لسبب ما نصاب أحيانا بالحزن
ربما لفقدان شيء يعني لنا الكثير
أو لرحيل إنسان لا نستوعب فكرة رحيله
ولا نملك القدرة على مواجهة واقع غيابه
أو لسماع نبأ حزين يقع علينا وقوع الجبل
أو لرؤية مشاهد تثير بنا الأحاسيس ما نكره ..
وعندها .. يتجول بنا إحساس الحزن
قد يأخذ دورته القصيرة بنا ثم يرحل بلا بصمة غائرة
أو أثر يذكر أو قد يتضخم بنا بشكل مخيف
ويتفرع فينا كالأشجار العتيقة ..
ويصبح مع الوقت شيئا لا يمكننا التخلص منه
لأن أعماقنا أصبحت لجذوره وطنا ..
وبقاء الحزن بنا يفقدنا الكثير !!
فمع مرور الوقت نصبح أسرى للحزن
ونبقى سجناء دائرة ضيقة من الحزن
ونفقد إحساسنا بمتعة الأشياء ونفقد الإحساس بالحياة ذاتها
فلا نرى من الوجود سوى وجه الحزن الذي ينمو مع الوقت
بنا كالجنين غير المرغوب فيه ..
وكلما مر بنا العمر كلما صعب علينا التخلص من الحزن
ولأننا دون أن نشعر نعجن منه ونتشكل به ونصبح كتلة من الحزن كتلة
يتحاشاها الآخرون تجنبا لعدوى الحزن
فالحزن إحساس ينتقل منا كالعدوى إلى الآخرين ..
وقد نكتشف حجم الوحدة من حولنا حين نكتشف تقلص
عدد المحيطيين بنا أو غياب الناس من حولنا
فلكل همه الذي لم يبق فيه لهموم الآخرين مكان
فنحن في زمن لا يمنح الفرح إلا قليلا
لذلك نرى تسارع الأغلبية لكل ما فيه للفرح رائحة
وتجنب أهل الحزن تجنبا للمزيد من الهم !!
ونشعر أحيانا بأن معجزة ما قد حدثت ..
وأن الحزن قد غادرنا أخيرا بلا عودة ..
لكننا سريعا ما نعود للشعور بالإحباط حين نكتشف
قصر عمر الفرح في عمرنا ..
وحين نكتشف أن الحزن كان يمازحنا !! حين اختبأ عنا !!
ربما كي يظهر بصورة أكبر وأقوى !!!
أخذ الحزن منا الكثير
ونصاب بالرعب حين نحسب أو نكتشف مقدار هذا الكثير ..
فنحن من منحناه أكثر مما يستحق ..
ونحن من فتحنا له أبوابنا على اتساعها ..
ونحن من وهبناه حق الإقامة الدائمة بنا ..
ونحن من صبغناه ولونا أعماقنا بألوانه ..
ونحن من اتخذناه حاجزا أو حائطا أو سورا مرتفعا
يحول بيننا وبين الشطر الآخر من الحياة ..
ذلك الجزء الجميل .. الجزء المفرح
الذي لم يترك لنا الحزن فرصة التجول فيه !!
لــكــن .. إلى متى ؟؟
إلى متى سنبقى أوفياء لحزن عتيق ؟؟
إلى متى سنحتفظ بصناديق الحزن في أعماقنا ؟؟
إلى متى سنبقى سجناء دائرة مظلمة ؟؟
إلى متى سنبقى خلف الحائط الفاصل بيننا وبين الفرح ؟؟
إلى متى سنبقى متسترين بملابس الهم والوهم ؟؟
إلى متى سيبقى قيدنا في يد الحزن ؟؟ يسحبنا !! يجرنا !!
يأخذنا إلى مدن بعيدة عن الحياة ؟؟
)) مــحــاولــة أخــيــرة للــتــحــرر ((
إذا كنت من ضحايا الحزن طويل الأمد ..
فسأل نفسك :
ماذا أبقى الحزن لك ؟
واسأل الحزن :
أيها الحزن ... ماذا أبقيت لي ؟؟
ثم تلفت حولك .. لتقرأ إجابة سؤالك .
๑ஜ๑ஜ๑ نفحة مسك ๑ஜ๑ஜ๑
الحزن يا أنتم .. مدينة مظلمة .. لا تضيء مصابيحها إلا في وجودكم
الحزن يا أنت .. مدينة مغلقة .. لا يملك مفاتيحها .. إلا أنت
منقول
في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله ...
وفيه وحشه لا يزيلها إلا الأنس به ...
وفيه حزن لا يذهبه إلا الاجتماع عليه والفرار منه إليه ...
وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه ...
وفيه فاقه لا يسدها إلا محبته والإنابه إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص له ...
ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقه منه أبداً .