عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 14-12-2008, 08:42 PM   #4
معلومات العضو
إسلامية
إشراقة إدارة متجددة
 
الصورة الرمزية إسلامية
 

 

افتراضي زواج المسلسلات.. خلاف فقهي!

أثارت الفتوى التي أطلقها الشيخ فرحات المنجي - أحد علماء الأزهر ورئيس مدينة البعوث الإسلامية الأسبق- بوقوع الزواج الذي يتم على سبيل التمثيل في المسلسلات والأفلام العديد من التساؤلات حول حدود وقوع هذا الزواج في التمثيل الدرامي، وما حكم من تمثل بأنها تتزوج في مسلسل وهي متزوجة بالفعل؟ وهل إذا ما طلقت الممثلة عليها عدة أم لا؟

وكان الشيخ فرحات المنجي قد أفتى بأن ظهور ممثلة وممثل وبينهما مأذون على الشاشة، ثم القيام بعقد النكاح بالطريقة الشرعية، اعتمادًا على العبارات المتفق عليها شرعًا، يعني أن الزواج قد تمّ بينهما، وإذا كانت الممثلة متزوجة في الحقيقة، فهي بذلك تجمع بين زوجين.

واستند المنجي في فتواه إلى أن إجراءات الزواج والطلاق لا "هزل" فيها بناء على الحديث النبوي الذي يقول: "ثلاث جدّهن جدّ، وهزلهن جدّ، النكاح والعتق والطلاق". وهو ما يعني عدم الاستخفاف بأي من هذه الأمور الثلاثة.

وطالب الشيخ فرحات أهل الفن بتجنّب هذه المشاهد، حتى لا يدخلوا في مواجهة مع الجهات الدينية المختصة، وخصوصًا أنهم قادرون على كتابة ما لا يتعارض مع أحكام الشرع.

لا يقع شرعًا



د محمد رأفت عثمان

الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن وعميد كلية الشريعة والقانون بالأزهر سابقًا، يؤكد أن هذا الزواج لا يعد بهذه الطريقة زواجا صحيحا؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا نكاح إلا بولي". فإذا كان يقتضي أن تزوج الممثلة نفسها للممثل فهذا زواج باطل، وإذا كان الممثل يقوم بدور الأب فيقول زوجتك ابنتي فهي ليست ابنته وهو ليس أباها، ومن ثم فالزواج ليس صحيحا .

ولفت عثمان إلى أن الحل لهذه المسألة بسيط، وهو أن يقول الممثل الذي يقوم بدور المأذون لمن يمثل دور الأب ومن يمثل دور الزوج "ألف مبروك" مثلا.. وذلك دون التطرق إلى الصيغة التي يتم بها عقد الزواج.

وأما عن قوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة" فيقول الدكتور عثمان: إن هذا لو كان الممثل أبا للممثلة في الحقيقة، ولكنه ليس أباها ومن ثم فالزواج غير صحيح.


كذلك فإن الدكتور محمد كمال إمام أستاذ ورئيس قسم الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية يشدد على أن "زواج المسلسلات لا يعد زواجا صحيحا، بل هو ليس زواجا على الإطلاق، فهذه صورة زواج وليست زواجا، ولا يترتب عليه قواعد الزواج ولا أحكامه ولا آثاره ولا التزاماته، وذلك بغض النظر عن رأينا في حل أو حرمة تمثيل المرأة بالشكل الحالي في وسائل الإعلام".


د محمد كمل إمام

ويشير إمام إلى أن قوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة". يكون في الزواج، "أما زواج المسلسلات فهذا الزواج ليس هزلا وليس جدا، فالجد خاص بالزواج، أما الهزل فهو أن يقصد اللفظ ولا يقصد النتيجة، وفي كلا الأمرين لا ينطبق هذا على زواج المسلسلات، فهو لا يهزل وإنما يقوم بتأدية دور".


نفس الفكرة أيضا أكد عليها الدكتور مجدي شلش رئيس قسم أصول الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، حيث يرى أن "زواج المسلسلات ليس زواجا صحيحا" ولا يترتب عليه آثار الزواج ولا أحكامه، وذلك لسببين؛ أولا ضعف الحديث "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة"، فقد ضعفه الشيخ العلامة الألباني في "الإرواء"، وحسنه بمجموع طرقه.


ويستطرد: "وذهب الشيخ مصطفى العدوي إلى تضعيف الحديث بجميع طرقه في "جامع أحكام النساء" فقال: وللحديث شواهد كلها ضعيفة واهية أشار إليها ابن حجر في "التلخيص"، والشوكاني في "نيل الأوطار"، والألباني في "الإرواء".

أما السبب الثاني لاعتبار هذا الزواج غير صحيح - حسب شلش - فهو عدم وجود نية الزواج في زواج المسلسلات، "وكما هو معلوم فالنية معتبرة شرعا، ومن ثم فهو ليس زواجا صحيحا".



أما الشيخ مسعود صبري عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والمستشار الشرعي بشبكة إسلام أون لاين فيلفت إلى ملمح آخر حيث يقول: "أرى أن هناك فرقا بين الهزل والمحاكاة، فكون الإنسان يهزل بشيء هو من باب الاستخفاف به، أما محاكاته فأمر آخر، ولو قال رجل لآخر: إن فلانا قد تزوج فلانة، ولم يكونا قد تزوجا ما صح زواجهما وما انعقد..".

ويتابع: "والتمثيل نوع من المحاكاة، بل إن الأمة مجمعة على أن المحاكاة في الكفر لا توقع الإنسان في الكفر، فكان من باب القياس ألا تقع في الزواج أو الطلاق أو غيرهما، والمشكلة الأساسية هي تصوير المسألة ثم تكييفها، فالهزل شيء والمحاكاة شيء آخر".


ويدلل صبري على كلامه فيقول: "وقد عقب الإمام الجصاص الحنفي على الحديث المستند إليه في الفتوى فقال: "فلما سوى النبي صلى الله عليه وسلم فيهن بين الجاد والهازل، ولأن الفرق بين الجد والهزل أن الجاد قاصد إلى اللفظ وإلى إيقاع حكمه، والهازل قاصد إلى اللفظ غير مريد لإيقاع حكمه، علمنا أنه لا حظ للإرادة في نفي الطلاق، وأنهما جميعا من حيث كانا قاصدين للقول أن يثبت حكمه عليهما".

الزواج صحيح



د حامد أبو طالب

بفكرة مغايرة لما سبق يوافق الدكتور حامد أبو طالب عضو مجمع البحوث الإسلامية على فتوى الشيخ المنجي، ويؤكد أن الزواج بالفعل واقع ما دامت صيغته الشرعية قد تحققت.

ويوضح أبو طالب قائلا: " إذا قالت ممثلة لممثل زوجتك نفسي، وقال الآخر قبلت.. انعقد الزواج وأصبحت زوجة له، وتكون عاصية بهذا الزواج إذا كانت متزوجة، وكذلك إذا قال زوج كاذبا طلقت زوجتي طلقت هذه الزوجة".

ويشدد على أنه بناء على هذا فإن لفظ الزواج في المسلسلات ينتج أثره وينعقد الزواج، ويؤكد ضرورة أن يكون هناك وعي بهذه المسألة لكل من يقوم بتأليف الأعمال الدرامية.

وعن سبب ذلك يوضح د. حامد أن "الإسلام وضع عقد الزواج في مكانة سامية، ولذلك جعل هذا العقد بمنأى عن الهزل والعبث، ولذلك وصفه القرآن الكريم بأنه ميثاق غليظ، ولم يوصف أي عقد من العقود بهذا الوصف إلا عقد الزواج".

ويضيف: "بناء على ذلك فإن الأصل أن يمتنع المسلم عن جعل عقد الزواج أو إنهائه عرضة للعبث أو للعب، فكل عبارة يقولها المسلم تتعلق بهذا العقد، سواء في عقده أو في إنهائه تنتج أثرها".



وعن سبب عدم تصدي مجمع البحوث لهذه المسألة في العمال الدرامية، خاصة أن به لجنة تختص بالموافقة على المسلسلات والأفلام في الجوانب الشرعية، أوضح أبو طالب أن "الأزهر عندما يعرض عليه أي مسلسل يلفت الأنظار إلى ما فيه من أخطاء، لكن هذه المسلسلات التي يتم فيها صيغة الزواج بين الممثلين لا تعرض على الأزهر، وأكثر المشايخ ليس لديهم وقت لمتابعة مثل هذه المسلسلات، ولا ينقل إليهم ما دار فيها".


الدكتور مصباح حماد وكيل كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر يوافق على الفتوى بوقوع هذا الزواج، حيث يرى أنه "إذا أجريت صيغة النكاح بين الممثل والممثلة إيجابا وقبولا مع وجود الشهود، فإن الزواج هنا يقع".

إلا أن حماد يفرق بين حالتين للممثلة يحددهما هذا السؤال: هل هي محل للنكاح أي خالية من الزواج أم لا؟ حيث يوضح أنها "إن كانت غير متزوجة انعقد النكاح، أما إذا كانت مشغولة بالزوجية فلا تكون محلا للنكاح، والصيغة تعتبر لغوا، لأنها لم تصادف المحل".

أما بالنسبة للطلاق في المسلسلات والأفلام فيرى حماد أن "الصورة التي يقع فيها الطلاق هي نفس الصورة التي انعقد فيها النكاح في المسلسل أو الفيلم".

ويتابع: "ومن ثم فإنه ينبغي على القائمين على الأعمال الفنية الابتعاد عن مشاهد الزواج والطلاق المكتمل الأركان، وخاصة أن المعتبر أصلا أن الأعمال الدرامية الاجتماعية يجب ألا تنطوي على مشاهد مخلة بالنظام العام أي النظام الشرعي".

تأصيل وتفصيل



د عبدالفتاح إدريس

الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر يورد في المسألة تأصيلا وتفصيلا، حيث يرى أن صيغة عقد النكاح إذا تلفظ بها من هو أهل لمباشرة العقد، وهو الرجل وصادفت قبولا من ولي المرأة انعقد النكاح، سواء أكان هذا جدا أو لعبا.
ويلفت إلى أن "العلماء يرون أن تصرفات الهازل الذي قصد التصرف ولم يقصد النتيجة المترتبة عليها تعد تصرفات غير معتبرة في الشرع، بمعنى أنها لا يترتب عليها أثر شرعي، وهذا باعتبار التصرفات التي تقبل النقض والتي يؤثر فيها الهزل".

ويتابع: أما التصرفات التي لا تقبل النقض ولا يؤثر فيها الهزل كعقد النكاح والرجعة والعتق فهي منعقدة بمجرد صدور الصيغة الدالة عليها، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة"، وفي رواية أخرى: "النكاح والعتق والرجعة"، ويلحق بهذه الثلاثة ما كان في معناها من التصرفات التي لا يؤثر فيها الهزل.


ويستطرد إدريس قائلا: وبالنظر إلى ما يتم في المسلسلات والأفلام والأعمال الدرامية بوجه عام، فإننا نجد أن الألفاظ الصادرة من أصحابها تجري مجرى الهزل لأنهم وإن قصدوا حقيقة التصرف فإنهم لا يقصدون نتيجته، فإذا كان من هذه الصيغ والألفاظ لفظ النكاح فهو عقد تام في حق من صدر منه هذه الصيغة سواء أكان موجبا أو قابلا وذلك بالنسبة للممثل.


أما بالنسبة للممثلة التي أبرم عقد النكاح في حقها، فيتفق الدكتور إدريس مع الدكتور مصباح على وجوب التفرقة بين الممثلة المتزوجة والممثلة غير المتزوجة، "فإذا كانت متزوجة فالعقد عليها فاسد وباطل لعدم محليتها لإيراد العقد عليها، أما إذا كانت بدون زوج فإن العقد عليها صحيح، ويرتب عليه جميع الآثار التي يرتبها الشارع على عقد الزواج، وذلك لاستواء الجد والهزل في هذا العقد، ومن ثم يقع زواج المسلسلات صحيحا في تلك الحالة".

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة