عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 06-01-2014, 08:06 PM   #2
معلومات العضو
سيدة الرافدين
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي


الوقفة السابعة.. النعم المغبونة..

لا يقدر نعم الله تعالى إلا من فقدها.. وكأني بك وقد أنهك المرض جسدك، وأذهب السقم فرحك، أدركت قوله صلى الله عليه وسلم : « نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ » . فالصحة من أجل النعم التي أنعم الله تعالى بها علينا، لا يقدرها إلا المرضى.. وهكذا.. فكم من النعم قد غفلنا عنها، وكم من النعم قد قصرنا بواجب شكرها.. وأجلّ تلك النعم وأعظمها.. نعمة الإيمان والهداية.. فكم من الناس قد غبنها، فلم يقوموا بواجب شكرها، وتكاسلوا عن الاستقامة عليها.. وحين تلوح لك بوادر الشفاء.. وتسعد ببدء زوال البلاء، اقدر لهذه النعم قدرها، واعرف فضل وكرم منعمها، وتدبر حالك عند فقدها أو نقصها، فأعلن بذلك توبة نصوحا من تقصيرك في شكر كل نعمة، وتفريطك في استعمالها فيما يرضي ذا الفضل والمنة. بل اجعل توبتك الآن.. نعم، الآن.. عل هذه التوبة أن تكون سببا في رفع ما أنت فيه من كربة، ودفع ما تعانيه من شدة.. قال علي- رضي الله عنه-: ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة.. وإن لم يكتب لك من مرضك شفاء، فنعم ما يختم العمر به توبة صادقة..


الوقفة الثامنة.. لكل داء دواء..

من رحمة الله تعالى أن المرض مهما بلغ من الشدة والعناء، وشاء الله للعبد الشفاء، يسر له دواء ناجعا، وعلاجا نافعا.. فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء » . منها.. حسن التوكل على الله والالتجاء إليه وحسن الظن به..
فهذا خليل الرحمن صلى الله عليه وسلم يصدع في يقين الواثق: ** وإذا مرضت فهو يشفين** [الشعراء: 80]. فلا شافي إلا الله، ولا رافع للبلوى إلا هو سبحانه.. والراقي والرقية والطبيب والدواء أسباب قد يسر الله تعالى بها الشفاء.. فاجعل توكلك على الله وتعلقك به لتظفر بالصحة والعافية في الدنيا، والسلامة والفوز في الآخرة.. فإذا ابتليت فثق بالله وارض به إن الذي يكشف البلوى هو الله ، وهو سبحانه حكيم عليم لا يفعل شيئا عبثا، ورحيم تنوعت رحماته، لا يقضي قضاء إلا كان خيرا للعبد، قال صلى الله عليه وسلم: « عجبت للمؤمن!! إن الله- عز وجل- لم يقض له قضاءا إلا كان خيرا له » . ومنها التدواي بالرقى الشرعية من الكتاب والسنة.. قال تعالى ** وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين** [الإسراء: 82]. فاحرص- شفاك الله- على رقية نفسك بالقرآن وما ورد في السنة النبوية، فهي من أنفع الأسباب لزوال العلة، وكشف الكربة.. وذلك كقراءة سورة الفاتحة، والبقرة، والإخلاص، والمعوذتين.. وغيرها، والقرآن كله شفاء ورحمة.. ومما ورد من الأدعية والأذكار ما جاء عن عائشة- رضي الله عنها- « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه، أو كانت به قرحة أو جرح قال النبي صلى الله عليه وسلم بأصبعه هكذا- ووضع سفيان بن عيينة- أحد الرواة- سبابته بالأرض ثم رفعها- وقال: بسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفى به سقيمنا، بإذن ربنا » . وعنها- رضي الله عنها- « أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعود بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: اللهم رب الناس، أذهب الباس، واشف، أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءا لا يغادر سقما » .
وعن عثمان بن العاص- رضي الله عنه- أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده في جسده، فقال: «ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل: بسم الله- ثلاثا- وقل سبع مرات: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر » . وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من عاد مريضا لم يحضره أجله فقال عنده سبع مرات: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله من ذلك المرض » .
وعن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- «أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اشتكيت؟ قال: نعم ، قال: بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك ».
وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو عند الكرب: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم » .
وعن سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" ، فإنه لم يدع بها مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له » . لكن هذه الأدعية والرقى تريد قلبا خاشعا، وذلا صادقا، ويقينا خالصا، لا ترديدا على سبيل التجربة والاختبار.. ومنها.. الدعاء... علاوة على ما ذكر من الأدعية والرقى فإن دعاء الله تعالى والالتجاء إلي من أعظم ما ينفع.. بل قد يكون هدف الكربة ومقصدها، قال تعالى : ** فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون** [الأنعام: 42]. أما خطر ببالك أنه سبحانه ابتلاك بهذا المرض ليسمع صوتك، وأنت تدعوه، ويرى تضرعك وأنت ترجوه.. فارفع يديك وأسل دمع عينيك، وأظهر فقرك وعجزك، واعترف بذلك وضعفك، تفز برضى ربك وتفريج كربك.. ومنها.. الاستعانة بالصلاة.. قال تعالى: ** واستعينوا بالصبر والصلاة..** [البقرة: 45]. و « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى.. » [رواه أحمد]. ومنها.. الإكثار من الصدقة.. فعن أبي أمامة- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « داووا مرضاكم بالصدقة » [صحيح الجامع]. ومنها.. التداوي بما ورد أنه شفاء.. كالعسل والحبة السوداء وماء زمزم والحجامة.. ومنها.. التداوي بما أحله الله من الأدوية المباحة..


الوقفة التاسعة.. إحذر مزالق الشيطان..

فاحرص على كتم آلامك وأحزانك، واحذر من إشاعة مرضك، والتحدث به على سبيل الشكوى والاعتراض.. لا على سبيل الإعلام والإخبار..

قال معروف الكرخي: إن الله ليبتلي عبده المؤمن بالأسقام والأوجاع، فيشكو إلى أصحابه فيقول الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي ما ابتليتك بهذه الأوجاع والأسقام إلا لأغسلك من الذنوب فلا تشكني.

إضاعة الأوقات فيما لا ينفع، أو فيما يسخط الله من استماع أو نظر أو فعل محرم..

التهاون في ستر العورات..

التداوي بالمحرمات.. قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تتداووا بحرام » .
ومن أشد هذه المحرمات.. إتيان السحرة والكهنة، قال صلى الله عليه وسلم: « من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد » .

وهو طريق الخزي والمحق في الدنيا، والخسارة والذلة في الآخرة..
ولئن يصبر العبد على مرارة المرض وشدته خيرا له من أن يسلك طريقا يفضي به إلى النار
أخي المريض..
شفى الله سقمك، وعظم أجرك، وغفر ذنبك، ورزقك العافية في دينك وبدنك..


التعديل الأخير تم بواسطة سيدة الرافدين ; 06-01-2014 الساعة 08:08 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة