عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 26-04-2005, 05:34 AM   #10
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

الوقفة التاسعة :

يقول الدكتور الصغيّر - وفقه الله لكل خير- :" كثيراً ما يجزم الناس - المرضى وأقاربهم أو الرقاة أو غيرهم - بأن أعراض الفُصام بسبب سحر أو مسّ " وذلك لغرابة تصرفات المريض وكثرة تخيلاته الباطلة " وهذا الجزم فيه نظر ، فإن كانت بعض الحالات التي شخصها الأطباء على أنها فصام بانت بأنها حالات سحر أو مس ، فلا يعني هذا التعميم ، بجعل كلّ من ظهرت لديه هذه الأعراض مسحورا أو ممسوسا ، وهذا ًً الأمر مشاهد في العيادات النفسية بكثرة حيث يمكث المريض بضع سنوات يتنقل بين الرقاة ولا يتحسن ثم يراجع الأطباء فيستفيد كثيراً من الأدوية المضادة للذهان 0 فليس كل فصام سببه السحر أو المس ، ولا يعني هذا أن يترك المريض التداوي بالرقية المشروعة حتى لمرض الفصام " ( توعية المرضى بأمور التداوي والرقى – ص 71 ، 72 ) 0

1)- إن مسألة التأكيد والجزم في تحديد الإصابة بالأمراض الروحية بشكل عام غير صحيح ، بسبب أن تلك الأمراض أقرب في طبيعتها وحقيقتها إلى النواحي الغيبية ، ومسألة التشخيص المتعلقة بهذه الأمراض تكون بعد دراسة الحالة المرضية دراسة مستوفية من كافة جوانبها ، إلا أنه لا تتوفر للمعالج بعض الأمور الملموسة للحكم على الحالة حكماً جازماً كما هو الحال في الطب العضوي لتحديد المعاناة الرئيسية ، ومن هنا تكون المسألة برمتها أقرب إلى الظن ، وكلما كانت الدراسة واقعية ومستوفية للشروط والبحث الشرعي العلمي كلما كان المعالج قريب من تحديد المعاناة والألم 0

2)- ذكر الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير – " أن جزم المرضى وأقاربهم أو الرقاة وغيرهم بالنسبة لأعراض الفصام عادة ما تكون بسبب سحر أو مس ، بسبب غراية وتصرفات المريض وكثرة تخيلاته الباطلة " ، وقد بينت في النقطة السابقة خطأ مثل هذا الجزم والاعتقاد ، إنما أحببت أن أشير إلى مسألة هامة ذكرت من خلال سياق كلام الدكتور الفاضل تتعلق بالاهتمام بكل ما يقوله المريض دون تسفيه لرأيه أو الاستهزاء أو السخرية بما يقول ، وتعتبر تلك المعلومات جزئية من الجزئيات التي يستطيع المعالج أن يبني عليها معاناة الحالة المرضية ، فقد تكون المعاناة بسبب الأمراض الروحية ، وقد تكون غير ذلك وتتبع النواحي النفسية ، ومن هنا يكون واجب المعالج تحويل الحالة إلى أهل الاختصاص في الطب النفسي ، وقد أوضحت هذه المسألة لكي لا يفهم كلام الدكتور على غير محمله ، وهو يعلم أكثر من غيره أن من أساسيات العلاج هو جمع المعلومات المتكاملة عن الحالة المرضية إضافة إلى ما يتبع ذلك من تحاليل وأمور أخرى متعلقة بالنواحي الطبية 0

3)- أما ما ذكره الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير – ونصه : " وهذا الأمر مشاهد في العيادات النفسية بكثرة حيث يمكث المريض بضع سنوات يتنقل بين الرقاة ولا يتحسن ثم يراجع الأطباء فيستفيد كثيراً من الأدوية المضادة للذهان " ، فكثير من التجارب العملية أثبتت ليّ عكس ما يقوله الدكتور الفاضل ، حيث أن كثير ممن راجع العيادات النفسية لسنوات طوال ولم يتحسن ثم راجع بعض المعالجين بالرقية الشرعية فكتب الله له الشفاء 0

وأنقل ما يؤكد ذلك الكلام بما نقلته جريدة الاقتصادية في عددها الصادر رقم ( 2804 ) ، يوم الخميس 22 ربيع أول 1422هـ ، الموافق 14 يونيه سنة 2001 م ، نقلاً عن أحد المواطنين السعوديين من المدينة النبوية تقول فيه : ( كثرت في الآونة الأخيرة هذه الأمراض – يعني الأمراض النفسية - ، وعندما يصاب المريض بهذه الحالة يذهب إلى الصحة النفسية 0 وأول ما يسأله الطبيب المعالج : هل تكره أحداً ؟ هل تتوقع أن أحداً فعل بك شيء ؟ هل تكره عملك ؟ كيف حالك في النوم ؟ إلى غير ذلك من تلك الأسئلة ، وفي الختام يكتب لك وصفة حبوب منومة ومهدئة أو إبر حسب الحالة التي يراها فتأخذها وتنام ولا تفكر في عمل ولا أولاد ولا زوجة ولا مجتمع ولا شيء 0
هذه العقاقير تنزع منك الهمة ، حتى الصلوات المفروضة لا تستطيع أن تؤديها ، بل إنك ربما لا تستطيع التفكير 0
وقد عرضت لي حالة قبل عشرين عاماً ، كنت أعاني الكسل والنوم والخمول وعدم الجلوس مع الناس وعدم التحدث والكلام ، وقد ذقت الأمرين من هذه الحالة 0
وكنت طوال هذه المدة أواصل استخدام الإبر والحبوب المهدئة ، وسألت الطبيب إلى متى يستمر الحال ؟ قال مدى الحياة 0 وبعد سنتين لا بأس في محاولة ترك تلك الإبر ، ولكني لا أنصحك بذلك 0
وسمعت بمن يقرأ ويرقي بالرقية الشرعية ، ويعالج الناس بذلك ، فقلت لا يضرني أن أعرض نفسي عليه ، وفعلاً ذهبت إليه ، وقرأ عليّ شياً من القرآن ووصف لي ماء وسدر اغتسل به ، ففعلت ذلك ووالله كأنني كنت نائماً واستيقظت من سبات عميق ، وأصبحت حالتي على خير ما يرام ، فأصبحت أذهب لأصلي مع الجماعة في المسجد، وأجالس الصالحين وأتكلم معهم ، وعدت إلى عملي الأصلي وهو التدريس بحب وشوق وشغف ) ( الاقتصادية – بتصرف واختصار - ) 0

وقول ذلك ونقل مثل الكلام السابق لا يعني بأي حال أنني انتقص من قدر الدكتور الفاضل ، بل على العكس من ذلك تماماً حيث أنني أسعى إلى الحق المنشود والذي يتمثل أصلاً بالبحث عن المعاناة الحقيقية من كافة أطراف الموضوع سواء المريض والمعالج والطبيب النفسي ، ولو كان هناك تقوى لله عند كافة الأطراف لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن ، فالواجب يحتم على المريض أولاً أن يتحرى المعالج صاحب العلم الشرعي الذي تتحقق فيه كافة المواصفات والمؤهلات التي تؤهلة لرقية الناس وحمل أمانة هذا العلم ، وكذلك على المعالج أن يسير وفق منهج الكتاب والسنة وأن يتبع طريقاً واضحاً بيناً يعتمد على الأصول والقواعد والأسس الرئيسة لهذا العلم دون التخبط والتشتت والضياع ، وواجب الطبيب النفسي كذلك احترام العلم الذي يعالج به الناس ، فلا يصرف الدواء إلا بعد أن يتأكد من المعاناة الحقيقية ، وبالقدر الذي يحتاجه المريض ، ولو تبين له أن المريض لا يعاني أصلاً من مرض نفسي فالواجب الشرعي يحتم عليه أن يحول الحالة المرضية إلى المعالج الذي يوثق في علمه ودينه ، وعليه أن يحث المرضى على العلاج والاستشفاء بالرقية الشرعية ، ولا بد أن تكون النظرة الأساسية للطبيب النفسي أن يكتب الله الشفاء للحالة المرضية ، واعتقادي الجازم لو أن كافة الأطراف التزمت بذلك المنهج لما حصل مثل ذلك الذي أشار إليه الدكتور آنفاً أو ذكرته في الجهة المعاكسة ، فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدي الجميع لما يحب ويرضى 0

4)- أما ما ذكره الدكتور الفاضل من تنقل الحالة المرضية بين الرقاة وعدم الاستفادة الجدية من ذلك ، فهذا الأمر يعتمد على عوامل عدة ، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :

أ – الرقية تعتمد بالدرجة الأولى على التوجه الخالص لله سبحانه وتعالى وطلب الشفاء منه وحده ، وهنا تكمن أهمية النية بالنسبة للمريض ، وهل فعلاً يتخذ الأسباب التي تكتب له الشفاء بإذن الله تعالى ، فيذهب للمعالج بالرقية الشرعية وهو يعتقد جازماً أنه سبب من أسباب الشفاء التي يسرها الله سبحانه وتعالى دون أن يَعتَقِدَ به ، أو أنه ينفع بذاته ، فإذا اختل هذا الميزان العقدي فإن الرقية لن تنفعه بأي حال من الأحوال 0

ب - قد يتنقل المريض من معالج لمعالج دون تحري الجانب العلمي والعملي لهؤلاء المعالجين ، ومن هنا إذا اختلت الأسس والقواعد الرئيسة في العلاج عند أولئك ، فكيف نطلب أن يكونوا أسباباً للشفاء وهم في حقيقة الأمر يحتاجون إلى الدواء والشفاء ، والسلاح بضاربه ، وكل إناء بما فيه ينضح 0

ج – وأحياناً قد تتوفر كافة العناصر المساعدة على الاستشفاء والعلاج ، كصحة عقيدة المريض وتوجهه إلى الله سبحانه وتعالى ، وكذلك صحة العقيدة والمنهج بالنسبة للمعالِج ، وهنا قد يكون الأمر ابتلاء من رب العالمين حيث يكون الأمر تمحيصاً لمدى صبر العبد واحتسابه وركونه ورجوعه إليه ، وكل ذلك يكون لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى ، وقد يكون في ذلك رفع درجته ومنزلته يوم الموقف العظيم 0

5)- أما ما ذكره الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير – ونصه : " ولا يعني هذا أن يترك المريض التداوي بالرقية المشروعة حتى لمرض الفصام " 0

ولا نريد أن يفهم من كلام الدكتور الفاضل عكس المعنى الحقيقي المراد إيصاله ، فمن استقراء النص في الفقرة السابقة والذي أشار فيه الدكتور إلى الآتي :" وهذا الأمر مشاهد في العيادات النفسية بكثرة حيث يمكث المريض بضع سنوات يتنقل بين الرقاة ولا يتحسن ثم يراجع الأطباء فيستفيد كثيراً من الأدوية المضادة للذهان " ، يشعر القارئ وكأنه يقف أمام تعارض فيما بين النصين ، ولكن لا بد أن يفهم المقصود على مراد صاحبه ، فمقصود الدكتور ما ذكرته في نقطة سابقة من عدم توفر العوامل المؤدية إلى النتائج الإيجابية الفعالة سواء كان ذلك بالنسبة للمريض أو المعالج أو الطبيب النفسي ، وقد أشرت إلى ذلك في الفقرات ( أ ، ب ، ج ) آنفة الذكر ، والله تعالى أعلم 0

يتبع / 000

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة