عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 08-10-2008, 03:46 PM   #12
معلومات العضو
( أم عبد الرحمن )
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي

أختى الفاضلة ايمان نور ... اليك هذا البحث وان شاء الله يفيد


بحث فى معرفة ما يحل وما يحرم
بالنسبة الحائض



مقدمة :
هذا بحث أملاه علينا فضيلة الشيخ / سيد العربى – حفظه الله – وقد أعده ورتبه ترتيب علمى بحيث يستفيد منه المتعلم وغيره ، والباعث على هذا المبحث هو مسألة ( دخول الحائض الى المسجد ) وما يتعلق بها من خلاف وكثرة التساؤلات والإضطراب والإختلاف ، وقد أعده – حفظه الله – ليكون عوناً للأخوات تستفيد منه وتعلمه لغيرها ولكى تكون على بينة من أمرها ، وقد يسره لنا بأسلوب علمى دقيق معاوناً لنا على الخير والتقوى – جزاه الله خيراً 00
أولاً : ما يحرم على الحائض :

يحرم على الحائض أمور و أشياء منها ماهو متفق عليه ومنه ماهو مختلف فيها :
أ – الأمور المتفق عليها :
إتفق المسلمون على أن الحيض يمنع أربعة أشياء ( بداية المجتهد 1/148 طبعة مكتبة ابن تيمية ) :
1) أحدها : فعل الصلاة ووجوبها أعنى أنه ليس يجب على الحائض قضاؤها ، بخلاف الصوم 0
2) الثانى : أنه يمنع فعل الصوم لا قضاؤه ، وذلك لحديث عائشة الثابت أنها قالت :" كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة ) أخرجه البخارى 1/421 رقم 231 ، ومسلم 1/265 00وإنما قال بوجوب القضاء عليها طائفة من الخوارج 0
3) الثالث : فيما أحسب الطواف بالكعبة لحديث عائشة الثابت حين أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تفعل كل ما يفعل الحاج غير الطواف بالبيت ( رواه البخارى 1/83 و85 و 416 – 4/21و24 00ومسلم 4/30 من طريق القاسم عن عائشة )أن النبىصلى الله عليه وسلم قال لها لما حاضت إفعلى مايفعل الحاج غير أنه لا تطوفى بالبيت حتى تطهرى )00 وفى رواية لمسلم ( تغتسلى بدل تطهرى ، وهى مفسرة للأخرى )0
4) الرابع : الجماع فى الفرج لقوله تعالى :** إعتزلوا النساء فى المحيض ** البقرة 222 00

الشـرح :
هذه أربع أمور متفق عليها أنها تحرم على الحائض : إتفقوا :
1) أنه لا يحل لها الصلاة ، وليست هى واجبة عليها ولا تقضيها ، فيحرم عليها صلاتها ولا يجب عليها القضاء0
2) أنه يحرم عليها حال الحيض الصوم ولكنها لا يحرم عليها قضاؤه ، بل يجب قضاء الصوم 0
[ والأول والثانى دليلهما قول النبى صلى الله عليه وسلم فى حديث عائشة أنه كان يأمرهم بقضاء الصوم وكما قالت : " كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة ، ولم يقل بوجوب قضاء الصلاة إلا الخوارج ]
3) ومن الأمور التى تحرم على الحائض : الطواف وهو متفق عليه فيما أحسب أى لا يعلم فيه خلاف ، لحديث عائشة لما حاضت فى الحج ودخل عليها النبى صلى الله عليه وسلم ووجدها تبكى فقال لها : أنفستِ ؟ قالت : نعم 00فقال : هذا أمر كتبه الله على بنات حواء ثم أمرها أن تفعل كل شئ إلا الطواف ، فقال لها : إفعلى مايفعل الحاج غير أنه لا تطوفى بالبيت حتى تطهرى ، وفى رواية لمسلم : حتى تغتسلى ويُستدل من هذا أن الطهر الذى يستحل به الطواف ليس هو إنقطاع الدم بل أن تغتسل من حيضها 0

ب - المختلف فيه :
إختلف العلماء فى أمور هل هى مما تحرم على الحائض أو تحل ، ومن هذه الأمور :
1 - مس المصحف : ومنع الحائض من مس المصحف وقع فيه الخلاف ، ليس من جهة الحيض ولكن من جهة عدم الطهارة ومن جهة كون الحائض غير متطهرة ( متلبسة بالحدث الأكبر ) ، وذلك بناء على مسألة ( لا يمس المصحف إلا طاهر ) المعروفة عند الفقهاء ، فقد ذكر الخرقى فى مسائله 00( كتاب المغنى لابن قدامة عبارة عن شرح مسائل ، هذه المسائل التى هى أصل كتاب المغنى جمعها إمام من أئمة الحنابلة إسمه الخرقى وهو جمع مسائله ورتبها على الأبواب الفقهية فى صورة مسائل سماه : مختصر الخرقى ، وقام بعض علماء الحنابلة بشرح هذا المختصر ، وممن شرح ذلك ابن قدامة فى كتابه المغنى ، وهو فى الفقه ومتعرض للأقوال والمذاهب الأخرى )00 قال الخرقى : ولا يمس المصحف إلا طاهر ، قال بن قدامة فى المغنى على شرحه لهذه المسألة (ج 1صفحة202 و203 – هجر للطباعة والنشر ) يعنى طاهراً من الحدثين جميعاً ، وروى هذا عن ابن عمر والحسن وعطاء وطاووس والشعبى والقاسم بن محمد ، وهو قول مالك والشافعى وأصحاب الرأى ( أى الحنفية ) ولا نعلم مخالف لهم إلا داود ( إمام مذهب الظاهرية ) فإنه أباح مسه وإحتج بأن النبى صلى الله عليه وسلم كتب آية فى كتابه الى قيصر ( عندما أرسل الى قيصر – وهو كافر نجس كتاب يدعوه الى الإسلام ، وفى هذا الكتاب آية ، فقال : مادام الرسول أرسل كتاب به آية الى نجس سيمسه فهذا دليل على إباحة مس المصحف 00وأباح الحكم وحماد مسه بظاهر الكف لأن آلة المس باطن اليد فينصرف النهى إليه دون غيره ، قال ابن قدامة : ولنا فى قوله تعالى ** لا يمسه إلا المطهرون ** الواقعة 79 00 وفى كتاب النبى صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم لا يمس القرآن إلا طاهر ، وهو كتاب مشهور رواه أبو عبيد فى فضائل القرآن ورواه الأثرم ( رواه الأثرم والدارقطنى متصلاً ، وإحتج به أحمد ، وهو لمالك فى الموطأ مرسلاً ، قال الألبانى فى الإرواء : صحيح روى من حديث عمرو بن حزم وحكيم بن حزم ومن عمرو وعثمان من أبى العاصى ( الإرواء 1/159) فأما الآية التى كتب بها النبى صلى الله عليه وسلم فإنما قصد بها المراسلة ،والآية فى الرسالة أو فى كتاب فقه ونحوه لا تمنع مسه ولا يصيرر الكتاب بها " مصحفاً " ولا تثبت له حرمته ، إذا ثبت هذا فإنه لا يجوز مسه بشئ من جسده لأنه من جسده فأشبه يده ، وقولهم أن المس إنما يختص بباطن اليد فليس بصحيح : فكل شئ لاقى شئ فإنه مسه 00أ0هـ0
الشـــرح :
العلماء إختلفوا فى مسألة مس المصحف ، ليس فيما يتعلق بالحائض على وجه الخصوص وإنما تكلموا فى هذه المسألة من باب عدم جواز مماسة المصحف لغير طاهر ، ومعناه غير متطهر من الحدث الأكبر ومن الحدث الأصغر ، فالحائض تدخل فيهم لأن البحث متعلق بها وإلا فالكلام ليس للحائض والجنب وغير المتوضأ ، ولكنه على الحائض أوْلى لأنه إذا منع مس المصحف لغير المتوضأ لرفع الحدث الأصغر فهو للحدث الأكبر أوْلى وأوْلى ، ليست من باب الحيض ولكن من باب تلبس الحائض للحدث الأكبر 00فالكلام فى كتب الفقه متعلق بهذه المسألة ليس من جانب الحيض ولكن من باب التلبس بالحدث عموماً ، لذلك ذكروا كل من هو غير متطهر ( الحائض والجنب وغير المتوضأ فذكر الخرقى فى مسائله مسألة من ضمن المسائل المرتبة : لا يمس المصحف إلا طاهر ، عند شرح ابن قدامة لهذه المسألة قال : يعنى طاهراً من الحدثين جميعاً ، وقال أنه مذهب ابن عمرو والحسن وعطاء وطاووس والشعبى والقاسم وقول مالك والشافعى والحنفية ولكن مذهب الظاهرية الى جواز المس ، أى أن جمهور الفقهاء على عدم مس المصحف إلا على طهارة ( لا يعنينا جمهور الفقهاء لو خالف فقيه واحد جمهور الفقهاء فى مسألة وكان الدليل معه فقوله هو الصواب ، هذا من أساليب التلقى فأخذنا مبحث المذهبية لمعرفة أن المراد هو الكتاب والسنة ، وبالتالى إذا عرفنا أن هناك فقيه واحد قال القول الذى يوافق الدليل وكان قول الجمهور لسبب أو آخر مخالف الدليل : كان هذا يعنى قبول قول الفقيه الواحد لأن الأصل هو إرادة وقصد الكتاب والسنة ) فهم على عدم المس ، وفى هذه المسألة هم على صواب لأن معهم الدليل 00الظاهرية قالوا أن النبى صلى الله عليه وسلم لما أرسل رسالة الى قيصر كتب آية سيمسها قيصر ، ويعلم النبى ذلك ، فدل على جواز مس المصحف ، فردوا عليهم بأن هذا ليس مصحف ولا يأخذ حُكمه 00
ولذا قوله تعالى ** لا يمسه إلا المطهرون ** البعض عند مناقشة هذه الآية قالوا : المطهرون هم الملائكة : والإجابة على هذا :
1-أن القرآن فى الآيات المتكلمة على القرآن وأنه نزل به الروح الأمين وأنه فى كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون ، فالكلام كله على القرآن وليـس على اللوح المحفوظ ( كما قال ابن القيم ) والقرآن كما يمسه الملائكة يمسه غير الملائكة ، فصار هذه الآية سياق إنشائى يترتب منه خبر كأن الله يقول : لا يصح أن يمسه إلا المطهرون ، كأنه أمر 00
2- إذا كان الكلام على اللوح المحفوظ فاللوح المحفوظ لا تمسه الملائكة ، بقى الكلام على القرآن فقط ، فهذا إسمه أسلوب إنشائى خبرى ، إسلوب جاء فى صورة الخبر ولكنه يحمل أمر ، إذا بقى الأمر على تأويل ** لا يمسه إلا المطهرون ** أى لا يصح أن يمس المصحف إلا مطهر ، أى من الحدث الأكبر والحدث الأصغر ، أى لا تكون جنباً ولا حائض ولا محدثة بل لابد من مسه على طهارة
حتى ولو قلنا أن هناك خلاف بين المفسرين فيقوى هذا المعنى وهذا الحكم قول النبى صلى الله عليه وسلم فى كتاب كتبه لعمرو بن حزم جاء فى هذا الكتاب أمر من النبى ألا يمس القرآن إلا طاهر ، فى هذا الحديث الصحيح الذى صححه الألبانى قطع الخلاف ، فإن قلنا إختلف فى تأويل آية لا يمسه إلا المطهرون : فإن حديث النبى وكتابه لعمرو بن حزم المروى عن طرق عمرو بن حزم وحكيم بن حزم وبن عمـرو وعثمان : هذا قطع الخلاف ** لا يمس القرآن إلا طاهر ** 00والطاهر هو إسم لمن رفع الحدث الأكبر والأصغر ، ليس الحائض والجنب فقط ، بل الحدث الأصغر أيضاً أى على وضوء ، من قال لا يهم الوضوء ؟ هم الظاهرية وقالوا هذا بناء على كتب النبى الىالملوك الكفار وفيها آيات ، وقلنا أن هذا الكلام لا يستقيم لأن النصوص مانعة وأن هذا مرفوض ، وهذه الرسالات لا تعد مصحف والعلماء شبه متفقين على أن كتب التفسير والفقه ليس لها أحكام المصحف ، فالمرأة فى حيضها كما سنذكر ذلك لها مس التفسير ، وبعض الفقهاء قالوا مع أنهم منعوا المس على غير طهارة قالوا : يمكن يمس بغير باطن اليد أى بظاهر اليد أو غيرها ، وهذا لأن دليلهم أن آلة المس هى باطن اليد وهذا لا يستقيم ، لأن الله تعالى قال ** أو لامستم النــساء ** لو لمس رجل أى إمرأة بأى جزء من جسده لجسدها فهل هذا يعتبر مس أم لا ؟ ويترتب عليه أحكام المس أم لا ؟ وإن كان الغالب المس بباطن اليد ولكن ليس هذا فحسب ، فكل شئ يلاقى شئ كان مس 00هذا معنى ماسبق 00

مسألة :

قال بن قدامة فى المغنى ( 1/203و204 – هجر للطباعة والنشر )
ويجوز حمله بعلاقة ( ما يتعلق به المصحف ويكون ليس من أصل المصحف وليس ملازم للمصحف فالجلدة لا تعتد علاقة وكذلك الغلاف أو السوستة لكن لو كان كيس منفصل تماماً عن المصحف مثل كيس بلاستيك أو قماش أو شنطة مدرسية أو شنطة بحيث لا يمس بنفسه وكل ما لا ينفك عن المصحف فهو منه وله حكمه ولازال الأحكام عند الفقهاء متعلق بالمصحف الذى بين دفتين أى بين جلدتيه00ولكن وضعه فى كيس بحيث يوضع فيه وأمسك الكيس بدون لمس المصحف ) أ0هـ الشرح 00
ويجوز حمله بعلاقة ، وهذا قول أبى حنيفة ، وروى ذلك عن بن الحسن وعطاء والشعبى وطاووس وابى وائل والحكم وحماد والقاسم ، ومنع منه الأوزاعى ومالك والشافعى وقال مالك : أحسن ماسمعت أنه لا يحمل المصحف بعلاقته ولا فى غلافه إلا وهو طاهر ( فهناك من تشدد وقال حتى لو كان فى علاقة لا يحمل إلا وهو طاهر ) وليس ذلك لأنه يدنسه ( ليس لأن انجاسة تخالطه وحتى الحائض فإن حيضتها ليست فى يدها ولا فى أى موضع من جسدها إلا موضع الدم ) ولكن تعظيماً للقرآن وإحتجوا بأنه مكلف محدث قاصد لحمل المصحف ( فهو يعرف أنه محدث ويعلم أن هذا الكيسأوالعلاقة به مصحف ورغم ذلك حمله ) فلم يجز كما لو حمله مع مسه ، ولنا ( ابن قدامة ) أنه غير ماس له ( مادام فى متاعه أو حقيبته التى على ظهره أو على دابته ) ولأن النهى إنما يتناول المس ( فلم يقل لا يحمله إلا المطهرون ) والحمل ليس بمس فلم يتناوله النهى 0أ0هـ0
الشرح :
فهذه مسألة إختلفوا فيها بعد أن رتبوا وأتفقوا على أن ( مس المصحف ) لا يصح إلا لطاهر من الحدثين ، فقالوا : هل يجوز أن يحمله فى علاقة ؟ : منهم من أجاز ومنهم من منع وقال من باب تعظيم القرآن العظيم يمنع حمله إلا طاهر ، فقالوا له ليس شرط الطهارة لأن النهى متعلق بالمس وليس بالحمل 00فإنتبه حتى لا تقول أنى أرتدى قفاز أو أمسه بغلافه 00أ0هـ0
· مسألة المرجع السابق : المغنى 1/203 و 204 – هجر للطباعة والنشر )
ويجوز مس كتب التفسير والفقه وغيرها والرسائل وإن كان فيها آيات من القرآن بدليل أن النبى صلى الله عليه وسلم كتب الى قيصر كتاباً فيه آية ولأنها لا يقع عليها إسم المصحف ولا تثبت لها حرمته الى أن قال : وفى الدراهم المكتوب عليها قرآن وجهان :
1) المنع مذهب أبى حنيفة ، وكرهه عطاء والقاسم والشعبى لأن القرآن مكتوب عليها فأشبهت الورق ( كأنه ورق مصحف ) 0
2) الجواز لأنه لا يقع عليها إسم المصحف فأشبهت كتب الفقه ولأنه فى الإجتراز منها مشقة أ0هـ0
فائدة : قلت : ومن هذا المصحف الذهب وقطعة الذهب المكتوب عليها آية الكرسى فإنه لا يصح للمرأة الحائض أن تلبس هذا هذا ومثله بحيث تمسه بجسدها لأنه فى حكم المصحف ولا يصح أن يمس مثل هذا إلا على طهارة 0


مسألة : ( المصدر السابق )
إن إحتاج المحدث الى مس المصحف عند عدم الماء تيمم ( وذلك خلاف الحائض حتى تطهر) ، وجاز مسه00و لو غسل المحدث بعض أعضاء الوضوء لم يجز له مسه به قبل إتمام وضوءه لأنه لا يكون متطهراً إلا بغسل الجميع 0أ0هـ0
[ قلنا أنه من الأمور التى إختلف فيها العلماء هل هى مما تحرم على الحائض أو تحل :
1- مس المصحف
2 – قراءة القرآن : إختلف الفقهاء فى جواز قراءة الحائض للقرآن :
ذهب قوم الى التحريم ( كالقاسم والهادى والشافعى ، وإستدلوا لذلك بأحاديث منها :
*عن على رضى الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضى حاجته ثم يخرج فيقرأ القرآن ويأكل معنا اللحم 0 وربما قال لا يحجزه من القرآن شئ ليس الجنابة 0( رواه أبو داود والنسائى والترمذى ، وقال الألبانى فى الإرواء ضعيف – رقم 485 )
*عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئاً من القرآن ( رواه الترمذى وأبو داود وابن ماجه ، وفى إسناده إسماعيل بن عياش وروايته عن الحجازيين ضعيفة وهذا منها ، ورواه الدارقطنى )0
عن جابر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : لا يقرأ الحائض ولا النفساء شيئاً ( رواه الدارقطنى ، والحديث فيه محمد بن الفضل وهو متروك ومنسوب الى الوضع وقد روى موقوفاً ، وفيه يحيى بن أبى أنيسة وهو كذاب )وهذه هى النصوص التى إستدل بها أهل المذهب الأول على التحريم ، وقالوا : هذه الأحاديث تدل على التحريم 0
· وذهب آخرون الى جواز ذلك على أى وجه ، وإستدلوا لذلك بما ثبت عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت : " كان النبى صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه ( الحديث عند مسلم وما علقه البخارى عن ابن عباس ، ووصله ابن المنذر ، وذكر البخارى عن ابن عباس أنه لم يرى بقراءة الجنب بأساً ) هذا الأثر وصله ابن المنذر بلفظ أن ابن عباس كان يقرأ ورده وهو جنب ، وقال بن خزيمة لا حجة فى هذا الحديث ( حديث على : لا يحجزه من القرآن شئ ليس الجنابة ) لمن منع الجنب من القراءة لأنه ليس فيه نهى وإنما هى حكاية فعل00
الشرح :
قال البعض لا تقرأ الحائض القرآن وإستدلوا بأحاديث منها حديث على وابن عمر وجابر ، ونرى أن الحديث مع إفتراض صحته كانوا يتأولوه وقالوا هذه الأحاديث تدل على التحريم 0
والبعض الآخر على الجواز وإستدلوا بحديث عائشة وماذكره البخارى عن ابن عباس ، وذكرنا أنهم ذكروا الجُنب وذلك بإعتبار أن الحديث جمع بينهما ، ورأينا أن كثيراً ما يربط الفقهاء بين الحائط والجُنب ولكننا سنعلم بعد ذلك إن شاء الله أن هناك فرق بين الحائض والجنب أ0هـ0
وقال بن حجر فى الفتح أن البخارى والطبرى وابن المنذر ذهبوا الى جواز قراءة القرآن من الجنب وإحتجوا بعموم حديث عائشة المذكور أ0هـ0
هذا بالإضافة الى ضعف الأحاديث التى يعتمد عليها القائلون بالتحريم
قال شيخى بارك الله فيه : رأينا أن الأحاديث التى إستدل بها المانعون من قراءة القرآن للحائض والجُنب لا يصح منها شئ ولا تقوى للإحتجاج من طريق أ0هـ
قال الشوكانى فى نيل الأوطار : والحديث ( حديث ابن عمر ) يدل على تحريم القراءة على الجنب ، وقد عرفت فيما ذكرنا أنه لا ينتهض للإحتجاج به على ذلك وقد قدمنا الكلام على ذلك فى الحديث الذى قبل هذا 0 ويدل أيضاً على تحريم القراءة على الحائض وقد قال به قوم ، والحديث هذا والذى بعده ( حديث جابر ) لا يصلحان للإحتجاج بهما على ذلك فلا يثار الى القول بالتحريم إلا بدليل 0أ0هـ
قال شيخى جواز قراءة الحائض والجنب للقرآن بغير مس المصحف ، أى القراءة من حفظها كما تشاء مع معرفة المذهبين ومعرفة أدلة كل مذهب 0 فالأصل البراءة الأصلية وعدم التحريم إلا بدليل حيث من دراستنا للمذهبين وأدلتهما إتضح لنا أن أدلة المذهب القائل بالتحريم أدلة واهية لا تقوى للإحتجاج بها 00لذلك : يجوز القراءة للحائض والجنب للقرآن عن ظهر قلب حيث هذا ما إستقر عندنا وهو الراجح 0أ0هـ
فائدة : هل هذا على الإستحباب أم على الجواز ؟

على الجواز ولكن يستحب عدمه من باب أن الإستحباب ذكر الله على طهارة نفس الذكر وليس مس المصحف ، والمندوب لا يمنع الجواز ، لا يمنع القول بالجواز من القول بكراهة ذلك تنزيهاً ، وذلك لما ثبت من أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : إنى كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طُهر أو قال على طهارة 0
وهذا صريحاً فى كراهة الذكر على غير طهارة ، والحدريث ورد فى السلام ( ألقى رجل على النبى السلام فلم يُجبه فلما سأله عن ذلك قال : كرهت أن أذكر الله على غير طهر ، فهذا فى السلام ، والقرآن أولى من السلام ، والسلام رده واجب ومع ذلك إمتنع منه النبى إلا عن طهارة يبقى المندوب أولى ) والقرآن أولى من السلام كما هو ظاهر ، والكراهة لا تنافى الجواز كما هو معلوم 0
وبناء على ماتقدم أقول أن قراءة الحائض للقرآن جائزة وإن كانت على طهارة من الحدث الأكبر والأصغر فأولى وأفضل 00


3 ما يُسـتباح من الحائـض : ( بداية المجتهد 1/ 148-150 )

إختلف الفقهاء فى مباشرة الحائض وما يستباح منها ، فقال مالك والشافعى وأبو حنيفة : له منها مافوق الإزار فقط 00وقال أحمد وسفيان الثورى وداود الظاهرى : إنما يجب عليه أن يجتنب موضع الدم فقط 0
وإستدل أهل المذهب الأول بما ورد فى الأحاديث الصحاح عن عائشة وميمونة وأم سلمة ( أنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر إذا كانت إحداهن حائض أن تشد عليها إزارها ثم يبـاشــرها ) والأحاديث عند البخارى 1/203، 405 – ومسـلم 1/ 342 – 243 ) والطبرانى فى الأوسط 0
وأستدل أهل المذهب الثانى بقوله تعالى : ** قل هو أذى ** البقرة 242 ، وقالوا : الأذى إنما يكون فى موضع الدم ، وقالوا إن مفهوم الآية يدل على الجواز ورجحوا تأويلهم هذا بأنه قد دلت السنة أنه ليس من جسم الحائض شئ 0
أى المفهوم أن الذى يُعتزل هو موضع الدم فما سواه لا يُعتزل – إلا موضع الدم ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل عائشة أن تناوله الخمرة ( قطعة يُصلى عليها صلى الله عليه وسلم ) وهى حائض فقالت : إنى حائض 0 فقال صلى الله عليه وسلم : إن حيضتك ليست فى يدك ( الحديث عند مسلم 1/245) ، وماثبت أيضاً من ترجيلها رأسه صلى الله عليه وسلم وهى حائض ( الحديث عند البخارى 1/401-ومسلم1/244 ) وقوله صلى الله عليه وسلم : إن المؤمن لا ينجس ( الحديث عند البخارى 1/390 ومسلم 1/282) وهذا بخلاف ما جاء من حديث ثابت بن قيس عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : إصنعوا كل شئ بالحائض إلا النكاح – الحديث عند مسلم 1/246
وهذا الحديث يفصل فى القضية ، فبعيداً عن التأويلات فهذا يدل على أنه يجوز أن يستمتع الرجل بالحائض بما تحت الإزار ، فالحديث يدل على أن الذى يجب هو إعتزال موضع الدم وإن كان الأولى والأفضل والتأسى به أن ت**مر المرأة فتأتزر ثم يُباشرها وهى على هذه الحال 0
جواز الإستمتاع بالحائض جميع بدنها دون الفرج

قال ابن قدامة فى المغنى : دلنا قول الله تعالى :** وإعتزلـوا النسـاء فى المحيض ** – البقرة242 ، والمحيض إسم لمكان الحيض ، كالمقيل إسم لمكان القيلولة ، والمبيت إسم لمكان البيتوتة ، والمحيض إسم لمكان الحيض كالمقيل والمبيت ، فتخصيصه موضع الدم بالإعتزال دليل على إباحته فيما عداه ، فإن قيل بل المحيض الحيض مصدر حاضت المرأة حيضاً ومحيضاً بدليل قوله تعالى أول الآية :** ويسألونك عن المحيض قل هو أذى ** والأذى هو الحيض المسئول عنه ، وقال تعالى : ** واللائى يئسن من المحيض ** قلنا اللفظ يحتمل المعنيين وإرادة مكان الدم أرجح بدليل أمرين :
أحدهما : أنه لو أراد الحيض لكا، أمراً بإعتزال النساء فى مدة الحيض بالكلية والإجماع بخلافه ، قال شيخى بارك الله فيه : إذا كان المقصود أى إعتزلوا النساء حال حيضها كان الأمر بإعتزال النساء بالكلية أى ذراعها وقدمها وجميع جسدها ، والإجماع بخلاف ذلك لأنهم أجمعواعلى أن تؤاكل المرأة وتـُشارب وتـُشارك فى المبيت 0أ0هـ
والثانى : أن سبب نزول الآية أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة إعتزلوها فلم يؤاكلوها ولم يُشاربوها ولم يُجامعوها فى المبيت ، فسألوا أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية فقال النبى صلى الله عليه وسلم إصنعوا كل شئ إلا النكاح 0 رواه مسلم فى صحيحه ، وهذا تفسير لمراد الله تعالى ( فكأن السنة بينت مطلق الإعتزال لأن الإعتزال مقيد بموضع الدم ) ولا تتحقق مخالفة اليهود بحملها على إرادة الحيض لأنه( لو إعتزلنا النساء بالإطلاق فى الحيض كنا قد وافقنا اليهود ) يكون موافقاً له 00أ0هـ
الى أن قال : ولأنه منع الوطء لأجل الأذى فأختص محله كالدبر ( ليس جسم المرأة كله ) وما روى عن عائشة رضى الله عنها دليل على حل مافوق الإزار لا على تحريم ماتحته ، وقد يترك النبى بعض المباح تقذراً كتركه أكل الضب والأرنب 00أ0هـ
وعليه فيمكننا أن نقول أن إستباحة مافوق الإزار من الحائض أدرع وأفضل ، وذلك لفعله صلى الله عليه وسلم ، ولأنه يمنع من الإفضاء الى الإتيان فى الفرج وهو محرم بإتفاق ، ولكن هذا لا يمنع من القول بجواز الإستمتاع بما تحت الإزار لما سلف من الأدلة 0
الإزار هو ما تلبسه المرأة ليستر مافوق ركبتها الى سرتها منطقة الفرج وما حوله 00
ملخص لما سبق : ذهب فريق الى أن ما يُستباح من الحائض هو مافوق الإزار وإستدلوا بحديث من أحاديث عائشة وأم سلمة فهذا يدل على حرمة ، وقال آخرون ليس فيه دليل حرمة لأن القرآن جاء بمنع موضع الدم ، وجاء المنع لعلة الأذى وفيما سواه ليس فيه أذى ، وإستدلوا بحديث الخمرة وترجيل رأسه ووضع رأسه فى حجر نسائه وهن حائض مما يوضح أن جسد المرأة ليس فيه بأس وأن العلة فى موضع الدم ، وقوى مذهبهم هذا بما ثبت من حديث ثابت بن قيس وإن إعترض عليه أن الحيض المراد هو الحيض المصدر وليس المحل فتعتزل المرأة ، فرد عليه أن هذا وإن كان يحتمله اللفظ لكن ليس هذا الراجح ، ورجحوا القول الأول ( الإعتزال فى موضع الدم فقط بقرائن منها أن هذا سبب نزول الآية وهو مخالفة اليهود وأن معنى ذلك إعتزال المرأة كلها وهذا خلاف ما أجمع عليه فلا يُقال به ) 0
4- دخـول الحائـض المســـجد


إختلف العلماء فى هذا الأمر من جهتين :
• الأولى : دخول الحائض المسجد مروراً ( أى مجرد الدخول دون مُكث ) المكث : البقاء

الثانية : الدخول الى المسجد مع المُكث فيه 0
توضيح : وقد جاء كلامهم فى هاتين المسألتين ضمن كلامهم فى مسألة منع الجنب والحائض من المسجد
العلماء والفقهاء تكلموا على مسألة دخول الحائض المسجد مروراً أو المُكث فيه فى مسألة أو موطن دخول الجنب والحائض المسجد : حيث إختلفوا فى هذه المسألة على النحو التالى :
منع قوم الحائض والجنب من دخول المسجد أصلاً ولو مروراً ، ومن هؤلاء سفيان وأصحاب الرأى ، وهو المشهور من مذهب مالك 00
توضيح : أصحاب المذهب الأول : ومنهم سفيان وأصحاب الرأى والمشهور من مذهب مالك على منع دخول الحائض أصلاً للمسجد لمكث ولا غيره 00وأدلة هذا المذهب :
1) إستدلوا لذلك بما جاء عن عائشة قالت : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه أصحابه شارعة فى المسجد فقال : وجهوا هذه البيوت عن المسجد 0 ثم دخل صلى الله عليه وسلم ولم يصنع القوم شيئاً رجاء أن تنزل فيهم رخصة ، فخرج إليهم بعد فقال : وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإنى لا أحل المسجد لحائض ولا جنب 00هذا الحديث ذكره الألبانى فى الإرواء برقم 193 ( وهو ضعيف )
2) وبنهى عائشة عن أن تطوف بالبيت وأصل هذا الحديث عند البخارى 1/83و85و416 ومسام 4/30 ، وأبو داود والنسائى والترمذى عن عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لها : إفعلى ما يفعل الحاج غير أنه لا تطوفى بالبيت ، وقالوا ولأن حدثها كان أغلظ من الجنابة 0

وأجاز قوم آخرون دخول الحائض المسجد وأنها لا تمنع إلا مخافة مايكون منها ، وقد ذهب الى جواز ذلك زيد ابن ثابت وحكاه الخطابى عن مالك والشافعى وأهل الظاهر وأحمد وإختلف المجوزون ( أهل هذا المذهب ) فيما يتعلق بدخول الحائض والجنب المسجد هل هو على سبيل المرور فقط أم مع جواز اللبث والمُكث فيه ؟
فقد ذهب الشافعية والحنابلة الى إباحة العبور من غير مكث وقالوا لا كرهة فيه سواء أكان لحاجة أم لغيرها لكن الأولى ألا يعبر إلا لحاجة 0
قال ابن قدامة ( المغنى 1 /200و201 ) وليس لهم اللبث فى المسجد لقول الله تعالى ( ولا جنب إلا عابرى سبيل حتى تغتسلوا 00) النساء 43
وروت عائشة << سأل النبى صلى الله عليه وسلم عائشة أن تناوله الخمرة وهى حائض فقالت : إنى حائض ، فقال صلى الله عليه وسلم : إن حيضتك ليست فى يدك ( الحديث عند مسلم 1/245)
ويُباح العبور للحاجة : من أخذ شئ أو تركه أو كونه الطريق فيه أم لغير ذلك فلا يجوز بحال0
وممن نقلت عنه الرخصة فى العبور ابن مسعود وابن عباس وابن المسيب وحسن ومالك والشافعى 0أ0هـ00
أدلة هذا المذهب :
· إستدل أهل هذا القول بعموم الآية ** إلا عابرى سبيل 00** وهذا على إعتبار أنهم فى كثير من الأحيان يساوون بين الجنب والحائض 0
· وما جاء عن زيد بن أسلم قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشون فى المسجد وهم جنب ( رواه ابن المنذر ) ،
وعن جابر قال : كان أحدنا يمر بالمسجد جنباً مجتازاً ( رواه سعيد بن منصور فى سننه وابن أبى شيبة )
وبما ثبت من حديث عائشة قالت : قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم ناولينى الخمرة من المسجد فقالت : إنى حائض فقال : إن حيضتك ليس بيدك ، وفى رواية ( ليست فى يدك فناولته 00فقالوا : والحديث يدل على جواز دخول الحائض للمسجد للحاجة تعرض لها إذا لم يكن على جسدها نجاسة وأنها لا تمنع من المسجد إلا مخافة مايكون منها0قاله الشوكانى وقال أيضاً تعليقاً على أثرى جابر وزيد : وقد أراد المصنف هنا الإستدلال لمذهب من قال أنه يجوز للجنب المرور فى المسجد وهم ابن مسعود وابن عباس والشافعى وأصحابه وإستدلوا على ذلك بقوله تعالى ** إلا عابرى سبيل ** ، والعبور إنما يكون فى محل الصلاة وهو المسجد لا فى الصلاة وتقييد جواز ذلك بالسفر لا دليل عليه بل الظاهر أن المراد مطلق المار لأن المسافر ذكر بعد ذلك فيكون تكراراً يصان القرآن عن مثله 0
توضيح : قالوا أن العبور المقصود يكون فى محل الصلاة وليس فى الصلاة ( أى أثناء الصلاة ) والمقصود مكان الصلاة أى المسجد ولا يقيد ذلك بالسفر لأن لا يوجد دليل ، كما أن المسافر ذُكر فى الآيات بعد ذلك فيكون تكرار لنفس القضية وهو ما لا يحدث فى القرآن المصان عن مثل ذلك 0أ0هـ0
وقد أخرج بن جبير عن يزيد بن أبى حبيب أن رجالاُ من الأنصار كانت أبوابهم الى المسجد فكانت تصيبهم الجنابة فلا يجدون الماء ولا الطريق إليه إلا من المسجد فأنزل الله تعالى ** ولا جنباً إلا عابرى سبيل ** وهذا من الدلالة على المطلوب بمحل لا يبقى معه ريب 0
توضيح : كانت بيوت رجال من الأنصار ناحية المسجد وعندما تصيبهم الجنابة لابد وحتماً أن يمروا فى المسجد ليصلوا الى الماء ليغتسلوا فأنزل الله تعالى ** ولا جنباً إلا عابرى سبيل ** مما يوضح أن الكلام متعلق بهذا الأمر لأنه نزل فيه 00أ0هـ0
وذهب داود والمزنى وغيرهم الى جواز ذلك مطلقاًِ أى الدخول والمكث واللبث وإحتجوا لذلك بأمور :

( أدلة هذا المذهب ) :
1) أن أحاديث المنع باطلة لا يصح فيها شئ

توضيح : كما رأينا أن عمدة الكلام كله عند المانعين مبنى على حديث عائشة وهو ضعيف لا يقوى الإحتجاج به سواء كانوا مانعين من الدخول أصلاً أو المكث فيه فهو عمدة الفريقين فريق إعتبر بالآية وإستثنى منها المرور ، وفريق أخذ الحديث بإطلاق ولم يستثنى 00أ0هـ0
2) أن منع عائشة من الطواف فالنهى لأن كون الطواف بالبيت صلاة ، والصلاة تحرم على الحائض : توضيح : لما منعت عائشة لم تمنع من باب منع الدخول الى المسجد بدليل أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لها إفعلى مايفعل الحاج إلا أن تطوفى بالبيت ، ومن ذلك السعى بين الصفا والمروة ، والمسعى فى داخل المسجد ، فالمنع من الطواف لأنها صلاة بنص الحديث الطواف صلاة أ0هـ0
3) البراءة الأصلية ( بمعنى أنه لم يثبت المنع فيبقى الأمر على الأصل وهو الإباحة أو الإذن ) قال الشوكانى ( المرجع السابق : نيل الأوطار ) قال القائلون بالجواز مطلقاً أن أحاديث الباب كما قال ابن حزم باطلة وأما حديث عائشة فالنهى لكون الطواف بالبيت صلاة وقد تقدم البراءة الأصلية قاضية بالجواز أ0هـ0
وبعد فقد إجتمع عندنا مما سبق ذكره من مذاهب العلماء فى هذه المسألة مذاهب ثلاث :
- المذهب الأول : المنع بإطلاق
- المذهب الثانى : جواز المرور دون لبث أو مُكث :
- أ – لحاجة ب – لغير حاجة
- المذهب الثالث : جواز المرور واللبث والمُكث بإطلاق 0
والمذهب الثالث هو الراجح لأمور :
1) أن الجمع بين شأن الجنب والحائض بما يستلزم االمساواة بينهما بالقياس على غيره لا يستقيم وذلك لفروق بينهاما ( الحائض والجنب ) منها :
أ – أن الجنب تستطيع رفع الجنابة المانعة من المكث فى المسجد متى شاء وليس الحائض كذلك 0
ب – فضلاً على أن حدث الحائض دائم فلا تمنع مما يمنع منه الجنب
مع حاجتها إليه ، كالنوم والأكل مما قد يمنع منه الجنب أو يُكره
فعله مثل الأمر بالوضؤ عند الأكل والشرب والمعاودة 0
توضيح : أن الجنب يؤمر بالوضوء عند الأكل والشرب والمعاودة والنوم ويقول البعض بالوجوب فى حين أن الحائض تأكل دون أن تتوضأ وتنام وتشرب 00إلخ دون وضوء وذلك لدوام الحدث ولشدة الحاجة لهذه الأمور مع دوام الحدث فهذا فارق بينها وبين الجنب 00أ0هـ
ولذلك قال بن تيمية ( فتاوى النساء ص 25 و 26 طبعة الريان ) وأما الحائض فحدثها دائم لايمكنها طهارة تمنعها من الدوام فهى معذورة فى مكثها ونومها وأكلها وغير ذلك فلا تمنع مما يمنع الجنب مع حاجتها إليه ولهذا كان أظهر قولى علماء أنها لا تمنع من قراءة القرآن إذا إحتاجت إليه كما هو مذهب مالك وأحد الوجهين فى مذهب الشافعى ، ويذكر رواية عن أحمد فإنها محتاجة إليها ولا يمكنها الطهارة كما يمكن الجنب وإن كان حدثها أغلظ من حدث الجنب من جهة أنها لا تصوم ما لم ينقطع الدم ، والجنب يصوم ، ومن جهة أنها ممنوعة من الصلاة طهرت أو لم تطهر ويمنع الرجل من وطؤها أيضاً فهذا يقتضى أن المقتضى للحذر فى حقها أقوى 00ولكن إذا إحتاجت الى الفعل إستباحت المحذور مع قيام سبب الحذر لأجل الضرورة 00أ0هـ فهذا الكلام يبين أن هناك فارق بين الجنب والحائض مما لا يستلزم التسوية بينهما أبداً 0
توضيح : إذا قلنا أن الجنب حذر عليه للجنابة فالحائض أشد : فهذا علة التسوية عندهم وقالوا أن الحائض أولى للحذر أ0هـ
3) أن النصوص المانعة من مكث الحائض فى المسجد او من حل المسجد للحائض لا يصح منها شئ ( وقد تقدم الحديث على ذلك )0
4) أن هناك نصوص صحيحة تثبت جواز دخول الحائض الى المسجد بإذن النبى صلى الله عليه وسلم منها حديث عائشة فى الخمر ( سبق تخريجه ) فإن قال قائل لايدل على المراد قلنا : الحديث شاهد يبين المراد عن منبوز أن أمه أخبرته أنها بينما هى جالسة عند ميمونة زوج النبى صلى الله عليه وسلم إذ دخل عليها ابن عباس فقالت : مالك شعثاً ؟ قال : أم عمار مرجلة حائض 0 فقالت : أى بنى وأين الحيض من اليد ، لقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يدخل على إحدانا وهى متكئة حائض وقد علم أنها حائض فيتكأ عليها فيتلو القرآن فى حجرها وتقوم وهى حائض فتبسط له الخمرة فى مُصلاه فيصلى عليها فى بيتى 0أى بنى أين الحيض من اليد ؟ ( أخرجه أحمد والنسائى وقال الألبانى فى الإرواء إسناده حسن فى الشواهد 1/213
ومما يقوى هذا المعنى ويدل على جواز إتيان الحائض المسجد ليس المرور فحسب بل المكث حتى تسمع خطبة العيد ماجاء من حديث أم عطية رضى الله عنها ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن فى الفطر والأضحى العواتق والحيض وذوات الخدور : فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ( رواه مسلم 6/180) وفى لفظ : المصلى ( رواه البخارى 2/386 فى العيدين باب خروج النساء والحيض الى المصلى )
وفى رواية مسلم وأبى داود : والحيض يكن خلف الناس يكبرون مع الناس ، ولفظ الصلاة مبين للفظ المصلى وبهذا يظهر أن الممنوع فى حق الحائض هو مشاركة المصلين يوم العيد صلاتهم وليس المنع متعلقاً بالمكث فى المصلى ، بل قوله صلى الله عليه وسلم فليعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين يدل على الإذن بالمكث فى المصلى الذى له أحكام المسجد فى هذا الوقت وإن قال بعض أهل العلم بخلاف ذلك فالمانعون المستدلون بهذا الحديث قال بعضهم أنه ليس مسجداً 0
توضيح : المانعون مثل الشافعية قالوا إن الحائض تمنع وتبعد عن المصلى ، قال تجلس فىالمصلى ولكن المصلى ليس مسجد فأصبح هناك إضطراب لأن الحديث حاصرهم ، فمن قال أنه ليس مسجد أجاز لها المكث ، ومن لم يجز لها المكث فى مصلى العيد قال أنه مسجد 0أهـ0
وقال آخرون يمنع مكثهم فيه لأنه موضع للصلاة فأشبه المسجد ، والأول قول الجمهور – أنه ليس مسجد – والثانى قول أبو الفرج من الشافعية وبعض أصحاب الشافعية ذكر عنهم النووى فى شرحه لصحيح مسلم (6/179 ) وابن حجر فى فتح البارى ( 1/505 طبعة الريان )
5) ومما يستأنس به فى هذه المسألة ما رواه البخارى فى صحيحه عائشة : أن وليدة ( الأمة ، والأصل المولودة ساعة ولادتها ثم أطلق على الأمة وإن كانت كبيرة ) كانت سوداء لحي من العرب فأعتقوها فكانت معهم ، قالت فخرجت صبية لهم عليها وشاح أحمر من سيور فوضعتها أو وقع منها فمرت به حدأة وهو غلقا فحسبته لحماً فخطفته فألتمسوه فلم يجدوه ، قالت : فأتهمونى به فطفقوا يفتشون حتى فتشوا قـُبلها قال : والله إنى لقائمة معهم إذ مرت الحدأة فألقته ، قالت : فوقع بينهم ، قالت : فقلت هذا الذى إتهمتمونى به زعمتم وأنا منه بريئة وهو ذا هو ، قالت : فجاءت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت ، قالت عائشة : فكان لها خباء فى المسجد أو حِفش ( البيت الصغير القريب السمك مأخوذ من الإنحفاش وأصله الوعاء الذى تضع فيه المرأة غزلها – فتح 1 / 636 ) أورد هذا الحديث البخارى فى صحيحه وبوب عليه باب نوم المرأة فى المسجد ، قال بن حجر فى الشرح أى إقامتها أ0هـ
قلت :
وهذا يدل على جواز إقامة المرأة فى المسجد بحيث يكون مقام لها كبيتها ، وهى بالضرورة تحيض أثناء مقامها هذا إلا أن يقال أنها إمرأة لا تحيض ، وهذا تحكم بلا دليل فإن كانت تحيض فى مقامها وهو الخباء أو الحفش فى المسجد وكان ذلك بإقرار الرسول صلى الله عليه وسلم فيكون ذلك معضداً لما ذهب إليه المجوزون لمكث الحائض فى المسجد 00والله تعالى أعلم 00
الباب تبويب البخارى – كتاب الصلاة باب 57 1/635
مسألة : إذا قال قائل : حديث عائشة أو ميمونة يفيد الدخول فقط دون المُكث
قلنا : لماذا لا تمكث ؟
قال : ** إلا عابرى سبيل ** والحديث : لا أحل المسجد لحائض ولا جنب
قلنا : الآية نزلت فى الجنب ، وهناك حديث يوضح أنها متعلقة بالأمر المذكور بالحديث وهو إحتياج الجنب للمرور للإغتسال ونحوه ، أما الحديث فأجبنا عنه ووضحنا أنه ضعيف
فنصل الى أنه يجوز الدخول الى المسجد للحائض ، فلا فرق حينئذٍ بين المكث وعدمه ، وما الذى يجعل هناك فرق ؟ ّ!
قال : الآية أو الحديث
قلنا : سقط بهم الإستدلال وطالما ثبت الدخول فلا فرق بين مكث وغيره إلا بدليل يمنع من المكث ، والأمر على البراءة الأصلية : وهى جواز المكث ، كما أن هناك ما يدل على جواز المكث وهو حديث أم عطية المذكور وقول الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين ، وحديث الأمة السوداء التى كان لها خباء فى المسجد

مسألة : يجوز الدخول للحائض الى المسجد والمكث فيه مع التحرز من الدم والنجاسة مثل أى شخص عليه التحرز من النجاسات من بول وغائط وغيره ، ومثل المستحاضة كما فى الحديث أنه كان يوضع طست تحت صفية وهى تصلى إحترازاً من دمائها فى المسجد 0

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة