عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 15-01-2010, 05:19 PM   #1
معلومات العضو
إسلامية
إشراقة إدارة متجددة
 
الصورة الرمزية إسلامية
 

 

Icon41 (( المحكم والمتشابه فى القرآن الكريم ))

كتاب


المحكم والمتشابه فى القرآن الكريم


تأليف


العبد الفقير إلى ربه الغنى


أبى البراء الأحمدى


غفر الله له ولوالديه ولمشائخه والمسلمين







بسم الله الرحمن الرحيم

اعلم رحمنى الله وإياك أن القرآن الكريم مشتمل على آيات محكمة وآيات متشابهة قال الله تعالى : ** هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)** سورة آل عمران .

وقوله تعالى: ** هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ** الآية , تدل على أن من القرآن آيات محكمات ومنه آيات متشابهات , وقد وردت آية تدل على أنّ كل القرآن محكم , قال الله تعالى: ** كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) ** سورة هود ، وورد ما يدل على أنّ كل القرآن متشابه , قال الله تعالى: ** اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاًمَثَانِيَ(23) ** سورة الزمر ، ولاتناقض بين الآيات ،

ووجه الجمع بين الآيات أنّ كون القرآن كله محكما أنه غاية فى الإحكام أي : الإتقان في ألفاظه ومعانيه وإعجازه فأخباره صدق, وأحكامه عدل, لا تعتريه وصمة ولا عيب في الألفاظ, ولا في المعاني .

ومعنى كونه متشابها : أن آياته يشبه بعضها بعضا في الحسن والصدق والإعجاز والسلامة من جميع العيوب دقيقها وجليلها ،

ومعنى كون بعضه محكما وبعضه متشابها : أن المحكم منه الواضح المعنى لكل الناس كقوله: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى** , ** وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ ** , و المتشابه: على أمرين : الأول : ما خفي علمه على غير الراسخين في العلم ، بناء على أن الواو في قوله تعالى: ** وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ** عاطفة , والثانى : ما استأثر الله بعلمه : كمعاني الحروف المقطعة في أوائل السور بناء على أن الواو في قوله تعالى: ** وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ** استئنافية لا عاطفة.


والإيمان بالقرآن كله واجب ، محكمه ومتشابهه ، فمحكمه ، وهو ما اتضح معناه ، ومتشابه وهو ما أشكل معناه ، فَنَرُدّ المتشابه إلى المحكم ليتضح معناه ، فإن لم يتضح وجب الإيمان به لفظاً ، وتفويض معناه إلى الله تعالى .

و هذا التشابه يكون متشابها على بعض الناس دون بعض , وكونه يُحمل على المحكم ، يكون الجميع محكما .


قال ابن الجوزى فى زاد المسير : وفي قوله : ** أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ** أربعة أقوال :

أحدها : أُحكمت فما تُنسخُ بكتاب كما نُسخت الكتب والشرائع ، قاله ابن عباس ، واختاره ابن قتيبة .

والثاني : أُحكمت بالأمر والنهي ، قاله الحسن ، وأبو العالية .

والثالث : أُحكمت عن الباطل ، أي : مُنعت ، قاله قتادة ، ومقاتل .

والرابع : أُحكمت بمعنى جُمعت ، قاله ابن زيد .

فإن قيل : كيف عمَّ الآيات هاهنا بالإِحكام ، وخص بعضها في قوله : ** مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ (8)** ؟ فعنه جوابان .

أحدهما : أن الإِحكام الذي عمَّ به هاهنا ، غير الذي خَصَّ به هناك .
وفي معنى الإِحكام العامّ خمسة أقوال ، قد أسلفنا منها أربعة في قوله : ** أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ** .
والخامس : أنه إِعجاز النظم والبلاغة وتضمين الحِكَم المعجزة .

ومعنى الإِحكام الخاص : زوال اللَّبْس ، واستواء السامعين في معرفة معنى الآية .

والجواب الثاني : أن الإِحكام في الموضعين بمعنى واحد . والمراد بقوله : ** أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ** : أُحكم بعضها بالبيان الواضح ومنع الالتباس ، فأُوقعَ العمومُ على معنى الخصوص ، كما تقول العرب : قد أكلتُ طعام زيد ، يعنون : بعضَ طعامه ، ويقولون : قـُتلنا وربِّ الكعبة ، يعنون : قـُتل بعضنا ، ذكر ذلك ابن الأنباري .



وفي قوله : ** ثُمَّ فُصِّلَتْ ** ستة أقوال :

أحدها : فصِّلت بالحلال والحرام ، رواه أبو صالح عن ابن عباس .
والثاني : فصِّلت بالثواب والعقاب ، رواه جسر بن فرقد عن الحسن .
والثالث : فصِّلت بالوعد والوعيد ، رواه أبو بكر الهذلي عن الحسن أيضاً .
والرابع : فصِّلت بمعنى فسِّرت ، قاله مجاهد .
والخامس : أُنزلت شيئاً بعد شيء ، ولم تنزل جملة ، ذكره ابن قتيبة .
والسادس : فصِّلت بجميع ما يُحتاج إِليه من الدلالة على التوحيد ، وتثبيت نبوَّة الأنبياء ، وإِقامة الشرائع ، قاله الزجاج . انتهى


والمحكم : أصح ما قيل فيه ثلاثة أقوال :

الأول : أن المحكم ما ظهر معناه وانكشف كشفاً يزيل الإشكال ويرفع الاحتمال وهو موجود في كلام الله تعالى .

