موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > تفسير الرؤى والأحلام > مواضيع متعلقة بالرؤى والأحلام

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 27-07-2012, 10:08 AM   #1
معلومات العضو
شذى الاسلام
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي كتاب الرؤيا تفسير البغوي

كتاب الرؤيا تفسير البغوي
( كتاب الرؤيا )
( باب تحقيق الرؤيا )
قال الله سبحانه وتعالى إخبارا عن إبراهيم [ e ] : ) إني
أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل
ما تؤمر ( [ الصافات : 102 ].
3272 - أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن
عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا أبو
اليمان ، أنا شعيب ، عن الزهري ، حدثني سعيد بن المسيب
أن أبا هريرة قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول :
" لم يبق من النبوة إلا المبشرات " قالوا : وما المبشرات ؟
قال : " الرؤيا الصالحة ".
هذا حديث صحيح. وروي عن عبادة بن الصامت قال : سألت
رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن قوله سبحانه وتعالى : ( لهم البشرى في الحياة الدنيا (
(12/202)

صفحة رقم 203
[ يونس : 64 ] قال : " هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن ، أو ترى
له. ويروى مثله عن أبي الدرداء مرفوعا.
3273 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي ، أنا أبو علي زاهر بن أحمد
السرخسي ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، أخبرنا أبو
مصعب ، عن مالك ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة
عن أنس بن مالك أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " الرؤيا
الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءا
من النبوة ".
هذا حديث متفق على صحته أخرجه محمد عن عبد الله بن مسلمة ،
عن مالك ، وأخرجه مسلم عن عبيد الله بن معاذ ، عن أبيه ، عن شعبة ،
عن ثابت ، عن أنس.
قوله : " جزء من النبوة " أراد تحقيق أمر الرؤيا وتأكيده ، وإنما
كانت جزءا من النبوة في حق الأنبياء دون غيرهم. قال عبيد بن عمير :
رؤيا الأنبياء وحي ، وقرأ : ) إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر
ماذا ترى ، قال يا أبت افعل ما تؤمر ( [ الصافات : 102 ] وقيل : معناه
(12/203)

صفحة رقم 204
أنها جزء من أجزاء علم النبوة ، وعلم النبوة باق ، والنبوة غير باقية ،
أو أراد به أنه كالنبوة في الحكم بالصحة ، كما قال عليه الصلاة والسلام :
" الهدي الصالح ، والسمت الصالح ، والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين
جزءا من النبوة " أي : هذه الخصال في الحسن والاستحباب كجزء من
أجزاء فضائلهم ، فاقتدوا فيها بهم ، لا أنها حقيقة نبوة ، لأن النبوة لا تتجزأ
ولا نبوة بعد الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ، وهو معنى قوله ( صلى الله عليه وسلم ) : " ذهبت النبوة ،
وبقيت المبشرات ، الرؤيا الصالحة يراها المسلم ، أو ترى له ".
وقال بعض أهل العلم في قوله : " جزء من ستة وأربعين " إن
مدة وحي الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) من حين بدئ إلى أن فارق الدنيا ، كان ثلاثا
وعشرين سنة ، وكانت ستة أشهر منها في أول الأمر ، يوحى إليه في
النوم ، وهو نصف سنة ، فكانت مدة وحيه في النوم جزءا من ستة وأربعين
جزءا من جملة أيام الوحي.
( باب من رأى شيئا يكرهه
3274 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي ، أنا زاهر بن أحمد ، أنا أبو
إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن يحيى بن سعيد ،
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال : سمعت
(12/204)

صفحة رقم 205
أبا قتادة بن ربعي يقول : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
يقول : " الرؤيا من الله ، والحلم من الشيطان ، فإذا رأى
أحدكم الشيء يكرهه ، فلينفث عن يساره ثلاث مرات
إذا استيقظ ، وليتعوذ بالله من شرها ، فإنها لن تضره
إن شاء الله ".
قال أبو سلمة : إن كنت لأرى الرؤيا هي أثقل علي من
الجبل ، فلما سمعت هذا الحديث فما كنت أباليها.
هذا حديث متفق على صحته أخرجه محمد عن يحيى بن بكير ،
عن الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة ، وأخرجه
مسلم عن القعنبي ، عن سليمان بن بلال ، عن يحيى بن سعيد.
3275 - أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أبو محمد
عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز
البغوي ، نا علي بن الجعد ، أنا شعبة
عن عبد ربه بن سعيد سمعت أبا سلمة قال : كنت
أرى الرؤيا تهمني حتى سمعت أبا قتادة يقول : كنت أرى
(12/205)

صفحة رقم 206
الرؤيا فتمرضني حتى سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : الرؤيا
الصالحة من الله ، فإذا رأى أحدكم ما يحب ، فلا يحدث به
إلا من يحب ، وإذا رأى ما يكره ، فلا يحدث به ، وليتفل
على يساره ، وليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، ومن
شر ما رأى ، فإنها لن تضره ".
هذا حديث متفق على صحته أخرجه محمد عن سعيد بن الربيع ،
وأخرجه مسلم عن أبي بكر بن خلاد الباهلي ، عن محمد بن جعفر ،
كلاهما عن شعبة.
3276 - أخبرنا أبو عبد الله الخرقي ، أنا أبو الحسن الطيسفوني ،
أنا عبد الله بن عمر الجوهري ، نا أحمد بن علي الكشميهني ، نا علي بن حجر ،
نا إسماعيل بن جعفر ، نا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة
عن أبي هريرة أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " رؤيا
الصالح جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة " وقال :
" الرؤيا الصالحة من الله ، والحلم من الشيطان ، فإذا حلم
أحدكم حلما يخافه ، فليبصق عن يساره ثلاث مرات ،
وليستعذ بالله من شره ، فإنه لا يضره ".
صحيح.
(12/206)

صفحة رقم 207
قوله : " الرؤيا الصالحة من الله " يريد : بشارة من الله ليحسن به
ظنه ، ويشكره عليها. وأراد بالحلم : الرؤيا الكاذبة ، يريها الشيطان
ليحزنه بسوء ظنه بربه ، ولذلك أمر بأن يبصق عن يساره ، ويتعوذ
بالله منه ، كأنه يقصد به طرده وإخزاءه.
قوله : " فإذا حلم أحدكم حلما " يقال : حلم ، يحلم ، حلما :
إذا رأى في منامه شيئا ، وحلم بضم اللام ، يحلم حلما : إذا توقر
فلم يخف بسماع ما يكره ، وحلم الأديم بكسر اللام ، يحلم : إذا
فسد قبل الدباغ.
3277 - أخبرنا ابن عبد القاهر ، أنا عبد الغافر بن محمد ، نا محمد بن
عيسى الجلودي ، نا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، نا مسلم بن الحجاج ،
نا قتيبة ، نا الليث ، عن أبي الزبير
عن جابر ، عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " إذا رأى أحدكم
الرؤيا يكرهها ، فليبصق عن يساره ثلاثا ، وليستعذ
بالله من الشيطان ثلاثا ، وليتحول عن جنبه الذي كان
عليه ".
هذا حديث صحيح.
وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري : أما بعد فإني آمركم بما
أمركم به القرآن ، وأنهاكم عما نهاكم عنه محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، وآمركم
(12/207)

صفحة رقم 208
باتباع الفقه والسنة ، والتفهم في العربية ، وإذا رأى أحدكم رؤيا
فقصها على أخيه ، فليقل : خيرا لنا ، وشرا لأعدائنا.
وروي عن إبراهيم أنه قال : إذا رأى الرجل رؤيا يكرهها ، فليقل :
أعوذ بما عاذت به ملائكة الله ورسوله من شر رؤياي الليلة أن تضرني في
ديني ، أو دنياي يا رحمان.
قال ابن سيرين : اتق الله في اليقظة ، ولا تبال ما رأيت في النوم.
( باب أقسام الرؤيا
3278 - أخبرنا أبو الحسن علي بن يوسف بن عبد الله الجويني ،
أنا أبو محمد محمد بن علي بن شريك الشافعي ، أنا عبد الله بن محمد بن
مسلم أبو بكر الجوربذي ، نا يونس بن عبد الأعلى ، أنا ابن وهب ،
أخبرني جرير بن حازم ، عن أيوب السختياني ، وهشام بن حسان ، عن
محمد بن سيرين
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إذا
كان آخر الزمان ، لم تكد رؤيا المؤمن تكذب ، وأصدقهم
رؤيا أصدقهم حديثا ، والرؤيا ثلاثة : رؤيا بشرى من
الله عز وجل ، ورؤيا مما يحدث الإنسان نفسه ، ورؤيا
من تحزين الشيطان ، فإذا رأى أحدكم ما يكره ، فلا
يحدث به ، وليقم وليصل ، والقيد في المنام ثبات في
(12/208)

صفحة رقم 209
الدين ، والغل أكرهه ".
هذا حديث متفق على صحته أخرجاه من طرق عن ابن سيرين
ورواه قتادة أيضا ، وأدرج الكل في الحديث ، ورواه عوف عن ابن
سيرين ، وجعل قوله : " الرؤيا ثلاثة " من قول ابن سيرين إلى آخره ،
وأدرج عبد الوهاب الثقفي عن أيوب السختياني ، عن محمد بن سيرين الكل
في الحديث. قال : وأحب القيد ، وأكره الغل ، والقيد ثبات في
الدين ، فلا أدري هو في الحديث ، أم قاله ابن سيرين. وجعله معمر
عن أيوب من قول أبي هريرة.
3279 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو الحسين بن
بشران ، أنا إسماعيل بن محمد الصفار ، نا أحمد بن منصور الرمادي ،
نا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين
عن أبي هريرة عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " في آخر الزمان
لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب ، وأصدقهم رؤيا أصدقهم
حديثا ، والرؤيا ثلاثة : الرؤيا الحسنة بشرى من الله
(12/209)

صفحة رقم 210
عز وجل ، والرؤيا يحدث الرجل بها نفسه ، والرؤيا
تحزين من الشيطان ، فإذا رأى أحدكم رؤيا يكرهها ،
فلا يحدث بها أحدا ، وليقم ، فليصل ".
قال أبو هريرة : يعجبني القيد ، وأكره الغل ، القيد
ثبات في الدين ، قال : وقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " رؤيا المؤمن
جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ".
هذا حديث متفق على صحته أخرجه مسلم عن محمد بن رافع ، عن
عبد الرزاق.
وروى أكثر الرواة : " إذا اقترب الزمان ، أو إذا تقارب الزمان
لم تكد رؤيا المؤمن تكذب " واختلفوا في معناه ، قيل : أراد به
قرب زمان الساعة ودنو وقتها ، كما صرح به في هذا الحديث ، ويقال
للشيء إذا ولى وأدبر : تقارب ، يقال : تقاربت إبل فلان : إذا قلت
وأدبرت ، ويقال للقصير : متقارب : وقيل : معنى اقتراب الزمان :
اعتداله حين يستوي الليل والنهار. والمعبرون يقولون : أصدق الرؤيا
في وقت الربيع ، أو الخريف عند خروج الثمار وعند إدراكها ، وهما
وقتان يتقارب فيهما الزمان ، ويعتدل الليل والنهار. قالوا : ورؤيا الليل
أقوى من رؤيا النهار ، وأصدق ساعات الرؤيا وقت السحر. روي عن
(12/210)

صفحة رقم 211
أبي الهيثم ، عن أبي سعيد يرفعه. قال : " أصدق الرؤيا بالأسحار ".
وقوله : " الرؤيا ثلاثة " فيه بيان أن ليس كل ما يراه الإنسان في
منامه يكون صحيحا ، ويجوز تعبيره ، إنما الصحيح منها ما كان من الله
عز وجل يأتيك به ملك الرؤيا من نسخة أم الكتاب ، وما سوى ذلك
أضغاث أحلام لا تأويل لها.
وهي على أنواع قد يكون من فعل الشيطان يلعب بالإنسان ، أو
يريه ما يحزنه ، وله مكايد يحزن بها بني آدم ، كما أخبر الله سبحانه وتعالى
عنه : ) إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا ( [ المجادلة : 10 ]
ومن لعب الشيطان به الاحتلام الذي يوجب الغسل ، فلا يكون له تأويل ،
وقد يكون ذلك من حديث النفس ، كمن يكون في أمر ، أو حرفة
يرى نفسه في ذلك الأمر ، والعاشق يرى معشوقه ونحو ذلك ، وقد
يكون ذلك من مزاج الطبيعة ، كمن غلب عليه الدم يرى الفصد ،
والحجامة ، والرعاف ، والحمرة ، والرياحين ، والمزامير والنشاط ونحوها ،
ومن غلب عليه طبيعة الصفراء يرى النار ، والشمع ، والسراج ، والأشياء
(12/211)

صفحة رقم 212
الصفر ، والطيران في الهواء ونحوها ، ومن غلب عليه السوداء ، يرى
الظلمة والسواد ، والأشياء السود ، وصيد الوحوش ، والأهوال ،
والأموات ، والقبور ، والمواضع الخربة ، وكونه في مضيق لا منفذ له ،
أو تحت ثقل ونحو ذلك ، ومن غلب عليه البلغم ، يرى البياض ، والمياه ،
والأنداء ، والثلج ، والجمد ، والوحل ونحوها ، فلا تأويل لشيء منها.
3280 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو بكر أحمد بن
الحسن الحيري ، أنا حاجب بن أحمد الطوسي ، أخبرنا محمد بن حماد ،
نا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان
عن جابر قال : أتى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) رجل وهو يخطب ،
فقال : يا رسول الله رأيت فيما يرى النائم البارحة كأن
عنقي ضربت ، فسقط رأسي ، فاتبعته ، فأخذته ، ثم
أعدته مكانه ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إذا لعب الشيطان
بأحدكم في منامه ، فلا يحدثن به الناس ".
هذا حديث صحيح. أخرجه مسلم عن أبي سعيد الأشج ، عن وكيع ،
عن الأعمش. قال الإمام : قوله : " إذا رأى أحدكم ما يكره ، فلا
يحدث به " وفي حديث أبي قتادة : " فإذا رأى أحدكم ما يحب ، فلا
يحدث به إلا من يحب " فيه إرشاد المستعبر لموضع رؤياه ، فإن رأى
ما يكره ، فلا يحدث به حتى لا يستقبله في تفسيرها ما يزداد به هما ، وإن
(12/212)

صفحة رقم 213
رأى ما يحبه ، فلا يحدث به إلا من يحبه ، لأنه لا يأمن ممن لا يحبه أن
يعبره حسدا على غير وجهه ، فيغمه ، أو يكيده بأمر كما أخبر الله سبحانه
وتعالى عن يعقوب عليه السلام حين قص عليه يوسف عليه السلام رؤياه :
) قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا ( [ يوسف : 5 ].
3281 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أبو محمد عبد
الرحمن بن أبي شريح ، أنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز
البغوي ، نا علي بن الجعد ، أنا شعبة ، عن يعلى بن عطاء ، عن وكيع
ابن عدس
عن أبي رزين العقيلي قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) :
" الرؤيا جزء من أربعين ، أو ستة وأربعين جزءا من النبوة ،
وهو على رجل طائر ، فإذا حدث بها ، وقعت ، وأحسبه
قال : " لا يحدث إلا حبيبا ، أو لبيبا ".
هذا حديث حسن.
(12/213)

صفحة رقم 214
3282 - وأخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن علي الطوسي ، نا أبو
إسحاق إبراهيم بن محمد الإسفراييني ، أنا محمد بن محمد بن ورموية ، نا أبو
زكريا يحيى بن محمد بن غالب ، نا يحيى بن يحيى ، أخبرنا هشيم ، عن
يعلى بن عطاء بهذا الإسناد ، وقال :
" الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر ، فإذا عبرت ، وقعت " قال :
وأحسبه قال : " ولا يقصها إلا على واد ، أو ذي رأي ، والرؤيا
جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ".
قال أبو إسحاق الزجاج في قوله : " لا يقصها إلا على واد ، أو
ذي رأي " الواد لا يحب أن يستقبلك في تفسيرها إلا بما تحب ، وإن
لم يكن عالما بالعبارة ، لم يعجل لك بما يغمك ، وأما ذو الرأي ، فمعناه
ذو العلم بعبارتها ، فهو يخبرك بحقيقة تفسيرها ، أو بأقرب ما يعلم منها ،
ولعله أن يكون في تفسيرها موعظة تردعك عن قبيح أنت عليه ، أو
يكون فيها بشرى ، فتشكر الله عليها.
قوله : " والقيد ثبات في الدين " وذلك لأن القيد يمنع صاحبه عن
النهوض والتقلب ، كذلك الورع يمنع صاحبه من النهوض والتقلب فيما
لا يوافق الدين ، وهذا إذا كان مقيدا في مسجد ، أو في سبيل من سبيل
(12/214)

صفحة رقم 215
الخير ، أو عمل من أعمال البر ، فإن رآه مسافر ، فهو إقامة عن السفر ،
وكذلك إذا رأى دابته مقيدة ، فإن رآه مريض ، أو محبوس ، طال
مرضه وحبسه ، أو مكروب طال كربه. وروى أيوب عن أبي قلابة مرسلا
أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " إن الرؤيا تقع على ما عبر ، ومثل ذلك كمثل رجل
رفع رجله ، فهو ينتظر متى يضعها ، فإذا رأى أحدكم رؤيا ، فلا يحدث
بها إلا ناصحا ، أو عالما " وروي عن قتادة قال : جاء رجل إلى عمر بن
الخطاب ، فقال : إني رأيت كأني أعشبت ، ثم أجدبت ، ثم أعشبت ، ثم أجدبت
فقال له عمر : أنت رجل تؤمن ، ثم تكفر ، ثم تؤمن ، ثم تكفر ،
ثم تموت كافرا ، فقال الرجل : لم أر شيئا ، فقال عمر : قد قضي
لك ما قضي لصاحب يوسف.
والغل : كفر ، لقوله سبحانه وتعالى : ( غلت أيديهم ولعنوا
بما قالوا ( [ المائدة : 64 ] وقوله تعالى : ( إنا جعلنا في أعناقهم
أغلالا ( [ يس : 8 ] وقد يكون بخلا لقوله عز وجل : ) ولا تجعل
يدك مغلولة إلى عنقك ( [ الإسراء : 29 ] وقد يكون كفا عن المعاصي
إذا كان في الرؤيا ما يدل على الصلاح ، بأن يرى ذلك لرجل صالح ، روي
أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) آخى بين سلمان ، وأبي بكر ، فرأى سلمان لأبي بكر
رؤيا ، فأعرض عنه ، فقال له أبو بكر : يا أخي مالك قد أعرضت عني ؟
فقال : إني رأيت يديك قد جمعتا إلى عنقك ، فقال : الله أكبر ، جمعت
يداي عن الشر إلى يوم القيامة.
(12/215)

صفحة رقم 216
( باب أقسام تأويل الرؤيا
3283 - حدثنا أبو المظفر محمد بن أحمد التميمي ، أنا أبو محمد
عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم المعروف بابن أبي نصر ، أنا أبو الحسن
خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي ، نا إسحاق بن إبراهيم بن عباد ،
عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله
عن أبي هريرة أن رجلا أتى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ( ح ) وأخبرنا أحمد بن
عبد الله الصالحي ، أنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ، أنا
إسماعيل بن محمد الصفار ، نا أحمد بن منصور الرمادي ، نا عبد الرزاق
عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله
عن ابن عباس قال : كان أبو هريرة يحدث أن رجلا
أتى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال : إني رأيت الليلة ظلة ينطف منها
السمن والعسل ، وأرى سببا واصلا من السماء إلى الأرض ،
فأراك يا رسول الله أخذت به ، فعلوت ، ثم أخذ به رجل
آخر ، فعلا ، ثم أخذ به رجل آخر ، فعلا ، ثم أخذ به
رجل آخر ، فانقطع به ، ثم وصل له ، فعلا ، فقال أبو بكر :
أي رسول الله بأبي أنت ، والله لتدعني فلأعبرها ، فقال :
" اعبرها " فقال : أما الظلة ، فظلة الإسلام ، وأما
ما ينطف من السمن والعسل ، فهو القرآن لينه وحلاوته ،
(12/216)

صفحة رقم 217
وأما المستكثر والمستقل ، فهو المستكثر من القرآن والمستقل
منه ، وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض ، فهو الحق
الذي أنت عليه تأخذ به ، فيعليك الله ، ثم يأخذ به بعدك
رجل آخر ، فيعلو به ، ثم يأخذ به آخر بعده ، فيعلو
به ، ثم يأخذ به رجل آخر بعده ، فيقطع به ، ثم يوصل
له ، فيعلو. أي رسول الله لتحدثني أصبت أم أخطأت ؟
قال : " أصبت بعضا وأخطأت بعضا " قال : أقسمت بأبي
أنت يا رسول الله لتحدثني ما الذي أخطأت ، فقال النبي
[ ] : " لا تقسم ".
هذا حديث متفق على صحته أخرجه محمد عن يحيى بن بكير ،
عن الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله ، عن ابن
عباس أن رجلا أتى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : إني رأيت الليلة في المنام
ظلة تنطف السمن والعسل ، وكذلك أخرجه مسلم عن ابن أبي عمر ، عن سفيان
عن الزهري ، وأخرجه مسلم عن محمد بن نافع ، عن عبد الرزاق ، عن
معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس ، أو أبي هريرة ،
وقال : قال عبد الرزاق ، وكان معمر يقول أحيانا : عن ابن عباس ،
(12/217)

صفحة رقم 218
وأحيانا : عن أبي هريرة ، ورواه أبو داود عن محمد بن يحيى بن فارس ،
عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله
عن ابن عباس قال : قال أبو هريرة : إن رجلا أتى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال :
إني أرى الليلة.
قوله : إني رأيت الليلة. يقال ما بين الصبح إلى الظهر : رأيت
الليلة ، وبعد الظهر إلى الليل : رأيت البارحة. والظلة : كل ما
أظلك من فوقك ، وأراد بالظلة هاهنا والله أعلم : سحابة ينطف منها ،
أي : يقطر منها السمن والعسل ، والنطف : القطر ، ويقال للماء
الكثير : نطفة ، وللقليل : نطفة. وقوله : يتكففون ، أي :
يتلقونه بأكفهم ويأخذونه ، يقال : تكفف الرجل الشيء ، واستكفه :
إذا مد كفه فتناول بها ، والسبب : الحبل ، والواصل بمعنى الوصول ،
سمي الحبل سببا ، لأنه يوصله إلى الماء. وقوله سبحانه وتعالى : ( وآتيناه
من كل شيء سببا ( [ الكهف : 84 ] أي : علما يوصله إلى حيث
يريد. وقوله : " تقطعت بهم الأسباب " أي : الوصلات والمودات ،
ومنه الحديث : " كل سبب ينقطع إلا سببي ".
وفي قوله لأبي بكر : " لا تقسم " ولم يخبره عن مسألته ، دليل
على أن قول القائل : " أقسمت " لا يكون يمينا حتى يقول : أقسمت بالله ،
وهو قول مالك والشافعي ، لأنه بمجرده لو كان يمينا ، لأشبه أن يبره
(12/218)

صفحة رقم 219
النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بالإخبار عن مسألته ، لأنه عليه السلام أمر بإبرار المقسم.
وذهب قوم إلى أن مجرد قوله : " أقسمت " يمين وإن لم يصله باسم الله
عز وجل ، وإليه ذهب أصحاب الرأي ، لأنه لو لم يكن يمينا ، لكان
لا يقول له النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : لا تقسم ، والأمر بإبرار المقسم خاص فيما
يجوز ويتيسر.
واختلف الناس في معنى قوله : " أصبت بعضا ، وأخطأت بعضا "
فقال بعضهم : أراد به الإصابة في عبارة بعض الرؤيا ، والخطأ في
بعضها ، وقال آخرون : أراد بالإصابة : ما تأوله في عبارة الرؤيا ، فقد
خرج الأمر على وفاق قوله ، وأراد بالخطأ : مسألته الإذن له في تعبير
الرؤيا ، ومبادرته إلى الجواب بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ولم يتركه
إليه عليه السلام حتى يكون هو الذي يعبرها. والله أعلم.
قال الإمام : تأويل جملة هذه الرؤيا على ما عبره أبو بكر الصديق
رضي الله عنه ، وهذه الرؤيا تشتمل على أشياء ، إذا انفرد كل واحد منها
عن صاحبه ، انصرف تأويله إلى وجه آخر ، فإن تعبير الرؤيا يتغير
بالزيادة والنقصان.
(12/219)

صفحة رقم 220
فالسحاب في التأويل حكمة ، فمن ركب السحاب ولم يهله ، علا
في الحكمة ، فإن أصاب منها شيئا ، أصاب حكمة ، وإن خالط ولم
يصب شيئا ، خالط الحكماء ، فإن كان في السحاب سواد ، أو ظلمة ،
أو رياح ، أو شيء من هيئة العذاب ، فهو حينئذ عذاب ، وإن كان
فيه غيث ، فهو رحمة.
والسمن والعسل قد يكون مالا في التأويل ، وروي أن رجلا
سأل ابن سيرين ، فقال : رأيت كأني ألعق عسلا من جام من جوهر ،
فقال : اتق الله ، وعاود القرآن ، فإنك رجل قرأت القرآن ، ثم
نسيته.
والعلو إلى السماء رفعة ، لقوله سبحانه وتعالى : ( ورفعناه مكانا
عليا ( [ مريم : 57 ] ومن رأى أنه قد صعد السماء فدخلها ، نال
شرفا وذكرا ، ونال الشهادة. والطيران في الهواء عرضا سفر ونيل
شرف ، فإن طار مصعدا ، أصابه ضر عاجل ، فإن بلغ السماء كذلك
يبلغ غاية الضر ، فإن تغيب في السماء ولم يرجع ، مات ، فإن رجع
نجا بعد ما أشرف على الموت ، والحبل : العهد والأمان ، لقوله سبحانه
وتعالى : ( واعتصموا بحبل الله ( [ آل عمران : 103 ] وقال :
) إلا بحبل من الله وحبل من الناس ( [ آل عمران : 112 ] أي : أمان.
واعلم أن تأويل الرؤيا ينقسم أقساما ، فقد يكون بدلالة من
جهة الكتاب ، أو من جهة السنة ، أو من الأمثال السائرة بين الناس ،
وقد يقع التأويل على الأسماء والمعاني ، وقد يقع على الضد والقلب.
فالتأويل بدلالة القرآن ، كالحبل يعبر بالعهد ، لقوله سبحانه وتعالى :
) واعتصموا بحبل الله ( والسفينة تعبر بالنجاة ، لقوله سبحانه وتعالى :
) فأنجيناه وأصحاب السفينة ( [ العنكبوت : 15 ] والخشب يعبر
(12/220)

صفحة رقم 221
بالنفاق لقوله عز وجل : ) كأنهم خشب مسندة ( [ المنافقون : 4 ]
والحجارة تعبر بالقسوة لقوله جل ذكره : ) فهي كالحجارة أو أشد قسوة (
[ البقرة : 34 ] والمريض بالنفاق ، لقوله تبارك وتعالى : ( في قلوبهم مرض (
[ البقرة : 10 ] والبيض يعبر بالنساء ، لقوله سبحانه وتعالى : ( كأنهن
بيض مكنون ( [ الصافات : 49 ] وكذلك اللباس ، لقوله سبحانه
وتعالى : ( هن لباس لكم ( [ البقرة : 187 ] واستفتاح الباب
يعبر بالدعاء ، لقوله سبحانه وتعالى : ( إن تستفتحوا ( [ الأنفال : 19 ]
أي : تدعوا. والماء يعبر بالفتنة في بعض الأحوال لقوله عز وجل :
) لأسقيناهم ماء غدقا ، لنفتنهم فيه ( [ الجن : 16 ، 17 ] وأكل اللحم
النيء يعبر بالغيبة ، لقوله سبحانه وتعالى : ( أيحب أحدكم أن يأكل
لحم أخيه ميتا ( [ الحجرات : 12 ] ودخول الملك محلة ، أو بلدة ،
أو دارا تصغر عن قدره ، وينكر دخول مثله مثلها ، يعبر بالمصيبة
والذل ينال أهلها ، لقوله تبارك وتعالى : ( إن الملوك إذا دخلوا قرية
أفسدوها ( [ النمل : 34 ].
وأما التأويل بدلالة الحديث كالغراب ، يعبر بالرجل الفاسق ، لأن
النبي ( صلى الله عليه وسلم ) سماه فاسقا ، والفأرة يعبر بالمرأة الفاسقة ، لأن النبي ( صلى الله عليه وسلم )
سماها فويسقة. والضلع يعبر بالمرأة ، لقوله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إن المرأة خلقت
من ضلع أعوج ". والقوارير تعبر بالنساء ، لقوله ( صلى الله عليه وسلم ) : " يا انجشه
(12/221)

صفحة رقم 222
رويدك سوقا بالقوارير ".
والتأويل بالأمثال ، كالصائغ يعبر بالكذاب ، لقولهم : أكذب
الناس الصواغون. وحفر الحفرة يعبر بالمكر ، لقولهم : من حفر
حفرة وقع فيها. قال الله تعالى : ( ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله (
[ فاطر : 43 ] والحاطب يعبر بالنمام ، لقولهم لمن وشى : إنه
يحطب عليه ، وفسروا قوله سبحانه وتعالى : ( حمالة الحطب (
[ اللهب : 4 ] بالنميمة ، ويعبر طول اليد بصنائع المعروف ، لقولهم :
فلان أطول يدا من فلان. ويعبر الرمي بالحجارة وبالسهم بالقذف ،
لقولهم : رمى فلانا بفاحشة ، قال الله عز وجل : ) والذين يرمون
المحصنات ( [ النور : 4 ] ويعبر غسل اليد باليأس عما يأمل ،
ولهم : غسلت يدي عنك.
والتأويل بالأسامي ، كمن رأى رجلا يسمى راشدا يعبر بالرشد ،
وإن كان يسمى سالما يعبر بالسلامة.
3284 - أخبرنا ابن عبد القاهر ، أنا عبد الغافر بن محمد ، أنا محمد بن
عيسى ، نا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، نا مسلم بن الحجاج ، حدثنا عبد
الله بن مسلمة بن قعنب ، نا حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني
عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " رأيت
ذات ليلة فيما يرى النائم كأنا في دار عقبة بن رافع ،
فأتينا برطب من رطب ابن طاب ، فأولت الرفعة لنا في
الدنيا ، والعاقبة في الآخرة ، وأن ديننا قد طاب.
(12/222)

صفحة رقم 223
هذا حديث صحيح.
قال ابن سيرين : نوى التمر : نية السفر ، وقد يعبر السفرجل
بالسفر إذا لم يكن في الرؤيا ما يدل على المرض ، لأن أوله سفر ،
والسوسن بالسوء ، لأن أوله سوء ، إذا عدل به عما ينسب إليه في التأويل.
والتأويل بالمعنى كالأترج يعبر بالنفاق ، لمخالفة باطنه ظاهره
إن لم يكن في الرؤيا ما يدل على المال ، وكالورد والنرجس يعبر بقلة
البقاء إن عدل به عما ينسب إليه لسرعة ذهابه ، ويعبر الآس بالبقاء ،
لأنه يدوم. حكي أن امرأة سألت معبرا بالأهواز : إني رأيت في المنام
كأن زوجي ناولني نرجسا ، وناول ضرة لي آسا ، فقال : يطلقك
ويتمسك بضرتك ، أما سمعت قول الشاعر :
ليس للنرجس عهد
إنما العهد لآس
وأما التأويل بالضد والقلب ، فكما أن الخوف في النوم يعبر
بالأمن ، لقوله سبحانه وتعالى : ( وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا (
[ النور : 55 ] والأمن فيه يعبر بالخوف ، ويعبر البكاء بالفرح
إذا لم يكن معه رنة ، ويعبر الضحك بالحزن ، إلا أن يكون
تبسما ، ويعبر الطاعون بالحرب ، والحرب بالطاعون ، ويعبر العجلة
في الأمر بالندم ، والندم بالعجلة ، ويعبر العشق بالجنون ، والجنون
بالعشق ، والنكاح بالتجارة ، والتجارة بالنكاح ، ويعبر الحجامة بكتبة
الصك ، وكتبة الصك بالحجامة ، ويعبر التحول عن المنزل بالسفر ،
والسفر بالتحول عن المنزل.
(12/223)

صفحة رقم 224
ومن هذا القبيل أن العطش في النوم خير من الري ، والفقر خير
من الغنى ، والمضروب ، والمجروح ، والمقذوف أحسن حالا من الضارب
والجارح ، والقاذف ، وقد يتغير حكم التأويل بالزيادة والنقصان ، كقولهم
في البكاء : إنه فرح ، فإن كان معه صوت ورنة ، فهو مصيبة ، وفي
الضحك : إنه حزن ، فإن كان تبسما ، فصالح ، وكقولهم في الجوز :
إنه مال مكنوز ، فإن سمعت له قعقعة ، فهو خصومة ، والدهن في
الرأس زينة ، فإن سال على الوجه ، فهو غم ، والزعفران ثناء حسن
فإن ظهر له لون ، أو جسد ، فهو مرض ، أو هم ، والمريض يخرج
من منزله ولا يتكلم ، فهو موته ، وإن تكلم برأ ، والفأر نساء ، ما لم
يختلف ألوانها ، فإن اختلف ألوانها إلى بيض وسود ، فهي الإيام والليالي ،
والسمك نساء إذا عرف عددها ، فإن كثر ، فغنيمة.
وقد يتغير التأويل عن أصله باختلاف حال الرأي كالغل في النوم
مكروه ، وهو في حق الرجل الصالح قبض اليد عن الشر ، وكان ابن
سيرين يقول في الرجل يخطب على المنبر يصيب سلطانا ، فإن لم يكن من
أهله يصلب ، وسأل رجل ابن سيرين قال : رأيت في المنام كأني
أؤذن ، قال : تحج ، وسأله آخر ، فأول بقطع يده في السرقة ، فقيل له
في التأويلين ، فقال : رأيت الأول على سماء حسنة ، فأولت قوله سبحانه
وتعالى ( وأذن في الناس بالحج ( [ الحج : 27 ] ولم أرض هيئة الثاني ، فأولت
قوله عز وجل ) ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون ( [ يوسف : 70 ]
وقد يرى الرجل في منامه فيصيبه عين ما رأى حقيقة من ولاية أو حج أو قدوم
غائب أو خير أو نكبة ، فقد رأى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) الفتح ، فكان كذلك ، قال
الله سبحانه وتعالى ( لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق ( [ الفتح : 27 ]
(12/224)

صفحة رقم 225
3285 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو بكر أحمد بن
الحسن الحيري ، أنا محمد بن أحمد بن محمد بن معقل الميداني ، نا محمد بن
يحيى ، نا عثمان بن عمر ، أنا يونس ، عن الزهري ، عن ابن خزيمة بن ثابت
عن عمه أن خزيمة رأى فيما يرى النائم ، أنه سجد على
جبهة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأخبره ، فاضطجع له ، وقال : " صدق
رؤياك " فسجد على جبهته.
وقد يرى الشيء في المنام للرجل ، ويكون التأويل لولده أو
قريبه أو سميه ، فقد رأى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في النوم مبايعة أبي جهل معه ،
فكان ذلك لابنه عكرمة ، فلما أسلم ، قال عليه السلام : " هو هذا ".
ورأى لأسيد بن العاص ولاية مكة ، فكان لابنه عتاب بن أسيد
ولاه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) مكة.
( باب تأويل رؤية النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في المنام
3286 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو عمر بكر بن محمد
(12/225)

صفحة رقم 226
المزني ، نا أبو بكر محمد بن عبد الله حفيد العباس بن حمزة ، نا أبو علي
الحسين بن الفضل البجلي ، نا عفان ، نا عبد العزيز بن المختار ، نا ثابت
أنا أنس أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " من رآني في المنام
فقد رآني ، فإن الشيطان لا يتمثل بي ".
وقال : " إن رؤيا المسلم جزء من ستة وأربعين جزءا
من النبوة ".
هذا حديث صحيح أخرجه محمد عن المعلى بن أسد ، عن عبد العزيز
ابن المختار.
3287 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الصمد الجوزجاني ، أنا أبو
القاسم علي ابن أحمد الخزاعي ، أنا الهيثم بن كليب الشاشي ، نا أبو عيسى
الترمذي ، نا عبد الله بن أبي زياد ، نا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ،
نا ابن أخي ابن شهاب الزهري ، عن عمه ، قال : قال أبو سلمة
قال أبو قتادة : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " من رآني في
النوم ، فقد رأى الحق ".
هذا حديث متفق على صحته أخرجه محمد عن خالد بن خلي ، عن
محمد بن حرب ، عن الزبيدي ، عن الزهري ، وقال : تابعه يونس بن
أخي الزهري ، وأخرجه مسلم عن زهير بن حرب ، عن يعقوب بن إبراهيم.
(12/226)

صفحة رقم 227
3288 - أخبرنا أبو الحسن علي بن يوسف الجويني ، أنا أبو محمد
محمد بن علي بن محمد بن شريك الشافعي ، أنا عبد الله بن محمد بن مسلم
أبو بكر الجوربذي ، نا يونس بن عبد الأعلى ، أنا ابن وهب ، أخبرني
يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن
أن أبا هريرة قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول :
" من رآني في المنام ، فسيراني في اليقظة ، أو لكأنما رآني
في اليقظة ، ولا يتمثل الشيطان بي ، وقال أبو سلمة : قال
أبو قتادة : من رآني ، فقد رأى الحق ".
هذا حديث متفق على صحته أخرجه محمد عن عبدان ، عن عبد الله ،
عن يونس وقال : " من رآني في المنام ، فسيراني في اليقظة " وأخرجه
مسلم عن حرملة ، عن ابن وهب ، عن يونس على الشك.
قال الإمام : رؤية الله في المنام جائزة ، قال معاذ عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) :
" إني نعست فرأيت ربي " وتكون رؤيته جلت قدرته ظهور
العدل ، والفرج والخصب والخير لأهل ذلك الموضع ، فإن رآه فوعد
له جنة أو مغفرة ، أو نجاة من النار ، فقوله حق ووعده صدق ،
وإن رآه ينظر إليه ، فهو رحمته ، وإن رآه معرضا عنه ، فهو تحذير
من الذنوب ، لقوله سبحانه وتعالى ( أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا
يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ( [ آل عمران : 77 ] وإن أعطاه شيئا من
متاع الدنيا فأخذه ، فهو بلاء ومحن وأسقام تصيب بدنه ، يعظم بها أجره
(12/227)

صفحة رقم 228
لا يزال يضطرب فيها حتى يؤديه إلى الرحمة ، وحسن العاقبة.
ورؤية النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في المنام حق ولا يتمثل الشيطان به ، وكذلك
جميع الأنبياء والملائكة عليهم السلام ، وكذلك الشمس والقمر والنجوم
المضيئة والسحاب الذي فيه الغيث لا يتمثل الشيطان بشيء منها.
ومن رأى نزول الملائكة بمكان ، فهو نصرة لأهل ذلك المكان ،
وفرج إن كانوا في كرب ، وخصب إن كانوا في ضيق وقحط ،
وكذلك رؤية الأنبياء صلوات الله عليهم. ومن رأى ملكا يكلمه
ببر أو بعظة أو بصلة ، أو يبشره ، فهو شرف في الدنيا ، وشهادة في
العاقبة.
ورؤية الأنبياء مثل رؤية الملائكة إلا في الشهادة ، لأن الأنبياء
كانوا يخالطون الناس ، والملائكة عند الله سبحانه وتعالى لا يراهم الناس ،
كما قال الله عز وجل ) إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته (
[ الأعراف : 206 ] وقال الله سبحانه وتعالى في الشهداء : ) والشهداء عند ربهم
لهم أجرهم ونورهم ( [ الحديد : 19 ]. ورؤية النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في مكان سعة
لأهل ذلك المكان إن كانوا في ضيق ، وفرج إن كانوا في كرب ، ونصرة
إن كانوا في ظلم ، وكذلك رؤية الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، ورؤية
أهل الدين بركة وخير على قدر منازلهم في الدين ، ومن رأى النبي ( صلى الله عليه وسلم )
كثيرا في المنام ، لم يزل خفيف الحال ، مقلا في دنياه من غير حاجة قادحة ،
ولا خذلان من الله عز وجل ، قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) " إن الفقر أسرع إلى
من يحبني من السيل إلى منتهاه ". ورؤية الإمام إصابة خير وشرف.
(12/228)

صفحة رقم 229
( باب تأويل رؤية السماء وما فيها
قال الله سبحانه وتعالى إخبارا عن يوسف : ) إني رأيت
أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين (
[ يوسف : 4 ] وقال ) ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا
وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل ( [ يوسف : 100 ].
3289 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله
النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا عبد الله بن محمد ،
نا أزهر السمان ، عن ابن عون ، عن محمد هو ابن سيرين
عن قيس بن عباد قال : كنت جالسا في مسجد
(12/229)

صفحة رقم 230
المدينة ، فدخل رجل على وجهه أثر خشوع ، فقالوا : هذا
رجل من أهل الجنة ، فصلى ركعتين تجوز فيهما ، ثم
خرج ، وتبعته ، فقلت : إنك حين دخلت المسجد ، قالوا :
هذا رجل من أهل الجنة ، قال : والله ما ينبغي لأحد أن
يقول ما لا يعلم ، وسأحدثك لم ذاك ؟ رأيت رؤيا على
عهد النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقصصتها عليه ، ورأيت كأني في روضة ،
ذكر من سعتها وخضرتها ، وسطها عمود من حديد ،
أسفله في الأرض ، وأعلاه في السماء ، في أعلاه عروة ، فقيل
لي : ارقه ، قلت : لا أستطيع ، فأتاني منصف ، فرفع
ثيابي من خلفي ، فرقيت حتى كنت في أعلاها ، فأخذت
بالعروة ، فقيل لي : استمسك ، فاستيقظت ، وإنها لفي
يدي ، فقصصتها على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال : " تلك الروضة
الإسلام ، وذلك العمود عمود الإسلام ، وتلك العروة
الوثقى ، فأنت على الإسلام حتى تموت ، وقال : الرجل
عبد الله بن سلام.
(12/230)

هذا حديث متفق على صحته أخرجه مسلم عن محمد بن مثنى ، عن
معاذ بن معاذ ، عن عبد الله بن عون.
والمنصف : الخادم ، والجمع المناصف ، يقال نصفت الرجل فأنا أنصفه
نصافة : إذا خدمته.
قال الإمام : من رأى في النوم أنه قد صعد السماء فدخلها ، نال شرفا
وذكرا ، ونال الشهادة ، فإن رأى نفسه فيها ، لم يدر متى صعد إليها ،
فهو شرف معجل ، وشهادة مؤجلة.
والشمس ملك عظيم ، وما رأى فيها من تغير أو كسوف ، فهو
حدث بالملك من هم أو مرض ، أو نحو ذلك.
والقمر وزير الملك في التأويل ، والزهرة امرأته ، وعطارد كاتبه ،
والمريخ صاحب حربه ، وزحل صاحب عذابه ، والمشتري صاحب ماله ، وسائر
النجوم العظام أشراف الناس ، وإنما يكون القمر وزيرا ما رئي في السماء ،
فإن رآه عنده أو في حجره ، أو في بيته تزوج زوجا بقدر ضوئه ونوره
رجلا كان أو امرأة. رأت عائشة ثلاثة أقمار سقطت في حجرتها ، فقصت
الرؤيا على أبي بكر ، فلما توفي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ودفن في بيتها ، قال لها
أبو بكر : هذا أحد أقمارك وهو خيرها.
(12/231)

صفحة رقم 232
وكانت الشمس في تأويل رؤيا يوسف ( صلى الله عليه وسلم ) أباه ، والقمر خالته ،
والكواكب الأحد عشر إخوته كما قال الله سبحانه وتعالى ( ورفع
أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي
من قبل ( [ يوسف : 100 ] وكانت رؤياه في حال صباه ، وظهر تأويلها
بعد أربعين سنة. وروي أن ابن سيرين رأى في المنام كأن الجوزاء
تقدمت الثريا ، فأخذ في الوصية ، وقال : يموت الحسن وأموت بعده هو
أشرف مني. وسأل رجل ابن سيرين ، فقال : رأيت كأني أطير بين السماء
والأرض ، قال : أنت رجل كثير المني.
( باب تأويل رؤية القيامة والجنة والنار
3290 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أبو منصور محمد
ابن محمد بن سمعان ، نا أبو جعفر محمد أحمد بن عبد الجبار الرياني ،
نا حميد بن زنجوية ، نا سليمان بن حرب ، نا حماد بن زيد ، عن أيوب ،
عن نافع
(12/232)

صفحة رقم 233
أن ابن عمر رأى في المنام كأن في يده قطعة إستبرق
لا يريد من الجنة موضعا إلا طارت به إليه ، ورأى كأنه
ذهب به إلى النار ، فلقيه رجل ، فقال : دعه ، فإنه
نعم الرجل لو كان يصلي من الليل ، قال : فقصت حفصة
إحدى الرؤيايين على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال لها : إن أخاك
رجل صالح ، قال : فكان ابن عمر بعد يطيل الصلاة من
الليل.
هذا حديث متفق على صحته أخرجه محمد عن أبي النعمان ، عن
حماد بن زيد ، وأخرج مسلم حديث الإستبرق عن أبي كامل الجحدري
عن حماد ، وحديث النار من طريق سالم عن ابن عمر.
قال الإمام : من رأى القيامة قد قامت في موضع ، فإن العدل
يبسط في ذلك المكان ، فإن كانوا مظلومين نصروا ، وإن كانوا ظالمين
انتقم منهم ، لأنه العدل ، ويوم القيامة يوم الفصل والعدل ، قال الله سبحانه
وتعالى ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا (
(12/233)

صفحة رقم 234
[ الأنبياء : 47 ] ومن رأى أنه دخل الجنة ، فهو بشرى من الله عز وجل
بالجنة ، فإن أكل شيئا من ثمارها أو أصابها ، فهو خير يناله في دينه
ودنياه ، وعلم ينتفع به ، فإن أعطاها غيره ، ينتفع بعلمه غيره.
ودخول جهنم إنذار العاصي ليتوب ، فإن رأى أنه تناول شيئا من
طعامها أو شرابها ، فهو خلاف أعمال البر منه ، أو علم يصير عليه وبالا.
( باب تأويل الوضوء والعبادات في النوم
3291 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله
النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا يحيى بن بكير ،
حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، أخبرني سعيد بن المسيب
أن أبا هريرة قال : بينما نحن جلوس عند رسول الله
[ ] قال : بينا أنا نائم رأيتني في الجنة ، فإذا امرأة
تتوضأ إلى جانب قصر ، فقلت : لمن هذا القصر ؟
قال : " لعمر " فذكرت غيرته ، فوليت مدبرا ، فبكى
عمر ، وقال : عليك - بأبي وأمي يا رسول الله - أغار.
هذا حديث متفق على صحته أخرجه مسلم عن حرملة بن يحيى ،
(12/234)

صفحة رقم 235
عن ابن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب.
الغسل والوضوء بالماء البارد توبة وشفاء من المرض ، وخروج من
الحبس ، وقضاء للدين ، وأمن من الخوف غير أن الغسل أقوى من
الوضوء ، قال الله سبحانه لأيوب [ e ] ) هذا مغتسل بارد وشراب (
[ ص : 42 ] فلما اغتسل ، خرج من المكاره. والغسل والوضوء
بالماء المسخن هم أو مرض. والأذان حج ، لقوله سبحانه وتعالى ( وأذن
في الناس بالحج ( [ الحج : 27 ] وربما كان سلطانا في الدين وقوة ،
والصلاة في النوم استقامة الرأي في الدين والسنة إذا كانت إلى الكعبة.
والإمامة رياسة وولاية إن استقامت قبلته ، وتمت صلاته ، والركوع
توبة ، لقوله عز وجل ) وخر راكعا وأناب (. [ ص : 24 ] والسجود
قربة ، لقوله سبحانه وتعالى ( واسجد واقترب ( [ العلق : 19 ] فإن صلى
منحرفا عن سمت القبلة شرقا أو غربا ، فإنه انحراف عن السنة ، فإن
جعلها وراء ظهره ، فهو نبذه الإسلام ، لقول الله سبحانه وتعالى
) فنبذوه وراء ظهورهم ( [ آل عمران : 187 ] فإن رأى أنه لا يعرف القبلة
فهو حيرة منه في الدين. ومن رأى نفسه يصلي فوق الكعبة ، فلا
دين له والعياذ بالله عز وجل ، والكعبة : الإمام العادل ، فمن أم الكعبة
فقد أم الإمام. والمسجد الجامع : هو السلطان ، ومن رأى نفسه يطوف
بالكعبة ، أو يأتي بشيء من المناسك ، فهو صلاح في دينه بقدر عمله.
ودخول الحرم أمن ، لقوله سبحانه وتعالى ( ومن دخله كان آمنا (.
[ آل عمران : 97 ].
(12/235)

صفحة رقم 236
والأضحية فك رقبة ، فمن ضحى بأضحية وكان عبدا ، عتق ، وإن
كان أسيرا ، نجا ، أو خائفا ، أمن ، أو مديونا ، قضي دينه ، أو مريضا
شفاه الله أو صرورة حج.
( باب تأويل النكاح في النوم
3292 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله
النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا عبيد بن إسماعيل ،
نا أبو أسامة ، عن هشام ، عن أبيه
عن عائشة قالت : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " أريتك في
المنام مرتين ، إذا رجل يحملك في سرقة حرير ،
فيقول : " هذه امرأتك " فأكشفها ، فإذا هي أنت ،
فأقول : " إن يكن هذا من عند الله يمضه ".
هذا حديث متفق على صحته أخرجه مسلم عن أبي كريب
عن أبي أسامة.
(12/236)

صفحة رقم 237
قال الإمام : من رأى في النوم أنه تزوج امرأة عاينها ، أو عرفها أو
نسبت له ، أصاب سلطانا بقدر جمالها ، فإن لم يكن ، يعاينها ولم يعرفها
ولم تنسب له إلا أنه سمى عروسا ، فهو موته ، أو يقتل إنسانا ، ومن
طلق امرأته ، عزل عن سلطانه. ومن تزوج امرأة ميتة ، ظفر بأمر
ميت ، ومن رأى أنه ينكح امرأة من محارمه ، فإنه يصل رحمها ،
ومن أصاب امرأة زانية ، أصاب دنيا حراما ، فإن رآه رجل من الصالحين
أصاب علما. وإن رأت امرأة أنها تزوجت ، أصابت خيرا ، فإن رأت
ميتا نكحها ، فهو نقصان مالها ، أو تشتت أمرها.
( باب تأويل رؤية الإنسان المجهول والمعلوم وأعضاء الإنسان
3293 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله
النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا محمد بن أبي بكر
المقدمي ، نا فضيل بن سليمان ، نا موسى ، حدثني سالم بن عبد الله
عن عبد الله بن عمر في رؤيا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في المدينة ،
رأيت امرأة سوداء ثائرة الرأس ، خرجت من المدينة
حتى نزلت مهيعة ، فتأولتها أن وباء المدينة نقل إلى مهيعة ،
وهي الجحفة.
(12/237)

صفحة رقم 238
هذا حديث صحيح. قال الإمام : الرجل المعروف في النوم هو ذلك
الرجل بعينه أو سميه أو نظيره ، والرجل المجهول إن كان شابا ، فهو
عدو ، وإن كان شيخا ، فهو جده ، والمرأة العجوزة المجهولة هي الدنيا ،
فإن كانت ذات هيئة وسمت حسن ، كانت حلالا ، وإن كانت ذات هيئة
على غير سمت الإسلام ، كانت دنيا حراما ، وإن كانت شعثة قبيحة ،
فلا دين ولا دنيا. وقد فسر الحديث المرأة السوداء الثائرة رأسها بالوباء.
والمرأة سنة ، والجارية خير ، والصبي هم ، والمرأة الزانية هي الدنيا
لطالب الدنيا ، وعلم لأهل الصلاح والعلم ، والخصيان هم الملائكة إذا
رآهم في سمت حسن ، وروي أن رجلا سأل ابن سيرين ، فقال : رأيت
في المنام صبيا في حجري يصيح ، فقال له : اتق الله ، ولا تضرب بالعود.
وأما أعضاء الإنسان ، فرأس الرجل في التأويل رياسته ، والوجه
جاهه ، والشيب وقار ، وطول شعر الإنسان هم ، إلا أن يكون ممن
يلبس السلاح ، فهو له زينة. وحلق الرأس كفارة الذنوب إن كان في
حرم أو حج ، أو أيام موسم ، وإن كان مديونا أو في كرب ، ففرج ،
وإن لم يكن شيء من ذلك ، فهو هتك ستره ، أو عزل رئيسه ،
وطول اللحية فوق القدر دين أو هم ، وخضاب الرأس واللحية
تغطية أمر.
وشعر الشارب والإبط زيادته مكروهة ، ونقصانه محمود ، والأذن
امرأة الرجل ، أو ابنته ، والسمع والبصر دينه ، والصوت صيته في
(12/238)

صفحة رقم 239
الناس ، وما حدث في شيء منه كان ذلك فيما ينسب إليه ، والعين دين
الرجل ، فإن رأى أنه أعمى ، ضل عن الإسلام ، وإن رأى أنه أعور
ذهب نصف دينه ، أو أصاب إثما عظيما. والرمد حدث في الدين ،
والاكتحال صلاح يتعهد به دينه ، وأشفار العين وقاية الدين ، والجبهة
والأنف من الجاه ، والفم مفتاح أمره وخاتمته.
والقلب القائم بأمره ومدبره ، واللسان : ترجمانه ، والمبلغ عنه ،
وقد يكون اللسان حجته ، وقطعه : انقطاع حجته في المنازعة ، وقد
يكون اللسان ذكره ، قال الله سبحانه وتعالى إخبارا عن إبراهيم [ e ]
) واجعل لي لسان صدق ( [ الشعراء : 84 ]. وقطع اللسان للنساء
محمود يدل على الستر والحياء.
والأسنان أهل البيت والقرابات لتقاربها وتلاصقها ، فالثنايا أقربهم ،
والأبعد منها أبعدهم ، والأسنان العليا رجال القرابة ، والسفلى نساؤها ،
وما حدث في الأسنان من حسن أو فساد أو كلال ، ففي القرابة ،
فإن رأى أن أسنانه سقطت ، فصارت في يده يكثر نساء أهل بيته ،
فإن سقطت وذهبت ، فهو موتهم قبله.
والعنق موضع الأمانة والدين ، وضعفه عجزه عن احتمال الأمانة
والدين ، والعضد أخ أو ولد قد أدرك ، واليد أخ وقطعها موت
أخيه ، وقد يعبر طول اليد بصنائع المعروف ، وإذا نسبت اليد إلى
الأخ كانت الأصابع أولاد الأخ ، وإذا انفردت الأصابع عن ذكر
اليد ، فهي الصلوات الخمس ، ونقصانها حدث في الصلوات ، فالابهام منها
صلاة الصبح ، والسبابة هي الظهر ، والوسطى : هي العصر ، والبنصر
المغرب ، والخنصر العشاء ، والصدر حلم الرجل واحتماله ، والثدي
(12/239)

صفحة رقم 240
البنت ، والبطن : مال وولد وكذلك الأمعاء ، فإن رأى ظهور شيء
من أمعائه من جوفه ، فهو ظهور ماله ، والكبد كنز ، وفي الحديث
" تخرج الأرض أفلاذ كبدها " أي كنوزها وكذلك الدماغ والمخ.
والأضلاع : النساء ، لأن المرأة خلقت من الضلع ، والظفر سند
الرجل وقوته ، ومن المملوك سيده ، والصلب هو القوة ، وقد يكون
الولد ، لأن الولد يخرج منه ، والذكر ذكره ، وقد يكون ولده ،
والخصيتان : مجرى الأعداء التي بها يصلون إليه ، فإن رأى قطعها ،
ظفر به أعداؤه ، وإن عظمتا ، كان منيعا لم يصل إليه أعداؤه ، وقد
يكون انقطاع الخصيتين انقطاع إناث الولد. والفخذ عشيرة الرجل
وقومه ، والركبة : موضع كده ونصبه في معيشته ، والساق : عمره ،
وربما كان الساق والقدم ماله ومعيشته. والقروح والبثر والجراح والورم
في البدن والجنون والجذام كلها مال ، والبرص مال وكسوة.
( باب تأويل الثياب والفرش
3294 - أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، وأبو حامد
أحمد بن عبد الله الصالحي ، قالا : أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ،
أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن معقل الميداني ، نا محمد بن يحيى ، نا يعقوب
(12/240)

صفحة رقم 241
ابن إبراهيم بن سعد ، نا أبي ، عن صالح ، عن ابن شهاب ، أخبرني أبو
أمامة بن سهل بن حنيف
أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) :
" بينما أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي ، وعليهم قمص
منها ما يبلغ الثدي ، ومنها ما يبلغ دون ذلك ، ومر علي
عمر بن الخطاب ، وعليه قميص يجره ، قالوا : ماذا أولت
ذلك يا رسول الله ؟ قال : " الدين ".
هذا حديث متفق على صحته أخرجه محمد عن علي بن عبد الله ،
وأخرجه مسلم عن زهير بن حرب وغيره ، كل عن يعقوب بن إبراهيم.
وروي أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) سئل عن ورقة ، فقالت خديجة ، إنه
كان قد صدقك ولكن مات قبل أن تظهر ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) :
" أريته في المنام وعليه ثياب بياض ، ولو كان من أهل النار ، لكان عليه
لباس غير ذلك ".
(12/241)

صفحة رقم 242
قال الإمام : القميص على الرجل دينه على لسان صاحب الشرع
صلوات الله عليه وسلامه ، وقد يعبر القميص على الرجل بشأنه في
مكسبه ومعيشته ، وما رأى في قميصه من صفاقة أو خرق أو وسخ ،
فهو صلاح معيشته أو فساده ، والسراويل جارية أعجمية ، والإزار :
امرأة : وأفضل الثياب ما كان جديدا صفيقا واسعا ، والبياض في الثياب
جمال في الدين والدنيا.
والحمرة في الثياب صالحة للنساء ، وتكره للرجال ، إلا أن تكون
في ملحفة أو إزار أو فراش ، فهو حينئذ سرور وفرح. والصفرة في
الثياب مرض ، والخضرة حياة في الدين ، لأنها لباس أهل الجنة.
والسواد سؤدد وسلطان لمن يلبس السواد في اليقظة ، أو ينسب
إلى من يلبسها ولغيره مكروه ، وثياب الصوف مال كثير.
والبرد من القطن يجمع خير الدين والدنيا ، وأجود البرود
الحبرة ، فإن كان البرد من إبريسم ، فهو مال حرام ، وفساد في الدين ،
والقطن والكتان والشعر والوبر كلها مال ، والعمامة ولاية ، والفراش
امرأة حرة أو أمة ، والوسائد والمرافق والمقارم والمناديل خدم ،
والسرير سلطان ، والمنبر سلطان إذا كان ممن يصلح لذلك ، وإلا فهو
شهرة ، وهو للمرأة فضيحة ، والستور على الأبواب هم وحزن ،
والكرسي امرأة ، والنعل امرأة ، وخمار المرأة زوجها ، فإن لم يكن
لها زوج فوليها.
(12/242)

صفحة رقم 243
( باب رؤية العيون والمياه
3295 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو الحسين علي بن
محمد بن عبد الله بن بشران ، أنا إسماعيل بن محمد الصفار ، نا أحمد بن
منصور الرمادي ، نا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن الزهري
عن خارجة بن زيد قال : كانت أم العلاء الأنصارية
تقول : لما قدم المهاجرون المدينة ، اقترعت الأنصار على
سكناهم ، قالت : فطار لنا عثمان بن مظعون في السكنى ،
فمرض ، فمرضناه ، ثم توفي ، فجاء رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فدخل
فقلت : رحمة الله عليك أبا السائب ، فشهادتي أن قد
أكرمك الله ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : " وما يدريك أن الله قد
أكرمه ؟ " قلت : لا والله لا أدري ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) :
" أما هو ، فقد آتاه الله اليقين من ربه ، وإني لأرجو له
الخير ، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل به ، ولا
بكم " قالت : فوالله لا أزكي بعده أحدا أبدا ، قالت :
(12/243)

صفحة رقم 244
ثم رأيت لعثمان بعد في النوم عينا تجري ، فقصصتها على
رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال : " ذاك عمله ".
هذا حديث صحيح أخرجه محمد عن عبدان ، عن عبد الله بن المبارك
عن معمر ، وقال معمر : فسمعت غير الزهري يقول : كره المسلمون
ما قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لعثمان حتى توفيت ابنة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال : الحقي
بفرطنا عثمان بن مظعون ".
قال الإمام : العين الجارية عبرها صاحب الشرع صلوات الله وسلامه
عليه بالعمل الجاري ، والساقية الصغيرة التي لا يغرق في مثلها حياة طيبة ،
والبحر : هو الملك الأعظم ، فإن استقى منه ماء ، أصاب من الملك مالا
والنهر رجل بقدر عظمه ، والماء الصافي إذا شرب فهو خير وحياة
طيبة ، فإن كان كدرا ، أصابه مرض ، وشرب الماء المسخن ، ودخول
الحمام هم ومرض ، والماء الراكد أضعف في التأويل من الجاري
والمطر غياث ورحمة إن كان عاما ، فإن كان خاصا في موضع ، فهو أوجاع
تكون في ذلك الموضع ، والطين والوحل والماء الكدر هم وحزن ، والسيل
(12/244)

صفحة رقم 245
عدو يتسلط ، والثلج والبرد والجليد : هم وعذاب إلا أن يكون الثلج قليلا في
موضعه وحينه فحينئذ يكون خصبا لأهل ذلك الموضع ، والسباحة في الماء : احتباس
أمر ، والمشي على الماء قوة يقين ، ومن غمره الماء ، أصابه هم غالب ، والغرق
فيه إذا لم يمت غرق في أمر الدنيا ، وانفجار العيون من الدار والحائط
وحيث ينكر انفجارها هم وحزن ومصيبة وبكاء بقدر قوة العين.
والخمر : مال حرام ، فإن سكر منها ، أصاب معه سلطانا ، والسكر
من غير الشراب خوف ، والنبيذ الذي يحل شربه : مال حلال وفيه نصب
لما ناله من النار ، ومن اعتصر خمرا ، خدم السلطان وأخصب ، وجرت على
يده أمور عظام ، قال الله سبحانه وتعالى إخبارا عن رؤيا صاحب السجن ) قال
أحدهما إني أراني أعصر خمرا ( [ يوسف : 36 ] فأوله يوسف عليه السلام :
) أما أحدكما فيسقي ربه خمرا (. وشرب اللبن فطرة ، وقد يكون مالا
حلالا ، وقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : " بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت ،
ثم أعطيت فضلي عمر قالوا : فما أولت يا رسول الله ، قال : العلم "
وروي أن امرأة رأت في المنام أنها تحلب حية ، فسألت ابن سيرين ،
فقال : هذه امرأة يدخل عليها أهل الأهواء ، اللبن فطرة ، والحية عدو
ليست من الفطرة في شيء.
والأشجار كلها رجال أحوالهم كأحوال الشجر في الطبع والنفع ، فمن
رأى شجرا ، وأصاب شيئا من ثمره ، أصاب مالا من رجل في مثل حال
ذلك الشجر ، فالنخلة رجل شريف ، والتمر مال ، وشجر الجوز رجل
أعجمي شحيح ، والجوز نفسه مال مكنوز.
(12/245)

صفحة رقم 246
وشجرة السدر رجل شريف ، وشجرة الزيتون رجل مبارك نفاع ،
وثمر الزيتون هم وحزن ، والزيت خير وبركة ، وشجر الرمان رجل
على قدرها ، والرمان مال مجموع إذا كان حلوا ، والحامض هم وحزن ،
والكرم والبستان امرأة ، والعنب الأبيض في وقته غضارة الدنيا وخيرها ،
وفي غير وقته مال يناله قبل الوقت الذي يرجوه ، والأشجار العظام التي
لا ثمر لها كالدلب والصنوبر إن رأى شيئا منها ، فهو رجل ضخم بعيد
الصوت ، قليل الخير والمال ، والشجر ذات الشوك رجل صعب المرام.
والصفر من الثمار مثل المشمش والكمثرى والزعرور الأصفر ونحوها
أمراض ، والحامض منها هم وحزن ، والحبوب كلها مال ، والحشيش والكلأ مال
والزرع عمله في دينه أو دنياه ، والثوم والبصل والجزر والشلجم هم وحزن
والرياحين كلها بكاء وحزن إلا ما يرى منها نابتا في موضعه من غير أن
يمسه وهو يجد ريحه فيكون ولدا.
( باب تأويل رؤية البقر وسائر الحيوان
قال الله سبحانه وتعالى في قصة يوسف : ) وقال الملك إني
أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف ( [ يوسف : 43 ].
3296 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله
النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا محمد بن العلاء ، نا
(12/246)

صفحة رقم 247
حماد بن أسامة ، عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة ، عن جده أبي بردة
عن أبي موسى أراه عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : رأيت في
المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل ، فذهب وهلي
إلى أنها اليمامة ، أو هجر ، فإذا هي المدينة يثرب ،
ورأيت في رؤياي هذه أني هززت سيفا ، فانقطع صدره ،
فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد ، ثم هززته أخرى
فعاد أحسن ما كان ، فإذا هو ما جاء الله به من الفتح ،
واجتماع المؤمنين ، ورأيت فيها بقرا ، والله خير ، فإذا
هم المؤمنون يوم أحد ، وإذا الخير ما جاء الله به من الخير ،
وثواب الصدق الذي آتانا الله بعد يوم بدر.
هذا حديث متفق على صحته أخرجه مسلم أيضا عن أبي كريب
محمد بن العلاء ، عن أبي أسامة حماد بن أسامة.
قوله : فذهب وهلي أي وهمي ، يقال وهل الرجل يهل : إذا وهم
(12/247)

صفحة رقم 248
الشيء وفيه أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) سمى المدينة يثرب ، وقد نهى عنه بعده
وسماها طابة ، لأنه كان يغير الاسم القبيح إلى الحسن على التبرك والتفاؤل.
قال الإمام : هذا الحديث يشتمل على أنواع من الرؤيا منها السيف ،
والسيف : السلطان ، فإن رآه قد رفعه فوق رأسه ، نال سلطانا مشهورا ،
فإن لم يكن ممن ينبغي له ، فهو ولد ، وكذلك كل من أعطي سكينا ، أو
رمحا ، أو قوسا ليس معه سلاح ، فهو ولد ، فإن كان معه سلاح ، فهو
سلطان ، وما حدث في السيف من انكسار أو ثلمة أو كدورة ، فهو
حدث فيما ينسب السيف إليه في التأويل ، فإن رأى أنه سل سيف من
غمد ، ولدت امرأته غلاما ، فإن انكسر السيف في الغمد ، مات الولد ،
وإن انكسر الغمد دون السيف ماتت الأم ، وسلم الولد ، والرمي عن
القوس نفوذ كتبه في سلطانه بالأمر والنهي ، وانكسار القوس مصيبة.
والبقر سنون ، فإن كانت سمانا ، كانت مخاصيب ، وإن كانت عجافا
كانت مجاديب ، قال الله سبحانه وتعالى في قصة يوسف ) ثم يأتي من
بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن ( [ يوسف : 48 ]
فأول يوسف عليه السلام أكل البقرات العجاف البقرات السمان
بالسنين المجاديب تأكل ما جمع لها في السنين المخاصيب. ومن ركب
ثورا ، أصاب مالا من عمل السلطان ، واستمكن من عامل ، وإن رأى
ثورا من العوامل ذبح وقيم لحمه ، فهو موت عامل وقسمة تركته ،
فإن كانت من غير العوامل ، كان رجلا ضخما. والبعير رجل ضخم ،
والناقة امرأة. ومن رأى أنه راكب بعير مجهول ، سافر ، وإن نزل عنه ،
(12/248)

صفحة رقم 249
مرض ، وإن دخل جماعة من الإبل أرضا ، دخلها عدو ، وربما كان سيلا ،
وربما كان أوجاعا. ومن رأى أنه يرعى غنما سودا ، فهم أناس من
العرب ، فإن كانت بيضا ، فمن العجم ، روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
قال : " أريت غنما كثيرة سودا دخلت فيها غنم كثيرة بيض ، قالوا :
فما أولته يا رسول الله ، قال : " العجم يشركونكم في دينكم
وأنسابكم ، والذي نفسي بيده لو كان الإيمان معلقا بالثريا لناله رجل من
العجم وأسعدهم به فارس ".
والكبش : رجل ضخم : والنعجة : امرأة شريفة ، والعنز يجري
مجرى النعجة إذا كان في الرؤيا ما يدل على المرأة إلا أن العنز دون
النعجة في الشرف والحسب ، وقد يجري العنز مجرى البقرة في كونها سنة
مخصبة إن كانت سمينة ، أو مجدبة إن كانت عجفاء. والفرس عز
(12/249)

صفحة رقم 250
وسلطان ، والأنثى امرأة شريفة ، والبغل سفر ، والحمار جد الرجل
يسعى به ، فمن رأى أنه ذبح حماره ليأكل من لحمه ، أصاب مالا
بجده. والفيل سلطان أعجمي ، فإن ركبه في أرض حرب ، كانت
الدبرة على أصحاب الفيل. قال الله سبحانه وتعالى ( ألم تر كيف فعل
ربك بأصحاب الفيل ( ومن أصاب حمار وحش أو وعلا وضميره
أنه يريد أكله يصيب غنيمة ، ومن رأى أنه راكب حمار وحش يصرفه
كيف يشاء ، فهو راكب معصية ، أو يفارق رأي جماعة المسلمين.
والأسد : عدو قاهر ، والخنزير : رجل دني شديد الشوكة ، والضبع
امرأة سوء قبيحة ، والدب : عدو دنيء أحمق ، والذئب : سلطان غشوم ،
أو لص ضعيف كذاب.
والثعلب : كثير الاختلاف في التأويل ، فمن رأى أنه ينازعه
خاصم ذا قرابة ، وإن طلب ثعلبا ، أصابه وجع ، وإن طلبه ثعلب
أصابه فزع ، ومن رأى ثعلبا يهرب منه ، فهو غريم يراوغه ، ومن
أصاب ثعلبا ، أصاب امرأة يحبها حبا ضعيفا ، وابن آوى يجري مجرى
الثعلب إلا أنه أضعف ، والكلب : عدو دنيء غير مبالغ في عداوته ،
والقرد : عدو ملعون ، والحية : عدو مكاتم العداوة ، والعقرب :
عدو ضعيف لا تجاوز عداوته لسانه ، وكذلك سائر الهوام أعداء على
منازلهم ، وذو السم منها أبلغ في العداوة. والنسر ، والعقاب :
سلطان قوي ، والحدأة : ملك خامل الذكر ، شديد الشوكة ، والبازي :
سلطان ظالم ، والصقر : قريب منه ، والغراب : إنسان فاسق كذوب ،
والعقعق : إنسان لا عهد له ، ولا حفاظ ولا دين.
(12/250)

صفحة رقم 251
والطاووس الذكر : ملك أعجمي ، والأنثى : امرأة حسناء أعجمية ،
والحمامة : امرأة أو خادمة ، والفاختة : امرأة غير ألفة ، والدجاج :
خدم ، والديك : رجل أعجمي من نسل الملوك ، قال عمر بن الخطاب
رضي الله عنه : رأيت فيما يرى النائم أن ديكا نقرني نقرة أو نقرتين ،
فأولت أن رجلا من العجم سيقتلني ، فقتله أبو لؤلؤة غلام المغيرة.
والعصفور : رجل ضخم عظيم القدر ، والبلبل : غلام صغير ، والببغاء :
ولد يناغي ، والطاووس : أنيس من وحشة ، والخفاش : عابد مجتهد ،
والزرزور : صاحب أسفار ، والهدهد : كاتب يتعاطى دقيق العلم ،
ولا دين له ، والثناء عليه قبيح لنتن ريحه ، والزنابير والذباب : سفلة
الناس وغوغاؤهم ، والنحلة : إنسان كسوب عظيم الخطر والبركة ، وطير
الماء أفضل الطير في التأويل ، لأنها أكثرها ريشا ، وأقلها غائلة ، وله
سلطانان : سلطان في البر ، وسلطان في الماء ، والسمك الطري الكبار منه
إذا كثر عددها مال وغنيمة ، وصغارها هموم كالصبيان ، ومن أصاب
سمكة طرية أو سمكتين ، أصاب امرأة أو امرأتين ، فإن أصاب في بطنها
لؤلؤة ، أصاب منها غلاما ، والضفدع : إنسان عابد مجتهد ، فإن كثرت
الضفادع ، فعذاب ، والجراد : جند ، والجنود إذا دخلت موضعا
فهي جراد.
(12/251)

صفحة رقم 252
( باب السوار والحلي
3297 - أخبرنا أبو علي حسان بن سعيد المنيعي ، أنا أبو طاهر
محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ،
نا أبو الحسن أحمد بن يوسف السلمي ، نا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن
همام بن منبه قال :
هذا ما حدثنا أبو هريرة قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) :
" بينما أنا نائم ، إذ أوتيت من خزائن الأرض ، فوضع
في يدي سواران من ذهب ، فكبرا علي ، وأهماني ، فأوحي
إلى أن انفخهما ، فنفختهما ، فذهبا ، فأولتهما الكذابين
اللذين أنا بينهما : صاحب صنعاء ، وصاحب اليمامة ".
هذا حديث متفق على صحته أخرجه محمد عن إسحاق بن نصر ،
(12/252)

صفحة رقم 253
وأخرجه مسلم عن محمد بن رافع ، كلاهما عن عبد الرزاق.
قال الإمام : من رأى عليه سوارين من ذهب ، أصابه ضيق في ذات
يده ، وإن كان من فضة ، فهو خير من الذهب ، ومن رأى عليه
خلخالا من ذهب ، أو فضة ، أصابه خوف ، أو حبس ، أو قيد ، وليس
يصلح للرجال في المنام من الحلي شيء إلا القلادة والتاج والعقد ، والقرط
والخاتم ، فأما النساء ، فالحلي كله زينة لهن ، فالقلادة ولاية ، أو تقلد
أمانة ، واللؤلؤ المنظوم كلام الله سبحانه وتعالى ، أو من كلام البر ،
فإن كان اللؤلؤ غير منظوم ، فإنه ولد أو غلمان ، وربما كان اللؤلؤ
جارية أو امرأة ، والقرط زينة وجمال ، والخاتم إذا كان معروف
الصناعة والنقش سلطان صاحبه ، فإن أعطي خاتما ، فتختم به ، ملك شيئا
لم يملكه ، وربما كان الخاتم امرأة ، أو مالا ، أو ولدا ، وفص الخاتم وجه
ما يعبر الخاتم به ، وإن كان الخاتم من ذهب ، كان ما نسب إليه
حراما ، وإن رأى أن حلقة خاتمه انكسرت وسقطت ، وبقي الفص
ذهب سلطانه وبقي الذكر والجمال.
ومن رأى أنه أصاب ذهبا ، يصيبه غرم ، أو يذهب ماله ، فإن كان
الذهب معمولا من إناء أو نحوه ، كان أضعف في التأويل. والدراهم
مختلفة التأويل على اختلاف الطباع ، فمنهم من يراها في المنام ، فيصيبها في
اليقظة ، ومنهم من يعبرها بالكلام ، فإن كانت بيضاء ، فهي كلام حسن ،
وإن كانت رديئة ، فكلام سوء ، ومنهم من لا يوافقه شيء منها ،
والدراهم في الجملة خير من الدنانير ، وقد يكون الدينار الواحد والدرهم
الواحد ولدا صغيرا.
(12/253)
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 27-07-2012, 03:05 PM   #3
معلومات العضو
منة الباري

افتراضي

ماشاء الله زادك الله من فضلة ..شكرا على الافادة

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 28-07-2012, 01:02 AM   #4
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكِ أخيتي الحبيبة شذى الإسلام

أحسنتِ أحسن الله إليكِ

شكر الله لكِ موضوع قيم نفع الله به ونفعكِ وزادكِ من فضله وعلمه وكرمه

في رعاية الله وحفظه

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 28-07-2012, 08:32 AM   #5
معلومات العضو
شذى الاسلام
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي

حياكِ الله اختي الفاضلة واذهب الله عنك التعب واعادك سالمه الى ديارك


التعديل الأخير تم بواسطة شذى الاسلام ; 28-07-2012 الساعة 08:47 AM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 28-07-2012, 08:51 AM   #6
معلومات العضو
شذى الاسلام
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي

بارك الله فيك اختي الفاضلة
منة الباري ..حياكِ الله

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 28-07-2012, 08:56 AM   #7
معلومات العضو
شذى الاسلام
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي

وفيكِ بارك الله اختي الحبيبة ام سلمى تشرفت بمرورك ِ الكريم
نفعنا الله واياكم به

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 20-08-2012, 05:24 PM   #8
معلومات العضو
هدايات

إحصائية العضو






هدايات غير متواجد حالياً

الجنس: female

اسم الدولة algeria

 

 
آخـر مواضيعي
 

 

افتراضي

جزاك الله خيرا

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 03:39 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com