...بارك الله فيك أخى الحبيب على طرحك لهذا السؤال بخصوص العلاج والذى لابد لك من الارتايح والطمئنية قبل الشروع فيه بغية الحصول على المُراد بأمر الله , وهو ما يلزم لكل شخص يجب ان ينبنى على إتاحة الاقتناع وزوال الاشكال فيما ينويه ...كما هو حال المريض أمام مواجهته لمرضه والسيطرة عليه بعوامل مساعدة وحافز لامر إتمامه بدل ان تكون حاجز عازل يحول بعدم نواله.
..بالنسبة لي فى هذا السياق اقول أخى الطيب ..لم يبقى لى أى مجال فى إقحام نفسي فى أمور قد فصل بها غيرى بل هم الاجدر على قول الفصل فى هذا الامر وكيف وهم عُلمائنا الافاضل حتى أخذوا على كاهلهم حمل الامانة ليزيلوا ما أُشكل علينا وعلى الامة عامة فيما يرونه مناسبباً للاسلام والمسلمين كما هو أيظاً فى امور الحياة ومنها العلاجات ,..ولهذا فقد رؤوا بأن لا أشكال فى ذلك وهو الاغتسال فى الخلاء بالماء او الزيت المرقى....ويوجد فتوى بذلك الامر.
..ولكن حتى أضيف برؤيتى وعلمى المتواضع رؤية مُبسطة فى تقرب الفهم وتوفيقهم فيما إتخذونه بهذا الجواز ..ابدأ حديثى بحديث الرسول صلوات ربي وسلامى عليه ...عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنما الأعمال بالنيّات ، وإنما لكل امريء مانوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه ) . رواه البخاري و مسلم في صحيحهما.
والنيّة في اللغة : هي القصد والإرادة ، فيتبيّن من ذلك أن النيّة من أعمال القلوب ، فلا يُشرع النطق بها ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتلفظ بالنية في العبادة ، أما قول الحاج : " لبيك اللهم حجاً " فليس نطقاً بالنية ، لكنه إشعارٌ بالدخول في النسك ، بمعنى أن التلبية في الحج بمنـزلة التكبير في الصلاة ، ومما يدل على ذلك أنه لو حج ولم يتلفّظ بذلك صح حجه عند جمهور أهل العلم .
وللنية فائدتان : أولاً : تمييز العبادات عن بعضها ، وذلك كتمييز الصدقة عن قضاء الدين ، وصيام النافلة عن صيام الفريضة ، ثانياً : تمييز العبادات عن العادات ، فمثلاً : قد يغتسل الرجل ويقصد به غسل الجنابة ، فيكون هذا الغسل عبادةً يُثاب عليها العبد ، أما إذا اغتسل وأراد به التبرد من الحرّ ، فهنا يكون الغسل عادة ، فلا يُثاب عليه ، ولذلك استنبط العلماء من هذا الحديث قاعدة مهمة وهي قولهم : " الأمور بمقاصدها " ، وهذه القاعدة تدخل في جميع أبواب الفقه .
وفي صدر هذا الحديث ابتدأ النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( إنما الأعمال بالنيات ) ، أي : أنه ما من عمل إلا وله نية ، فالإنسان المكلف لا يمكنه أن يعمل عملاً باختياره ، ويكون هذا العمل من غير نيّة ، ومن خلال ما سبق يمكننا أن نرد على أولئك الذين ابتلاهم الله بالوسواس فيكررون العمل عدة مرات ويوهمهم الشيطان أنهم لم ينووا شيئا ، فنطمئنهم أنه لا يمكن أن يقع منهم عمل باختيارهم من غير نيّة ، ما داموا مكلفين غير مجبرين على فعلهم .
....ومن هنا يتبن لنا إن أهم الاعمال لا بد له وان يُرفق بنة ,و بما ان ديننا دين يُسر وليس دين عُسر , فان شرائع الله لبعاده مشرعة على حُسن التوكل والاخذ بالاسباب الواقعة وتفادى شرورها بقدر مشروع إما من الكتاب او سنة الحبيب صلى الهل عليه وسلم ...والذى قال كما ورد فى الحديث ..
رواه أبو داود فى سننه أيضا عن أبى الدرداء قال :
حدثنامحمد بن عبادة الواسطى حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا اسماعيل بن عايش عن ثعلبة بن مسلم عن أبى عمران الأنصارى عن أم الدرداء عن أبى الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ان الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء
دواء فتداووا ولا تداووا بحرام.
بما ان التداوى هو قائم على شىء محلل وإن كان بالحرام تجاوب لهذا العلاج او ذلك , فلن يمر دون ترك عاقبة السوء , ...لهذا فإن الحلال يزيل كل مكروه وهو كالشجرة الطيبة لا تُثمر إلى الطيب ...ولنقرب الصورة بشكل واضح ,و حول الاصابة الروحية او التحرش الجنسي والذى يقع من شياطين الجن على الانس وخصوصاً الاخوات العفيفات , والذى ينتقد كثير بعض الاخوة طُرق العلاج ومنها الادهان فى الاماكن الحساسة وهى المتمثلة فى القبل او الدوبر ...واقول فى هذا الامر طالما إن الاعتداء واقع من قبل الشيطان ومحاولا تدليس عفة وشرف هذه الاخت , ولم يتوارى فى اى الاعمال شراسة وإذلال , مسبباً إحراجات ومشاكل تعجز الاخت عن الافصاح عنها بل وتعجز عن كيفية وقفها او اتعامل معها إذا كافة العلاجات لم تُجذى نفعاً أمامها...أفلا يتطلب الامر ان يكون الواجب هو إستخدام كافة الطرق والعلاجات المُباحة للتخلص من هذه الافاة ودحر شرها ومسببها !؟, وكيف إذا كان التداوى مشروع بالحال ...فلو تسئألنا وقلنا نعم لا خلالف فى ذلك ..بأن الماء والزيت والاعشاب هى اامور مُباحة ,ولو تم إستخدامها فى اى الاماكن من جسد الان فلا خلاف !..طالما هى امور محللة ...وهنا اقول متسائلا أليس كلام الله هو أصل الحلال !!! وإذا كان الخوف من وصول كلام الله لاماكن بظرك هى غير طاهرة , فهل تتعتقد بان جسدك حينا تغتسل او تزيل عوامل النجاسة وأعنى بذلك (الحدث)تبقى غير طاهرة ....كيف وانت تدخل بيت الله وتستقبل قبلته وتمسك كتابه وتتلى باياته ,فهل تعتقد إذا ما أصاب جسدك الماء المرقي او الزيت يصل أماكن غير طاهرة !؟...فكل ما اعلمه بأن الانسان هويبقى طاهر الخَلق , مالم يصيبه نجس حتى تعمل على زواله ..وبما ان الشيطان يجري فى بنى آدم مجرى الدم فى العروق ...وكيف إذا تمركز بالارحام وهى الامكان الحساسة فى جسد الانسان , فكيف يكون علاجه إذا ما تم ملاحقته فى جميع أمكان تواجده فى جسد الانسان حتى بقى فى (الارحام ) وهو ما يعنى باننا أعطيناه الحماية وليتخذ هذه الاماكن الحصن الحصين له ويمنع الشهاب الحارق المتمثل بكلام الله من الوصول إليه بنظرتنا القاصرة وهى الخوف من أمور لم يرى الله بها بأساً على عباده و كلامه من جسدك إيها الانسان بقدر ان يكون هو ناصراً لك ولجسدك وعاملاً مساعداً وحافظاً لك من عدوه وعدوك ...وايظاً عامل الغسول وما يذهب به الماء عُقب الغسل ..فأقول ان المراد بالدهان هو نيل البركة من وراء كلام الله والذى تُلي على هذا الماء او هذا الزيت ,و هنا البركة تكون وصلت للجسد بمجرد ان أصابته وإذا اراد الله ان يتممها برء الانسان من علته وإن اراد الله ان يستأخرها ,وتأخير شفاء عبده جعلها غير كافية حتى يتزود الانسان من بركات الله لتطهير جسده ,وهو ما يعنى أن الزيت او الماء الذى يتم صبه يجرى بامر الله مجرى الماء العادى تاركاً نور الله بكلامه وأياته ملتسقاً فى جسد عبده مؤثراً على الآفة التى تصيبه ولذا لا ارى بئس فيما يقوم به المُصاب من إدهان او غسول بالماء المرقي والاغتسال بعده فى اى الاماكن ,وهذا والله ورسوله اعلم .