موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > منبر السيرة النبوية والأسوة المحمدية

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 11-03-2010, 12:27 AM   #21
معلومات العضو
حبيب ابو

New1



الهجرة إلى الحبشة

وأمام التعذيب والاضطهاد وعدم مقدرة المسلمين على حماية أنفسهم أشار عليهم الرسول صلى الله وعليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة قائلا لهم"لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم مخرجاً مما أنتم فيه "فخرج المسلمون إليها مخافة الفتنة وفراراً إلى الله بدينهم فكانت أول هجرة في الإسلام




وكانت الهجرة إلى الحبشة على مرتين المرة الأولى في رجب من السنة الخامسة من البعثة وعادت في شوال من نفس السنة وكان عدد من هاجر من المسلمين 11 رجلا و4 نسوة على رواية وعشر رجال وثلاث نسوة على رواية أخرى خرجوا من مكة متسللين منهم الراكب ومنهم الماشي حتى انتهوا إلى ميناء صغيرا على شاطئ البحر الأحمر هو ميناء الشيبة وهيأ الله للمسلمين سفينتين للتجار أقلعتا وقت وصولهم فحملوهم معهم إلى أرض الحبشة بنصف دينار وجاءت قريش في أثرهم حتى جاءوا البحر فلم يدركوا منهم أحداً

ولم تكن الحبشة غريبة عن أهل مكة فكانوا يتاجرون معها وكان لأسواقها بريق في أعين التجار المكيين فجذبتهم إليها وكسبوا منها الأرباح الطائلة وكان لأهل مكة في نفوس أهل الحبشة تقديس خاص فهم في نظرهم "أهل الله" الذين يتمتعون بالحماية الإلهية، ومازالت في أذهاتهم حادثة الفيل وكيف كان للعناية الإلهية أثرها في هزيمة جيش أبرهة وإنقاذ مكة وبيت الله الحرام من خطر جيش أبرهة فضلا عن أن الأحباش كانون يدينون بالمسيحية وهي ديانة سماوية تقوم على التوحيد لهذه الأسباب وغيرها كان اختيار الرسول صلى الله وعليه وسلم للحبشة لتكون دار هجرة للمسلمين

ولاقى المسلمون معاملة طيبة من الأحباش ولكنهم لم يمكثوا بها أكثر من ثلاثة أشهر عادوا بعدها إلى مكة لما وصل إلى عملهم من امتناع قريش عن تعذيب المسلمين وفتنتهم، ولكنهم وجدوا قريشا قد تمادت في التعذيب والاضطهاد فعاد بعضهم إلى الحبشة ومعهم مسلمون آخرون، فكانت الهجرة الثانية إلى الحبشة

لم يخرج المسلمون في المرة الثانية إلى الحبشة دفعة واحدة بل على دفعات متلاحقة اشتدت إبان حصار قريش ومقاطعتهم للرسول وبني هاشم في شعب أبي طالب واكتمل عدد المسلمين بالحبشة في هذه المرة اثنين وثمانين في معظم الروايات ولكن المدقق في قائمة ابن هشام يجد أن عدد المسلمين في الحبشة كان 78رجلا و 17امرأة و 8من الأبناء فيكون عدد المهاجرين 103في مقدمتهم جعفر بن أبي طالب

والمتصفح لأسماء القبائل التي هاجر منها المسلمون يجد أن الإسلام قد انتشر بين كل قبائل مكة فبني هاشم هاجر منهم رجل وامرأة وبني أميه 3رجال و 3نسوة، وبني أسد بن عبد العزى، رجال وامرأة وبنو هذيل 4 رجال وبنو تميم رجلان وامرأة وبني مخزوم8رجال وامرأة وبني جمح7رجال و3نسوة و5أولاد وبني سهم 14رجلا وبني علي4رجال وامرأة وولد وبني عامر و8رجال و3نسوة وبني الحارث8رجال

وأقام المسلمون في الحبشة على خير ما ينبغي واشتغلوا بالزراعة والتجارة والصناعة وسلكوا في حياتهم ومعاملتهم سلوكا طيبا واحترموا قوانين البلاد وأهلها فأحبهم الأحباش وعاملوهم معاملة كريمة طيبة، كما أكرم النجاشي ملك البلاد مثواهم وأعلن حمايتهم فأعلنوا شعائر دينهم لا يخشون تعذيبا أو اضطهادا

أما قريش فلم تترك المسلمون في الحبشة وشأنهم وغاظها ما وجدوا بها من أمن واستقرار فأرسلوا إلى النجاشي عمرو بن العاص وعبد الله بن ربيعة وحملوا معهما الكثير من الهدايا إلى النجاشي وبطارقته وقالوا للنجاشي : إنه لجأ إلى بلادكم غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك أشراف قومهم لتردهم إليهم فهم أعلى بهم عينا وأعلم بما ع***ا عليه ولكن النجاشي أبي أن يردهم حتى يسمع قولهم فلما سمع منهم عن أمر دينهم ونبيهم طلب منهم أن يقرءوا له بعضا من القرآن فقرأ عليه جعفر بن أبي طالب صدرا من سورة مريم فبكى النجاشي وقال:إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة فو الله لا أسلمهم أبدا

واحتال عمر بن العاص على النجاشي عله يظفر بهم فقال له : إنهم يسبون عيسى بن مريم ويقولون فيه قولا عظيما، فأرسل إليهم فسألهم عن قولهم فيه فأجابه جعفر: إنه عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول، فضرب النجاشي بيده إلى الأرض فأخذ منها عوداً، ثم قال : والله ماعدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود اذهبوا فأنتم آمنون في أرضي من سبكم غرم، ردوا عليهما(عمرو وعبد الله)هذا ياهما فلا حاجة لي بها، وهكذا رجع وفد مكة خائباً من الحبشة وتمتع المسلمون بالأمن والأمان ومارسوا شعائر دينهم في حرية تامة

وظل المسلمون بالحبشة حتى السنة السابعة من الهجرة فأرسل إليهم الرسول من حملهم إليه، فعادوا وقد فتح الله على المسلمين خيبر فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم"والله ما أدري بأيهما أنا أسر، بفتح خيبر أم بقدوم جعفر"ولكن يبدوا أن المسلمين قد بدأوا في العودة منذ الهجرة واستقرار المسلمين بالمدينة لأن من عاد مع جعفر كان16رجلا فقط




    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 11-03-2010, 12:29 AM   #22
معلومات العضو
حبيب ابو

New1

إسلام عمر بن الخطاب

كان لعمر بن الخطاب من الصفات ما يجعله أحد رجلين في الجاهلية عناهما صلى الله عليه و سلم بقوله "اللهم أيد الإسلام بأحب العمرين إليك عمرو بن هشام (*** جهل) أو عمر بن الخطاب، وقد استجاب الله دعوة نبيه فاعتنق عمر بن الخطاب الإسلام


خرج عمر يوما يعترض رسول الله صلى الله عليه و سلم فوجده يقرأ سورة الحاقة فوقف خلفه وأخذ يتعجب من نظم القرآن وظنه شعرا، فتلى رسول الله صلى الله عليه و سلم إنه لقول رسول كريم * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلا مَّا تُؤْمِنُونَ فظنه كاهناً فتلى صلى الله عليه و سلم وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ
يقول عمر"فوقع الإسلام في قلبي"وكان هذا أول اتجاه منه إلى الإسلام

كان المهاجرون إلى الحبشة يخرجون من مكة سراً خوفاً من بطش قريش وكانت أم عبد الله بنت أبي حثمة قد أسلمت هي وزوجها عامر وأرادو الخروج إلى الحبشة، تقول أم عبد الله "والله إنا لنرتحل إلى أرض الحبشة وقد ذهب عامر في بعض حاجتنا إذ أقبل عمر وهو على شركه حتى وقف علي وكنا نلقى منه البلاء أذى وشدة، فقال: أتنطلقون يا أم عبد الله ؟ قلت نعم، والله لنخرجن في أرض الله، فقد آذيتمونا وقهرتمونا حتى يجعل الله لنا فرجا فقال:صحبكم الله ورأيت له رقه وحزنا، فلما عاد عامر أخبرته وقلت له لو رأيت عمر ورقته وحزنه علينا، قال:أطمعت في إسلامه ؟ قلت :نعم : فقال لا يسلم حتى يسلم حمار الخطاب، لما كان يرى من غلظته وشدته على المسلمين

والممعن في موقف عمر، من أم عبد الله يجد أنه قارب الوصول إلى الإسلام، فرقته غير المألوفة وحزنه على هجرة المسلمين، و عدم تعرضه لهم ودعاؤه لهم بالخير، ليس ذلك حال من أكل الحقد قلبه، و أعمى الضلال بصره من أعيان الشرك من أهل مكة

أما السبب المباشر لإسلامه، فهناك روايتان إحداهما يرويها عمر عن إسلامه فيقول: كنت صاحب خمر في الجاهلية أحبها وأشربها وكان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش، فخرجت ليلة أريد جلسائي، فلم أجد منهم أحداً، فقلت لو أني جئت فلاناً الخمار لعلي أجده عنده خمراً فأشرب منها، فجئته فلم أجده فقلت ؟ لو أني جئت الكعبة فطفت بها، فجئت المسجد لأطوف، فإذا رسول الله صلى الله وعليه وسلم قائم يصلي، وكان إذا صلى استقبل الشام وجعل الكعبة بينه وبينها فقلت لو أني استمعت إلى ما يقول محمد هذه الليلة ولئن دنوت منه لأروعنه فدخلت تحت ثياب الكعبة ومشيت حتى أصبحت أمام رسول الله صلى الله وعليه وسلم، وليس بيني وبينه غير ثياب الكعبة، فلما سمعت القرآن رق له قلبي، فبكيت فلم أزل واقفاً في مكاني حتى انتهي رسول الله صلى الله وعليه وسلم من صلاته وانصرف، فتتبعته حتى أدركته فلما سمع رسول الله صلى الله وعليه وسلم حسي عرفني، فظن أني تبعته لأؤذيه، فزجرني وقال: ما جاء بك يا ابن الخطاب في هذه الساعة ؟ قلت لأومن بالله ورسوله وبما جاء من عند الله، فحمد الله وقال:قواك الله يا عمر ومسح صدري ودعا لي بالثبات

أما الرواية الثانية فتذكر أن عمر خرج يوما متوشحاً سيفه يريد محمدا فقابله في الطريق نعيم بن عبد الله، ولما علم بمقصده، قال له: والله لقد غرتك نفسك يا عمر، أترى بني عبد **** تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمدا ومن الأجدر بك أن تقوم أهل بيتك أولا فإن أختك فاطمة وزوجها سعيد ابن زيد قد أسلما، فتوجه عمر من فوره إليهما وكان عندهما خباب بن الأرت يعلمها القرآن، فلما سمعوا صوته أختبأ خباب وخبأت فاطمة الصحيفة التي كانوا يقرأونها فسألها عمر عما سمع عن صبأهما واتباع محمد وبطش بزوج أخته فقامت أخته لتكفه عن زوجها فضربها وشجها حتى سال الدم من رأسها فقالت: نعم أسلمنا وآمنا فاصنع ما بدالك، فلما رأى ما فعله بأخته ندم وطلب منها أن تعطيه الصحيفة التي كانوا يقرأونها لينظر ما الذي جاء محمد وحلف لها بآلهته أنه لا يمسها بسوء فطمعت في إسلامه وقالت له إنك نجس لأنك مشرك و لا يمسها إلا المطهرون فقام فاغتسل فأعطته الصحيفة فلما قرأ منها صدراً، قال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه فلما سمع خباب منه ذلك، خرج من مخبئه، وقال :"والله يا عمر إني أرجو أن يكون قد خصك الله بدعوة نبيه، فإني سمعته أمس يقول، اللهم أيد الإسلام بأبي الحكم بن هشام،أو بعمر بن الخطاب، فالله الله ياعمر"فسأله عن مكان رسول الله صلى الله وعليه وسلم فأخبره بأنه مع أصحابه عند الصفا في دار الأرقم بن أبي الأرقم، فذهب إليهم وطرق الباب فنظر صحابي جليل مع خلل الباب فوجده عمر بن الخطاب متوشحا سيفه، فقال حمزة :إإذن له يا رسول الله ان كان يريد خيرا بذلناه له وان كان يريد شرا قتلناه بسيفه فأخذه الرسول من مجمع ردائه وجذبه جذبة شديدة وقال:ما جاء بك يا بن الخطاب فوالله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة، فقال عمر يا رسول الله جئتك لأومن بالله ورسوله وبما جاء من عند الله فكبر رسول الله وكبر المسلمون معه

وكان إسلام عمر فاتحة خير للإسلام والمسلمين، سأل عمر رسول الله صلى الله عليه و سلم ألسنا على الحق يا رسول الله إن متنا أو حيينا، قال:بلى والذي نفسي بيده إنكم على الحق متم أو حييتم، فقال عمر: ففيم الاختفاء، والذي بعثك بالحق لتخرجن، فخرج رسول الله والمسلمون خلفه في صفين على أحدهما حمزة وعلى الآخر عمر، ولهما كديد-غبار الطريق الذي اثارته اقدامهم عند المشي- كأنه كديد الطحين، فدخلوا المسجد الحرام وقريش تنظر إليهم وتعلوها كآبة، ولا يجرؤ سليط منها ولا حكيم أن يقترب من صفين فيهما هذان وصلى المسلمون حول الكعبة أمام أعين قريش، ومن يومها أصبحوا قوة ظاهرة، وأضحى المجتمع المكي فرقتين، فرقة مسلمة وأخرى مشركة، ولذا لقب الرسول صلى الله عليه و سلم عمر بالفاروق لأن الله فرق به بين عهدين في الرسالة الإسلامية

وكان ظهور المسلمين بمكة وممارسة شعائرهم علانية حول الكعبة غصة في حلق قريش، فقد خشيت على فتيانها أن يستهويهم هذا الدين فينجذبون إليه خاصة وأن شعائره أصبحت تمارس أمامهم، لذا تعمدت قريش إيذاء المسلمين بالكعبة غير مبالية بحرمتها ولم يمنع هذا الإيذاء المسلمين من غشيان المسجد الحرام والصلاة فيه



    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 11-03-2010, 12:30 AM   #23
معلومات العضو
حبيب ابو

New1

صحيفة المقاطعة
وجدت قريش أن المسلمين يزدادون يوما بعد يوم وسياسة التعذيب والاضطهاد لم تثنهم عن عقيدتهم، وأن مهاجري الحبشة يتمتعون بحماية ملكها، وملسمي مكة يجاهرون بصلاتهم منذ أسلم عمر، ورسول الله ممتنع ببني هاشم لذا فكرت قريش في مواجهة شاملة تواجه بها محمداً وأصحابه ومن يناصرهم فاتفقوا على مقاطعة بني هاشم فلا ينكحوا إليهم ولا ينكحوهم ولا يبيعوهم شيئا ولا يبتاعون منهم حتى يسلموا محمد إليهم فيقتلوه، وكتبوا ذلك في صحيفة عرفت بـ"صحيفة المقاطعة" وعلقوها في جوف الكعبة ضمانا لتنفيذها وأخذوا العهود والمواثيق فيما بينهم للالتزام بتنفيذ ما جاء بالصحيفة



وأصر بنو هاشم وبنو عبد المطلب مسلمهم وكافرهم عد أبي لهب على نصرة محمد وحمايته وأمام هذه المقاطعة اضطروا إلى الخروج من مكة والالتجاء إلى شعب أبي طالب في جبل أبي قبيس (أحد الجبال المحيطة بمكة) فحاصرتهم قريش بها وكانوا لا يستطيعون الخروج منها إلا في الأشهر الحرم ونفذت قريش الحصار بكل دقة فرصدت العيون على بني هاشم ولم تترك طعاما ولا بيعاً يصل إليهم إلا سبقوهم إليه فاشتروا وكان أبي جهل ينادي في التجار الوافدين على مكة أن لا يبيعوا بني هاشم شيئا من تجارتهم ويشتريها منهم بأضعاف ثمنها فكان الواحد من بني هاشم إذا خرج لشراء طعام أو غيره ضاعف التاجر سعر السلعة فلا يقدر على شرائها ويعود إلى أطفاله بلا طعام وهم يتضرعون من الجوع


وطال الحصار على رسول الله وبني هاشم، وأنفقوا جميع ما يملكون ولم يبق لديهم شيء من مال أو طعام أنفقت خديجة كل ما تملك وأنفق *** طالب ما عنده وأنفق كل بني هاشم ما عندهم، وكادوا يهلكون جوعا فاضطروا إلى أكل أوراق الشجر وكل ما ظنوه يسد رمقهم، يقول سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه وكان أحد المحاصرين، خرجت ليلة ل***ل فسمعت قعقعة تحت البول، فإذا قطعة من جلد بعير يابسة فأخذتها وغسلتها ثم أحرقتها وطحنتها وسففتها بالماء فقويت بها ثلاثة، وقال أحدهما: وطئت ذات ليلة على شيء رطب فرفعته إلى فمي فابتلعته فما أدري ما هو إلى الآن


وتحمل الرسول صلى الله عليه و سلم ومن معه عناء هذه المقاطعة بصبر وجلد وكانت الآيات القرآنية تنزل لتزيدهم ثباتاً وتطالبهم بالصبر وتحدي الحصار والقطيعة، ولم يثن ذلك الرسول عن نشر دعوته فكان يخرج في مواسم الحج والتجارة يدعو كل من وفد مكة إلى الإسلام، ولقد عاب بعض هؤلاء على قريش موقفها من بني هاشم وأعجبوا بثبات محمد وأصحابه فاستحسنوا الإسلام فاعتنقوه وكان هذا على عكس ما أرادت قريش من المقاطعة


وأراد الله للمحنة الرهيبة أن تزول وللغمة أن تنكشف وأن يجتاز المسلمون الابتلاء بنجاح، فاطلع جبريل النبي صلى الله عليه و سلم على أن صحيفة المقاطعة التي كتبتها قريش قد أكلت الأرضة كل ما فيها من ألفاظ القطيعة والظلم ولم يبق بها إلا أسماء الله فأخبر النبي عمه أبا طالب بذلك فخرج إلى قريش وأخبرهم بما قاله النبي وقال: فإن كان صادقا علمتم أنكم ظالمون لنا، قاطعون لأرحامنا، وإن كان كاذباً دفعته لتقتلوه


ووافق ذلك أن قام خمسة رجال من قريش هم هشام بن عمرو وزهير ابن أميه والمطعم بن عدى و*** البختري بن هشام وزمعة بن الأسود ع***ا على قومهم ما فعلوه ببني هاشم واتفقوا على نقض الصحيفة، فطاف زهير بالبيت سبعا ونادي في أهل مكة أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى لا يباع ولا يبتاع منهم !! والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة، فعارضة *** جهل فقام أصحاب زهير الأربعة ووافقوه على رأيه وقالوا: أنهم لا يرضون ما كتب في الصحيفة ولا يقرونه، فقال *** جهل، هذا أمر قضى بليل ونشوور فيه بغير هذا المكان، فقام المطعم ليشق الصحيفة فوجدها على الصورة التي أخبرهم الرسول عنها، قد أكلت الأرضة كل ما فيها إلا أسماء الله وبذلك خرج بنو هاشم وبنو المطلب من الشعب وعادوا إلى مكة ليمارسوا حياتهم العادية ولكن قريشا استمرت في اضطهادهم وتعذيبهم وكان خروجهم من الحصار في السنة العاشرة من البعثة


وعلى الرغم من قسوة الحصار وشدة وطأته على المسلمين، فقد عاد بالخير عليهم وعلى الإسلام إذ عابت القبائل العربية على قريش سلوكها الشائن مع بني هاشم فلم يحدث أن سلكت قبيلة عربية مع أحد بطونها هذا السلوك الغريب، كما كان لموقف التحدي الرائع الذي وقفه المسلمون أثر كبير في اجتذاب بعض أفراد هذه القبائل للإسلام، أما قريش فقد هانت في أعين المسلمين بعد أن فشلت كل محاولاتها للنيل من الإسلام و المسلمين







    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 11-03-2010, 12:33 AM   #24
معلومات العضو
حبيب ابو

New1

عام الحزن وخروجه إلى الطائف
خرج المسلمون من المقاطعة وقد أضر الحصار بأجسادهم، وأصابهم الوهن والضعف خاصة الشيوخ والنساء، فلم يمض على انتهاء المقاطعة إلا شهوراً قليلة وأصيب الرسول بمصيبة عظيمة، فلقد مات عمه *** طالب ناصره وحاميه ومانعه من مشركي قريش، في شوال من السنة العاشرة من البعثة، وبعده بأيام توفيت زوجته خديجة رضى الله عنها يقول ابن إسحاق ثم إن خديجة وأبا طالب هلكا في عام واحد فتتابعت على رسول الله صلى الله عليه و سلم المصائب بهلك خديجة وكانت له وزير صدق على الابتلاء يسكن إليها ويهلك عمه أبي طالب وكان له عضدا وحرزا في أمره، ومنعه وناصرا على قومه


واشتد إيذاء قريش لرسول الله صلى الله عليه و سلم بعد موت أبي طالب حتى قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما نالت قريش مني شيئاً أكرهه حتى مات *** طالب، ولما يئس من هدايتهم وفكر في أن يترك مكة ويخرج لينشر دعوته في مكان آخر علها تجد صدى في قلوب أهله فيحتمي بهم وينصرونه على قريش فخرج صلى الله عليه و سلم وحده إلى الطائف راجيا أن يقبلوا منه ما جاء به من عند الله

وتقع الطائف على مسافة 120كم من مكة وتسكنها قبيلة ثقيف الوثينة، ولهم بيت يعظمونه ويضعون عنده أصنامهم كما تفعل قريش بالكعبة، وأشهر أصنام ثقيف اللات

وكان بين ثقيف وقريش مودة، وتجارات وزراعات مشتركة وكان لبعض أغنياء قريش بساتين وقصور بالطائف يخرجون إليها لقضاء الصيف بها لاعتدال مناخها عن مكة، فكانت الطائف مصيف قريش، ولاشك أن ثقيفا علمت بدعوة محمد قبل أن يخرج إليها، ولم يعتنق أحد منها الإسلام حتى لا يفسد ما بينها وبين قريش من علاقات وروابط

قطع رسول الله صلى الله عليه و سلم المسافة سائرا على قدميه وأقام بالطائف عشرة أيام يدعو أهلها إلى عبادة الله ولكن دعوته لم تجد إلا قلوبا غلفاً وآذانا صماً وأعيناً عمياً فلم يستمع إليه منهم أحد

قابل رسول الله صلى الله وعليه وسلم في الطائف أبناء عمر بن عوف الثلاثة وهم من سادة ثقيف فعرض عليهم دعوته وطلب منهم نصرته فسخرو منه واستهزؤا به فقال أحدهما: أما وجد الله أحد أن يرسله سواك، وقال الثاني:والله لأمزقن أستار الكعبة إن كان الله قد أرسلك وقال الآخر:والله لا أكلمك أبدا إن كنت رسولا فأنت أعظم من أن أرد عليك، وإن كانت كاذبا فما ينبغي لي أن أكلمك، وأغروا به سفاءهم وعبيدهم فجعلوا يصيحون به ويتعقبونه ويقذفونه بالحجارة، فما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يرفع قدمه ويضعها إلا على حجر فسال الدم منهما ولم يرجعوا عنه إلا بعد أن خرج من الطائف

لجأ رسول الله صلى الله عليه و سلم– وقد نال التعب والإرهاق – إلى ظل بستان ليستريح، وتذكر ما فعلت به ثقيف فهانت عليه نفسه أترى ربه ساخطا عليه حتى يؤذي كل هذا الإيذاء؟ أم أنه يريد له الهوان على يد هؤلاء اللئام ؟ فأخذ أيناجيه. اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي. وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين،وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب على فلا أبالي. ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل على سخطك لك العقبى حتى نرضى ولا حول ولا قوة إلا بك

كان لموقف ثقيف من رسول الله صلى الله عليه و سلم ما أحزنه وغمه فانطلق هائما على وجهه لا يدري أين يتجه وأخذ يفكر في قريش فلابد أنها علمت بخروجه إلى الطائف لينتصر بثقيف عليها أما وقد خاب أمله فيها فلابد أنهم سيتمادون في إيذائه والاستهزاء به، وكلما فكر في ذلك اشتد غمه وحزنه، فلم يعد له نصير في مكة بعد وفاة عمه *** طالب، وبينما هو في هذه الحال، إذ نزل عليه جبريل عليه السلام ومعه ملك الجبال، فقال ملك الجبال "يا محمد إن الله قد سمع قول قومك وما ردوا به عليك وقد بعثني إليك لتأمرني بأمرك إن شئت دمدمت عليهم الجبال وإن شئت خسفت بهم الأرض"فرد رسول صلى الله عليه و سلم قائلاً:لا، بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من بعيد الله لا يشرك به شيئاً

وتحقق ما توقعه الرسول من قريش فلقد قفلت ***اب مكة في وجهه وأبت عليه العودة إليها وكان عليه إذا أراد أن يدخلها أن يستجير بأحد سادتها على عادة العرب – فاستجار بالمطعم بن عدى فأجاره ودخل مكة في حمايته وحماية أبنائه




    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 11-03-2010, 12:35 AM   #25
معلومات العضو
حبيب ابو

New1

بيـعة العقبـة الأولـى
ووسط هذه الغيوم الملبدة, و وسط هذا الظلام الحالك, لاحت بشائر الخير و لمعت خيوط فجر من بعيد اتية من جهة يثرب, و ذلك عندما عرض رسول الله صلى الله عليه و سلم نفسه على نفر من الخزرج فاستج***ا لدعوته




وكانت اليهود أحد الجماعات التى تسكن يثرب و هم أهل كتاب- فأشعلوا فى يثرب أن نبيا فى العرب سيبعث, و حان وقت ظهوره, و أنهم سيتبعونه و ينتصرون به على العرب(الأوس و الخزرج)فلما عرض رسول الله صلى الله عليه و سلم نفسه عليهم و كانوا ستة تذكروا مقالة اليهود لهم, فقالوا:و الله انه للنبى الذى توعدكم به اليهود فلا يسبقنكم إليه, فأج***ه إلى الإسلام, و واعدوه اللقاء العام القادم, و رجعوا الى قومهم يدعونهم إلى الإسلام فاتبعهم فريق منهم و سرعان ما انتشر الإسلام فى يثرب فلم تبق دار من دور الأنصار الا و فيها خبر عن الدعوة الإسلامية و رسولها


و فى موسم الحج التالى وفد على مكة اثنا عشر رجلا من مسلمى يثرب عشرة من الخزرج و اثنان من الأوس, تقابلوا مع رسول الله عند العقبة و بايعوه بيعة عرفت فى التاريخ الإسلامي ببيعة العقبة الألى أو الصغرى بايعوه على أن لا يشركوا بالله شيئا و لا يسرقوا, و لا يزنوا ولا يقتلوا أولادهم ولا يلأتوا ببهتان يفترونه بين أيدهم و أرجلهم و لا يعصوه فى معروف, فقال لهم الرسول:ان وفيتم فلكم الجنة, و ان نقضتم, فأمركم الى الله عز و جل ان شاء عذب و ان شاء غفر, و عرفت هذه البيعة ببيعة النساء لأنها على نفس الشروط التى بايعت النساء عليها رسول الله بعد فتح مكة


و أرسل الرسول صلى الله عليه و سلم معهم مصعب ابن عمير ليقرئهم القرآن و يعلمهم أمور دينهم, فكان أول سفير لرسول الله صلى الله عليه و سلم, و نجح مصعب فى نشر الدعوة الإسلامية و دخل أهل يثرب فى دين الله أفواجا, و لم يمر عام على مصعب بها, و لم يبق دار من دورها الا و فيها رجال مسلمون و نساء مسلمات, بل دخلت قبائل بأكملها رجالها و نسائها, صغارها و كبارها فى الإسلام دفعة واحدة



    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 11-03-2010, 12:36 AM   #26
معلومات العضو
حبيب ابو

New1

بيـعة العقبـة الثانيـة
و فى موسم الحج التالى وفد مع حجاج يثرب ثلاثة و سبعون رجلا, و امرأتان من المسلمين و معهم مصعب ليبايعوا رسول الله صلى الله عليه و سلم و سر الرسول بأنتشار الإسلام بين أهل يثرب ووجد فيهم المنعة و النصرة و الحماية, و وجد المسلمون فى يثرب الملجأ والملاذ والمأوى فتاقت نفوسهم وهفت اليها أفئدتهم و تمنوا ساعة الخلاص

تواعد الرسول و مسلمو يثرب اللقاء فى العقبة فى ليلة الثاني عشر من ذى الحجة على أن يكون سرا حتى لا تعلم قريش أو مشركوا يثرب به فيفسدوه, ولما حان الموعد بدأ المسلمون يتسللون تسلل القطا-وهو طائر معروف بالخفة و الحذر-الى مكان الاجتماع و خرج اليهم الرسول و معه عمه العباس وكان لا يزال مشركا و لكنه أراد أن يتثبت لابن أخيه من أهل يثرب, و كان أول من تكلم فقال : يا معشر الخزرج, ان محمدا منا حيث علمتم, و قد منعناه من قومنا ممن على مثل رأينا فيه, فهو فى عز من قومه و منعه فى بلده, و أنه قد أبى إلا الإنحياز اليكم و اللحاق بكم, فأن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه اليه, و ما منعوه ممن خالفه, فأنتم و ما تحملتم من ذلك, و ان ترون أنكم مسلموه و خاذلوه بعد الخروج اليكم فمن الآن فدعوه فإنه فى عز و منعه من قومه و بلده, فقال الخزرج للعباس, قد سمعنا ما قلت تكلم يا رسول الله فخذ لنفسك و لربك ما أحببت, فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم:أبايعكم على أن تمنعونى مما تمنعون منه نسائكم و أبنائكم, فأخذ البراء ابن معرور يده, و قال:نعم و الذى بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا- كناية عن أنفسهم ونسائهم-فبايعنا يا رسول الله, فنحن والله أبناء الحروب, و أهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر

وأراد الأنصار أن يستوثقوا لأنفسهم أيضا من الرسول فقال *** الهيثم بن التيهان : يا رسول الله ان بيننا و بين الرجال حبالا و إنا قاطعوها(يريد اليهود)فهل عسيت ان نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع الى قومك و تدعنا فتبسم رسول الله صلى الله عليه و سلم و قال:"الدم الدم والهدم الهدم",يعنى أنا منكم و أنتم منى أحارب من حاربتم و أسالم من سالمتم

وقال العباس بن عبادة الأنصارى, مؤكدا البيعة فى أعناق الأنصار:يا معشر الخزرج هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل, قالوا:نعم, قال:انكم تبايعونه على حرب الأحمر و الأسود من الناس, فأن كنتم ترون أنكم اذا أنهكت أموالكم مصيبة,وأشرافكم قتلا, أسلمتموه فمن الآن, فهو و الله خزي فى الدنيا و الآخرة ان فعلتم, و ان كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه اليه على نهكه الأموال و قتل الأشراف فخذوه, فهو و الله خير فى الدنيا و الآخرة فأجاب الأنصار : نأخذه على مصيبة الأموال و قتل الأشراف, ابسط يدك يا رسول الله لنبايعك فبسط يده فبايعوه

وطلب الرسول أن يختاروا من بينهم اثنى عشر نقيبا فاختاروا تسعة من الخزرج و ثلاثة من الأوس,و قال الرسول لهم:أنتم كفلاء على قومكم ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم فاج***ه

وفى الصباح علمت قريش بأمر البيعة و أن أهل يثرب قد بايعوا محمدا ليخرج اليهم و يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم و أولادهم, فوقع فى أيديهم و طاش صوابهم و خرجوا مسرعين الى منازل أهل يثرب يسألونهم:انا قد بلغنا أنكم قد جئتم الى صاحبنا هذا تستخرجوه من بين أظهرنا و تبايعوه على حربنا, وانا و الله ما من حي من العرب أبغض الينا أن تنشب الحرب بيننا و بينهم منكم, فسكت المسلمون و قام أهل يثرب يحلفون لهم ما كان من هذا من شئ, و ما علمناه, وعاد أهل يثرب الى بلدهم, و لكن قريشا تيقنت خبر البيعة فخرجوا عليهم يظفرون بأهل يثرب و لكنهم لم يدركوا منهم الا سعد بن عبادة فكتفوه و عادوا به الى مكة يضربونه و يجرونه من شعره و لم يخلصه من بين ايديهم الا مطعم بن عدى الذى أجاره فعاد الى يثرب

هكذا وتمت بيعة العقبة الثانية و أصبحت هجرة الرسول و المسلمين أمرا محققا, و لكنها مسألة وقت فقط

هكذا تمت بيعة العقبة الثانية و تقرر فيها أن يهاجر الرسول و المسلمون الى يثرب على أن يقوم الأنصار بحمايتهم و نصرتهم و أصبح أمر الهجرة محققا و لكنها مسألة وقت فقط






    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 11-03-2010, 12:38 AM   #27
معلومات العضو
حبيب ابو

New1

الهجــرة
و ما ان عاد الأنصار الى يثرب حتى أذن الرسول للمسلمين بالهجرة فخرجوا من مكة زرافات و وحدانا يتسللون خوفا من منع قريش لهم و ظلت الهجرة حوالى شهرين تقريبا(من آخر ذى الحجة الى أول ربيع الأول)حتى خلت معظم ديار المسلمين فى مكة من ساكنيها و لم يبق بمكة غير الرسول و أبى بكر و علي و آل بيوتهم و المستضعفين من المسلمين


وكان وقع الهجرة على مشركي قريش سيئا فحاولوا منع المسلمين بشتى الطرق الإرهابية ولكنها لم تجد فتيلا, فتآمروا بالرسول صلى الله عليه و سلم فى دار الندوة و استقر رأيهم على الفتك به بطريقة تضمن تفرق دمه فى القبائل فلا يكون لأهله حتى المطالبة به فانتقوا من كل قبيلة شابا قويا, و أوكلوا إليه حصار بيت الرسول و أن يقتلوه بضربة واحدة, و لكن كان تدبير الله أقوى من تدبيرهم, كما قال تعالى: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ،فأطلع رسوله على تدبير قريش و أوصى إليه بالهجرة إلى يثرب فنام علي فى فراش الرسول و تغطى ببردته ليغرر بالمحاصرين, و اصطحب الرسول معه أبا بكر و خرجا ليلا إلى جنوب مكة و اختفيا فى غار جبل ثور و مكثا فيه ثلاثة أيام و كان عبد الله بن أبى بكر و أخته أسماء يحملان الأخبار و الطعام و الماء إليهما

جن جنون قريش عندما عرفت أنها باتت تحرس علي وأن الرسول خرج من مكة سليما معافى, فاتجه رجالها للبحث عنه فى كل مكان و وصل بهم قصاصو الأثر حتى باب الغار الذى يختبىء فيه الرسول و صاحبه, و لكن جند الله كانت تحرسه و تسهر عليه و أيده الله بجنود شاهدها الناس كالحمام و العنكبوت و جندا لم يشاهدوها و هى التى عناها الحق فى قوله تعالى وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا و بعد أن مكثا فى الغار ثلاثة أيام ركبا صوب يثرب و كان عليهما أن يختارا طريقا غير الطريق المعهود حتى لا تظفر بهما قريش فاتخذا من"عبد الله بن أريقط"دليلا لهما فسلك بهما الطريق الغربى المحاذى للبحر الاحمر و هو طريق وعر غير مسلوك لكثرة ما فيه من صعوبات و مشاق تحملها الرسول و صاحبه و قطعوا مسافة 510 ميلا تحت الشمس الحارقة تطاردهم مكة بأسرها و قد أدركهم بعض المطاردين فحماهم الله منهم, قطعوا المسافة فى ثمانية أيام و وصلوا الى قباء ضاحية يثرب يوم الأثنين الثانى عشر من شهر ربيع الأول

و قبل أن ننتقل إلى الدور المدنى فى حياة الرسول يجمل بنا أن نذكر سمات الدعوة الإسلامية فى دورها المكي

استغرقت الدعوة الإسلامية فى دورها المكى(من البعثة حتى الهجرة)اثنتى عشرة سنة و خمسة أشهر وواحد و عشرون يوما نزل فيها على الرسول صلى الله عليه و سلم معظم القرآن فنزل بمكة اثنتان وثمانون سورة من جملة سور القرآن البالغة مائة و أربع و عشرة بالإضافة إلى اثنتى عشرة سورة مشتركة بين المكى والمدنى و اشتمل التشريع المكي على أهم ما جاءت من أجله الدعوة الإسلامية, كما يتميز بأنه تشريع كلي, أى أنه يهتم بالأمور الكلية ولا يتعرض لأحكام جزئية و يمكن تلخيص سمات التشريع المكي فيما يأتى

اولا:الوحدانية و رفض عبادة الأوثان و أن تكون هذه العقيدة أساسا لبناء المجتمع الجديد

ثانيا: تقرير فكرة البعث و الحساب واليوم الآخر و أن كل إنسان يحاسب بمفرده على عمله فلا تزر وازرة وزر أخرى

ثالثا: وحدة الرسالات السماوية و أنها تستمد أصولها من منبع واحد هو الله سبحانه وتعالى

رابعا: بيان الصفات التى تقرب العبد من ربه و التى تبعده عنه

خامسا: اذابة الفوارق بين الطبقات و الغاء العصبية القبلية فالناس جميعا متساوون فى الحقوق و الواجبات فكلهم من ذكر و أنثى, و أن الأفضلية لا تكون إلا بمقدار تقوى العبد لربه{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ**

سادسا: فرضت الزكاة و الصلاة فى هذا العصر





    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 11-03-2010, 12:39 AM   #28
معلومات العضو
حبيب ابو

New1


كـيف استقبلـت المدينـة رسول الله صلى الله عليه وسلم
ترامت الأخبار بهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه إلى المدينة، فكان الأنصار يخرجون كل يوم إذا صلوا الصبح إلى ظاهر المدينة ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم فما يبرحون حتى تغلبهم الشمس على الظلال فيدخلون بيوتهم، وكان الزمن صيف وحر




و قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل الناس البيوت, وكان اليهود يرون ما يصنع الأنصار, فلما رآه رجل من اليهود صرخ بأعلى صوته:يا بني قيلة (وهي جدة للأنصار ينسبون إليها، وهي بنت كاهل بن عذرة)، هذا صاحبكم قد جاء



فخرج الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ظل نخلة ومعه *** بكر رضي الله عنه في مثل سنه, وأكثرهم لم يكن رأى الرسول صلى الله عليه وسلم قبل ذلك، وازدحم الناس ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك ما يميزون بينه وبين أبي بكر, وفطن لذلك *** بكر فقام يظله بردائه فانكشف للناس الأمر



واستقبلهما زهاء خمسمائة من الأنصار حتى انتهوا إليهما فقالت الأنصار:انطلقا آمنين مطاعين، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه بين أظهرهم فخرج أهل المدينة حتى أن العواتق لفوق البيوت يتراءينه يقلن: أيهم هو؟ يقول أنس رضي الله عنه فما رأينا منظرًا شبيهًا له



وخرج الناس حين قدما المدينة في الطرق وعلى البيوت، والغلمان والخدم يقولون الله أكبر جاء رسول الله, الله أكبر جاء محمد, الله أكبر جاء محمد, الله أكبر جاء رسول الله وكانت البنات ينشدن في سرور و نشوة



طلع البدر علينا *** من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا *** ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا *** جئت بالأمر المطاع
جئت شرفت المدينة *** مرحبا يا خير داع




يقول أنس بن مالك الأنصاري، وهو غلام يومئذ:شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم دخل المدينة فما رأيت يومًا قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل المدينة علينا، وكان فيمن خرج لينظر إليه قوم من اليهود فهم عبد الله بن سلام الذي قال حين رآه:فلما تبينت وجهه عرفت أنه ليس بوجه كذاب، فكان أول ما سمعت منه"أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام



    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 11-03-2010, 12:42 AM   #29
معلومات العضو
حبيب ابو

New1

الرسـول في المدينـة و تأسيـس الدولـة الإسلامية
أصبحت المدينة بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليها في السادس عشر من ربيع الأول معقل الإسلام ومشعل الهداية ومنطلق الدعوة إلى الله وعندما وصل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان يسكنها المهاجرون والأنصار واليهود، فكان على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبدأ في وضع الأسس التي تجعل من هذه الجماعات مجتمعًا قويًا متحدًا على أسس إسلامية ومبادئ دينية؛ فقام الرسول بالخطوات الآتية تحقيقًا لهذه الغاية
أولاً : بناء المسجد – أي صلة الأمة بالله
ثانيًا: المؤاخاة – أي صلة الأمة المسلمة بعضها بالبعض الأخر
ثالثًا: المعاهدة بين المسلمين و اليهود – أي صلة الأمة بالأجانب عنها ممن لا يدينون بدينها
أولاً: بنـاء مسجـد المدينـة
كان أول ما حرص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة هو بناء المسجد لتظهر فيه شعائر الإسلام التي طالما حوربت، ولتقام فيه الصلوات التي تربط المرء برب العالمين ولم يكن هدف الرسول صلى الله عليه وسلم إيجاد مكان للعبادة فقط؛ فالدين الإسلامي يجعل الأرض كلها مسجدًا للمسلمين, ولكن مهمة المسجد كانت أعمق من هذا، لقد أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبني بيتًا لله وبيتا لجميع المسلمين يجتمعون فيه للعبادة والمشاورة فيما يهم أمر الإسلام والدولة الإسلامية, ويتخذون فيه قراراتهم, ويناقشون فيه مشاكلهم, ويستقبلون فيه وفود القبائل وسفراء الملوك و الأمراء من هنا وهناك, وبأسلوب العصر الحديث اتخذ مقرًا للحكومة بالمدينة، فكان المسجد بهذا الوضع أشبه بمدرسة يتعلم فيها المسلمون, وتمتزج فيها نفوسهم وعقلياتهم
وقد اشترى النبي صلى الله عليه وسلم أرض المسجد من الغلامين- صاحبي المربد- الذي أناخت راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده كما ذكرنا, وأبى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقبله منهما هدية، وعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بناء المسجد، فكان ينقل اللبن والحجارة بنفسه، وافتدى به المسلمون وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
اللهم ارحم الأنصار والمهاجرة لا عيش إلا عيش الآخرة
وكان المسلمون مسرورين سعداء يضاعف حماسهم في العمل رؤيتهم النبي يجهد كأحدهم ويكره أن يتميز عليهم، فكانوا ينشدون الشعر قائلين
لذاك منـا العمـل المضلـل لئن قعدنـا والنبـي يعمل
وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم طول المسجد مما يلي القبلة إلى المؤخرة مائة ذراع والجانبين مثل ذلك أو دونه، وجعل أساسه قريبًا من ثلاثة أذرع ثم بنوه باللبن, وجعل قبلته إلى بيت المقدس, وصنع له ثلاثة ***اب، وجعل عمده الجذوع وسقفه بالجريد
وبنى بيوتًا إلى جانب المسجد، فلما فرغ من البناء انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم من بيت أبي أيوب إلى مساكنه بعد أن مكث في بيت أبي أيوب سبعة أشهر كما ذكر الواقدي وكان في المسجد موضع مظلل يأوي إليه المساكين يسمى الصفة وكان أهله يسمون أهل الصفة وكان عليه السلام يدعوهم بالليل فيفرقهم على أصحابه لاحتياجهم وعدم ما يكفيهم عنده وتتعشى طائفة منهم معه عليه السلام
ثانيًا: المؤاخــاة
وكانت الخطوة التالية هي صلة الأمة بعضها بالبعض الأخر، وتمثل ذلك في المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار, وإحلال رابطة الإخاء ورابطة الدين محل رابطة القبيلة والعصبية القبلية مصداقًا لقوله تعالى: ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ )وفيها قرب بين بعض قبائل المهاجرين والبعض الأخر, كما قرب بين الأوس والخزرج؛ إذ كانت الحروب بينهما قبل الإسلام قوية, وليس هذا فحسب بل آخى بين العرب والموالي فمثلاً آخى بين حمزة عمه وزيد بن حارثة وبين أبي الدرداء وسلمان الفارسي
وكانت نتيجة ذلك أن تكونت "أسرة إسلامية" واحدة فلا حمية إلا للإسلام، وسقطت فوارق النسب واللون والوطن وتحققت وحدة المدينة وضرب المسلمون المثل الأعلى في التعاون والاتحاد, يقول ابن إسحاق: وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه من المهاجرين والأنصار، فقال عليه السلام:"تآخوا في الله أخوين أخوين ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فقال هذا أخي"
وكان الأنصار يتسابقون في مؤاخاة المهاجرين حتى كان الأمر يؤول إلى الاقتراع بل الإيثار، فكان من الأنصار السماحة والإيثار ومن المهاجرين التعفف وعزة النفس والنبل
روى البخاري أنهم لما قدموا المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع، فقال سعد لعبد الرحمن: إني أكثر الأنصار مالاً فاقسم مالي نصفين ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فسمها لي أطلقها فإذا انقضت عدتها فتزوجها, قال عبد الرحمن ابن عوف: بارك الله لك في أهلك ومالك، أين سوقكم؟ فدلوه على سوق بني قينقاع فما انقلب إلا ومعه فضل من إقط وسمن ثم تابع الغدو، ثم جاء يومًا وبه أثر صفرة(أي زينة) فقال النبي: "مهيم؟ "(سؤال عن حاله)قال:تزوجت, قال:"كم سقت إليها؟"، قال: نواة من ذهب
يقول بن القيم: "وكان الذين آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينهم تسعين رجلاً، نصفهم من المهاجرين ونصفهم من الأنصار آخى بينهم على المواساة, ويتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام إلى حين وقعة بدر، فلما نزل قول الله تعالى وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ ) رد التوارث إلى الرحم دون عقد الأخوة
ثالثًا: المعاهدة بين المسلمين و اليهود
أما الأمر الثالث وهو صلة الأمة بالأجانب عنها الذين لا يدينون بدينها، فان الرسول صلى الله عليه وسلم قبل عن طيب خاطر وجودهم, وعقد الرسول صلى الله عليه وسلم معاهدة مع اليهود الموجودين في المدينة، أقرهم فيها على دينهم وأموالهم وشرط لهم واشترط عليهم, وكان أساس هذه المعاهدة الأخوة في السلم, والدفاع عن المدينة وقت الحرب, والتعاون التام بين الفريقين إذا نزلت شدة بأحدهما أو كليهما
ولكن اليهود لم يحافظوا على الوفاء بعهدهم فاضطر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى حربهم وإجلائهم عن المدينة كما سنرى في الصفحات التالية





    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 11-03-2010, 12:43 AM   #30
معلومات العضو
حبيب ابو

New1


تشريــع الآذان

كان المسلمون يجتمعون للصلاة في مواقيتها بغير دعوة، فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة أن يجعل بوقًا كبوق اليهود الذي يدعون به لصلاتهم ثم كرهه، ثم أمر بالناقوس فنخت ليضرب به للمسلمين الصلاة, فبينما هم على ذلك إذ رأى عبد الله بن زيد رؤيا الآذان فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله أنه طاف بي هذه الليلة طائف مر بي رجل عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوسًا في يده فقلت: يا عبد الله أتبيع هذا الناقوس؟ فقال: وما تصنع به؟ قال:قلت ندعو به إلى الصلاة, قال: أفلا أدلك على خير من ذلك؟ قلت: وما هو؟قال:تقول:


الله أكبر الله أكبرلله أكبر الله أكبر–أشهد أن لا أله إلا الله-أشهد أن لا إله إلا الله–أشهد أن محمدًا رسول الله -أشهد أن محمدًا رسول الله–حي على الصلاة–حي على الصلاة–حي على الفلاح–حي على الفلاح–الله أكبر–الله أكبر–لا إله إلا الله
فلما أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألقها عليه فليؤذن بها فانه أندى صوتًا منك
فلما أذن بها بلال سمعها عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يجر رداءه يقول: يا نبي الله والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي رأى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلله الحمد على ذلك"
وقيل أن الوحي نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالآذان. واختير بلال بن رباح الحبشي للآذان فكان مؤذن صلى الله عليه وسلم





    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 08:02 PM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com