عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 24-06-2006, 05:16 PM   #1
معلومات العضو
د.عبدالله
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي &&( الظلم سبب لنزع البركات وتقليل الخيرات )&&

ورد في الحديث القدسي: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا) رواه مسلم.

ومن الأمثال السائدة.. إذا رغب الملك عن العدل رغبت الرعية عن الطاعة لا صلاح للخاصة مع فساد العامة؛ لا نظام للدهماء مع دولة الغوغاء الملك يبقى على الكفر ولا يبقى على الظلم وقال مجاهد: المعلم إذا لم يعدل بين الصبيان كتب من الظلمة.

إن الظلم عاقبته وخيمة، ولا يصدر إلاَ من النفوس اللئيمة، وآثاره متعدية خطيرة في الدنيا والآخرة وإذا تفشى الظلم في مجتمع من المجتمعات كان سببا لنزع البركات، وتقليل الخيرات، وانتشار الأمراض والأوجاع والآفات.

أنواع الظلم وأسبابه



والظلم ثلاثة أنواع: النوع الأول ظلم الإنسان لربه، وذلك بكفره بالله تعالى، قال تعالى: (وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظالِمُونَ) “البقرة: 254”. ويكون بالشرك في عبادته وذلك بصرف بعض عبادته لغيره سبحانه وتعالى، قال عز وجل: (إِن الشرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) “لقمان: 13”.

والنوع الثاني: ظلم الإنسان نفسه، وذلك باتباع الشهوات وإهمال الواجبات، وتلويث نفسه بآثار أنواع الذنوب والجرائم والسيئات. قال جل شأنه: (وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) “النحل: 33”.

والنوع الثالث: ظلم الإنسان لغيره من عباد الله ومخلوقاته، وذلك بأكل أموال الناس بالباطل، وظلمهم بالضرب والشتم والتعدي والاستطالة على الضعفاء، والظلم يقع غالباً على الضعيف الذي لا يقدر على الانتصار.

ومن أسباب الظلم الشيطان والنفس والهوى... قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) “سورة البقرة: 208”، وقال: (استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون) “سورة المجادلة: 19”.

والنفس الأمارة بالسوء: قال تعالى: (إن النفس لأمارة بالسوء) “سورة يوسف: 53”.

والهوى: قال تعالى: (فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا) “سورة النساء: 135”، وقال سبحانه: (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى) “سورة النازعات: 40 41”، وقال جل وعلا: (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه) “سورة الكهف: 28”، والآيات كثيرة في هذا الباب.

معالم للتائبين



فلنتذكر تنزهه عز وجل عن الظلم: (من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد) “سورة فصلت: 46”، وقال سبحانه: (إن الله لا يظلم مثقال ذرة) “سورة النساء: 40”، وقال: (وما الله يريد ظلما للعالمين) “سورة آل عمران: 108”.

وننظر في سوء عاقبة الظالمين: قال تعالى: (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا) “سورة مريم: 71 72”، وقال سبحانه: (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) “سورة هود: 117”، وقال: (قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون) “سورة الأنعام: 47”.

ولا نيأس من رحمة الله: قال تعالى: (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) “سورة يوسف: 87”، وعن صفوان بن محرز قال: قال رجل لابن عمر رضي الله عنهما: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النجوى؟ قال: سمعته يقول: (يدنو المؤمن يوم القيامة من ربه حتى يضع عليه كنفه، فيقرره بذنوبه، فيقول: هل تعرف؟ فيقول: أي رب أعرف، قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا، وإني أغفرها لك اليوم، فيعطى صحيفة حسناته، وأما الكافر والمنافق فينادى بهم على رؤوس الخلائق: هؤلاء الذين كذبوا على الله) “رواه مسلم”.

وأن نعي حديث الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً، والذي قال: “لئن قدر الله علي ليعذبني عذابًا لا يعذبه أحدًا من العالمين” (رواه البخاري ومسلم) ونستحضر مشهد فصل القضاء يوم القيامة، قال تعالى: (وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون) “سورة الزمر: 68 70”

ونداوم على الذكر والاستغفار: قال تعالى: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون) “سورة آل عمران: 135”.

ولابد من كف النفس عن الظلم ورد الحقوق لأصحابها... فالتوبة النصوح أن يندم الإنسان بالقلب ويقلع بالجوارح، وأن يستغفر باللسان، ويسعى في إعطاء كل ذي حق حقه، فمن كانت لأخيه عنده مظلمة، من مال أو عرض، فليتحلل منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إلا الحسنات والسيئات، كما صح بذلك الخبر.

غضب الرب



الظلم يجلب غضب الرب سبحانه، ويتسلط على الظالم بشتى أنواع العذاب، وهو يخرب الديار، وبسببه تنهار الدول، والظالم يُحْرَمُ شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم بجميع أنواعها، وعدم الأخذ على يده يفسد الأمة، والظلم دليل على ظلمة القلب وقسوته، ويؤدي إلى صغار الظالم عند الله وذلته، وما ضاعت نعمة صاحب الجنتين إلا بظلمه، (ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا) “سورة الكهف: 35 36”، وما دمرت الممالك إلا بسبب الظلم، قال تعالى: (فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين) “سورة الأنعام: 45”، وقال تعالى عن فرعون: (فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين) “سورة القصص: 40”، وقال عن قوم لوط: (فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد) “سورة هود: 82 83”.

وأهلك سبحانه قوم نوح وعاد وثمود وأصحاب الأيكة، وقال: (فكلاً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) “سورة العنكبوت: 40”، وندم الظالم وتحسره بعد فوات الأوان لا ينفع، قال تعالى: (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا) “سورة الفرقان: 27”.

والظلم من المعاصي التي تعجل عقوبتها في الدنيا، فهو متعدٍ للغير وكيف تقوم للظالم قائمة إذا ارتفعت أكف الضراعة من المظلوم؟ قال الله عز وجل: (وعزتي وجلالي لأنصُرنكِ ولو بعد حين). فاتق الله وأنصف من نفسك، وسارع برد المظالم لأصحابها، من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله.

صور يرفضها الإسلام



ومن صور ظلم الانسان لاخيه الانسان غصب الأرض ومماطلة من له عليه حق: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: (مطل الغني ظلم) متفق عليه.

ومنع أجر الأجير: عن أبي هريرة عن النبي قال: (قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة.. ورجل أستأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره) رواه البخاري.

والحلف كذباً لاغتصاب حقوق العباد: عن أبي أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي أن رسول الله قال: (من اقتطع حق امرىء مسلم بيمينه، فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة)، فقال رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ فقال: (وإن قضيباً من أراك) رواه مسلم.

السحر بجميع أنواعه: وأخص سحر التفريق بين الزوجين، قال تعالى: (فَيَتَعَلمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) “البقرة: 102”. وعن أبي هريرة عن النبي قال: (اجتنبوا السبع الموبقات)، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: (السحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات) رواه البخاري ومسلم.

وعدم العدل بين الأبناء والزوجات: عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أنه قال (نحلني أبي نحلاً فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد عليه رسول الله، فجئته لأشهده على صدقتي فقال: (أكل ولدك نحلت مثله) قال: لا، فقال: (اتقوا الله واعدلوا في أولادكم)، وقال: (إني لا أشهد على جور)، قال: (فرجع أبي فرد تلك الصدقة) متفق عليه.

ومن كانت له زوجتان فأكثر فإنه يجب عليه أن يعدل بينهن، ولا يحل له بحال أن يخص إحدى زوجاته بشيء من دون الأخريات، من النفقة والسكنى والمبيت والهدية وحتى الابتسامة، فإذا تبسم في وجه الأولى كان لزاماً عليه أن يتبسم في وجه الأخرى، وهذا شرع ربنا، وسنة نبينا.

ومن صور الظلم عدم الرفق بالحيوان فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال: (عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعًا فدخلت فيها النار) رواه البخاري ومسلم.

ومن ذلك ايضا شهادة الزور: أي الشهادة بالباطل والكذب والبهتان والافتراء، وانتهاز الفرص للإيقاع بالأبرار والانتقام من الخصوم، فعن انس قال: ذكر رسول الله الكبائر فقال: (الشرك بالله، وعقوق الوالدين وقتل النفس، وقال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قول الزور، أو قال: “شهادة الزور”) متفق عليه.

وأكل صداق الزوجة بالقوة ظلم.. والسرقة ظلم.. وأذية المؤمنين والمؤمنات والجيران ظلم... والغش ظلم... وكتمان الشهادة ظلم... والتعريض بالآخرين ظلم، وطمس الحقائق ظلم، والغيبة ظلم، ومس الكرامة ظلم، والنميمة ظلم، وخداع الغافل ظلم، ونقض العهود وعدم الوفاء ظلم، والمعاكسات ظلم، والسكوت عن قول الحق ظلم، وعدم رد الظالم عن ظلمه ظلم... إلى غير ذلك من أنواع الظلم الظاهر والخفي.

والظلم قبيح من كل الناس ولكن قبحه اشد وعاقبته أضر إذا صدر من ولاة الأمر نحو رعاياهم، حيث يصعب رفعه عنهم وإزالته منهم، لما للحكام من السطوة والأعوان، ولأن من أهم حقوق الرعية على الرعاة دفع الظلم عنهم، وحماية الضعفاء من جور الأقوياء، ولهذا قال أبو بكر رضي الله عنه عندما ولي الخلافة: “الضعيف منكم قوي عندي حتى آخذ الحق له، والقوي منكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه” وظلم ولاة الأمر يُجَرئ اتباعهم وأعوانهم على الظلم ويدفعهم إليه دفعا لما لهم من المكانة والحظوة واستغلال النفوذ.

منقول ...

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة