عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 03-11-2010, 03:32 PM   #2
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

المحرم الذي يلزمه الهدي


المحرم الذي يلزمه الهدي هو المتمتع والقارن دون المفرد.
فالمتمتع هو الذي يحرم بالعمرة في أشهر الحج أي بعد دخول شوال ويحل منها، ثم يحرم بالحج في عامه، فإن أحرم بالعمرة قبل دخول شهر شوال فليس بمتمتع فلا هدي عليه سواء كان قد صام رمضان بمكة أم لا، فصيام رمضان بمكة لا أثر له وإنما العبرة بعقد إحرام العمرة، فمتى كان قبل دخول شهر شوال فلا هدي عليه، وإن كان بعد دخول شهر شوال فهو متمتع يلزمه الهدي إذا تمت شروط الوجوب. وأما ما يعتقده بعض العوام من أن العبرة بصيام رمضان وأن من صام بمكة فلا هدي عليه ومن لم يصم بها فعليه هدي، فهذا اعتقاد غير صحيح.
وأما القارن فهو الذي يحرم بالعمرة والحج جميعاً أو يحرم بالعمرة ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها، ولا يجب الهدي على المتمتع والقارن إلا بشرط أن لا يكونا من حاضري المسجد الحرام، فإن كانا من حاضري المسجد الحرام فلا هدي عليهما.
وحاضروا المسجد الحرام هم أهل الحرم ومن كانوا قريبين منه بحيث لا يكون بينهم وبين الحرم مسافة تعد سفراً كأهل الشرائع ونحوهم، فإنه لا هدي عليهم، وأما من كانوا بعيدين من الحرم بحيث يكون بينهم وبينه مسافة تعد سفراً كأهل جدة فإنه يلزمهم الهدي.
ومن كان من أهل مكة ثم سافر إلى غيرها لطلب علم أو غيره ورجع إليها متمتعاً فإنه لا هدي عليه؛ لأن العبرة بمحل إقامته وسكناه وهي مكة إلا إذا انتقل إلى غير مكة للسكنى فإنه إذا رجع إليها متمتعاً يلزمه الهدي؛ لأنه حينئذ ليس من حاضري المسجد الحرام.
والهدي الواجب على المتمتع والقارن شاة تجزئ في الأضحية أو سبع بدنة أو سبع بقرة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، ويجوز أن يصوم الأيام الثلاثة في أيام التشريق وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة، ويجوز أن يصومها قبل ذلك بعد إحرام العمرة لكن لا يصومها يوم العيد ولا بعرفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يومي العيدين ونهى عن صوم يوم عرفة بعرفة، ويجوز أن يصوم هذه الأيام الثلاثة متوالية ومتفرقة لكن لا يؤخرها عن أيام التشريق، وأما السبعة الباقية فيصومها إذا رجع إلى أهله إن شاء صامها متوالية، وإن شاء متفرقة.
وأيام ذبح الهدي أربعة: يوم العيد، وثلاثة أيام بعده، فمن ذبح قبل هذه الأيام فشاته شاة لحم لا تجزئه عن الهدي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذبح هديه قبل يوم العيد، والهدي من النسك وقد قال صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني مناسككم(8)" وفي الحديث عنه أنه قال: "كل أيام التشريق ذبح" وأيام التشريق هي الأيام الثلاثة التي بعد العيد.
ويجوز الذبح في هذه الأيام ليلاً ونهاراً لكن النهار أفضل. ويجوز أيضاً في منى وفي مكة لكن في منى أفضل إلا أن يكون الذبح بمكة أنفع للفقراء بحيث يكون الانتفاع به في منى يسيراً فإنه يتبع ما هو أصلح وأنفع، وعلى هذا فلو أخر هديه إلى اليوم الثالث عشر وذبحه بمكة فلا بأس.
واعلم أن إيجاب الهدي على القادر أو الصيام على من لم يجد الهدي ليس غرماً على العبد أو إتعاباً لبدنه بلا فائدة، وإنما هو من إتمام النسك وإكماله ومن رحمة الله وإحسانه حيث شرع لعباده ما فيه كمال عبادتهم وتقربهم إلى ربهم وزيادة أجرهم ورفعة درجاتهم والنفقة فيه مخلوفة والسعي فيه مشكور، وكثير من الناس لا يلاحظون هذه الفائدة ولا يحسبون لهذا الأجر حسابه فتجدهم يتهربون من وجوب الهدي، ويسعون لإسقاطه بكل وسيلة حتى إن بعضهم يفرد الحج وحده من أجل ألا يجب عليه الهدي فيحرمون أنفسهم أجر التمتع وأجر الهدي، وهذه غفلة ينبغي التنبه لها.


صفة العمرة

إذا أراد أن يحرم بالعمرة فالمشروع أن يتجرد من ثيابه، ويغتسل كما يغتسل للجنابة، ويتطيب بأطيب ما يجد من دهن عود أو غيره في رأسه ولحيته، ولا يضره بقاء ذلك بعد الإحرام لما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يحرم تطيب بأطيب ما يجد ثم أرى وبيص المسك في رأسه ولحيته بعد ذلك".
والاغتسال عند الإحرام سنة في حق الرجال والنساء حتى النفساء والحائض؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت عميس حين نفست أن تغتسل عند إحرامها وتستثفر بثوب وتحرم(9).. ثم بعد الاغتسال والتطيب يلبس ثياب الإحرام، ثم يصلي – غير الحائض والنفساء – الفريضة إن كان في وقت فريضة وإلا صلى ركعتين ينوي بهما سنة الوضوء، فإذا فرغ من الصلاة أحرم وقال: لبيك عمرة، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. يرفع الرجل صوته بذلك، والمرأة تقوله بقدر ما يسمع من بجنبها.
وإذا كان من يريد الإحرام خائفاً من عائق يعوقه عن إتمام نسكه فإنه ينبغي أن يشترط عند الإحرام فيقول عند عقده: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني أي منعني مانع عن إتمام نسكي من مرض أو تأخر أو غيرهما فإني أحل من إحرامي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ضباعة بنت الزبير حين أرادت الإحرام وهي مريضة أن تشترط وقال: "إن لك على ربك ما استثنيت"(10)، فمتى اشترط وحصل له ما يمنعه من إتمام نسكه فإنه يحل ولا شيء عليه.
وأما من لا يخاف من عائق يعوقه عن إتمام نسكه فإنه لا ينبغي له أن يشترط؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط، ولم يأمر بالاشتراط كل أحد، وإنما أمر به ضباعة بنت الزبير لوجود المرض بها.
وينبغي للمحرم أن يكثر من التلبية خصوصاً عند تغير الأحوال والأزمان مثل أن يعلو مرتفعاً، أو ينزل منخفضاً، أو يقبل الليل أو النهار، وأن يسأل الله بعدها رضوانه والجنة، ويستعيذ برحمته من النار.
والتلبية مشروعة في العمرة من الإحرام إلى أن يبتدئ بالطواف، وفي الحج من الإحرام إلى أن يبتدئ برمي جمرة العقبة يوم العيد.
وينبغي إذا قرب من مكة أن يغتسل لدخولها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل عند دخوله، فإذا دخل المسجد الحرام قدم رجله اليمنى وقال: "بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم" ثم يتقدم إلى الحجر الأسود ليبتدئ الطواف فيستلم الحجر بيده اليمنى ويقبله، فإن لم يتيسر تقبيله قبل يده إن استلمه بها، فإن لم يتيسر استلامه بيده فإنه يستقبل الحجر ويشير إليه بيده إشارة ولا يقبلها، والأفضل ألا يزاحم فيؤذي الناس ويتأذى بهم لما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعمر: "يا عمر، إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف، إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا فاستقبله وهلل وكبر".
ويقول عند استلام الحجر: بسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
ثم يأخذ ذات اليمين ويجعل البيت عن يساره، فإذا بلغ الركن اليماني استلمه من غير تقبيل، فإن لم يتيسر فلا يزاحم عليه ويقول بينه وبين الحجر الأسود: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ). اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، وكلما مر بالحجر الأسود كبر ويقول في بقية طوافه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة القرآن، فإنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله.
وفي هذا الطواف أعني الطواف أول ما يقدم ينبغي للرجل أن يفعل شيئين:
أحدهما: الاضطباع من ابتداء الطواف إلى انتهائه، وصفة الاضطباع أن يجعل وسط ردائه داخل إبطه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر، فإذا فرغ من الطواف أعاد رداءه إلى حالته قبل الطواف؛ لأن الاضطباع محله الطواف فقط.
الثاني: الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، والرمل إسراع المشي مع مقاربة الخطوات، وأما الأشواط الأربعة الباقية فليس فيها رمل وإنما يمشي كعادته.
فإذا أتم الطواف سبعة أشواط تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً) ثم صلى ركعتين خلفه يقرأ في الأولى بعد الفاتحة: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) وفي الثانية: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) بعد الفاتحة.
فإذا فرغ من صلاة الركعتين رجع إلى الحجر الأسود فاستلمه إن تيسر له.
ثم يخرج إلى المسعى فإذا دنا من الصفا قرأ: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّه) ثم يرقى على الصفا حتى يرى الكعبة فيستقبلها ويرفع يديه فيحمد الله ويدعو ما شاء أن يدعو. وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم هنا: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، يكرر ذلك ثلاث مرات ويدعو بين ذلك".
ثم ينزل من الصفا إلى المروة ماشياً، فإذا بلغ العلم الأخضر ركض ركضاً شديداً بقدر ما يستطيع ولا يؤذي، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسعى حتى ترى ركبتاه من شدة السعي يدور به إزاره، وفي لفظ: وأن مئزره ليدور من شدة السعي. فإذا بلغ العلم الأخضر الثاني مشى كعادته حتى يصل إلى المروة فيرقى عليها، ويستقبل القبلة ويرفع يديه ويقول ما قاله على الصفا، ثم ينزل من المروة إلى الصفا فيمشي في موضع مشيه، ويسعى في موضع سعيه، فإذا وصل الصفا فعل كما فعل أول مرة، وهكذا المروة حتى يكمل سبعة أشواط، ذهابه من الصفا إلى المروة شوط، ورجوعه من المروة إلى الصفا شوط آخر، ويقول في سعيه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة.
فإذا أتم سعيه سبعة أشواط حلق رأسه إن كان رجلاً، وإن كانت امرأة فإنها تقصر من كل قرن أنملة.
ويجب أن يكون الحلق شاملاً لجميع الرأس، وكذلك التقصير يعم به جميع جهات الرأس، والحلق أفضل من التقصير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة، إلا أن يكون وقت الحج قريباً بحيث لا يتسع لنبات شعر الرأس؛ فإن الأفضل التقصير ليبقى الرأس للحلق في الحج بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه في حجة الوداع أن يقصروا للعمرة؛ لأن قدومهم كان صبيحة الرابع من ذي الحجة.
وبهذه الأعمال تمت العمرة فتكون العمرة: الإحرام، والطواف، والسعي، والحلق أو التقصير، ثم بعد ذلك يحل منها إحلالاً كاملاً ويفعل كما يفعله المحلون من اللباس والطيب وإتيان النساء وغير ذلك.



صفة الحج

إذا كان يوم التروية وهو يوم الثامن من ذي الحجة أحرم بالحج ضحى من مكانه الذي أراد الحج منه، ويفعل عند إحرامه بالحج كما فعل عند إحرامه بالعمرة من الغسل والطيب والصلاة، فينوي الإحرام بالحج ويلبي، وصفة التلبية في الحج كصفة التلبية في العمرة إلا أنه يقول هنا: لبيك حجاً بدل قوله لبيك عمرة. وإن كان خائفاً من عائق يمنعه من إتمام حجه اشترط فقال: "وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني" وإن لم يكن خائفاً لم يشترط.
ثم يخرج إلى منى فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً من غير جمع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر بمنى ولا يجمع، والقصر كما هو معلوم جعل الصلاة الرباعية ركعتين، ويقصر أهل مكة وغيرهم بمنى وعرفة ومزدلفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالناس في حجة الوداع ومعه أهل مكة ولم يأمرهم بالإتمام، ولو كان واجباً عليهم لأمرهم به كما أمرهم به عام الفتح.
فإذا طلعت الشمس يوم عرفة سار من منى إلى عرفة فنزل بنمرة إلى الزوال إن تيسر له وإلا فلا حرج؛ لأن النزول بنمرة سنة. فإذا زالت الشمس صلى الظهر والعصر على ركعتين يجمع بينهما جمع تقديم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ليطول وقت الوقوف والدعاء.
ثم يتفرغ بعد الصلاة للذكر والدعاء والتضرع إلى الله عز وجل، ويدعو بما أحب رافعاً يديه مستقبلاً القبلة ولو كان الجبل خلفه؛ لأن السنة استقبال القبلة لا الجبل، وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم عند الجبل وقال: "وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة"(11).
وكان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الموقف العظيم: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير".
فإن حصل له ملل وأراد أن يستجم بالتحدث مع أصحابه بالأحاديث النافعة أو قراءة ما تيسر من الكتب المفيدة خصوصاً فيما يتعلق بكرم الله وجزيل هباته ليقوى جانب الرجاء في ذلك اليوم كان ذلك حسناً، ثم يعود إلى التضرع إلى الله ودعائه، ويحرص على اغتنام آخر النهار بالدعاء، فإن خير الدعاء دعاء يوم عرفة.
فإذا غربت الشمس سار إلى مزدلفة. فإذا وصلها صلى المغرب والعشاء جمعاً إلا أن يصل مزدلفة قبل العشاء الآخرة فإنه يصلي المغرب في وقتها، ثم ينتظر حتى يدخل وقت العشاء الآخرة فيصليها في وقتها، هذا ما أراه في هذه المسألة. وفي صحيح البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه "أنه أتى المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريباً من ذلك، فأمر رجلا ً فأذن وأقام ثم صلى المغرب وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا بعشائه فتعشى، ثم أمر رجلا ً فأذن وأقام ثم صلى العشاء ركعتين" وفي رواية: "فصلى الصلاتين كل صلاة وحدها بأذان وإقامة والعشاء بينهما".
لكن إن كان محتاجاً إلى الجمع إما لتعب أو قلة ماء أو غيرهما فلا بأس بالجمع وإن لم يدخل وقت العشاء، وإن كان يخشى ألا يصل مزدلفة إلا بعد نصف الليل فإنه يصلي ولو قبل الوصول إلى مزدلفة، ولا يجوز أن يؤخر الصلاة إلى ما بعد نصف الليل.
ويبيت بمزدلفة، فإذا تبين الفجر صلى الفجر مبكراً بأذان وإقامة، ثم قصد المشعر الحرام فوحد الله وكبره ودعا بما أحب حتى يسفر جداً، وإن لم يتيسر له الذهاب إلى المشعر الحرام دعا في مكانه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم "وقفت هاهنا وجمع كلها موقف"(12) ويكون حال الذكر والدعاء مستقبلاً القبلة رافعاً يديه.
فإذا أسفر جداً دفع قبل أن تطلع الشمس إلى منى ويسرع في وادي محسر، فإذا وصل إلى منى رمى جمرة العقبة وهي الأخيرة مما يلي مكة بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى، كل واحدة بقدر نواة التمر تقريباً، يكبر مع كل حصاة. فإذا فرغ ذبح هديه ثم حلق رأسه إن كان ذكراً، وأما المرأة فحقها التقصير دون الحلق، ثم ينزل لمكة فيطوف ويسعى للحج.
والسنة أن يتطيب إذا أراد النزول إلى مكة للطواف بعد الرمي والحلق؛ لقول عائشة رضي الله عنها: "كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت"(13).
ثم بعد الطواف والسعي يرجع إلى منى فيبيت بها ليلتي اليوم الحادي عشر والثاني عشر، ويرمي الجمرات الثلاث إذا زالت الشمس في اليومين والأفضل أن يذهب للرمي ماشياً وإن ركب فلا بأس، فيرمي الجمرة الأولى وهي أبعد الجمرات عن مكة وهي التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى، ويكبر مع كل حصاة، ثم يتقدم قليلاً ويدعو دعاء طويلاً بما أحب، فإن شق عليه طول الوقوف والدعاء دعا بما يسهل عليه ولو قليلاً ليحصل السنة.
ثم يرمي الجمرة الوسطى بسبع حصيات متعاقبات، يكبر مع كل حصاة، ثم يأخذ ذات الشمال فيقف مستقبلاً القبلة رافعاً يديه ويدعو دعاء طويلاً إن تيسر عليه وإلا وقف بقدر ما يتيسر، ولا ينبغي أن يترك الوقوف للدعاء لأنه سنة، وكثير من الناس يهمله إما جهلاً أو تهاوناً، وكلما أضيعت السنة كان فعلها ونشرها بين الناس أؤكد لئلا تترك وتموت.
ثم يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة ثم ينصرف ولا يدعو بعدها.
فإذا أتم رمي الجمار في اليوم الثاني عشر، فإن شاء تعجل ونزل من منى، وإن شاء تأخر فبات بها ليلة الثالث عشر ورمى الجمار الثلاث بعد الزوال كما سبق، والتأخر أفضل، ولا يجب إلا أن تغرب الشمس من اليوم الثاني عشر وهو بمنى فإنه يلزمه التأخر حتى يرمي الجمار الثلاث بعد الزوال، ولكن لو غربت عليه الشمس بمنى في اليوم الثاني عشر بغير اختياره مثل أن يكون قد ارتحل وركب لكن تأخر بسبب زحام السيارات ونحوه؛ فإنه لا يلزمه التأخر؛ لأن تأخره إلى الغروب بغير اختياره.
فإذا أراد الخروج من مكة إلى بلده لم يخرج حتى يطوف للوداع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت"(14) وفي رواية: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض"(15) فالحائض والنفساء ليس عليهما وداع، ولا ينبغي أن يقفا عند باب المسجد الحرام للوداع لعدم وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ويجعل طواف الوداع آخر عهده بالبيت إذا أراد أن يرتحل للسفر، فإن بقي بعد الوداع لانتظار رفقة أو تحميل رحله أو اشترى حاجة في طريقه فلا حرج عليه، ولا يعيد الطواف إلا أن ينوي تأجيل سفره مثل أن يريد السفر في أول النهار فيطوف للوداع، ثم يؤجل السفر إلى آخر النهار مثلاً، فإنه يلزمه إعادة الطواف ليكون آخر عهده بالبيت.



(8) رواه مسلم، كتاب الحج رقم (1297) وأبو داود، كتاب المناسك رقم (1970) بلفظ آخر.
(9) رواه مسلم، كتاب الحج رقم (1218).
(10) رواه البخاري، كتاب النكاح رقم (5089) ومسلم، كتاب الحج رقم (1207) والنسائي، كتاب مناسك الحج رقم (2766).
(11) رواه مسلم، كتاب الحج رقم (1218).

(12) رواه مسلم، كتاب الحج رقم (1218).

(13) رواه البخاري، كتاب الحج رقم (1539) ومسلم، كتاب الحج رقم (1189).

(14) رواه مسلم، كتاب الحج رقم (1327).

(15) رواه البخاري، كتاب الحج رقم (1755) ومسلم، كتاب الحج رقم (1328).

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة