عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 18-11-2009, 01:40 PM   #1
معلومات العضو
الفلك

افتراضي ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾

1. إن الإنسان المؤمن موجود هادف.. له برنامج لا على مستوى الدنيا، ولا على مستوى البرزخ؛ وإنما على مستوى الحياة الخالدة إلى أبد الآبدين.. ومن هنا نعلم أن هذه البرمجة طويلة المدى إلى أبد الآبدين، تحتاج إلى جو مركز.. لذا فمن الأمور الراجحة أن يكون الإنسان مستقرا نفسياً، ولو تحمل شيئاً من الذلة التي يرضى بها الشارع..



2. إن من صور الكفر الخفي، رفض الحكم الشرعي باطناً، وإن قبل به الإنسان على مضض، كالقضاء والقدر.. إن الإنسان بعض الأوقات يرضى بالقضاء والقدر، ولكن كأنه يقول في نفسه: يا رب، يا ليتك لم تقض لي بهذا القضاء!.. وكما يقال: بأن لو تفتح عمل الشيطان.. كذلك في الأحكام الشرعية نلاحظ هذا المعنى..



3. إن النصيحة التي من الممكن أن تقدم لمن يريد الزواج أو الخطبة، وفي أول الحياة الزوجية: أن يتفق الطرفان على هذه النقطة: نحاول أن لا نختلف، وإذا اختلفنا نحاول أن لا نتخالف؛ ولكن إذا تخالفنا، فمن الآن نتفق على أن الحكم هو الشرع فيما بيننا.. وعندئذ يكون هنالك حالة من حالات الاطمئنان، بأن كل خلاف ينشب بينهما، لابد وأن يكون له حسم.. وهذه نقطة مضيئة في الحياة العائلية للإنسان المؤمن.



4. نحن ظلمنا القرآن، كم قرأنا القرآن ولم نلتفت إلى أدق المعاني في كتاب الله عز وجل؟!..



5. إن ظلامة علي -عليه السلام- في أتباعه وفي شيعته لها صور منها: إدعاء الموالاة إدعاءً، من دون مطابقةٍ لفعله، ولما أراده علي -عليه السلام-.. لعل البعض أراد أن يدخل في هذا المنهج، وفي هذه المدرسة.. ولكن عندما يرى سلبيات بعض أتباع هذه المدرسة، وإذا به ينصرف!.. وهذه جريمة كبرى، أن يُنفِّر الإنسان الآخرين عن منهج أهل البيت (ع)، ويكون مصداقاً لذيل الرواية لا لصدرها: (كونوا زينا لنا، ولا تكونوا شيناً علينا)!..



6. لو أن الإنسان لم يعرف الحق، والأمور مشتبهة؛ فعليه أن يقف عند الشبهات!.. لماذا يجعل نفسه جسراً لعبور الآخرين؟..



7. على المؤمن عندما يذهب لزيارة أحد، أو عندما يصادق أحداً، أو جهة، أو تياراً، أو حتى عالماً.. عليه أن ينظر لمن يعطي هذه الأوقات التي يصرفها في محضرهم أو في اجتماعاتٍ مطولة؟.. هذا العمر، يجب أن يوضع في الموضع المناسب، لا يرتبط بكل أحد، (المرء على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل).



8. إن الطموح أمر جيد!.. والذين يريدون أن يتفرغوا في الثلث الأخير من حياتهم للعبادة، وخدمة الخلق في سنوات التقاعد؛ عليهم أن يكدوا ويجتهدوا أيام الشباب الأولى، حتى يكون لهم رأس مال.. وعندها يستطيع السفر للمشاهد المشرفة، أو يقوم بدعم المشاريع الإسلامية، وخدمة المؤمنين.. نعم هذا هو الطموح!..



9. لماذا يكشف الإنسان أوراقه لكل أحد؟.. هب أن الإنسان مبتلى!.. فإن الخطوة الأولى قبل أن يشكو همومه للناس، عليه أن يلتجئ لرب العالمين، كما في دعاء المشلول: (يا جاري اللصيق!.. يا ركني الوثيق!.. يا إلهي بالتحقيق!.. يا رب البيت العتيق!.. يا شفيق يا رفيق!.. فكني من حلق المضيق، واصرف عني كل هم وغم وضيق، واكفني شر ما لا أطيق، وأعني على ما أطيق)!..



10. إن الصلاة هي الصاروخ الذي يصعد بالإنسان إلى المنصة.. فالمسجد والصاروخ والصلاة والذكر؛ بمثابة الوصول إلى القمر أو الكوكب الذي ستسافر إليه.. القرآن يقول: أنا أريد النتيجة، لا أريد المسجد ولا الصلاة، يا موسى {أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي**!.. ليس من باب الإتيان بالحركات الظاهرية، ولكن أريد منك أن تأتي إلى الصلاة لغاية الذكر.. فإذا انتفت الغاية، انتفت الفائدة.



11. إن عليا (ع) يقول: (ورضي بالذل، من كشف عن ضره)؛ أي على الإنسان أن يقدم شكواه إلى رب العالمين.. ولكن في نفس الوقت، عليه أن يختار من عباد الله الصالحين من يمكن أن يجري الخير على يديه.



12. إن من أفضل الطرق للوصول إلى الله -عز وجل- خدمة العباد، فيكون بذلك مظهرا للخير على وجه الأرض.. وخدمة العباد لا تحتاج إلى خزائن الأرض، أو إلى حسابات سرية في البنوك، ليس الأمر كذلك!.. خدمة العباد قد تكون من خلال كلمة يفرج بها الإنسان عن أخيه المؤمن، أو إنسان ضال يأخذ بيده.



13. إن الإنسان عندما يرجع إلى ما مضى من حياته السابقة، فإنه يستوحش، ويكاد يئن للساعات التي أمضاها في غير طاعة الله -عز وجل- عندما ينظر خلفه؛ فيرى صحراء قاحلة، فيها بعض الواحات الجميلة، وما بينهما صحاري قاحلة.. هذه الصحاري التي لم نستثمرها، هي من موجبات الحسرة يوم القيامة.



14. إن الذي يعيش جو الحديث مع رب العالمين، ووصل إلى هذه الدرجة من الرشد الباطني، والبلوغ النفسي؛ إذا تكلم بذّا القائلين.. وهذه هي ثمرة الصمت، والتحكم في اللسان!..



15. إن من صور الكفران: كفران نعمة رقة القلب.. فالإقبال القلبي بمثابة الضيف، الذي لو أكرم استقر في القلب، وإلا ارتحل من دون عودة.. والمعصية المباشرة بعد الإقبال، تسلب القلب رقته ليتحول إلى قلب مختوم عليه.



16. إن من متع الدنيا، أن يجلس الإنسان إلى أحبابه وإخوانه من المؤمنين، لأنه إذا اجتمع المؤمنون على طاعة الله، وعلى ذكر الله: لكلمة هادفة، أو لدعوة بين يديه، أو حتى لإجابة دعوة مؤمن على طعام؛ فإن هذا الاجتماع هو موضوع لنزول الهبات الإلهية..



17. إن المؤمن في متعة مستمرة، لأنه في النهار يلتقي بإخوانه في المسجد وغيره؛ فيستمتع.. وإذا جن عليه الليل؛ يسجد بين يدي الله عز وجل.



18. البعض يخشع في صلاته، وقد يبكي أثناء الصلاة.. ولكنه يخطئ في القراءة، أو يكون هناك خلل في سجوده.. فهذا الإنسان كيف يريد أن يصل بهذه الصلاة الباطلة فقهيا؟.. هو يتقن الخشوع؛ ولكن صلاته مردودة.. لذا عليه أن يتقن هذه الصلاة!.. فالفقه رغم أنه فقه أصغر، ولكن هذا الفقه الأصغر؛ مقدمة للفقه الأكبر، وهو معرفة الله -عز وجل-.



19. إن الخطوة الأولى أمام البلاء، هي أن ننظر هل أن هذا البلاء بلاء مقدر، أو بلاء مكتسب؟.. أي هذا قضاء وقدر، أم أن هذه نتيجة وهذا جزاء؟.. وهذا يحتاج إلى قدرة تعقلية كبرى، فالدين هو دين التعقل، (تفكر ساعة، خير من عبادة سبعين سنة)، لأن الإنسان إذا قوى في نفسه الجانب التعقلي والتحليلي، بإمكانه أن يصلح مسيرته في الحياة مع نفسه ومع ربه.



20. لا خير في عبادة لا تدبر فيها، فـ{الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ**؛ أي تبيان للناس، ورب العالمين يدعونا للتدبر في كتابه.. ولو كان كتابا معقدا لما أمرنا بذلك.



21. إن من يقرأ القرآن الكريم بنية شفاء الباطن، نعم يكون شفاء للباطن؛ ولهذا الشيطان يدخل على الخط؛ لئلا يكون شفاء..



22. يقول الإمام علي (ع): (لو كان الفقر رجلاً لقتلته)!.. علي (ع) يأخذ موقفاً من الفقر؛ أي أن الإنسان الذي لم يتقن حركته الدنيوية، ليس له مستقبل أخروي مشرق.. فالدنيا مزرعة الآخرة، والمزرعة كلما زادت واتسعت، كثر أنهارها، وكثر العاملون عليها، وزادت الثمار، وزاد المحصول.. فالدنيا مزرعة، وثمارها نقطفها في الآخرة.



23. إن هنالك فقرا يريده الله -عز وجل- لك، وهنالك فقر تريده أنت لنفسك.. ما الفرق بين الفقرين؟.. الفرق بينهما بيّن واضح!.. فالفقر الذي من الله -عز وجل- فيه رائحة النعمة والإكرام.. وأما الفقر المذموم في الشريعة، فهو الفقر الذي لا يسعى الإنسان فيه لتهيئة المقدمات،فالإجمال في الطلب من صفات المؤمن..



24. أو تعلمون أن من الدرجات العليا في الإيمان، أن يصل الإنسان إلى درجة أنه يحب ذرية رسول الله (ص) أكثر من ذريته، يقول: لأن هذا ابني وهذا ابن رسول الله ولو بوسائط، وأنا أحب رسول الله أكثر من حبي لنفسي، فأحب هذا السيد أكثر من حبي لولدي.. وهذا المفروض رياضياً ومنطقياً!.. هنيئاً لمن وصل إلى هذه الدرجة من شفافية القلب!..



25. إن المؤمن عليه أن ينظر إلى الدنيا بنعيمها، وبما فيها من متاع، على أنها بلغة للآخرة..



26. إن هذه الآية الكريمة فيها نكته عرفانية جميلة: {إِن يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا**.. بعض العلماء يقول: إذا أراد الإنسان أن يصلح بينه وبين زوجته، فإن رب العالمين يتدخل ويوفق بينهما.. فكيف إذا أراد أن يصلح فيما بينه وبين الله تعالى، ألا يتدخل رب العالمين في أن يوفق بينه وبين عبده؟.. ولكن بشرط أن يريد!..



27. البعض إذا سمع عن ولي، أو عن مرب، أو عن أستاذ قدير في الصين في مجال التربية الأخلاقية، فإن البعض قد يشد الرحال إليه؛ لماذا لا نشد الرحال لأن نكون بين يدي الله، فهو المربي الأعظم، فنجلس في بيت من بيوت الله -عز وجل- في مسجد خال، نصلي ركعتين بين يدي الله -عز وجل- ونستفهم الله: (استفهم الله يفهمك)!..



28. لنسأل أنفسنا في هذا اليوم أسئلة عريضة: مر علينا شهر رمضان، مرت علينا سنة: بلياليها وأيامها، بحجها وعمرتها، بمحرمها وصفرها وشعبانها ورجبها.. فهل قطفنا ثمار هذه السنة كما يحب الله ويرضى؟.. في ليالي القدر المباركة -بحمد الله- هناك جو متميز تغلب عليه حالة الإنابة والتوبة والمعاهدة مع الله -عز وجل- في دفع المنكر في حياتنا، هل بقينا أوفياء لهذا العهد؟..



29. عندما يسأل الطفل: هل تحب الله؟.. يقول: نعم، هو ربي!.. ونحن أيضاً كهؤلاء الأطفال، فأين الحب لله -عز وجل- وأين حب الزوجة، والأولاد والمتاع؟.. ليتنا نعطي عشر هذا الحب لله رب العالمين!.. ومن أحب شيئاً أكثر من ذكره!.. فمدى ذكرنا لله -عز وجل- يكشف عن حبنا الباطني..



30. إن الأعمال الجوارحية من أوليات الشريعة، ولكن الأرقى من ذلك، هو إصلاح هذا الأمير الباطني.. إن مملكة البدن لها وزارات وقوى، وهذه الحواس الخمس.. فهل أصلحنا هذا الباطن، كي يتحول من نفس لوامة، ومن نفس أمارة، إلى ذلك القلب السليم؟..



31. هذه الأرض بعظمتها لا نور لها، وهذا القمر المنير هو مستنير بالغير.. والقيمة كلها في السراج الوهاج، لماذا لا نحاول أن نكون كالشمس لا كالقمر؟.. فالقمر ينتابه الخسوف ويحجب، والأرض على عظمتها شق مظلم وشق منير.. هنيئا لمن صار كالشمس وجودا مضيئا للغير!..



32. إن الشاب المؤمن بما أعطي من إرادة، وبما أعطي من شهوات، وبما أعطي من ميل للحياة الدنيا وزخرفها.. لو قام بحركة جهادية في باطنه؛ فإنه يصل إلى المراحل العليا بسهولة، والكبار أيضاً يصلون ولكن ببطء.. ولكن الشاب إذا أراد أن يصل للمقامات العالية الروحية والقربية؛ فإنه أسرع.. وذلك لأنه دائماً على مفترق طريقين، فيجاهد نفسه مجاهدة.



33. هل يبيع المؤمن دينه ودنياه وآخرته، بالجلوس أمام هذه الشاشة؟.. ينظر إلى الحرام في جوف الليل، وإذا جاء الطفل الصغير يسرع ويطفئ الجهاز، وكأنه في حال عبادة.. ويخاف من الخادمة في المنزل، ويخشى أن تنقل الأخبار لربة المنزل.. فهو يخشى الطفل والخادمة، ولكن رب العالمين هو أهون الناظرين، ووجوده كالعدم!..



34. إن الإنسان المتخلق هو ذلك الذي يعطي كل جارحة من الجوارح، وظيفتها الإنسانية والإلهية.. وليس هنالك كثير اختلاف بين الإنسانية والبعد الإلهي في تشخيص الحسن والقبح، فالعقل متطابق مع الشرع، في تمييز مصاديق الحسن والقبح.



35. العامل من دون علم؛ يصبح إنسانا مصمما على إنقاذ نفسه.. والعلم بدون عمل؛ يكون حجة على صاحبه، والقرآن الكريم يعبر عنهم {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا**.. إذا اقترن العمل بالعلم، الإنسان عندئذ يصبح كالشمس الوهاجة.. مشكلتنا أننا لسنا سراجا وهاجا؛ لأن أحدنا لا يضيء من حوله.. ننتظر عالما أو موعظة من مكان ما، لماذا لا يتحول أحدنا إلى وجود يربي الآخرين بنظراته؟..



36. إن من وظائف المعلم إيجاد حالة ارتباط عاطفي مع تلاميذه، فإذا رأى المعلم وجوها طيبة من مظاهر الخير، فليحاول أن ينمي هذه المظاهر، وليس هنالك أي قانون يمنع الإنسان من أن يقوم بدور أخلاقي.. فالمربي حتى ولو كان أستاذ الكيمياء والفيزياء، بإمكانه أن يقوم بهذا الدور، وخاصة في ربط عظمة الخالق وغيره بالجانب السلوكي والتربوي.



37. إن في تراث أهل البيت (ع) شاء الله -عز وجل- أن يكون لبعض شهداء الطف مزية، منهم شخصيتان أفرد قبرهما، يزاران زيارة مستقلة: أحدهما حبيب بن مظاهر الأسدي، والآخر الحر بن يزيد الرياحي، يشدون الرحال إليه، للسلام عليه، والتشفع به عند الله عز وجل.. هذه هي شكورية الله -عز وجل- سويعات من الطاعة المخلصة، وإذا برب العالمين يعطي هذا العبد الصالح الدرجات التي يغبطه عليها جميع الشهداء!..



38. إن السعي إلى مواطن التعلم، وإلى الإحياء في مواطن العبادة، وخاصة في ساعة متأخرة من منتصف الليل، حيث أن الإنسان بإمكانه أن يشغل نفسه بأمور كثيرة: جلوساً مع أهله، وإذا كان متزوجا مع زوجته وأولاده، ويستمتع بصور مختلفة من متع الحياة.. هذا السعي من موجبات التدخل الإلهي في القلوب.



39. هنالك نعم أنعم بها رب العالمين علينا في عالم الوجود.. وهذه النعم لها مظهر مادي، ولعل الهدف من ذكر هذه النعم الانتقال من نشأة الدنيا إلى ما وراء الطبيعة.. فالمؤمن لديه هذه الخاصية: أن يحول الطبيعة إلى ما وراء الطبيعة.. وذلك من موجبات تعميق روح العبودية، والارتباط بالله سبحانه وتعالى.



40. من السهل أن يقول الإنسان: أنا أرجو ربي!.. وثقتي بالله!.. عوام الناس يقولون: الثقة بالله، أو الأمل بالله عز وجل، ولكنها لقلقة.. إذا كانت الثقة بالله -عز وجل- فلماذا هذا الاضطراب في أمور المعيشة؟!.. ولماذا هذا التحير في دروب الحياة المتشعبة؟!.. فالقضية تحتاج إلى بلوغ فكري وعقلي، وتحتاج إلى حالة من النمو الباطني.



41. نحن طالما صلينا، وطالما حججنا واعتمرنا وصمنا؛ امتثالا لأوامر الله عز وجل.. ولكن هل استشعرنا الوجود الإلهي في يوم من الأيام، كاستشعارنا لوجود الزوجة والأولاد والمنزل والأرض والسماء؟.. هل استشعرنا بهذا الوجود الذي هو مصدر الوجود؟.. نحن أنسنا بآثاره، ونسينا المؤثر صاحب الأثر؟!..



42. إن الواجبات مفروضة علينا، ونحن نؤدي الواجب خوفاً من عذاب الله عز وجل، ولكن كم من الناس يصومون في رجب وشعبان؟.. إنها قلة قليلة!.. وكذلك بالنسبة إلى صلاة الليل، لأنه ليس فيه إلزام؛ ولهذا فإن الذي يلتزم بالنوافل، هذا له إصرار باطني، يريد أن يقول: يا رب، أنا أعمل ما لم تفترضه علي، على أمل أن تفتح لي الأبواب..



43. إن الذي يرى كل ما في الوجود من الله تعالى؛ يزداد ذكرا وشكرا لواهب هذه النعم.. فالذي ينظر إلى كل مظاهر الطبيعة على أنها من الله: المطر من الله، والزرع من الله، ويتذكر هذا الطعام، ويرى بأن الله -عز وجل- هو الذي أطعمه هذا الطعام؛ يعيش حالة الشكورية وتذكر النعم الإلهية.



44. إن للصلاة أثر دوائي علاجي، أثرها أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر.. فالصلاة لها لسان بليغ فصيح، والمصلي الصلاة الواقعية، كل يوم صلاته تتكلم معه: يا فلان، اترك المعصية!.. كيف تقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ**، وأنت بعد الصلاة تعبد الهوى.. فهذه مفارقة؟!.. ولهذا بعد كل فريضة، علينا أن نستغفر الله.. بعض الأوقات الإنسان في الصلاة أو بعد الصلاة، يستغفر الله من صلاته لا من الذنوب..



45. إذا أراد الإنسان أن يرسم لنفسه طريقاً في الحياة، فلينظر إلى رضا الله عز وجل.. وهذا يحتاج إلى نور من الله عز وجل، لذا على الإنسان أن يطلب هذا النور من الله -عز وجل-.. هذا النور الذي لو أوقعه الله في قلب وفي وجود الإنسان، فإنه يخرج من الحيرة، وتتحول حياته إلى جنة من جنان الله في الأرض.



46. إن من يحب النبي وآل النبي (ص)، يجب أن لا يزعجهم بأعماله.. فالنبي (ص) يتألم من معصية الشاب، وإمام الزمان يتألم، فهو الذي تعرض عليه الأعمال كل اثنين وخميس.. ما فائدة اللطم والهتاف باسم الإمام المهدي، إذا كنا كل يوم نرميه بالسهام؟.. نعم، إن المعصية تجرح قلبه الشريف.



47. إن المصالحات الموسمية: في موسم الحج نصالح رب العالمين، ثم نعود إلى واقعنا، وفي ليالي القدر، وفي شهري محرم وصفر؛ هذه المصالحات لا تغني شيئاً.. فالإنسان الذي يصالح ربه، ثم يقوم بخلاف المصالحة، هذا في معرض الختم على القلب لا قدر الله.. لذا على الذين يصممون في هذه الليالي على تغيير مجرى حياتهم، أن يثبتوا على ذلك..



48. كيف يمكن للإنسان في ليلة القدر، وعلى باب المسجد، وفي شهر رمضان، وفي ليلة المصيبة، أن لا يترك الحرام النظري؟.. هذا متى سوف يعود إلى الله عز وجل؟.. أليس هذا من موجبات نزول الغضب الإلهي؟..



49. إن الشاب في قمة الشهوة، وقمة الإثارة: إثارة في الباطن، وإثارة في الخارج: وإثارة في الجامعة، وإثارة في السوق.. إذا استقام فإن رب العالمين يرفعه الدرجات العالية..



50. إن البعض قد يترك المعاصي، ولكن مازال يعيش حالة الشرود والذهول؛ وذلك لأنه لم يصل إلى مرحلة اطمئنان القلب، {أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ**.. لذا عليه بصلاة أول الوقت، ولكن للفرائض الخمس، بما فيها صلاة الصبح؛ حيث أن فيها مفتاح كل خير..



51. يجب أن تكون نية الحضور للمأتم، هي الاطلاع على ما يفتح القلب على الهدى الإلهي.. وأن يكون بقصد الاستفادة الشاملة: فبحسب ما ينوي الإنسان يحصل من العطاء!..



52. إن رب العالمين طريقته في هداية العباد، ليس على نحو الوحي دائماً، قد يجري الكلام على لسان خطيب عالم عامل، فيغير مجرى حياته.. وأحد الشخصيات بلغت مدارج عالية من التكامل والكمال، ببركات كلمة واحدة سمعها من أحدهم.. كان يمشي لعله في الشارع، ولعله في هيئة لاهية أو لاغية، فقال له ذلك العالم الجليل: ما لهذا خلقنا!..



53. إن على الإنسان أن يحول المخزون النظري، والتفاعل العاطفي إلى حركة في الحياة.. فالخطيب الحسيني يتكلم، ويعظ، ويبين البعد النظري، ثم يغلف الكلام ببعد عاطفي.. فيتفاعل الإنسان عاطفياً، ويبكي، ويخرج.. إلى هنا الجهاز اشتغل بشكل جيد: دخل الوقود، والهواء موجود، وتمت عملية الاحتراق، وتولدت الطاقة.. ولكن بعد الخروج من الحسينية، لابد من تحويل هذه الطاقة إلى عجلات دافعة، وإلى عمل في ساحة الحياة..



54. إن على الإنسان في كل مناسبة إمام، أن يأخذ الصفة المتميزة والبارزة من ذلك الإمام، ليعمل بهذه الصفة في حياته..



55. إن بعض المؤمنين في مجالس عزاء سيد الشهداء، يخرج وعيونه محمرة، إلى درجة وكأنه فقد أعز أعزائه.. نعم، هذا منظر وجه، يحبه الله ورسوله!.. وإذا بهذا الإنسان بعد دقائق أو ثوان من انتهاء المجلس يضحك ويمرح، هو لا تزال الدموع على خديه، والقهقهة تسمع منه.. ما هذا التناقض؟.. إذا كنت متألما، وهذه الدموع على خديك، لماذا جو الغفلة بلا فاصل؟.. دع الغفلة بعد فترة ليس مباشرة!..



56. رحم الله العلامة صاحب تفسير الميزان، يقول: الحالات الروحية الجيدة بمثابة الضيف، إن أكرمته بقي، وإلا ارتحل.. هذه الحالة الروحية الإيجابية، حاول أن تكرمها بأن تبقى معها إلى أن تذهب هي، إذا هي ذهبت أنت لست مؤاخذا..



57. إن على الإنسان أن يقطف ثمار المجلس نقداً، فلا يقول: أذهب للبيت، وأصلي ركعتين.. وهو في المجلس بعد الفراغ، عليه أن يعيش شيئا من الأجواء التوحيدية.. فالذي يدخل إلى الله -عز وجل- من هذا الباب، سوف يصل سريعاً.. فهذه الدموع تفتح الأبواب، هذه الدموع بمثابة بطاقة الدخول على السلطان..



58. إن الخادمة في المنازل، تجعل نفسها في خدمة المخدوم: صباحا ومساء، ليلا ونهار، سحرا وفجراً؛ لأنها تخاف من الطرد، فتقوم بعمل كل ما تؤمر به.. فلو كنا مع رب العالمين كما الخادمات مع المخدومين، لكان أمرنا على ألف خير.



59. أن نرى كل ما في الوجود منه -سبحانه وتعالى- هو الطريق إلى الإيمان..



60. إن الجفاء موجود بالنسبة للإمام الحجة (عج)، لذا يقال: بأنه يجب أن نكثر من دعاء الفرج، وقراءة زيارة آل يس، والندبة، والعهد.. ولكن هذه ألفاظ، والإمام ليس بعاشق ألفاظ.. فالأهم من الزيارات والألفاظ، والذي يقربنا إلى الإمام، ويهب لنا رأفته ورحمته، هو أن نكون على مستوى طاعة رب العالمين..



61. إن هناك من أصبح همه هو رؤية الإمام (عج).. من قال: بأن الهدف هو أن نلتقي به؟.. فإذا التقيت بالإمام، وسلمت عليه، وقبلت يديه الشريفتين، ثم ودعته.. فما هي الثمرة العملية لهذا اللقاء؟.. إن الثمرة العملية هو الحب والإتباع، فلمَ لا يكون ذلك من دون رؤيته؟..



62. إذا أردت أن يؤثر الدعاء في القلب، لابد أن يكون الدعاء قلبياً.. البعض يرفع صوته بالدعاء، ويتغنى في الدعاء.. هذا ليس دعاء، هذا تفنن في الألفاظ.. فالدعاء طلب، والطلب من حركات القلب، وليس من حركات اللسان.. والعبد إذا دعا ربه وهو لا يعيش الجدية في الدعاء، هذا الدعاء سوف لن يستجاب، لأنه ما تحقق الطلب أبداً.



63. إن سبب زوال الحالات الروحية، عدم تقديرها.. فالذي يعطى في ليلة القدر هذه الهبات الروحية، وفي النهار يرتكب ما يرتكب من بعض المحرمات، أو الغفلات؛ فإنه من الطبيعي أن يعاقب بسلب هذه الحالة..



64. من المهم أن يكتشف الإنسان العين البرزخية في الحياة الدنيا، فيحاول أن يقيم قيامته بنفسه قبل أن يفاجأ بالقيامة..



65. من أشد ما يعصر قلب المؤمن وغير المؤمن؛ تضييع الفرص في الحياة الدنيا.. فالإنسان المؤمن يحاول أن يقشر ما يرى؛ لأن كل ما نراه له ظاهر وله باطن.. سياسة التقشير هذه لو عملنا بها في الحياة الدنيا؛ لتغير نظام الحياة وانقلب رأسا على عقب..



66. إن ول سلبية للعاصي: أنه إنسان يخالف حركة الوجود -فيه شذوذ-.. ومن هنا لو نطقت الحيوانات والطبيعة، لذمت هذا الإنسان الذي يخالف حركة الوجود.



67. لا يتوقع الإنسان أن يرتكب سلبية من السلبيات، وهذه السلبية تمر من دون أن ينقص الله -عز وجل- منه شيئاً أو يضيف له سلبية؛ هذه سنته في الوجود: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ**.. فالإنسان عندما يعصي، يخرج منه غاز سام.. هذا الغاز السام لا يفنى، يبقى في الوجود، ويوجب له قساوة القلب.



68. إن المراد منا -كما نفهم من مصادر الشريعة- أن يصل الإنسان إلى مرحلة الضبط الباطني.. فالذي ينضبط باطنه؛ تنضبط جوارحه؛ لأن الجوارح تنحرف، عندما يكون هنالك حركة ساهية لاهية في الباطن..



69. يوم عاشوراء الإمام الحسين -عليه السلام- كما يفهم من سيرته كان له بكاءان: بكاء على أهل بيته، وما سيصيبهم بعده.. وبكاء على هذه الأمة، أنها ستدخل النار بسببه.. هذه هي الرحمة، والرحمة إذا وجدت لها تجليات، فهي ليست حالة مستبطنة في الباطن، إنما تتجلى في الخارج، وأهل البيت في قمة هذه الحالة...



70. في بعض الأوقات الذنوب الماضية بعد الاستغفار، تتحول إلى سلم من التكامل، وإلى منصة انطلاق إلى عوالم أخرى.. وذلك لأن هذا الإنسان الذي عاد وعنده ذنوب، يصبح عنده حالة الخجل من الله عز وجل، وهذه الحالة لا تقدر بثمن.. (أنين المذنبين أحبُّ إلى الله من تسبيح المسبّحين).



71. نحن مشكلتنا ليست في المقتضيات، بل في الموانع.. الموانع لدينا قوية جدا، إذا رفعت هذه الموانع انتهى الموضوع!.. مثل شخص سيارته جاهزة للسير، وفيها كل شيء، وبمجرد أن يرفع رجله عن الفرامل ستمشي.. ونحن كذلك لا مشكلة لدينا، كل شيء جاهز للحركة، ولكن الهوى والمعصية؛ منعتنا من السير.



72. حاول أن تحول هذه الدمعة: دمعة الرثاء، ودمعة البكاء على مصائبهم؛ إلى دمعة المناجاة، وبث الهموم، وطلب التوبة بين يدي الله عز وجل.. ما المانع أن نحول دمعة الولاء، إلى دمعة التوحيد؟..



73. إن البعض منا -أحياناً- يرى منظراً في التلفاز يعكسُ جانباً من مأساة في بلاد المسلمين، فلا ينام ليلته.. فكيف بمن هو المعني بشؤون المسلمين، ويُعاين الحدث، وصاحب المصيبة يستغيث بهِ، وهو لا يقدر على الإغاثة لظروفِ زمان الغيبة.. حقيقةً قلب مولانا الإمام الحجة -صلوات الله وسلامهُ عليه- من أكثر القلوب في تاريخ البشرية تألماً..



74. إن البعض يُراجع الرسالة العملية وكُل أمنيتهِ أن يأتي الفقيه بالجواب.. هو يحب أن يعمل معاملة ربوية معينة، أو يقوم بعمل يوافق شهوتهُ مثلاً، وعندما يرى المسألة خلاف مزاجهِ يغّير المرجع.. وهنالك قسم من الناس يلتقطون الفتاوى التقاطا؛ أي يأخذ من كُلِّ فقيه ما يناسب مزاجهِ ورأيه.. هل هكذا يؤخذ الدين؟!..



75. إن البعض يرى أن أسلوب التقرب إلى أوليائهِ وإلى أئمة أهل البيت (ع)، وعلى رأسهم النبي الأكرم (ص)، يكون بإظهار الحب، وذلك من خلال زيارة مشاهدهم المشرفة، وبإقامة مجالسهم: أفراحهم، وأحزانهم، وبلبس السواد في مجالسهم.. هذا كلهُ جيد، ولكن كل هذهِ الحركات تصب في خانة الولاء العاطفي؛ المهم بالإضافة إلى ذلك الولاء العملي..



76. إن الذي يريد أن يدخل السرور على قلب وليهِ، ليس في الزيارة، ولا بدفع الصدقةِ عنه، ولا بالدعاءِ لفرجهِ فحسب!.. هذا كلهُ جيد، ولكن أفضل ما تدخل بهِ السرور على قلب إمامك، أن تقلع عن منكر عاكف عليه..



77. إن الذين لا يعيشون في ليلة القدر الرقة الروحية، فهؤلاء مرضى!.. لأن ليلة القدر هي ليلة التعالي، وليلة التصافي، وليلة الهجرة إلى الله عز وجل.. إذا كان هناك إنسان طوال السنة، لا يبكي من خشية الله، إنه أمر عادي.. أما ليلة القدر لا يبكي، فهذا مريض، أو فيه شبهة المرض، كعدم البكاء في ليلة عاشوراء.



78. إذا أراد الإنسان أن يبني نفسه سلوكياً وروحياً، عليه أن لا يقوم بحركات مبعثرة: يوم أوراد، ويوم ولائيات، ويوم عقائديات.. فالمهم أن نبدأ بداية صحيحة، والبداية أن نبدأ من هذه النقطة: ترك المعاصي بكل صورها.. فالذي يريد الكمال الأخلاقي، لا يمكنه أن يرتكب معصية من المعاصي..



79. إن على الإنسان أن يكتب هذه الآية {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى** فوق التلفاز، هذا التلفاز الذي يبث ما يبث من الحلال والحرام.. وكلما أراد أن يفتح هذا الجهاز، ويتنقل عبر المحطات؛ ينظر إلى هذه الآية!..



80.إن الذي يريد أن يعلم صلته بإمام زمانه، فلينظر إلى قلبه في مواطن الاستجابة.. قد يوفق الإنسان أن يكون تحت الحائر الحُسيني يوم الأربعين مثلاً، لينظر إلى قلبه عندما تجري دمعته ما هي دعوته؟.. ما هو الدعاء الطبيعي المنقدح من تلقاء نفسه بلا تكلف؟.. فهل يخجل أن يقدم حوائجه على حوائج إمامه؟..



81. إن رب العالمين له طرق في تكفير السيئات، فالإنسان غير المعصوم وغير العادل، حياته فيها سلبيات.. فما دمنا لسنا معصومين، ولسنا بعدول؛ أي هنالك ثغرات في حياتنا.. وكل ثغرة في الحياة، حتى الكلمة النابية والصراخ على الطفل وضربه، والنظرة البلهاء لها حساب عند رب العالمين.. فرب العالمين جعل بإزاء كل ثغرة، حالة من حالات التأديب؛ رفقاً بالمؤمن..



82. إن الهم والغم تارة عقوبتي، وتارة لطفي، كما كان لأنبيائه وأوليائه الصالحين.. لذا المطلوب أن نسد الثغرات!.. فإذا كنا على الجادة المستقيمة، فإن كل همّ وغمّ، وكل ضيق، وكل فقر ومرض؛ يصبح تكامليا، ومعراجيا.. فإذن، لنحاول أن نسد كل ما يوجب علينا الغضب الإلهي.



83. إن البلاء إذا كان على شكل بلاء مادي، فالأمر هين؛ ولكن المصيبة أن يكون البلاء في الدين، ألا نقول في الدعاء: (اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا)!.. والمراد بالدين ليس فقط المصائب المتعلقة بالآخرة.. إن من لم يخشع قلبه ليلة القدر، وأصيب بقسوة القلب؛ فهذه من أسوأ العقوبات!..



84. إن العمل فرعٌ للمعرفة، والذي لا يعرف تكليفهُ لا يؤدي دوره..



85. لنقدم شكوى إلى الله عز وجل في أن يجعل قلوبنا مستقر نظرته.. هنيئا لمن نظر الله إلى قلبه!.. فرب العالمين نظر إلى العدم، فجعله وجوداً.. ونظر إلى اللاشيء، فخلق منهن سبع سماوات وما بينهن {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ**.. فكيف إذا نظر إلى قلب عبده المؤمن؟.. (لم يسعني أرضي ولا سمائي، ووسعني قلب عبدي المؤمن)!..



86. ومن وظائفنا في زمان الغيبة أيضاً؛ أن ندعو الناس إلى الله -سبحانهُ وتعالى- ونحببهم إليه.. فالذي يحبب الناس إلى الله -عز وجل- قد ادخرت لهُ جائزة من الجوائز العظام.. مثلا: إنسان يُعلّم إنسانا مسألة شرعية؛ هذا ممتاز.. ولكن أن تبني إنساناً، وأن تغير مسيرة إنسان، فهذا عمل عظيم!..



87. إن على الإنسان أن يقف مع نفسه، ويتذكر حياة الأبدية: الأبدية في الجنة، أو في الأعراف، أو -لا قدر الله- في النار.. فهذه الأبدية، ترسم بهذه السنوات القلائل من الحياة الدنيا.. يا لها من معادلة مرعبة ومخيفة، أن يرسم الإنسان أبديته!.. الإنسان لا يكاد يستوعب ما معنى الأبدية؟.. سنعيش الأبدية في جوار الله -عز وجل-: في جوار لطفه، أو غضبه، وذلك من هذه الأيام التي نقضيها في الحياة الدنيا.



88. إذا لم يصل الإنسان إلى درجة استقذار المنكر، فإنه لم يحصل على شيء؛ لأنها حصانة مؤقتة لا حصانة ذاتية.. لذا يجب على المؤمن أن ينظر إلى نفسه: هل وصل إلى هذه الدرجة أم لا؟.. إن وصل لهذه الدرجة، فهنيئا له!..



89. إن كلمة "انتظار الفرج" استعمال شائع في صفوف المؤمنين، الفرق واضح بينَ الانتظار الصادق، وبين الانتظار الكاذب.. بين الانتظار الادعائي، وبين الانتظار الواقعي.. الإنسان الذي يبدي أشواقه من دون عمل؛ هذا الإنسان إنسان لهُ منطق شعري، شاعري، هذا ليس لهُ واقع أبداً.. المنتظر لفرج الإمام -عليه السلام- هو الذي يقوم بدور ما في زمان الغيبة، ولو كان دوراً بسيطاً.. فالانتظار الحقيقي، هو ذلك الانتظار الذي يستتبع العمل.



90. عندما أمر نمرود الظالم بجمعِ نارٍ لإحراق إبراهيم -عليه السلام- كان كلّ من المرأة والرجل يأتون، وبيدهم شوكة يلقونها في تلك النار؛ لأنهم يريدون أن يكون لهم دور في تأجيج هذهِ النار.. هكذا في الباطل، فلماذا نحنُ لا نعمل بهذا الدور في الحق؟!..



91. إن الذين يتسلقون الجبال، وهدفهم الوصول إلى القمة، يوجد بينهم جماعة يائسة من الوصول، ولكنهم يصلون إلى مرحلة عالية من الجبل؛ لأن هدفهم الوصول إلى القمة.. أما الإنسان الذي يعيش في الوادي، ولا يهمه القمم، ينطبق عليه قول الشاعر: ومن يتهيب صعود الجبال *** يعش أبد الدهر بين الحفر.. فإذن، كلنا مطالبون أن نتمنى هذه القمة العالية؛ قمة النبي المصطفى (ص)..



92. إن القلب إذا انقطع، على الإنسان أن يصله بالله -عز وجل- من خلال التضرع والمناجاة.. حتى لا يصاب هذا القلب بالضمور ثم الشلل، وبعد الشلل هنالك الموت، وبعده يختم على القلب وتغلق منافذه!..



93. إن الإنسان لا يمكنه في بعض الحالات أن يعيش المعاني القلبية، فيحول الأمر إلى ذكر لفظي..



94. إن البعض يائس من ذريته، أو من زوجته، أو من أقاربه؛ لماذا اليأس؟!.. رب العالمين بعث الرحمة في الجاهلية، فقلبهم رأسا على عقب!.. هذه الرحمة موجودة أيضا في حياتك..



95. إن الذي يريد أن يصل دعاؤه إلى الله -عز وجل- عليه أن يصفي هذه العلاقات مع نفسه ومع الغير.. فكيف يقول: يا رب، انصر المظلومين، وهو من الظالمين؟!..



96. إن هناك أدعية لا تستجاب، لا لأنها غير واصلة، بل وصلت؛ ولكن هنالك مبدأ التعويض.. فرب العالمين يقول: لا تعطوه شيئا!.. أنا رب كريم، هو دعاني وسأعطيه، ولكن في عرصات القيامة.. العبد يدعو لا يستجاب دعاؤه، فإذا صار يوم القيامة، أعطاه الله ما لا يخطر بباله من العطاء.. حتى يتمنى لو لم تستجب له دعوة واحدة.



97. إن الإنسان عليه بالاستقامة في الطريق، وسيرى بعض المنازل الجميلة.. في البداية يكون الطريق صحراويا، ولكن عليه أن يذهب للأمام، ولا ينظر إلى السراب الذي أمامه!.. عليه بالصبر، وبعد فترة سيلقى الواحات الجميلة..



98. إذا قطع الإنسان المسافة الأولية، بعدئذ تتكرر المشاهد الربوبية والتجليات الإلهية؛ عندئذ من المستحيل أن يرجع الإنسان إلى نقطة الصفر.. حيث أن الانتكاسة ممكنة في أوائل الطريق، والارتداد ممكن؛ لأن هذا لم يصل إلى ركن وثيق، ولم تتحول خطواته إلى خطوات ثابتة في الطريق.. إما إذا اجتاز هذه المرحلة الوسطية، سوف يصل ويرى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ليس في الجنة بل في الدنيا!..



99. إن الإنسان بين الدنيا وبين المملكة الإلهية، هو في صحراء.. عندما يخرج من الدنيا، يهاجر إلى الله عز وجل.. والهجرة إلى الله -عز وجل- تعبير قرآني.. عندما يهاجر الإنسان إلى الله ورسوله، قبل أن يصل إلى قلعة الأمان، هناك صحراء.. وأغلب الناس ضحايا في هذه الصحراء، ولهذا قلّ الواصلون..



100. المؤمن يحسب حساب الوجاهة الاجتماعية؛ لأن سمعته من دينه.. رب العالمين أوكل له الأمور، إلا أن يذل نفسه.. وهنا خطاب لكل مؤمن ومؤمنة: في مجال عملك، ما دمت معروفا أنك في خط أهل البيت، وتمثل منهج أهل البيت، فلا تعط بسوء أعمالك صورة سلبية عن هذا الخط المبارك..

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة