موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

تم غلق التسجيل والمشاركة في منتدى الرقية الشرعية وذلك لاعمال الصيانة والمنتدى حاليا للتصفح فقط

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > المنبر الإسلامي العام

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 02-06-2017, 09:09 PM   #1
معلومات العضو
سراج منير

New فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ و الاعجاز العلمى


فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ و الاعجاز العلمى

بسم الله


الآية : 15 {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ**


وفى معنى هذة الاية وهو جهاز الهضم من الاعجاز العلمى من كتاب الله


-جهاز الهضم


تركيب اللعاب ووظائفه


ما مِن واحدٍ إلا وفي فمِه لُعابٌ، لعابٌ سائلٌ، هذا اللعابُ تفرزُه غددٌ تحتَ الفكِّ، وتحتَ اللسانِ، وتحتَ الأذنِ، لا يعنينا عددُها، وتشريحُها، يعنينا شيئان، تركيبُ اللعابِ، ووظائفُه.


1-مَن يصدِّقُ أنّ في اللعابِ شواردَ معدنيةً منها: الصوديوم، والبوتاسيوم، والكالسيوم، والمغنيزيوم، والكلور، والبيكربونات، والفوسفات، واليود، والآزوت، وفي اللعابِ بروتين، وسكرٌ، ومضاداتٌ حيويةٌ، وأنزيماتٌ، مَن خلَقَ هذا اللعابَ؟ مَن كوّنَه؟ مَن جَعَلَه ينطوي على هذه الشواردِ المعدنيةِ، وهذه الشواردِ العضويةِ؟.

2-أمّا من حيثُ وظائفُ اللعابِ فقد وجدَ العلماءُ أن للُّعابِ دوراً خطيراً جدًّا في عدةِ مستوياتٍ، أوَّلُها أنّ اللعابَ يرطِّبُ سطحَ الفمِ الداخليَّ، ولولاه لتقشَّر السطحُ الداخليُّ، ولتشقَّقَ، ولفعلتِ الجراثيمُ فعْلَها الشنيعَ، فمِن وظائفِ اللعابِ ترطيبُ اللسانِ، والسطوحِ الداخليةِ للفمِ.


شيءٌ آخرُ: يقومُ اللعابُ بترطيبِ اللقمةِ التي نأكلُها، وتليينِها، وعن طريقِ ترطيبِها وتليينِها يسهلُ مضغُها وهضمُها.

شيءٌ ثالثٌ: اللعابُ يقومُ بدورِ العصارةِ الهاضمةِ الأوليةِ في الفمِ، فمَن أَكَلَ الخبزَ، وأَبْقَاهُ في فمِه مدةً طويلةً شَعَرَ بطعمٍ حلوٍ، وهذا دليلٌ على أنّ في اللعابِ موادَّ هاضمةً، وعصارةً هاضمةً، تحوِّلُ النشاءَ إلى سكرٍ.


شيءٌ رابعٌ: اللعابُ يفيدُ في الحديثِ، فكلُّ حرفٍ من الحروفِ تشتركُ في تكوينِه سبعَ عشرةَ عضلةً، واللسانُ هو لَوْلَبُ الكلامِ، ولولا اللعابُ لَمَا تمكَّنَ الإنسانُ أنْ يتابعَ الحديثَ.

شيءٌ خامسٌ: اللعابُ ينظِّفُ الفمَ من بقايا الطعامِ، وهذا دورٌ ربما لا ينتبِهُ إليه بعضُ الناسِ.

شيءٌ سادسٌ: غزارةُ اللعابِ تكونُ عندَ تناول الشرابِ الحمضيِّ، فكلُّ شرابٍ فيه تركيزٌ، والتركيزُ في الشرابِ يحثُّ الغددَ اللعابيةَ على مزيدٍ من الإفرازِ، من أجلِ أن يتمدَّدَ هذا الشرابُ المكثَّفُ، من أجلِ ألا يؤذي.

شيءٌ آخرُ: اللعابُ يسهمُ في تسخينِ الطعامِ الباردِ عن طريقِ التبادلِ الحراريِّ، ويسهمُ في تبريدِ الطعامِ الحارِّ، ويسهمُ أيضاً في عمليةِ تحريكِ اللقمةِ في الفمِ، وأخطرُ من هذا كلِّه أنّ في اللعابِ موادَّ مضادةً لنخرِ الأسنانِ، وموادَّ مضادةً للجراثيمِ؛ لأنّ الفمَ مفتوحٌ على الهواءِ الطلقِ، وهو بيئةٌ صالحةٌ جداً لنموِّ الجراثيمِ، هذه البيئةُ فيها حرارةٌ ورطوبةٌ، هذانِ الشرطانِ في البيئةِ صالحانِ جداً لتكاثُرِ الجراثيمِ، لذلك كان في اللعابِ مادّةٌ مضادةٌ للجراثيمِ، التي مِن شأنِها أنْ تقتلَها في مهْدها.


فمِن موادَّ مضادةٍ للجراثيمِ، إلى موادَّ مضادةٍ لنخرِ الأسنانِ، إلى موادَّ تمدِّدُ المحاليلَ الضارةَ، إلى وظيفةِ تنظيفِ الفمِ مِن بقايا الطعامِ، إلى تليينِ اللسانِ في أثناءِ الكلامِ، إلى تليينِ اللقمةِ في أثناءِ المضغِ، إلى هضمِ أَوَّليٍّ لمحتوياتِ اللقمةِ، إلى ترطيبِ سطحِ الفمِ، ولولاهُ لكان التشقُّقُ والتقشُّر، **وفي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ** [الذاريات: 21] .

إنّ هذا اللعابَ الذي لا يَأْبَهُ له أحدٌ له تركيبٌ دقيقٌ، خلايا، غددٌ، وظائفُ منوعةٌ، كلّها من أجلِ أن تعيشَ حياةً كاملةً سويةً.


-الفكّ واللسان وجهاز الهضم


التفكرُ في خلقِ السَّماواتِ والأرضِ، والتفكرُ في نفْسِ الإنسانِ، التي هي أقربُ شيءٍ إليه يُعَدُّ أوسعَ بابٍ للدخولِ على اللهِ، وأقربَ طريقٍ إليه، قال سبحانه وتعالى: **سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفاق وفي أَنفُسِهِمْ** [فصلت: 53] .

مِن آياتِ اللهِ في النفسِ أنّ هذا الفكَّ المتحرِّكَ فيه ستُّ عضلاتٍ تحرِّكُه نحوَ الأسفلِ، وستُّ عضلاتٍ تحرِّكُه نحوَ الأعلى، وعضلتان تحرِّكانِه يمنةً ويسرةً، وأربعُ عضلاتٍ تحرِّكُه أماماً وخلفاً، فالحركةُ علويةٌ، سفليةٌ، يمينيةٌ، ويساريةٌ، أماميةٌ، وخلفيةٌ، والإنسانُ يمضغُ الطعامَ، ويبتلعُه في حدودِ ألفين وأربعمئة مرة في اليومِ، وهناك جهازٌ للبلعِ بالغُ الدقةِ.

تتجدَّدُ مئةُ ألفِ خليةٍ من خلايا الفمِ في كلِّ دقيقةٍ، وفي اللسانِ سبع عشرةَ عضلةً،


تمكِّنُه من الحركةِ في كلِّ الاتجاهاتِ لتحريكِ الطعامِ، انظر إلى العجَّانةِ كيف تدورُ، وكيف أنّ فيها خلاطاً يخلطُ العجينَ، كذلك الفمُ، حيثُ يتحرَّكُ الفكُّ السفليُّ يميناً ويساراً، أعلى وأسفلَ، أماماً وخلفاً، واللسانُ بمنزلة الخلاطِ الذي يتحرّكُ في كلِّ الاتجاهاتِ، ليخلطَ مقوِّماتِ اللقمةِ.

وموضوعُ البلعِ موضوعٌ دقيقٌ جداً، هناك اللهاةُ، وهناك لسانُ المزمارِ، فالإنسانُ حينما يبلعُ اللقمةَ تأتي اللهاةُ، وتغلقُ طريقَ الأنفِ - فتحتي الأنف الخَلفيتينِ - ويأتي لسانُ المزمارِ، ويغلقُ الحَنجرةَ، لكنْ وأنتَ نائمٌ بالليلِ يجتمعُ اللعابُ في فَمِكَ، وتجري عمليةٌ بالغةُ الدقّةِ، حيث إنّ هناك تنبيهاتٍ عصبيةٍ من الفمِ إلى البصلةِ السيسائيةِ، تجمعُ اللعابَ كثيراً، فيأتي الأمرُ للسانِ المزمارِ، واللهاةِ فتغلقان طريقَ الأنفِ، وطريقَ الحنجرةِ، وينتقلُ اللعابُ إلى المريءِ، كلُّ هذا يجري وأنت نائمٌ، والعناية الإلهية متيقظة.



إنّ عمليةَ البلعِ تحكمُها الأعصابُ القحفيةُ، السابعُ (الوجهي) ، والتاسع عشر، والحادي عشر، والثاني عشر، وكلُّها تمرُّ في جذعِ الدماغِ، فإذا أُصيبَ هذا المركزُ بالعطبِ لسببٍ أو لآخرَ ارتدَّ الطعامُ إلى الأنفِ، وخَرَجَ منه، وارتدَّ الطعامُ إلى الحنجرةِ، ومنها إلى الرئتين، وفي هذه الحالةِ يكون الموتُ المحقَّقُ بالاختناقِ.

هذا المريءُ طولُه خمسون سنتيمتراً، وهو مزوَّدٌ بعضلاتٍ حلقيةٍ تتقلّصُ بالتدريجِ، فلو أنّ الإنسانَ كان مضطجعاً في مستشفى، وأعطيناه الطعامَ لسارَ سيراً طبيعيّاً، من أول المريءِ إلى المعدةِ، ولو أننا عَلَّقنَا إنساناً من رجليه، وأطعمناه لقمةً لذهبتْ نحوَ الأعلى على خلافِ الجاذبيةِ، لأن هذا المريءَ فيه عضلاتٌ دائريةٌ تتقلّصُ تباعاً، فتنقلُ اللقمةَ إلى المعدةِ، ولو كنتَ في أي اتجاهٍ.

المعدةُ لها فؤادٌ، وهو محكمُ الإغلاقِ، لئلا تخرجَ السوائلُ الحمضيةُ فتزعجك، وحينما يتقيأُ الإنسانُ يشعرُ بحرقةٍ لا تُحتمَلُ، إنها حمضُ كلورِ الماءِ الذي في المعدةِ، فلئلا يخرجَ هذا الحمضُ إلى المريءِ فيزعجَ الإنسانَ كان الفؤادُ محكمَ الإغلاقِ، فمن أجلِ أن تدخُلَه اللقمةُ لا بد من رفعِ ضغطِ دفعِ اللقمةِ في الفؤادِ أربعةَ أمثالِ الضغطِ في مكانٍ ثانٍ في المريءِ، وكلُّ هذا من أجلِ أنْ تأكلَ، وأن تشربَ، وأن تتنفسَ، وأن تنامَ، وأن تزدردَ اللعابَ في الليلِ، وأن ينتقلَ الطعامُ إلى المعدةِ، مَن رَتَّبَ هذا؟ مَن أتقنَ هذا؟


**لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ**


3-لسان المزمار


في جسمِ الإنسانِ شُرْطِي للمرورِ، يعملُ منذُ أنْ يتخلَّقَ الإنسانُ في بطنِ أمِّه، وحتى الموتِ، لا يَكَلُّ، ولا يسأمُ، ولا يتعبُ، يعملُ ليلاً نهاراً، في اليقظةِ، والمنامِ، إنه لسانُ المزمارِ.


طريقُ الهواءِ من الأنفِ إلى الرئتين عَبْرَ الرغامى، (القصبة الهوائية) ، وطريقُ الطعام من الفمِ إلى المعدةِ، عبر المريءِ، وهذان الطريقان يتقاطعان في منطقةٍ حرجةٍ هي البلعومُ.

ويقومُ لسانُ المزمارِ بأخطرِ عملٍ في حياةِ الإنسانِ، فلو أنّ نصفَ كأسٍ من الماءِ دخلَ خطأً في الرغامى، في القصبةِ الهوائيةِ إلى الرئتين لماتَ الإنسانُ اختناقاً، لأنّ خلايا الدماغِ النبيلةِ تموتُ موتاً نهائياً إذا انقطعَ عنها الأوكسيجين أكثرَ من خمسِ دقائقَ، فلو نسيَ لسانُ المزمارِ أنْ يسدَّ طريقَ الرغامى، ويفتحَ طريقَ المريءِ لكانتْ هي القاضيةَ، فكيف لو نَزَلَ الطعامُ في القصبة الهوائيةِ، إذاً لفَسَدَ المجرَى، ولاختنقَ الإنسانُ، وماتَ فوراً؟



هذا اللسانُ الذي يفتحُ طريقَ المريءِ عندَ الطعامِ، ويفتحُ طريقَ التنفسِ عندَ التنفسِ، يعمل ليلاً ونهاراً، يعملُ وأنتَ نائمٌ، قد تقول: لا آكلُ بالليلِ، ولكن هذا اللعابُ الذي يتجمَّعُ في فمِك كيف تبتلعُه وأنت نائمٌ دونَ أنْ تشعرَ؟ مَن الذي أَمَرَ هذا اللسانَ أنْ يفتحَ طريقَ المريءِ، لينتقلَ اللعابُ المجمَّعُ في الفمِ إلى المعدةِ، ثم يغلقه فيتابع التنفسُ عملَه، وأنت لا تدري؟

مِن فضلِ اللهِ علينا أنّ هذه الرغامَى، (القصبةَ الهوائيةَ) لشدّةِ خطورةِ عملِها، ولأنها جهازٌ مصيريٌ، فلو توقفَ التنفُّسُ دقائقَ معدوداتٍ لماتَ الإنسانُ، لخطورةِ عملِها فقد جهَّزها اللهُ سبحانه وتعالى بأهدابٍ متحركةٍ، تحرَّكَ نحوَ الأعلى دائماً، فأي شيءٍ طفيفٍ دخلَ فيها تحرَّكَ نحوَ الأعلى، ليتجمعَ في الحنجرةِ، ويكون هو القَشَعَ، مَن الذي زوَّدَ هذه القصبةَ الهوائيةََ بهذه الأهدابِ المتحركةِ؟ ومن المناسب هنا أن نذكر أن التدخينَ يشلُّ هذه الأهدابَ التنفسيةَ، ويعرِّضُ الرئةَ للإصابةِ بالالتهاباتِ الإنتانيةِ، بسببِ شللِ هذه الأهدابِ التي تتحرَّكُ نحو الأعلى.


أما المريءُ فقد زوَّده اللهُ بعضلاتٍ دائريةٍ، تتقلَّصُ تِبَاعاً، فلو وُضِعَ الإنسانُ بشكلٍ مقلوبٍ، حيثُ تكونُ رجلاه نحو الأعلى، ورأسُه نحوَ الأسفل، وألقَمْتَه لقمةً، أو سقيتَه جرعةً من ماءٍ لسارَ الماءُ على عكسِ الجاذبيةِ نحوَ الأعلى، ولسارَ الطعامُ بعكسِ نظامِ الجاذبيةِ نحو الأعلى، بسببِ هذه العضلاتِ الدائريةِ، التي تتقلَّصُ تباعاً، فمَن زوَّد القصبةَ الهوائيةَ بهذه الأهدابِ المتحركةِ نحو الأعلى؟ ومَن زوَّد المريءَ بهذه العضلاتِ الدائريةِ، التي تسوقُ كلَّ شيءٍ نحوَ المعدةِ، بصرفِ النظرِ عن جهةِ الإنسانِ؟ إنه اللهُ سبحانه وتعالى.. {وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَآبَّةٍ ءايات لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ** [الجاثية: 4] ، وقال عزوجل: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفاق وفي أَنفُسِهِمْ** [فصلت: 53] ، **وفي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ** [الذاريات: 21] .

هذه آيةٌ لا تحتاجُ إلى كتبٍ، ولا إلى مجلداتٍ، ولا إلى مجاهِرَ إلكترونية، كلٌّ منا بإمكانه أنْ يفكِّرَ في هذه الآيةَ.


-الغشاء البريتواني، والإحساس بالألم


في الأمعاءِ الدقيقةِ غشاءٌ يحملُها أو يثبِّتُها، هذا الغشاءُ اسمُه عندَ الأطباءِ الغشاءُ البريتواني - المساريقي - ... لهذا الغشاءِ وظيفةٌ كبرى عظيمةٌ.


أولاً: لو أنّ الإنسانَ شَرِبَ ماءً يغلي، فالأمعاءُ لا تشعرُ بالحرارةِ، ذلك أنّ حكمةَ اللهِ تعالى قد جعلتِ الأمعاءَ الدقيقةَ والغليظةَ خاليةً مِن أعصابِ حسٍّ خلُوّاً كاملاً، فالأمعاءُ محاطةٌ بغشاءٍ، هذا الغشاءُ له وظائفُ كثيرةٌ، مِن وظائفِه أنه يحمِلُها على نحو مرنٍ، أي يسمحُ لها بالحركةِ، وهذا من أدقِّ الأعمالِ، لأن حركةَ الأمعاءِ في الهضمِ أساسُها ميكانيكيٌّ، وهذا الغشاءُ فيه نهاياتٌ عصبيةٌ، وهذا الغشاءُ فيه مراكزُ لمفاويةٌ، هذه المراكزُ بمنزلةِ أجهزةِ دفاعٍ في الجسمِ البشريِّ،


فلو أنّ التهاباً حادّاً أصابَ الأمعاءَ، فانثقبتْ، لتحرَّكَ الغشاءُ البريتوانيُّ ليصنعَ مصلاً يلتهمُ هذه الجراثيمَ، ويشعرُ الإنسانُ بالألمِ، وهذه الآلامُ التي يشعرُ بها الإنسان في بطنِه ليس مصدرُها الأمعاءَ، بل مصدرُها الغشاءُ البريتواني، الذي هو جهازُ الإنذارِ الأولِ، لو حدثَ ثقبٌ في الأمعاء، أو التهابٌ حادٌّ، وحدثتْ إنتاناتٌ، فهذا الغشاءُ البريتواني فيه نهاياتٌ عصبيةٌ تُشعِرُ الإنسانَ بالألمِ.

وثمة مراكزُ دفاعٍ تستخبرُ عن طبيعةِ الجرثومِ، وتصنعُ مصلاً مضاداً، وتلتهمُ الجرثومَ، وتطوِّقُ هذه المشكلةَ، هذا الغشاءُ الرقيقُ تجدُه عندَ القصّابِ بين الأمعاءِ، فيه عُقَدٌ بلغميةٌ صغيرةٌ ككتل شحميةٍ، هذه العقدُ البلغميةُ أجهزةُ دفاعٍ من أرقى الأجهزةِ، فيها جنودٌ تكتشفُ طبيعةَ العدوِّ، وجنودٌ مقاتلةٌ، وفيها معملٌ للمُصولِ.


وفي هذا الغشاءِ نهاياتٌ عصبيةٌ، فكلُّ آلامِ البطنِ تعدُّ جهازَ الإنذارِ المبكّرِ، وكلُّ هذه الغددِ تعدُّ أجهزةَ دفاعٍ عن هذه الأمعاءِ التي هي أساسيةٌ في حياةِ الإنسانِ، ولكنْ لحكمةٍ بالغةٍ ليس في الأمعاءِ أعصابُ حسٍّ، فمتى تنقلُ الألمَ لصاحبِه إذاً؟ إذَا حَدَثَ ثقبٌ في الأمعاءِ، تصبحُ الآلامُ لا تطاقُ، قال تعالى:

**وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ** [محمد: 15] .


إنْ قُطِّعَتِ الأمعاءُ شعرَ الإنسانُ بالألمِ، إذا ثُقِبَتِ الأمعاءُ شَعَرَ الإنسانُ بالألمِ، لذلك: **وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ** .

هذه الآيةُ تتوافقُ مع أحدثِ مُعطياتِ العلمِ، ولولا أنّ القرآنَ كلامُ اللهِ لَمَا أمكنَ للنبيِّ عليه الصلاةُ والسلامُ أنْ يكشفَ هذه الحقيقةَ، لأنّ طبيعةَ العصرِ الذي نَزَلَ فيه القرآنُ في كلِّ معطياتِه العلميةِ لا ترقى إلى هذه الحقيقةِ، هذا الغشاءُ الذي يتمتَّعُ بنهاياتٍ عصبيةٍ حساسةٍ جداً لا يمكنُ لها أن تُشْعِرَ بالألمِ إلاّ في حال ثقبِ الأمعاءِ، وأمّا الإحساسُ بالألمِ في الأمعاءِ فغيرُ موجودٍ، فلو شرِبَ الإنسانُ ماءً يغلي لم يشعر في أمعائِه بشيءٍ.

فمتَى يؤلِمُهم؟ حينما يقطِّعُ الماءُ الحميدُ أمعاءَهم، قال تعالى: **وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ** [محمد: 15] .

كلّما كَشَفَ الإنسانُ حقيقةً في جسمِه ازدادَ تعظيماً للهِ عز وجل، فهذا كتابُ اللهِ، كتابُ خالقِ البشرِ، وهو الكتابُ المقرَّرُ، والمنهجُ الحكيمُ، والصراطُ المستقيمُ، والنورُ المبينُ، والحبلُ المتينُ.


-المعدة وعامل "كاسل"


هذه المعدةُ التي زوَّدنا اللهُ بها، والحديثُ عنها طويلٌ جداً، لا تتّسع له المقالاتُ الكثيرةُ، ولكن نقتصر هنا على واحدةٍ من الآياتِ الدالةِ على عظمةِ اللهِ، وهي أنّ هذه المعدةَ زوّدها اللهُ بأربعةِ أغشيةٍ، وأنّ بعضَ هذه الطبقاتِ طبقاتٌ عضليةٌ، وفيها عضلاتٌ منوعةٌ، عضلاتٌ دائريةٌ، وعضلاتٌ مستقيمةٌ، وعضلاتٌ مائلةٌ، حيث تحقِّقُ كلَّ التقلُّصاتِ التي تعينُ على هضمِ الطعامِ.


الشيءُ المهمُّ في المعدةِ أنّ فيها ما يزيد على خمسةٍ وثلاثينَ مليونَ غدةٍ هاضمةٍ، بمعدل ثمانمئةِ غدّةٍ في كل سنتيمترٍ مربعٍ، هذه الغددُ تفرزُ الأنزيماتِ، وتفرزُ حمضَ كلورِ الماءِ، والذي هو مادةٌ تذيبُ كلَّ شيءٍ، حتّى اللحمَ، والسؤالُ الكبيرُ الذي ليس له إجابة شافية إلى الآن: لمَ لا تهضمُ المعدةُ نفسَها؟ نأكلُ اللحمَ فتهضمهُ، وهي من لحمٍ، والمادةُ التي تفرزُها تهضمُ اللحمَ، فلمَ لا تهضمُ المعدةُ نفسَها؟ سؤالٌ كبيرٌ، والإجابةُ عنه فيها بديع خَلق الله تعالى.

إنها مغلَّفةٌ بغشاء مخاطي يتحمّل حموضةَ المعدة وإفرازاتها، ويقي جدارَ المعدةِ من حموضة وسط المعدة، والخمائر ... مع وجود الخلايا الجدارية التي تفرز موادَّ مرمَّمةً دائماً، فإذا أكلت معدة هُضِمَتْ، لذهاب الغشاء المخاطي، ولم يبق بها إفرازاتٌ تُتِقيها سليمةً، فسبحان الله الخالق الحكيم.



لكنّ الشيءَ الذي يلفتُ النظرَ أنّ بعضَ العلماءِ قال: "إنّ الكرياتِ الحمراءَ التي تصنعُها معاملُ الكرياتِ الحمراء في نقي العظامِ لا تنضجُ، ولا يستوي بناؤُها إلا إذا أشرفَ عليها فيتامين شهيرٌ، هو فيتامين (ب12) "، والأغربُ من ذلك أنّ هذا الفيتامينَ لا يستطيعُ أنْ يصلَ إلى الدمِ، ولا أن يُخزَّنَ في الكبد إلاّ عن طريقِ مُرافقٍ له، هذا المُرافقُ مادةٌ بروتينيةٌ ذات وزنٍ ذريٍّ مرتفعٍ جداً، تفرزُها المعدةُ، يسمِّيها العلماءُ عاملِ كَاسَلْ، نسبةً إلى العالِمِ الذي اكتشفه، هذه المادةُ إذا أفرزَتْها المعدةُ يستطيعُ هذا الفيتامينُ الخطيرُ أنْ يدخلَ إلى الدمِ، ويُخزَّنَ في الكبدِ، وبالتالي تصنع المعاملُ الموجودةُ في نِقي العظامِ ما يزيدُ على مليونين ونصف مليون كرية حمراءَ في الثانيةِ الواحدةِ".


إنّ مخزونَ الكبدِ من هذا الفيتامينِ الخطيرِ الذي يشرفُ على نُضْجِ الكرياتِ الحمراءِ يُخزِّن بمعدلِ خمسةِ ميليغراماً تكفي الإنسانَ خمسَ سنواتٍ، ففي كلِّ سنةٍ يستهلكُ الإنسانُ واحداً من هذا الفيتامين، الذي رافَقَه هذا العاملُ الذي تفرزُه المعدةُ.

شيءٌ آخرُ، إنّ الحاجةَ اليوميةَ من هذا الفيتامين من 3 إلى 5 ميكروغرام، والميكروغرام واحدٌ من مليونٍ من الغرامِ، لو أنّ معدةَ الإنسانِ استُؤصِلتْ لَتَوَقَّفَ عاملُ كاسلْ عن إيصالِ الفيتامين (ب12) إلى الكبدِ، ماذا يحصلُ حينئذٍ؟ فقرُ دمٍ خبيثٌ، والتهابُ اللسانِ، وضمورُ المعدةِ، وإصابةُ النخاعِ، وعسرٌ في البلعِ، وبطءٌ في النشاطِ، وكآبةٌ في النفسِ، وخدرٌ في القدمينِ، واختلالٌ في التوازنِ، كلُّ هذه الآفاتِ الخطيرةِ، لأنّ بعضَ الميليِغراماتِ في الكبدِ قد انتهتْ.

ما هذه الدقة في خلق الإنسان؟! **أَيَحْسَبُ الإنسان أَن يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يمنى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فسوى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزوجين الذكر والأنثى**




-جهاز الكبد منطقة صناعية كاملة



إنّ مِن آياتِ اللهِ الكبرى الدالةِ على عظمتِه هذا الكبدَ الذي يوجدُ في أحشائِنا، وهو أكبرُ عضوٍ في الأحشاءِ، وإذا كان الإنسانُ لا يستطيعُ أن يعيشَ دونَ قلبٍ أكثرَ من ثلاثِ دقائقَ، فإنه لا يستطيعُ أن يعيشَ دونَ كبدٍ أكثرَ من ثلاثِ ساعاتٍ، والكبدُ يستطيعُ بناءَ نفسِه، فلو أنّ جرّاحاً استأصلَ أربعةَ أخماسِ الكبدِ فإنه يُعيدُ بناءَ نفسِه في سرعةٍ هائلةٍ، لأنّ اللهَ سبحانه وتعالى جهَّزَ الكبدَ بقدرةٍ عجيبةٍ على ترميمِ ذاتِه، وأسرعُ الخلايا انقساماً هي خلايا الكبدِ، والكبدُ يقومُ بوظائفَ كثيرةٍ، قال بعضُهم: "إنّ له خمسمئةِ وظيفةٍ"، وقال بعضُهم: "بل سبعمئةِ وظيفةٍ"، وقال بعضُهم: "بل وظائفُه بالآلافِ"، وعلى كلٍّ الشيءُ الذي يلفتُ النظرَ أنّ كلَّ خليةٍ في الكبدِ تقومُ وحْدَها بهذه الوظائفِ.

فمن وظائفِ الكبدِ التخزينُ، فهو مخزِّنٌ للدمِ، حيث يستوعبُ ألفاً وخمسمئةٍ من السنتيمتراتِ المكعبةِ من الدمِ، وإذا طرأَ طارئٌ، حصلَ نزيفٌ، أو حادثٌ، أو عمليةُ ولادةٍ، فإنّ هرموناً في الكظرِ يأمرُ الكبدَ أنْ يحرِّرَ جزءاً من هذا الدمِ المخزونِ ليعوِّضَ الدمَ المفقودَ.


ومن وظائِفه تخزينُ السكرِ، وتخزينُ الدسمِ، وتخزينُ البروتينِ، وتخزينُ القيتاميناتِ، فهو مخزِّنٌ غذائيٌّ، إذا حصلتْ مجاعةٌ، أو حصلَ انقطاعٌ عن الطعامِ والشرابِ، إراديٌّ أو غيرُ إراديٍّ، أو حصلَ نزيفٌ شديدٌ، فإنّ الكبدَ يعوِّضُ النقصَ، فهو مخزِّنٌ للموادِ الغذائيةِ التي يحتاجُها الإنسانُ، وما الجوعُ في حقيقتهِ إلا نَقصٌ في مخزونِ الكبدِ، لو فحصتَ دمَ جائعٍ لوجدتَ الموادَّ الأساسيةَ متوافرةً فيه بالتمامِ والكمالِ، ولكنّ الجوعَ هو نقصٌ في مخزونِ الكبدِ، بدليلِ أنّ الجائعَ إذا اضطرَّ لسببٍ أو لآخرَ إلى ألاَّ يأكلَّ؛ فإنه يبقى ساعاتٍ طويلةً دونَ أنْ يشعرَ بالتعبِ، لذلك يُعدُّ الجوعُ نَقصاً في مخزونِ الكبدِ، لا في الدمِ الجارِي في الأوعيةِ.



في الكبدِ خاصّةً لافتةٌ للنظرِ، سمّاها العلماءُ خاصّةََ التحويلِ، فباستطاعةِ الكبدِ أنْ يحوِّلَ السكرَ إلى بروتين، والبروتينَ إلى سكرٍ، والسكرَ إلى دسمٍ، والدسمَ إلى سكرٍ، إنّه شيءٌ عجيبٌ، هناك في الكبدِ سكرياتٌ، وهناك الموادُّ الدسمةُ، وهناك الموادُّ البروتينيةُ، ويستطيعُ الكبدُ في حالاتٍ ضروريةٍ أنْ يحوِّلَ الموادَّ الدسمةَ إلى سكرياتٍ، فهذا التحويلُ خاصّةٌ خطيرةٌ جدّاً من خواصِّ الكبدِ، كلُّ هذا حفاظاً على الحياةِ.



شيءٌ آخرُ؛ للكبدِ وظيفةُ التعييرِ، حيث يدخلُ السكرُ إلى الكبدِ بنسبٍ عاليةٍ جدّاً، ولا سيما إذا تناولَ أحدُنا طعاماً سكريّاً، ويخرجُ الدمُ من الكبدِ ونسبةُ السكرِ فيه لا تزيدُ على 5، 1/1000، فمِن مهمةِِ الكبدِ تعييرُ السكرِ، وتعييرُ الدسمِ، وتعييرُ كلِّ المواد.


أمّا الوظيفةُ الرابعةُ فهي وظيفةُ التكوينِ، فالكبدُ يكوِّنُ عنصرَ التجلُّطِ، وعنصرَ التمييعِ، ومن إفرازِ العنصرينِ إفرازاً متناسباً يصبحُ الدمُ على هذه الحالةِ المثاليةِ، فلو لم يفرز الكبدُ عنصرَ التمييعِ لأصبحَ الدمُ كالوحلِ في الشرايينِ، ولماتَ الإنسانُ فورا، ولو لم بفرز الكبدُ عنصرَ التجلطِ لَنَزَفَ دمُ الإنسانِ كلُّه من ثقبٍ صغيرٍ.

شيءٌ آخرُ، يفرزُ الكبدُ بروتيناً يعيِّرُ ويحدِّدُ نِسَبَ الماءَ في الجسمِ، ومَن التهبَ كبدُه أُصيبَ بالاستسقاءِ، أيْ إنّ الجسمَ يخزِّن ماءً كثيراً يفوقُ حاجتَه.


ومن وظائفِ الكبدِ التخليطُ، فالكبدُ يدرسُ وضعَ السمِّ، فإمّا أنْ يعدّلَه بتفاعلٍ كيماويٍّ، وإمّا أن يقيِّدَه، وإمّا أن يطردَه، بحسبِ خطورتِه، وسمِّيتِه، وكأنه عاقلٌ يفعلُ ما يناسبُ، يفحصُ هذا السمَّ، فإمّا أن يفرزَ عليه مادةً فيعطِّلَه، وإمّا أن يقيدَه - يحاصره - وإمّا أن يأخذَه إلى خارجِ الجسمِ، ويطرحَه مع البولِ، هذا كلُّه من وظائفِ الكبدِ.


وشيءٌ آخرُ، يفرزُ الكبدُ الصفراءَ، مليونان ونصفٌ من الكرياتِ الحمراءِ تموتُ في كلِّ ثانيةٍ، تموتُ هذه الخلايا فتساقُ إلى الطحالِ مقبرةِ الكرياتِ الحمراءِ، وهناك تُفكُّ إلى جزئياتِها الأساسيةِ، يُؤخذُ الحديدُ الناتجُ عن تفكيكِ جزئياتِ الكرياتِ الحمراءِ إلى معملِ نقيِّ العظامِ، وتؤخذُ مادةُ الهيموغلوبين إلى الكبدِ، فتكون الصفراءُ، فالصفراءُ التي في الكبدِ من نتاجِ تحليلِ كرياتِ الدمِ الحمراءِ الميتةِ، ماذا تفعلُ الصفراءُ؟ تساعدُ على امتصاصِ الدسمِ، وهضمِه، وتعينُ على حركةِ الأمعاءِ، وتعقِّمُ الأمعاءَ من الجراثيمِ، لذلك من استْؤصلتْ صفراؤُه يصعبُ عليه امتصاصُ الدسمِ.


متى يلتهبُ الكبدُ؟ اليرقانُ التهابُ الكبدِ، قال أصحابُ الاختصاصِ: "يلتهبُ إذَا تلوّثَ الطعامُ وأدواتُه بالموادِ البرازيةِ"، مِن هنا جاءتْ أحاديثُ الطهارةِ، فالأحاديثُ الكثيرةُ التي يحضُّنا بها النبيُّ عليه الصلاةُ والسلامُ على التطهُّرِ والتبرُّؤِ من البولِ، ومن كلِّ شيءٍ يخرجُ من الجسمِ، كلُّ هذا مِن أجلِ حفظِ الكبدِ.


وقد أكَّدَ العلماءُ أنّ تشمُّعَ الكبدِ له سببٌ كبيرٌ؛ ألا وهو معاقرةُ الخمرةِ، والخمرةُ أمُّ الخبائثِ، وأكثرُ الذين يعاقرون الخمرَ تصابُ أكبادُهم بالتشمُّعِ، والتشمُّع توقُّفُ الكبدِ عن القيامِ بوظائفِه، فالقرآنُ الكريمُ حينما حَرَّمَ علينا شربَ الخمرِ، حرَّمه لأنه يؤذي أكبادَنا، وكم من حالاتٍ لا تعدُّ ولا تحصى تَلِفَ فيها الكبدُ، وتشمَّعَ بفعلِ تناولِ الكحولِ، قال سبحانه: {ياأيها الذين آمَنُواْ إِنَّمَا الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشيطان فاجتنبوه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ** [المائدة: 90] .

أتعرفون أنّ بين جوانحِكم هذا العضوَ الخطيرَ؟! هذا المخبَر، هذا المخفَرَ، هذا المصنعَ، هذا المستودعَ.

وظيفةُ التخزينِ، وظيفةُ التحويلِ، وظيفةُ التعييرِ، وظيفةُ التكوينِ، وظيفةُ التخليطِ، وظيفةُ الإفرازِ، هذه بعضُ وظائفِ الكبدِ، وكلُّ خليةٍ من خلايا الكبدِ تفعلُ كل هذه الوظائفِ وحْدَها بصمتٍ دونَ ضجيجٍ.

ذلكم اللهُ ربُّ العالمين، هذا خَلْقُه، تذهبون إلى القصَّابِ، وتشترونَ السوداءَ، إنها الكبدُ، هذا الجهازُ الذي لا يستطيعُ الإنسانُ أن يعيشَ دونَه أكثرَ من ثلاثِ ساعاتٍ، قال تعالى:

**فَلْيَنظُرِ الإنسان مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب والترآئب * إِنَّهُ على رَجْعِهِ لَقَادِرٌ**


من ماءٍ مهينٍ، من نطفةٍ، يكونُ الكبدُ، والدماغُ، وهذا القلبُ، والأحشاءُ، والكليتان، **أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الخالقون**


هذا الذي خَلََقَك فسوّاك فعدّلك، ألا يستحقُّ العبادةَ؟ ألا يستحقُّ أن تحبَّه؟ ألا يستحقُّ أن تأتمرَ بأمرِه، وأن تنتهيَ عما نهاك؟ ألا يستحقُّ أن تفنيَ عمرَك في طاعتِه؟ عَن ابْنِ مَسْعُودٍ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلاَهُ، وَمَالَهُ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ؟ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ؟ ".


-الشّرب الصّحّيّ


عَنْ أَنسِ بْنِ مَالِكٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الإِنَاءِ ثَلاَثاً، وَيَقُولُ: "هُوَ أَمْرَأُ وَأَرْوَى".

أيْ إنّه إذا شرِبَ كأسَ الماءِ يشربُه على ثلاثِ دفعاتٍ، يتنفّسُ بين كلِّ شَربتين، إذاً يتنفّسُ إذا شَرَب مِن الإناء ثلاثاً، ويقول أروى: أيْ: أشدُّ ريّاً، وأقْربُ إلى العافيةِ، وأمرأ أيْ: أسهلُ مروراً.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه "أنَّ النّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَشْرَبُ فِي ثَلاثةِ أَنْفَاسٍ، إِذَا أَدْنَى إِلَى فِيهِ الإِنَاءَ سَمَّى اللهَ، فَإِذَا أَخَّرَهُ حَمِدَ اللهَ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ".

الشيء المعجِزُ أنّ في الإنسانِ عصباً يُسمَّى العصبَ المبهَمَ، هذا العصبُ مربوطٌ بالمعدةِ والقلبِ، والتنبيهُ العنيفُ لهذا العصبِ يؤذيه، فالماءُ الباردُ مثلاً إذا أُلقِيَ في الجوفِ دفعةً واحدةً دونَ أنْ يُمصَّ مصًّا - كما أرشدَ الحديث - فإنه ذو تنبيهٍ شديدٍ للعصبِ المبهَم، وهذا العصبُ المبهَمُ ربَّما نبَّهَ القلبَ فأوقفَه عن العملِ، وهناك حالاتُ موتٍ مفاجئ كثيرةٌ بسببِ تنبيهٍ شديدٍ جداً لهذا العصبِ المبهَمِ، سمّاه العلماءُ النهيَ العصبيَّ الذي يؤدّي إلى توقفِ القلبِ، وقد يحدثُ الموتُ فجأةً.

شيءٌ آخرُ، أنّ الإنسانَ حينما يكونُ في حالةِ حرٍّ شديدٍ، في حالةِ جهدٍ عالٍ جداً لا ينبغي له أن يشربَ الكثيرَ من الماءِ، فالآلاتُ المعدنيةُ لو صببتَ عليها الماءَ لتصدَّعتْ، ولانشقتْ، فكيف بالإنسانِ، قال تعالى: **فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بالجنود قَالَ إِنَّ الله مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مني إِلاَّ مَنِ اغترف غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ والذين آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا اليوم بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُواْ الله كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ الله والله مَعَ الصابرين** [البقرة: 249] .

في حالاتِ الحرِّ الشديدِ، وفي الجهدِ العالي ينبغي أنْ تشربَ الماءَ القليلَ، وأنْ تشربَه مصاً، لا أن تعبَّه عباً.

هذه بعضٌ من توجيهاتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الصحيّةِ، أرجو الله تعالى أنْ ينفعَنا بها.


وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين



التعديل الأخير تم بواسطة رشيد التلمساني ; 03-06-2017 الساعة 12:14 AM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 03-06-2017, 12:14 AM   #2
معلومات العضو
رشيد التلمساني
مراقب عام و مشرف الساحات الإسلامية

افتراضي

بارك الله فيك

 

 

 

 


 

توقيع  رشيد التلمساني
 لا حول و لا قوة إلا بالله
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 01:53 PM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com