عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 31-03-2017, 07:39 AM   #7
معلومات العضو
سراج منير

افتراضي

-كيفية التعامل مع بلاء الشِّدة والشر
ـ ذكرنا من قبل أن البلاء نوعان:
بلاء الشدة والشر، وبلاء الخير والسِّعة
ويأتي السؤال الآن:
كيف يكون التوجيه والتعامل مع كلٍّ من بلاء الشدة والشَّر، وبلاء الخير والسِّعة ..؟
نجيب عن هذا السؤال وفق التفصيل التالي:
- كيفية التعامل مع بلاء الشِّدة والشر:
يجب على المسلم أن يستقبل بلاء الشدة بالرضى والتسليم من جهة كونه قضاء وقدر من الله
وبالصبر
والحمد والاسترجاع؛
فيقول عند كل مصاب أو بلاء
الحمد لله .. وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون
وأن لا يلتمس كشف ما نزل به من ضر إلا من الله تعالى وحده.
قال تعالى
:) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
وقال تعالى
:) وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (
وقال تعالى:)
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ
. أي لنرى من منكم يصبر على بلاء التكاليف وبلاء الجهاد وما يتبعه من آلام وجراح.
وفي الحديث فقد صح عن النبي أنه قال
" ما ابتلى الله عبداً ببلاءٍ وهو على طريقة
يكرهها، إلا جعل الله ذلك البلاءله كفارة وطهوراً، ما لم ينزل ما أصابه منالبلاءبغير الله، أو يدعو غير الله في كشفه
وقال
:" إذا أصابت أحدكُم مصيبةٌ فليقل: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، اللهم عندك أحتسب مصيبتي، فآجرني فيها، وأبدل لي بها خيراً منها "
وقال
:" إذا ماتَ ولدُ العبد قال الله تعالى لملائكته:
قبضتم ولدَ عبدي؟
فماذا قال عبدي؟
فيقولون:
حمِدَكَ واسترجَع ـ
أي قال إنَّا لله وإنَّا لله راجعون ـ
، فيقول الله تعالى:
ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة، وسمُّوه بيتَ الحمد
والصبر على البلاء ينبغي أن يكون عند الصدمة الأولى،
وليس عند نهايتها،
أو بعد حصولها بزمن؛
بعد أن يكون المبتلى قد سخط القدر، واعترض، وناح، وشتم، وشق الجيب
ثم هو لو سألته بعد كل ذلك، لقال لك:
الحمد لله .. صابرون!!
وفي الحديث عن أنس قال:
أتى نبي الله صلى الله علية وسلم على امرأة تبكي على صبي لها فقال لها:"
اتقي الله واصبري "
، فقالت: وما تبالي أنت بمصيبتي؟
فقيل لها:
هذا النبي ، فأتته فلم تجد على بابه بوابين فقالت يا رسول الله لم أعرفك! فقال:
" إنما الصَّبرُ عندالصدمةِالأولى أو عند أول صدمةٍ .
وقال
:" يقول الله سُبحانه:
ابنَ آدم!
إن صبرت واحتسبتَ عندَ الصدمةِ الأولى، لم أرضَ لك ثواباً دونَ الجنةِ
وقال
" يقول الله تعالى: يا ابن آدم!
إذا أخذتُ كريمتَيْكَ ـ
أي عينيك
ـ فصبرتَ واحتسبتَ عندالصدمةِالأولى لم أرضَ لك ثواباً دونَ الجنة
ومما بايع النبي صلى الله علية وسلم عليه النساء:
" أن لا نخمش وجهاً، ولا ندعو وَيْلاً، ولا نشقُّ جيباً، ولا ننشُرُ شعراً "
-كيفية التعامل مع بلاء الخير والسعة
- كيفية التعامل مع بلاء الخير والسعة:
أما بلاءُ الخير والسعة فيجب أن يُقابَل بالشكر، والثناء والحمد، ورد الفضل كله لله وحده، فما أصابنا من حسنة فمن الله تعالى وحده، وما أصابنا من سيئةٍ فمن أنفسنا الأمارة بالسوء، وبما كسبت أيدينا،
نسأل الله تعالى العفو والعافية.
قال تعالى:
) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (
وقال تعالى:)
فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ (
وقال تعالى:
اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (
وفي الحديث فقد صح عن النبي صلى الله علية وسلم أنه قال
:" من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، والتحدث بنعمة الله شكر وتركها كُفرٌ
وقال صلى الله علية وسلم :
" إن الله ليرضى عن العبد يأكلُ الأكلةَ فيحمدُه عليها، ويشرب الشربَة فيحمدُهُ عليها "
فالله تعالى شكور يُحب الشكر ويُحب الشاكرين، ويجزي على الشكر خيراً كثيراً.
قال صلى الله علية وسلم
:" من أكل طعاماً ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنِيه من غير حولٍ مني ولا قوة غُفِر له ما تقدم من ذنبه،
ومن لبس ثوباً فقال: الحمد لله الذي كساني هذا الثوب ورزقنِيه من غير حولٍ مني ولا قوة غُفِر له ما تقدم من ذنبه "
[ . فينفي عن نفسه الحول والقوة في تحصيل أية منفعة، ويرد الفضل في ذلك كله لله جلا وعلا
.
وقال صلى الله علية وسلم
:" من أكل طعاماً فقال الحمدلله الذيأطعمنيهذا ورزقنِيه من غيرِ حولٍ مني ولاقوةٍ، غُفر له ما تقدم من ذنبه
وقال
:" من قال إذا أوى إلى فراشه: الحمد لله الذي كفاني، وآواني، والحمد لله الذي أطعمنيوسقاني، والحمد لله الذي منَّ علي فأفضَلَ؛ فقد حمدالله بجميعِ محامدِ الخلق كلهم
فإن قيل
: كيف ينبغي أن يكون الشكر .. وما هي صفته .. وهل يكفي شكر اللسان؟؟
أقول:
الشكر يجب أن يكون بالقول، والقلب، والعمل، كما قال تعالى:
) اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً (
. أي اعملوا شكراً؛ فالشكر يكون عملاً.
وعليه فإن الشكر ينبغي أن يكون من جنس النعمة التي أنعم ومنَّ اللهُ بها على عبده؛
فمن أنعم الله تعالى عليه بنعمة الغنى والمال،
فشكره أن يُخرج زكاة ماله، ويتصدق ويُحسن على الفقراء والمساكين، ويُنفق في سُبُلِ الخير.
ومن أنعم الله عليه بنعمة قوة الصحة والعافية،
فشكرها أن يُجاهد في سبيل الله، وأن يستغل جسده وقوته في الطاعات الجسدية التي تستلزم نوع قوة بدنية، كالجهاد، والحج والعمرة، والذهاب إلى المساجد، والسعي في طلب الرزق الحلال، ونحو ذلك.
ومن أنعم الله عليه بنعمة الفقه والعلم،
فشكرها أن يبذل العلم للناس، وأن لا يكتمهم علماً يعرفه.
ومن أنعم الله عليه بنعمة الرياسة والزعامة والحكم؛
فشكرها أن يعدل في رعيته، ويحكم فيهم بما أنزل الله.
وكذلك جسد الإنسان
فكل عضو منه له شكره الخاص به الذي يُناسبه،
فنعمة البصر شكرها بأن لا ينظر إلى الحرام، وأن يستغلها في الطاعات؛ كالحراسة على الثغور، وقراءة القرآن، ومطالعة الكتب النافعة، ونحو ذلك.
وكذلك نعمة السمع، فشكرها أن لا يستمع إلى الحرام، وأن لا يسترق السمع ويتجسس على عورات المسلمين
وأن يستخدمها في الطاعات.
ونعمة اللسان، شكرها بذكر الله تعالى، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. وببذل النصح للناس، واجتناب الغيبة والنميمة، والكذب، وشهادة الزور، والخوض في أعراض الناس.
ونعمة اليد شكرها أن لا تمتد إلى حرام، وأن لا تبطش بغير حق من لا يستحق ..!
ونعمة الرِّجل شكرها أن تسعى إلى المساجد ومواطن الطاعة والعبادة .. وأن لا تسعى بصاحبها إلى الحرام
وما أكثر أماكن الحرام في هذا الزمان!
ونعمة القلب شكرها أن لا ينشغل القلب بغير خالقه، وأن لا يكون فيه موطن محبة لغير الله وما يُحب الله.
وهكذا كل عضوٍ من أعضاء الجسد له الشكر الذي يُجانسه ويُناسبه،
والله تعالى أعلم.
ـ مسألة:
إذا كان البلاء يكفر الذنوب والخطايا، ويرفع صاحبه الدرجات والمقامات العليا يوم القيامة .. هل يجوز للمرء أن يطلب البلاء، ويستشرفه، ويسعى له سعيه ..؟
أقول:
لا يجوز للمسلم أن يطلب البلاء، أو أن يستشرفه، ويسعى له سعيه
وإنما عليه أن يسأل الله السلامة والعفو والعافية
ولكن الذي يمكن أن يُقال:
أن على المسلم أن يقوم بواجباته الشرعية، وأن يتحرك نحو أهداف هذا الدين، وفق ما أمر الله تعالى
فإن أصابه بلاء وشدة وهو في الطريق نحو أهداف هذا الدين
ـ ولا بد أنه صائبه ـ
فعليه حينئذٍ أن يتجلد ويترجل، ويتصبر، ويسأل الله تعالى السلامة والصبر والثبات.
البلاء لا يُطلب
ولا يجوز أن يُطلب
ولكن
إن قدَّره الله تعالى من غير سعي ولا استشراف من العبد
فحينئذٍ يُستقبل بنفس راضية صابرة محتسبة.
فقد صح عن النبي صلى الله علية وسلم أنه قال
:" لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قالوا: وكيف يُذلُّ نفسَه قال يتعرَّض منالبلاءلمالا يطيقه .
وفي رواية عند البخاري في صحيحه:
" كان رسول الله صلى الله علية وسلم يتعوذ من جهد البلاء، ودَرْكِ الشَّقاءِ، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء ".
وعند مسلم:
" أن النبي صلى الله علية وسلم كان يتعوذ من سوء القضاء، ومن دَرْكِ الشقاء، ومن شماتة الأعداء، ومن جهدالبلاء ".
وعن أنس أن النبي صلى الله علية وسلم كان يقول
" اللهم إني أعوذ بك من البَرَصِ، والجنونِ، والجُذامِ، ومن سيِّئ الأسقام
وصح عنه صلى الله علية وسلم كذلك أنه كان يقول
:" اللهم إني أعوذ بك من جَهد البلاء ثم يسكت،
فإذا قال ذلك فليقل:
إلا بلاءفيه عَلاء .
فيستثني البلاء الذي فيه رفعة في الدين،
والدنيا والآخرة، فلا يستعيذ منه.
وعن أنس قال: قال رجل عند النبي صلى الله علية وسلم
: اللهم إن لم تعطني مالاً فأتصدق به، فابتلني ببلاء يكون فيه أجر، فقال صلى الله علية وسلم
:" سبحان الله، لا تُطيقه!
ألا قلت: اللهمَّ آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ".
وفي رواية عنه قال
: دخل النبي صلى الله علية وسلم على رجلٍ قد جهد من المرض، فكأنه فرخٌ منتوف، قال:
" ادعُ الله بشيءٍ أو سله "
، فجعل يقول:
اللهم ما أنت معذبي به في الآخرة، فعجِّله في الدنيا، قال صلى الله علية وسلم :
" سبحان الله! لا تستطيعه ـ أو ـ لا تستطيعون، ألا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار "
، ودعا له فشفاه الله .

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين


التعديل الأخير تم بواسطة رشيد التلمساني ; 31-03-2017 الساعة 11:19 AM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة