عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 17-02-2006, 06:24 PM   #5
معلومات العضو
ناصح أمين
اشراقة ادارة متجددة
 
الصورة الرمزية ناصح أمين
 

 

افتراضي

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

أما بعد :

قال تعالى ** لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ **

قال الإمام الطبري رحمه الله في تفسيره :

القول في تأويل قوله تعالى : ** لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23) **

يقول تعالى ذكره: لا سائل يسأل رب العرش عن الذي يفعل بخلقه من تصريفهم فيما شاء من حياة وموت وإعزاز وإذلال، وغير ذلك من حكمه فيهم؛ لأنهم خلقه وعبيده، وجميعهم في ملكه وسلطانه، والحكم حكمه، والقضاء قضاؤه، لا شيء فوقه يسأله عما يفعل فيقول له: لم فعلت؟ ولمَ لم تفعل؟( وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) يقول جلّ ثناؤه: وجميع من في السماوات والأرض من عباده مسئولون عن أفعالهم، ومحاسبون على أعمالهم، وهو الذي يسألهم عن ذلك ويحاسبهم عليه، لأنه فوقهم ومالكهم، وهم في سلطانه.



وقال الإمام ابن كثير :



قوله: ** لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ** أي: هو الحاكم الذي لا معقب لحكمه، ولا يعترض عليه أحد، لعظمته وجلاله وكبريائه، وعلوه وحكمته وعدله ولطفه، ** وَهُمْ يُسْأَلُونَ ** أي: وهو سائل خلقه عما يعملون، كقوله: ** فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ** [ الحجر:92، 93] وهذا كقوله تعالى: ** وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ ** [ المؤمنون:88]



وقال الإمام البغوي :

** لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ** ويحكم على خلقه لأنه الرب ** وَهُمْ يُسْأَلُونَ ** أي الخلق يسألون، عن أفعالهم وأعمالهم (1) لأنهم عبيد



وقال الإمام السيوطي في الدر المنثور :

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ** لا يسأل عما يفعل ** قال : بعباده ** وهم يسألون ** قال : عن أعمالهم .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : ** لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ** قال : لا يسأل الخلاق عما يقضي في خلقه ، والخلق مسؤولون عن أعمالهم .

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر ، عن ابن عباس قال : ما في الأرض قوم أبغض إليّ من القدرية ، وما ذلك إلا لأنهم لا يعلمون قدرة الله تعالى . قال الله : ** لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ** .

وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبدالله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن في بعض ما أنزل الله في الكتب : إني أنا الله لا إله إلا أنا ، قدرت الخير والشر فطوبى لمن قدرت على يده الخير ويسّرْتُه له ، وويل لمن قدرت على يده الشر ويسرته له . . إني أنا الله لا إله إلا أنا لا أُسْأَل عما أفعل وهم يسألون ، فويل لمن قال وكيف » .

وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن ميمون بن مهران قال : لما بعث الله موسى وكلمه وأنزل عليه التوراة قال : اللهم إنك رب عظيم ، لو شئت أن تطاع لأطِعْت ، ولو شئت أن لا تُعْصَى ما عُصِيت ، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى! فكيف هذا يا رب؟ فأوحى الله إليه : « إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون » .

وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن نوف البكالي قال : قال عزير فيما يناجي ربه : « يا رب ، تخلق خلقاً ** تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء ** [ الأعراف : 155 ] فقال له : يا عزير ، أعرض عن هذا . فأعاد ، فقيل له : لتعرضن عن هذا وإلا محوتك من النبوّة ، إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون » .

قال الإمام القرطبي :

قوله تعالى: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) قاصمة للقدرية وغيرهم.

قال ابن جريج المعنى.

لا يسأله الخلق عن قضائه في خلقه وهو يسأل الخلق عن عملهم، لانهم عبيد.

بين بهذا أن من يسأل غدا عن أعماله كالمسيح والملائكة لا يصلح للالهية.

وقيل: لا يؤاخذ على أفعاله وهم يؤاخذون.

وروي عن علي رضي عنه أن رجلا قال له يا أمير المؤمنين: أيحب ربنا أن يعصى ؟ قال: أفيعصي ربنا قهرا ؟ قال: أرأيت إن منعني.

الهدى ومنحني الردى أأحسن إلي أم أساء ؟ قال: إن منعك حقك فقد أساء، وإن منعك فضله فهو يؤتيه من يشاء.

ثم تلا الآية: " لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ".

وعن ابن عباس قال: لما بعث الله عز وجل موسى وكلمه، وأنزل عليه التوراة، قال: اللهم إنك رب عظيم، لو شئت أن تطاع لاطعت، ولو شئت ألا تعصى ما عصيت، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى فكيف هذا يا رب ؟ فأوحى الله إليه: إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون.



وقال العلامة السعدي :

** لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ** لعظمته وعزته، وكمال قدرته، لا يقدر أحد أن يمانعه أو يعارضه، لا بقول، ولا بفعل، ولكمال حكمته ووضعه الأشياء مواضعها، وإتقانها، أحسن كل شيء يقدره العقل، فلا يتوجه إليه سؤال، لأن خلقه ليس فيه خلل ولا إخلال.

** وَهُمْ ** أي: المخلوقين كلهم ** يُسْأَلُونَ ** عن أفعالهم وأقوالهم، لعجزهم وفقرهم، ولكونهم عبيدا، قد استحقت أفعالهم وحركاتهم فليس لهم من التصرف والتدبير في أنفسهم، ولا في غيرهم، مثقال ذرة.



وقال الشيخ الجزائري في أيسر التفاسير :



** لا يسأل عما يفعل ** : إذ هو الملك المتصرف ، وغيره يسأل عن فعله لعجزه وجهله وكونه مربوباً .



وفي شرح العقيدة الطحاوية في العقيدة السلفية :

وقوله : ( وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه ، لم يطلع على ذلك ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان ، وسُلم الحرمان ، ودرجة الطغيان ، فالحذر كل الحذر من ذلك نظرا وفكرا ووسوسة ، فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه ، ونهاهم عن مرامه ، كما قال تعالى في كتابه : ** لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ** سورة الأنبياء آية 23 .

فمن سأل : لم فعل ؟ فقد رد حكم الكتاب ، ومن رد حكم الكتاب ، كان من الكافرين ) .

ش : أصل القدر سر الله في خلقه ، وهو كونه أوجد وأفنى ، وأفقر وأغنى ، وأمات وأحيا ، وأضل وهدى . قال علي رضي الله عنه : القدر سر الله فلا نكشفه .

والنزاع بين الناس في مسألة القدر مشهور ، والذي عليه أهل السنة والجماعة : أن كل شيء بقضاء الله وقدره ، وأن الله تعالى خالق أفعال العباد . قال تعالى : ** إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ** سورة القمر آية 49 .



وقال تعالى : ** وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ** سورة الفرقان آية 2 . وأن الله تعالى يريد الكفر من الكافر ويشاؤه ، ولا يرضاه ولا يحبه ، فيشاؤه كونا ، ولا يرضاه دينا .

وفي الوجير في عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة :

والله تعالى لا يُسأل عمَا يفعل وعماَ يشاء ، لقوله تعالى : ** لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ** سورة الأنبياء : الآية ، 23 .

فالله تعالى خلق الإنسان وأَفعاله ، وجعل له إِرادة ، وقدرة ، واختيارا ، ومشيئة وهبها الله له لتكون أَفعاله منه حقيقة لا مجازا ، ثم جعل له عقلا يُميِّز به بين الخير والشرِّ ، ولم يحاسبه إِلا على أَعماله التي هي بإِرادته واختياره ؛ فالإنسان غير مُجبر بل له مشيئة واختيار فهو يختار أَفعاله وعقائده ؛ إِلَّا أَنَّه تابع في مشيئته لمشيئة الله ، وكل ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، فالله تعالى هو الخالق لأَفعال العباد ، وهم الفاعلون لها ؛ فهي من الله خلقا وإيجادا وتقديرا ، ومن العبد فعلا وكسبا .

قال تعالى : ** لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ **** وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ** سورة التكوير : الآيتان ، 28 - 29 .



ولقد رد الله تعالى على المشركين حين احتجُّوا بالقدر ، وقالوا : ** لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ ** سورة الأنعام : الآية ، 148 .

فرد الله عليهم كذبهم ، بقوله : ** قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ** سورة الأنعام : الآية ، 148 .

وأَهل السنة والجماعة :

يعتقدون أَن القدر سر الله في خلقه ، لم يطَلع عليه مَلَكٌ مُقرَّب ولا نبي مرسل ، والتعمق والنظر في ذلك ضلالة ، لأن الله تعالى طوى علم القدر عن أَنامه ، ونهاهم عن مرامه ، قال تعالى : ** لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ** سورة الأنبياء : الآية ، 23 .

وأَهل السنة والجماعة :

يُخاطبون ويحاجون من خالفهم من الفرق الضالة والمنحرفة ؛ بقول الله تبارك وتعالى : ** قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ** سورة النساء : الآية ، 78 .

وهذا هو الذي آمن به السلف الصَّالح من الصحابة والتابعين ومنَ تبعهم بإِحسان ؛ رضوان الله تعالى عليهم أَجمعين .



وفي لمعة الإعتقاد :

القضاء والقدر

ومن صفات الله تعالى أنه الفعال لما يريد ، لا يكون شيء إلا بإرادته ، ولا يخرج شيء عن مشيئته ، وليس في العالم شيء يخرج عن تقديره ، ولا يصدر إلا عن تدبيره ، ولا محيد عن القدر المقدور ، ولا يتجاوز ما خط في اللوح المسطور ، أراد ما العالم فاعلوه ، ولو عصمهم لما خالفوه ، ولو شاء أن يطيعوه جميعا لأطاعوه ، خلق الخلق وأفعالهم وقدر أرزاقهم وآجالهم ، يهدي من يشاء برحمته ، ويضل من يشاء بحكمته ، قال الله تعالى : ** لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ** [ الأنبياء : 23 ] ، قال الله تعالى : ** إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ** [ القمر : 49 ] ، وقال تعالى : ** وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ** [ الفرقان : 2 ] ، وقال تعالى : ** مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ** [ الحديد : 22 ] ، وقال تعالى : ** فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا ** [ الأنعام : 125 ] .

هذا والله أعلى وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وسلم





    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة