عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 04-09-2007, 12:22 AM   #3
معلومات العضو
أبو فهد
موقوف

افتراضي

تاسعاً : لقد أشتهر بعض الصحابة بإجابة الدعاء كسعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ أحد العشرة المبشرين بالجنة ، ومن الذين دعا لهم رسول الله باستجابة الدعاء سير أعلام النبلاء 1/11 والحاكم 3/499 وصححه الذهبي ، وبعض التابعين كأويس القرني ـ رضي الله عنه ـ ومع هذا لم يؤثر أن المسلمين تزاحموا على أبوابهم أفواجاً إثر أفواج لطلب الدعاء مع حاجة المسلمين إلى إجابة دعائهم في صلاح دينهم ودنياهم ، مع أنه لا مانع شرعاً أن يأتي الفرد من المسلمين ويطلب من أحدهم الدعاء ، وقد فعل عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ذلك مع أويس القرني ، لأن الرسول ، صلى الله عليه وسلم، أرشده إلى ذلك ، ومع هذا لا شك بأن عمر بن الخطاب لو رأى أن أهل المدينة أجتمعوا على أويس لطلب الدعاء ، وقدم أهل مكة وأهل العراق لأجل هذا الغرض لمنعهم مع فعله هو له ، وذلك خشية على الناس من الفتنة وخسية على أويس القرني من الفتنة أيضاً ومن فقه أويس القرني ـ رضي الله عنه ـ أنه حاول إخفاء نفسه ، ولم يعرّض نفسه ولا غيره للفتنة .

فعن أسير بن جابر كان عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم أفيكم أويس بن عامر حتى أتى على أويس .
فقال أنت أويس بن عامر . قال : نعم ! قال من مراد ثم من قرن . قال نعم ! قال : فكان بك برص فبرئت منه الا موضع درهم . قال : نعم ! قال : لك والدة ؟ قال نعم ! قال سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرئ منه إلا موضع درهم له والدة هو بها بر لو اقسم على الله لا بره ، فإن استطعت أن يستغفر لك فأفعل . فأستغفر لي ! فاستغفر له . فقال له عمر أين تريد ؟ قال : الكوفة .قال : ألا أكتب لك إلى عاملها ، قال أكون في غبراء الناس أحب إليّ . قال فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم فوافق عمر فسأله عن أويس قال تركته رث البيت قليل المتاع ! قال سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرئ منه إلا موضع درهم له والدة هو بها بر لو اقسم على الله لا بره ، فإن استطعت أن يستغفر لك فأفعل . فأستغفر لي ! قال أنت أحدث عهدا بسفر صالح فأستغفر لي ! قال لقيت عمر ، قال : نعم ! فأستغفر لي ! ففطن له الناس فأنطلق على وجهه : قال أسير وكسوته بردة فكان كلما رآه إنسان يقول من أين لأويس هذه البردة . صحيح مسلم مع شرح النووي 16/95 .

وفي نظري أن الرقية كالدعاء ، بل هي دعاء ومثل ذلك لو تقاطر أهل بلد على رجل يظهر من حاله الصلاح بأولادهم لأجل تحنيكهم بتمرة ونحو ذلك ، فإنه لا ينبغي خشية عليه وعليهم من الافتتان . يقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في مثل هذه الصورة وغيرها من صور التبرك : " ومنها أن فعل هذا مع غيره ، صلى الله عليه وسلم ، لا يؤمن أن يفتنه وتعجبه نفسه فيورثه العجب والكبر والرياء ، فيكون هذا كالمدح في الوجه بل أعظم . " تسير العزيز الحميد 186.

قلت فما الظن بالذي يقدم عليه الآلاف من الناس لأجل القراءة عليهم ، ويتركون القضاة والمفتين وأهل العلم ألا يخشى عليه الفتنة ؟!

عاشراً : إذا تبين أن هذا الأمر فيه مفسدة على الناس وخاصة العوام منهم الذين يتعلقون بالقارئ أكثر من تعلقهم بالله وبكلامه حتى يظنوا ارتباط الشفاء بالشخص نظراً لما يرونه من شدة الزحام عليه ، الأمر الذي لا يرونه عند كثير من العلماء الصلحاء ؛ وفيه مفسدة على القارئ نفسه من جهة الشهرة والعجب ، وأبتدع كيفية في الرقية لم تكن مغروفة عند السلف الصالح ، كالقراءة على من مئات الناس جميعا بقراءة واحدة ، والنفث في أوعيتهم جميعا بعد هذه القراءة فلا شك أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة خاصة إذا عظمة المفسدة على المصلحة .
كما قال تعالى : [ ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ] الأنعم ، الآية : 108 .
فسب المشركين لله ـ عز وجل ـ مفسدة عظيمة وسب المؤمنين لآلهة المشركين مصلحة عظيمة ، وهنا قدم درء المفسدة على جلب المصلحة لعظم المفسدة بذلك .

الحادي عشر: إن المتفرغ للرقية على الناس فيه مشابهة بالذي يتفرغ للدعاء للناس فالرقية والدعاء من جنس واحد فهل يليق بطالب علم أن يقول للناس تعالواإلي أدع لكم !! وهذا مخالف لهدي السلف الصالح فقد كان عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم يكرهون أن يُطلب منهم الدهاء ويقولون أأنبياء نحن . انظر الحكم الجديدة بالإذاعة لإبن رجب ص 54 .

الثاني عشر : إن انتشار هذه الظاهرة قد يوهم الناس ومن لا علم عنده بأن هذه الكيفية هي الطريقة الصحيحة للرقية فيظل الناس يطلبون الرقيةمن غيرهم وتتعطل سنة رقية الأفراد 0لأنفسهم وانطراحهم بين يدي رب السموات والأرض وسؤاله الشفاء . ] . اهـ .
ـــــــــــــــــــــــــــ

المصدر : رسائل ودراسات في منهج أهل السنة (5)
الرقى على ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة .

د . على بن نفيع العلياني صفحة رقم (75 ، وما بعدها .)

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة