عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 06-01-2014, 06:19 PM   #1
معلومات العضو
سيدة الرافدين
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي تأملات ...في معنى الصبر الجميل


تأملات ...في معنى الصبر الجميل

ليس كل الصبر جميلا
..!

إذن ما سرّ هذا التوجيه الرباني .. الذي نقرأ فيه لطف التوجيه ورحمة الأمر والاعتناء
" فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً " ( سورة المعا رج 5 )

" فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ " ( سورة يوسف 18 )


تنزلت هذه الآية على رسول الله(صلى الله عليه وسلم) في زمن عزّ فيه الناصر ، وقل فيه الرفيق والمُعين يوم كان في مكة يكابد ألم التكذيب والإعراض حتى كاد صلى الله عليه وسلم يقتل نفسه حزناً وألما فيأتيه هذا الأمر الذي يمتلئ رحمة ورأفة ، فيبشش في النفس مرّ الحياة وألم المواجهة ليكون الألم أملا
.


"
فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً " ويذكره سبحانه ويسليه بصبر يعقوب عليه السلام الذي صبر صبرا جميلا فكانت له العاقبة ..!


إننا من خلال النظر إلى واقع التنزيل للآية ، وجمع النصوص في أمر الصبر نستطيع أن نخرج بأوصاف لابد أن تلازم الصبر ليكون الصبر صبراً جميلا
..



الصفة الأولى : إنما الصبر عند الصدمة الأولى
.


صدمة الألم .. صدمة الإعراض والتكذيب .. صدمة المواجهة من أعز قريب . فلا جزع ولا تسخّط . . بل إيمان ورضا . . وتفاؤل وأمل ! الداعية إلى الله . . لا يدعو لذاته وفكرته وخُلقه ومبدأه .. إنما دعوته ربانية سماوية

" قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ " ( سورة يوسف 108 )


وهذه الدعوة الربانية هذا هو طريقها
..


" أَمْ حَسِبْتُـــمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء
وَزُلْـــزِلُواْ" ( البقرة 214 )

لكن كيف تقابل هذه البأساء ،وهذه الضراء ، وهذه الزلزلة ..؟!
تقابلها بالصبر .. والصبر الجميل عند الصدمة الأولى الذي لا سخط معه ولا جزع . !


الصفة الثانية : صبر يورث الثبات
..!


فلا ييأس أو يفتر . . بل صبرا يزيد ه ثباتا على المبدأ . .وقوة في الطرح . . وتجددا في الأسلوب والوسيلة سرا وجهارا . . إعلانا وإسرارا . . جدالاً وحوراً . . بالحكمة والموعظة الحسنة . . ! دعوة لا تعرف الفتور أو الانطفاء بمجرد همزة أو لمزة أو صلب على خشبة الإعدام . .! دعوة لا تنهزم من واقع مرير ، أو انتفاضة الباطل . . ! إنما هي دعوة الحريص المشفق
" حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ " ( سورة التوبة 128 )


ومن قال هلك الناس فهو أهلكهم . . !
إنه الصبر الجميل . . صبر يورث الثبات.

الصفة الثالثة : صبر الاختيار لا الاضطرار ..! صبر في عزة لا ذلة في قهر . . !


الداعية يمنع نفسه من الغضب لذاته ، في سبيل أن يبلغ دعوته . . ! لكن إذا انتهكت محارم الله فلا ذلّة في المواجهة . . وكثيرا ما يخلط بعض الدعاة بين حقيقة الصبر والقهر
. .


يظن القهر صبراً .. والذلّة حمدا وفخرا . . والصبر إنما هو صبر في اختيار
. . تمثّل جلياً في موقف النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يوم الفتح حين تمكّن ممن طرده وشرده وآذاه وقتل عمه فقال كلمة المؤمن الواثق الصابر ( . . اذهبوا فأنتم الطلقاء ) !


يخرج من الطائف مطرودا مكلوماً ، تسيل دماء قدميه الشريفتين . . فيأبى على جبريل أن يأمر ملك الأخشبين فيطبقه عليهم .. ( لعل الله يخرج من أصلابهم من يعبد الله
. . ! )


إنه الصبر الجميل . . صبر الثبات والعزة صبر الرضا والتصديق . . !

" فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ " ( سورة يوسف 18
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة