عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 27-02-2010, 02:06 PM   #5
معلومات العضو
أحمد الجبلي

افتراضي

إلى الأخت الفاضلة والأستاذة الكبيرة أم سلمى حفظها الله وجعل ما تقدمه من توجيهات ونصح وإرشاد في ميزان حسناتها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
نعم الله تعالى كثيرة يخطئها العد والإحصاء..فمنها ما هو عام يشمل كل الإنسانية والبشرية كنعمة العقل ونعمة السماء والشمس والهواء...ونعم يخص بها عباده المخلصين كالهداية وسبيل الرشاد..ونعم يخص بها عبدا بعينه مثل الصحة أو الرزق الوفير أو الولد...
وهناك نعم ظاهرة وأخرى خفية..أما الظاهرة فهي هذه النعم التي ننعم فيها بالليل والنهار ..وأما النعم الخفية فمنها مثلا نعمة النسيان. وربما الكثير من الناس لا ينتبه لمثل هذه النعمة. فالإنسان قد يموت له حبيب عزيز أو قريب غال فيبكي وينحب ويحزن ولكن مباشرة بعد أيام قلائل نجده يضحك ويمرح ..فلو افترضنا أن هذا الإنسان لا ينسى بفضل الله تعالى كل مصيبة عاشها فهل كان يمكن له أن يستمر في الحياة؟ولذا فمن نعم الله تعالى أن ينزل السكينة على عباده وينعم عليهم بنعمة اسمها النسيان فننسى ما قد لم بنا من شجن وحزن ولحق بأحبابنا من موت وهلاك.. حتى تستمر الحياة بطاقة وقوة وعزم. ومن النعم الخفية هناك نعمة الجوع..فلو سألنا أحدا: هل يعتبر الجوع نعمة أم نقمة؟ حتما سيقول بئس النقمة ما أقبح الجوع وأقساه.ولكن لو افترضنا أن الإنسان عندما يأكل فيشبع ويستمر هكذا في شبعه دون أن يجوع..فإنه سوف يرى بعينيه ما لذ وطاب من النعم ولن يستطيع أن يقربها لأنه دائما في شبع. وهنا حتما سف يطلب من الله تعالى أن يجوع والسؤال هو هل نطلب من الله تعالى النعم أم النقم. فلماذا إدن هذا الإنسان يطلب الجوع. فالجوع إذن نعمة من نعم الله حتى نتذوق أصنافا كثيرة من المأكولات وحتى نعرف فضل الله علينا ونعمه المختلفة.نشبع ثم نجوع لنأكل ثم نشبع ونجوع لنأكل وهكذا..فكل ما يفعله الله تعالى خير..حتى المصيبة تعترضنا فيها نعم وخير من عند الله تعالى..رأى الحسن البصري رحمه الله تعالى في يد رجل قرحة فقال له: ما أكبر قرحتك.. فقال الرجل: لا تقل كذلك فإن لي فيها نعما كثيرة. فاستغرب الحسن البصري لهذا الرجل كيف يقول أن له في قرحته نعما كثيرة. فقال الحسن البصري مستنكرا: وكيف ذلك؟ فقال الرجل: أرأيت لو كانت في عيني فكيف سيكون حالي؟ أرأيت لو كانت في لساني فكيف سيكون حالي؟ أرأيت لو كانت في أذني فكيف سيكون حالي..وهكذا ذهب يسمي له بعض الأماكن الحساسة في الجسم. فقال: فمن نعم الله تعالى علي أنه لم يجعلها لا في فمي ولا في لساني ولا في أذني.. وجعلها في يدي..لا تعرقل حركة ولا تعطل عبادة.
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول ما من مصيبة تصيبني إلا لي فيها نعم ثلاث: فالأولى أنها تذكرني بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. والنعمة الثانية أنها ليست في ديني.. والنعمة الثالثة إن أنا صبرت عليها كان لي فيها أجر.
وقصة سيدنا موسى مع سيدنا الخضر في سورة الكهف دليل قاطع على أننا لا نعلم خبايا الأمور التي يتصرف الله تعالى فيها كيف يشاء..إلى درجة أن الإنسان يمكن أن يموت له الولد ..فما عليه إلا أن يحمد الله تعالى ويقول ما علمنا رسول الله عليه السلام أن نقوله لأن الله وحده يعلم أن في وفاة هذا الولد خير لنا ولكننا لا نعلم. قال الله تعالى ( أما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما)وما الكهف في حد ذاته في أعيننا وتصورنا إلا رمز الأفاعي والخوف والعقارب في حين قال الله تعالى ( فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا) إذن نعم الله تعالى في كل شيء ولكننا قصيروا الثقة في الله وضعيفوا النظر في سننه وحكمه.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة