يشتبه على كثير من الناس خاصة الذين لهم عناية بتلاوة القرآن حينما يقرأ قول الله عز و جل في القرآن
** لا يمسه إلا المطهرون **
، وقد وصل الخطأ في حمل هذه الآية بأن يفسروا قوله عز و جل
أي هذا المصحف الذي بين أيدينا
أي إلا المتوضئون – وصل هذا بهم إلى أن ينشر على كل نسخة تُطبع في العالم الإسلامي من القرآن الكريم عنوان
، وهذا خطأ يشبه خطأ آخر - من حيث الخطأ الفكري العلمي أولا ، ثم من حيث نشره وتعميمه للناس ثانيا – الآية التي تُكتب على المحاريب
** كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا **
المحراب يعني هذه الطاقة !!
** كلما دخل عليها زكريا المحراب **
يعني الغرفة التي كانت منعزلة فيها عن الناس تعبد الله عز و جل ،
، وليس المحراب هو هذا الذي أُدخل إلى المساجد منذ القديم مع الأسف الشديد تأثرا بمحاريب الكنائس ،
محاريب النصارى في كنائسهم
، و إلا في الإسلام لا يوجد محراب
، مسجد الرسول عليه السلام لم يكن فيه محراب
و للحافظ المشهور المصري السيوطي – الحافظ السيوطي صاحب الجامع الكبير والجامع الصغير – رسالة ،
( إعلام الأريب بحدود المحاريب ) **
وهذا بحث قيم جدا ينقل هناك نصوص عن أهل العلم أن وجود المحاريب في المساجد من محدثات الأمور
** لا يمسه إلا المطهرون **
ليس لها علاقة بموضوع مس القرآن الذي هو بين أيدينا ، وهذا له شبه كبير ، أوجزه بقدر الاستطاعة فأقول :
الضمير هنا يرجع إلى الكتاب المكنون المذكور من قبل ، لأن الله عز وجل يقول :
( ** وإنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون **
راجع للكتاب المكنون ، كتابنا هذا والحمد لله ليس مكنونا
ولا تراه ولا تطوله أيدي الشياطين
، ولذلك للإمام مالك رحمه الله فهم جيد ولطيف جدا في كتابه الموطأ في تفسير هذه الآية ، حيث يقول :
أحسن ما سمعت في تفسيرها أنها كالآية التي في سورة ( عبس )
** كلا إنها تذكرة * فمن شاء ذكره * في صحف مكرمة * مرفوعة مطهرة * بأيدي سفرة * كرام بررة ** ،
هؤلاء الملائكة هم أنفسهم المقصود أنهم يمسون
، هذه قرينة ، وهناك قرائن أخرى ، ومن أقواها أنه قال تعالى
، نحن معشر البشر لا يجوز أن نصف أنفسنا مهما سمونا وعلونا في الصلاح والتقوى بأننا مطهرون
، ولا يوجد إنسان مطهّر أبدا ،
، والصالح منا من يتكلف فيتطهر
، الصالح منا من يتكلف يعني يتصنع الطهر
، و إلا ليس من شأنه أنه طاهر ،
المطهرون هم الملائكة الموصوفون في القرآن الكريم بقوله عز وجل
** لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون **
، أما البشر فهم الذين عناهم الله عز وجل
** إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين **
، كذلك لما ذكر مسجد قباء قال
** فيه رجال يحبون أن يتطهروا **
، فنحن إذا كنا مثلهم فهنيئا لنا ، يعني نتطهر ،
، ومن أحسن من تكلم على هذه الآية بأحسـن مما ذكرنـا ومنه نحـن استمددنـا هو
ابن القـيم الجوزيـة في كتابـه
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين