وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ
صلاة ، وصيام ، وزكاة ، وحج
2 - والآداب والاخلاق من :
3 - والمعاملات المدنية من :
4 - والروابط الاسرية من :
6 - والعلاقات الدولية من :
وهكذا نجد أن الاسلام ، منهج عام ، ينتظم شئون الحياة جميعا .
وهذا هو المفهوم العام للاسلام كما قرره الكتاب والسنة و كما فهمه المسلمون على العهد الاول ، وطبقوه في كل مجال من المجالات العامة والخاصة ،
وكان كل فرد يدين بالولاء لهذا الدين يعتبر عضوا في الجماعة المسلمة ،
ويصبح فردا من أفراد الامة الاسلامية تجري عليه أحكام الاسلام وتطبق عليه تعاليمه .
إلا أن من الناس الذكي والغبي ، والضعيف والقوي ، والقادر والعاجز ، والعامل والعاطل ،
فهم يختلفون اختلافا بينا في قواهم البدنية ومواهبهم النفسية والعقلية والروحية وتبعا لهذا الاختلاف فمنهم من يقترب من الاسلام ،
حسب حال كل فرد وظروفه وبيئته .
" ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ، فمنهم ظالم لنفسه ، ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله "
، إلا أن هذا الابتعاد عنه لا يخرج المقصر عن دائرته ما دام يدين بالولاء لهذا الدين ،
فإذا صدر من المسلم لفظ يدل على الكفر لم يقصد إلى معناه ،
أو فعل ظاهره مكفر لم يرد به فاعله تغيير إسلامه ،
ومهما تورط المسلم في المآثم واقترف من جرائم ، فهو مسلم لا يجوز اتهامه بالردة .
روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" من شهد أن لا إله إلا الله ، واستقبل قبلتنا ، وصلى صلاتنا ، وأكل ذبيحتنا ، فهو المسلم ، له ما للمسلم ، وعليه ما على المسلم " .
وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين من أن يقذف بعضهم بعضا بالكفر ، لعظم خطر هذه الجناية ،
فيما رواه مسلم عن ابن عمر :
" إذا كفر الرجل أخاه ، فقد باء بها أحدهما " .
لكن- متى يكون المسلم مرتدا :
- إن المسلم لا يعتبر خارجا عن الاسلام ، ولا يحكم عليه بالردة
إذا انشرح صدره بالكفر ، واطمأن قلبه به ، ودخل فيه بالفعل ،
" ولكن من شرح بالكفر صدرا " .
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
" إنما الاعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى " ،
ولما كان ما في القلب غيبا من الغيوب التي لا يعلمها إلا الله ، كان لابد من صدور ما يدل على كفره
دلالة قطعية لا تحتمل التأويل
حتى نسب إلى الامام مالك أنه قال
:" من صدر عنه ما يحتمل الكفر من تسعة وتسعين وجها ، ويحتمل الايمان من وجه ، حمل أمره على الايمان " .
-ومن الامثلة الدالة على الكفر :
1 - إنكار ما علم من الدين بالضرورة .
مثل إنكار وحدة الله وخلقه للعالم وإنكار وجود الملائكة ، وإنكار نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن القرآن وحي من الله ، وإنكار البعث والجزاء ، وإنكار فرضية الصلاة والزكاة ، والصيام والحج .
2 - استباحة محرم أجمع المسلمون على تحريمه
، كاستباحة الخمر ، والزنا ، والربا ، وأكل الخنزير ، واستحلال دماء المعصومين وأموالهم
(إلا إذا كان ذلك بتأويل - مثل تأويل الخوارج - فإنهم استحلوا دماء الصحابة وأموالهم - ومثل تأويل قدامة بن مظعون شرب الخمر ، ومع ذلك - فجمهور الفقهاء على أنهم غير كافرين) .
3 - تحريم ما أجمع المسلمون على حله
4 - سب النبي أو الاستهزاء فيه ، وكذا سب أي نبي من أنبياء الله .
5 - سب الدين ، والطعن في الكتاب والسنة ، وترك الحكم بهما ، وتفضيل القوانين الوضعية عليهما .
6 - ادعاء فردمن الافراد أن الوحي ينزل عليه .
7 - إلقاء المصحف في القاذورات ،
وكذا كتب الحديث ، استهانة بها واستخفافا بما جاء فيها .
8 - الاستخفاف باسم من أسماء الله ، أو أمر من أوامره ، أو نهي من نواهيه ، أو وعد من وعوده ،
إلا أن يكون حديث عهد بالاسلام ، ولا يعرف أحكامه ، ولا يعلم حدوده ، فإنه إن أنكر منها جهلا به لم يكفر .
وفيه مسائل أجمع المسلمون عليها ،
ولكن لا يعلمها إلا الخاصة
، بل يكون معذورا بجهله بها ،
لعدم استفاضة علمها في العامة
، كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها ، وأن القاتل عمدا لا يرث ، وأن للجدة السدس ، ونحو ذلك .
ولا يدخل في هذا الوساوس التي تساور النفس فإنها مما لا يؤاخذ الله بها .
فقد روى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" إن الله عزوجل تجاوز لامتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو يتكلم به "
وروى مسلم عن أبي هريرة قال :
" جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه فقالوا : انا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به ، قال :
(أي استعظام الكلام به خوفا من النطق به ، فضلا عن اعتقاده دليل على كمال الايمان) " .
وروى مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال : ( هذا خلق الله الخلق ، فمن خلق الله ؟ ) فمن وجد من ذلك شيئا ، فليقل : آمنت بالله " .
ف-الارتداد جريمة من الجرائم التي تحبط ما كان من عمل صالح قبل الردة ، وتستوجب العذاب الشديد في الآخرة
" ومن يرتدد منكم عن دينه ، فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة ، وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "
أن من يرجع عن الاسلام إلى الكفر ويستمر عليه حتى يموت كافرا ، فقد بطل كل ما عمله من خير ، وحرم ثمرته في الدنيا ، فلا يكون له ما للمسلمين من حقوق ، وحرم من نعيم الآخرة ،
وهو خالد في العذاب الاليم ،
وقد قرر الاسلام عقوبة معجلة في الدنيا للمرتد ، فضلا عما توعده به من عذاب ينتظره في الآخرة ، وهذه العقوبة هي القتل
(لو قتله مسلم من المسلمين لا يعتبر مرتكبا جريمة القتل ، ولكن يعزر لافتياته على الحاكم ) .
- روى البخاري ومسلم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
. وروي عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
: " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، وزنا بعد إحصان ، وقتل نفس بغير نفس " .
" أن امرأة يقال لها أم مروان ارتدت
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يعرض عليها الاسلام : فإن تابت ، وإلا قتلت . فأبت أن تسلم ، فقتلت " .
وثبت أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قاتل المرتدين من العرب حتى رجعوا إلى الاسلام .
ولم يختلف أحد من العلماء في وجوب قتل المرتد .
وإنما اختلفوا في المرأة إذا ارتدت .
إن المرأة إذا ارتدت لا تقتل ، ولكن تحبس ، وتخرج كل يوم فتستتاب ، ويعرض عليها الاسلام ، وهكذا حتى تعود إلى الاسلام ، أو تموت ، لان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النساء .
- وخالف ذلك جمهور الفقهاء فقالوا :
إن عقوبة المرأة المرتدة كعقوبة الرجل المرتد ، سواء بسواء ، لان آثار الردة وأضرارها من المرأة كآثارها وأضرارها من الرجل ، ولحديث معاذ الذي حسنه الحافظ :
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لما أرسله إلى اليمن :
" أيما رجل ارتد عن الاسلام فادعه ، فإن عاد ، وإلا فاضرب عنقه ، وأيما امرأة ارتدت عن الاسلام فادعها ، فإن عادت ، وإلا فاضرب عنقها " .
وأخرج البيهقي ، أن أبا بكر استتاب امرأة يقال لها " أم قرفة " كفرت بعد إسلامها ، فلم تتب ، فقتلها .
-وأما حديث النهي عن قتل النساء فذلك إنما هو في حال الحرب ، لاجل ضعفهن وعدم مشاركتهن في القتال .
ولهذا كان سبب النهي عن قتلهن أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة مقتولة ، فقال :
والمرأة تشارك الرجل في الحدود كلها دون استثناء . فكما يقام عليها حد الرجم إذا كانت محصنة ، فكذلك يقام عليها حد الردة ، ولافرق .
: إذا ارتد المسلم ورجع عن الاسلام تغيرت الحالة التي كان عليها .
وتغيرت تبعا لذلك المعاملة التي كان يعامل بها كمسلم ، وثبتت بالنسبة له أحكام
-إذا ارتد الزوج أو الزوجة انقطعت علاقة كل منهما بالآخر لان ردة أي واحد منهما موجبة للفرقة بينهما ، وهذه الفرقة تعتبر فسخا ، فإذا تاب المرتد منهما وعاد إلى الاسلام ، كان لابد من عقد ومهر جديدين ، إذا أرادا استئناف الحياة الزوجية
(يرى الفقهاء الاحناف أن ردة الزوج تعتبر طلاقا بائنا ينقص من عدد الطلقات .) .
ولايجوز له أن يعقد عقد زواج على زوجة أخرى من أهل الدين الذي انتقل إليه ، لانه مستحق القتل
-والمرتد لا يرث أحدا من أقاربه إذا مات ، لان المرتد لادين له ، وإذا كان لادين له فلا يرث قريبه المسلم ، فإن قتل هو أو مات ولم يرجع إلى الاسلام ، انتقل ما له هو إلى ورثته من المسلمين لانه في حكم الميت من وقت الردة .
وقد أتي علي بن أبي طالب بشيخ كان نصرانيا فأسلم ، ثم ارتد عن الاسلام .
:" لعلك إنما ارتددت لان تصيب ميراثا . ثم ترجع إلى الاسلام ؟
قال : فلعلك خطبت امرأة فأبوا أن يزوجوكها ، فأردت أن تتزوجها ثم تعود إلى الاسلام ؟
قال : فارجع إلى الاسلام .
قال : لا . حتى ألقى المسيح
. فأمر به فضربت عنقه فدفع ميراثه إلى ولده من المسلمين " .
( 3 ) فقد أهليته للولاية على غيره :
- وليس للمرتد ولاية على غيره ، فلا يجوز له أن يتولى عقد تزويج بناته ولا أبنائه الصغار ، وتعتبر عقوده بالنسبة لهم باطلة ، لسلب ولايته لهم بالردة .
الردة لا تقضي على أهلية المرتد للتملك ، ولا تسلبه حقه في ماله ، ولا تزيل يده عنه ، ويكون مثله في ماله مثل الكافر الاصلي ، وله أن يتصرف في ماله كما يشاء . وتصير تصرفاته نافذة لاستكمال أهليته ، وكونه مستحق القتل لا يسلبه حقه في التملك والتصرف ، لان الشارع لم يجعل للمرتد عقوبة سوى عقوبة القتل حدا ، ويكون في ذلك كمن حكم عليه بالقصاص أو بالرجم . فإن قتله قصاصا أو رجما لا يسلبه حقه في الملكية ، ولا يزيل يده عن ماله .
وكذلك يبقى ماله مملوكا له إذ الحق بدار الحرب ، ويوضع تحت يد أمين ، لان لحوقه بدار الحرب لا يسلبه حقه في الملكية .
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين