موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

تم غلق التسجيل والمشاركة في منتدى الرقية الشرعية وذلك لاعمال الصيانة والمنتدى حاليا للتصفح فقط

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > الساحات العامة والقصص الواقعية > ساحة الموضوعات المتنوعة

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 28-03-2011, 06:55 AM   #11
معلومات العضو
بلعاوي

افتراضي السنة في لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - ومفهوم السلف الصالح

السنة في لسان النبي - صلى الله عليه وسلم -
ومفهوم السلف الصالح


المستقرئ لكتب السنة النبوية وسائر ما يتعلق بها يجد أن كلمة (السنة) قد وردت كثيراً على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك على ألسنة الصحابة والتابعين، وهي بحقيقتها الطريقة المشروعة المتبعة في الدين، والمنهج النبوي الحنيف، وذلك فيما جاء منه في سياق الاستحسان والثناء والطلب والاقتضاء، والشواهد على هذا كثيرة جداً، منها :
1- عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما أخبروا كأنهم تقالُّوها فقالوا : وأين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقال أحدهم : أما أنا فأنا أصلي الليل أبداً ، وقال آخر : أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر : أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا ، فجاء إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : (أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)(1).
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - استعمل لفظ السنة للدلالة على جملة أحكام الشريعة، فكان المعرض عنها خارجاً عن الإسلام إن كان إعراضه نتيجة لجحوده .
قال القسطلاني – في بيان المراد من السنة هنا: (والسنة مفرد مضاف، يعم على الأرجح فيشمل الشهادتين وسائر أركان الإسلام، فيكون المعرض عن ذلك مرتداً)(2).
وقال ابن حجر: (المراد بالسنة: الطريقة، لا التي تقابل الفرض ... والمراد : من ترك طريقتي وأخذ بطريقة غيري ، فليس مني)(3).
2- عن العرباض بن سارية قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -ذات يوم، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل : يا رسول الله ! كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ فقال: (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشياً، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة ،وكل بدعة ضلالة)(4).
قال ابن علان: (فعليكم بسنتي: أي طريقتي وسيرتي القويمة التي أنا عليها، مما فصلته لكم من الأحكام الاعتقادية والعملية الواجبة والمندوبة وغيرها .
وتخصيص الأصوليين لها بـ: المطلوب طلبا غير جازم : اصطلاح طارئ، قصدوا به التمييز بينها وبين الفرض) (5).
وقال العلامة عبد الغني النابلسي في "الحديقة الندية شرح الطريقة المحمدية": (قوله - صلى الله عليه وسلم - "فعليكم بسنتي .... الحديث": أي الزموا، يقال: عليك زيداً، أي الزمه، وسنته اسم لأقواله، وأفعاله، واعتقاداته، وأخلاقه، وسكوته عند قول الغير، أو فعله.
والخلفاء جمع خليفة، والمراد من الخلفاء: الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي - رضي الله تعالى عنهم -، وأفرد الضمير في قوله: (عضوا عليها) إشارة إلى أن سنة الخلفاء بعده هي سنته أيضاً، لأنهم سنوها من شريعته إرشاداً وهداية للقاصدين إلى طريقته - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وسلم، لا من قبل نفوسهم لتمشية أغراضها(6).
وقال السيد الشريف علي الجرجاني: (قوله: وسنة الخلفاء، أي الخلفاء الأربعة، وليس المراد نفى الخلافة عن غيرهم، لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: (يكون في أمتي اثنا عشر خليفة)(7). وإنما المراد تفخيم أمرهم، وتصويب رأيهم، والسيادة لهم بالتفوق على غيرهم، وإنما ذكر سنتهم في مقابلة سنته لأنه علم أنهم لا يخطئون فيما يستخرجونه من السنة بالاجتهاد، ولأنه علم أن بعض سنته لا يشتهر إلا في زمانهم، فأضاف إليهم دفعا لتوهم من ذهب إلى رد تلك السنة) (8).
وقال المنذري : قوله (عضوا عليها بالنواجذ) أي اجتهدوا على السنة والزموها واحرصوا عليها، كما يلزم العاض على الشيء بنواجذه خوفاً من ذهابه وتفلته ،والنواجذ- بالنون والجيم والذال المعجمة – هي الأنياب،وقيل: الأضراس(9) .
3- عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا بني ، إن قدرت أن تصبح وتمسي ليس في قلبك غش لأحد فافعل، ثم قال لي : يا بني ، وذلك من سنتي ، ومن أحيا سنتي فقد أحبني، ومن أحبني كان معي في الجنة) (10). فقوله (وذلك من سنتي) أي من طريقتي ، ومن أحيا سنتي، أي أظهرها وأشاعها بالقول أو العمل، (فقد أحبني) أي حبا كاملاً، لأن محبة الآثار علامة على محبة مصدرها (ومن أحبني كان معي في الجنة)؛ لأن المرء مع من أحب ، وقال الله تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالْرَّسُوْلَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِيْنَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْنَّبِيِّيْنَ) [ النساء/69] .
4- عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال بن الحارث: (اعلم، قال: ما أعلم يا رسول الله؟ قال: إنه من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي كان له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً... الحديث) (11).
فقوله (من سنتي) قال الأشرف: ظاهر النظم يقتضي أن يقال (من سنني) لكن الرواية بصيغة الإفراد، فيكون المراد بها الجنس، أي طريقة من الطرق المنسوبة إلي: واجبة أو مندوبة أخذت عني بنص أو استنباط كما أفاده إضافة سنة إلى الضمير المقتضية للعموم (12).
5- عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف بن زيد بن ملحة عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (......إن الدين بدأ غريبا ويرجع غريبا فطوبى للغرباء، الذين يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي)(13).
6- عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لكل عمل شرَّة – فترة حرص ونشاط ولكل شِرَّة فترة فتور ، أي ضعف- فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك)(14).


7- عن حذيفة قال: "حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثين، رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر، حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم علموا من القرآن ، ثم علموا من السنة ...."(15).
قال ابن حجر: قوله (ثم علموا من القرآن ثم علموا من السنة): فيه إشارة إلى أنهم كانوا يتعلمون القرآن قبل أن يتعلموا السنن، والمراد بالسنن ما يتلقونه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - واجباً كان أو مندوباً (16).


(1) أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، رقم ( 5063 )، ومسلم، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... رقم ( 1401 ).
(2) إرشاد الساري ( 8/4 ).
(3) فتح الباري ( 9/105 ).
(4) أخرجه أبو داود ، كتاب السنة ، باب في لزوم السنة ، رقم ( 4607 ) ، والترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدعة، رقم ( 2676 ) وقال : حديث حسن صحيح.
(5) دليل الفالحين ( 1/415 ).
(6) نقلا عن تحفة الأخيار بإحياء سنة سيد الأبرار ص51.
(7) أخرجه البخاري بلفظ ( أميرا )، كتاب الأحكام ، باب ( تابع لباب الاستخلاف ) رقم ( 7222).
(8) نقلاً عن تحفة الأخيار ص 49.
(9) الترغيب والترهيب ص 79.
(10) أخرجه الترمذي ، كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدعة، رقم ( 2678)، وقال : هذا حديث حسن غريب.
(11) أخرجه الترمذي، كتاب العلم، باب الأخذ بالسنة واجتناب البدعة، رقم ( 2817) . وقال : هذا حديث حسن، والحديث ضعيف لضعف كثير بن عبد الله، ولكن له شواهد.
(12) شرح مشكاة المصابيح للقاري ( 1/202 ).
(13) أخرجه الترمذي، كتاب الإيمان ، باب ما جاء أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا، رقم ( 2630) وقال : حديث حسن . قلت : بل ضعيف لضعف كثير بن عبد الله ، لكن الحديث قد صح غالبه من وجوه أخرى.
(14) أخرجه ابن حبان في صحيحه – الإحسان – رقم (394) وقال المنذري في الترغيب ( 1/87) : رواه ابن أبي عاصم وابن حبان في صحيحه.
(15) أخرجه البخاري ، كتاب الرقاق ، باب رفع الأمانة ، رقم ( 6497).
(16) فتح الباري ( 13/39).

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 29-03-2011, 06:39 AM   #12
معلومات العضو
بلعاوي

افتراضي السنة في لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - ومفهوم السلف الصالح

السنة في لسان النبي - صلى الله عليه وسلم -
ومفهوم السلف الصالح


8- عن أبي مسعود الأنصاري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
(يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة ....)(1).

قال العلامة شبير العثماني : (إذا كان في القوم رجال متقاربون في العلم والديانة، ومتساهمون في وجوه الأفضلية، بحيث تصير الإمامة مظنة للتجاذب والتنازع، ويحتاج إلى تجشم المرجحات: فيعمل على شاكلة حديث الباب، فيقدم الأقرأ لكتاب الله، والمراد بالقراءة قراءته بفهم معانيه، وأحكامه، كما كان دأب الصحابة وغيرهم من السلف - رضي الله عنهم -، فكان قراؤهم علماءهم ، وهم المرادون بلفظ ( القراء ) في قصة بئر معونة، وغزوة اليمامة، وقراءة الكتاب بمعانيه وأحكامه لا تكاد تحصل إلا بعلم ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -ومعرفة سننه، فإنه - صلى الله عليه وسلم - هو المبين لما أنزل عليه من الكتاب، كما أن علم السنة لا يتم إلا بمعرفة مآخذه من القرآن، فكان علم الكتاب وعلم السنة متساوقين، إلا أن السالكين سبل العلم : منهم من يغلب عليه القرآن ، فيشتغل به اشتغالاً متميزاً كعبد الله بن عباس، وأبي بن كعب من الصحابة - رضي الله عنهم -، ومنهم من يغلب عليه لون الحديث، فيكون أكبر همه اشتغاله واعتناؤه بمعرفة السنن وتحقيق الآثار وفقهها، بحيث يصير الحديث هو فنه ، كأبي هريرة وابن عمر - رضي الله عنهما -، فإذا كان في القوة مثل هذين الرجلين فيقدم من غلب عليه علم الكتاب، فإن تقدم الكتاب على سائر الأدلة يقتضي تقديم المشتغل به على من هو مشتغل بغيره، تنويها بشأن كتاب الله، وترغيبا في تحصيل علومه، فإن الله يرفع به أقواماً ويضع به آخرين، وإن كانوا في علم الكتاب سواء فمن غلب عليه علم السنة، فإن كانوا فيه سواء فأقدمهم هجرة ....)(2).


9- عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس في حجة الوداع فقال:
(إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم، ولكن رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم، فاحذروا، إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا : كتاب الله وسنة نبيه )(3).

10- عن عروة قال : سألت عائشة - رضي الله عنها - فقلت لها : أرأيت قول الله تعالى :
(إِنَّ الصَفَاَ وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ الله فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَفَ بِهِمَا)
[البقرة: 158].
فوالله ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة، قالت:
(بئس ما قلت يا ابن أختي، إن هذه لو كانت كما أولتها عليها كانت لا جناح عليه أن لا يتطوف بهما، ولكنها أنزلت في الأنصار .... وقد سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطواف بينهما فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما)(4).

قال ابن حجر تعليقا على قول عائشة : (سن رسول الله الطواف بين الصفا والمروة):
(تنبيه: قول عائشة: سنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطواف بين الصفا والمروة: أي فرض بالسنة، وليس مرادها نفى فرضيتها -أي نفى فرضية هذه العبادة المشروعة– ويؤيده قولها في صحيح مسلم : ولَعَمْرِي ما أتم الله حج أحدكم ولا عمرته ما لم يطف بينهما)(5) .

11- عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فتيمما صعيداً طيبا، فصليا ثم وجدا الماء في الوقت فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء ولم يعد الآخر، ثم أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يعد:
(أصبت السنة وأجزأتك صلاتك)،
وقال للذي توضأ وأعاد: (لك الأجر مرتين)(6).

قال صاحب المرعاة : (أصبت السنة ، أي الطريقة الشرعية الثابتة بالسنة، يعني وافقت الحكم المشروع، وهذا تصويب لاجتهاده، وتخطئة لاجتهاد الآخر)(7).

12- عن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سن الجزور والبقرة عن سبعة (8).

13- عن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال : ما سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا إلا قد علمته ، غير ثلاث :
1- لا أدري كان يقرأ في الظهر والعصر أم لا ؟ .
2- ولا أدري كيف كان يقرأ – قوله تعالى :
(وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عُتِيًّا)
أَوْ(عُسِيًّا)؟.
3- قال حصين – بن عبد الرحمن الراوي عن ابن عباس -: ونسيت الثالثة(9).

14- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في قصة قتل المشركين للصحابي الجليل خبيب بن عدي الأنصاري صبرا – وفيه قول أبي هريرة : (فكان خبيب هو سن الركعتين لكل امرئ مسلم قتل صبراً) (10).
وفي رواية ثانية (وكان خبيب هو سن لكل مسلم قتل صبراً : الصلاة)(11).
وفي رواية ثالثة (فكان أول من سن الركعتين عند القتل هو)(12).
قال العلامة القسطلاني عند الرواية الأولى: (وإنما صار فعل خبيب سنة، لأنه فعل ذلك في حياة الشارع - صلى الله عليه وسلم - واستحسنه) (13).
وقال عند الرواية الثانية : ( وإنما صار ذلك سنة ، لأنه فعل في حياته - صلى الله عليه وسلم - فاستحسنه وأقره )(14).
وقال أيضاً عند الرواية الثالثة : ( واستشكل قوله : أول من سن ، إذ السنة إنما هي أقوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله وأحواله،وأجيب بأنه فعلهما في حياته - صلى الله عليه وسلم - واستحسنهما )(15).
وواضح من حديث أبي هريرة السابق وقصة قتل خبيب فيه : أن لفظ (السنة) ولفظ (سنَّ) معناه : الفعل المشروع المتبوع في الدين، وعلى هذا فلا يصح لمتفقه أن يستدل على سنية صلاة الركعتين عند القتل، بأن الحديث جاء فيه لفظ (سنَّ) فتكون صلاتهما سنة مستحبة، لأن حكم السنية لصلاة ركعتين هنا استفيد من دليل آخر خارج لفظ (سنَّ) بلا ريب ، وهو إقرار الرسول - صلى الله عليه وسلم -لفعله.
وكذلك يقال في تفسير حديث جابر رضي الله عنه ذي الرقم ( 12).
أما حديث ابن عباس - رضي الله عنه - ذي الرقم (13) فناطق صريح بأن معنى (سنَّ) – أو السنة – فيه: المشروعات على اختلاف أحكامها، من فرض أو واجب أو سنة أو مندوب أو مباح ، بل يدخل في أسلوبه الحصري علم ابن عباس - رضي الله عنه - بالممنوعات أيضاً التي نهى عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على اختلاف أحكامها(16).
وقد أصبح هذا المعنى للسنة واضحاً ومعلوماً لكل من دخل في الإسلام في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه.



(1) أخرجه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب من أحق بالإمامة، رقم ( 673) .
(2) فتح الملهم ( 4/20 ) ط : دار القلم .
(3) أخرجه الحاكم في المستدرك ( 1/93) وقال : صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي .
(4) أخرجه البخاري ، كتاب الحج ، باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله ، رقم ( 1643 ) ،ومسلم ، كتاب الحج، باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به ، رقم ( 3079) .
(5) فتح الباري 3/501.
(6) أخرجه أبو داود ، كتاب الطهارة، باب المتيمم يجد الماء بعد ما يصلي في الوقت، رقم ( 338) .
(7) مرعاة المفاتيح ( 1/350) .
(8) أخرجه أحمد في المسند ( 3/335) بسند حسن .
(9) أخرجه أحمد في المسند ( 1/257) بسند صحيح .
(10) أخرجه البخاري ، كتاب الجهاد والسير ،باب هل يستأسر الرجل " ومن لم يستأسر ،ومن صلى ركعتين عند القتل ، رقم ( 3045)
(11) صحيح البخاري ، كتاب المغازي، باب ( تابع لباب فضل من شهد بدراً) رقم ( 3989) .
(12) صحيح البخاري ، كتاب المغازي ، باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان ...رقم ( 4086) .
(13) إرشاد الساري ( 5/165) .
(14) إرشاد الساري ( 5/261) .
(15) إرشاد الساري ( 6/314) .
(16) السنة النبوية وبيان مدلولها الشرعي ص 17.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 01-04-2011, 11:31 AM   #13
معلومات العضو
بلعاوي

افتراضي السنة في لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - ومفهوم السلف الصالح

السنة في لسان النبي - صلى الله عليه وسلم -
ومفهوم السلف الصالح


ومما يدل على أن السنة قد عرفت في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - باعتبارها قرينة للقرآن وتالية له.
1-
ما رواه مسلم عن أنس بن مالك قال : (جاء ناس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: أن ابعث معنا رجالاً يعلمونا القرآن والسنة، فبعث إليهم سبعين رجلاً من الأنصار، يقال لهم القراء ...)(1).
2-
عن أنس ، أن أهل اليمن قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا : ابعث معنا رجلاً يعلمنا السنة والإسلام، قال : فأخذ بيد أبي عبيدة فقال: (هذا أمين هذه الأمة)(2) .
3-
عن أبي موسى الأشعري قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبنا فبين لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا، فقال: (إذا صليتم فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم فإذا كبر فكبروا ....)(3).
4-
عن معاذ بن جبل لما بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن قال: (كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا في كتاب الله؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو. فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدره، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله)(4).
5-
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: (إنما سنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزكاة في هذه الخمسة : في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب والذرة )(5).
6-
عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: (أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا تغلبونا على ثلاث : أن نأمر بالمعروف ، وننهى عن المنكر، ونعلم الناس السنن)(6).
وقد ظل هذا المعنى للسنة النبوية – أنها الطريقة المتبعة في الدين التالية للقرآن العظيم، الشاملة للأحكام الاعتقادية والعملية، واجبة كانت أو مندوبة أو مباحة – واضحا في أذهان الصحابة ومن بعدهم بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، والشواهد على ذلك كثيرة ، منها :
1-عن قبيصة بن ذؤيب أنه قال: (جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - تسأله ميراثها، فقال : ما لك في كتاب الله تعالى شيء، وما علمت لك في سنة نبي الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً فارجعي حتى أسأل الناس، فسأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاها السدس ...)(7).
2- قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- في حديث فاطمة بنت قيس - رضي الله عنه -: (لا نترك كتاب الله وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت ....)(8).
3-عن شقيق بن سلمة قال : سمعت الصبي بن معبد يقول: (كنت رجلاً نصرانياً فأسلمت، فأهللت بالحج والعمرة ، فسمعني سلمان بن ربيعة، وزيد بن صوحان وأنا أهل بهما جميعا بالقادسية، فقالا: لهذا أضل من بعيره، فكأنما حملا علي جبلاً بكلمتهما، فقدمت على عمر بن الخطاب فذكرت ذلك له، فأقبل عليهما، فلامهما، ثم أقبل عليّ فقال: هديت لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، هديت لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -)(9).
4-وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أيضاً: (سيأتي أناس يجادلونكم بشبهات القرآن ، فخذوهم بالسنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله)(10).
5-وقال عمر بن الخطاب أيضا في كتابه لشريح القاضي: (إن جاءك شيء في كتاب الله فاقض به، ولا يلتفتك عنه الرجال، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله فانظر سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاقض بها، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله ولم يكن فيه سنة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانظر ما اجتمع عليه الناس فخذ به ...)(11).
6-وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: (ما سألتمونا عن شيء من كتاب الله تعالى نعلمه أخبرناكم به، أو سنة من نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرناكم به، ولا طاقة لنا بما أحدثتم )(12).
7-وقال ابن مسعود - رضي الله عنه - أيضاً: (فإذا سئلتم عن شيء فانظروا في كتاب الله، فإن لم تجدوه في كتاب الله ففي سنة رسول الله ، فإن لم تجدوه في سنة رسول الله فما أجمع عليه المسلمون ...)(13).
8-وقال سالم : (كان عبد الله بن عمر يفتي بالذي أنزل الله - عزَّ وجلَّ- من الرخصة بالتمتع وسن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه: فيقول ناس لابن عمر: كيف تخالف أباك؟ وقد نهى عن ذلك، فيقول لهم عبد الله: ويلكم ألا تتقون الله! إن كان عمر نهى عن ذلك فيبتغي فيه الخير، يلتمس به تمام العمرة، فلم تحرمون ذلك ؟وقد أحله الله وعمل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، أفرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق أن تتبعوا سنته أم سنة عمر؟)(14).
9-وعن جابر بن زيد، أن ابن عمر لقيه في الطواف، فقال له : يا أبا الشعثاء، إنك من فقهاء البصرة ، فلا تفت إلا بقرآن ناطق ، أو سنة ماضية ، فإنك إن فعلت غير ذلك هلكت وأهلكت(15).
10-
وعن سالم بن عبد الله بن عمر، أن الحجاج بن يوسف عام نزل بابن الزبير - رضي الله عنهما - سأل عبد الله : كيف تصنع في الموقف يوم عرفة ؟ فقال سالم: إن كنت تريد السنة فَهجِّر بالصلاة يوم عرفة، فقال عبد الله بن عمر : صدق ، إنهم كانوا يجمعون بين الظهر والعصر في السنة، فقلت – القائل ابن شهاب الراوي عن سالم – لسالم : أفعل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقال سالم : وهل تتبعون في ذلك إلا سنته(16).
يقول السيوطي: (فنقل سالم وهو أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة، وأحد الحفاظ من التابعين عن الصحابة أنهم إذا أطلقوا (السنة) لا يريدون بذلك إلا سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -)(17).
11-
وقال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - حين قال له رجل: أرأيت أرأيت، فقال: (اجعل أرأيت باليمن، إنما هي السنن)(17) . أي الدين المأثور عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
12-
وعن عكرمة قال: كان ابن عباس يضع في رجلي الكبل – القيد – ويعلمني القرآن والسنن(19).
13-
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (ما يأتي على الناس من عام إلا أحدثوا فيه بدعة وأماتوا فيه سنة ، حتى تحيا البدع وتموت السنن)(20).
14-
وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: (الهوى عند من خالف السنة حق وإن ضربت فيه عنقه)(21).
15-
وقال أبي بن كعب - رضي الله عنه -: (عليكم بالسبيل والسنة، فإنه ما من عبد على السبيل والسنة وذكر الرحمن ، ففاضت عيناه من خشية الله - عزَّ وجلَّ - فيعذبه)(22).


(1) أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب ثبوت الجنة للشهيد، رقم ( 4917) .
(2) أخرجه مسلم ، كتاب الفضائل ، باب من فضائل أبي عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه -، رقم ( 6253) .
(3) أخرجه مسلم، كتاب الصلاة ، باب التشهد في الصلاة ، رقم ( 904) .
(4) أخرجه أبو داود ، كتاب الأقضية ، باب اجتهاد الرأي في القضاء ، رقم ( 3592) ، والترمذي ، كتاب الأحكام ، باب ما جاء في القاضي كيف يقضي ، رقم ( 1327) ، وأحمد في المسند ( 5/230) ، والدارمي في سننه ، المقدمة ، باب الفتيا وما فيها من الشدة ، رقم (170) والبيهقي في الكبرى، كتاب أدب القضاء، باب ما يقضي به القاضي ويفتي به المفتي 10/114، وصححه ابن القيم في " إعلام الموقعين " ( 1/243-244) ، وقال ابن كثير في تفسيره ( 1/3) ، وهذا الحديث في المسند والسنن بسند جيد، وضعفه البخاري وابن الجوزي وابن حزم وغيرهم .
(5) أخرجه ابن ماجه ، كتاب الزكاة ، باب ما تجب فيه الزكاة من الأموال ، رقم ( 1815) .
(6) أخرجه أحمد في المسند ( 5/165) ، والدارمي ، المقدمة ، باب البلاغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعليم السنن ، رقم ( 549) .
(7) أخرجه أبو داود ، كتاب الفرائض ، باب في الجدة، رقم ( 2894) ، والترمذي، كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الجدة، رقم ( 2100) وقال : هذا حديث حسن صحيح .
(8) أخرجه مسلم ، كتاب الطلاق ، باب المطلقة البائن لا نفقة لها، رقم ( 3710) .
(9) أخرجه ابن ماجه ، كتاب المناسك ، باب من قرن الحج والعمرة ، رقم ( 2970) .
(10) أخرجه الدارمي ، المقدمة ، باب التورع عن الجواب فيما ليس فيه كتاب ولا سنة ، رقم ( 119) .
(11) أخرجه الدرامي، المقدمة ، باب الفتيا وما فيه من الشدة ، رقم ( 167) .
(12) أخرجه الدارمي ، المقدمة ، باب التورع عن الجواب فيما ليس فيه كتاب ولا سنة ، رقم ( 101) .
(13) أخرجه الدارمي ، المقدمة ، باب الفتيا وما فيه من الشدة ، رقم ( 169) .
(14) أخرجه أحمد في مسنده ( 2/95) .
(15) أخرجه الدارمي ، المقدمة ، باب الفتيا وما فيه من الشدة ، رقم ( 164) .
(16) أخرجه البخاري ، كتاب الحج، باب الجمع بين الصلاتين بعرفة ، رقم ( 1662) .
(17) تدريب الراوي 1/189.
(18) الشرح والإبانة ص 126.
(19) خرجه الدارمي، المقدمة، باب البلاغ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتعليم الناس السنن ، رقم ( 559) .
(20) البدع لابن وضاح ص 38.
(21) الشرح والإبانة ص 122.
(22) أخرجه أبو نعيم في الحلية ( 1/352-353 ) واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد ( 1/54رقم 10 ) .


    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 05-04-2011, 01:02 PM   #14
معلومات العضو
بلعاوي

افتراضي السنة في لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - ومفهوم السلف الصالح

السنة في لسان النبي - صلى الله عليه وسلم -
ومفهوم السلف الصالح

وإذا كانت هذه النصوص التي أوردناها تحكي مواقف الصحابة ومفهومهم للسنة، فهذه نصوص أخرى تحكي مواقف من بعدهم ومفهومهم للسنة ، وهي تنحو المنحى نفسه:
1-
قال غضيف بن الحارث - رحمه الله - (ت 65هـ): (لا تظهر بدعة إلا ترك من السنة مثلها)(1).
2-
وقال عبد الله بن الديلمي - رحمه الله – من كبار التابعين: (بلغني أن أول ذهاب الدين ترك السنة، يذهب الدين سنة سنة ، كما يذهب الحبل قوة قوة)(2).
3-
وقال أبو إدريس الخولاني - رحمه الله - (ت 80هـ): (وما أحدثت أمة في دينها بدعة إلا رفع الله عنهم بها سنة)(3).
4-
وقال شريح القاضي - رحمه الله - (ت 80هـ): (إن السنة سبقت قياسكم، فاتبع ولا تبتدع، فإنك لن تضل ما أخذت بالأثر)(4).
5-
وقال أبو العالية - رحمه الله - (ت 90هـ): (تعلموا الإسلام فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم فإنه الإسلام ، ولا تحرفوا الإسلام يمينا ولا شمالا، وعليكم بسنة نبيكم والذي كان عليه أصحابه، وإياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين الناس العداوة والبغضاء)(5).
6-
وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن (ت 94هـ) للحسن البصري (ت 110هـ) - رحمهما الله -: (بلغني أنك تفتي برأيك فلا تفت برأيك إلا أن تكون سنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو كتاب منـزل)(6).
7-
وقال عروة بن الزبير - رحمه الله - (ت 92، 94، 95هـ): (السنن السنن فإن السنن قوام الدين)(7).
8-
وقال عمر بن العزيز - رحمه الله - (101هـ): (السنة إنما سنها من علم ما جاء في خلافها من الزلل)(8).
وقال أيضا: (إنه لا رأي لأحد مع سنة سنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- )(9).
وقال أيضا: (لا عذر لأحد بعد السنة في ضلالة ركبها يحسب أنها هدى)(10).
وقال أيضا: (سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وولاة الأمر بعده سننا الأخذ بها تصديق لكتاب الله - عزَّ وجلَّ -، واستكمال لطاعته، وقوة على دين الله، ليس لأحد تغييرها، ولا تبديلها، ولا النظر في رأي من خالفها، فمن اقتدى بما سنوا اهتدى، ومن استبصر بها أبصر، ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله - عزَّ وجلَّ - ما تولاه وأصلاه جهنم وساءت مصيرا)(11).
9-
وقال ابن سيرين - رحمه الله - (ت 110هـ): (ما أخذ رجل ببدعة فراجع سنة)(12).
10-
وقال مكحول - رحمه الله - (ت 113هـ): (السنة سنتان: سنة الأخذ بها فريضة وتركها كفر ، وسنة الأخذ بها فضيلة وتركها إلى غيرها حرج)(13).
وهذا يشمل أصول الدين وفروعه ، وقد قسمها إلى واجبة ودونها، وما دون الواجب هو المقصود عند بعض الفقهاء حين عرفوا السنة بأنها: (ما ثبت عن النبي - صلى الله وعليه وسلم - من غير افتراض ولا وجوب) (14).
وقال مكحول أيضا: (القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن)(15).
يقصد أن القرآن لا يمكن فهمه وتطبيقه من غير السنة لأنه يعني بالقواعد الكلية والأصول العامة للأحكام، ولذا فقد أحال القرآن الكريم على السنة لتبين الأحكام على وجه الابتداء ، أو التفريع أو النسخ.

11-
وقال حسان بن عطية - رحمه الله - (ت 120هـ): (كان جبريل ينزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن ، ويعلمه إياها كما يعلمه القرآن)(16).
12-
وقال عون بن عبد الله - رحمه الله - (120هـ): (من مات على الإسلام والسنة فله بشير بكل خير)(17).
13-
وقال يحيى بن أبي كثير - رحمه الله - (ت 129هـ): (السنة قاضية على الكتاب وليس الكتاب قاضيا على السنة)(18).
ومعنى قضاء السنة على الكتاب أنها تفسره وتفصل أحكامه، فتخصص عامه وتقيد مطلقه، وتوضح مشكله وهكذا.
14-
وقال الزهري - رحمه الله - (ت 135هـ): (كان من مضى من علمائنا يقول: (الاعتصام بالسنة نجاة)(19).
15-
وقال الأعمش - رحمه الله - (ت 148هـ): (لا أعلم قوما أفضل من قوم يطلبون هذا الحديث ويحيون هذه السنة ، وكم أنتم في الأرض ؟ والله لأنتم أقل من الذهب)(20).
16-
وقال عبد الله بن عون البصري - رحمه الله - (ت 151هـ): (ثلاث أرضاها لنفسي ولإخواني: أن ينظر هذا الرجل المسلم القرآن فيتعلمه ويقرأه ويتدبره وينظر فيه ، والثانية: أن ينظر ذاك الأثر والسنة فيسأل عنه ويتبعه جهده ، والثالثة: أن يدع هؤلاء الناس إلا من خير)(21).
17-
وقال الأوزاعي - رحمه الله - (ت 157هـ): (خمس كان عليها أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: لزوم الجماعة ، واتباع السنة ، وعمارة المسجد، وتلاوة القرآن، وجهاد في سبيل الله...)(22).
18-
وقال سفيان الثوري - رحمه الله - (ت 161هـ): (اتبع السنة ودع البدعة)(23).
19-
وقال الفضيل بن عياض - رحمه الله - (ت 187هـ): (أدركت خيار الناس كلهم أصحاب سنة ينهون عن أصحاب البدع)(24).
20-
وقال أبو الخلال - رحمه الله -: (إنه سيأتي على الناس زمان يقوم الرجل يسأل عن سنة محمد - صلى الله عليه وسلم- فلا يجد أحداً يخبره بها)(25).
والنصوص في هذا المعنى كثيرة ، وظاهر منها جميعا أن السنة في الحديث النبوي وكلام الصحابة والتابعين معناها: الطريقة المشروعة المتبعة في الدين ، لا ما يقابل الفرض أو الواجب، وفي ذلك يقول ابن حجر. (تقرر أن لفظ السنة إذا ورد في الحديث ، لا يراد به التي تقابل الواجب)(26).
ويقول ابن رجب: (والسنة: هي الطريق والسلوك، فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه هو – يعني الرسول - صلى الله عليه وسلم - وخلفاءه الراشدين – من الاعتقادات والأعمال والأقوال ، وهذه هي السنة الكاملة ، ولهذا كان السلف قديما لا يطلقون اسم السنة إلا على ما يشمل ذلك كله، روي معنى ذلك عن الحسن والأوزاعي والفضيل بن عياض)(27).
وقال السيوطي عن الصحابة والتابعين: (إنهم إذا أطلقوا " السنة " لا يريدون بذلك إلا سنة النبي - صلى الله عليه وسلم- )(28).
فهذه نصوص صريحة واضحة على المراد بالسنة إذا وردت في الحديث أو في كلام الصحابة والتابعين.




(1) الشرح والإبانة ص 143.
(2) أخرجه الدارمي ، المقدمة ، باب اتباع السنة ، رقم (97).
(3) البدع لابن وضاح ص 36.
(4) أخرجه الدارمي ، المقدمة ، باب تغير الزمان وما يحدث فيه ، رقم (202).
(5) شرح أصول الاعتقاد (1/62 رقم 17).
(6) أخرجه الدارمي ، المقدمة ، باب الفتيا وما فيه من الشدة ، رقم (163).
(7) أخرجه المروزي في (السنة) رقم (110).
(8) البدع لابن وضاح ص 38.
(9) السنة للمروزي رقم (94).
(10) السنة للمروزي رقم (95).
(11) أخرجه الآجري في الشريعة (1/48، 65، 307) اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد(1/106رقم 135) والخطيب في الفقيه والمتفقه (1/73)
(12) أخرجه الدارمي ، المقدمة ، باب في كراهية أخذ الرأي، رقم (212).
(13) السنة للمروزي ، رقم (105).
(14) إرشاد الفحول ص 31.
(15) السنة للمروزي ، رقم (104).
(16) السنة للمرزوي ، رقم (102).
(17) شرح أصول الاعتقاد (1/67).
(18) السنة للمروزي ، رقم (103).
(19) شرح أصول الاعتقاد (1/106 رقم 137) ، وأخرجه الدارمي ، المقدمة ، باب اتباع السنة ، رقم (96).
(20) أخرجه عياض في الألماع ص 27، المحدث الفاصل ص 177.
(21) السنة للمروزي ، رقم (106) ، شرح أصول الاعتقاد (1/ 68 رقم 36).
(22) شرح أصول الاعتقاد (1/71 رقم 48) ، شرح السنة للبغوي (1/209).
(23) شرح السنة للبغوي (1/217).
(24) الشرح والإبانة لابن بطة ص 153.
(25) السنة للمروزي ، رقم (111).
(26) فتح الباري (10/340).
(27) جامع العلوم والحكم ص230.
(28) تدريب الراوي (1/189).


    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 08-04-2011, 05:59 AM   #15
معلومات العضو
بلعاوي

افتراضي تساؤل والجواب عليه

تساؤل والجواب عليه



قد يتساءل البعض عن هذه الإطالة في إيراد كل تلك النصوص، وعذرنا في ذلك: أن عدم الوقوف عليها ومعرفة مدلولها الصحيح أوقع كثيراً من المثقفين وطلاب العلم في أخطاء منهجية خطيرة، إذا قصروا السنة على مفهوم الفقهاء لها، وهي ما يقابل الفرض أو الواجب، أي ما يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، وهذا اصطلاح متأخر لا ينبغي حمل كلمة (السنة) عليه، لأنه يخص طائفة جل عملها معرفة أحكام الشرع على أفعال المكلفين، ومن ثم تساوق التعريف مع بحثهم.
قال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة: (مما هو معلوم أن لفظ السنة من الألفاظ الاصطلاحية الفقهية الدائرة في كلام الفقهاء وكتب الفقه باستمرار، وهي عندهم بمعنى ما يقابل الواجب أو الفرض، وقد ظهر وانتشر هذا الاصطلاح الفقهي في القرن الثاني وما بعده، بعد عهد التابعين).
ووقع من بعض فقهاء المذاهب خلط بين المعنيين، فأقاموا لفظ (السنة) الوارد في كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو كلام الصحابة والتابعين، دليلاً على (سُنِّية) العمل المرغب فيه بالمعنى الاصطلاحي المتأخر، وذلك خطأ يجب التنبه له، فإن لفظ (السنة) الوارد في الأحاديث النبوية، أو كلام الصحابة والتابعين، يعتمد المعنى الشرعي العام، فيشمل الاعتقادات، والعبادات، والمعاملات، والأخلاق، والآداب، وغيره.
وهذه فيها الفرض والواجب وكل مرغب فيه ومستحب مشروع من الأقوال والأفعال، قال العلامة الشيخ عبد الغني النابلسي – رحمه الله تعالى – في: الحديقة الندية شرح الطريقة المحمدية: (وسنته - صلى الله عليه وسلم - اسم لأقواله، وأفعاله، واعتقاداته، وأخلاقه، وسكوته عند قول الغير أو فعله) انتهى.
ولفظ (السنة) الدائر في كلام الفقهاء، وكتب الفقه يعتمد المعنى الاصطلاحي الخاص، الذي حددوه بما يقابل الواجب أو الفرض، فالفرق بين المعنيين والاستعمالين ظاهر، والاستدلال على (سُنِّية) العمل بكونه ورد في لسان النبوة أو كلام الصحابة والتابعين بلفظ (السنة) خطأ واضح.
....ثم قال: " ولما روى البخاري في صحيحه في كتاب اللباس في (باب قص الشارب) حديث أبي هريرة المرفوع (الفطرة خمس – أو: خمس من الفطرة – الختان والاستحداد، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، وقص الشارب) قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري)(1) شارحا أحكام الختان: (ذهب الشافعي وجمهور أصحابه إلى وجوب الختان – أي للذكور والإناث على السواء – دون باقي الخصال الخمسة المذكورة، وفي وجه للشافعية: لا يجب في حق النساء.
وذهب أكثر العلماء وبعض الشافعية إلى أنه ليس بواجب – أي هو سنة – ومن حجتهم حديث شداد بن أوس رفعه: (الختان سنة للرجال مكرمة للنساء)(2).
وهذا لا حجة فيه؛ لما تقرر أن لفظ (السنة) إذا ورد في الحديث لا يراد به التي تقابل الواجب(3)، لكن لما وقعت التفرقة بين الرجال والنساء في ذلك، دَلَّ على أن المراد افتراق الحكم.وحديث شداد ضعيف.
والتعبير في بعض روايات حديث أبي هريرة: (خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، وقص الشارب) بلفظ: (خمس من السنة) بدل لفظ (الفطرة) يراد بالسنة هنا: الطريقة، لا التي تقابل الواجب، وقد جزم بهذا الشيخ أبو حامد – الغزالي – والماوردي، وغيرهما. وقالوا: هو كالحديث الآخر: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين). انتهى كلام الحافظ ابن حجر.
فقول الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى -: (تقرر أن لفظ "السنة" إذا ورد في الحديث، لا يراد به التي تقابل الواجب) نص صريح، بل قاعدة ناطقة في الموضوع، فينبغي أن يكون طالب العلم على ذكر دائم لهذا، حتى لا يتورط بالاستدلال على سنية الشيء عند الفقهاء بورود لفظ السنة في الحديث، مثل ما تقدم ذكره في شرح حديث (الختان سنة للرجال)...
فلفظ (السنة) في الحديث النبوي، وكلام الصحابة، والتابعين، معناه: الطريقة المشروعة المتبعة في الدين، لا ما يقابل الفرض، أو الواجب، وهو (السنة) بالمعنى الاصطلاحي عند الفقهاء (4).
هذا هو السبب الأول لإيراد كل تلك النصوص، والتي سبق عرضها، وبيان فهم العلماء لها.
والسبب الثاني الذي دفعنا لتلك الإطالة هو كشف زيف المستشرقين وأذنابهم، الذين تغاضوا عن هذه النصوص، بل وبتروها من سياقها لتحقيق أغراض دنيئة من وراء ذلك، وهو الطعن في السنة، وعدم اعتمادها كمصدر إسلامي يعول عليه في أحكام هذا الدين، وسوف نعرض لشبهاتهم حول هذا المصطلح (السنة)، لكن بعد تعريف السنة اصطلاحًا، وشرح التعريف، وتبيان علاقة السنة بالحديث والخبر والأثر، فإلى ذلك بتوفيق الله تعالى.




(1) فتح الباري (10/340).
(2) أخرجه أحمد (5/75) والبيهقي في السنن الكبرى (8/325)، وهو ضعيف: انظر: نيل الأوطار (1/183-184).
(3) وقال الشوكاني في النيل (1/184): (ومع كون الحديث لا يصلح للاحتجاج، لا حجة فيه على المطلوب، لأن لفظ (السنة) في لسان الشارع أعم من (السنة) في اصطلاح الأصوليين).أقول: لعله يعني الفقهاء لأنهم هم الذين يبحثون عن أحكام الشرع على أفعال المكلفين.
(4) السنة النبوية وبيان مدلولها الشرعي ص 9، 10، 18، 19.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 09-04-2011, 05:13 AM   #16
معلومات العضو
بلعاوي

افتراضي السنة اصطلاحاً


السنة إصطلاحاً


يختلف تعريف السنة في الاصطلاح تبعاً لاختلاف أغراض العلماء من بحوثهم، حسب تخصصاتهم المختلفة، وفيما يلي تعريفهاعند المحدثين، والأصوليين، والفقهاء.

السنة في اصطلاح المحدثين:
للمحدثين تعريفات متعددة للسنة، من هذه التعريفات:
1- هي أقواله - صلى الله عليه وسلم- وأفعاله، وتقريراته، وصفاته الخَلْقِيَّةِ والخُلُقِيَّةِ، وسائر أخباره سواء كان ذلك قبل البعثة أم بعدها.
هذا هو المشهور عند جمهور المحدثين، وكأن السنة عندهم خاصة بالحديث المرفوع فقط، أما الموقوف والمقطوع فلا.
ولعل سند هؤلاء فيما ذهبوا إليه هو: تسمية النبي - صلى الله عليه وسلم- لكل ما جاء به في مقابلة القرآن بالسنة، مثل قوله في خطبته في حجة الوداع: (يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً: كتاب الله وسنتي)(1).
وعلى هذا القول يحمل تسمية كثير من المحدثين لكتبهم في الحديث باسم السنن مثل:سنن أبي عيسى الترمذي المتوفى سنة 279هـ، وسنن الإمام أبي داود السجستاني المتوفى سنة 275هـ، وسنن النسائي المتوفى سنة 303هـ، وسنن ابن ماجه القز ويني المتوفى سنة 273هـ، أو سنة 275هـ.

2-وقيل: هي – أي السنة – أقواله - صلى الله عليه وسلم- وأفعاله، وتقريراته، وصفاته الخَلقية والخُلقية، وسائر أخباره سواء كان ذلك قبل البعثة أم بعدها،وكذلك أقوال الصحابة وأفعالهم.
وممن ذهب إلى هذا القول الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت - رضي الله عنه- المتوفى سنة 150هـ، فقد ورد عنه أنه قال:" ما جاءنا عن الصحابة اتبعناهم، وما جاءنا عن التابعين زاحمناهم ".
وقال: " إذا لم أجد في كتاب الله ولا سنة رسوله أخذت بقول أصحابه مَنْ شئت، وأدع قول من شئت، ثم لا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم "(2).
وكأن السنة عند أبي حنيفة مخصوصة بالمرفوع والموقوف فقط، أما ما عداهما من المقطوع فلا، ولعل سنده فيما ذهب إليه قول - صلى الله عليه وسلم-: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ)(3).

3- وقيل: هي – أي السنة – أقواله - صلى الله عليه وسلم-، وأفعاله، وتقريراته، وصفاته الخلقية والخلقية، وسائر أخباره، سواء كان ذلك قبل البعثة أم بعدها، وكذلك أقوال الصحابة والتابعين وأفعالهم.
وممن ذهب إلى هذا القول الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين المعروف البيهقي المتوفى سنة 458هـ، حيث أسمى كتابه – الذي جمع فيه ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم- وفتاوى الصحابة والتابعين وأفعالهم – بالسنن الكبرى، وكأن السنة عنده تشمل: المرفوع، والموقوف، والمقطوع.
ولعله استند فيما ذهب إليه إلى: أن الصحابة خالطوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وشاهدوا الوحي والتنـزيل، وكذلك خالط التابعون الصحابة وجالسوهم، وسمعوا منهم، فكان قولهم وفعلهم أولى بالقبول من غيرهم، وأصبح داخلاً في مفهوم السنة.




(1) الحديث أخرجه مالك في الموطأ بلاغاً، كتاب القدر، ص: 561، ط: الشعب، قال الزرقاني في شرحه للموطأ ( 4/246): " إن بلاغه صحيح كما قال ابن عيينة " وقد أسنده ابن عبد البر في التمهيد من حديث أبي هريرة وحديث عمرو بن عوف،وقال: " هذا حديث مشهور عن النبي - صلى الله عليه وسلم- عند أهل العلم شهرة يكاد يستغنى بها عن الإسناد "، ينظر: ( فتح المالك بترتيب التمهيد لابن عبد البر على موطأ مالك (9/282-283)، وأخرجه الحاكم في المستدرك ( رقم 931 )، وصححه، ووافقه الذهبي ".
(2) أصول السر خسي ( 1/313).
(3) الحديث أخرجه الترمذي في السنن،كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع رقم ( 2676 )، وقال: حديث حسن صحيح، وأبو داود في السنن، كتاب السنة، باب لزوم السنة، رقم ( 4607 )، وابنماجه في السنن، المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين رقم ( 42، 43 )، والإمام أحمد في المسند ( 4/126، 127) كلهم من حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه-.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 15-04-2011, 06:53 AM   #17
معلومات العضو
بلعاوي

افتراضي


- الراجح:

الراجح من هذه التعريفات هو التعريف الثاني، والذي يدرج أقوال الصحابة وأفعالهم في السنة، لكن مع الأخذ في الاعتبار أن السنة إذا أُطْلِقَتْ وعُرّفت تنصرف إلى سنته - صلى الله عليه وسلم-، أما إطلاقها على ما جاء عن الصحابة فإنما يأتي مقيدا، فيقال (سنة الخلفاء الراشدين) أو (السنة الراشدة) وسبب هذا الترجيح ما يأتي:

1-أن الله - عزَّ وجلَّ- زكى الصحابة والتابعين في كتابه الكريم، فقال تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)(1).
يقول الشاطبي: " سنة الصحابة - رضي الله عنهم- سنة يعمل عليها، ويرجع إليها، ومن الدليل على ذلك: ثناء الله عليهم من غير مثنوية(2)، ومدحهم بالعدالة وما يرجع إليها، كقوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)(3).
وقوله: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)(4).


2-أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حَضَّ على الأخذ عنهم، فقال: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ....)(5).
وقال أيضاً:
(إن بني إسرائيل تفرقت على اثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين، كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي).

وقد أدرك سلفنا قيمة هذا التوجيه النبوي، فقرروا سنية أقوال الصحابة وأفعالهم:
أخرج ابن عبد البر بسنده عن مالك بن أنس قال، قال عمر بن عبد العزيز: "سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وولاة الأمر من بعده سننا الأخذ بها تصديق بكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، من عمل بها فهو مهتدٍ ومن استنصر بها فهو منصور، ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم وساءت مصيرا"(6).
وروى الدارمي بسنده عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود - رضي الله عنه- أنه قال: " ما أحب أن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم- لم يختلفوا، فإنهم لو اجتمعوا على شيء فتركه رجل ترك السنة، ولو اختلفوا فأخذ رجل بقول أحد أخذ بالسنة "(7).
وأخرج ابن عبد البر بسنده عن صالح بن كيسان قال: "اجتمعت أنا والزهري ونحن نطلب العلم، فقلنا: نكتب السنن: فكتبنا ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ثم قال: نكتب ما جاء عن أصحابه فإنه سنة، وقلت أنا: ليس بسنة فلا نكتبه، وكتب ولم أكتب، فأنجح وضيعت"(8).
وهذا ما حدا بالإمام البيهقي أن يجمع في كتابه "السنن الكبرى" ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم- وما جاء عن الصحابة والتابعين من أقوالهم وأفعالهم، وكأن السنة عنده تشمل: المرفوع، والموقوف، والمقطوع.

3-ما كونوا عليه من الفقه في الدين بحيث صاروا أقدر من غيرهم على الفتوى والاجتهاد، فكأن ما جاء عن هؤلاء من قول، أو فتوى، أو فعل، لا يخرج عن اقتداء بسنة، أو قياس على سنة، لذا كان من الأليق أن يكون داخلاً في مفهوم السنة.
قال الشاطبي: "جمهور العلماء قدموا الصحابة عند ترجيح الأقاويل، فقد جعل طائفة قول أبي بكر وعمر حجة ودليلاً، وبعضهم عد قول الخلفاء الأربعة دليلاً، وبعضهم يعد قول الصحابة على الإطلاق حجة ودليلاً، ولكل قول من هذه الأقوال متعلق من السنة.
وحسبك من ذلك: ما جاء في الأحاديث من إيجاب محبتهم، وذم من أبغضهم، وأن من أحبهم فقد أحب النبي - صلى الله عليه وسلم- ، ومن أبغضهم فقد أبغض النبي - صلى الله عليه وسلم-، وما ذاك من جهة كونهم رأوه، أو جاوروه، أو حاوروه فقط، إذ لا مزية في ذلك، وإنما هو لشدة متابعتهم له، وأخذهم أنفسهم بالعمل على سنته، مع حمايته ونصرته، ومن كان بهذه المثابة حقيق أن يتخذ قدوة، وتجعل سيرته قبلة"(9).



(1) سورة التوبة / 100.
(2) أي من غير استثناء.
(3) سورة آل عمران /110.
(4) سورة البقرة /143.
(5) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب السنة، باب في لزوم السنة، رقم (4607)، والترمذي في سننه، كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، رقم (2676)، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه في سننه، المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، رقم (42، 43).
(6) جامع بيان العلم (2/1176 رقم 2326)، وأخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه (1/435رقم 455).
(7) سنن الدارمي، المقدمة، باب اختلاف الفقهاء (1/151).
(8) جامع بيان العلم (1/333 رقم (442) وإسناده صحيح، وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه (11/258-259).
(9) الموافقات (4/ 456، 462، 463).
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 16-04-2011, 06:26 AM   #18
معلومات العضو
بلعاوي

افتراضي السنة في اصطلاح الأصوليين (1-2)


السنة في اصطلاح الأصوليين (1-2)



عرف الفقهاء السنة بأنها: أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم- غير القرآن، وأفعاله، وتقريراته التي يمكن أن تكون دليلاً لحكم شرعي(1).
كأن ما صدر عنه من الأقوال، والأفعال، والتقريرات، التي تعد من خصائصه - صلى الله عليه وسلم- ليست داخلة في تعريف السنة عند الأصوليين، وكذلك صفاته - صلى الله عليه وسلم- ؛ لأنها لا تفيد حكماً شرعياً يتعبد الناس به.
لذلك نرى الأصوليين غالباً ما يغفلون الكلام عن الأمور التي هي من خصائصه - صلى الله عليه وسلم- ، ومن تكلم منهم عنها فمن باب بيان أنها ليست ملزمة للناس.

السنة في اصطلاح الفقهاء:

1-هي كل ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ولم يكن مفروضاً، ولا واجباً، مثل تثليث الوضوء، ومثل المضمضة، والاستنشاق عند بعضهم،ومثل تقديم اليمنى على اليسرى، ومثل الركعتين قبل فرض الصبح، ونحو ذلك.
2-وقد يطلقها الفقهاء ويعنون بها ما يقابل البدعة، كقولهم فيمن طلق زوجته في غير حيض وفي غير طهر التقيا فيه – هذا طلاق سني- في مقابلة الطلاق البدعي، وهو الذي يحدث في طهر التقيا فيه، أو يحدث في حيض، حيث يأبى الإسلام بنظامه العام أن يشق على المطلقات بإطالة العدة(2).
ومرد هذا الاختلاف في الاصطلاح إلى اختلاف الأغراض التي تعنى بها كل فئة من أهل العلم.
فعلماء الحديث:إنما بحثوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الإمام الهادي الذي أخبر الله عنه أنه أسوة وقدوة لنا، فنقلوا كل ما يتصل به من سيرة وخلق، وشمائل وأخبار، وأقوال، وأفعال، سواء أثبت ذلك حكماً شرعياً أم لا.
وعلماء الأصول: إنما بحثوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- المشرع الذي يضع القواعد للمجتهدين من بعده، ويبين للناس دستور الحياة، فعنوا بأقواله، وأفعاله، وتقريراته، التي تثبت الأحكام وتقررها.
وعلماء الفقه: إنما بحثوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الذي لا تخرج أفعاله عن الدلالة على حكم شرعي، وهم يبحثون عن حكم الشرع على أفعال العباد وجوباً، أو حرمة، أو إباحة، أو غير ذلك(3).
والذي نعنيه بالسنة هنا: هو اصطلاح المحدثين؛ لأنه يشمل تعريف الأصوليين، ويبحث في السنة النبوية من كل جوانبها.

شرح التعريف:
انتهينا فيما سبق إلى أن السنة عند المحدثين: (هي أقوال النبي – صلى الله عليه وسلم – وأفعاله، وتقريراته، وصفاته الخلقية والخلقية، وسائر أخباره، سواءً كان ذلك قبل البعثة أم بعدها). وإليك شرح هذا التعريف.
يقصد بأقواله – صلى الله عليه وسلم -: كل ما تلفظ به في مختلف الظروف والمناسبات، ويسميه العلماء أيضاً بالسنة القولية، ويجمع فيقال: سنن الأقوال، ومثاله:
1- قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)(4).
2- وقوله – صلى الله عليه وسلم –: (إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه، قالت الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة ؟ قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ؟ قالت: بلى يا رب، قال: فهو لك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرءوا إن شئتم: " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)(5).
3- وقوله – صلى الله عليه وسلم-: (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)(6)وغير ذلك.


(1) ينظر: فواتح الرحمات بشرح مسلم الثبوت ( 2/96 )، بهامش المستصفى للغزالي، الأحكام في أصول الأحكام للآمدي ( 1/127 )، التحرير في أصول الفقه لابن الهمام ( 3/19/20 )، إرشاد الفحول الشوكاني، ص: 33.
(2) إرشاد الفحول للشوكاني، ص: 33.
(3) السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، ص: 47-49.
(4) الحديث أخرجه البخاري في الصحيح كتاب بدء الوحي باب كيف كان بدء الوحي (1)، ومسلم في الصحيح، كتاب الإمارة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنية " ( 4890) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(5) الحديث أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب الأدب، باب من وصل وصله الله، رقم: ( 5987 ) ومسلم في الصحيح كتاب البر باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها ( 6518) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(6) الحديث أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب الوصايا، باب الوصايا، ( 2738) ومسلم في الصحيح كتاب الوصية ( 4207).
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 18-04-2011, 05:14 AM   #19
معلومات العضو
بلعاوي

افتراضي السنة في اصطلاح الأصوليين (2)

السنة في اصطلاح الأصوليين (2)

ويقصد بأفعاله - صلى الله عليه وسلم-: سلوكه وتطبيقه العملي لوحي الله تعالى المنزل عليه، ومثاله:

1-ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه- قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: ( سمع الله لمن حمده ) حين يرفع صلبه من الركوع، ثم يقول وهو قائم: ( ربنا ولك الحمد )، ثم يكبر حين يهوي، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يسجد،ثم يكبر حين يرفع رأسه،ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها، ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس)(2).

2-ما رواه أبو جحيفة قال: (خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بالهاجرة فأتى بوضوء، فتوضأ فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه فيتمسحون به، فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم- الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، وبين يديه عنزة)(3).

3-ما رواه ابن عمر - رضي الله عنهما-: (كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول يخب ثلاثة أطواف، ويمشي أربعة، وأنه كان يسعى بطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة)(4)، وغير ذلك.
ويقصد بتقريراته – صلى الله عليه وسلم -: كل ما صدر عن بعض أصحابه من قول، أو فعل، وأقره - صلى الله عليه وسلم- إما بسكوت منه وعدم إنكار، وإما بموافقة وإظهار استحسان.
وقد يسأل سائل: كيف يكون الإقرار من السنة وهي واجبة الاتباع مع أنه ليس من قول النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا من فعله ؟.
والجواب: أن الإقرار صار من السنة الشريفة بموافقة النبي - صلى الله عليه وسلم-، فهو - عليه السلام- لا يقر باطلاً، ولا يسكت على منكر، فما أقره دَلََّ على أنه لا حرج فيه، - وذلك كما قال ابن حزم -: لأن الله – عزَّ وجلَّ– افترض عليه التبليغ، وأخبره أنه يعصمه من الناس، وأوجب عليه أن يبين للناس ما نزل إليهم؛ فمن ادعى أنه - عليه السلام- علم منكراً فلم ينكره فقد كفر؛ لأنه جحد أن يكون - عليه السلام- بلغ كما أمر، ووصفه بغير ما وصفه ربه تعالى، وكذبه في قوله - عليه السلام-: (اللهم هل بلغت؟) فقال الناس: نعم. فقال: (اللهم اشهد). قال ذلك في حجة الوداع(5).

ومن أمثلة الإقرار:
1-إقراره - صلى الله عليه وسلم- لأصحابه على اجتهادهم في شأن صلاة العصر في غزوة بني قريظة:
حين قال لهم: (لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة)(6).
فقد فهم بعضهم من هذا النهي أنه على حقيقته، وأنه تحرم صلاة العصر إلا في بني قريظة، فأخرها إلى هناك حتى خرج وقتها، وفهم البعض الآخر من هذا النهي: أنه ليس على حقيقته، وأن المقصود منه الحث على الإسراع، فصلاها في وقتها، ولما علم النبي - صلى الله عليه وسلم- بما صنع الفريقان لم يعنف واحداً منهما، ولم ينكره عليه، فكان ذلك منه - صلى الله عليه وسلم- إقراراً بصواب صنيعهما، وصار ذلك سنة تقريرية عنه - صلى الله عليه وسلم-.

2-ما رواه عمرو بن العاص – رضي الله عنه – قال: (احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم-، فقال:(يا عمرو! صليت بأصحابك وأنت جنب؟) فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت: إني سمعت الله يقول: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً)، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ولم يقل شيئاً)(7).

3-ما رواه عروة بن الزبير أن عائشة - رضي الله عنها- قالت: (لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يوماً على باب حجرتي، والحبشة يلعبون في المسجد، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- يسترني بردائه أنظر إلى لعبهم)(8).
وقد علق الأستاذ الدكتور/ أديب صالح على ذلك قائلاً: (فهذا إقرار منه لا يجوز لأحد بعده أن يعتبر اللعب في المسجد بالسلاح – تمريناً على الحرب واستعداداً للقتال إن احتيج إلى ذلك – أمراً مخالفاً للسنة)(9).



(1) الحديث أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب الأذان، باب التكبير إذا قام من السجود( 789)، ومسلم في الصحيح، كتاب الصلاة، باب إثبات التكبير في كل خفض ورفع في الصلاة، ( 868).
(2) الحديث أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب الوضوء، باب استعمال فضل وضوء الناس، رقم ( 187).
(3) الحديث أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب الحج، باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته ( 1617)، ومسلم في الصحيح، كتاب الحج، باب استحباب الرمل في الطواف والعمرة وفي الطواف الأول في الحج ( 3048) ومعنى: خب: أي يرمل، والرمل: الهرولة، يسعى: يسرع، بطن المسيل: أي الوادي الذي بين الصفا والمروة، وهو قبل الوصول إلى الميل الأخضر المعلق بركن المسجد إلى أن يحاذي الميلين الأخضرين المتقابلين اللذين أحدهما بفناء المسجد والآخر بدار العباس.
الراوي: أبو جحيفة السوائي (صحابي) المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 187 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
(4) الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1644 خلاصة حكم المحدث: [صحيح] الإحكام في أصول الأحكام 1/146.

(5) الحديث أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب صلاة الخوف، باب صلاة الطالب والمطلوب راكباً وإيماءً ( 4119).
(6) الحديث أخرجه البخاري في الصحيح تعليقاً، كتاب التيمم، باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت 1/95، وأبو داود في السنن، كتاب الطهارة، باب إذا خاف الجنب البرد أيتيمم ؟ ( 334).
(7) الحديث أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب الصلاة، باب أصحاب الحراب في المسجد ( 454)، ومسلم في الصحيح، كتاب العيدين، باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه أيام العيد ( 2064).
(8) لمحات في أصول الحديث، ص: 29، 30.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 19-04-2011, 05:00 AM   #20
معلومات العضو
بلعاوي

افتراضي السنة في اصطلاح الأصوليين (3)

السنة في اصطلاح الأصوليين (3)


ويقصد بصفاته الخُلقية: ما يتعلق بأخلاقه الشريفة - صلى الله عليه وسلم-، ومن أمثلة ذلك:
1- قول السيدة عائشة - رضي الله عنها- حين سُئِلَتْ عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقالت للسائل: (ألست تقرأ القرآن؟ فقال: بلى، قالت: فإن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم- القرآن)(1).
2- ما رواه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه- قال: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم- أشدَّ حياءً من العذراء في خدرها)(2).
3- ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما-: قال: (لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم- فاحشاً ولا متفحشاً، وكان يقول: إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً)(3).
هذه بعض أخلاقه - صلى الله عليه وسلم-، ولقد وصل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلى درجة الكمال البشري فاتصف بكل صفات هذا الكمال البشري، ووجدت فيه كل صفة على أعلى درجاتها، وكمال هيئتها.
وامتدحه ربُّ العزة قائلاً: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) سورة القلم: 4.
ولله در القائل:
يا مصطفى من قبل نشـأة آدم والكون لم تفتح له أغـلاق
أيروم مخلوق ثناءك بعـدمــا أثنى على أخلاقك الخـلاق
ويقصد بسائر أخباره: ما صدر عنه - صلى الله عليه وسلم- في كل أحواله حركة، وسكوناً، ويقظة، ومناماً، سواءً كان ذلك قبل البعثة أم بعدها.
أما حركاته: فهي وسائل تربوية: يقصد من ورائها شد انتباه المتلقي، ولفت نظره إلى أهمية ما يلقى عليه، ومن الأمثلة على ذلك:
1- قوله – صلى الله عليه وسلم – (التقوى ها هنا، وأشار إلى صدره ثلاثاً)(4). فهذه الحركة المتمثلة في الإشارة أفادتنا أن محل التقوى هو القلب.
2- قوله – صلى الله عليه وسلم – (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، قال الراوي: وكان متكئاً فجلس، ثم قال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور ثلاثاً، حتى قلنا: ليته سكت)(5).
فتغيير النبي - صلى الله عليه وسلم- من وضعه وحركته أفاد خطورة ما جاء بعدها، حتى يحذره القوم ويقدرونه قدره.
3- قول عبد الله بن مسعود: خط رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خطا مستقيما، ثم قال: (هذا سبيل الله مستقيماً، وخط عن يمينه وشماله، ثم قال: هذه السبل ليس منها إلا عليه شيطان يدعو إليه)، ثم قرأ: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(6) سورة الأنعام: 153.
4- وعن ابن مسعود أيضاً قال: خطَّ النبي – صلى الله عليه وسلم – خطاً مربعاً، وخطَّ خطاً في الوسط خارجاً منه، وخطَّ خطوطاً صغاراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، وقال: (هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به – أو قد أحاط به -، وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا)(7).
ففي هذين الحديثين استخدم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الرسم كوسيلة إيضاح لإيصال ما يريده إلى ذهن أصحابه، وهذا ما يأخذ به علماء التربية اليوم في التعليم والتلقي، وقد سبقهم إليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – منذ خمسة عشر قرناً من الزمان.


(1) الحديث أخرجه مسلم في الصحيح، كتاب صلاة المسافرين، باب جامع صلاة الليل، وهو جزء من حديث طويل، ( 1739).
(2) الحديث أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب المناقب، باب صفة النبي - صلى الله عليه وسلم- ( 6102)، ومسلم في الصحيح، كتاب الفضائل، باب كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم ( 6032).
(3) المرجع السابق.
(4) الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الآداب والصلة، باب تحريم ظلم المسلم من حديث طويل 2/424.
(5) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الشهادات، باب ما قيل في شهادة الزور،( 2654) ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها ( 259).
(6) الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده 1/465، والحاكم في مستدركه، كتاب التفسير ( 2/318) وقال: صحيح ولم يخرجاه.
(7) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب في الأمل وطوله ( 6417).
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 04:22 PM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com