عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 05-07-2014, 09:13 AM   #8
معلومات العضو
حكيـــمة
مشرفة عامة لمنتدى الرقية الشرعية

افتراضي اقتران الغفور بالودود ... اقتران الأول والآخر والظاهر والباطن

9 -اقتران الغفور بالودود: سر اقتران هذين الاسمين في قوله تعالى: ** إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ** [البروج:13/14]، أن العبد الذي بينه وبين الله محبة وود لو أذنب ثم تاب واستغفر نادما صادقا، فإن الله يقبل توبته ويعيد محبته ويرجع الود أعظم مما كان، قال ابن القيم: ( وهذا بخلاف ما يظنه من نقصت معرفته بربه من أنه سبحانه إذا غفر لعبده ذنبه فإنه لا يعود الود الذي كان له منه قبل الجناية، واحتجوا في ذلك بأثر إسرائيلي مكذوب أن الله قال لداود عليه السلام : يا داود أما الذنب فقد غفرناه وأما الود فلا يعود، وهذا كذب قطعا؛ فإن الود يعود بعد التوبة النصوح أعظم مما كان فإنه سبحانه يحب التوابين، ولو لم يعد الود لما حصلت له محبته ) ([1]) .
10- اقتران الأول والآخر والظاهر والباطن: وردت هذه الأسماء في مجموعها دالة على معنى الإحاطة والكمال، وأنه لامناص للعبد من ركونه وافتقاره إلى رب العزة والجلال، فحصل من المعاني باقترانها جلال فوق الكمال الذي ينفرد به كل اسم منها فقال U: ** هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ** [الحديد:3]، فاسمه الأول يقتضي التجرد من مطالعة العباد للأسباب وإن أخذوا بها، وأن يجردوا النظر إلى سابق فضله ورحمته، وأنه المبتدئ بالإحسان من غير وسيلة من العبد؛ إذ لا وسيلة له في العدم قبل وجود أي وسيلة كانت هناك، وإنما هو عدم محض، وقد أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا، فمنه سبحانه الإعداد ومنه الإمداد، وفضله سابق على الوسائل التي هي في الأصل من فضله وجوده .
واسم الله الآخر يقتضي أيضا عدم ركونه ووثوقه بالأسباب والوقوف معها؛ فإنها تنعدم لا محالة، وتنقضي بالآخرية، ويبقى الدائم الباقي بعدها، فالتعلق بها تعلق بعدم ينقضي، فهذان الاسمان يوجبان صحة الاضطرار إلى الله وحده، ودوام الفقر إليه دون ما سواه، وأما اسمه الظاهر فيقتضي تحقق العبد من علو الله المطلق على كل شيء، وأنه ليس فوقه شيء، وأنه قاهر فوق عباده، ومن ثم يصير لقلبه اتجاها يقصده، وربا يعبده، وإلها يتوجه إليه ويوحده بخلاف من لا يدري أين ربه؟ فإنه ضائع مشتت القلب، ليس لقلبه قبلة يتوجه نحوها .
وأما اسمه الباطن فيقتضي معرفة إحاطة الرب سبحانه بالعالم وعظمته، وأن العوالم كلها في قبضته، وأن الله قد أحاط بالخلائق أجمعين، فهذه الأسماء الأربعة هي أركان العلم والمعرفة، فأولية الله تعالى سابقة على أولية كل ما سواه، وآخريته ثابتة بعد آخرية كل ما سواه، وظاهريته فوقيته وعلوه على كل شيء سواه، وبطونه سبحانه إحاطته بكل شيء بحيث يكون أقرب إليه من نفسه، فمدار هذه الأسماء الأربعة على الإحاطة الزمانية والمكانية، فكان لها من معاني الكمال عند الاجتماع ما ليس لكل اسم من هذه الأسماء عند انفراده ([2]) .

1.السابق ص357 .
2.السابق ص39 بتصرف .
من كتاب أسماء الله الحسنى للشيخ محمود عبد الرازق الرضواني
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة