عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 15-09-2005, 09:44 PM   #1
معلومات العضو
أبو فهد
موقوف

Question امتناع الملائكة عن دخول بيت فيه تصاوير ليس على عموم اطلاق اللفظ ؟؟؟

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

امتناع الملائكة عن دخول بيت فيه تصاوير ليس على عمومه ...

ـــــــــــــــــــــــــــ

[ فصل في امتناع الملائكة عن دخول بيت فيه تصاوير ليس على عمومه

هذا ما وعدنا به من قبل بأن نفرد له فصلاً مستقللاً إذ أن البعض يتناول الحديث : ( لا تدخل الملا ئكة بيتاً فيه تما ثيل أو تصاوير ) على عمومه فيورده في غير موضع غير منتبه لقاعدة العام و الخاص ، مع أن القرائن قد حفت وتازرت على إخراج الحديث عن عمومه وإنزا له إلى أحوا ل خاصة نص الشارع عليها ، وهذا التصرف محتمل في قواعد التشريع التي تأتي فيه النصوص بصيغة العموم وفي الحقيقة يراد به الخصوص ... نعم الأصل أن يؤخذ النص على إطلاقه دون تقييد وعلى عمومه دون تخصيص إلا أن تثبت قرينة قطيعة الدلالة في سياق النص أو يرد نص اخر صريح في التقييد والتخصيص ... وهذا ما وقع في حديثنا بيد أنه اشتمل على عمومين ، كل منهما تثبتت القرينة القطيعة على تخصيصه ، وهما الملا ئكة والصلاة ، فلا الملا ئكة عموماً تمتنع عن دخول البيت وإنكان فيه أصنام تعبد من دون الله الواحد ، ولا الصور عموما مقصودة بهذا الخطاب ... كيف ؟

نتناول واحدة تلو الأخرى :

الأولى : الملائكة :

المعلم من ا لد ين بالضرورة أن صنفاً من الملائكة لا يفارق جنس بني ادم مسلماً كان أو كافراً فهو لا يزال مرابطاً عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ ابن ادم من قول إلا لديه رقيب عتيد ، وهؤلاء هم الحفظة الموكلون من قبل العلي الكبير بإحصاء أعمال هذا الإنسان ، فلا بد من صرف هذا العموم الوراد في حدثينا إلى طائفة خاصة من الملائكة ..

وهذا هو اعتقاد أكثر العلماء :
قال النووي في شرحه لمسلم : ( قال العلماء : هؤلاء الملائكة الذين لا يدخلون بيتا فيه كلب أو صورة هم ملائكة يطوفون بالرحمة والتبريك والاستغفار وأما الحفظة فيد خلون في كل بيت ولا يفارقون بني ادم في كل حال لأنهم مأورون بإحصاء أعمالهم وكتباتها) ( 14/84 ) .

قال الشوكاني عن المقصود بهذه الطائفة ( قيل : أراد الملائكة السياحين غير الحفظة وملائكة الموت . قال في معالم السنن : الملائكة الذين ينزلون بالبركة والرحمة ، وأما الحفظة فلا يفارقون الجنب وغيره ) نيل الأوطار (2/106) .

وقال في حاشية ابن عابدين : ( وامتناع الملائكة قيد بملائكة الرحمة إذ الحفظة لا يفارقون الإنسان إلا عند الجماع والخلاء ، كذا في شرح البخاري ) (1م649).

وقال الإمام القسطلاني في " إرشاد الساري إلى شرح صحيح البخاري " ضمن عبارة جامعة لأحكام كثيرة في باب الصور والتصوير مبيناً ماهو مكروه وما هو جائز من حيث الا ستعمال ثم تحريم التصوير ذاته فيقول : ( والحاصل مما سبق كراهة صورة حيوان ـ أي ما فيه روح ـ منقوشة على سقف أو جدار أو وسادة منصوبة أو ستر معلق أو ثوب ملبوس ، وأنه يجوز ما على أرض وبساط يداس ومخدة يتكأ عليها و مقطوع الرأس وصورة شجر ، ويحرم تصوير حيوان على الحيطان والسقوف والأرض ونسج الثوب ، ومن اتخذ هذه الصور عوقب بحرمان دخول ملائكة الرحمة بيته فلا تصلي عليه ولا تستغفر له ) ا 0 هـ
إذن ثبت تخصيص النص في عموم الملائكة . هذه واحدة .

الثانية : الصور :

من تأمل عين السياق الذي ورد فيه هذا العموم تبين له القرينة الصارفة لهذا العموم إلى الخصوص ، فبعد أن قال عليه الصلاة والسلام : " إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة " وهتك الستر وأعدت منه وسادة فكان يتكىء عليها وفيها صورة ، وكذا أشار عليه جبريل بعد امتناعه من الدخول إما أن يقطع رأس الصورة أو يجعلها بساطاً يمتهن فلا يمنع دخوله مع أن في البيت صورة لكنها على هيئة غير معظمة ، وأيضا إقرار النبي صلى الله عليه وسلم في بيته بتماثيل عائشة رضي الله عنها التي تلعب بها ؛ كل ذلك لفيف من القرائن يؤكد على تخصيص عموم الصور الوارد في الحديث ليفيد أن المقصود هو بعض الصور التي حظر الشارع الحكيم استعمالها ..

ومن ثم قال ابن حجر في تعليقه على حديث جبريل : ( إما أن تقطع رؤسها أوتجعل بسطاً توطأ ) قال : ( وفي هذا الحديث ترجيح قول من ذهب إلى أن الصورة التي تمتنع الملائكة من دخول المكان التي تكون فيه باقية على هيئتها مرتفعة غير ممتهنة ، فأما لو كانت ممتهنة ـ أو قطعت من نصفها أو رأسها فلا امتناع ) فتح الباري 1/ 392 ).

قال النووي في شرح مسلم ( قال الخطابي : إنما لا تدخل الملائكة بيتاًً فيه كلب أوصورة مما يحرم اقتناؤه من الكلب والصور فأما ما ليس بحرام من كلب الصيد والزرع والماشية ، والصورة التي تمتهن في البساط والوسادة وغيرهما فلا يمتنع دخول الملائكة بسببه ، وأشار القاضي إلى نحو ما قاله القرطبي ) ( 14/ 84 ).

وقال في حاشية ابن عابدين ( عموم النص المذ كور مخصوص بغير المهانة ... عدم دخول الملائكة إنما هو حيث كانت الصورة معظمة ، لأن الصورة إذا كانت على بساط مفروش تكون مهانة لا تمنع من الدخول ) ( 1/648 ، 649 ) .

إذن ثبت تخصيص النص في عموم الصور وحتى لا ننسى ، أذكر بفائدة ـ سبق بيانها ـ أن صيغة الحديث " لا تدخل الملائكة " لاتدل صراحة ـ على تحريم المادة أو النوع الذي من أجله فرضت الملائكة حظر أقتراب من صاحبه ، يل هو محتمل لمجرد الكراهة كما في الجنب الذي لا تقربه هذه الطائقة الخاصة من الملائكة الكرام ... ]
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر :
جمع الدرر في أحكام التصور والصور
جمعها أبو إبراهيم أحمد نصر الله المصري.
صفحة (78)

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة