عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 07-02-2009, 07:55 PM   #8
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن اليوسف
إشراقة إشراف متجددة
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن اليوسف
 

 

افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

خــــواطــرُ راقٍ

(2)



نهـايـة الابتــلاء


يا من أصيب بمس من الجن ، أو سحر من عدو كاشح ، أوعين لامة به(1) .. اعلم أنه :

لا بد لكلِّ عسرٍ من يسر،ولكلِّ شدة من فرج..هذه هي سنة الله تعالى في خلقه..إرادة كونيةٌ ربَّانيةٌ كائنة لا محالة .

والأمراض والبلايا والأسقام مهما عظمت وطالت أيامها،فلابد لها من نهاية،ولساعتها من انقضاء ..


عسى ما ترى أن لا يدوم وأنْ ترى ... له فرجاً ممَّا ألـحَّ له بِه الــدَّهـرُ
عسى فـرجٌ يأتي بـه الله إنَّـه ... له في كــلِّ يومٍ في خليقـتِه أمرُ
إذا لاح عُسْرٌ فارجُ يســراً فإنَّه... قضـى اللهُ أنَّ العُسْـرَ يتبعُهُ اليُسرُ

قال وهب بن منبه-رحمه الله- :
(لا يكون الرجل فقيهاً كامل الفقه:حتى يعد البلاء نعمة،ويعد الرخاء مصيبة، وذلك أنَّ صاحب البلاء:ينتظر الرخاء،وصاحب الرخاء ينتظر البلاء ) .
قال الله جلَّ وعلا: (سيجعل الله بعد عسرٍ يسراًسورة الطلاق)الآية:7.
وقال سبحانه: ( فإنَّ مع العُسْرِ يُسْراً*إنَّ مع العسر يُسْراً)سورة الشرح،الآيتان:5-6.

وصحَّ من حديث ابن عباس-رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم :
(واعلم أنَّ النصر مع الصبر،وأنَّ الفرَجَ مع الكرب،وأنَّ مع العسر يسراً )رواه أحمد وغيره .

لمَّا حُوصر أبو عبيدة -رضي الله عنه- كتب إليه عمر-رضي الله عنه- يقول:
(مهما ينـزل بامرئ شدَّةٌ يجعل الله له بعدها فرجاً،وإنَّه لن يغلب عسرٌ يسرين،وإنَّه يقول: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلَّكُمْ تُفلِحُون)سورة آل عمران،الآية:200.

(ومن لطائف أسرار اقتران الفرج بالكرب،واليسر بالعسر:أنَّ الكرب إذا اشتدَّ وعظم وتناهى،حصل للعبد الإياس من كشفه من جهة المخلوقين،وتعلَّق قلـبه بالله وحده،وهذا هو حقيقة التوكل على الله،وهو من أعظم الأسباب التي تطلب بها الحوائج،فإنَّ الله يكفي من توكَّل عليه،كما قال سبحانه: (ومن يتوكَّل على الله فهو حسبه)سورة الطلاق،الآية:3.

قال الفضيل-رحمه الله-:والله لو يئستَ من الخلقِ حتَّى لا تريد منهم شيئاً،لأعطاكَ مولاك كُلَّ ما تُريد .

وأيضاً:فإنَّ المؤمن إذا استبطأ الفَرجَ،وأيس منه بعدَ كثرة دعائه،وتضرُّعه،ولم يظهر عليه أثر الإجابة يرجع إلى نفسه باللائمة،وقـال لها:إنما أُتيت من قِبَـلِكِ،ولو كان فيكِ خيرٌ لأُجِبتُ،وهذا اللّومُ أحبُّ إلى الله من كثيرٍ من الطاعات،فإنَّه يوجب انكسار العبد لمولاه واعترافَه له بأنَّه أهلٌ لما نزلَ به من البلاء،وأنَّه ليس بأهلٍ لإجابة الدعاء،فلذلك تُسرع إليه حينئذ إجابة الدعاء وتفريج الكرب،فإنه تعالى عند المنكسرة قلوبُهم من أجله .

قال وهبٌ:تعبد رجلٌ زماناً،ثمَّ بدت له إلى الله حاجةٌ،فصـام سبعين سبتاً،يأكل في كلِّ سبتٍ إحدى عشرةَ تمرة،ثمَّ سأل الله حاجته فلم يُعطَها ،فرجع إلى نفسه فقال:منكِ أُتيتُ،لو كان فيك خيرٌ أعطيتِ حاجتَكِ،فنـزل إليه عند ذلك ملَكٌ،فقال:يا ابن آدم ساعتك هـذه خير من عِبادتك التي مضت،وقضى الله حاجته ) .

والحمد لله رب العالمين ، وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجعين .



بفلم /
أبي عبد الرحمن حسن بن محمد اليوسف
12/صفر/ 1430




_____
1- العين اللامة: هي التي تصيب بسوء .
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة