عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 18-03-2010, 01:25 PM   #6
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

والأكمل أن يكون المرء طالبا يعني في الرقية طالبا العافية من الله جل وعلا إذا لم يرقي نفسه، إلا إذا عرض عليه، فمن استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل، ولهذا جاء في حديث حصين بن عبد الرحمن السلمي المعروف الذي قال فيه: كنّا عند سعيد بن جبيرٍ، فقال: أيكم رأى الكوكب الذي أنقض البارحة؟ ثم قال قلت يعني حصين بن عبد الرحمن من التابعين: أما إني لم أكن في صلاةٍ. ولكني لدغت. قال: فما صنعت؟ قال: استرقيت. يعني طلبت الرقية، قال: فما حملك على هذا؟ قال: حديث حدثناه يعني عامر بن شراحيل الشعبي. عن بريده بن الحصيب؛ أو عن عمران بن الحصيب أنه قال: لا رقية إلا من عين أو حمة. الحمة اللدغ قال: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، ولكني سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عرضت علي الأمم، فإذا النبي ومعه الرجل والرجلان، وإذا النبي وليس معه أحد. ثم رفع إلي سوادٌ عظيمٌ، فقلت: هذه أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه، ثم قيل لي أنظر إلى الأفق فإذا سوادٌ عظيمٌ، فقالوا: هذه أمتك، ثم قيل أنظر إلى الأفق فإذا سواد عظيم قال هذه أمتك، قال وفيهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حسابٍ ولا عذابٍ». وقام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عند الصحابة، قال: فخاض الناس في أولئك السبعين ألف. فقال بعض الصحابة: لعلهم صحابة رسول الله r. يعني الذين تقدموا في الإسلام وكان معهم مزيد اختصاص بالصحبة، وقال بعض: لعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئاً ، فخرج عليهم رسول الله r، فعلم ما اختلفوا فيه، فقال: «هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون.وعلى ربهم يتوكلون». فقوله هنا (لا يسترقون) يدل على أنَّ الأكمل أن لا يكون من عادة الإنسان أن يطلب الرقية من غيره بل غما أن يرقي نفسه، وإما أن ينتظر حتى يأتيه أحد فيرقيه فيقول له أرقيك فهنا لا يدخل في طلب الرقية، هذا من جهة الكمال؛ يعني السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب هذه صفتهم.

وقد جاء في لفظ عند الإمام مسلم «لاَ يَرْقُونَ. وَلاَ يَسْتَرْقُونَ. وَلاَ يَتَطَيّرُونَ. وَعَلَى رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ » فحذف لفظ (لا يكتوون) وزاد (لاَ يَرْقُونَ)، وهذه اللفظة من أهل العلم من حكم عليها بالشذوذ والمخالفة كشيخ الإسلام ابن تيمية، ومنهم من صححها كالحافظ ابن حجر وغيره.

ونفي الرقية هنا (لاَ يَرْقُونَ. وَلاَ يَسْتَرْقُونَ)، نفي أنه يرقي يعني الراقي يخرج من السبعين ألفا، هذا فيه نظر من جهة المعنى، وذلك أن الراقي محسن كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية، والإحسان مأمور به في الشرع.

المقصود أن الذي يتعاطى طلب الرقية دون أن يرقي نفسه ويتعاطى ذلك دائما ويتعلق بالراقي هذا ضعف توكله إذا كان هذا من طبعه، ولهذا كان الأكمل أن لا يتعلق قلب المرء بالراقي وبالرقية.

هذا بعض ما يتعلق بالرقية المشروعة؛ لأننا قلنا لكم إن الرقية قسمان: قسم مشروع وقسم ممنوع، رقى شرعية ورقى شركية أو بدعية، فهذا القسم الأول مع بعض الكلام عليه الرقى الشرعية.

مما يتصل بالرقى الشرعية أنَّ الرقية المقصود منها إيصال القرآن إلى المرقي إذا كان عن طريق النفث أو الدعاء له والاستعانة والتوسل بالله جل وعلا بأسمائه وصفاته أن يجيب الدعاء.

والرقية إما أن تكون بنفث أو بتفل أو بما هو دون هذين، لهذا إذا اختلف العلماء في مسألة هل تشرع الرقية بنفخ دون نفث؟ على قولين ورُجِّح أن الجميع جائز، فإن كان بنفخ وهو ما لا ليس معه شيء من الريق وإنما هو إخراج هواء فقط فهو جائز، وإن كان بنفث فهذا هو المشروع والذي كان عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ يقرأ ويتعوذ وينفث في يديه وينفث على المريض أيضا، وإما أن تكون بما هو أعظم من النفث وهو التفل، والنفث إخراج بعض الريق، قليل من الريق مع الهواء؛ يعني إذا أراد أن ينفث يعني يقرأ الفاتحة وإذا ختم ينفث مع بعض الريق أو يتفل ومعه التفال -معه البصاق- أكثر مما مع النفث.

وهذا النفث أو التفل قد يكون مباشرة على البدن، وقد يكون بواسطة ماء أو بواسطة زيت أو شيء آخر، كل هذا مأذون به، أو بكتابته على الشيء؛ كتابة بعض الآيات على المرض ونحو ذلك، وقد جاء عن الصحابة في هذا أشياء منها أن ابن عباس كان يأمر أن يكتب للمرأة إذا كانت شقت عليه الولادة أو تأخرت ولادتها أن يكتب في إناء ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ[الأحقاف:35] وكذلك الآية الأخرى ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا[النازعات:46]، وتسقى منه المرأة التي تأخرت ولادتها أو شق عليها ذلك ويصب الباقي على صدرها وعلى شيء من بطنها.

ونحو ذلك مما جاء عن بعض الصحابة أنهم كانوا يكتبون على بعض [...] ﴿فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ﴾[البقرة:266].

قد قال صالح بن الإمام أحمد رحمه الله تعالى: اعتللت مرة فقرا لي أبي في ماء ونفث فيه ثم أمرني بشربه وأن أغسل رأسي، وكذلك روى عبد الله بن الإمام أحمد في جواز ذلك.


المقصود من هذا أن إيصال الماء إيصال القراءة، إيصال الرقية بالنفخ بالنفس أو بالنفث إلى الماء ثم يسقاه المريض أو يصب عليه أن هذا لا بأس به لفعل السلف له ولم يُنكر؛ ولأن له أصلا في السنة.
 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة