عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 24-12-2008, 05:50 PM   #1
معلومات العضو
علي سليم
اشراقة اشراف متجددة

افتراضي فداء ابراهيم و فديته (1)

الحمد لله الذي أرسل الرسل و أنزل الكتب فخلق خلقاً للنّار و خلقاً للجنّة و اختار أتقاهم و أصفاهم لحمل رسالته فكانوا بمنزلة كلام الله يمشون على أرضه....
و الصّلاة و السّلام على أتقاهم وأفضلهم و لا فخر,و على آله و أتباعه و إخوانه حتى قيام السّاعة عند انقطاع العمل....
أمّا بعد:
في ظلّ الظّلام و خسوف القمرين يتعثّر المسلم بنعليه فيظنّ العدوّ أحاطه مِن كل جانب!!!فبلغ الخوف منه مبلغ الحناجر بله بات الخوف بنفسه!!!

و ما ذا و لا ذاك الاّ عندما تورّع عن النظر في سير خير خلق الله تعالى إذ كانوا بأعمالهم و إيمانهم أمّة فاجتمعت عوارض الأفراد في شخصهم فكانوا حقا آية وعبرة!!!!

فهم مع قلّتهم بمثابة النّجوم في السّماء و لولاهم ما رُجم شيطاناً بعد المطرود من رحمة الله ابليس البتة ,و لو عكفنا عند عتبات أبوابهم لأدركنا ماهية نوم أهل الكهف مع كلبهم!!!

و عندما تُعاين أبواب الجنّة الثمانية تتربع الحيرة على فؤادك أيّها تختارها و تفضّلها!!! و كلّها تُوصلك حيث رؤية الله تعالى و النّعيم الذي لا ينقطع....

و لذا رأيتُ أن الج الجنّة من بابٍ خيرٌ أنْ أمكث الدّهر متأمل الأبواب و ارجّح ذا افضل من ذاك و ذاك أفضل من ذا و أموت حسرة و لا اقدّم رجلاً!!!

فلنطرق بابها مع نبيّنا الخليل و الخلّة صفة نالها ابراهيم و خاتم الرسل صلى الله عليهما و سلّم,و ابراهيم كما قال تعالى في سورة النحل (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (120)
و لو اجتمع عارضٌ على فردٌ من أفراد الأمّة ممّا اجتمع على ابراهيم عليه السلم لذاب كما يذوب الدّجال عندما يرى عيسى عليه السّلام!!!

و خذ واحدة تلو الأخرى حتى لا يتفطّر قلبك فتهبط عليه جملة واحدة!!! و لنعرّج قليلاً حتى نصل و إياكم الى رؤيا ابراهيم عليه السّلام و نضيف ما سبقها اليها و نُلحقها بما بعدها من الحوادث و لتكن رؤيا ابراهيم بمثابة الكعبة في وسط الأرض...

قال تعالى في سورة الصافات (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) (101) و هذه بعدما تقطّعت الأوصال و تلاشت الأساب فقال تعالى كما في سورة العنكبوت (....وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (28) فَأَقْبَلَتْ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29) فلا حيض و لا مبيض و هل العقم غير ذا!!!!

فالذي جعل المبيض يُنتج البويضة و تلتقي مع حيوانٌ منويٌ يٌكابد للوصول اليها في أبهى منظر هو نفسه الذي أتى بآدم من صلصال من حمأ مسنون, و هو سبحانه خلق زوج آدم من دون بويضة و لا مبيض كما عز و جلّ أرسل عيسى و لا حيوانٌ منويٌ!!!فأهون عليه و كلّه هينٌ أنْ يأمر المبيض أن ينتج البويضة و يأمر كيس الصفن حيث البيضة تُفرز حيوانا منويّاً و يلتقيان في مراحل النموّ كما قال تعالى في سورة الحجّ ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ )(5)

فسبحانه و تعالى هو الذي خلق الأسباب و جعلها مسببة فتعمل بامر الله و تتعطل بأمره تعالى كالنّار كما في قوله و تعالى في سورة الأنبياء () قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69)
فتعلّق بالمسبّب لا بالاسباب حتى ينالك شئيا ممّا نال ابراهيم عليه السلام و لا يعني ذا الاعراض عنها و الزهد فيها بل لم يخلقها الله تعالى عبثاً و إنما تمسّك بها كطاعة لله تعالى و كنْ كحال مريم عليها السلام كما في سورة مريم ( فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَنْسِيّاً (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً (25)
فالمرأة مهما بلغ طول قامتها و عرض راحة كفيها فتظلّ امرأة قارورة دون وصية النبيّ صلى الله عليه و سلم (استوصوا بالنّساء خيرا...)

فهي منْ طينة ليست بصلبة خلقها الله تعالى ضعيفة البنية إذ لا تحتاج الى عضلٍ يٌرهب و لا صوتٍ يُرعب فهي ناعمة الملمس مزمور الصوت....

و عوّض الله تعالى ضعفها ذا بجلدها و صبرها و سعة صدرها فلن يتحمل الرجل ما تتحمله المرأة في حملها و وضعها و رضاعها!!!!

و عندما ترجّلت المرأة و بارزت الرجل في ميدانه تأنّث الرجل و تخنّث و كان نتاج ذا ما نحصده اليوم!!!

فالرجل كلما ابتعد عن المرأة كلما اكتملت فيه أوصاف الرجولة و لذا كان ميدانه خارج المنزل في معزلٍ عن نون النّسوة يُثمر ما يعجز عنه جمع أشباه الرجال!!!
لا يستوي منْ يُقاتل بسيفه من قتل المرأة في فؤاده و منْ يُقاتل و المرأة تتمايل عارية بين قلبه و ضلوعه!!!و هل يستويان!!!

و لذا عندما يرى الرجل ما تخفيه المرأة من زينتها يُقلّد ولده و يبيت الرجل الصغير فلنْ تعد تسمع بأزيزه و زئيره و إنما بهديله و صفيره, بات الأسد سنّورا!!!!

فهذا الكائن الضعيف هلك بنو إسرائيل و خاف منه صلى الله عليه و سلم على شباب امّته كما قال (أخوف ما أخاف على الرجال من النساء )أو كما قال...

و عندها أدرك الغرب خطورة المرأة فاستعملوها كأداة رخيصة يُحاربون بها المدّ الاسلاميّ!!!و عندما تذبل يذبل معها عروضهم و يستبدلونها بأخرى!!!
و صنعوا منها ما عجز عن صنعه الأوائل فكانت المرأة راعية خارج عشّها آمرة على رجال جنسها فرأيناها محام...قاضي...رئيس بله رأيناها امام و خطيب!!!!

توقعتها عارية تمشي باستحياء مصطنع تارة و بفجور مقنّع تارة أخرى و لم أتوقعها أن ترتقي المنابر و تتقدم الصفوف و ترتّل بصوت عذب يُذهب الخشوع و يزلزل الطمأنية!!!!

فهذا الكائن الضعيف إن صلح صلح الناس عن بكرة أبيهم و إن فسد فسد النّاس الاّ من عصمه الله تعالى نسأل الله أن يُعيد السّواد الى نسائنا و البياض الى رجالنا.

و عندما أتى المخاض الى مريم عليها السلام و هي المرأة الضعيفة في بنيانها لحكمة أرادها الله ذكرنا شيئا منها فازداد ضعفها مع وجود الم المخاض و ليس الصحيح كالعليل!!!

و هنا أمرها الله تعالى بواسطة رسله بأمر يعجز عنه أقوى الرجال, () وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً (25)
فالسّماء لا تمطر ذهباً و الأرض لا تخرج كنوزها الاّ بسببٍ فعليك بأدنى مراتب الأساب أو اعلاها و على الله تعالى الاتمام...

(فَأَقْبَلَتْ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29)
فالعقم ليس انقطاعا للأمل و إنما بلاء و امتحان يمتحن الله تعالى به عباده و لزكريا عليه السلام نصيبٌ ممّا ذكرنا فقال تعالى كما في سورة مريم () ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً (6) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً (7) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنْ الْكِبَرِ عِتِيّاً (8) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً (9)
فالعظم وهن ضَعُفَ و الرأس ابيض و الزوجة بلغت سنّ اليأس فكان يحيى عليه السلام....

ثم قال تعالى () فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ (102)
و لك أن تتخيل ابراهيم عليه السلام و بشرى ربه باسماعيل بعد انقطاع السبب يا ليت شعري كم سيحظى اسماعيل بحبّ أبيه له!!!
ثمّ بلغ معه السعي,يغدوان و يروحان معاً و بات اسماعيل الصّاحب المعين و الأنيس المطيع,و هذا اعلى مقامات تعلق القلب بغيره...لكنّ ابراهيم كان أمّة!!!!
رأى ما يراه النّائم و رؤياهم صلوات ربي و سلامهم عليهم رؤيا لا يمثّل الشيطان بها و لا يختلجها,و هذا الفارق بين رؤيا الأنبياء و منْ دونهم و منْ ظنّ و نطق بذا الظنّ اللسان أو أقرّه بقلبه أن ما يراه النّاس عبثا و لا قيمة له فقد اتّهم الرسالة و بات على شفا جرف هار!!!!

فالانبياء عبّروا ما يرونه و هم نيام و عبّروا لغيرهم ممّن هم دونهم مقاماً بل و منهجا كيوسف عليه السلام مع سجينه و عزيز مصر....

و قلّد الصحابة الكرام فعل نبيّهم صلى الله عليه و سلم فكانوا لرؤيا النّاس مشمّرين و منْ تورع عن هذا أو صدّ عنه فيا ليت شعري ضاقت به المحرمات و لم يبق الاّ ما يراه النائم فاشهر السيف ليُحارب التعبير و أجزاء النبوة!!!!

على كلٍّ رأى ابراهيم عليه السلام أنه يذبح ولده و هذا حكمٌ شرعيٌ يتناقض مع منْ تناقلوا مقولة (لا تؤخذ الأحكام من الرؤى) و إنْ كنتُ أوافق بالجملة و لكنني أخالف حيث التفصيل فيه بعون الله تعالى سدّ رمق الجائع و ارواء ظمأ الغليل....
فالرؤيا تشتمل على تبشيرٍ و تحذيرٍ و أحكامٍ و غيرها....

و الانبياء يرون ما يراه غيرهم من النّاس بينما يتميّزون عن غيرهم أنّ رؤياهم ليس للشيطان فيها حظاً فتأتي رؤياهم مثل فلق الصبح....
بينما رؤيا غيرهم من الناس فيها ما تحدّثهم بها أنفسهم و املاء الشيطان من جهة و كلام من الله تعالى من جهة أخرى...
فإن رأى النّائم ما رآه ابراهيم عليه السلام من ذبحٍ او قتلٍ و سفكٍ للدّماء فهذه رؤيا وسوس فيها الشيطان كثيرا بل و عشعش اللهم الاّ بقرائنٍ تحملها على عكس صورتها...

فالشيطان لا يأمر بخيرٍ البتة و لذا لو رأى النّائم أنّ هاتفاً يحثّه على صيام يوم غدٍ و هذا حكم شرعيّ لا خلاف فيه لا يحمل عنوان البشرى و لا النذير و التحذير!!!
و الصيام من شريعة محمد صلى الله عليه و سلم و الشيطان توعّد بالصدّ عن الصراط السويّ فهذه الرؤيا ابعد عن وسوسة ابليس و املائه الاّ إن صادف يوم غدٍ صيام السبت أو صيام العيد أو صيام يوم الشكّ و غيرها من الايام التي نصّت الشريعة على تحريم صومها فللشيطان فيها قدم...

و ملاك هذا كلّه أنْ يعرض الرائي أوامر ما رآه في نومه على الكتاب و السنة فإن حثّت الشريعة على فعله و خلا الفعل من عارض يمنع الامتثال به فهي رؤيا يلزم الرائي تحقيقها تحقيقا وجوباً أو استحباباً...
و لا يغرنّك قولي وجوبا فتجعل بيني و بينك سداً كسد يأجوج و مأجوج فالوجوب لا يأتي من رؤيا الاّ من باب التذكر لواجب منسيّ...
يتبع ان شاء الله تعالى....
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة