موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

تم غلق التسجيل والمشاركة في منتدى الرقية الشرعية وذلك لاعمال الصيانة والمنتدى حاليا للتصفح فقط

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > الساحات العامة والقصص الواقعية > ساحة القصص الواقعية

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 15-03-2008, 04:06 PM   #11
معلومات العضو
@ كريمة @
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي

عاقبة السرقة
دكتور عثمان قدري مكانسي

يوشع بن نون نبي من أنبياء بني إسرائيل ،من نسل يوسف ، كان مرافقاً لموسى عليهم جميعاً الصلاة والسلام ، وهو الفتى الذي صحب موسى لملاقاة الرجل الصالح الذي ذكرت قصتـُه في سورة الكهف " وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقـُباً " .. هذا النبي الكريم خَلَفَ موسى في حمل الأمانة وتبليغ الرسالة .
انطلق هذا النبي الكريم لفتح القدس ، وأراد أن يكون جنودُه من الذين خلّفوا الدنيا وراءهم ، ورغبوا في إرضاء الله تعالى والجهاد في سبيله ، لا يَشغَلُهم عن ذلك شاغل . فمنع عدّة أصناف من بني إسرائيل أن يقاتلوا معه لانشغالهم بالدنيا وزخرفها ..
1- منهم الرجال الذين عقدوا على نساء ، ولم يدخلوا بهنّ . فهؤلاء ينتظرون الفرصة التي يعودون فيها إلى نسائهم . . فقتالهم سيكون إذاً قتالَ مَن يرجو الدنيا ، ويسعى إليها .
2- ومنهم من بنى داراً ، ولمـّا تكتملْ ، فهؤلاء قلوبهم معلّقة بها ، يتمنّون العودة إليها ، يبنون جدرانها ، ويرفعون سقوفها .
3- ومنهم من يمتلك أغناماً ونوقاً حان وقت ولادتها كي تكثـُر وتنمو ، فهم يرصدون الزمن الذين يعودون بعده إلى أموالهم .
هؤلاء الأصنافُ الثلاثةُ لن يبذلوا جهدهم في لقاء العدو وجهادهم إياه . أضعَفَه انشغالُهم بالدنيا ... فليكن الجيشُ - إذاً - جيشاً ربّانياً يبذل النفس رخيصة لله تعالى .
كانت القدس من أحصن المدائن أسواراً ، وأعلاها قصوراً ، وأكثرها أهلاً . فحاصرها ستة أشهر . ثم إنهم أحاطوا بها يوماً إحاطة السوار بالمعصم ، وضربوا الأبواب ، وكبّروا تكبيرة رجل واحد ، فتفسخ سورُها ، وسقط وجبة واحدة ، فدخلوها ، وأخذوا ما وجدوا فيها من الغنائم ، وقتلوا اثني عشر ألفاً من الرجال ، وحاربوا ملوكاً كثيرة ، وظهروا على واحد وثلاثين ملكاً من ملوك الشام . وذكروا أنه – يوشع بن نون عليه السلام – انتهى محاصرتـَه لها إلى يوم الجمعة بعد العصر . فلما غربت الشمس أو كادتْ تغرب ، ويدخل عليهم السبت - حيث شُرع لهم أن لا يقاتلوا فيه – قال النبي يوشع للشمس : إنّك مأمورة ، وأنا مأمور ؛ اللهم احبسها عليّ . فحبسها الله عليه حتى تمكن من فتح المدينة ، وأمر القمر فوقف عن الطلوع .... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الشمس لم تُحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس " رواه أحمد .
وجمع يوشع الغنائم كلّها ، فالغنائم – قبل الإسلام – لم تكن تحِلّ للمقاتلين ، بل كان القائد يحرقها كي لا تتعلّق أفئدةٌ المجاهدين بلـَعاع الدنيا وزينتها ، وليكون جهادُهم خالصاً لوجه الله الكريم سبحانه .... وقدّمها للنيران ، فلم تأكلها . فعلم أنّ بعض المقاتلين سرق منها شيئاً ...
فكيف يتوصل النبي الكريم إلى معرفة السارقين ، ونوع المسروق ؟ !
جمع رؤساء القبائل ، وأمرهم بمبايعته على الصدق في الجهاد . فمدوا أيديهم إليه يصافحونه ويبايعون . فلزِقتْ يد رجل بيده ، فقال بلهجة الواثق : فيكم السارق . فيكم أيها الرجل .
فقال الرجل – زعيم قبيلته – ما نفعل يا نبيّ الله ؟
قال : اجمع رجال قبيلتك يبايعونني .
فجمعهم ، وهم لا يدرون سبب تخصيصهم بالمبايعة ... فلما طفِقوا يبايعونه لزِقتْ أيدي رجلين أو ثلاثة بيده ، فقال : أنتم السارقون . هيا أعيدوا ما أخذتموه ... فأخرجوا كميّة من الذهب في صُرّة ، فبدت كأنها رأس بقرة في حجمها .
فوضعوها على المال المجموع ، فأقبلت النار على الغنائم فأحرقتها .

متفق عليه / رياض الصالحين
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 15-03-2008, 04:07 PM   #12
معلومات العضو
@ كريمة @
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي

التكبر والتواضع
دكتور عثمان قدري مكانسي

ثلاثة من بني إسرائيل رفع كل منهم يديه إلى السماء يدعو الله أن يفرّج عنه ما فيه من مصاب .
أما الأول فكان أبرص ، وأما الثاني فأقرع ، والثالث أعمى .
فأراد الله سبحانه وتعالى أن يختبرهم ، فأرسل إليهم ملَكاً .
- فلمّا جاء الأبرصَ قال : أي شيء أحبّ إليك ؟
قال : لون حسَن ، وجلد حسن، ويذهب عني هذا البرَصُ الذي استقذرني الناسُ له ، فتقزّزتْ نفوسُهم ، وتحاشَوني .. إني لأشعر بالأسى يجرح شعوري ، والخزي ِ يلاحقـُني .
قال الملَك : ألا ترى أن الصبر على ذلك ثوابُه الجنـّة؟
قال : بلى ، ولكنّ العافية أوسع لي .
قال الملك : ولَئِنْ شفاك الله ما أنت صانعٌ؟
قال : الشكرُ لله سبحانه ، ولأكونَـنّ عند حسن ظن ربي بي .
فمسحه الملك ، فذهب عنه قذَرُه ، وانقلب كأحسن ما يكون الرجلُ .. لونٌ حسنٌ ، ومنظرٌ بهِيّ ، وعافيةٌ . .. كل ذلك بإذن الله سبحانه .
ثم قال الملَك : أي المال أحبّ إليك؟
قال : الإبل . ... فأعطاه الملَك ناقةً عُشَراءَ ( حاملاً) ، وقال له : بارك الله لك فيها ...
- وأتى الملَكُ الأقرعَ ، فقال : أي شيء أحبّ لك ؟
قال الأقرعُ : شعر حسنٌ ، فإن ذهاب شعري وتقيّح رأسي نفـّر الناس منّي ، وكرّهني إليهم .
قال الملك : ولكنّ الصبر على هذه البلوى واحتساب الأجر عند الله خير .
قال الأقرع : نعم ، ولكنّ العافية أوسع لي .
قال الملك : ما تصنع إن شفاك الله وجمّلك ؟
قال : الشكرُ لله نُصب عيني ، ولأكونَنّ عند حسن ظن ربي بي .
فمسحه الملَك ، فذهب عنه درَن رأسه بإذن الله تعالى ، وكُسِيَ شعراً جميلاً أظهر حُسنَه ، فامتلأ سعادة .
ثمّ قال الملك : أيّ المال أحبّ إليك ؟
قال الرجل : أحبّ البقر . ... فأعطاه الملك بقرةً حاملاً ، وقال له : بارك الله لك فيها ...
- وأتى الملك ثالثهم – الأعمى - ، فقال : أيّ شيء أحبّ لك ؟
قال الأعمى : أن يرد الله عليّ بصري ، فأبصر كما يبصر الناس .
قال الملك : ألست معي أن الابتلاء مع الصبر يرفع درجات المؤمن في الجنّة ؟!
قال الأعمى : بلى ، لست أنكر ذلك ، ولكنني أتحاشى الناس كي لا يقعوا منّي على ما يكرّههم فيّ ، وأرجو ربي أن يعينني على شكره .
فمسحه الملك ، فردّ الله عليه بصره . ثم قال له : أيّ المال أحبّ إليك ؟
قال : الغنم ... فأعطاه الملك شاة والداً ، وقال له : بارك الله لك فيها ...
فأنتج الأول إبِلاً كثيرة ملأت الوادي .
وأنتج الثاني بقراً كثيراً ملأ الوادي .
وولد الغنم ، فكان له منها وادٍ ممتلئ.
مرّت الأيامُ ، وعاش هؤلاء الثلاثة في رغَدٍ من العيش وبُحبوحة . وعادوا في الناس كأحسن ما يكون الرجل في أهله وعشيرته ، وكان لهم في أقوامهم ومعارفهم العزُّ والسؤدُدُ ...
وحان وقتُ الاختبار ... ألمْ يدّعِ كل منهم أن يكون لله عبداً شكوراً ؟ وأن يحسن إلى الفقراء والمرضى وأبناء السبيل وأهل الحاجة ، وأن لا يرد أحداً قصَدَه ؟ وأن يكون عند حسن ظن ربه به ؟ والسعيدُ من صدَق اللهَ وعدَه.
جاء الملك إلى من كان أبرص فشفاه الله ... جاءه على هيئته يوم كان أبرص تكره العينان رؤيته .
فقال : رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري ، فلن أصل إلى أهلي وبلدي إلا بفضل الله ، ثم بجودك وكرمك .. أرجو أن تهبني جملاً يبلّغني الأهل والبلد .
قال : كنت أود أن أعطيك ، ولكنني لا أستطيع لكثرة حقوق الناس عليّ وضيق يدي .
قال الملك : أسألك بالله الذي أعطاك اللون الحسن ، والجلد الحسن ، والمال الوافر أن لا تبخل عليّ ، وأن تكرمني كما أكرمك الله .
قال : لا تُكثر المسألة أيها الرجل ، هيا اغرب عن وجهي .
قال الملك – وهو ما يزال على هيئة الأبرص – يذكّره بما كان عليه ، علّه يرعوي ، فيفي اللهَ ما وعده : كأني أعرفك ؛ ألم تكن أبرص يقذرك الناس فجمّلك الله ؟ وفقيراً ، فأغناك الله ؟
قال الرجل منكراً ذلك جاحداً نعمة الله وفضله : لم أكن كما تدّعي - أيها الأفـّاك - إنما ورثت المال عن آبائي العظام وأجدادي الكرام ، كابراً عن كابر .
وهنا قال الملك بعد أن ذكـّر فأعذر : إن كنت كاذباً فإني أسأل الله أن تعود كما كنت .
وفجأة عاد الرجل – كما كان - أبرص كريه المنظر .. لم يف ما قطع على نفسه لله من عهد ، فعاد سيرته الأولى جزاء غدره وإخلافه .
وأتى الملك من كان أقرع على هيئته وصورته ، فقال له مثل ما قال لسابقه . فردّ عليه بمثل ما ردّ الأبرصُ عليه . فدعا الملك عليه أن يعود أقرع كما كان يقذره الناس ويتحاشونه ، فعاد المسكين كما كان جزاء وفاقاً .. لم يحفظ نعمة الله عليه بالشكر وأداء الحقوق .
وجاء الملك إلى من كان أعمى على هيئته وصورته السابقة فقال :
رجل مسكين ، وابن سبيل ، انقطعت بي السبل في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك . أسألك بالذي ردّ عليك بصرك ، ورزقك من فضله العميم شاةً أتبلغ بها في سفري .
نظر الرجل إليه في ضعفه وفقره فأشفق عليه ، وتذكر ما كان هو عليه من هذا الضعف وقلة الحيلة ، فحمد الله تعالى على لطفه فيه .. وبالشكر تدوم النعم .
ثم قال له : صدقت فيما قلت يا أخا الإيمان ، لقد كنتُ كما قلتَ . وقد ردّ الله عليّ بصري ، وأكرمني فرزقني ، وأقسمت لأكوننّ من الشاكرين ؛ فخذ ما شئت من الغنم ، وما رغبتَ من المال ، ولن أمنعك ذلك ، فلله المنّة أولاً وآخراً .
قال الملك : أمسك عليك مالك ، بارك الله لك فيه ، إنما اختبرك الله وصاحبيك ، فرضي عنك وسخط عليهما .
متفق عليه / رياض الصالحين .
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 15-03-2008, 04:08 PM   #13
معلومات العضو
@ كريمة @
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي

- ثواب العمل الصالح -
المشهد الأول :
انتصف النهار ، واشتدّت حرارة الشمس ، كان الهواء ساكناً سكوناً عجيباً غابت فيه النسمة ، فازدادت مشقة الطريق ، كان وحده يمشي ، يتقاطر جبينه عرقاً ، وينبثق من مسام جلده ، فتمتصه ثيابه حتى بدت مبللة تكاد تُعصر...
شعر بالعطش الشديد ، ولكن أين الماء ؟ لم يبق معه منه شيء... حرّك قِربته ، فلم يسمع ارتطام الماء فيها ، وضع فوّهتها على فيه فلم تبِضّ بقطرة ... بدا لعابه يقِل ، وفمه يجف ، وشفتاه تتشققان ...
بحث حوله فهُيّئ له أن رأى ماءً ... فلما قصده لقيه سراباً .. بدأت عيناه تريه كل شيء أمامه أنهاراً سَرعان ما تتبخر حين يُسرع إليها ... سأل الله حُسْن الختام ... وحين كاد يسقط على الأرض رأى على مدىً قصير منه حافة بئر ... يا ألله ؛ أحقاً ما يراه أم هو يتخيّل ؟
شد عزمه ، وبادر بخطاً ثقيلة نحوه ... وصله وأطلّ عليه فرأى صورته . ورمى فيه حجراً فأسمعه صوت ارتطامه بالماء ... نزل وشعر بالبرودة تدغدغ جسمه ... لقد وصل إلى الماء ... ووضع فمه على صفحته ، وعبّ منه كثيراً حتى ارتوى ...
لم يشعر بعد ذلك بشيء ... أمَرّ عليه وقتٌ طويل وهو نائم ؟ إنه لا يدري ... لكنه أحسّ بالعافية تسري في بدنه ، لقد عادت إليه الحياة " وجعلنا من الماء كل شيء حيّ " .. وقبل أن يخرج من البئر شرب كثيراً حتى كاد الماء يخرج من عينيه وأذنيه وأصابع يديه !! لكنه كان قد رمى قربته في الطريق فأضاع فائدة كبيرة .
لم يبتعد عن البئر كثيراً حين رأى كلباً يلهث ، يأكل الثرى من العطش ، إنه قرب الماء ، لكنْ لا يستطيع النزول إلى البئر . .. لقد بلغ العطشُ بالكلب مثل الذي كان بلغ منه ، فأخذته الرأفة ، وهمّ أن يسقيه ، فماذا يفعل ؟! إن الكلب لا يستطيع النزول إلى الماء ، وليس معه قربته أو إداوته ، ليس معه شيء يحمل فيه الماء ليسقي الكلب العطشان . يجب أن يسقيه ، فماذا يفعل ؟
هداه تفكيره بل هداه الله تعالى حين رأى رحمته بالحيوان إلى أن ينزل البئر ، فيخلع حذاءه ويملأه ماءً ويحمله بفمه ، ويصعد، فيسقي الكلب . ... أعاد ذلك مرات ، حتى رأى ذلك الحيوانَ الأعجم ينصرف عنه مبتعداً وينظر إليه نظرات ملؤها الاعتراف بالجميل والفضل والشكر الجزيل ... فقد أنقذه من الموت .
حمد الرجل ربه لنفسه ، وحمِده لهذا الحيوان ، ... ولم يكن الله سبحانه غافلاً عما فعله الرجل ، فأكرمه غاية الإكرام ، ورحمه واسع الرحمة ..
أتدرون كيف رحمه وكافأه؟ لقد أخبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن الله غفر له كل ذنوبه ، وأدخله الجنة دون حساب .
يا ألله ، يا ألله ، يا ألله ؛ أنت الرحمن الرحيم .. اغفر لنا ذنوبنا ، وعافنا واعف عنا . يـــارب .
متفق عليه
رياض الصالحين / باب في بيان كثرة طرق الخير

المشهد الثاني :
إنه مسلم يحب الخير لإخوانه في العقيدة ، ويرجو لهم السلامة ، ويسأل الله من كل قلبه أن يحيا المسلمون في أمن وأمان ، لا يعكر صفوَهم كدرٌ ، ولا يَشوب حياتهم شائبةٌ ، فالمجتمع المسلم حين يكون متحابّاً متآلفاً ولُحمة واحدةً يكون قوياً متماسكاً ...
لقد رآه الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة ، ولمّا يعملْ بعدُ العملَ الذي يؤهلُه أن يكون هناك في رَبَضِها ، وفي رحمة الله وفضله ، ينعم فيها بما لا عين رأت ، ولا أذن سمعتْ ، ولا خطَر على قلب بشر .
بلى إن الله تعالى يُدخل المسلم الجنة على عمله الخالص ولو كان قليلاً ، بل إنه يدخله الجنة على نيّتة الخالصة الصادقة ، ولمّا يعملْ بها .
وكانت نيّة هذا المسلم صادقة خالصة لوجه الله الكريم ، وكان عملُه يدل على ذلك . وهل أفضل من أن يكون المسلم في خدمة إخوانه يهتم بأمنهم وسلامتهم؟!
لقد مرّ بغصن شجرة على ظهر طريق ، أشواكُه تؤذي المسلمين ، يمر أحدهم دون أن ينتبه ، فيخمشه الغصن ، أو تلسعه أشواكُه ، أو تمزّق ثيابه ، أو ينتبه له ، فيتنحّى إلى زاوية ضيقة ، ولعلّ وراء الغصن حشرة سامّةٌ ، أو فوقه تغتنم دُنُوّه منها ، فتلسعه .
فكّر في كل هذا ، فعمد إلى الغصن ، فقطعه ، وحمله بعيداً عن الطريق ِ طريق ِ المسلمين . فاستحق بذلك رحمة الله تعالى ، ورضوانه وجنّةَ الخلد ونعيمها .
رواه مسلم

رياض الصالحين / باب في بيان كثرة طرق الخير
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 15-03-2008, 04:08 PM   #14
معلومات العضو
@ كريمة @
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي

- إنه شفيعُنا: صلى الله عليه وسلم –
دكتور عثمان قدري مكانسي

قال التلميذ لأستاذه : ما يفعل الله بالناس يوم الحشر؟
قال الأستاذ :
يجمع الله تعالى الناس ومعهم الجن والحيوان والطير ، وتحيط بهم الملائكة ، وتقترب الشمس منهم قدْر ميل .
قال التلميذ : وهل يتحملون ذلك الحرّ يا أستاذ ؟!
قال الأستاذ :
الناس هنالك على قدر إيمانهم وأعمالهم . فمنهم من يصل عَرَقـُه إلى كعبيه ، ومنهم إلى ركبتيه ، ومنهم من يصل العرق إلى صرته ، ومنهم إلى أثدائهم ، ويصل العرق ببعضهم إلى فمه ، يكاد يُغرقـُه .
قال التلميذ : أهنالك يحاسبهم الله على أعمالهم ؟
قال الأستاذ :
لا ؛ إن يوم القيامة مواقف ، والحشر انتظار يطول على الكافر والعاصي ، أما المؤمن فإن الله يُظله تحت ظله ، يوم لا ظلّ إلا ظلُه .
قال التلميذ : ماذا يفعل الناس بهذا الموقف ؟
قال الأستاذ :
يشتدّ على الكافرين ما هم عليه ، ويحسبون أنه العذاب الشديد . فيدعون ربّهم أن يخلصهم منه ولو إلى جهنّم .
قال التلميذ : وهل العذاب في جهنّم أقل سوءاً؟! .
قال الأستاذ :
بل أشد بكثير ، إنما طول الموقف وشدّتُه عليهم يدفعهم إلى التعوّذ منه والتخلّص من بلواه ، ولو إلى ما هو أشدّ منه .
قال التلميذ : ما يفعل المؤمنون في ذلك اليوم العصيب؟.
قال الأستاذ :
إنهم أيضاً يرجون الخلاص منه حين يقربهم الله تعالى إلى الجنة فيرونها ويرجونها مشتاقين إليها .
قال التلميذ : فماذا يفعلون إذاً ؟ .
قال الأستاذ : يذهبون إلى أبيهم آدم يستشفعون به عند ربهم ، ليفتح لهم الجنّة .
قال التلميذ : فهل يفعل آدم ذلك ؟
قال الأستاذ :
يقول آدم : أتريدون دخول الجنة بشفاعة أبيكم ، وهو الذي أخرجكم منها حين عصى أمر ربه فأكل من الشجرة ؟! .. لست صاحب التشريف بهذا المقام المنيف ، اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله ، فلعله يشفع لكم عند ربكم .
قال التلميذ : فهل يذهبون إلى إبراهيم ، فيجيبهم ويشفع لهم ؟
قال الأستاذ :
يذهبون إليه حقاً ، ويقولون : يا خليل الله استفتح لنا الجنة ، فيقول : معتذراً لست صاحب تلك الدرجة الرفيعة التي تؤهلني لما تطلبون . .. يقولون : ولكنّك خليل الله ؛ ألم يرفع ربك مقامك حين قال : " واتخذ الله إبراهيم خليلاً " ؟! .. فيقول : بلى : كنت لله خليلاً ، ولكنه سبحانه لم يكلمني ولم أره . إنما كان ذلك عن طريق سفيره جبريل .
يقولون : فماذا نفعل ، وإلى من نذهبُ؟ .. فيقول إبراهيم الخليل : اعمدوا إلى موسى ، فقد كلمه الله تكليماً دون وساطة ، واصطفاه على الناس برسالاته وبكلامه ، فأنا وراءه في المنزلة ، ووراءَ منْ وراءه .
قال التلميذ : وهل يذهبون إلى موسى ، ويسألونه أن يشفع لهم بدخول الجنّة ؟ .
قال الأستاذ : لقد ذهبوا ، وسألوه الشفاعة ، وذكّروه بمكانه من الله تعالى .
قال التلميذ : فبم أجابهم ؟ هل شفع فيهم عند الله تعالى ؟
قال الأستاذ :
أجابهم بما أجابهم به من قبلُ آدمُ وإبراهيمُ : لست بذلك المقام الذي يؤهلني لما طلبتم ، فاذهبوا إلى عيسى بن مريم ، فإن كان الله قد كلّمني فهو كلمته ألقاها إلى مريم ، وروح منه.
قال التلميذ : فما تقصد - يا أستاذ – من قول موسى : إن عيسى كلمة الله وروح منه؟ .
قال الأستاذ :
أما كلمته فقد أوجده دون أب بكلمة " كن " وهذا أمر بديع عجيب . خالف فيه سبحانه سنّتَه ليكون عيسى حجة الله على عباده ، كما جعله يتكلم وليداً .
وأما روحُه فقد جعله ذا روح وحياة دون ماء يجري في رحم أمه ، وأحيا به الموتى فكلموا الناس .
قال التلميذ : فهل يتوسط لهم ، ويسأل الله تعالى أن يفتح لهم الجنّة ، وينقذهم من شدّة الموقف؟
قال الأستاذ : لا ؛ إنما يجيبهم بما قاله لهم آدم وإبراهيم وموسى : لست أهلاً لتلك الدرجة الرفيعة ، إنها ليست لي .
قال التلميذ : فإلى أين يذهبون ؟ وعلى من يُعَوّلون ؟
قال الأستاذ :
وهل هناك غير رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ؟ لقد دلّهم عليه عيسى عليه السلام قائلاً : إنه الشفيع المشفـّع ، صاحب لواء الحمد والمكانة السامية التي لا يرقى إليها أحد . إنه من كلم الله في السموات العلا حين عرج إليها ، ورأى نوره سبحانه ، فأين الأنبياء منه ، وإن عَلَوا ، والمرسلون ، وإن سَمَوا ؟!
قال التلميذ :
فماذا يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يذهبون إليه ، يستشفعون به ، ويستفتحونه ؟ .
قال الأستاذ : يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا لها ، أنا لها .
وينطلق إلى مقدمة العرش ، ويسجد لله سبحانه ، ويفتح الله تعالى عليه بمحامد يحمد بها الله تعالى ، لم يفتح عليه بها من قبل . يقول سبحانه وتعالى : قم ؛ يا محمد ؛ واشفع تُشَفع ، وسل تعطه ، واطلب يُستجب لك .
قال التلميذ : يا أستاذي الكريم ؛ لِمَ لمْ يدلهم الأنبياء عليه ابتداءً ؟.
قال الأستاذ :
أحسنت يا بني ، إنك لبيب أريب ، سألتَ سؤالاً يدل على ذكاء وبُعد نظر ، إن تعليل ذلك من جوانب عِدّة ، منها :
أولاً : أن الموقف عظيم ، وأنهم – وإن كانوا أنبياء ورسلاً عظاماً – فلكل درجته ومقامه الذي يقف عنده لا يتعدّاه .
ثانياً : أن كل واحد منهم حين يقدّم غيره إنما يُظهر فضله وعلوّ مكانته بما اختصّه الله به .
ثالثاً : أن الحكمة في إلهام الناس سؤالَ آدم والبدء به ، ثم الانتقال إلى مَن بعدَه ، واعتذار كل منهم بأنه ليس أهلاً لذلك إظهارُ كمال شرفه صلى الله عليه وسلم على سائر الرسل . إذ لو جاء الناس إليه أوّلاً ، وأجابهم ، وشفع فيهم ، لم يظهر كمال التمييز . إذ كان احتمال أن هذا الأمر له ولغيره من الرسل . فلما تأخر كلٌّ عن ذلك ، وتقدم هو له عُلم أنه السيّد المقدَّم صلى الله عليه وسلم .
رابعاً : ويُحتمل أنهم علموا أن صاحب الشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم ، فتكون إحالة كل واحد منهم على الآخر على سبيل التدريج إليه ، وإظهار فضله .
خامساً : أن الأخير وإن كان أفضل فمن الخير تقديم الأجداد والآباء على الأبناء.
سادساً : لإظهار أهمية الموقف وفضل الشفاعة ، فإن الناس لو نالوها مباشرة لم تظهر أهميتُها وعظيمُ أثرها .
قال التلميذ : إيهِ يا أستاذي الكريم ؛ إني لمتشوق لمعرفة ما يحصل بعد ذلك .
قال الأستاذ : حينئذ يرفع الرسول الكريم رأسه ويسأل الله تعالى أن يجوز الناس الصراط إلى الجنة.
قال التلميذ : وما الصراط يا استاذي ، وما أهمية ذلك ؟
قال الأستاذ :
إنه الجسر الذي ينصب فوق جهنم يقطعه الناس إلى الجنة ، فأما من ثقلت موازينه فقد أفلح ، وأما من خفت موازينه فقد سقط في جهنم ، والعياذ بالله .
قال التلميذ : فكيف يجوزه الناس يا أستاذ ؟
قال الأستاذ : حين يُنصب الصراط تقف الأمانة عن يمينه ؛ والرحم عن يساره – لعظم أمرهما وكبير أثرهما – يُصَوّران شخصين على الصفة التي يريدها الله تعالى ... فمن أدّى الأمانة إلى أهلها ، وكان عفّ اللسان ، طاهر القلب ، نقيّ السريرة ، يؤدي فرائضه ، ويعمل بما أمر الله تعالى ، وينتهي عن نواهيه ، يعين على نوائب الحق ، ويساعد المحتاجين ، ويكف أذاه عن الناس . ومن كان يصل رحمه فبرّ أباه وأمه ، وأحسن إلى إخوته وأهله وعشيرته ، وعفا عمّن ظلمه ، ووصل حبال من قطعه جاز الصراط ، ووصل إلى الجنّة . ومن كان خلاف ذلك هوى في نار جهنم .. نسأل الله العافية .
قال التلميذ : فكيف يمرّ الناس على الصراط؟
قال الأستاذ :
أحسنتَ يا بني في سؤالك هذا ... يمر الناس على الصراط حسب أعمالهم ، فمن كان وليا لله ، مقيماً لشعائر دينه ، مجاهداً في سبيل الله ، باع الدنيا ، واشترى الآخرة جاز الصراط كالبرق – طرفة عين – وهؤلاء هم الصفوة المختارة الذين يمرون دون أن يشعروا أنهم مروا لسرعتهم . فما أكرمهم على الله ؟!.. ثم تأتي الفرقة الثانية ، فيمرون على الصراط سرعةَ الريح ... ثم تأتي الفرقة الثالثة ، فيمرون على الصراط سرعةَ الطير ... ثم تقل المراتب والأعمال ، فيكون المرور على الصراط مناسباً لأعمالهم .
قال التلميذ : وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذاك ؟
قال الأستاذ : إنه عليه الصلاة والسلام قائم على الصراط يدعو الله النجاة لأمته قائلاً : ربِّ سلّمْ سلّمْ ، والأنبياء تقول مثل هذا همساً . لهول الموقف وشدّة وطأته . حتى تعجز أعمال العباد .
قال التلميذ : فماذا بعدُ يا أستاذُ ، أرجو أن توضح أكثر .
قال الأستاذ : لا يبقى سوى العاصين ، وعلى جانبي الصراط كلاليب من حديد معقوفة الرأس ، فمن كان قليل العصيان سار سيراً حثيثاً ، ولربما أصيب بأذىً ، فخدشته الكلاليب ، لكنه ينجو من النار ولهيبها . ومنهم من يكون بطيئاً في سيره ، وبعضهم لكثرة ذنوبه لا يستطيع السير إلا زحفاً والكلاليب تأكل من جسمه وتزعزع أركانه، لكنّ الله ينجيه ، فهي لا تعلق إلا بمن أُمرت به ، فتلقيه في أتون جهنم .
أما الجبابرة والمتغطرسون من أمة الإسلام فتلقي بهم الكلاليب في قعر جهنم والعياذ بالله .. أتدري متى يصل الذي تعلق به الكلاليب فتكردسه إلى قعرها ؟! بعد سبعين سنة من سنواتنا هذه ، نسأل الله العافية .
أما الكفار فيُؤخذون مكبلين إلى جهنم ليخلدوا فيها أبد الآبدين ....
قال الأستاذ والتلميذ :
اللهم إنا نسألك الجنة ، وما قرّب إليها من قول أو عمل ،
ونعوذ بك من النار ، وما قرّب إليها من قول أو عمل .
اللهم ارحمنا ، فإنك بنا راحم ، ولا تعذبنا ، فإنك علينا قادر .

رواه مسلم
رياض الصالحين / باب الأمر بأداء الأمانة
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 15-03-2008, 04:10 PM   #15
معلومات العضو
@ كريمة @
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي

" العبد الصالح جُرَيج "
دكتور عثمان قدري مكانسي

روى هذه القصة أبو هريرة رضي الله عنه إذ سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم . فمن جريج هذا ؟
أنصت الرجال المتحلقون حول حبيبهم المصطفى عليه الصلاة والسلام ، وأرهفوا السمع ، وحبسوا أنفاسهم ، حين بدأ يحدثهم عن جريج العابد هذا ، فقال :
إن جريجاً كان رجلاً راهباً في صومعة له يعبد الله ، ويتبتل إليه ، انقطع عن الدنيا ، وأخلص وقته ونفسه لله تعالى ، وكانت صومعته على صخرة عالية في الجبل ، وتحتها كهف يأوي إليه أحد رعاة البقر ، فيَقيل ، ويُمسي .
جاءت أم جريج مرة وهو يصلي ، فدعته ، وكان عليه أن يجيب دعاءَها ، فقال في نفسه : أيهما أفضل يا ترى ؟ الاستمرارُ في الصلاة وأنت واقف بين يدي الله تعالى أم قطع الصلاة وإجابةُ دعوة الأم؟!! لم يكن يدري ما يفعل ... إلا أنه آثر إتمام الصلاة رغبة في تمام الثواب ... وسوف يفرغ لأمه يبرُّها ... نعم لن يضيع الصلاة ؛.. وإرضاء الوالدة بعد ذلك أمر يسير ، وهو بذلك ينال أجرين ! هكذا فكر جُرَيْج ..
وعادت الأم تنادي : يا جريجُ؛ رُدّ عليّ يا بني ؛ أنا أمك أناديك ، فهلمّ إليّ .. إجابتي خير لك في الدنيا والأخرة ...
لم يكن جريج يدري أن ترك النوافل والمبادرة إلى إجابة والدته أفضل القرُبات عند الله ، فعزم أن يستمر في الصلاة .. ولا شك أن الله يعلم أن جريجاً يحب والدتَه ، ويودّ بـِرّها ، ولكنّه في الصلاة ! - والصلاة وقوف بين يدي الله – وهل أفضل من الوقوف بين يدي الله سبحانه ؟!
إنه ليس عاقـّاً ، وسيجيب والدته حين يفرغ من صلاته ... هكذا اجتهد للمرة الثانية . وحين نادته مرة ثالثة وأخيرة فلم يردّ وآثر الاستمرار في الصلاة ، فأبطا عليها ، بل لم يجبها قالت حزينةً دامعة العينين متأثرة بصدّه -المؤقت لها – وفي سَورة غضبها : لا أماتك الله يا جُرَيجُ حتى تنظر في وجه المومسات .
وجه المومس ليس فيه طهر ولا نقاء ! دنس الزنا يُذهب رُواءَه ، ويُطفئ نورَه ، ويترك عليه مسحة من سواد تنفر منه النفوسُ الصافية والقلوبُ المؤمنة ، وتستعيذ منه الأرواحُ الشفافة والأفئدةُ الطاهرة.... وأين يرى المومساتِ وهو لا يدري بما يجري حوله ؟ ! إنه لا يخرج من صومعته إلا لِماماً .
لم تكن الأمّ تريد أن يُصيبَ ولدَها مكروهٌ ، ولكنْ سبق السيفُ العَذَلَ ، وسبق لسانُها إلى الدعاء . وكأن دعاءها قد وجد أذناً من الله سميعة ... انصرفت الأم بعد أن دعتْ ... ونسيتْ .. ولكنّ الله لا ينسى ، ولم يكن لينسى دعاء الأم ، فلا بد أن يعاقَبَ العاقّ جزاءً وفاقاً ... ولكنْ كيف؟!
تذاكر بنو إسرائيل جُريجاً ، وعجبوا من كثرة عبادته وشدّتها ، وقَصَده الناسُ من كل حَدَب وصوب، فذاع صيتُه ، وتدافعوا إلى صومعته يلتمسون بركتَه ، ويسألونه أن يدعوَ لهم .
وكانت امرأة بغيّ يُتمثّل بحسنها ، قالتْ : إن شئتم لأفتِنَنّه !.
قالوا لها : لا تستطيعين ، إنه لا يلتفت إلى النساء .
قالت متحدّية : ومنذا يقف أمام جمالي وإغرائي ؟!
قالوا : إن كنت واثقة بنفسك فافعلي .
تزينت له ،وحملها الشيطان على جناح الفتنة إلى صومعة جُريج ، وجهدتْ في التعرّض له ، فتمنّع عليها ، وجدّتْ في إغوائه ، فاستعاذ بالله منها ، حاولت بكل فتنتها ومكائدها أن يسقط في مصائدها فارتدّت خائبة ، فلما شربت من كأس اليأس وسقطت في تحديها - فليس كل الناس سواء = نزلت إلى راعي البقر في كهفه أسفل الصومعة ، فمكّنته منها . .. أسلمت راعي البقر نفسها وهو الذي لايأبه له أحد ، ولا يملأ عينَ من يراه ، وهي الجميلة الفاتنة التي يخطب الكبراء ودّها ويركعون تحت قدميها ، ويبذلون أموالهم كي ترضى عنهم فيظفروا بها ! إن تمنّع الراهب أحبطها وجرح كبرياءها ، فارتمت عند أول لاقط لها حنقاً من الراهب وشعوراً أن هناك من يريدها ، ويسارع إليها ..
إن المومس حين زنا بها الراعي حملت منه ، ثم ولدت صبياً يجهل الناس أباه ، فمن أبوه يا ترى ؟ لم تذكر المرأة اسم الراعي ، فهو أبو ابنها الذي تحبه وأباه ، ولا ترضى العقاب للراعي الذي ارتبطت به ، فأثمر هذا الارتباط الخاطئ ولداً . إنها تريد إبعاد التهمة عنه لتوقع بمن مرّغ كبرياءها ، ولم يلتفت إلى إغرائها وفتنة جمالها . .. ووجدت الفرصة سانحة ، فقالت أمام الملك : إنه جُريج ؛ ذلك الذي يلبس مسوح الرهبان ، ويتستر وراء سياج العفاف ! !..
وأبلس القوم ... جريجٌ يفعل هذا ؟! أمن المعقول أن يكون ظاهره غير باطنه؟! وهل يمكن لهذا الرجل الصالح أن يقع في الزنا ؟! ... ويتهامس القوم غير مصدّقين .
قال الملك مستغرباً : أصاحبُ الصومعة؟!
قالت : نعم ؛ ألم يرني أحدكم تلك الأيام أختلف إلى صومعته؟
لا شك أن بعضهم رآها تقصد الصومعة في أوقات مختلفة .. لا بل تقصد مما تحت الصومعة إلى الراعي ... وأنّى لهم أن يعرفوا الحقيقة ؟
ثار الناس وتصايحوا .. وغضب الملك ، وازداد غضبه .. لماذا ؟ لأنه فوجئ بمن يزني وهو متزيّ بزيّ الصالحين . ..
وفي سورة غضبه أمر أتباعه بهدم الصومعة ، وجر جريج مهيناً إلى مجلس الملك . ففعلوا ، وربطوا يديه بحبل إلى عنقه كما يُفعل بالمجرمين ، وضربوه وأهانوه ...
ومرّ في طريقه على المومسات ، فرآهنّ يبتسمن وهنّ ينظرن إليه في الناس . وصدقتْ دعوةُ أمه فيه ، فقد رآهنّ يشمتن به ، ويهزأن منه ، وكأنّهنّ يقلن في أنفسهنّ : تدّعي الصلاح جهراً ، وترتكب الموبقات سرّاً ؟ فنحن إذن أطهر منك ،،،، سرُّنا كعلانيتنا .
قال جريج متمتماً : حسبي الله ، ونعم الوكيل ... اللهم أنقذني مما أنا فيه ، وأعنّي على برّ أمي .
قال الملك : أعرفتَ ما تزعم هذه المرأة ؟
قال : وما تزعم ؟
قال الملك : تزعم أن ولدها منك .
قال جريج : أنتِ تزعمين ذلك ؟!
قالت : نعم ؛ .. يا ويلها إنها تكذب ، وتصر على الكذب ، وتودّ في سبيل الراعي ونفث حقدها أن ترمي به في المهالك .
قال جريج : أين الصغير ؟
قالوا : هو ذا في حُجرها .
قال : دعوني حتى أصلّي ، فما أقرب الإنسان إلى الله وهو ساجديسترحمُه ، ويستنقذُه ، ويسكب العبرات في حضرته ، ويبتهل إليه سبحانه ، فهو كاشف الضر ، ومنجي الصالحين .
إن الله تعالى بعد أن أخذ بحق أمه وأجاب دعاءَها لم ينسَ عبادةَ جريج ولا صلاحه . وهو سبحانه يعلم مقدار حب جريج أمَّه .. وأنه اجتهد ، فاخطأ . ولعلّ في هذا درساً وعبرة أيما عِبرة . فشاء – سبحانه – إنقاذ جريج ورفع منزلته ، فليس الظلم من صفاته سبحانه جلّ وعلا .
أقبل جريج بعد أن فرغ من صلاته حتى وقف على الطفل ، وطعنه بإصبعه في بطنه ، وسأله على مسمع من الملك وأركان ملكه واثقاً من نصر الله له ورحمته به : من أبوك ؟
وهنا كانت المفاجأة التي وجفت لها القلوب ، وتسمرت لها الأقدام ... لقد أنطق الله الطفل ابن الأيام ، فقال : إنه الراعي ... راعي البقر الذي استغل المكان الطاهر في آثامه ونزَواته ، وخلا بأمه ، فكان الطفل ثمرة الزنا .
وانقلب الأسير حراً ، والمهينُ عزيزاً .
أسف الملك لسوء ظنه بالراهب الطاهر ، وندم على إهانته إياه ، ورغب معبراً عن ندمه هذا أن يعيد بناء الصومعة من ذهب .... صومعة من ذهب؟! .. إن بريق الذهب يُذهب بريق القلوب .
قال : لالا ، لا أريدها من ذهب .
قال الملك : من فضة إذاً .
قال : لالا ، إن لمعان الفضة يحجب الحقيقة عن القلوب .
قال الملك : ممَّ نجعلها إذاً ؟ .
قال جُريج : ردّوها كما كانت ، فهذا أدعى إلى السكينة والصفاء .
إن بهرجة الدنيا تشغَل القلوب ، وتُثقل الأرواح ، وتقيّد النفوس .
ثمّ تبسّم جُريج ... وعجب الحاضرون إذْ تبسّم . لا بدّ أن أمراً ما استدعى الابتسام ...
نعم ، لقد أدرك جُريْج أن الذي أدّى إلى هذا الموقف العصيب الذي كاد يعصف به لولا أن تداركته رحمة ربه دعوةُ الأمّ أن يرى وجوه المومسات .... ولم يكن بدّ ٌ أن يراها .
فدعوة الأم أحقّ أن تُجاب .

متفق عليه
رياض الصالحين ، باب فضل ضعفة المسلمين ، والفقراء الخاملين .
الأدب المفرد للبخاري ص20 الحديث 32
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 15-03-2008, 04:10 PM   #16
معلومات العضو
@ كريمة @
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي

السرابُ الخادع
دكتور عثمان قدري مكانسي

حملت الأم رضيعها ، ودلفت من الباب مسرعة إلى دار والدها ، ففي مثل هذه الساعة من يوم الأربعاء كل أسبوع يلتقي الإخوةُ هناك سويعاتٍ يُعيدون ما انقطع من ذكرياتهم قبل أن يتزوجوا ، ويُضفون على والدَيهم السرور والسعادة حين يجتمعون إليهما ، وهم حريصون على برّهما والإحسان إليهما .
بكى رضيعها بكاء مرّاً ، فهدهدَتـْه وهي مسرعةٌ ، فلم يتوقف عن البكاء ، ناغته ، فارتفع صوتـُه . قالت : فلعلّه جائع ...
انزوتْ ركناً من الطريق ، وجلستْ على حجر رأتْه هناك ، وألقمتْه ثديَها . لقد كان جائعاً وطمآن حقاً ، فلقد سكت ، وانشغل بالرضاع .... نظرت إليه نِظرة الحنان والحب . وهل هناك أشدّ رأفة من الأم على وليدها ؟.... ودعت الله أن يجعله رجلاً صالحاً مهيباً ، يملأ العين ..
قبّلتْه ومسحت على رأسه ، ثم أقبلتْ على الطريق ترصد المارين ، وتسلي نفسها إلى أن يشبع ولدها .
وفجأة رأت فرساً فارهة ، أقبلتْ تخُبّ بصوت رتيب موسيقيّ ، جسمها متين ، كأنه قطعة من حديد ، ضخمة كأنه جدار عال ، يمتطيها رجل بدَتْ عليه أماراتُ الصحة والعافية ، وسيم الطلعة ، نضر الوجه ، يلبس ثياباً جديدة تزيده بهاءً وجمالاً .
قالت وهي تنظر إليه ، وقد بهرها ما رأتْ : اللهم اجعل ابني مثل هذا .
يا للعجب ؛ لقد ترك الرضيع ثديَ أمه ، وكأنه فهم ما قالت، ونظر إلى الرجل يتفحّصُه ، ويُدير فيه عينيه ، ثم نطق قائلاً : اللهم ، لا تجعلني مثله ... ثم أقبل على ثدي أمّه ، فجعل يرضع .
تعجّبت الأم حين سمعت ابنها يتكلم ، إنه لم ينطق بغير هذه الكلمات . ثم داخَلها الشكُّ : أحقاً ما سمعته أم إنها حالمة ؟! وهل ينطق ابن أشهر بكلمات الكبار ، ويفصح عمّا يريد ؟ ...إنه لأمر عجاب !.
وعادَتْ تنظر إلى الناس ، وقد نسيت أو تناست ما سمعت . فرأت رجالاً يضربون فتاة ، ويقولون : زنَيْتِ ، سرقـْتِ . والناس مجتمعون حولها ، لا يرأفون بها .. ومن يرأف بفتاة زانية سارقة؟... وكانت الفتاة حزينة ، باكية ، كاسفة البال ، تشكو إلى الله ظلم العباد ، وتقول : حسبي الله ، ونعم الوكيل .
قالت الأم وهي تنظر متقزّزة ؛ تستنكر أن تزني المرأة الحرّة وتسرق : اللهم لا تجعل ابني مثلها .- وهذا الدعاء من أم تود الخير لولدها فطْريٌ في كل امرأة ... يا سبحان الله ؛ إن الطفل يترك الرضاع ، وينظر إلى الفتاة يتفحّصها ... ثم يقول : اللهم اجعلني مثلها .... ثم يعود إلى التقام ثدي أمه .
أما الأم الآن فقد تيقـّنَتْ أن ابنها الصغير يتكلم ، وأنه هو الذي دعا الله أن لا يكون مثل ذلك الرجل صاحب الفرس . فسألتْه : يا بنيّ لِمَ رفضْتـَه ، ورضيت أن تكون كهذه الفتاة ؟ !.
وهنا علّل الرضيع بأوضح كلام ، وأفصح بيان :
يا أماه ؛ أما الرجل فهو جبّار متكبر ، يرى الناس دونه ، ومن كان هكذا فالنار مأواه . فهل تريدين أن أكون مثله ، وانتهي إلى ما سينتهي إليه ؟!!
وأما الفتاة فطاهرة اليد عفـّة النفس ، ليست بزانية ولا سارقة ، اتهمها الناس بذاك زوراً وبهتاناً ، فهي تنفي عن نفسها ما يَشينُها ، وهل تفعل الحرّة المؤمنة ما يُسيء إليها ؟!!
لا ينبغي – يا أماه – لذي العين البصيرة والعقل الواعي أن يُؤخذ بالمظاهر الكاذبة ، وأن يخضع للادّعاءات الضالّة ، إنما عليه أن يتحرّى الصدق كي يكون على هدىً مستقيم .

متفق عليه
رياض الصالحين ، باب ضعفة المسلمين والفقراء الخاملين

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 15-03-2008, 04:11 PM   #17
معلومات العضو
@ كريمة @
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي

رب رحيم
دكتور عثمان قدري مكانسي

بعض الناس يعيشون دون وازع من دين يردعهم عن الوقوع في المعاصي ، هؤلاء عشعش الشيطان في قلوبهم ، وباض وفرّخ ، فلا يستطيعون الخروج من مستنقع الفساد ، ولا يريدون الخروج منه .
فليست قصتنا عن هؤلاء ، فإن انتقل بعضهم إلى معسكر الإيمان فهم قليل .
أما هذه القصة فعن المؤمن الذي يحب الله ويخافه ، ويبذل جهده لإرضائه ، يأتمر بأمره ، وينتهي عن نواهيه ، فإن زلّ وأذنب ، فالتوبة تمحو ذنبه ، وتغسله من درنه ، فيلحق بركب الصالحين .
فقد ذكر الرسول الكريم محمد صلوات الله عليه وسلامه أن رجلاً مؤمناً وقع في إثم ، فأحس بالضيق ، وندم على ما فعل ، وأسف على ما فرّط في جنب الله ، فماذا يفعل؟
إن المسلم حين يكبو به فرس إيمانه ، فيقع في حفرة لم ينتبه إليها ندّت عن درب الإيمان سرعان ما يلملم نفسه ، ويستعين الله ، ويتوب إليه من ذنبه ، سرعان ما يتجه إلى خالقه يذرِف دموع الندم ، ويعاهد الله أن لا يقع مرة أخرى فيما يغضب الله تعالى ، ويسأله الصفح والغفران ، ويرجوه طيّ تلك الخطيئة ، بل التجاوزَ عنها ، بل محوَها من سجلـّه كي يعود نظيفاً ، وأن يبعد عنه وسائل الغواية ، ويهديَه سبيل الرشاد ، يلتجئ إليه وحده ، فهو غفـّار الذنوب ، ستـّار العيوب .
يا رب اغفر ذنبي ، واستر عيبي ، وارحم ضعفي بقوتك ، وتجاوز عن ذنبي بحلمك وعفوك ، أنت ربي تباركت ، وتعاليت .
ويرتفع الدعاء مصحوباً بالندم والاستغفار ، مخترقاً الحجُب إلى عالِم الغيب والشهادة ليقف أمام السيّد المطلق يعلن توبة َصاحبه وإنابتـَه .
ويفرح الله تعالى بتوبة عبده ، ولَفـَرحُه – سبحانه – أشد من فرح الرجل الذي عادت إليه ناقتـُه - في صحراء مترامية الأطراف ، فأيقن بالهلاك – فعادت إليه الحياة .
فقال تبارك وتعالى " أذنب عبدي ذنباً ، فعلم أن له رباً يغفر الذنْب ، ويأخذ بالذنب ، فغفر له "
وعاد الرجل المؤمن ، فضعف أمام مُغرِيات الحياة ، وزلت قدمه في حفرة الخطأ ... سقط وهو يعلم أنه نكث العهد الذي قدّمه أمام توبته .. لم ييئس أمام ضعفه وضغط الماديات والمغريات حوله ، فأحس بالندم الحقيق ، وتمسّك بالعُروة الإيمانيّة الوثقى ثانية ، وبكى ، ولجأ إلى الركن الركين والملاذ الحصين ، يسأله العفو والغفران وستر العيوب والنقصان .
وارتفع الدعاء إلى الطبقات العلا يستمطر الرحَمات ممن بيد النواصي ، يعلن توبة صاحبه وإنابتَه .
فيقول الله تعالى – سبحانه من رب رؤوف رحيم عطوف !- : أذنب عبدي ذنباً ، فعلم أن له رباً يغفر الذنـْب ، ويأخذ بالذنـْب ... فغفر له " .
خُلق الإنسان من عَجَـل ، فكان نقصُه واضحاً . ولا يظهر الخطأ إلا من النقصان . فإذا لاذ الضعيف الناقص بالقوي الكامل ارتفع عن سفساف الأمور ، ودنا من العصمة والثبات ... ولكنّ الضعيف إن فتر عن المتابعة – وهذا دأْبه – عاد إلى الخطأ . فإن وقع فيه نبّهَتْه فطرتُه الإيمانيّة التي فطره الله عليها ، فعاد إلى الصواب يستغفر الله ويرجو عفوَه ، فهو – الإنسان – دائم العودة والإنابة ، ينزع إلى خالقه يحتمي بحِماه ، ويرجو فضله ، فيجيبه الله تعالى بحنوٍّ وعطف وحنان : " أذنب عبدي ذنباً ، فعلم أن له رباً يغفر الذنب ،ويأخذ بالذنب ، أقـْبـَلـُه إن عاد ، وأدعوه إن بَعـُد ، أغفر زلاتِه ، وأجيبُه إن دعاني ، قد غفرتُ لعبدي ، فليفعلْ ما يشاء .

متفق عليه / رياض الصالحين / باب الرجاء
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 15-03-2008, 04:11 PM   #18
معلومات العضو
@ كريمة @
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي

ثواب العمل الصالح -
المشهد الأول :
انتصف النهار ، واشتدّت حرارة الشمس ، كان الهواء ساكناً سكوناً عجيباً غابت فيه النسمة ، فازدادت مشقة الطريق ، كان وحده يمشي ، يتقاطر جبينه عرقاً ، وينبثق من مسام جلده ، فتمتصه ثيابه حتى بدت مبللة تكاد تُعصر...
شعر بالعطش الشديد ، ولكن أين الماء ؟ لم يبق معه منه شيء... حرّك قِربته ، فلم يسمع ارتطام الماء فيها ، وضع فوّهتها على فيه فلم تبِضّ بقطرة ... بدا لعابه يقِل ، وفمه يجف ، وشفتاه تتشققان ...
بحث حوله فهُيّئ له أن رأى ماءً ... فلما قصده لقيه سراباً .. بدأت عيناه تريه كل شيء أمامه أنهاراً سَرعان ما تتبخر حين يُسرع إليها ... سأل الله حُسْن الختام ... وحين كاد يسقط على الأرض رأى على مدىً قصير منه حافة بئر ... يا ألله ؛ أحقاً ما يراه أم هو يتخيّل ؟
شد عزمه ، وبادر بخطاً ثقيلة نحوه ... وصله وأطلّ عليه فرأى صورته . ورمى فيه حجراً فأسمعه صوت ارتطامه بالماء ... نزل وشعر بالبرودة تدغدغ جسمه ... لقد وصل إلى الماء ... ووضع فمه على صفحته ، وعبّ منه كثيراً حتى ارتوى ...
لم يشعر بعد ذلك بشيء ... أمَرّ عليه وقتٌ طويل وهو نائم ؟ إنه لا يدري ... لكنه أحسّ بالعافية تسري في بدنه ، لقد عادت إليه الحياة " وجعلنا من الماء كل شيء حيّ " .. وقبل أن يخرج من البئر شرب كثيراً حتى كاد الماء يخرج من عينيه وأذنيه وأصابع يديه !! لكنه كان قد رمى قربته في الطريق فأضاع فائدة كبيرة .
لم يبتعد عن البئر كثيراً حين رأى كلباً يلهث ، يأكل الثرى من العطش ، إنه قرب الماء ، لكنْ لا يستطيع النزول إلى البئر . .. لقد بلغ العطشُ بالكلب مثل الذي كان بلغ منه ، فأخذته الرأفة ، وهمّ أن يسقيه ، فماذا يفعل ؟! إن الكلب لا يستطيع النزول إلى الماء ، وليس معه قربته أو إداوته ، ليس معه شيء يحمل فيه الماء ليسقي الكلب العطشان . يجب أن يسقيه ، فماذا يفعل ؟
هداه تفكيره بل هداه الله تعالى حين رأى رحمته بالحيوان إلى أن ينزل البئر ، فيخلع حذاءه ويملأه ماءً ويحمله بفمه ، ويصعد، فيسقي الكلب . ... أعاد ذلك مرات ، حتى رأى ذلك الحيوانَ الأعجم ينصرف عنه مبتعداً وينظر إليه نظرات ملؤها الاعتراف بالجميل والفضل والشكر الجزيل ... فقد أنقذه من الموت .
حمد الرجل ربه لنفسه ، وحمِده لهذا الحيوان ، ... ولم يكن الله سبحانه غافلاً عما فعله الرجل ، فأكرمه غاية الإكرام ، ورحمه واسع الرحمة ..
أتدرون كيف رحمه وكافأه؟ لقد أخبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن الله غفر له كل ذنوبه ، وأدخله الجنة دون حساب .
يا ألله ، يا ألله ، يا ألله ؛ أنت الرحمن الرحيم .. اغفر لنا ذنوبنا ، وعافنا واعف عنا . يـــارب .
متفق عليه
رياض الصالحين / باب في بيان كثرة طرق الخير

المشهد الثاني :
إنه مسلم يحب الخير لإخوانه في العقيدة ، ويرجو لهم السلامة ، ويسأل الله من كل قلبه أن يحيا المسلمون في أمن وأمان ، لا يعكر صفوَهم كدرٌ ، ولا يَشوب حياتهم شائبةٌ ، فالمجتمع المسلم حين يكون متحابّاً متآلفاً ولُحمة واحدةً يكون قوياً متماسكاً ...
لقد رآه الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة ، ولمّا يعملْ بعدُ العملَ الذي يؤهلُه أن يكون هناك في رَبَضِها ، وفي رحمة الله وفضله ، ينعم فيها بما لا عين رأت ، ولا أذن سمعتْ ، ولا خطَر على قلب بشر .
بلى إن الله تعالى يُدخل المسلم الجنة على عمله الخالص ولو كان قليلاً ، بل إنه يدخله الجنة على نيّتة الخالصة الصادقة ، ولمّا يعملْ بها .
وكانت نيّة هذا المسلم صادقة خالصة لوجه الله الكريم ، وكان عملُه يدل على ذلك . وهل أفضل من أن يكون المسلم في خدمة إخوانه يهتم بأمنهم وسلامتهم؟!
لقد مرّ بغصن شجرة على ظهر طريق ، أشواكُه تؤذي المسلمين ، يمر أحدهم دون أن ينتبه ، فيخمشه الغصن ، أو تلسعه أشواكُه ، أو تمزّق ثيابه ، أو ينتبه له ، فيتنحّى إلى زاوية ضيقة ، ولعلّ وراء الغصن حشرة سامّةٌ ، أو فوقه تغتنم دُنُوّه منها ، فتلسعه .
فكّر في كل هذا ، فعمد إلى الغصن ، فقطعه ، وحمله بعيداً عن الطريق ِ طريق ِ المسلمين . فاستحق بذلك رحمة الله تعالى ، ورضوانه وجنّةَ الخلد ونعيمها .
رواه مسلم

رياض الصالحين / باب في بيان كثرة طرق الخير
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 15-03-2008, 04:14 PM   #19
معلومات العضو
@ كريمة @
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي

الأسى لا يُنسى
حين ازداد طغيان فرعون وأذاه على بني إسرائيل وبالغ موسى وهارون عليهما السلام في النصح والتذكير لآل فرعون وأظهار المعجزات الباهرات التي تحمل العاقل على تصديقهما والإيمان بدعوتهما ، ثم وجدا القوم مصرين على الجحود والإنكار أخذ موسى يدعو عليهم ، وهارون معه يُؤمّن على دعائه .
ومِن حق من يدعو على الآخرين أن يذكر أولاً سبب الدعاء عليهم لئلا يتوهم السامع أن الدعاء دون سبب ولا ذنب ، ولهذا قدّم موسى عليه السلام السبب والجناية التي استحق فرعون وقومه والملأ منهم دعوة نبيّهم بالهلاك " وقال موسى : ربَّنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالاً في الحياة الدنيا ، ربنا ليضلوا عن سبيلك ، ربنا اطمسْ على أموالهم ، واشدُدْ على قلوبهم ، فلا يُؤمنوا حتى يَرَوُا العذاب الأليمَ " فجاءهما الجواب السريع " قد أُجيبتْ دعوتُكما ، فاستقيما ، ولا تتّبعانِّ سبيل الذين لا يعلمون " وهنا ينبهنا الله تعالى أن العبد المستقيم على طاعة ربه مستجاب الدعوة . فلا يفرّطْ في التزام شرع ربه ، ولا يتبعْ طرق الغواية والضلال .
تفتّحت – إذاً- أبواب الدعاء ، فأوحى الله إلى نبيه موسى أن يخرج ببني إسرائيل من مصر ليلاً ، وأن يعبر بهم البحر ، ويذهب بهم إلى أرض فلسطين . فتجهّز موسى وأخوه ومن معهما من المؤمنين وبقية الإسرائيليين دون أن يعلم بهم الأقباط وعيونُ فرعون ، وساروا متجهين إلى البحر الأحمر – بحر القلزم – وأخذوا يجدون السير مخافة أن يدركهم فرعونُ وجنوده . فلما كان الصباح نظر الأقباط ، فوجدوا ديار بني إسرائيل قد خلت منهم ، فلم يبقَ فيها ساكن ، فأخبروا فرعون ، فجهز جيشاً جرّاراً ، وخرج على عقِبهم ، وصمم على استئصال بني إسرائيل ، فأدركهم في اليوم الثاني مع طلوع الشمس .
وكان بنو إسرائيل قد نظروا خلفهم فارتاعوا إذ رأوا فرعون بجيشه العرمرم يسرع نحوهم ، فأيقنوا بالخطر والهلاك ، وضجّوا بالصياح والعويل ، وقالوا : يا موسى " إنا لمُدرَكون " فأجابهم إجابة الوائق بربه المعتمد عليه " كلاّ ؛ إن معي ربي ، سيهدين "
هنالك أوحى الله تعالى إلى نبيه موسى أن يضرب البحر ، فضربه بعصاه ، فانشقَّ عن طريق يابسة بقدرة الله تعالى ، وارتفع الماء على جانبيه ارتفاع الجبل العظيم ، وكأنهما جداران مبنيان من الزجاج القوي يمنعان الماء من ورائهما ! " فكان كل فرق كالطود العظيم " .
ورأى بنو إسرائيل هذه الآية العظمى فجاوزوه على انني عشر ممراً – فهم اثنا عشر فخذاً . وكان موسى وأخوه عليهما السلام وراء قومهما يشجعانهم على الإسراع في العبور – وهذا دأب القائد الرحيم ، الذي يحافظ على قومه ، ويهتم بأمرهم ، ويسعى لحمايتهم والتأكد من نجاتهم .
كان فرعون قد وصل بجنوده إلى شاطئ البحر فأسرع إلى الممر يتبع بني إسرائيل . وأراد موسى أن يضرب البحر بعصاه ليعود كما كان ماءً يمنع الجيش الزاحف أن يصل إليهم . وأراد الله تعالى أمراً آخر ، أراد سبحانه أن يُغرق فرعون وجنوده ليكونوا عبرة لمن يعتبر . فأوحى الحق سبحانه إلى نبيه موسى أن يترك البحر على حاله " واترك البحر رهواً - أي ساكناً – إنهم جندٌ مُغرقون "
قال تعالى " وجاوزنا ببني إسرائيل البحر ،
فأتبعهم فرعونُ وجنودُه بَغياً وعَدْواً ،
حتى إذا أدركه الغرقُ قال :
(آمنت أنّه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ،
وأنا من المسلمين ) " .

قال جبريل عليه السلام مخاطباً رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يا رسول الله ، لو رأيتني حين سمعت فرعون يقول ما قال ، وأنا آخذ من وحل البحر ، فأدُسّه في فمه مخافة أن تدركه رحمة الله !!!
وما فعل جبريل ذلك إلا كُرهاً للطاغية المتجبر ، وحنقاً عليه ، فقد أذاق المؤمنين ويلاتٍ ، وويلات ، قتل ذكورهم ، واستحيا نساءهم ، وسخّرهم لخدمته وخدمة أعوانه ، وعاملهم معاملة العبيد ، فتن المسلمين وحاربهم ، ونشر الكفر والفساد ، واّدعى الألوهيّة ، فخاف جبريل أن يقبل الله إيمانه دون أن ينال عقابه .
وهنا سؤال لا بد من طرحه :
إن فرعون تاب ثلاث مرات في هذا الموقف : إحداها قولُه " أمنتُ "
وثانيها قولُه " لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل "
وثالثها قوله " وأنا من المسلمين "
فما السبب في عدم قبول التوبة والإنابة إلى الله ؟
والجواب : سبق السيف العذل ! فقد جاء إيمانُه وهو يُغَرغِر حين صار في حكم الميت أو كادَ ، فهذه توبة اليائس ، وهذا الإيمان إيمان المضطر المكره على الإيمان ، وفي هذه الحال لا تكون التوبة صادقة ، ولا الإيمان مقبولاً ، لأنه إيمان المُكره اليائس من الحياة الذي عاين عذاب الله . " فلم يك ينفعهم إيمانُهم لما رأوا بأسنا " وهذا كمن صدر عليه الحكم بالإعدام ، لا ينفعه الندم ولا الاعتذار .
كما أن التوبة كانت ليُتوصل بها إلى دفع البليّة الحاضرة ، والمحنة النازلة ، ولم يكن فيها إخلاص ، إنما هي ضرب من النفاق ، ولهذا جاء الجواب بالتوبيخ " آلآن !؟ وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ؟ " وهلاّ تبت قبل هذا ، ورجعت إلى ربك قبل أن يحيط بك الهلاك ، وهلاّ آمنت قبل هذا الزمان .
1- رواه الترمذي في كتاب التفسير /باب من سورة يونس
ج/ 4. ص / 287
2- صحيح سنن الترمذي ج/ 3 ص/61
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 15-03-2008, 04:15 PM   #20
معلومات العضو
@ كريمة @
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي

( النبي الرؤوف)
دكتور عثمان قدري مكانسي

من أعظم النعم على الرجل " المرأة الصالحة" ، تُعينُه على نوائب الحق ، وتخفف عنه متاعب الحياة ، وتجلو عنه أحزانه ، وتهتم براحته ، وتشد أزره .
أما إذا كانت المرأة غير ذلك فهي عبء ثقيل يزداد إلى أعباء الحياة .
هذه السيدة عائشة رضي الله عنها تجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله :
كان وقع معركة أحد شديداً عليك وعلى المسلمين ، قُتل فيها عدد كبير من أصحابك الكرام ، وعلى رأسهم عمك الحمزة رضي الله عنه ، وكُسرت رباعيتُك ، وشُجّ رأسك ، فما الذي أهمك فيها أيضاً ؟
قال صلى الله عليه وسلم : عدم امتثال رماة المسلمين أمري ، فغادروا أماكنهم على الجبل ، فانكشفت ظهور المسلمين ، وانقلب النصر هزيمة ، وانتفخت أوداج أبي سفيان بن حرب – وكان مشركاً- فنادى بأعلى صوته : اعلُ هُبَل، اعلُ هُبل ..... لنا عُزّى ولا عُزّى لكم .
قالت : فماذا كان ردُّك يا رسول الله ؟.
قال : أمرت عمر بن الخطّاب أن يُجيبه على الوتيرة نفسها ، فقال : وماذا أقول له يا رسول الله ؟
قلت له مواسياً جراحَ المسلمين أبُثّ فيهم روح التفاؤل : نادِ بأعلى صوتك : الله أعلى وأجل ... الله مولانا ولا مولى لكم .
قالت عائشة : فهل مرّ بك يا رسول الله يومُ أشدّ من يوم أحُد؟
قال صلى الله عليه وسلم : نعم ؛ إن أشد الآلام يحس بها الإنسانُ حين يكون أهلُه وأحبابُه ، وعشيرتُه وأقرباؤه – الذين ينبغي أن يكونوا سنَدَه ونصيرَه – أعداءً يُؤذونه ، ويؤلبون عليه الناس .
قالت عائشة : أوَ فعلوا ذلك يا رسول الله ؟
قال : نعم ، ولا أنسى ما فعلوه يوم العقبة ، قبل أن ألتقيَ الأنصار رحمهم الله ، وكتبهم في عليين . لقد كنت أدعو الناس ، فهذا يُكذّبني ، وذاك يستمع إليّ ، ثم يُعرض كأنه لم يسمع ، وذاك يُجيبني مشترطاً أن يكون له الأمر من بعدي ... وكنت أتنقل بين جميع المشركين ، ومن ورائي عمي - أبو لهب – وغيره يقولون : لا تسمعوا لهذا الصابئ ، فإنه يُفرّق بين الأب وابنه ، والأخ وأخيه ، وأحياناً كثيرة ينعتونني بالجنون ، وأحايين بالسحر ، ومرة بالكهانة ، وأخرى بالشعر .
قالت عائشة : لك الله يا رسول الله ، كم عانيت في سبيل الله .!
قال : وأشد من هذا فعله إخوة( عبد يا ليل ) وهم من سادة ثقيف حين عرضت نفسي – في الطائف – عليهم ، فقال الأول ساخراً : لئن كان الله قد أرسلك إلينا لأمزقنّ أستار الكعبة .
وقال الثاني مستهزئاً : أما وجد اللهُ من يرسله غيرك ؟!
وقال الثالث مدّعياً العَجَب من إرسال محمد صلى الله عليه وسلم إليهم : والله
لا أكلمك أبداً ، لئن كنت رسولاً – كما تقول – لاأنت أعظم مكانة أن أردّ عليك،
ولئن كنت تكذب على الله فما ينبغي لي أن أكلمك !!
قالت عائشة : فما فعلْتَ يا رسول الله ؟ لعمري ؛ لقد خسروا أنفسهم وأهليهم .
قال : طلبت إليهم أن يكتموا الأمر ، لا يصل إلى قريش ، فيشمتوا بي . فلم يفعلوا ، وأغرَوا بي سفهاءَهم وعبيدهم وصبيانهم . يسبونني ، ويصيحون بي ، ويرجمونني .
قالت : أبَلَغ بهم سَفَهُهُم أن أن يحرّضوا عليك السفهاء والصبيان والعبيد ؟
قال : وأشد من هذا ، فقد ألجأوني إلى بستان لعتبة وشيبة ابني ربيعة ... وهناك دعَوْت ربي قائلاً :
" اللهم إليك أشكو ضعف قوّتي ، وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين ؛ أنت ربّ المستضعفين ، وأنت ربي ، إلى من تَكِلُني ؟! إلى بعيد يتجهّمني أم إلى عدوّ ملّكتَه أمري ؟ إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي ، ولكنّ عافيتك أوسع لي . أعوذ بنور وجهك الذي أشرقَتْ له الظلماتُ ، وصَلُح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تُنزل بي غَضَبَك ، أو تُحِلّ علي سَخَطَك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك .
قالتْ: بأبي أنت وأمي ؛ يارسول الله ، لقد آذوك فتحمّلت ، وأساءوا ، فتجمّلْتَ ، وإلى ربك رغبت ، وما خاب مَن إلى ربه لجأ ، وبكنَفه عاذ ... ثم ماذا يا رسول الله ؟.
قال الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه : هِمتُ على وجهي ممتلئاً همّاً وغمّاً ، فلم أدرِ إلا وأنا قريب من مكة – من قرن الثعالب – فرفعت رأسي ، فإذا أنا بسحابة أظلتني ، فنظرتُ ، فإذا فيها جبريل عليه السلام . فناداني ، وقال : إن الله قد سمع قول قومك لك ، وما ردّوا عليك . وقد بعث لك ملَكَ الجبال لتأمره بما شئت فيهم .
ثم ناداني ملك الجبال ، فسلّم عليّ ، ثم قال : يا محمد : قد بعثني الله لأفعل بقومك ما تشاء ، إن شئتَ أطبقتُ عليهم الأخشبين – جبال مكة - .
قالت عائشة : فلِمَ لم تأمره بذلك يا رسول الله ، فتستريحَ منهم ومن كفرهم وضلالهم ؟.
قال صلى الله عليه وسلم : ويحك يا عائشة ، إنما بعثت رحمة للعالمين ، لا منتقماً . فأي فضل لي إذا عاملتُهم بمثل ما عاملوني به ؟ ... بل أدعو لهم بالهداية ، وأرجو أن يُخرج الله من أصلابهم مَن يعبد اللهَ وحده ، لا يشرك به شيئاً.
وقص عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قصة نبي من أنبياء الله صلوات الله عليهم وسلامه ، ضربه قومُه فأدمَوه ، وهو يمسح عن وجهه الدم ، ويقول : اللهم اغفر لقومي ، فإنهم لا يعلمون .

متفق عليه
رياض الصالحين / باب في العفو والإعراض عن الجاهلين
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 09:59 PM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com