يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون (32) هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون (33) ياأيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم (34) يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون (35) إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين (36)
32 - يريد هؤلاء الكفار وغيرهم ممن هم على ملة من ملل الكفر بافتراءاتهم هذه وتكذيبهم بما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يقضوا على الاسلام ويبطلوه، ويبطلوا ما جاء فيه من الحجج الواضحة والبراهين الجلية على توحيد الله، وأن ما جاء به رسوله حق، ويأبى الله سبحانه وتعالى إلا أن يكمل دينه ويظهره، ويعليه على غيره، ولو كره الكافرون إكمال دينه وإظهاره وإعلاءه فإن الله متمه ومظهره ومعليه، وإذا أراد الله أمرا بطلت إرادة غيره.
33 - والله سبحانه هو الذي أرسل رسوله محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالقرآن الذي هو هدى للناس، وبدين الحق الذي هو دين الإسلام ليعليه بما فيه من الحجج والبراهين والأحكام على غيره من الأديان، ولو كره المشركون ذلك.
34 - يا أيها الذين آمنوا، وعملوا بما شرعه الله لهم، إن كثيرا من علماء اليهود، وكثيرا من عباد النصارى، ليأخذون أموال الناس بغير حق شرعي، فهم يأخذونها بالرشوة وغيرها، وهم يمنعون الناس من الدخول في دين الله. والذين يجمعون الذهب والفضة، ولا يؤدون ما يجب عليهم من زكاتها، فأخبرهم -أيها الرسول- بما يسوؤهم يوم القيامة من عذاب موجع.
35 - يوم القيامة يوقد على ما جمعوه ومنعوا حقه في نار جهنم، فإذا اشتدت حرارتها وضعت على جباههم وعلى جنوبهم وعلى ظهورهم، ويقال لهم على سبيل التوبيخ: هذه هي أموالكم التي جمعتموها ولم تؤدوا الحقوق الواجبة فيها، فذوقوا وبال ما كنتم تجمعونه ولا تؤدون حقوقه، وعاقبة ذلك.
36 - إن عدد شهور السنة في حكم الله وقضائه اثنا عشر شهرا، فيما أثبته الله في اللوح المحفوظ أول ما خلق السماوات والأرض، من هذه الأشهر الاثني عشر أربعة أشهر حرم الله فيهن القتال، وهي ثلاثة سرد: (ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم)، وواحد فرد، وهو (رجب). ذلك المذكور من عدد شهور السنة، ومن تحريم أربعة منها، هو الدين المستقيم، فلا تظلموا في هذه الأشهر الحرم أنفسكم بإيقاع القتال فيها، وهتك حرمتها، وقاتلوا المشركين جميعا كما أنهم يقاتلونكم جميعا، واعلموا أن الله مع الذين يتقونه بامتثال ما أمر به واجتناب ما نهى عنه بالنصر والتثبيت، ومن كان الله معه فلن يغلبه أحد.
[من فوائد الآيات]
• دين الله ظاهر ومنصور مهما سعى أعداؤه للنيل منه حسدا من عند أنفسهم.
• تحريم أكل أموال الناس بالباطل، والصد عن سبيل الله تعالى.
• تحريم اكتناز المال دون إنفاقه في سبيل الله.
• الحرص على تقوى الله في السر والعلن، خصوصا عند قتال الكفار؛ لأن المؤمن يتقي الله في كل أحواله.