موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

تم غلق التسجيل والمشاركة في منتدى الرقية الشرعية وذلك لاعمال الصيانة والمنتدى حاليا للتصفح فقط

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > ساحة مواضيع الرقية الشرعية والأمراض الروحية ( للمطالعة فقط ) > العلاج بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 05-10-2004, 12:58 PM   #1
معلومات العضو
ابو الوليد

إحصائية العضو






ابو الوليد غير متواجد حالياً

 

 
آخـر مواضيعي

 

Thumbs up الرقية الشرعية : أحكامها ومذاهب الفقهاء فيها !!!

الرقية الشرعية: أحكامها ومذاهب الفقهاء فيها

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومـن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)(1).

(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً)(2)

(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغـفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً)(3).

وبعــد: فإن المرض ابتلاء من الله وأجر للعبد عظيم، إن صبر واحتسب يكفر الله به خطاياه. قال صلوات الله وسلامه عليه: "ما من مرض أو وجـع

1- سورة آل عمران: 102.
2- سورة النساء: 1.
3- سورة الأحزاب: 70، 71 .
يصــيب المؤمـــن إلا حط اللــه ســـيئاته كما تحط الشجــرة ورقها" (4). ويرفـــع اللــه بالمرض درجـــة المؤمن، قال صلوات الله وسلامه عليه: "ما من مسلم يشاك شوكـــة فما فوقها، إلا رفــعه الله بها درجــة، أو حــط عــــــنه بها خطيئـة"(5). ويطهــر معــــه ذنوبه كما أخبر النبـــي صلى اللــه عليه وسلم "ما من مســــلم يصـــرع صرعــة من مرض إلا بعثــــه الله منها طاهـــراً"(6). ومن خــيرة المرض وفضله على الصَـبَّار المحتســـب أن يكتب للمــريض أجــــر ما كان يعمله من خير وبـــر وهو صحيــح. وهـــذا فـضل من اللـــه أن جعــل المرض مـصدر أجــر مستمـــر، وصــاحـبه لا يقــدم من جهـــده شــيئاً. قـــال صلوات اللــه وسلامه عــليه: "من كان له عمل يعمله من خير فشـغله عنه مرض، أو سفر، فـإنه يكتب له صـالح


4- أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المرض: باب شدة المرض ح(5647). ومسلم في صحيحه: كتاب البر والصلة: باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن ح (2571)، وأحمد في مسنده (1/441)، وانظر تحفة الأشراف ح(9191).
5- أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة: باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن ح(2572) والتزمذي في سننه: كتاب الجنائز: باب ما جاء في ثواب المريض ح(967)، وقال: حديث عائشة حديث حسن صحيح، وأحمد في مسنده (6/42). قال النووي: في هذه الأحاديث بشارة عظيمة للمسلمين، فإنه قلما ينفك الواحد منهم ساعة من شيء مؤذ، وفيه تكفير الخطايا بالأمراض والأسقام، ومصايب الدنيا، وهمومها؛ وإن قلت مَشقَّتها. وفيه رفع الدرجات بهذه الأمور، وزيادة الحسنات، وهذا هو الصحيح الذي عليه جماهير العلماء- انظر شرح النووي على مسلم (16/128).
6- حديث مسند أخرجه الطبراني في الكبير (7485). وفي هامش الطب النبوي للمقدسي.
ما كان يعمل، وهو صحيح مقيم"(7).
وهل هناك أفضل من أن يحقق مرض الصابر محبة الله عز وجل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أحب الله قوماً ابتلاهم، فمن صبر فله الصبر، ومن جزع فله الجزع"(8). فالمرض نعمة لأهل الإيمان، وليس تعذيباً– ولو كان كذلك ما ابتلى أنبياءه والصالحين.
عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاءً قال: "الأنبياء، ثم الصالحين، ثم الأمثل فالأمثل من الناس. يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد له في بلائه، وإن كان في دينه رقة خفف عنه، وما زال البلاء بالعبد حتى يمشي على ظهر الأرض ليس عليه خطيئة" (9).

وإذا كان هذا أجر المرض؛ وفضله لا يعني تمني المسلم المرض ففــضل الله وخيره وكرمه للمسلم في الصحة والنعمة أيضاً. والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير. ويقول النبـي صلى اللـه



7- أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الجهاد والسير: باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة ح(2996). وأبو داود في سننه: كتاب الجنائز: باب إذا كان الرجل يعمل عملاً صالحاً فشغله عنه مرض أو سفر ح(3091)، وأحمد في مسنده (4/410).
8- حديث صحيح مضى تخريجه ص 10.
9- أخرجه الترمذي في سننه: كتاب الزهد: باب ما جاء في الصبر على البلاء ح(2405)، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجه في سننه: كتاب الفتن: باب الصبر على البلاء ح (4023)، وأحمد في مسنده (1/172)، والحاكم في مستدركه (1/42)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. وقال الذهبي: على شرط مسلم. وأنظر صحيح سنن ابن ماجه للألباني ح(3249).
عليه وسلم: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له؛ وإن أصابته ضراء صبر، فكـان خيراً له"(10).
هذا، وإن الاستشفاء مطلوب من المسلم، يبذل في سبيله الغالي والرخيص. ولا يعارض ذلك ما ذكر من أجر المرض لمن صبر. ففضل الله على الصحيح عظيم، له مثل أجر المريض أو يزيد- كما سبق. والاستشفاء مطلوب من سائر الأمراض عضـوية أو نفسية، ويسلك في سبيله أي الأدوية مادية أو معنوية. وإن الرقية وهي: ما يُقَرأ من الدعاء لطلب الشفاء بالقرآن وأسماء الله وصفاته وبالذكر؛ نوع من العلاج له أثر مادي من الأمراض العضوية، كما أن له أثرا في الجوانب المعنوية، والنفسية. وهذا معهود ومجرب لا يماري فيه عاقل.

ولما كانت الرقية مطبقة شرعية عقائدية– احتاجت إلى بيان ضوابطها وحدودها وألفاظها، حذراً من أن تكون وسيلة لضعاف النفوس، ومرضى القلوب، يبتزون بها الناس، ظلماً وبهتاناً ودجلاً، ويقع من ذلك شر عظــيم على الأفراد، والأسرة، والمجتمع. وهذا البحث معني ببيان الرقى الشرعـــية وضوابطها وألفاظها ومذاهب الفقهــاء فيها – لعل الحريص على دينه يجد فيه بغيته، ويهتدي إلى الصواب في التعامل مع مرضــاه على ما تبين من صحيح الطب النبوي.


10- أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الزهد: باب المؤمن أمره خير كله ح(2999)، وأحمد في مسنده (4/332). انظر فتح الباري لابن حجر (10/106): كتاب المرض. قال المنذري: النبي (صلى الله عليه وسلم) يبشر المؤمن بما يصيبه، ويخبره أن كل شيء أحاطه كسب منه ثواباً: فإن أمره الله بنعم فحمده نال أجراً، وإن أصابته سيئة فصبر نال ثواباً؛ فهو في الحالتين مكرم مثاب مؤجر- الترغيب والترهيب (4/278).
مذاهـــــــب الفقهـــــــاء:
اتفق الفقهاء: الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على جواز الاستشفاء
والرقـية، لكنهم اختلفوا في التساوي بين الفعل والترك، أو الفضيلة، أو الكراهة.

المذهـــــــب الأول:
ذهب الحنفية والمالكية إلى الجواز، بمعنى الإباحة بين فعل الرقية أو تركها(11). ولا يشوش على هذا تعبير بعضهم بـ"لا بأس". فقد عبر بعض الحنفية كابن عابدين وابن أبى زيد القيرواني عن الجواز بلفظ "لا بأس بالمعاذات"(11) و"لا بأس بالاسترقاء والتعوذ"(12). والمراد الجواز. لكن من له قوة على الصبر فالمستحسن عدم الاسترقاء، وهذا لا ينفي الجواز. نبه على ذلك النفراوي من المالكية فقال: تعبير المصنف "بلا بأس" يقتضي أن الأحسن عدم الاسترقاء، وتسليم الأمر إلى الله(12). ويدل على هذا قوله صلـى الله عليه وسلم "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً بغير حساب، وهم الذين لا يرقـــون ولا يســترقون وعلى ربهم يتوكــلون" (13).

ففي هذا ذم الاسـترقاء. وحديث أن جبريـل كان يرقي النبي صلى الله عليه وسلم يقتضي مدح الاسترقاء، وإن فعله أحسن من تركه. ثم أجاب النفراوي بقوله: والجواب عن هذه المعارضة من وجهين: أحـدهما: أن الاسترقاء الذي يحسن تركه الاسترقاء بكلام الكفار أو الألفاظ المجهولة التي لا يعرف معناهــا كالألفـــاظ العجمــية. والاسـترقاء الحســــن ما
11- انظر حاشية ابن عابدين (6/363)؛
12-انظر الفواكه الدواني للنفراوي (2/368)؛
13-الفواكه الدواني للنفراوي (2/369).
كان بالآيات القرآنية، أو الأسماء والكلمات المعروفة المعاني.
وثانيهما: أن الاسترقاء المستحسن تركه هو ما كان في حـق من له قـوة على الصبر على ضرر المرض، كما قيل للصديق رضي الله عنه: ندعو لك طبيباً، فقال: "الطبيب أمرضني".
والمستحسن فعل الرقية في حق الضعيف(14).

المذهــــب الثاني:
ومذهب الحنابلة مباح لكن تركه أفضل(15). وجمهورهم على الاستحباب(16).

المذهــــب الثالث:
أن التداوي بالرقية مستحب. وهو مذهب الشافعية. قال النووي في منهاج الطالبين: "ويسن التداوي". وقال: "إنه مذهبهم ومذهب جمهور السلف وعامة الخلق. واختاره الوزير ابن المظفـر"(17). وعلى الاستحباب كثير من
14- انظر الفواكه الدواني للنفراوي (2/369). وقد يعبر عن الجواز عند المالكية بقولهم "لا بأس": كقول الإمام مالك في باب الخلع "لا بأس بأن تفتدي المرأة من زوجها بأكبر مما أعطاها". فلا بأس: تعني الإجازة أيضاً. وعلى ذلك إذا أطلق المباح انصرف إلى الجواز الذي هو مستوى الطرفين أو المأذون فيه حيث لا يتعلق بفعله مدح ولا بتركه ذم وهو معنى: لا بأس أيضاً. انظر دليل السالك للمصطلحات والأسماء في فقه الإمام مالك (15) للدكتور حمدي عبد المنعم شلبي.
15- عَبَّر عبيد الله بن سلام عن هذا بأنه مذهب الكراهية في الاستشفاء، انظر كتاب فضائل القرآن ومعالمه وآدابه.
16-انظر منهاج الطالبين بشرح المحلي. وانظر حاشية قليوبي وعميرة (1/44)
17-انظر الآداب الشرعية (82). وصحيح مسلم.

الحنابلة، كالقاضي أبي يعلي والبهوتي وابن الجوزي وابن عقيل والمقدسي وغيرهم. جاء في الآداب الشرعية: الاستحباب هو الصـواب، وهو قول الجمهور. وذكر في شرح مسلم أنه قول كثير من العلماء أو أكثرهم.

المذهـــــب الرابــــع:
مذهب الكراهة (18). فيكره التداوي بالرقى؛ محتجين بتعارض الأحاديث في المنع والإباحة. أو بفهم حديث ابن عباس رضي الله عنه: "أن امرأة ســوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقــالت: إنـي أصــرع وإني أتكشف فادع الله، قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك. فقالت: أصبر. وقالت: إني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها" (19). وقد رد النووي على هذا بقوله: لا مخالفة لهذا الحديث وغيره لأحاديث الجواز، لأن "المدح في ترك الرقى المراد بها الرقـى التي هي من كلام الكفار، والرقي المجهولة، والتي بتعبير غير العربية، وما لا يعرف معناها؛ فهذه مذمومة لاحتمال أن معناها كفر، أو قريب منه أو مكروه. وأما الرقي بآيات القرآن وبالأذكار المعروفة فلا نهي فيه بل هو سنة.
18-انظر شرح النووي على مسلم (7/427). ونيل الأوطار للشوكاني (8/20)، وفضائل القرآن لأبي عبيد: القاسم بن سلام (2/220).
19- أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب المرض: باب فضل من يصرع من الريح ح(5652). ومسلم في صحيحه: كتاب البر والصلة: باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن ح(2576). وأحمد في مسنده (1/347). قال ابـن حجر: من فوائد الحديث: فضل من يصرع. وأن الصبر على بلايا الدنيا يورث الجنة. وأن الأخذ بالشدة أفضل من الأخذ بالرخصة لمن علم من نفسه الطاقة ولم يضعف عند الالتزام الشدة. وفيه دليل على جواز ترك التداوي. وفيه أن علاج الأمراض كلها بالدعاء والالتجاء إلى الله أنجع وأنفع من العلاج بالعقاقير وأن تأثير ذلك وانفعال البدن عنه أعظم من تأثير الأدوية البدنية ولكن إنما تنجح بأمرين: أحدهما من جهة العليل وهو صدق القصد، والآخر من جهة المداوي وهو قوة توجهه وقوة قلبه بالتقوى والتوكل على الله. والله أعلم- انظر فتح الباري لابن حجر (10/115) ش ح(5652).
وقال بعض الفقهاء: لا تجوز الرقية إلا من العين واللدغة لحديث بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا رقية إلا من عين أو حمة"(20). وعن سهل بن حنيف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا رقية إلا في نفس أو حمة أو لدغة"(21)؛ والنفس العين.
وأجاب الجمهور أن تخصيص ما ذكر لا يمنع الرقية من غيره من الأمراض. فمعنى الحديث: لا رقية أولى وأنفع من رقية العين والحمة، وإلا فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رقى بعض أصحابه من غير ما ذكر. وسياق الحديث يدل على أن المراد أن الرقية أنفع فيما ذكر. فإن سهلاً قال لما أصابته العين: أو في الرقى خير؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "لا رقية إلا من نفس أو حمة" (22).

الرقية جائزة في كل مرض:

الرقية الجائزة شفاء سواء من مرض قلب أو نفس أو عضو.
وإنما تكون الرقية جائزة بشروط ثلاثة متفق عليها:
1. أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته.
2. أن تكون بلسان عربي، أو بما يعرف معناه من غيره. لا بالألفاظ المجهولة التي لا يعرف معناها.
3. أن يُعتقد أن الرقية لا تؤثر بنفسها بل بفعل الله تعالى(23).
20-شرح مسلم (7/327)، ونيل الأوطار (8/209)، وفضائل القرآن لأبى عبيد: القاسم بن سلام (2/220).
21- أخرجه ابن ماجه (2/86).
22- انظر الطب النبوي لابن القيم (127)، والدين الخالص للسبكي (7/121).
23-انظر الدين الخالص للسبكي (7/120)، الفواكة الدواني (2/369).
وقال بعض العلماء أن الرقية الشرعية التي يُؤمل منها الشفاء بإذن الله هي ما كانت على لسان الأبرار من الخلق(24). والرقية الجائزة شفاء من كل الأمراض القلبية والنفسية والعضوية إذا قدر الله الشفاء بها.
روى أبو الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من اشتكى منكم شيئاً أو اشتكاه أخ فليقل أمرك في السماء والأرض كما رحمتك(25).
ولما رواه أبو سعيد الخدري أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا محمد، اشتكيت. فقال: نعم. فقال جبريل عليه السلام: باسم الله أرقيك" من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، باسم الله أرقيك"(26).
وقد ثبت في الصحيح جواز الرقية من اللــدغة ومن الحمة – وهو الســم – والقرحة والجرح والألم والمصيبة والحزن والعين(27) وغيرها.
24- نيل الأوطار (8/222).
25-انظر نيل الأوطار (8/222).
26-أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب السلام: باب الطب والمرض والرقى ح(2186) والترمذي في سننه: كتاب الجنائز: باب ما جاء في التعوذ للمريض ح(974) وابن ماجه في سننه: كتاب الطب: باب ما عوذ به النبي (صلى الله عليه وسلم) وما عوذ به ح(3523) وانظر تحفة الأشراف ح(4363) وأخرجه أحمد في مسنده (3/28-56) والنسائي في اليوم والليلة ح(1005) قال النووي هذا تصريح بالرقى بأسماء الله تعالى وفيه توكيد الرقية والدعاء وتكريره، وقوله من شر كل نفس قيل: يحتمل أن المراد بالنفس نفس الأدمي وقيل يحتمل أن المراد بها العين فإن النفس تطلق على العين ويقال رجل نفوس إذا كان يصيب الناس بعينه. انظر شرح النووي على صحيح مسلم (14/170).
27- أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الطب: باب رقية النبي (صلى الله عليه وسلم) ح(5746) ومسلم في صحيحه: كتاب السلام: باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة ح(2194) وأبو داود في سننه: كتاب الطب: باب كيف الرقى ح(3895) وابن ماجه في سننه: باب ما عوذ به النبي (صلى الله عليه وسلم) وما عوذ به ح(3521) وانظر تحفة الأشراف ح(17906) وأخرجه أحمد في مسنده (6/93) والبغوي في شرح السنة (5/224) والنسائي في اليوم والليلة ح(1023) وابن السني في اليوم والليلة ح (576).
ففي الرقية من اللدغة. حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إذ سجد فلدغته عقرب في إصبعه، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "لعن الله العقرب ما تدع نبيَا ولا غيره". قال: ثم دعا بإناء فيه ماء وملح فجعل يضع موضع اللدغة في الماء والملح ويقرأ: "قل هو الله أحد، والمعوذتين حتى سكنت"(28).

وفي الرقية من الحمة حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "رخص في الرقى من كل ذي حمة"(29). والحمة: السم.

وفي الرقية من القرحة والجرح حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى الإنسان أو كانت به قرحة أو جرح: قال بإصبعه: هكذا. ووضع سفيان سبابته بالأرض، ثــم رفعها فقال: باسم الله، تربة أرضنا بريقة بعضنا، يشفي سقيمنا بإذن ربنا"(30). قـال ابن القيم: هذا من العلاج الميسر النافع المركب. وطبيعة التراب الخالص باردة يابسة أشد من برودة جميع الأدوية المفردة الباردة؛ فتقابل برودة التراب حرارة المرض، لاسيما إذا كان التراب قد غُسل وجُفف. ومعنـى الحديث: أنـه
28- أخرجه ابن ماجة في سننه: كتاب إقامة الصلاة: باب ما جاء في قتل الحية والعقرب في الصلاة ح(1246) وانفرد به. وانظر تحفة الاشراف ح(16125). قال الهيثمي في المجمع (5/111) رواه الطبراني في الصغير واسناده حسن. وانظر صحيح سنن ابن ماجة للألباني ح(1030). والسلسلة الصحيحة للألباني ح(547) و(548).
29- أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الطب: باب رقية الحية والعقرب ح (5741)، ومسلم في صحيحه: كتاب السلام: باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة ح (2193)، وانظر تحفة الاشراف ح (16011).
30-أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الطب: باب رقية النبي صلى الله عليه وسلم ح(5746). ومسلم في صحيحه: كتاب السلام: باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة (2194). وأبو داود في سننه: كتاب الطب: باب كيف الرقى ح(3895). وابن ماجة في سننه: كتاب الطب: باب ما عوذ به النبي صلى الله عليه وسلم وما عوذ به ح(3521). وانظر تحفة الاشراف ح(17906). وأخرجه أحمد في مسنده (6/93). والبغوي في شرح السنة (5/224). والنسائي في اليوم والليلة ح(1023). وابن السني في اليوم والليلة (576).
يأخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة، ثم يضعها على التراب، فيعلق بها من شيء، فيمسح به على الجرح. وقول هذا الكلام لما فيه من بركة ذكر اسم الله، وتفويض الأمر إليه، والتوكل عليه؛ فينضم أحد العلاجين إلى الآخر فيقوى التأثير(31).
وفي الرقية من ألم المصيبة والحزن ما ورد من حديث أم سلمة قالت: قال صلوات الله وسلامه عليه: "ما من أحد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيراً منها، إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها"(32).
وفي الرقية من الألم العضوي، حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه: أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعاً يجده في جسـده منذ أسلم؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ضع يدك على الذي تألم من جسدك، وقل: بسم الله ثلاثاً، وقل سبع مرات: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر"(33). قال ابن القيم: ففي هذا العلاج من ذكر الله والتفويض إليه، والاستعاذة بعزته وقدرته من شر الألم ما يذهب به. وتكراره ليكون أنجع وأبلغ، كتكرار الدواء لإخراج المادة. وفي السبع خاصية لا توجـد في غيرها.
وفي الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يعوذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: "اللهم رب الناس أذهب الباس واشف، أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقـما"(34). ففي هذه الرقـية توسـُّل إلى الله بكمال ربوبيته، وكمال رحمته بالشفاء. وأنه وحده الشافي. وأنه لا شـفاء
31- انظر الطب النبوي لابن القيم (135). والدين الخالص للسبكي (7/122).
32- أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الجنائز: باب ما يقال عند المصيبة ح(918). وأبو داود في سننه: كتاب الجنائز: باب في الاسترجاع ح(3119). وانظر تحفة الاشراف ح(18248) والنسائي في اليوم والليلة ح(1070).
33- انظر الطب النبوي لابن القيم (135). والدين الخالص للسبكي (7/122).
34- أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الجنائز: باب ما يقال عند المصيبة ح(918). وأبو داود في سننه: كتاب الجنائز: باب في الاسترجاع ح(3119). وانظر تحفة الاشراف ح(18248) والنسائي في اليوم والليلة ح(1070).
إلا شفاؤه. فتضمنت التوسل إليه بتوحيده وإحسانه وربوبيته (35).
وفي الرقية من النملة .. وهي قروح تخرج في الجنبين. وترقى فتبرأ بإذن الله. سميت بذلك لأن صاحبها يحس في مكانها كأن نملة تدب عليه وتعضه. وهي تدب وتنتقل من موضع إلى آخر في جنبيه، كما تدب النملة. عن الشفاء بنت عبد اللـه قالت: "دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا عند حفصة: فقال لي: ألا تُعلِّمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة"(36).
الرقية من العين: الرقية من العين هي أصل الرقية ومحلها الأشهر. والرقية من أكثر ما تكون من العين. وأكثر إصـابة النــاس منها. والعين عينان: عين إنسية وعين جنية(37). عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من الجان ومن عين الإنسان(38).
35- انظر الطب النبوي لابن القيم (136).
36- أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الطب: باب ما جاء في الرقى ح(3887). وأحمد في مسنده (6/372). والحاكم في مستدركه (4/14) عن أبي حثمة القرشي أن رجلاً من الأنصار خرجت به نملة فدل أن الشفاء بنت عبد الله ترقي من النملة فجاءها فسألها أن ترقيه فقالت: والله ما رقيت منذ اسلمت فذهب الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي قالت الشفاء فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفاء فقال: "أعرضي علي" فأعرضتها عليه فقال: "أرقيه وعلميها حفصة كما علمتيها الكتابة"- قال الحاكم هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. وأخرجه البيهقي في الكبرى: كتاب الضحايا: باب إباحة الرقية (9/349). وانظر صحيح سنن أبي داود للألباني ح(3291). والصحيحة ح(178). والنملة: قروح تخرج من الجبين، ويقال أيضاً أنها تخرج في غير الجنبـين، ترقى فتذهب بإذن الله عز وجل. قال الخطابي: وفي الحديث دليل على أن تعليم الكتابة للنساء غير مكروه- انظر معالم السنن (5/364).
37- انظر الطب النبوي لابن القيم: (119)، والدين الخالص: (124).
38- أخرجه الترمذي في سننه: كتاب الطب: باب ما جاء في الرقية بالمعوذتين ح(2065) وقال: هذا حديث حسن غريب. والنسائي في سننه: كتاب الاستعاذة: باب الاستعاذة من عين الجان ح(5509) وابن ماجة في سننه: كتاب الطب: باب من استرقى من العين ح(3511) وانظر تحفة الأشراف ح(4327) وانظر صحيح سنن الترمذي للألباني ح(1681).
وعن أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي صـلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة أي صفرة، فقال: "استرقوا لها، فإن بها النظرة"(39). والعين حق لا يجوز لمسلم تكذيبها لورود خبرها في الصحيح.
وروى أبو هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العين حق"(40).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "أمرني النبي صلى الله عليه وسلم؛ أو أمر أن تسترقي من العين"(41).
وعن أبي إمامة بن سهل بن حنيف، قال: "رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل، فقال: والله ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة، قال: فلبط سهل- أي صرع وسقط على الأرض. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عامراً، فتغيـظ عليـه وقال: "علام يقتل أحدكم أخاه! ألا بركت، اغتسل له. فغسل له
39- أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الطب: باب رقية العين ح(5739) ومسلم في صحيحه: كتاب السلام: باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة ح(2197) والبيهقي في السنن: كتاب الضحايا: باب إباحة الرقية بكتاب الله ح(9/348) وانظر شرح معاني الاثار للطحاوي (4/237) قال النووي: السفعة يعنى بوجهها صفرة، وقيل سواد وقال ابن تيمية هي لون يخالف لون الوجه، وقيل أخذه من الشيطان- انظر شرح النووي على صحيح مسلم (14/185) قال ابن عبد البر: فيه دليل على أن العين تسرع إلى قوم فوق إسراعها إلى آخرين، وأنها تؤثر في الإنسان بقضاء الله وقدره وتصرعه في أشياء كثيرة. وإنما يسترقى من العين إذا لم يعرف العائن. وأما إذا عرف الذي أصابه بعينه فإنه يؤمر بالوضوء- التمهيد (2/269).
40- أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الطب: باب العين حق ح (5740)، ومسلم في صحيحه: كتاب السلام: باب الطب والمرض والرقى ح (2187)، وأبو داود في سننه: كتاب الطب: باب ما جاء في العين ح (3879)، وابن ماجة في سننه: كتاب الطب: باب العين ح (3505)، وانظر تحفة الأشراف ح (14696).
41- أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الطب: باب رقية العين ح(5738) ومسلم في صحيحه: كتاب السلام: باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة ح(2195) وابن ماجة في سننه: كتاب الطب: باب من استرقى من العين ح(3512) وانظر تحفة الأشراف (16199) وأخرجه البيهقي في الكبرى: كتاب الضحايا: باب إباحة الرقية بكتاب الله (9/347) وانظر شرح معاني الاثار للطحاوي (4/327) قال الحافظ ابن حجر: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أمر عائشة أن يسترقى من العين أي يطلب الرقية ممن يعرف الرقى بسبب العين- انظر فتح الباري (19/201).
عامر وجهه ويديه، ومرفقيه وركبتيه، وأطراف رجليه، وداخلة إزاره في قــدح، ثم صب عليه، فراح مع النــاس"(42).
وعن عبيد بن رفاعة الزرقي أن أسماء بنت عميس قالت: يا رسول الله، إن بني جعفر تصيبهم العين أفأسترقي لهم؟ فقال: "نعـم، فلو كان شيء يسبق القضاء لسبقته العين"(43).
فالعين وهي إصـابة العائـن غـيره بعـين– حق. قال المازري: أخـذ الجمهور بظاهر الحديث، وأنكره طوائف من المبتدعة لغير معنى. لأن كل شيء، ليس محالاً في نفسه ولا يؤدي إلى قلب حقيقة، ولا فساد دليل فهو من مجوزات العقول. فإذا أخبر الشرع بوقوعه لم يكن لإنكاره معنى. وهل من فرق بين إنكارهم هذا وإنكارهم ما يخبر به في الآخرة من الأمور(44). وقال ابن القيم: أبطلت طائفة ممن قل نصيبهم من السمع والعقل أمر العين، وقالوا: إنما ذلك أوهام لا حقيقة لها، عن الأرواح والنفوس، وصفاتها أفعالها، وتأثيرها.
وعقلاء الأمم على اختلاف مللهم ونحلهم لا تدفع أمر العين، ولا تنكره، وإن اختلفوا في سببه، وجهة تأثير العين(45).

42- أخرجه المالك في الموطأ (938/2)، وابن ماجة في سننه: كتاب الطب: باب العين ح (3509)، وأحمد في مسنده (486-2487/3)، والحاكم في مستدركه (411-412/3)، وقال: الزيادات في الحديثين جميعاً مما لم يخرجاه. وسكت عنه الذهبي. وانظر تحفة الأشراف ح (136). وانظر صحيح سنن ابن ماجة للألباني ح (2828).
43- أخرجه مالك في الموطأ: كتاب العين: باب الرقية من العين (2/939) ومسلم في صحيحه: كتاب السلام: باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة ح(2198) والترمذي في سننه: كتاب الطب: باب ما جاء في الرقية من العين ح(2066) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجة في سننه: كتاب الطب: باب من استرقى من العين ح(3510) وأحمد في مسنده (3/333) وقال الهيثمي في المجمع (5/109) رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وأخرجه البيهقي في الكبرى: كتاب الضحايا: باب إباحة الرقية بكتاب الله (9/348) والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/327).
44- انظر نيل الأوطار (223/8)، وفتح المجيد (63).
45- الطب النبوي: (120).
النفث في الرقية:

النفث: نفخ نظيف بلا ريق. وهو جائز، لما ثبت في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله، نفث عليه بالمعوذات. فلما مرض مرضه الذي مات فيه، جعلت أنفث عليه وأمسحه بيد نَفْسه، لأنها كانت أعظم بركة من يدي"(46). وحديث قتادة رضي الله عنه قال: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان. فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه فلينفث حين يستيقظ ثلاث مرات، ويتعوذ من شرها، فإنها لا تضره"(47). قال النووي: في الأحاديث استحباب النفث في الرقية، وقد أجمعوا على جوازه. واستحبه الجمهور من الصحابة والتابعين ومَنْ بَعْدهم. سُئلت عائشة رضي الله عنها عن نفث النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: "كما ينفث
46 – أخرجه مالك في الموطأ: كتاب العين: باب التعوذ والرقية في المرض (2/193) والبخاري في صحيحه: كتاب الطب: باب في المرأة ترقى الرجل ح(5751) ومسلم في صحيحه: كتاب السلام: باب رقية المريض بالمعوذات والنفث ح(2192) وأبو داود في سننه: كتاب الطب: باب كيف الرقى ح(3602) وابن ماجة في سننه: كتاب الطب: باب النفث في الرقية ح(3529) وانظر تحفة الأشراف ح(16589) وأحمد في مسنده (6/104) والنسائي في اليوم والليلة ح(1009) قال النووي: وسئلت عائشة عن نفث النبي (صلى الله عليه وسلم) في الرقية فقالت كما ينفث آكل الزبيب لا ريق معه. قال: ولا اعتبار بما يخرج عليه من بلة ولا يقصد- انظر شرح النووي على صحيح مسلم (14/182).
47- أخرجه مالك في الموطأ: كتاب الرؤيا: باب ما جاء في الرؤيا (2/956) ح(4) والبخاري في صحيحه: كتاب التعبير: باب إذا رأى ما يكره فلا يخبر بها ولا يذكرها. ح (7044). ومسلم في صحيحه: كتاب الرؤيا ح(2261) وأبو داود في سننه: كتاب الأدب: باب ما جاء في الرؤيا ح(5021) والترمذي في سننه: كتاب الرؤيا: باب إذا رأى في المنام ما يكره ما يصنع ح(2284) وقال هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجه في سننه: كتاب تعبير الرؤيا: باب من رأى رؤيا يكرهها ح(3909) وانظر تحفة الأشراف ح(12135) قال القاضي عياض: وأمر بالنفث ثلاثاً لطرد الشيطان الذي حضر رؤياه المكروهة تحقيراً له واستقذاراً وخصت به اليسار لأنها محل الأقذار والمكروهات- انظر شرح النووي على صحيح مسلم (15/18).
آكل الزبيب لا ريق معه. ولا اعتبار بما يخرج عليه من بلة ولا يقصد ذلك"(48).

الاغتسال في الرقية:
إن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الاغتسال في الرقية من إصابة العين، لما سبق من حديث أبي أمامه سهل بن حنيف، وفيه أمر النبي صلى الله عليه وســلم عامراً أن يغتسل لسهل بن حنيف. ولحديث عبد الرزاق عن معمر عن أبي طاووس عن أبيه مرفوعا: "العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين، وإذا استغسل أحدكم، فليغتسل"(49). وقد بين حديث أبي امامه كيفية الاغتسال، بأن يغسل العائن وجهه، ويديه ومرفقيه وركبتيه، وأطراف رجليه وداخلة إزراره في قدح، ثم يصب على المعين. وقد ذكر الإمام أحمد والنسَّـائي من طريـــق الزهـري عن أبي أمامه سهـل بن حنيف كيفية اغتســال المعين بأن يصب ذلك المــاء على المعين من خلفه على رأسه وظهره، ثم يكفأ القــدح. وعلى روايـة الموطّأ يصب على المعين المــاء من فوقه(50). ولا يظهــر لأول وهلة للاغتســال بهذه الطريقــة معنى له حكمة أو علـة، لكن التســليم بــه واجــب، وإن لم تظهر لنا علته قال المازري: هذا مما لا يمكن تعليله، ومعرفة وجهه من جهة العقل، فلا يُرَدّ لكونه لا يُعقل معناه. وقال ابن العربي: إن توقف متسرع قلنا له: الله ورسوله أعلم. وقد عضدته التجربة، وصدقته المعاينة.
48-انظر شرح النووي على مسلم (14/182)، ونيل الأوطار (222/8)، والدين الخالص للقنوجي (321/2).
49-أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب السلام: باب الطب والمرض والرقى ح (2188)، والتزمذي في سننه: كتاب الطب: باب ما جاء أن العين حق، والغسل لها ح (2069). وقال: وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وهذا حديث حسن صحيح غريب. وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ح (8/59)، وعبد الرزاق في مصنفه ح (19770)، وانظر تحفة الأشراف ح (5716).
50- انظر الفواكة الدواني (373/2).
وقال ابن القيم: وهذا مما لا يناله الأطباء، ولا ينتفع به من أنكره وسخر منه أو شَـــكَّ فيه، أو فعله مجربا غير معتقد أن ذلـك ينفعـه. هذا مع أن في المعالجة بهذا الاستغسال ما تشهد له العقول الصحيحة، وتقر لمناسبته، فاعلم أن ترياق سم الحية في لحمها، وأن علاج تأثير النفس الغضبية في تسكين غضبها، وإطفاء نارها؛ وضَعْ يدك على بدن الغضبان فيسكن.
وأما مناسبة صب الماء على المعين فهي في غاية المناسبة، فإن ذلك الماء طفئ به تلك النارية، وأبطل تلك الكيفية الرؤية من الفاعل. فكما طُفئت به النارية القائمة بالفاعل طُفئت به، وأبطلت عن المحل المتأثر بعد ملامسته للمؤثر العائن، كالماء الذي يُطفأ به الحديد في الروية عدة طبيعية ذكرها الأطباء، فهذا الذي طفى به نارية العائن، لا يستنكر أن يدخل في دواء مناسب لهذا الداء(51).

النشــــــــــــرة:
وهي أضرب من العلاج والرقية، يعـــالج به من يظن أن به مسا من الجن، سميت نشرة لأنه ينشر بها - أي يكشف ويزال - ما خامره من الداء. وقال القرطبي: النشـرة هي أن يُكـتب شيئاً من أسـماء الله أو من القرآن، ثم يغسله بالماء، ثم يمسح به المريض أو يسقيه.
وقد اختلف الفقهاء في حكمها. فالذين فسروا أنها من السحر حرموها. قال الحسن بن يسار البصري: "النشرة من السحر"(52). وروي عنه قوله: "لا يحل السحر إلا الســاحر"(53).


51-انظر الطب النبوي (125)، وتحفة الأحوذي (2256)، ونيل الأوطار (22418) بتصرف.
52-تفسير القرطبي (10/318)، ومجموع فتاوي شيخ الإسلام (19/64).
53-انظر فتح المجيد (303)، والدين الخالص للشيخ محمد صديق حسن (2/340).
قال ابن الجوزي: "النشرة حل السحر عن المسحور"(54)، ولا يكاد يقدر عليه إلا من يعرف السحر(55). وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة فقال: "هي من عمل الشيطان"(56). وقال سـئل أحمد عنها، فقال: ابن مسعود يكره هذا كله. أي يكره النشرة التي هي من عمل الشيطان، كما يكره تعليق التمائم مطلقاً. والمراد بالنشرة المسئول عنها، النشرة المعهودة المعروفة التي كان أهل الجاهلية يضعونها وهي من عمل الشيطان. ولم ير مجاهد أن تكتب آيات من القرآن ثم يغسل ثم يسقاه صاحبه. وقد أجاز النشرة سعيد بن المسيب.
روى البخاري عن قتادة قلت لابن المسيب: "رجل به أي سحر، أو يؤخذ عن امرأته أيحل عنه، أو ينشر؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به العلاج.
فأما ما ينفع فلم ينه عنه"(57). ويحمل كلام ابن المسيب على نوع من النشرة لا يعلم أنه سحر. وكانت عائشة رضي الله عنها تقرأ المعوذتين في إناء ثم تأمر أن يصب على المريض. وقد حمل المجــيزون للنشرة أحــاديث المنع – كما قال القرطبي-على أنها خارجة عما في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن المداواة المعروفة. وقال القرطبى أيضاً: "والنشرة من جنس الطب فهي غسالة شيء له فضل، فهي كوضوء رسول الله صلى
54-انظر الدين الخالص للشيخ محمود خطاب السبكي (7/135).
55- انظر الدين الخالص للشيخ محمود خطاب السبكي (7/135).
56-أخرجه أبو داود في سننه: كتاب ألف: باب في النشرة ح(3868). وأحمد في مسنده (3/294). والهيثمي في مجمعه (5/102) وقال: رواه البزار والطبراني في الأوسط ورجال البزار رجال الصحيح. وابن أبي شيبة في مصنفه (7/387). وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود ح(3277).
57- أخرجه البخاري معلقا بصيغة الجزم في كتاب الطب: باب هل يستخرج السحر- انظر فتح الباري لابن حجر (10/232). وقال الحافظ ابن حجر في التغليق (5/49): رواه الاثرم في السنن وساق اسناده ثم قال: واسناده صحيح.
الله عليه وسلم، وقال صلوات الله وسلامه عليه: "لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، ومن استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل(58).
وما ذهب إليه ابن القيم قول حسن، فقد قسم النشرة إلى نوعين؛ الأول: حل السحر عن المسحور بسحر مثله – وهو الذي من عمل الشيطان. والثاني: النشرة بالرقية والتعوذات، والأدوية والدعوات المباحة، فهذا جائز. وعليه يحمل كلام من أجاز النشرة من العلماء. قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ الحاصل: أن ما كان منه بالسحر فيحرم – وما كان بالقرآن والدعوات والأدوية المباحة فجائز والله أعلم(59).
وقال ابن تيمية: ويجوز أن يكتب للمصاب وغيره من المرضى شيء من كتاب الله وذكره بالمداد المباح، ويغسل ويسقى. كما نص على ذلك أحمد وغيره. قال عبد الله بن أحمد: رأيت أبى يكتب للمرأة إذا عسر عليها ولادتها في جام أبيض، أو شئ نظيف… يكتب حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ، كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها"(60).
واستشكل قوم من الصوفية وغيرهم أثر التداوي فقالوا: "إن الشفاء قد قدر، فالتداوي لا يفيد. وإن لم يكن قد قدر فكذلك". وأيضاً، "فإن المرض حصل بقدر الله، وقدر الله لا يُدفع ولا يُرد"(60). وهذا كلام ظاهره الحجة، ولكنه في غير محل الخلاف، ولا حجة لهم فيه. وقد رد ابن القيم على هذا بقولـه: إن هذا السؤال هو الذي أورده الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم،

58-انظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (318/10)، ومجموع فتاوي ابن تيمية (19/64)، وفتح المجيد (303)، والدين الخالص للقنوجي (340/2)، والدين الخالص لمحمود خطاب السبكي (135/7).
59- انظر الآداب الشرعية لابن مفلح (2/456-457).
60- انظر الآداب الشرعية لابن مفلح (2/456-457).
وأمّا أفاضل الصحابة – فأعلم بالله وحكمته وصفاته من أن يوردوا مثل هذا؛ وهم يشيرون إلى حديث أسامة بن شريك. قال: "جئت عند النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت الأعراب؛ فقالوا : يا رسول الله أنتداوى؟ فقال: نعم يا عباد الله تداووا، فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع لـه شفاء غير داء واحد، قالوا: ما هو؟ قال: الهرم"(61).
أيضاً، فقولهم هذا يوجب أن لا يباشروا سبباً من الأسباب التي يجلبون بها منفعة أو يدفعون بها مضرة، إن قدرتا لم يكن بد من وقوعهما، وإن لم تقدرا لم يكن سبيل إلى وقوعهما. وفى ذلك خراب الدين والدنيا وفساد العالم. وهذا لا يقوله إلا مراء للحق، معاند له كالمشركين الذين قالوا:
(لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا)(62).
و(لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا)(63). وهذا الذي قالوه دفعًا لحجة الله عليهم بالرسل.

التداوي والتوكل:
لقد وهم بعض الفقهاء فظنوا التعارض بين التداوي والتوكل لِمَا وجدوا من أحاديث المنع من الرقية ومدح الترك. والصواب أن المدح في ترك الرقى للأفضلية، وبيان التوكل. والذي فعل الرقى وأذن فيها لبيان الجواز مع أن تركها أفضـل.
61- أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الطب: باب في الرجل يتداوى ح(3855). والترمذي في سننه: كتاب الطب: باب ما جاء في الدواء والحث عليه ح(2045) وقال أبو عيسى: وهذا حديث حسن صحيح. وابن ماجة في سننه: كتاب الطب: باب ما أنـزل الله داء إلا أنزل له شفاء ح(3436). وانظر تحفة الاشراف ح(127). وأخرجه أحمد في مسنده (4/278). وانظر صحيح سنن ابن ماجة للالباني ح(2772).
62- سورة الأنعام: آية 148.
63-سورة النحل: آية 35.

ورد ابن القيم شبهة التعارض فقال: "إن الأمر بالتداوي لا ينافى التوكـــل، كما لا ينافيه دفــع داء الجوع، والعطش، والحــر، والبرد بأضدادها. بل لا تتم حقيقـة التوحيد إلا بمباشرة الأسـباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدرا وشرعاً، وأن تعطيلها يقدح في نفس المتوكل كما يقدح في الأمر والحكمة، ويُضعفه من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل، فإن تركها عجزا ينافى التوكل الذي حقيقته اعـتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ودفع ما يضره في دينه ودنياه. ولا بد معها على الله الاعتماد ومباشرة الأسباب، إلا كان معطلاً للحكمة والشرع، فلا يجعل العبد عجزه توكلاً ولا توكله عجزاً"(64).
وقد يُحْتَجّ للتعارض بما ورد في حديث عقَّار بن المغيرة بن شعبة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اكتوى أو استرقى فهو برئ من التوكل"(65). لفعله ما الأولى التـنزة عنه. قال المباركفورى: "وهذا فيمن كان معتمدا عليها لا على الله فارتفع اللبس". وقد رد ابن الجوزى على من قال: إن التداوي خارج من التوكل بمثل هذا، فقال: إن الإجماع على أنه لا يخرج من التوكل. وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تداوى وأمر بالتداوي – ولم يخرج بذلك من التوكـل، ولا أخرج من أمره أن يـتداوى من التوكل(66). وفى الصحيـح من
64-انظر الطب النبوي لابن القيم: (16).
65-أخرجه الترمذي في سننه: كتاب الطب: باب ما جاء في كراهية الرقية ح (2062)، وقال هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجة في سننه: كتاب الطب: باب الكي ح (3489)، وأحمدفي مسنده (249-253/4)، والحاكم في مستدركه (415/4)، وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. وانظر تحفة الأشراف ح (11518)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة للأباني ح (244).
66-انظر الطب النبوي لابن القيم: (15).

حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص إذا اشتكى المحرم عينه أن يضمدها بالصبر(67). قال ابن جرير الطبري: "وفى هذا الحديث دليل على فساد ما يقوله ذوو الغباوة من أهل التصوف والعباد، من أن التوكل لا يصح لأحد عالج علة في جسده بدواء. إذ ذلك عندهم طلب العافية من غير من بيده العافية والضر والنفع، وفى إطلاق النبي صلى الله عليه وسلم للمحرم علاج عينه بالصبر لدفع المكروه، أدل دليل على أن معنى التوكل غير ما قاله الذين ذكرنا قولهم. وأن ذلك غير مخرج فاعله من الرضا بقضاء الله …لأن الله لم ينزل داء إلاّ أنزل له دواء إلا الموت"(68). وقد يحتج لهم بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حسـاب،
67-أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الحج: باب جواز مداواة المحرم عينيه ح (1204)، أبو داود في سننه: كتاب المناسك: باب يكتحل المحرم ح (1838)، والترمذي في سننه: كتاب الحج: باب ما جاء في المحرم يشتكي عينه فيضمدها بالصبر ح (954)، وقال: هذا حديث حسن صحيح. والعمل عند أهل العلم لا يرون بأسا أن يتداوى المحرم بدواء ما لم يكن فيه طيب. والنسائي في سننه: كتاب الحج: باب الكحل للمحرم ح (2710)، وانظر تحفة الأشراف ح (9777). قال النووي: اتفق العلماء على جواز تضميد العين وغيرها بالصبر ونحوه مما ليس بطيب، ولا فدية في ذلك، فإن احتاج إلى ما فيه طيب جاز له فعله وعليه الفدية،. واتفق العلماء، على أن للمحرم أن يكتحل بكحل لا طيب فيه إذا احتاج إليه، ولا فدية عليه فيه. أما الاكتحال للزينة فمكروه عند الشافعي وآخرين. ومنعه جماعة منهم أحمد واسحق. وفي مذهب مالك قولان كالمذهبين، وفي إيجاب الفدية عندهم بذلك خلاف والله أعلم- انظر شرح النووي على مسلم (124-125/8).
68-أخرجه أبو داود في كتاب الطب: باب في الرجل يتداوى ح(3855) والترمذي في سننه: كتاب الطب: باب ما جاء في الدواء والحث عليه ح(2045) وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجة في سننه: كتاب الطب: باب ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ح(3436). وانظر تحفة الاشراف ح(127). وأخرجه أحمد في مسنده (4/278) وانظر صحيح سنن ابن ماجة للألباني ح(2772).
هم الذين لا يسترقون، ولا يتطيرون، ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون"(69). وقد أجاب الفقهاء عن هذا بأجوبة، أجودها ما قاله الخطابي، بأن المراد بترك الرقى والكي الاعتماد على الله في الدواء والرضا بقدره؛ لا القدح في جواز ذلك، وثبوت وقوعه في الأحاديث الصحيحة، وعن السلف الصالح. لكن مقام الرضى والتسليم أعلى من تعاطى الأسباب. قال ابن الأثير: "هذا من صفة الأولياء المعرضين عن الدنيا وأسبابها وعلائقها، وهؤلاء هم خواص الأولياء، ولا يرد عليه وقوع مثل ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم فعلا وأمراً، لأنه كان في أعلا مقامات العرفان ودرجات التوكل. فكان ذلك منه للتشريع وبيان الجواز، ومع ذلك فلا ينقص من توكله لأنه كان كامل التوكل يقينا، فلا يؤثر فيه تعاطى الأسباب شيئا؛ بخلاف غيره ولو كان كثير التوكل، لكن من ترك الأسباب وفوض وأخلص في ذلك كان أرفع مقاما"(70). وهذا التعليل هو الذي يفســـر ميل كثير من الفقهاء مع قولهم بجواز الرقية أو استحبابها، إلى أن ترك التداوي توكلاً، والصبر على المرض أولى من الرقية.

وقـال الشــيخ عبد الرحمن آل الشــيخ: "الحديث لا يدل على أنهم لا يباشرون الأسباب أصلا، فإن مباشرة الأسباب في الجملة أمـر فطري
69-أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الطب: باب من لم يرق ح(5752) ومسلم في صحيحه: كتاب الإيمان: باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب ح(216) والترمذي في سننه: كتاب صفة القيامة: باب (81) ح(2454) وقال هذا حديث حسن صحيح. وأحمد في مسنده (1/271). وقال الهيثمي في المجمع (10/405) رجال أحمد والبزار رجال الصحيح. وأخرجه الطبراني في الكبير (18/23) والبيهقي في الكبرى: كتاب الضحايا: باب ما جاء في استحباب ترك الاكتواء والاسترقاء (9/341) والبغوى في شرح السنة (15/135) ح(4322).
70- انظر فتح الباري لابن حجر (10/212) ش ح (5752) .
ضروري، لا انفكاك لأحد عنه، بل نفس التوكل مباشرة لأعظم الأسباب"(71) قال تعالى:
(ومن يتوكل على الله فهو حسبه)(72).

التمائم والتولة:
ورد في الصحيح عن أبى بشير الأنصاري رضى الله عنه: "أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فأرسل رسولاً: أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت"(73). وعن ابن مسعود رضى الله عنهما قال: "سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: إن الرقى والتمائم والتولة شِرْك"(74).
والمقصود بالرقى هنا – كما سبق – الرقى التي يستعان فيها بغير الله تعالى. والتمائم: "هي ما يعلق بأعناق الصبيان من خرز وعظام لدفع العين"(75) وهذا منهي عنه، لأنه لا دافع إلا الله، ولا يطلب دفع المؤذيات إلا بالله، وبأسمائه، وصفاته.
71- انظر فتح المجيد للشيخ عبد الرحمن آل الشيخ (68).
72-سورة الطلاق: آية 3.
73-أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الجهاد والسير: باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل ح (3005). ومسلم في صحيحه: كتاب اللباس والزينة: باب كراهة قلادة الوتر في البعير ح (2115). وأبو داود في سننه: كتاب الجهاد: باب في تقليد الخيل بالأوتار ح (2552). وانظر تحفة الأشراف ح (11862).
74-أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الطب: باب في تعليق التمائم ح (3883). وابن ماجه في سننه: كتاب الطب: باب تعليق التمائم ح(3530). وانظر تحفة الأشراف ح(9643) وأخرجه أحمد في مسنده (1/381). والحاكم في مستدركه (4/217) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأقراه الذهبي. وأخرجه البيهقي في الكبرى: كتاب الضحايا: باب التمائم (9/350). وانظر صحيح سنن أبو داود للألباني ح(3288).
75- انظر فتح المجيد: (126).

وقد اختلف الفقهاء من الصحابة والتابعين، فمن بعدهم في جواز تعليق التمائم التي من القرآن وأسماء الله وصفاته، فقالت طائفة يجوز ذلك. وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص. وهو ظاهر ما روي عن عائشة رضي الله عنها، وبه قال أبو جعفر الباقر رضى الله عنه ، وأحمد في رواية، وحملوا الحديث على التمائم التي فيها شرك(76).
وقالت طائفة: لا يجوز ذلك. وبه قال ابن العباس وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم رضي الله عنهم، وبه قال جماعة من التابعين منهم أصحاب ابن مسعود وأحمد في رواية اختارها كثير من أصحابه، وجزم به المتأخرون، واحتجوا بهذا الحديث وما في معناه(77).
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشـيخ: قلت هذا هو الصـحيح بوجوه ثلاثة؛ الأول: عموم النهي ولا مخصص للعموم. والثاني: سد الذريعة، فإنه يفضى إلى تعليق ما ليس كذلك. الثالث: أنه إذا علق فلا يبعد أن يمتهنه المعلق بحمله معه في حالة قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك(78).
والتولة: شئ يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها، والرجل إلى امرأته، وإنما كان من الشرك لما يراد به رفع المضار وجلب المنافع من غير الله تعالى(79).
76-المرجع السابق (127).
77-المرجع السابق (127).
78-المرجع السابق (128).
79- المرجع السابق (128).

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 05-10-2004, 01:29 PM   #2
معلومات العضو
ثلاثيني

إحصائية العضو






ثلاثيني غير متواجد حالياً

 

 
آخـر مواضيعي
 

 

افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اثابك الله ابو الوليد
======
الايميل للبيع ابو الوليد
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 05-10-2004, 01:55 PM   #3
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

جزاك الله كل خير أخي المكرم ( أبو الوليد ) ، ولا تحرمنا بارك الله فيكَ من كنوز ودرر الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة ، مع تمنياتي لكَ بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 11:22 PM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com