عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 03-01-2010, 08:49 AM   #5
معلومات العضو
القصواء
اشراقة ادارة متجددة
 
الصورة الرمزية القصواء
 

 

افتراضي فوائد حادثة الخصومة




وقد اخترت بعض النقاط من فوائد الموقف التي أراها مهمة :


ترك إغضاب الفاضل لمن هو أفضل منه

الفائدة الثانية: أن الفاضل لا ينبغي له أن يغاضب من هو أفضل منه، وينبغي أن يحفظ له حقه، وأن الشخص الفاضل ينبغي أن يكون له مكانة في المجتمع، ولا يرد عليه، ولا يمنع طلبه، وإنما يعطى حقه ويلبى طلبه لفضله ومكانته.

جواز مدح المرء عند أمان الفتنة

ثالثاً: جواز مدح المرء في وجهه إذا أُمنت الفتنة، فإن الأصل عدم جواز مدح المرء في وجهه، ولكن إذا أمنت الفتنة جاز ذلك كما مدح النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر في محضرٍ من الصحابة، لما علم الله أن أبا بكر من الأتقياء، الذين لا يغترون بالمدح، والنبي صلى الله عليه وسلم -وهو الذي يوحى إليه والمؤيد من ربه- مدح الصديق في حضرة الصحابة، فإذا أمن الافتتان والاغترار بالشخص جاز مدحه للمصلحة، كتبيان فضله حتى لا يعتدى عليه.

مفاسد الغضب

ورابعاً: أن الغضب يحمل الإنسان على ارتكاب خلاف الأولى وترك الأفضل، أو ترك ما ينبغي أن يكون في ذلك الموقف، لكن الغضب يصرف الإنسان عن الرؤية الصحيحة فلا يتخذ الموقف الصحيح.

الرجوع عن الخطأ من صفات الفضلاء

والخامس: أن الفاضل في الدين يُسرع بالرجوع، فإن الناس يخطئون والصحابة بشر يخطئون، ولكن ما هو الفرق بيننا وبين الصحابة؟ أنهم أقل أخطاءً منا بكثير، ولكن إذا أخطئوا سرعان ما يرجعون إلى الصواب وإلى الحق رضي الله عنهم. فالمشكلة حصلت بين أبي بكر و عمر ولكن أبا بكر و عمر رضي الله عنهما رجعا بسرعة، فندم أبو بكر ليس بعد هذه الخصومة بساعات طويلة أو أيام أو شهور وإنما ندم مباشرةً، فرجع إلى بيت عمر ، ولما أخطأ عمر ولم يقبل اعتذار أبي بكر ، ندم عمر بسرعة وذهب إلى بيت الصديق ، وهذه السرعة العجيبة في الرجوع إلى الحق هي التي ميزت أولئك القوم؛ حتى صاروا أفضل هذه الأمة، واختارهم الله لصحبة نبيه ونصرة دينه، والجهاد مع محمدٍ صلى الله عليه وسلم ومعايشة التنزيل ونزول الوحي، فهم أنصاره ووزراؤه رضي الله تعالى عنهم، وهم أفقه الأمة وأعلمها بالحلال والحرام وأبرها قلوباً، ولا يبغضهم إلاَّ منافق ولا يسبهم إلا ملعون. وينطبق في أبي بكر و عمر رضي الله عنهما قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ [الأعراف:201] أي: هؤلاء المتقون إذا مسهم طائف من الشيطان كغضب في خصومة، أو سوء تفاهم فإنهم سرعان ما يرجعون، ولذلك قال الله: تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ [الأعراف:201] وسرعة رجوعهم إلى الحق هذه من مناقبهم وفضائلهم رضي الله تعالى عنهم. إن الصحابة بشر يخطئون، وهل هناك أعظم من أبي بكر و عمر -رضي الله تعالى عنهما- بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟!! ومع ذلك حصل منهم ما يحصل من البشر من سوء التفاهم والخصومة، فهم بشر! وليسوا ملائكة، وهم يخطئون ويقع منهم الخطأ، لكنهم رجاعون إلى الحق، وهذه هي الميزة العظيمة التي عندهم.

