بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن سعيد دمشقية ، أحد مشايخ لبنان ..
درس العلم الشرعي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، وهو في طور إنهاء رسالة الدكتوراه .
درس على يد سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ،
وسماحة الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله .
له الكثير من المناظرات مع المخالفين ، والمواقف التي حدثت خلالها .
سنتعرف عليها من خلال هذا الحوار :
• ما حكم المناظرات ، وما ضوابطها ؟
_ ينبغي أن يتحلى المناظر بعدة مواصفات :
أولها : الإلمام بالعلم الشرعي ، فإن الخصوم يعرفون أن ما عندهم باطل و العديد منهم مرتزقة ، متخصصون في فن الدفاع عما يأخذونه من الأجر بسبب ذلك ، فبالتالي لا تفرق عندهم قضية التعرض لمذهبهم فهم يعرفون أنهم على باطل ، ولكن الذي يهمهم بث الشبهات ، فلابد للإنسان أن يكون ملماً بشبهاتهم .
ثانيا : الإلمام بشبهات القوم.
ثالثاً: سرعة البديهة ، و أن يعرف طريقة القوم و حيلهم و جدلهم .
أما بالنسبة للمناظرات ، فالأصل فيها أن لا تقام ، لأنها شبيهة بالحرب و المبارزة ، و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم ( لا تتمنوا لقاء العدو ، و إذا لقيتموه فاصبروا ) فالأصل أن لا نكون نحن المطالبين بالمناظرة ، الخصم هو الذي يطالب بالمناظرة لأنها عبارة عن مجازفة ، فإما أن تكسب فتنتصر على عدوك ، و إما أن ينتصر عليك عدوك ، لكن النصر الذي يحرزه العدو هو عبارة عن إلقاء شبهاته على الخصم ، و هذه فيها فتنة للناس ، فالمناظرة مسؤولية عظيمة ، لذلك نجد أن أهل الباطل لا يبالون بهذه المسؤولية لأنهم لا يحملون هم دعوتهم ، بل يحملون هم استرزاق وانتفاع دنيوي لذلك لا تفرق عندهم .
لكن المسلم الذي يناظرهم يحمل هم دعوة وإقامة هذا الدين ، و يحمل هم عدم تأثر الناس بهذه الشبهات ، لذلك فهي مسؤولية عظيمة .
وهناك من لا يوافق على هذه المناظرات ويرى أنها مخالفة للسنة ، ولكن يرد على هذه بعض الأمور ، و قد فعل هذه المناظرات السلف كابن تيمية و ابن عباس رضي الله عنهما ، إبن تيمية رحمه الله جلس يدرس أصول الفلاسفة و المناطقة فترة ، ثم ناظرهم و رد عليهم و على أصولهم من خلال أصولهم ، و هذه ليست بدعة و لا يقال أن إبن تيمية مبتدع .
لكن المشكلة في أهل الباطل ، لأننا إذا تركناهم ما تركونا ، فمثلاً مناظراتنا على نظام ( بالتوك ) و نحن ندفع إليها فنحن لا نطلب المناظرة و لكن إذا عرضت لا ترفضها ، و لكن بشروط و ظوابط معينة منها :
- تناول المسائل مسألة مسألة .
-
- العدل و إعطاء الطرف الآخر جواً أمنياُ مناسباً بحيث إذا كان عنده علم يتفضل و يعطينا العلم الذي عنده لا أن يرهب .
-
و مما يلاحظ في الخصم دائماً الهروب من المناظرات ، و التعلق بالجزئيات و الهروب من مسائل أخرى ، و نرى منه أيضاً استنكار بعض المسائل التي يظن إنها باطل عندنا ، بينما عندهم في مذهبهم أعظم منها و أسوأ منها ، و أضرب لذلك مثالاً :
النصارى يحتجون علينا بزواج النبي – صلى الله عليه و سلم – من السيدة عائشة و هي صغيرة ، بينما في كتبهم و صف الأنبياء بالزنى و العياذ بالله كسيدنا لوط عليه السلام أنه زنى بابنتيه و أنجبتا منه ولدين !!
كذلك سيدنا داوود عليه السلام يزعمون أنه زنى بزوجة جاره !!
فهم يأتونك بأشياء يوهمون الناس بأنها عظيمة و تستحق الإنكار ، بينما عندهم ماهو أعظم من ذلك .
فلابد للمناظر أن يعي هذه الحقائق عنهم ، و التي يقولونها ، بحيث يقول لهم وبطريق القياس .
( إن كان هذا عندكم باطلاً ، فما عندكم أبطل منه لماذا لا تستنكروه )
قس على ذلك موضوع الصفات ، الرافضة يعتبرون أن صفات الله عز و جل من الترسيم ، و كفاهم ترسيماً أنهم يصفون الأئمة بأنهم أسماء الله الحسنى ، فالأئمة عندهم هم أسماء الله الحسنى !! أليس هذا تشبيهاً !؟
فعندما يقولون هم أسماء الله الحسنى ، فهم شبهوا المخلوق بالخالق سبحانه و تعالى ، لأن من أسماء الله الحسنى ( الخالق ، الرازق ، المحيي ، المميت ..) ثم يقولون : كيف تقولون أن لله ( يداً ووجهاً و جنباً ) مع إنهم يقولون إن علي هو ( وجه الله ، يد الله ، جنب الله ) !
فكيف تستنكرون علينا وما عندكم أبشع منه ، إن كان هذا شيئاً بشعاً ؟!!.
بهذه الطريقة يستطيع المناظر أن يلقنهم درساً في هذا .
و من الأمور المهمة في ذلك :
- أدب الحوار .
- عدم المقاطعة .
- الالتزام بالأخلاق ، و المخاصم من أهل الباطل يهرع و يسارع إلى التهريج و الإساءة عندما يجد نفسه أنه أصبح في زاوية لا يستطيع الخروج منها فيلزم بالأدب.
- و من الأمور المهمة أن نضيق الخناق على الخصم بأن نقول له ( فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر ) ، و كثير من أهل البدعة لا يرضى بذلك ، و إن رضي بذلك مرغماًُ فإنه عند الشروع في المناظرة تجده في كل جزئية من الجزئيات يخالف ما عاهد عليه في ذلك .
نقلاً عن مجلة السمو العدد الخامس عشر فبراير 2003م