العين ) هيَّ أمراض متفاوته في القوة والتأثير ، وهذا ثابت بنصوص السنة المطهرة ، وليس له ضابط معين يحكمه ويبين مدته وفترته 0

ثالثاً : المعلوم شرعاً أن الرقية تعتمد على عوامل كثيرة ، ومن ذلك : المعالِج وعقيدته ومنهجه ، والمعالَج وسلوكه ، وهاذان العنصران مهمان للغاية لأعطاء التأثير المطلوب من الرقية ، يقول ابن القيم – رحمه الله - : ( والسلاح بضاربه ) 0

رابعاً : عند الحديث في موضوع الرقية الشرعية ، فلا بد أن يكون الحديث عن المعالجين من أصحاب العلم الشرعي الحاذقين المتمرسين ، أما الجهلة والمهرطقين فإننا لا نعنيهم مطلقاً ، ومن هنا أقول أن يترك الأمر إلى أهله ، فخبرة المعالج هيَّ التي تحدد كل الظروف المتعلقة بالحالة المرضية ، وهو الأقدر على الوقوف على الأعراض وتشخيص الداء ووصف الدواء النافع بإذن الله عز وجل بعد الدراسة العلمية الشرعية الموضوعية المتأنية والتقصي والتحقيق ، ومن خلال خبرتي وممارستي لتطبيق القواعد والأسس والأحكام أؤكد لك أخي الحبيب ( متعجب ) أنه لا ضابط مطلقاً يتعلق بتحديد مدة المعاناة ، وكما بينت لكَ سابقاً فلا أرى أن من المصلحة الشرعية الخوض في تلك المسألة مع الحالات المرضية ، بل الواجب على المعالج التركيز على ما يهمهم من تصحيح للعقائد ، وتوجيه للسلوكيات ، والله تعالى اعلم 0

خامساً : مما لا شك فيه أن الذكر والدعاء وقراءة القرآن فيه وقاية وحصانة للعبد المسلم ، وأنه يقلل بلا شك من الإصابة بتلك الأمراض – أعني الأمراض الروحية - ، إلا أن يقع قدر الله الكوني لا الشرعي لحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى ، وقد حصل مثل ذلك كما بينت آنفاً مع بعض الصحابة الأجلاء أمثال ( أم زفر ) و ( عثمان بن العاص ) – رضي الله عنهم - ، فقد كانوا من الذاكرين 0

يقول ابن القيم – رحمه الله - : ( وأكثر تسلط هذه الأرواح على أهله تكون من جهة قلة دينهم وخراب قلوبهم وألسنتهم من حقائق الذكر والتعاويذ والتحصنات النبوية والإيمانية ، فتلقى الروح الخبيثة الرجل أعزل لا سلاح معه وربما كان عريانا فيؤثر فيه ) ( زاد المعاد - 4 / 69 ) 0

سادساً : قد يكون سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهد على ما أقول ، حيث مكث في سحره مدة ستة أشهر كما ذكر ذلك أهل العلم 0

* قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( وروي أنه لبث فيه ستة أشهر ) ( فتح الباري – 10 / 237 ) 0

أما قولك – وفقك الله للخير فيما ذهبت إليه - : ( ولعل بعض الرقاة لم ينتبه بأن طول المدة التي يلبث فيها المريض بمرضه قد تحدث له معتقدا مخالفا لهدي القرآن والسنة بان الرقية ليس فيها الشفاء المرجو وإلا لتمت الاستجابة وهو الذي التزم بكل التحصينات والأذكار وفعل المباح من خلال القرآن والسنة وكيف لا وهو قد قام بالمطلوب الشرعي مما يجعله يذهب إلى الدجالين والمشعوذين لعل يجد الراحة والشفاء عندهم ) 0

أقول وبالله التوفيق : الأمر ليس بيد المعالج ولا بيد غيره من البشر إنما الأمر مرتبط بقدر الله وإرادته ، وهذا لا يقدح مطلقاً في طول المدة أو قصرها ، ومن الأساسيات التي لا بد أن يبينها المعالج لمرضاه ، أسس العقيدة كما أشرت آنفاً ، فيبين لهم أن الشفاء من الله سبحانه وتعالى وحده ، وأننا مطالبون باتخاذ الأسباب الشرعية والحسية في الاستشفاء والعلاج ، وخطورة الذهاب إلى السحرة والمشعوذين والعرافين والأدلة التي تؤكد على خطورة ذلك 0

أما قولك – وفقك الله للخير فيما ذهبت إليه - : ( ومن الملفت في الموضوع قول بعض الرقاة للمريض أنت تحتاج لرقية مكثفة لأن الجني الصارع قوي جدا وربما هو مارد أو طيار أو جني أزرق أو أحمر وما إلى هنالك من الأمور التي لم ينزل الله بها من سلطان وإن ادعى البعض بأنه بخبرة الراقي وحذاقته يمكنه معرفة ذلك دون مستند شرعي أو أثر صحيح على أن يكون ضعيف 0
وما هو مباح كما بين ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم ، على أن نحدد معالم المباح فقد كثر اللغط بتلك الشماعة التي تسمى (مباح ) وأصبح كل راق يخترع أساليب مستغربة من أعشاب سامة وغير سامة وأوقات وآيات معينة بأوقات معينة بتحديد عدد معين والله المستعان بعد أن بينت ما قد عُلم لديكم من أمور مستهجنة ) 0

قلت وبالله التوفيق : لا زلنا في الحديث عن المعالجين أصحاب العلم الشرعي الحاذقين المتمرسين ، فهؤلاء هم الأقدر على تحديد كل المعطيات الخاصة بالحالة المرضية ، ولا يخفى عليك أخي الحبيب ( متعجب ) أن بعض الحالات تحتاج إلى رقية مكثفة وأخرى تحتاج إلى أقل من ذلك وهكذا دواليك ، أما الخوض في مسائل الغيب فهذا من الجهل المركب الذي وقع فيه كثير من المعالجين ، نسأل الله لهم الهداية والتوفيق 0
أما الحديث عن الخبرات والممارسات فقد بينت في كثير من المواضع أن الرقية الشرعية لها جانبان : الأول التعبدي ، وهذا مبناه على التوقيف ، والآخر الحسي ، وهذا لا بد من توفر سبعة ضوابط كي تعتمد في العلاج والاستشفاء ، والله تعالى أعلم 0

أما قولك – وفقك الله للخير فيما ذهبت إليه - : ( ولنأتي للمبحث الثاني ألا وهو : هل يلبث المريض بمرضه أعواما دون شفاء كما يقول البعض ؟ أقول وبالله التوفيق : من خلال قراءتي ومتابعتي لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتبين لدي أن المريض من العين أو المس أو السحر ( ما لم يكن مشروبا أو مأكولا ) يلبث بمرضه كل تلك الأعوام والشهور طالما جاء بشروط الاستجابة وانتفت موانعها ، لذلك نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم عند رقيته لعثمان بن العاص قام الأخير ليس به بأسا وكأنه نشط من عقال ولم يلبث أعواما كما يحدث هذه الأيام والله المستعان ، ( وإن قال قائل هذا رسول الله فمن أنت !!! أقول : الأثر لم يأت له مخصص فحكمه عام يفيد العموم 0 ومثله ما علمه إياه الرسول صلى الله عليه وسلم : سم الله ثلاث وقل أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر سبعا فبرأ بإذن الله على الفور0 ومثله ما حدث لسهل بن حنيف بعد أن رآه بن ربيعة وهو يغتسل جسده ناعماً فأعجبه دون أن يبرك فأغمى عليه وصرع وبعد أن أفيض من فضل وضوء العائن في إزار المعيون قام وكأنه نشط من عقال 0 وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن رقاه جبريل عليه السلام بعد أن دعا ودعا ودعا بتلك الليلة حتى نزل جبريل بأمر الله ورقاه بالمعوذتين فقام وكأنه نشط من عقال 0 وأبو سعيد الخدري عندما رقى زعيم القبيلة لأيام ثلاث برأ بإذن الله ( مع العلم أن مرضه كان من جراء شيء مادي ألا وهو السم 0 ومثله عندما رقى رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلام فبرأ على الفور بإذن الله وخرج من فمه مثل الجرو يعدو - إن صحت الرواية 0
ومثله عندما جاءه رجل مكبل بالحديد فعلمهم ما يقرؤون عليه وحين عودته وجده سالما معافى بإذن الله والأمثلة كثيرة لا تحصى أيضا إن صحت الرواية 0 ولعلمنا أيضا بأن رجلا صرع بزمن الإمام أحمد رضي الله عنه فأعطى قبقابه لخادمه ليذهب ويهدد الجني الصارع فما كان من الجني إلا أن امتثل للإمام أحمد قائلا الإمام أحمد أطاع الله فنطيعه أو بهذا المعنى ولم يلبث كثيرا بخلاف المرة الثانية بعد وفاة الإمام رحمه الله ولعلمنا عدم ثبوت أن الإمام ابن تيمية رحمه الله قد عالج حالة لبس أو مس لسنوات كما يحدث في هذا الزمن والله المستعان فأين الخلل إذن 0 حتى وإن ثبت ذلك عن الإمام مدة معينة فلا يعتد بذلك إن لم يكن بدليله 0 هناك خللا ما أين ؟!! الخلل والله أعلم ) 0

قلت وبالله التوفيق : ما يقا في كافة تلك النقاط ما قيل في سواها سابقاً ، فالرقية الشرعية تعتمد على عوامل كثير كما بينت آنفاً ، ومن ذلك لو وقعت على المكان الصحيح ، كما بينت من حديث أُمامة بن سهل بن حُنيف ، حيث عرف العائن وأخذ من غسله واستحم به سهل ففك من عقال ، وهكذا لو وقعت الحجامة على المكان الصحيح الذي يعاني منه المسحور كأن تكون مادة السحر مجتمعة في الرأس فيصل المعالج إلى ذلك بخبرته وتعاطيه مع الحالات فيقف على مكان الداء وتتم الحجامة فيبرأ المريض بإن الله 0 هذا جانب أما الجوانب الأخرى فهي المعالِج والمعالَج وأمر الله وقدره 0

أما قولك – وفقك الله للخير فيما ذهبت إليه - : ( أن الناس قد عقدوا العزم والنية على أن ما أصابهم من مرض أو هم أو غم فهو من مس أو سحر أو عين ولا يلتفتون إلا ما هو أعمق مما يذهبون إليه ألا وهو المرض العضوي الذي مكانه عند الأطباء وإن خفي على بعضهم ففوق كل ذي علم عليم وما أوتيتم من العلم إلا قليلا والبشر معرضون للخطأ والأمثلة تكاد لا تحصى حول أخطاء الأطباء مما يحذوا بالناس الذهاب إلى الرقية فيجدون إلا من رحم الله قد انبروا وتصدروا تلك المهنة إما عن جهل مركب أو علم مسبق بحوادث مشابه لحالتهم فيوصف لهم العلاج على أنه مس أو سحرا مما يزيد من حالة المريض عضويا مرضا نفسيا ( إيحائيا ) فيتصرف المريض وفق ما أملى عليه الراقي 0 فمثل هذا الذي يلبث في مرضه لسنوات وإن شفي من الحالة المرضية يبقى في نفسه الخوف والذهول من المجهول من جن أو سحر كما أخبره الراقي من قبل والله المستعان ) 0

أقول وبالله التوفيق : المشكلة التي تتحدث عنها لا تتعلق بعلم الرقى ، فهذا العلم بخير ومأمن وعافية ، إنما هي أخطاء من قبل العامة والخاصة وجهلة المعالجين ، ومعلوم لديك أخي الحبيب أن الإنسان مطالب باتخاذ الأسباب الشرعية والمتمثلة في الرقية والعلاج والاستشفاء بها ، وكذلك فإنه مطالب باتخاذ الأسباب الحسية والمتمثلة بمراجعة المصحات والمستشفيات ، وهكذا والله تعالى أعلم 0

أما قولك – وفقك الله للخير فيما ذهبت إليه - : ( أولا : إن أكثر الناس يشفون من حالات المس أو السحر ( ما لم يكن مشروبا أو مأكولا ) ، أو العين بسرعة إلا باستثناءات قليلة ولحكمة يعلمها الله وهم قليل 0

قلت وبالله التوفيق : هذا الكلام لا يؤخذ على إطلاقه ، فقد يقول قائل : ما قد يثبت في مسألة السحر المأكول والمشروب ، قد يثبت فيما سواه ، وكذلك العين ، وتأكد أخي أنني أطرح لكَ الأمور من خلال تجاربي العملية التي دامت لأكثر من عشرين عاماً ، وكذلك بحثيَّ العلمي في تلك الأمراض وأثرها وتأثيراتها ، والله تعالى أعلم 0

أما قولك – وفقك الله للخير فيما ذهبت إليه - : ( قسم من الناس قد التبس عليهم المرض العضوي من الروحي فالتجئوا إلى الروحي وتناسوا العضوي وقد قال صلى الله عليه وسلم " عباد الله تداووا ما انزل الله من داء إلا وأنزل له دواء عرفه من عرفه وجهله من جهله " ) 0

قلت وبالله التوفيق : بارك الله فيك على هذا الطرح ، وأقول ما قلته سابقاً فالمريض مطالب باتخاذ الأسباب الشرعية والمتمثلة في الرقية والعلاج والاستشفاء بها ، وكذلك فإنه مطالب باتخاذ الأسباب الحسية والمتمثلة بمراجعة المصحات والمستشفيات ، وهكذا والله تعالى أعلم 0

أما قولك – وفقك الله للخير فيما ذهبت إليه - : ( المرض النفسي وهذا واقع به قسم كبير من الناس إلا من رحم الله وأسبابه الخوف من المجهول وقد كفانا الله ذاك المجهول بالاستعاذة فقط ، ولو كنا متيقنين بالتعوذ فقط لكفتنا فما بالكم بتلكم الأدعية والتحصينات الكثيرة والتي لا مرد لها من الله إلا إياه !!! ، وقد سئل الإمام ابن القيم رحمه الله ( يا إمام إننا نستعذ بالله من الشيطان الرجيم فلا نجد الاستعاذة بأنفسنا ؟؟ فكان رده رحمه الله ( لأنكم تقولونها بألسنتكم ولم توقنها قلوبكم ) أو بهذا المعنى 0 فلن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا 0 ومن التجأ إلى الله بإخلاص ومحبة وتضرع وخفية فإن الله لا يضيعه ) 0

قلت وبالله التوفيق : مما لا شك فيه أن الأمراض النفسية هيَّ حق وصدق ، ولها رجالاتها من أهل الاختصاص في الصب النفسي 0
وتلك الأمراض تعالج بالرقية الشرعية ، وكذلك بمراجعة المصحات والمستشفيات النفسية 0

سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن العلاج بالرقى للأمراض النفسية فأجاب - رحمه الله - : ( لا شك أن الإنسان يصاب بالأمراض النفسية بالهم للمستقبل والحزن على الماضي ، وتفعل الأمراض النفسية بالبدن أكثر مما تفعله الأمراض الحسية البدنية ، ودواء
هذه الأمراض بالأمور الشرعية - أي الرقية - أنجح من علاجها بالأدوية الحسية كما هو معروف ) ( فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – جزء من فتوى – ص 22 ) 0

أما أن نقول بأن كثير من الناس قد وقعوا في الوهم وفي تلك الأمراض ، فهذا لا يؤخذ على إطلاقه ، ولا يجوز نشر ذلك بين الناس ، حيث أن نشر مثل هذا الكلام قد يعزف بالكثير عن طلب الرقية الشرعية ، ويلجأون إلى العلاج لدى المصحات النفسية ، ومعلوم أن كثير من هؤلاء لا يؤمنون بالأمراض الروحية ، وهنا قد تحصل مفسدة شرعية عظيمة ، إنما نحيل من يشكو من اضطرابات نفسية إلى المعالجين أصحاب العلم الشرعي الحاذقين المتمرسين الذين يستطيعون بعون الله وتوفيقه من الوقوف على الداء ووصف الدواء النافع بإذن الله عز وجل ، هذا فيما لو كانت المعاناة بسبب مرض روحي ، وإلا فتحال الحالة إلى الطبيب النفسي المسلم الحاذق في مهنته ، والله تعالى أعلم 0

هذا ما تيسر لي أخي الحبيب ( متعجب ) ، وأقول ما أصبت فمن الله وحده ، وما أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان والله ورسوله بريئان 0

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم 0

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0


هذا ما تيسر لي أخي أحبيب ، فما أصبت فمن الله وحده وما أخطأت فمن نفسي ومن الشسطان والله ورسوله بريئان ، سائلاً المولى عز وجل أن يوفقك أخي الحبيب ( ناشر الخير ) ، وأن يحفظك من شياطين الإنس والجن ، وتقبل تحيات :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 22-07-2006, 09:29 PM   #5
معلومات العضو
أبو فهد
موقوف

افتراضي


... بسم الله الرحمن الرحيم ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم شيخنا الكريم الفاضل ( أبو البراء أسامة ياسين المعاني ) وجزاكم الله خيرا ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
... معالج متمرس ...
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 23-07-2006, 09:03 AM   #6
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي




وفيكم بارك الله أخي الحبيب ومشرفنا القدير ( معالج متمرس ) ، وزادكم من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 20-07-2008, 08:14 AM   #8
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي


،،،،،،

وإياكم أخي الحبيب ( مهتم بالرقية ) ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0
 

 

 

 


 

توقيع  أبو البراء
 
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 22-07-2008, 08:03 PM   #9
معلومات العضو
أبوفراس جابر

إحصائية العضو






أبوفراس جابر غير متواجد حالياً

الجنس: male

اسم الدولة Morocco

 

 
آخـر مواضيعي
 
0 ( && استاذنكم اخواني بالمشاركه && ) !!!

 

افتراضي

بسم الرحمن الرحيم
قال الله عز وجل ** ..ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم...** لا شك أن الله قد آتاك من الحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم ويظهر هذا من خلال ما قرأته لك في هذا المنتدي الكريم...أرجو الله أن يزيدك من فضله ** ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم **.
فمزيدا من الاجتهاد والتنوير والله معكم.
أسألكم الدعاء........................................... أخوكم أبوفاس

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 24-08-2008, 05:35 PM   #10
معلومات العضو
الزعيم الاول

إحصائية العضو






الزعيم الاول غير متواجد حالياً

الجنس: male

اسم الدولة saudi_arabia

 

 
آخـر مواضيعي

 

افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابو البراء انا انتظر ردك بفارغ الصبر
ياليت ترد باسرع وقت شاكرا ومقدرلك حسن تجاوبك

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 03:38 PM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com