الثاني : أن المحكم ما انتظم وترتب على وجهِ يفيد إما من غير تأويل أو مع التأويل من غير تناقض واختلاف فيه ، وهذا أيضاً متحقق في كلام الله تعالى ، والمقابل له ما فسد نظمه واختل لفظه ، ويقال فاسد لا متشابه ، وهذا يستحيل وجوده في كلام الله تعالى علوا كبيرا .

والثالث : أن المحكم ما ثبت حكمه من الحلال والحرام والوعد والوعيد ونحوه .
وقال قتادة : المحكم : الناسخ . والمتشابه : المنسوخ .
وقول حاتم الأصم : المحكم : ما أجمع على تأويله . والمتشابه : ما اختلف فيه.



وقيل المتشابه : ما كان من القصص والأمثال وهو بعيد عما يعرفه أهل اللغة وعن مناسبة اللفظ له لغة .

وعُرِّف المتشابه بأنه المقابل للمحكم وهو : ما تعارض فيه الاحتمال إما بجهة التساوي كالألفاظ المجملة كما في قوله تعالى : ** وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ( 228) ** سورة البقرة ، وذلك لأن القـُرءَ يحتمل زمن الحيض والطـُّهر على السوية .

وقوله تعالى: ** أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ( 237) ** سورة البقرة ، لأن الذى بيده عقدة النكاح يتردد بين الزوج والولي .

وقوله : ** أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ( 43) ** سورة النساء
واللمس يتردد بين اللمس باليد والوطئ أولاً على جهة التساوي .

وكذلك الأسماء المجازية ، وما ظاهره موهم للتشبيه وهو مفتقر إلى التأويل : كقوله تعالى: ** اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ(15) ** سورة البقرة .
وقوله تعالى : ** وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ( 54) ** سورة آل عمران .
وقوله تعالى : ** وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي(29) ** سورة الحجر .
وقوله تعالى : ** أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا (71) ** سورة يس .

وقوله تعالى : ** قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) **

وقوله تعالى : ** وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ(67) ** سورة الزمر .

فإنه لا يبقى إلا التخرص و لا حد له فقد يتخرص الانسان وجهين ، أو أكثر و معلوم أنه لا يتبين واحد من ذلك بياناً واضحاً ، فثبت التشابه .

** وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) ** سورة الرحمن . ونحو ذلك من الكنايات والاستعارات المؤولة بتأويلات مناسبة لإفهام العرب . وإنما سمي متشابهاً لاشتباه معناه على السامع وهذا أيضاً موجود في كلام الله تعالى .

قال الخطابى : فالمحكم منه يقع به العلم الحقيقي والعمل ، والمتشابه يقع به الإيمان والعـلم الظاهر ، ويوكل باطنه إلى الله عز وجل ، وهو معنى قوله : (وما يعلم تأويله إلا الله) ، وإنما حظ الراسخين أن يقولوا : (آمنا به كل من عند ربنا) .

وكذلك ما جاء من هذا الباب في القرآن ؛ كقوله عز وجل : (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر) ، وقوله : (وجاء ربك والملك صفاً صفاً) . راجع الأسماء للبيهقى .

قال الماوردي : من أعظم علم القرآن علم أمثاله والناس في غفلة عنه لاشتغالهم بالأمثال وإغفالهم الممثلات ، والمثل بلا ممثل كالفرس بلا لجام والناقة بلا زمام .



وجاء فى كتاب الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي : أن عبد الله بن عمرو ، قال : ** من قرأ القرآن فكأنما استدرجت النبوة بين جنبيه ، إلا أنه لا يوحى إليه ** .

ثمقال الخطيب البغدادى: وفي القرآن المحكم والمتشابه ، والحقيقة والمجاز ، والأمر والنهي ، والعموم والخصوص ، والمبين والمجمل ، والناسخ والمنسوخ .

وعند البخارى وسلم من حديث عائشة ــ رضي الله عنها ــ قالت : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : ** هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)** سورة آل عمران . قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ** إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه ،فأولئك الذين سماهم الله فاحذروهم**.

وعن ابن عباس ، في قوله تعالى : ** آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ ** . قال : هي التي في الأنعام : ** قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ(151)وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(153)** .

يقول : هن أم الكتاب يعني : أصل الكتاب ، لأنهن في اللوح المحفوظ مكتوبات ، وهن محرمات على الأمم كلها في كتابهم ، وإنما سُمينَّ : أم الكتاب لأنهن مكتوبات في جميع الكتب التي أنزلها الله على جميع الأنبياء ، وليس من أهل دين إلا وهو يوصي بهن ، ثم قال : ** وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ** ، يعني بالمتشابهات : ** الم ** (البقرة) ، ** المص ** (الأعراف) ، ** المر ** (الرعد) ، ** الر ** (يونس) ، شبه على اليهود كم تملك هذه الأمة من السنين ، فالمتشابهات هؤلاء الكلمات الأربع ، ** فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ** يعني : ميلا عن الهدى ، وهو الشك ، فهم اليهود ، ** فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ ** يعني : ابتغاء الكفر ، ** وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ** ، والابتغاء : الاجتهاد فى الطلب ، يعني : منتهى ما يكون ، وكم يكون ، يريد بذلك الملك ، يقول الله تعالى : ** وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ** ، كم يملكون من السنين ، أمة محمد صلى الله عليه وسلم يملكون إلى يوم القيامة ، إلا أياما يسلبهم الله بالدجال .

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة