عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 11-02-2008, 02:40 PM   #25
معلومات العضو
فتاة العروبه

I13

اقتباس:
أولاً : ، وبالطبع فلا أعني مطلقاً ( عبيكان ) القنوات الماجنة والمجلات الخليعة 0

مـــــــاهذا؟؟؟

ايعقل ان يخرج هذا الكــــــــــلام منك ياشيخ ابو البراء.................؟؟؟
تطعن في شيوخ الاسلام؟؟؟
هذا الشيخ اجتهد واخطا ولا يعني ان تطعن به....ولو شعرت حكومتنا ان به خلل لما ابقته في مجلس الشورى دقيقه...ولكن الرجل اجتهد وربما اخطأ فالمساله فيها اختلاف....؟

وهل تعتقد ان هذه المجله صادقه قد يكون تقولوا على هذا الشيخ بسبب مانشر عنه بسبب فتواه التي اثارت جدلا كبير (فك السحر بالسحر)...وهذه المجلات تتعمد اثارت الشائعات ونقلها..لتدليسهم وقدحهم بشيوخ الدين...
فارجوك الا تقدح بهذا الرجل وانت لاتعلم...(ومااواتيتم من العلم الاقليلا)..فكيف ياشيخ ابو البراء ترجوا من الله ان يشفي كم هائلا من المرضى على يديك..وانت تقدح باخ مسلم لك؟؟؟
ارجوك الا تستعجل بالقرار((ليس لكل مجتهدا نصيب))وهذا حال العبيكان...؟
واليك مقال الشيخ كتبه رد على منكري فتواه فلعلك تجد حجه تبرء فيه هذ الشيخ من اتهامك..
فلا اقول اان الشيخ على خطا ولا على صواب...فالمسأله خلافيه..وفي علم الغيب..والافضل بالنسبه لي الصبر والعلاج بالرقيه وهذا مااخترته انا وانا مصابه بالسحر......

الصارم المشهور على كل من أنكر حل السحر بسحر عن المسحور

الشيخ عبدالمحسن العبيكان...

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وإمام المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فقد كثر الجدل في الآونة الأخيرة حول حكم حل السحر من قبل ساحر للضرورة، وذلك بعد أن صدرت مني فتوى بالجواز بناء على قول جمع من الأئمة والفقهاء، ومن المؤسف أن البعض تصدى لهذه الفتوى بالرد الذي فيه التعصب للرأي ولقولٍ دون قول، دون احترام للرأي الآخر والاجتهاد المخالف، مع أن الذي قال بالجواز إما إمام أو فقيه، ويذكرنا ذلك بالتعصب المذهبي الذي ساد في القرون الوسطى، مما جعلني أتطرق لهذا الموضوع بإسهاب مع ذكر الأدلة ونصوص الفقهاء بقراءتها نصا في برنامج "قضايا معاصرة" الذي يعرض في القناة الأولى من التلفاز السعودي بعد مغرب كل يوم أحد من كل أسبوع.

وبعد أن قوبل ذلك الطرح بالإعجاب والتأييد من جمع كبير، ناسب أن أوضح هذه المسألة في مقال يقرؤه من لم يشاهد أو يستمع البرنامج، وسميته "الصارم المشهور على من أنكر حل السحر بسحر عن المسحور" ولا أقصد بهذا العنوان من خالف من العلماء، ورأى التحريم كما سيأتي، ولكن من أنكر القول الآخر وعنف القائلين بالجواز من الأئمة والفقهاء لقلة علمه وسفاهة رأيه.

وإنني في بداية هذا المقال سوف أذكر أولاً الدليل ونص كلام العلماء والفقهاء في هذه المسألة.

روى البخاري في صحيحه (في كتاب الطب- باب السحر ح/ 5763) عن عائشة رضي الله عنها قالت: سحر رسولَ الله رجلٌ من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم، حتى كان رسول الله يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله، حتى إذا كان ذات يوم -أو ذات ليلة- وهو عندي، لكنه دعا ودعا، ثم قال: "يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه؟، أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجليَّ، فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ فقال: مطبوب، قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مُشط ومُشاطة، وجُفِّ طَلْعِ نخلةٍ ذكر. قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذَرْوانَ". فأتاها رسول الله في ناس من أصحابه، فجاء فقال: "يا عائشة، كأن ماءها نقاعة الحناء، وكأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين". قلت: يا رسول الله: أفلا استخرجته؟ قال: "قد عافاني الله، فكرهت أن أثير على الناس فيه شراً". فأمر بها فدفنت. فقول عائشة رضي الله عنها "أفلا استخرجته" معناه: أظهرته بين الناس؛ كما سيأتي توضيحه من الإمام النووي، وليس المقصود إخراجه من البئر لأنه فعل ذلك.

قال الحافظ ابن حجر في شرحه: وفي رواية عمرة عن عائشة "فنزل رجل فاستخرجه" وفيه من الزيادة أنه "وجد في الطلعة تمثالاً من شمع، تمثال رسول الله، وإذا فيه إبر مغروزة، وإذا وَتَرٌ فيه إحدى عشرة عقدة، فنزل جبريل بالمعوذتين، فكلما قرأ آية انحلت عقدة، وكلما نزع إبرة وجد لها ألماً ثم يجد بعدها راحة" وقال: وفي حديث زيد بن أرقم عند عبد بن حميد وغيره "فأتاه جبريل فنزل عليه بالمعوذتين" وفيه "فأمره أن يحل العقد ويقرأ آية، فجعل يقرأ ويحل حتى قام كأنما نشط من عقال" وعند ابن سعد من طريق عمر مولى غفرة معضلاً "فاستخرج السحر من الجف من تحت البئر ثم نزعه فحله فكشف عن رسول الله" قال النووي: خشي من إخراجه وإشاعته ضرراً على المسلمين من تذكر السحر وتعلمه ونحو ذلك.ا.هـ (فتح الباري ج/ 10 ص/ 221- 231) ثم قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى (باب هل يستخرج السحر؟): وقال قتادة: قلت لسعيد بن المسيب: رجل به طب، أو: يُؤَخَّذُ عن امرأته، أيُحلُ عنه أو يُنَشَّر؟ قال لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع الناس فلم ينه عنه.. وذكر البخاري رواية أخرى عن عائشة رضي الله عنها قالت: فأتى النبي البئر حتى استخرجه، فقال: "هذه البئر التي أريتها، وكأن ماءها نقاعة الحناء، وكأن نخلها رؤوس الشياطين" قال: فاستُخرِجَ، قالت: فقلت: أفلا؟ -أي تنشرت- فقال "أما الله فقد شفاني الله، وأكره أن أثيرَ على أحد من الناس شراً" قال الحافظ ابن حجر في شرحه: وصَدَّرَ -أي البخاري- بما نقله عن سعيد بن المسيب من الجواز إشارة إلى ترجيحه. قال الحافظ وأخرجه الطبري في التهذيب من طريق يزيد بن زريع عن قتادة عن سعيد بن المسيب أنه كان لا يرى بأساً إذا كان بالرجل سحر أن يمشي إلى من يطلق عنه، فقال: هو صلاح. قال قتادة: وكان الحسن يكره ذلك يقول: لا يعلم ذلك إلا ساحر، قال فقال سعيد بن المسيب: إنما نهى الله عما يضر ولم ينه عما ينفع. وقد أخرج أبو داوود في المراسيل عن الحسن -رفعه- "النشرة من عمل الشيطان" ووصله أحمد وأبو داود بسند حسن عن جابر، قال ابن الجوزي: النشرة حل السحر عن المسحور، ولا يكاد يقدر عليه إلا من يعرف السحر. وقد سئل أحمد عمن يطلق السحر عن المسحور فقال: "لا بأس به. وهذا هو المعتمد" قال الحافظ: ويجاب عن الحديث والأثر بأن قوله "النشرة من عمل الشيطان" إشارة إلى أصلها، ويختلف الحكم بالقصد، فمن قصد بها خيراً كان خيراً وإلا فهو شر. ثم قال الحافظ ابن حجر: "ويوافق قول سعيد بن المسيب ما تقدم في "باب الرقية" في حديث جابر عند مسلم مرفوعاً "من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل"، ثم قال الحافظ: وممن صرح بجواز النشرة المزني صاحب الشافعي وأبو جعفر الطبري وغيرهما، وذكر الحافظ كلام ابن القيم ومنه قوله: فلما أوحى إليه أنه سحر عدل إلى العلاج المناسب له وهو استخراجه، انتهى (انظر فتح الباري في المجلد العاشر كتاب الطب ص / 233 - 234).

وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد: باب (ما جاء في النشرة): عن جابر أن رسول الله سئل عن النشرة؟ فقال هي من عمل الشيطان رواه أحمد بسند جيد، وأبو داود وقال: سئل أحمد عنها فقال: ابن مسعود يكره هذا كله. وفي البخاري عن قتادة: قلت لابن المسيب: رجل به طب أو يُؤخّذ عن امرأته، أيُحلُ عنه أو يُنشّر؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح فأما ما ينفع فلم ينه عنه. اهـ وروي عن الحسن أنه قال لا يحل السحر إلا ساحر. قال ابن القيم: النشرة حل السحر عن المسحور، وهي نوعان أحدهما: حل بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان. وعليه يُحمل قول الحسن، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب، فيبطل عمله عن المسحور. والثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة، فهذا جائز. وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: فيه -أي الباب- مسائل:

الأولى: النهي عن النشرة.

الثانية: التفريق بين المنهي عنه والمرخص فيه عما يزيل الإشكال. اهـ(راجع كتاب التوحيد باب ما جاء في النشرة).

وقال الموفق ابن قدامة في المغني: وأما من يحل السحر فإن كان بشيء من القرآن أو شيء من الذكر والأقسام والكلام الذي لا بأس به فلا بأس به، وإن كان بشيء من السحر فقد توقف أحمد عنه. قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله سئل عن رجل يزعم أنه يحل السحر. فقال: قد رخص فيه بعض الناس. قيل لأبي عبد الله: إنه يجعل في الطنجير ماء ويغيب فيه ويعمل كذا. فنفض يده كالمنكر. وقال: لا أدري ما هذا؟ قيل له: فترى أن يؤتى مثل هذا يحل السحر؟ فقال ما أدري ما هذا؟. ورُوِيَ عن محمد بن سيرين، أنه سئل عن امرأة يعذبها السحرة، فقال رجل أخط خطاً عليها وأغرز السكين عند مجمع الخط وأقرأ القرآن، فقال محمد: ما أعلم بقراءة القرآن بأساً على حال، ولا أدري ما الخط والسكين؟ وروي عن سعيد بن المسيب في الرجل يؤخّذ عن امرأته فيلتمس من يداويه فقال إنما نهى الله عما يضر ولم ينه عما ينفع. وقال أيضاً: إن استطعت أن تنفع أخاك فافعل.(المغني ج/ 12 ص/ 304 - 305). وقال ابن مفلح في الفروع في الجزء العاشر طبع مؤسسة الرسالة ص/ (207- 209): وتوقف الإمام أحمد في الحل بسحر وفيه وجهان، وسأله مهنا عمن تأتيه مسحورة فيطلقه عنها قال لا بأس، قال الخلال إنما كره فعاله ولا يرى به بأساً كما بينه مهنا، وهذا من الضرورة التي تبيح فعلها قال المرداوي في تصحيحه: قال في آداب المستوعب: وحل السحر عن المسحور جائز والوجه الثاني لا يجوز. اهـ وقال الشيخ محمد الفتوحي الحنبلي الشهير بابن النجار في المنتهى: ويجوز الحل بسحر ضرورة. قال في شرحه -أي للضرورة إلى ذلك- في الأصح.اهـ (معونة أولي النهى ج/ 8 ص/ 578).

وقال المرداوي في الإنصاف (ج/ 10 ص/ 352) قال في المغني: توقف الإمام أحمد رحمه الله في الحل. وهو إلى الجواز أميل. وسأله مهنا عمن تأتيه مسحورة فيطلقه عنها؟ قال: لا بأس. قال الخلال: إنما كره فعاله. ولا يرى به بأساً، كما بينه مهنا. وهذا من الضرورة التي تبيح فعلها. وقال في الرعايتين، والحاوي: ويحرم العطف والربط، وكذا الحل بسحر. وقيل: يكره الحل. وقيل يباح بكلام مباح. ا.هـ.

وقال في الروض المربع بحاشية الشيخ عبدالرحمن بن قاسم (ج/ 7 ص/ 414) ويجوز الحل بسحر ضرورة. قال الشيخ عبدالرحمن في الحاشية: أي لأجل الضرورة، وتوقف أحمد، وعن الحسن لا يحل السحر إلا ساحر، وقال ابن القيم النشرة حل السحر عن المسحور وهو نوعان: حل بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه يحمل قول الحسن فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب فيبطل عمله عن المسحور، والثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية المباحة فهذا جائز. اهـ.

وذكر الشيخ عبد الله العنقري في حاشيته على الروض مثل ما ذكره الشيخ عبدالرحمن بن قاسم في الجزء الثالث صفحة (345).

كما أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ذكر في كتاب التوحيد حديث جابر في النشرة وما جاء في صحيح البخاري عن سعيد بن المسيب ولم يرجح ولم يعنف على من قال بالجواز.

كما ذكر الشيخ عبدالرحمن بن حسن في فتح المجيد طبعة المكتبة التجارية بمراجعة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمهما الله صفحة (289) قول الحسن النشرة من السحر، وقول ابن الجوزي النشرة حل السحر من المسحور ولا يكاد يقدر عليه إلا من يعرف السحر ثم رجح التحريم ولم يعنف من قال بالجواز.

وقال الشيخ يوسف بن عبد الهادي الحنبلي في مغني ذوي الأفهام (ص/ 30) بتحقيق معالي الشيخ عبد العزيز بن محمد آل الشيخ رحمه الله ما نصه: ولا بأس بنشرة وسلوة وأن يطلق عن المسحور ويحل المعقود نص عليه.اهـ.

وقال في كشاف القناع شرح متن الإقناع (ج/ 6 ص/ 187 مطبعة الحكومة بمكة): والمذهب جوازه ضرورة. اهـ.

وقال الإمام ابن كثير في تفسيره (تفسير القرآن العظيم ج/1 ص/158): مسألة: وهل يُسأل الساحر حلاً لسحره؟ فأجاز سعيد بن المسيب فيما نقله عنه البخاري وقال عامر الشعبي: لا بأس بالنشرة، وكره ذلك الحسن البصري، وفي الصحيح عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله هلا تنشرت، فقال "أما الله فقد شفاني وخشيت أن أفتح على الناس شراً" ا.هـ.

فتبين مما تقدم أن عدداً من الأئمة والفقهاء أباحوا حل السحر من قبل ساحر، منهم سعيد بن المسيب والحسن البصري والإمام أحمد وابن الجوزي والإمام البخاري ونص عليه عدد من فقهاء الحنابلة في كتبهم المعتمدة التي يفتي بها ويحكم بها القضاة في بلادنا المباركة، بل نصوا على أن هذا هو مذهب الإمام أحمد، فهل يسوغ بعد ذلك لمن ينتسب إلى العلم أن ينكر تجويزهم لذلك؟ كما دل عليه حديث عائشة في الصحيح عندما لم ينكر الرسول عليها رضي الله عنها قولها هلا تنشرت، ومن المعلوم قطعاً أنها لا تقصد النشرة بالرقية الشرعية لأنه فعلها عندما قرأ المعوذتين فانحلت العقد. إذاً فهي تقصد النشرة الأخرى التي هي بفعل الساحر مع أن النبي لم يكتف بالرقية الشرعية بل استخرج السحر من البئر وحله، ونزعت الإبر المغروزة في التمثال الذي من الشمع على صفة الرسول، وتقدم ذكر كلام ابن القيم عندما قال "عدل إلى العلاج المناسب له وهو استخراجه اهـ ولم يقل اكتفى بالرقية، وكما في الرواية المتقدمة أن جبريل أمره أن يحل العقد ويقرأ آية، فجعل يقرأ ويحل، ومن المعلوم أنه لا يعرف مكان السحر لاستخراجه في الغالب إلا الجن عن طريق الساحر، وإلا فكيف يستخرج، والذين يأمرون الناس بالاقتصار على الرقية يخالفون ما فعله من استخراج السحر وحله، وأمر جبريل عليه السلام به، إضافة إلى الرقية، ولم يكن الرسول يعرف أنه مسحورٌ، أو من سحره، أو مكان السحر إلا عن طريق الوحي وجبريل عليه السلام. وعامة الناس لا يستطيعون ذلك إلا عن طريق ساحر في الغالب.

ومن المؤسف أن بعض الذين تكلموا في هذه المسألة رادين هذه الفتوى، أخذوا يستدلون بما لا دليل فيه ويخلطون بين الساحر والكاهن والعراف، ويستدلون بقوله (من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) والكاهن والعراف هما اللذان يخبران بالغيب المستقبل الذي لا يعرفه إلا الله، فالمقصود بالحديث من يأتي هؤلاء لأجل أن يخبروه عن مستقبل أيامه في مدة عمره، وما يحصل له في المستقبل من خير أو شر مما استأثر الله بعلمه ويدل عليه قوله (فصدقه بما يقول) أي من علم الغيب في المستقبل، ولهذا فإن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عقد باباً فيما جاء في الكهان ونحوهم ثم بعد ذلك عقد باباً آخر فقال "باب ما جاء في النشرة" مما يدل على التفريق، كما أنه لا يجوز لمن يأتي هؤلاء السحرة لأجل عمل السحر، أما من ألجأته الضرورة إلى الذهاب إلى ساحر ليطلق عنه هذا السحر، ولأجل أن يستخرجه -بعد أن بذل الأسباب من الرقية الشرعية والأدوية المباحة- فلم يتطرق إليه هذا الحديث. وهو أمر جائز عند من ذكرنا من العلماء الذين هم أعلم منا بكتاب الله وسنة رسوله، وما يحل وما يحرم.

وأقول لمن اعترض على نشر هذه الفتوى بين العامة والاقتصار على إفتاء من يحتاج إلى ذلك في السر: إن هذا لا يتفق مع قوله تعالى (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) (آل عمران:187) وقوله صلى الله عليه وسلم (من كتم علماً يعلمه، جاء يوم القيامة، ملجماً بلجام من نار) (مسند أحمد ح/ 10427، 10597) وكيف يعرف كل من تضرر بالسحر أن الشيخ فلان يفتي بذلك في السر بل إنني كنت أفتي بذلك منذ سنوات ولم يعرف أكثر الناس هذا الحكم ولم يستفد منه إلا بعد أن بينته في وسائل الإعلام نصحاً لإخواني المسلمين كما قال صلى الله عليه وسلم (الدين النصيحة، لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) (البخاري كتاب الإيمان باب رقم 42) وفي مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قالالدين النصيحة) قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) (مسلم كتاب الإيمان ح/ 95). وكيف يسوغ طلب استفتاء الملايين من المصابين لشخص يفتي سراً في مكانه، وما الفائدة من ذلك، وأقول لمن قال إن هذا يفتح الباب لتساهل الناس في الذهاب إلى السحرة بأن الذين أصيبوا بالسحر لم يصابوا به إلا عندما أقدم كثير من الناس على الذهاب إلى السحرة لعمل السحر مع علمهم بالتحريم فمن الذي فتح لهم ذلك الباب؟ وأما الذين يريدون رفع الضرر فهؤلاء إذا كانوا ممن يخافون الله عز وجل فلن يقدموا على ذلك إلا بفتوى متقيدين بضوابطها، وأقول لمن قال إن هذه الفتوى تقتضي السماح للسحرة بمزاولة عمل السحر بأن هذا الكلام باطل ولم تتضمنه تلك الفتوى بل المطلوب القضاء على السحرة وهذا ما تقضي به أنظمة بلادنا المباركة، ولكن هناك من يقوم بمزاولة العمل سراً منذ سنين طويلة ولم تستطع السلطة القضاء التام عليهم، كما أننا نعلم أن السحرة في دول كثيرة بعضها عربية إسلامية يقومون بمزاولة عملهم بدون معارض فلو استطعنا القضاء على جميع السحرة في العالم لما احتجنا إلى الفتوى بذهاب المسحور عند الضرورة إلى أولئك السحرة، وأقول إن القاعدة الشرعية الفقهية نصت على أنه عند الضرورات تباح المحظورات، فهي تضمنت إباحة مثل ذلك. وأقول لمن يستدل بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التداوي بالحرام بأن حل السحر ليس من تعاطي الأدوية المحرمة المأكولة والمشروبة، فالحديث هو في التداوي بأكل الطعام المحرم أو شرب ما هو محرم كالخمر ولو على سبيل التداوي، أما السحر فهو بحل عقد وإتلاف ما وضع فيه السحر واستخراجه كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد يعطي الساحر للمسحور أدوية مباحة من الأعشاب ونحوها، وإنما المحرم أن يقوم المسحور هو بفعل محرم مثل الذبح لغير الله أو تعليق ما يتضمن المحرم ونحو ذلك.

ومن الأمور العجيبة أن الذين يحرمون ذلك لا حلَّ لديهم سوى أمر الناس بالصبر، ولا شك أن الصبر مطلوب ولكن لا يتعارض مع بذل الأسباب فالنبي لم يأمر المريض بالصبر فقط، بل قال (تداووا عباد الله) وقال في الجارية (استرقوا لها فإن بها النظرة) وربما أن هذا الذي يأمر بالصبر لو أصابه مجرد صداع في رأسه لسارع إلى تناول الحبوب المسكنة أو اللجوء إلى الطبيب ولم يتحمل هذا المرض الذي يعد يسيراً جداً بالنسبة لبعض المصابين بالسحر الذين فقدوا وظائفهم وشتت شمل أسرهم ووقع الفراق بينهم وبين أزواجهم بل إن بعضهم يحمله السحر على أن يقتل أو يفعل الفواحش أو يترك الفرائض بل منهم من أصابه الجنون بسبب السحر فما هو الحل في نظر المحرمين، فلا بد للمفتي أن يضع نفسه مكان المستفتي فيحاول أن يحس بألمه وحاجته وضرورته وأن يبحث عن الحل الشرعي لهذا المستفتي لا أن يسد عليه الأبواب بكل سهولة.

ومن المؤسف جداً أن بعض المخالفين لا يبينون للناس أن المسألة من مسائل الخلاف بين أهل العلم وأن ما يفتي به هو ما يرجحه فقط مع احترامه لمن خالفه بل يحاول أن يُفهم الناس أن المسألة من المسائل المجمع عليها والذي لا يسوغ لأحد أن يخالف الرأي الذي تبناه فأين أدب الخلاف واحترام الاجتهاد والمخالف في الرأي كما درج عليه الأئمة رحمهم الله بل أين هؤلاء من إقرار النبي صلى الله عليه وسلم للمجتهدين من الصحابة في فهم قوله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلى في بني قريظة)؟! وإقراره للفريقين الذين اجتهدوا في فهم نصه واختلفوا في المراد من ذلك النص ولم يعنف أياً من الفريقين؛ كما فعل ذلك من ذكرنا مثل الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى عندما عقد باباً فقال (باب ما جاء في النشرة) ولم يقل باب من الشرك كما حصل منه في الأمور الشركية بل ذكر قول المجيزين والمانعين بدون تعنيف، وكذلك الشيخ عبدالرحمن بن حسن ؛ فينبغي لمن يختار التحريم أن يحترم الأئمة القائلين بالجواز لا أن يتهمهم بفتح الباب للشر لأنه وإن كان يقصد فتواي فإنه لا بد أن يكون الاتهام للقائلين أولاً بالجواز فإنني مقتدٍ بهم مقتفٍ آثارهم، وليعرف قدر نفسه بدل التطاول على أئمة الهدى والدين كالإمام أحمد وسعيد بن المسيب والإمام البخاري ومن ذكرنا، وهل يستطيع ذلك المعنف أن يمنع تدريس كتب الحنابلة في الجامعات خاصة ما هو عمدة في تدريس الفقه في الجامعات وحلق العلم وهو كتاب (الروض المربع)، لأنه يشتمل على تجويز حل السحر بسحر ضرورة.

وإنني أعجب من قول بعض الذين ردوا على الفتوى عندما قال في إحدى الصحف المحلية (وفي تعاطي السحر وإتيان السحرة جمع بين الكفر والإضرار بالناس والإفساد في الأرض) مع أن العلماء اتفقوا على عدم كفر من يأتي الساحر بل اختلفوا في حكم الساحر نفسه، هل يكفر أم لا؟.

ومنهم من فصل في حكم الساحر: قال في الروض المربع (ج/7 ص/ 413) ويكفر ساحر يركب المكنسة فتسير به في الهواء ونحوه لا كاهن ومنجم وعراف وضارب بحصى إن لم يعتقد إباحته وأنه يعلم به الأمور المغيبة ويعزر ويكف عنه.ا.هـ

وقال في معونة أولي النهى شرح المنتهى (ص/ 574-575): إذا ثبت هذا فإنه يحرم تعليم السحر وتعلمه. "وساحر يركب المكنسة فتسير به في الهواء ونحوه" كالمدعي أن الكواكب تخاطبه (كافر)، لقول الله سبحانه وتعالى (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ) (البقرة:102) أي وما كان ساحراً كفر بسحره. وهو قوله سبحانه وتعالى (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ) (البقرة:102) أي لا تتعلمه فتكفر بذلك وهذا يدل على أن متعلمه كافر.

(كمعتقد حله)؛ لأن القرآن نطق بتحريمه وثبت بالنقل المتواتر والإجماع على تحريمه. "لا من يسحر بأدوية وتدخين وسقي شيء يضر "يعني فلا يكفر ولا يقتل؛ لأن الله سبحانه وتعالى وصف الساحرين بالكافرين بأنهم يفرقون بين المرء وزوجه فيختص الكفر بهم ويبقى من سواهم من السحرة على أصل العصمة. (ويعزر) تعزيراً (بليغاً). قال في الإنصاف: بحيث لا يبلغ به القتل على الصحيح من المذهب. وقيل: له تعزيره بالقتل. انتهى. (ولا) يكفر أيضاً في الأصح" من يعزم على الجن ويزعم أنه يجمعها وتطيعه". وذكره أبو الخطاب في السحرة الذين يُقتلون.ا.هـ

وقال الإمام ابن كثير في تفسيره (تفسير القرآن العظيم ج/1 ص/147): وقد ذكر الوزير أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة رحمه الله في كتابه (الإشراف على مذاهب الأشراف) بابا في السحر فقال أجمعوا على أن السحر له حقيقة إلا أبا حنيفة فإنه قال: لا حقيقة له عنده. واختلفوا فيمن يتعلم السحر ويستعمله، فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد يكفر بذلك ومن أصحاب أبي حنيفة من قال إن تعلمه ليتقيه أو ليجتنبه فلا يكفر ومن تعلمه معتقداً جوازه أو أنه ينفعه كفر، وكذا من اعتقد أن الشياطين تفعل له ما يشاء فهو كافر. وقال الشافعي رحمه الله إذا تعلم السحر قلنا له صف لنا سحرك فإن وصف ما يوجب الكفر مثل ما اعتقده أهل بابل من التقرب إلى الكواكب السبعة وأنها تفعل ما يلتمس منها فهو كافر، وإن كان لا يوجب الكفر فإن اعتقد إباحته فهو كافر، قال ابن هبيرة: وهل يقتل بمجرد فعله واستعماله؟ فقال مالك وأحمد نعم، وقال الشافعي وأبو حنيفة لا ؛ فأما إن قَتَلَ بسحره إنساناً فإنه يقتل عند مالك والشافعي وأحمد، وقال أبو حنيفة: لا يقتل حتى يتكرر منه ذلك أو يقر بذلك في حق شخص معين، وإذا قتل فإنه يقتل حداً عندهم إلا الشافعي فإنه قال يقتل والحالة هذه قصاصاً.اهـ.

وقال الموفق ابن قدامة في المغني (ص/ 300-302) " إذا ثبت هذا، فإن تعلم السحر وتعليمه حرام لا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم. قال أصحابنا: ويكفر الساحر بتعلمه وفعله، سواءٌ اعتقد تحريمه أو إباحته. وروى عن أحمد ما يدل على أنه لا يكفر، فإن حنبلاً روى عنه، قال: قال عمي في العراف والكاهن والساحر: أرى أن يستتاب من هذه الأفاعيل كلها، فإنه عندي في معنى المرتد، فإن تاب وراجع -يعني- خُلِّي سبيله. قلت له: يقتل؟ قال: لا، يحبس، لعله يرجع. قلت له: لم لا تقتله؟ قال: إذا كان يصلي، لعله يتوب ويرجع. وهذا يدل على أنه لم يكفره، لأنه لو كفره لقتله. وقوله في معنى المرتد. يعني في الاستتابة. وقال أصحاب أبي حنيفة: إن اعتقد أن الشياطين تفعل له ما يشاء، كفر، وإن اعتقد أنه تخييل لم يكفر. وقال الشافعي: إن اعتقد ما يوجب الكفر، مثل التقرب إلى الكواكب السبعة، وأنها تفعل ما يلتمس، أو اعتقد حِلَّ السحر- أي أن السحر حلال- كفر، لأن القرآن نطق بتحريمه، وثبت بالنقل المتواتر والإجماع عليه، وإلا فسق ولم يكفر، لأن عائشة رضي الله عنها باعت مدبرة لها سحرتها، بمحضر من الصحابة. ولو كفرت لصارت مرتدة يجب قتلها، ولم يجز استرقاقها، ولأنه شيء يضر بالناس، فلم يكفر بمجرده كأذاهم. انتهى كلام الموفق.

قلت: فإذا كان هذا في الساحر نفسه فكيف يقال بكفر من يأتيه، كما أن المقصود بقوله فيمن يأتي الكاهن ويصدقه -وهو أعظم بكثير ممن يأتي الساحر- فقد كفر بما أنزل على محمد، المقصود الكفر العملي لا الاعتقادي أي الذي هو من الفسق ولا يخرج عن ملة الإسلام، قال الشيخ عبدالرحمن بن حسن في فتح المجيد "وهل الكفر في هذا الموضع كفر دون كفر فلا ينقل عن الملة أم يتوقف فيه فلا يقال يخرج عن الملة ولا يخرج وهذا أشهر الروايتين عن أحمد رحمه الله تعالى" ا.هـ.

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

عبد المحسن العبيكان
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة