الجزء الثاني
وفي تعريف التخنث جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
التخنث في اللغة بمعنى : التثني والتكسر ، وتخنث الرجل إذا فعل فعل المخنث . وخنث الرجل كلامه : إذا شبهه بكلام النساء لينا ورخامة .
والتخنث اصطلاحا كما يؤخذ من تعريف ابن عابدين للمخنث : هو التزيي بزي النساء والتشبه بهن في تليين الكلام عن اختيار ، أو الفعل المنكر .
وقال صاحب الدر : المخنث بالفتح من يفعل الرديء . وأما بالكسر فالمتكسر المتلين في أعضائه وكلامه وخلقه . ويفهم من القليوبي أنه لا فرق بين الفتح والكسر في المعنى ، فهو عنده المتشبه بحركات النساء .
قال ابن حجر في فتح الباري :
قال الطبري المعنى لا يجوز للرجال التشبه بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء ولا العكس .
قلت ( ابن حجر ) : وكذا في الكلام والمشي , فأما هيئة اللباس فتختلف باختلاف عادة كل بلد , فرب قوم لا يفترق زي نسائهم من رجالهم في اللبس , لكن يمتاز النساء بالاحتجاب والاستتار , وأما ذم التشبه بالكلام والمشي فمختص بمن تعمد ذلك , وأما من كان ذلك من أصل خلقته فإنما يؤمر بتكلف تركه والإدمان على ذلك بالتدريج , فإن لم يفعل وتمادى دخله الذم , ولا سيما إن بدا منه ما يدل على الرضا به , وأخذ هذا واضح من لفظ المتشبهين .
وأما إطلاق من أطلق كالنووي وأن المخنث الخلقي لا يتجه عليه اللوم فمحمول على ما إذا لم يقدر على ترك التثني والتكسر في المشي والكلام بعد تعاطيه المعالجة لترك ذلك , وإلا متى كان ترك ذلك ممكنا ولو بالتدريج فتركه بغير عذر لحقه اللوم , واستدل لذلك الطبري بكونه صلى الله عليه وسلم لم يمنع المخنث من الدخول على النساء حتى سمع منه التدقيق في وصف المرأة , فمنعه حينئذ فدل على أن لا ذم على ما كان من أصل الخلقة .
وقال ابن التين : المراد باللعن في هذا الحديث من تشبه من الرجال بالنساء في الزي ومن تشبه من النساء بالرجال كذلك , فأما من انتهى في التشبه بالنساء من الرجال إلى أن يؤتى في دبره وبالرجال من النساء إلى أن تتعاطى السحق بغيرها من النساء فإن لهذين الصنفين من الذم والعقوبة أشد ممن لم يصل إلى ذلك , قال : وإنما أمر بإخراج من تعاطى ذلك من البيوت لئلا يفضي الأمر بالتشبه إلى تعاطي ذلك الأمر المنكر .
وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة نفع الله به ما ملخصه : ظاهر اللفظ الزجر عن التشبه في كل شيء , لكن عرف من الأدلة الأخرى أن المراد التشبه في الزي وبعض الصفات والحركات ونحوها , لا التشبه في أمور الخير .
وقال أيضا : اللعن الصادر من النبي صلى الله عليه وسلم على ضربين : أحدهما يراد به الزجر عن الشيء الذي وقع اللعن بسببه وهو مخوف , فإن اللعن من علامات الكبائر , والآخر يقع في حال الحرج , وذلك غير مخوف , بل هو رحمة في حق من لعنه , بشرط أن لا يكون الذي لعنه مستحقا لذلك كما ثبت من حديث ابن عباس عند مسلم , قال : والحكمة في لعن من تشبه إخراجه الشيء عن الصفة التي وضعها عليه أحكم الحكماء , وقد أشار إلى ذلك في لعن الواصلات بقوله " المغيرات خلق الله " .
يتبع