قال الله تعالى : ** مَا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ومَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ الله يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ
لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ *
وإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ
وإِلَى الله تُرْجَعُ الأُمُورُ **
سورة فاطر 2 - 4
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
ثم ذكر انفراده تعالى بالتدبير والعطاء والمنع فقال :
** مَا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ ** من رحمته عنهم
** فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ **
فهذا يوجب التعلق بالله تعالى،
والافتقار إليه من جميع الوجوه،
وأن لا يُدعى إلاّ هو، ولا يخاف ويرجى،
إلاّ هو .
** وهُوَ العَزِيزُ **
الذي قهر الأشياء كلها
** الحَكِيمُ ** الذي يضع الأشياء مواضعها وينزلها منازلها.
يأمر تعالى جميع النّاس أن يذكروا نعمته عليهم،
وهذا شامل لذكرها بالقلب اعترافا، وباللسان ثناء، وبالجوارح انقيادا،
فإنّ ذكر نعمِه تعالى داع لشكره .
ثم نبههم على أصول النعم،
وهي الخلق والرزق،
فقال : ** هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ الله يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ والْأَرْضِ **
ولما كان من المعلوم أنه ليس أحد يخلق ويرزق إلا الله، نتج من ذلك، أن كان ذلك دليلا على ألوهيته وعبوديته،
ولهذا قال :
** لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ **
أي : تصرفون عن عبادة الخالق الرازق لعبادة المخلوق المرزوق .
** وإِنْ يُكَذِّبُوكَ ** يا أيها الرسول، فلك أسوة بمن قبلك من المرسلين،
** فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ **
فأُهْلِك المكذبون،
ونجى الله الرسل وأتباعهم .
** وإِلَى الله تُرْجَعُ الْأُمُورُ ** .