التحلل من المظالم

والسادسة: الاستغفار والتحلل من المظلوم؛ فإن الإنسان إذا ظلم أخاه وتعدى عليه وأساء إليه وأخطأ في حقه؛ فإن المندوب له أن يأتيه ويطلب منه أن يستغفر له، وأن يتحلل من هذا المظلوم ويقول له: سامحني وحللني واستغفر لي وتجاوز عني ونحو ذلك ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من كانت له عند أخيه مظلمة -من ظلم أخاه- فليتحلل منه اليوم قبل ألا يكون دينارٌ ولا درهم ولكن بالحسنات والسيئات).

ترك ذكر الاسم مباشرة عند الغضب

وسابعاً: أن الإنسان إذا غضب على صاحبه ربما لم يذكر اسمه مباشرة، وإنما ينسبه إلى أبيه أو جده، كما قال أبو بكر رضي الله عنه: (كان بيني وبين ابن الخطاب شيء).

قبول اعتذار المخطئ

والفائدة التاسعة: أن الإنسان لا ينبغي له أن يرد اعتذار من اعتذر إليه، ويغلق الباب في وجهه، أو يرفض قبول الاعتذار، وهذا يفعله عدد من الناس من فجورهم في الخصومة، فتراهم لا يقبلون الاعتذار ولا يرجعون ويبقون سنوات على ذلك، وكلما حاول فيهم الشخص أن يعتذر إليهم لم يقبلوا منه، بل ربما ظلوا على ذلك حتى الممات لا يقبلون المعذرة ولا يسامحونه، وليست هذه من شيم المؤمنين ولا من أخلاق المتقين؛ بل هذه من صفات المعاندين الذين ركب الشيطان في رءوسهم فنفخهم فجعلوا يرفضون الاعتذارات، ويرفضون العودة والقبول، وإن من شيم المؤمن أن يكون هيناً ليناً يقبل اعتذار أخيه.

معرفة النبي صلى الله عليه وسلم لحال أصحابه بالتوسم

الفائدة العاشرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرف بالتوسم حال أصحابه، فبمجرد ما رأى أبا بكر قال: (أما صاحبكم هذا فقد غامر) فعرف ما به وحاله من هيئته وشكله ومنظره، وطريقة تشميره عن ثيابه، وعرف أن أبا بكر قد دخل في خصومة قبل أن يتكلم أبو بكر رضي الله عنه.

الإتيان إلى البيت للاعتذار

الفائدة الحادية عشرة: أن الإنسان إذا أراد أن يستسمح من آخر فليأته إلى بيته، فـأبو بكر لما أخطأ في حق عمر جاء إلى بيت عمر ولحقه إلى بيته، ولما ندم عمر جاء إلى أبي بكر في بيته؛ لأن الإتيان إلى البيت فيه مزيد من تطييب الخاطر، وكذلك فيه إظهار الكرامة للمخطي عليه؛ لأنه يأتيه في بيته، وكذلك فيه مزيد من الاعتناء بالاعتذار؛ لأنه ليس في الشارع أو الهاتف، أو يرسل له رسالة، أو يوكل أحداً من الناس يقول له: اعتذر لي من فلان، وإنما يأتيه في بيته، فإتيانه فيه مزيد من الاعتناء بالاعتذار، وهذا ما ينبغي أن يفعل عند حدوث الأخطاء.

اللجوء إلى أهل العلم في حل المشاكل

الفائدة الثانية عشرة: أن الإنسان إذا حدثت بينه وبين أخيه مشكلةٌ لم يستطع أن يحلها؛ فإن عليه أن يلجأ لأهل العلم، وأن يقص القصة دون زيادةٍ و لا نقصان، فإن أبا بكر لما أيس من مسامحة عمر له جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقص عليه الخبر؛ حتى يقوم النبي عليه الصلاة والسلام بالتدخل والمصالحة -مثلاً- أو بيان الحق في المسألة أو الحكم ونحو ذلك.

تواضع الصديق رضي الله عنه

والفائدة الثالثة عشرة: تواضع أبي بكر الصديق رضي الله عنه لما جعل يقول: (والله يا رسول الله! لأنا كنت أظلم)، ولم يشأ أبو بكر ولم يسره أن يسكت حتى يشتد النبي عليه الصلاة والسلام على عمر أكثر، وإنما كان أبو بكر يريد سرعة إنهاء الموضوع، وبدون أن يعنف النبي عليه الصلاة والسلام على عمر بمزيدٍ من التعنيف؛ ولذلك تدخل أبو بكر ولم يدع النبي عليه الصلاة والسلام يكمل الاشتداد على عمر ، وجعل يعترف ويقول: (أنا كنت أظلم أنا كنت أظلم) رأفة ورحمة وإنقاذاً لأخيه عمر من هذا الموقف الحرج؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يتكلم وليس كلامه ككلام غيره وبحضرة الصحابة الآخرين، فهو موقف صعب على عمر ، فلم يقل أبو بكر : دعه يلقنه درساً لا ينساه، ولأدع عمر يقف هذا الموقف المحرج حتى يتعلم مرة ثانية ألا يسيء إليّ ونحو ذلك مما يقع من بعضنا في مثل هذا الموقف، لكن لأن الصديق أرفع درجةً من ذلك فقد تدخل لإنقاذ أخيه وصاحبه عمر من الموقف المحرج.

حفظ حق الفاضل وترك أذيته

الفائدة الرابعة عشرة: أن الفاضل ينبغي ألا يُؤذى ويحفظ حقه، وأن يندب إلى ذلك، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( هل أنتم تاركون لي صاحبي؟ ) فينبغي أن يشهر ويعلن بين الناس أن يتركوا فلاناً من الأذى إذا كان له سابقة وفضل، وأن ينوه بسابقته وفضله؛ حتى يترك الناس إيذاءه، ويعرفوا مقداره، ويكفوا شرهم عنه، ويوقروه ويعرفوا حقه وقيمته وقدره، فقال عليه الصلاة والسلام: (إني رسول الله إليكم جميعاً فقلتم: كذبت وقال أبو بكر : صدقت وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركون لي صاحبي؟ فهل أنتم تاركون لي صاحبي؟) فنوه بفضله وقيمته ومنزلته حتى لا يعتدى عليه.

خشية المخطئ على نفسه من العقوبة

الفائدة الخامسة عشرة: أن الإنسان المخطئ عليه أن يخشى على نفسه من العقوبة؛ ولذلك لما جاء عمر رضي الله عنه جلس عن يمين النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم عن شماله ثم بين يديه، ثم قال: (يا رسول الله! فما خير حياتي وأنت معرض عني) فهذه كلمة بالغة في الرقة حيث يقول: إذا أنت غضبت عليَّ فما خير العيش لي بعد ذلك مع غضبك؟! فلا يمكن أن يطيب لي عيشٌ وأنت عليّ غضبان، فهذا فيه استرضاء.

استرضاء العالم والقدوة حال غضبه

الفائدة السادسة عشرة: استرضاء العالم والقدوة والكبير إذا غضب، والمسارعة إلى التخفيف من غلواء غضبه، والمبادرة إلى الاعتذار والرجوع.

الإعلان بالرجوع عن الخطأ

الفائدة السابعة عشرة: الإعلان بالرجوع عن الخطأ؛ لأن بعض الناس ربما لا يقوى على الإعلان بالرجوع عن الخطأ، وإنما يريد أن يعتذر سراً، وليس أمام الناس، ولكن أبا بكر يقول: ( أنا كنت أظلم ) أمام الجميع، و عمر جاء يعتذر للنبي صلى الله عليه وسلم أمام الجميع، فلم يكن ليمنعهم عن إظهار الاعتذار أن يكون بعض الناس حاضرين، ويقولون: نحفظ ماء وجهنا بأن نأخذ النبي عليه الصلاة والسلام على جنب ونكلمه ونعتذر له، ولكنهم لا مانع عندهم أن يعتذر الإنسان، ويعترف بخطئه أمام الآخرين، ولم ينقص قدرهم رضي الله عنهم.



http://audio.islamweb.net/audio/inde...audioid=101468




فلا تتركوا اخوتي الخطام لأنفسكم تقودكم الى حيث الانحدار ..
ولوذوا بالاستعانة بالله على أن يمنحكم البصيرة بما هو حق

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة